منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى الحديث وعلومه (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=44)
-   -   ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟ (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=19965)

غريب الاثري 20-01-2008 05:06 PM

ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
((وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع)) (شرح السنّة للبربهاري 96)




((المذهبية باعدت مـا بيـننا *** حتى تجافى الأهلُ والخُلطــاءُ
وعلى التعصُّب شبَّ فينا ناشءٌ *** وعلى التعصّب ضابت الكُبراءُ
المـذهبية جمّـدت تفكيرنا *** فأصابَ فكر الأمّـة الإغمـاءُ
فمـتى نثوبُ لرشدنا فكتابُنا *** وحـديثُ أحمـدَ روضةٌ غنّاءُ
فيـها سعادتُنا وفيـها مجدُنا *** والله يُؤتي الفضـل من يشاءُ))

(ديوان النصر للإسلام لخير الدّين وانلي ص80)





ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟





1)نأخذ بقول علماء المذهب ونترك الحديث النبوي ولا نعمل به فهم أعلم منّا على كلّ حال!
2)نعمل بالحديث ولا نلتفت إلى غيره!





اقرأ ثمّ اختر أي الجوابين أولى بالحقّ.




بحث متواضع من إعداد أخيكم في الله
أبي عبد الله غريب بن عبد الله الأثري القسنطيني
ستر الله عيوبه.










المقدّمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبع هداهم إلى يوم الدّين وبعد:

((اعلم أيها الطالب للحق المتبرئ من الشرك والبدعة وأهلهما ! أن الله أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، فبلغ الرسالة ولم يخص بـها أحداً دون أحد وأدى الأمانة على أكمل وجه، وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى أتاه اليقين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله و أصحابه العدول الثقات الذين هم أغزر هذه الأمة علماً، وأقومها سبيلاً، وأطهرها قلوباً و أتقاها لله، اختارهم الله لصحبة نبيه وقال فيهم: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس))، و أمر كل من بعدهم باتباعهم فقال تعالى في سورة التوبة : ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنـهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم)).
وقال تعالى حاثاً عباده على اتباع رسوله في سورة آل عمران : ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)) وقال تعالى في سورة الأعراف: ((ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل)) إلى أن قال: ((فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)) وقال تعالى في سورة الأعراف: ((اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون)) والآيات في هذا المعنى أكثر من أن تحصى .
ثم تحمل الرسالة بعد الصحابة الكرام التابعون، ورعوها حق رعايتها وكانوا أحق بـها وأهلها، ثم حملها تابعوهم من الأئمة المجتهدين والحفاظ المبرزين نفوا عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
ولم يكن في تلك القرون المفضلة تشدد في الدين، ولا تمذهب، ولا تحزب، ولا تعصب، بل كانوا عباد الله إخوانا، وعلى طاعته أعوانا، وكان العامي في تلك العصور إذا عنت له مسألة سأل من يصادفه من العلماء، فكان الواحد يسأل في مسألة أحد الخلفاء الراشدين، وفي الأخرى عبد الله بن عباس، وفي الثالثة عبد الله بن مسعود، وفي الرابعة عبد الله بن عمر وفي الخامسة جابر بن عبد الله. وهكذا.
ولم يتخذ أحد منهم رجلاً بعينه يخص بالسؤال والاتباع دون غيره كأنه نبي مرسل.
حاشاهم من ذلك، وإنما حدث ذلك بعد القرون المفضلة أي في القرون المذمومة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلّم. (من كتاب الحسام الماحق للعلامة تقي الدين الهلالي)

((وكان النّاس في الصدر الأوّل –أعني الصحابة والتابعين والصالحين رضوان الله عليهم أجمعين- يبنون أمورهم على الحجّة، فكانوا يأخذون بالكتاب ثمّ بالسنّة ثمّ بّأقوال من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما يصحّ بالحجّة، فكان الرجل يأخذ بقول عمر رضي الله عنه في مسألة ثمّ يخالفه بقول علي رضي الله عنه في مسألة أخرى، وقد ظهر من أصاحب أبي حنيفة رحمهم الله أنّهم وافقوه مرّة وخالفوه أخرى على حسب ما تتضّح لهم الحجّة، ولم يكن المذهب في الشريعة عُمَريا ولا عَلويا، بل النّسبة كانت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقد كانوا قرونا أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالخير، فكانوا يرون الحجّة لا علماءهم ولا نفوسهم.

فلمّا ذهب التقوى من عامّة القرن الرابع، وكسلوا عن طلب الحجج، جعلوا علماءهم حجّة واتّبعوهم، فصار بعضهم حنفيا وبعضهم مالكياً وبعضهم شافعياً، ينصرون الحجّة بالرجال، ويعتقدون الحجّة بالميلاد على ذلك المذهب، ثمّ كلّ قرن اتّبع عالمه كيفما أصابه بلا تمييز، حتّى تبدّلت السنن بالبدع، فضلّ الحق بين الهوى.)) قاله الإمام أبو زيد الدّبوسي رحمه الله –من أكابر أصحاب أبي حنيفة رحمه الله- في كتاب تقويم الأدلّة في أواخر باب الاستحسان (الفتوى في الإسلام للعلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله ص 149، قصر الكتاب الجزائر 1988م)


ولقد كثُر الكلام هذه الأيّام -في الجزائر- حول ضرورة الإلتزام بتعاليم (!) المذهب المالكي والتحذير من فتنة (!) اللامذهبية (!!) وقد حمل لواء هذه الدعاية رجلان من أهل التصوّف والخرافة والبدعة، معروفان بعدائهما لعقيدة أهل السنّة والجماعة أهل الحديث والأثر.

أمّا الصوفي الأوّل فهو رأس البدعة في الجزائر وهو المنسّق الأعلى (الأسفل) للطريقة القادرية في الجزائر وعموم إفريقيا وهو الهيتي المدعو محمّد بن بريكة ! حيث إنّ هذا الأخير يشنُّ هذه الأيّام حملة شعواء ضدّ أهل السنّة السلفيين الذين يُسمّيهم هو بالوهّابيين. وسيكون لي وقفات مع هذا الرجل في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى فصبرا.

وأمّا الصوفي الثاني فهو (صاحبنا!) أبو شبر شمس الدّين بوروبي! طبعاً هو غنيٌّ عن كلّ تعريف !! الرجل الذي يسبُّ الإمام أحمد والدارمي وأبي يعلى الفرّاء وابن خزيمة وابن تيمية وابن القيّم و و و ..إلى آخر القائمة الطويلة.

ومن الطريف في الأمر أنّ كلا الرجلين اجتمعت كلمتهما على وجوب صدّ الفتنة القادمة من الشرق (!) -زعموا - أي من بلاد التوحيد المملكة العربية السعودية حرسها الله تعالى وجعلها ذخرا لأهل السنّة والجماعة- وذلك بإلزام النّاس بالمذهب المالكي وتعاليمه وإن خالفت هذه التعاليم الأحاديث الصحيحة والسنن الثابتة.

وأنا أتعجّب من حمق هذين الرجلين! كيف يريدان أن يمنعا العلم القادم من أرض الحجاز وفي نفس الوقت يُريدان إلزام النّاس بمذهب إمام أرض الحجاز ؟!

أوليس الإمام مالك بن أنس رحمه الله من الحجاز ؟ أليست المملكة العربية السعودية من الحجاز ؟ ألم يكن الإمام مالك من أهل المدينة النبويّة على ساكنها أفضل صلاة وأزكى تسليم ؟ أليست المدينة في السعودية ؟ أم لعلّ القوم ظنّوا الإمام مالك جزائري ؟؟!!

ثمّ كيف يدعوا هؤلاء القوم إلى الرجوع إلى فقه الإمام مالك وجعله المصدر الأوّل والأخير في الفتيا في الجزائر وفي نفس الوقت يتغافلون عن عقيدة الإمام مالك التي لم يشيروا إليها في نُباحهم ولو من بعيد ؟!

فهل يجوز لهم أن يأخذوا من الرجل فقهه ويتركوا عقيدته ؟! قد يصحُّ هذا الفعل مع من كانت عقيدته فاسدة من أمثال العز بن عبد السلام والسبكي والمناوي وغيرهم من الذين نبغوا في العمليات وزلّت بهم القدم في العلميات فهل الإمام مالك بن أنس صاحب عقيدة فاسدة ؟!

فإن كان جوابهم لا -وهو الحقّ- وكانوا حقّا مالكيّة فلينهجوا نهج مالك في العقيدة أيضا، أو أنّهم سيزعمون أنّ الإمام مالك كان أشعريا قادريا كما هو حال بن بريكة أو جهمياً صوفياً كما هو حال شمس الدّين ؟!

أليس من الإنصاف أن يعلّم هؤلاء القوم الشعبَ الجزائريَّ عقيدة الإمام مالك قبل فقهه ؟!

أم أنّ الهوى يُسيطرُ على أفئدتهم فهم يتخيّرون ما يُناسبُهم ويتركون ما لا يُناسبُهم ؟! لا شكّ أنّ الجواب الأخير هو واقع القوم، فمالنا من حيلة مع من كانت هذه حاله إلا أن نقول لهم: حسبُنا الله ونعم الوكيل، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

ورحم الله أبا شامة الإمام المحدّث الفقيه (ت 665 هـ) حين تحدّث عن العلماء في عصره وتقصيرهم، وتحدّث عن المقلّدين الملتزمين بأقوال من سبقهم من الرجال من غير معرفة بأدلّتهم ولا تمحيص في مُستنداتهم، فقال عليه رحمة الله: ((ومنهم من قنع بزبالة أذهان الرجال وكناسة أفكارهم، وبالنقل عن أهل مذهبه، وقد سُئل بعض العارفين عن معنى المذهب، فأجاب أنّ معناه: ((دينٌ مُبدّل، قال تعالى: ((ولا تكونوا من المشركين من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا)). ألا ومع هذا يُخيَّل إليه أنّه من رؤوس العلماء، وهو عند الله وعند عُلماء الدين من أجهل الجهلاء، بل بمنزلة قسّيس النّصارى أو حبر اليهود، لأنّ اليهود والنّصارى ما كفروا [إلا] بابتداعهم في الأصول والفروع، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لتركبنّ سنن من كان قبلكم)). اهـ (تاريخ الفقه الإسلامي لعمر سليمان الأشقر ص142 قصر الكتاب، البليدة، الجزائر والكتاب نافع ولكن مؤلفه عليه ملاحظات)


لأجل هذا وذاك رأيتُني متحمّساً لجمع مادة علمية في بيان حكم التمذهب بمذهب معيّن من كلام أئمّة الإسلام على مرّ السنين كما ذكرتُ في ثنايا هذا البحث المُتواضع -الذي أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه وأن ينفع به من قرأه- أُمورا لا غنى لطالب العلم عن معرفتها.

ورحم الله رجلا وقف على خطأ منّي فأرشدني إليه بالتي هي أحسن وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.



وكتب: أبو عبد الله غريب بن عبد الله الأثري.
قسنطينة 20/01/2008 م









1) تعريف الحديث الصحيح:هو المسند المتّصل برواية العدل الضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذّا ولا معلاً. (علوم الحديث للألباني ص11-12 جمع وإعداد عصام موسى هادي دار ابن حزم ط1)

والمقصود بالحديث الصحيح في هذا البحث هو ما صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير أو ترك بالطريقة المذكورة في التعريف أعلاه، وهذه الأربعة هي أقسام سنّته عليه الصلاة والسلام، ولذلك فقد أعبّر عن الحديث الصحيح بالسنّة والعكس بالعكس.


2) منزلة الحديث الصحيح في الشريعة
قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)(النساء:59).
وقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذاب أليم)(النور:63).
وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويُسلموا تسليما)(النساء:65).
و((أجمع العلماء على أن هذا الرد والتحاكم بعده يكون إلى سنته، ففي هذه الآيات أعظم برهان على تحريم مخالفته، والاستبدال بسنته، فانظر كيف حذر المخالفين له بالفتنة التي هي الشرك، أو الزيغ، وبالعذاب الأليم، وكيف أقسم على نفي [كمال] الإيمان عنهم إذا لم يحكموه في كل نزاع يحدث بينهم، ويسلموا لقضائه، ولا يبقى في أنفسهم حرج من قضائه، وكفى بذلك وعيداً وتهديداً لمن ترك سنته بعد معرفة حكمها، تهاوناً واستخفافاً، واعتاض عنها العادات والآراء)). (من رسالة: أخبار الآحاد في الحديث النبوي للشيخ ابن جبرين أصلحه الله وغفر له -بتصرّف- مع التحذير من منهجه)
وقال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون)(الأعراف:158).
قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)(النحل:44).
وقال تعالى: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه)(النحل:64).
وقال تعالى: (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيراً)(الفتح:13).
وقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين)(المائدة:92).
وقال تعالى: (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين)(النور:54).
وقال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم)(محمد:33). وقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين)(التغابن:12).
وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(الحشر:7).
وقال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين)(آل عمران:31-32).
وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنةُ لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً )(سورة الأحزاب:21).
ولا شك أن محبة العبد لربه واجبة، وقد وقف حصولها وقبولها على اتباع هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وجعل من ثواب اتباعه حصول محبة الله ومغفرته للعبد، وهذا الاتباع له والتأسي به يوجب تقليده، والسير على نهجه، والاقتداء به في تقرباته، وتجنب كل ما نهى عنه، والحذر من مخالفته التي نهايتها الخروج عن التأسي به. (من رسلة: أخبار الآحاد في الحديث النبوي للشيخ ابن جبرين أصلحه الله بتصرّف)
وقال تعالى: ((لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يُعلمهم الكتاب و الحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين))(سورة آل عمران:164)،
ففي هذه الآيات الكريمة دلالة واضحة على وجوب العمل بالسنّة النبوية بأقسامها الأربعة:
القولية والعملية والتقريرية والتركية.
بل جعل الله علامة حبّنا له تعالى متعلّقة بمدى تمسّكنا بسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام ومدى اتّباعنا له.
فمن لم يستنّ بسنّة نبيّه عليه السلام ولم ينصاغ لأوامره ويقف عند نواهيه فليس محبّا لله وإن حلف الأيمان المغلّظة على خلاف ذلك.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به).
كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال: (فمن رغب عن سنتي فليس مني).
قال صلى الله عليه و سلم: ((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك))، رواه أحمد وابن ماجة (هو في مسند أحمد 4/126، و ابن ماجة برقم 43 عن العرباض بن سارية رضي الله عنه).
وقال: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، و ينذرهم شر ما يعلمه لهم))، رواه مسلم و النسائي عن عبدالله بن عمرو (كما في صحيح مسلم 12/232 كتاب الإمارة، و سنن النسائي 7/152 كتاب البيعة في حديث طويل).
فكان حقاً على الأمة السير على نهجه، و اتباع سنته، مما يسبب لهم النصر والعزّ والتمكين في الدنيا، و حصول رضى الله تعالى و ثوابه في الدار الآخرة.




3) ما تدل عليه النصوص السابقة:
وفي هذه النصوص من الآيات والأحاديث أمور هامةجداً يمكن إجمالها فيما يلي:
1) أنه لا فرق بين قضاء الله وقضاء رسوله، وأنكلا منهما، ليس للمؤمن الخيرة في أن يخالفهما، وأن عصيان الرسول كعصيان اللهتعالى، وأنه ضلال مبين.

2) أنه لا يجوز التقدم بين يدي الرسول كما لا يجوزالتقدم بين يدي الله تعالى، وهو كناية عن عدم جواز مخالفة سنته ، قال الإمام ابنالقيم في ((إعلام الموقعين)) (1/58) : (( أي لا تقولوا حتى يقول، وتأمروا حتى يأمر،ولا تفتوا حتى يفتي ، ولا تقطعوا أمراً حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضي)).

3) أن التولي عن طاعة الرسول إنما هو من شأن الكافرين.

4) أن المطيع للرسول مطيعلله تعالى.

5) وجوب الرد والرجوع عند التنازع والاختلاف في شيء من أمور الدينإلى الله وإلى الرسول، قال ابن القيم (1/54):
((فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله ،وأعاد الفعل ( يعني قوله : وأطيعوا الرسول ) إعلاماً بأن طاعته تجب استقلالاً منغير عرض ما أمر به على الكتاب ، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً سواء كان ما أمر بهفي الكتاب ، أو لم يكن فيه ، فإنه ((أوتي الكتاب ومثله معه)) ، ولم يأمر بطاعة أوليالأمر استقلالاً ، بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول )) ومن المتفق عليهعند العلماء أن الرد إلى الله إنما هو الرد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول ، هو الردإليه في حياته ، وإلى سنته بعد وفاته ، وأن ذلك من شروط الإيمان.

6) أن الرضىبالتنازع، بترك الرجوع إلى السنة للخلاص من هذا التنازع سبب هام في نظر الشرعلإخفاق المسلمين في جميع جهودهم، ولذهاب قوتهم وشوكتهم.

7) التحذير من مخالفةالرسول لما لها من العاقبة السيئة في الدنيا والآخرة.

8) استحقاق المخالفينلأمره الفتنة في الدنيا ، والعذاب الأليم في الآخرة.

9) وجوب الاستجابة لدعوةالرسول وأمره ، وأنها سبب الحياة الطيبة ، والسعادة في الدنيا والآخرة.

10) أنطاعة النبي سبب لدخول الجنة والفوز العظيم ، وأن معصيته وتجاوز حدوده سبب لدخولالنار والعذاب المهين.

11) أن من صفات المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلامويبطنون الكفر أنهم إذا دعوا إلى أن يتحاكموا إلى الرسول وإلى سنته، لا يستجيبونلذلك، بل يصدون عنه صدوداً.

12) وأن المؤمنين على خلاف المنافقين ، فإنهم إذادعوا إلى التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلّمبادروا إلى الاستجابة لذلك ، وقالوا بلسان حالهموقالهم : ((سمعنا وأطعنا )) ، وأنهم بذلك يصيرون مفلحين ، ويكونون من الفائزين بجناتالنعيم .

13) كل ما أمرنا به الرسول يجب علينا اتباعه فيه ، كما يجب علينا أن ننتهي عن كل ما نهانا عنه.

14) أنه أسوتنا وقدوتنا في كل أمور ديننا إذا كنا ممن يرجو الله واليوم الآخر.

15) وأن كل ما نطق به رسول الله مما لا صلة بالدين والأمور الغيبية التي لا تعرف بالعقل ولا بالتجربة فهو وحي من الله إليه . ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)).

16) وأن سنته صلى الله عليه وسلّم هي بيان لما أنزل إليه منالقرآن.

17) وأن القرآن لا يغني عن السنة ، بل هي مثله في وجوب الطاعة والاتباع، وأن المستغني به عنها مخالف للرسول عليه الصلاة والسلام غير مطيع له ، فهو بذلك مخالف لما سبق من الآيات.

18) أن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ، وكذلك كل شيء جاء به رسول الله مما ليس في القرآن ، فهو مثل ما لو جاء في القرآن لعموم قوله:((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)).

19) أن العصمة من الانحراف والضلال إنماهو التمسك بالكتاب والسنة ، وأن ذلك حكم مستمر إلى يوم القيامة ، فلا يجوز التفريق بين كتاب الله وسنة نبيه (بتصرّف من رسالة: وجوب الرجوع إلى السنّة وتحريم مخالفتها للإمام الألباني عليه رحمة الله تعالى).



4) هل النبي صلى الله عليه وسلّم معصوم فيما يُبلّغ عن ربّه؟ الجواب نعم وبلا شكّ ولا تردّد بل لو شكّ أحدٌ في عصمة النبيّ صلى الله عليه وسلّم في تبليغ أمور الدّين والشريعة كفر وخلع ربقة الإسلام من عنقه.ولولا أنّه خرج على المسلمين في العصر الحديث من يُشكّك في ذلك لما تعرّضت لهذه المسألة.


5) تعريف المذهب (المالكي): المذهب المالكي هو عبارة عن اجتهادات الإمام مالك رحمه الله تعالى في المسائل الفقهية التي لا نصّ فيها، فيخرج من هذا التعريف ما ورد فيه النّص من مسائل الأحكام، فمثل هذا الأخير لا يُقال فيه هذا مذهب مالك وإنّما يُقال فيه هذا قول مالك.

قال محمّد المكي بن عزوز في هيئة النّاسك: ((قولنا في منصوصات الشارع.. هذا مذهب فلان فيه تسامح إذ لا يُنسبُ مذهبٌ لأحد إلا المسائل الاجتهادية التي لا نصّ فيها من الكتاب ولا من السنّة ولا من الإجماع)). (راجع المقدّمة السلفية للشيخ أبي عبد الباري عبد الحميد العربي حفظه الله للطريقة المُثلى في الإرشاد إلى ترك التقليد واتّباع ما هو أولى للسيّد أبي الخير الطيّب نور حسن خان، مكتبة الفرقان، ط2 سنة 1422هـ ص123 وما بعدها)



6) منزلة المذهب المالكي في الشريعة: المذهب المالكي هو أحد المذاهب الأربعة الفقهية المعتمدة عند أهل السنّة والجماعة بل وعند أهل الأهواء أيضا كالصوفية والأشاعرة وغيرهم.



7) هل الإمام مالك وعلماء المالكية معصومون ؟ لا شكّ أنّ الجواب لا ومن اعتقد ذلك وجب استتابته فإن تاب وإلا قُتل مُرتدّاً.

بل إنّ الإمام مالك وتلاميذه وأتباعه ومن جاؤوا بعدهم ومن هم أفضل من الإمام مالك علما وديناً كالصحابة والتابعين وغيرهم كلّهم ليسوا بمعصومين.
ولا يجوز اعتقاد العصمة في بشر خلا الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه.
والقول بعصمة الأئمّة والمشايخ العلماء هو شعار أهل البدع الكُبرى كالشيعة الرافضة ومن تبعهم كغلاة المتصوّفة وغيرهم. فقد أدى بهم الغلو في أئّتهم ومشايخهم إلى الإعتقاد بعصمتهم وامتناع الخطئ عنهم!
((ومن الغلوّ المذموم تعظيمُ أقوال الأئمّة بحيثُ تُقدّم على النصوص الواضحة الصريحة، وإيجابهم على كلّ مكلّف بلغ سنّ الرشد أن يلتزم أحد المذاهب الفقهية، وتحريمهم خروج المسلم عى مذهبه، كما يحرّمون عليه الأخذ من المذاهب الأخرى، ويتعلّلون لذلك بعلل سقيمة كقولهم: علماؤنا السابقون أعلمُ منّا بالنّصوص، وربّما اطّلعوا على شيء لم نطّلع عليه، وربّما كان هذا منسوخا، أو لا يُراد ظاهره، ونحو ذلك)) (تاريخ الفقه الإسلامي ص140)
ونحنُ نبرأ إلى الله من أن نشابه هؤلاء القوم الذين ضلّوا عن سواء السبيل فغلوا في مشايخهم وأئمّتهم فأنزلوهم منزلة من لا ينطقُ عن الهوى بل غلا بعضهم فأنزلهم منزلة من أوحى إلى عبده ما أوحى !!

بل نحنُ نقول أنّ الإمام مالك وغيره من الأئمّة الكبار كأبي حنيفة والأوزاعي وابن المبارك والسفيانين والحمّادين والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهُوَيْه وابن تيمية وغيرهم بشرٌ مثلُنا فضّلهم الله علينا بالعلم والتقوى لا بالعصمة. فيجوز عليهم الخطأ كغيرهم من بني البشر ومن اعتقد خلاف هذا فقد أصيب في عقله!


من قال إنّ الشافعيَّ ومالكاً *** وأبا حنيفةَ مـا لهم أخطاءُ ؟
إن ظـنّ أنّ إمامَهُ في عصمة *** فظنونُهُ كالرافضين هبـاءُ
أوَ ما درى أنّ ابنَ آدمَ عرضةٌ *** للوهم وهو الجاهلُ النَسَّاءُ
لـم يعصم الرحمنُ إلا رُسْلهُ *** في كلّ ما أدَّوا فهُم أُمنـاءُ

(ديوان النصر للإسلام ص 78)


8) هل يمكن أن يجهل الإمام مالك حديثا ونعلمه نحنُ ؟ هذا ينبني على ما قبله. فمن اعتقد أنّ الإمام مالك غير معصوم أجاب عن السؤال بنعم!

ومن اعتقد في الإمام مالك ما يعتقده الرافضة في أئمّتهم الإثني عشر والصوفية في أوليائهم و أقطابهم وأوتادهم أجاب بلا!!

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته الجليلة (رفع الملام عن الأئمّة الأعلام) -(ص10 وما بعدها، المكتبة العصرية، بيروت. تحقيق: عبد الله الأنصاري)- عشرة أسباب يكون وجود أحدها عذراً لمن قام به في مخالفة الحديث النبوي الصحيح.

فمنها: أن لا يكون الحديث قد بلغه، فإنه لا يمكن لأحد الإحاطة بالحديث النبوي جميعه. فقد خفيت بعض الأحاديث عن بعض الصحابة وغابت عنهم، فإذا جاز هذا الأمر في الصحابة الذين عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلّم جاز على الإمام مالك من باب أولى وبين الإمام مالك وبين وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم عشراة السنين!
ومنها: أن يكون الحديث قد بلغه ولكن لم يثبت عنده، أو اعتقد ضعفه خطأ.
أو نسيه.
أو لم يتفطن لدلالته عند الفتيا.
أو اعتقد أن لا دلالة فيه.
أو اعتقد أنه معارض بما يدل على ضعفه أو نسخه أو تأويله مما خالفه فيه غيره... إلى غير ذلك من الأعذار التي قد تصرفه عن العمل بالحديث النبوي وإن كان صحيحا في ذاته.


9) تعريف التقليد:
التقليد قبول قول المجتهد والعمل به.
وقال القفال في أول شرح التلخيص: هو قبول قول القائل إذا لم يعلم من أين قاله.
وقال الشيخ أبو إسحاق: هو قبول القول بلا دليل.
قال القفال: كأنه جعل قادة له. اهـ (تهذيب الأسماء لابن حزام 3/279 دار الفكر ط1 سنة 1996م )
فمن التعريف السابق يتبيّن لنا انّ التقليد ليس سبيلا إلى العلم ولا طريقا موصلة إليه ولأجل ذلك اتّفقت كلمة العلماء أنّ المقلّد جاهل وإن كان أعلم النّاس بمذهب من يقلّده!



9) الأئمّة والفقهاء والعلماء يذمّون التقليد والتعصّب المذهبي:


المـذهبيةُ بدعـةٌ خرقـاءُ *** دهبَتْ ضحيّة حُمقها الدّهماءُ !

قال ابن عبد البرّ (ت463 هـ) في التمهيد (2/248 وزارة الشؤون الإسلامية المغرب سنة 1387 تحقيق مصطفى العلوي ومحمد البكري): ((وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا ينعم النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل وبالله التوفيق)) اهـ
وما أعظم ما قاله الإمام ابن القيّم في حاشيته (6/362 دار الكتب العلمية ط2 سنة 1415هـ):
((وعياذا بالله من شر مقلد عصبي يرى العلم جهلا والإنصاف ظلما وترجيح الراجح على المرجوح عدوانا. وهذا المضايق لا يصيب السالك فيها إلا من صدقت في العلم نيته وعلت همته. وأما من أخلد إلى أرض التقليد واستوعر طريق الترجيح فيقال له ما هذا عشك فادرجي.)) اهـ

وقال الإمام أبو عثمان بن الحداد المغربي المالكي صاحب سحنون رحمهما الله تعالى: هو (أي تقليد الرجال والتزام أقوالهم والتعصب لهم) من نقص العقول أو دناءة الهمم ! (انظر السير 14/206 مؤسسة الرسالة تحقيق الأرناؤوط والعرقسوسي)

وقال الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى (سبل السلام 4/118 وما بعدها دار إحياء التراث العربي ط4 سنة 1379هـ تحقيق محمد الخولي ):
واستدلوا بالحديث على أنه يشترط أن يكون الحاكم مجتهدا.
قال الشارح وغيره ((وهو المتمكن من أخذ الأحكام من الأدلة الشرعية قال ولكنه يعز وجوده بل كاد يعدم بالكلية ومع تعذره فمن شرطه أن يكون مقلدا مجتهدا في مذهب إمامه ومن شرطه أن يتحقق أصول إمامه وأدلته وينزل أحكامه عليها فيما لم يجده منصوصا من مذهب إمامه))
قلت (الإمام الصنعاني) ولا يخفى ما في هذا الكلام من البطلان وإن تطابق عليه الأعيان وقد بينا بطلان دعوى تعذر الاجتهاد في رسالتنا المسماة بـ ((إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد)) بما لا يمكن دفعه وما أرى هذه الدعوى التي تطابقت عليها الأنظار إلا من كفران نعمة الله عليهم فإنهم -أعني المدعين لهذه الدعوى والمقررين لها- مجتهدون يعرف أحدهم من الأدلة ما يمكنه بها الاستنباط مما لم يكن قد عرفه عتاب بن أسيد قاضي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على مكة ولا أبو موسى الأشعري قاضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليمن ولا معاذ بن جبل قاضيه فيها وعامله عليها ولا شريح قاضي عمر وعلي رضي الله عنهم على الكوفة.
ويدل لذلك قول الشارح ((فمن شرطه أي المقلد أن يكون مجتهدا في مذهب إمامه وأن يتحقق أصوله وأدلته)) أي ومن شرطه أن يتحقق أصول إمامه وأدلته وينزل أحكامه عليها فيمالم يجده منصوصا من مذهب إمامه فإن هذا هو الاجتهاد الذي حكم بكيدودة عدمه بالكلية وسماه متعذرا فهلا جعل هذا المقلد إمامه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عوضا عن إمامه وتتبع نصوص الكتاب والسنة عوضا عن تتبع نصوص إمامه والعبارات كلها ألفاظ دالة على معان فهلا استبدل بألفاظ إمامه ومعانيها ألفاظ الشارع ومعانيها ونزل الأحكام عليها إذا لم يجد نصا شرعيا عوضا عن تنزيلها على مذهب إمامه فيما لم يجده منصوصا؟!
تالله لقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير من معرفة الكتاب والسنة إلى معرفة كلام الشيوخ والأصحاب وتفهم مرامهم والتفتيش عن كلامهم.
ومن المعلوم يقينا أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أقرب إلى الأفهام وأدنى إلى إصابة المرام فإنه أبلغ الكلام بالإجماع وأعذبه في الأفواه والأسماع وأقربه إلى الفهم والانتفاع ولا ينكر هذا إلا جلمود الطباع ومن لاحظ له في النفع والانتفاع والأفهام التي فهم بها الصحابة الكلام الإلهي والخطاب النبوي هي كأفهامنا وأحلامهم كأحلامنا إذ لو كانت الأفهام متفاوتة تفاوتا يسقط معه فهم العبارات الإلهية والأحاديث النبوية لما كنا مكلفين ولا مأمورين ولا منهيين لا اجتهادا ولا تقليدا أما الأول فلاستحالته وأما الثاني فلأنا لا نقلد حتى نعلم أنه يجوز لنا التقليد ولا نعلم ذلك إلا بعد فهم الدليل من الكتاب والسنة على جوازه لتصريحهم بأنه لا يجوز التقليد فهذا الفهم الذي فهمنا به هذا الدليل نفهم به غيره من الأدلة من كثير وقليل على أنه قد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه يأتي من بعده من هو أفقه ممن في آلاف وأوعى لكلامه حيث قال فرب مبلغ أفقه من سامع وفي لفظ أوعى له من سامع والكلام قد وفينا حقه في الرسالة المذكورة)) اهـ


أما ابن حزم رحمه الله فقد أغلظ في ذمّ التقليد وأهله في معظم كتبه انظر على سبيل المثال (المحلى: 1/69 وغيرها) بل قال رحمه الله في (7/110): ((تالله إن الحمير لتميز الطريق من أقل من هذا فكم في هذا الإقدام والجرأة على مدافعة السنن الثابتة في نصر التقليد مرة بالكذب المفضوح ومرة بالحماقة المشهورة ومرة بالغثاثة والبرد حسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله على السلامة)) اهـ


ومن علماء الجزائر الذين اشتهروا بذمّ التقليد والعصبية المذهبية ومحاربتهما العلامة الفقيه الشيخ المجاهد العربي بن بلقاسم التبسي رحمه الله وأجزل له المثوبة، حيث قال في معرض إجابته عن أحد الأسئلة الموجّهة إليه ما ملخّصه:
((إنّ ردّ السُنن النبويةقولية أو عمليةبمجرد مخالفتها لمذهب من المذاهب محادة لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وعصيان لوصايا أئمةالاسلام الثابتة عنهم وفي مقدمة أولئك الائمة مالك بن انس الذي روى عنه اصحابهكمعين بن عيسى انه كان يقول ((انما انا بشر اخطىء واصيب فانظروا في رايي فكلما وافقالكتاب والسنة فخذوه وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه)).
وكم له ولغيره من هذهالعبارات في هذا المعنى مناديا بعرض اقوال الرجال على سنة خير الانام ولكن وصاياهمعطلها بل نبذها الخلف الذي انتسب اليهم بعد الف سنة او تزيد انتسابا لو قُدّر لمالكان يبعث من قيره لقال في نسبة هذا الرهط اليه المخالفين لوصاياه المعطلين لروحمذهبه ما قال عيسى عليه السلام في اولئك الذين كذبهم بقوله: ((ماقلت لهم الا ما امرتنيبه ان اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انتالرقيب عليهم وانت على كل شيء قدير)).

والله يشهد والوا العلم ان مالكا بريء من كلنابذ لسنة قولية او عملية بدعوى التمذهب بمذهب مالك او ان كتب المالكية ليس فيهامايصدق تلك السنة!
وحاشا مالكا ان يقول صدقوا ما يقول ابن شامس في الجواهر واكفروابصحيح الحديث الذي يرويه احمد وابو داوود والنسائي والبيهقي والطحاوي !!

واذا كانالفقهاء كلهم او جلهم يذهبون الى ان العبادات يتبع فيها النص وياخذ فيها بالواردواننا نرى ان مذهبهم كلهم يقومبالاحاديث التي يصح سندها او يحسن عن كل راي وكلقياس واذا وجد خلاف بينهم في فرع من فروع العبادات فان حكم الله مع من يشهد له النصويأيّده الدليل النقلي.
والقول الآخر صاحبه مجتهد مخطىء معذور له اجتهاده وكل ماجاءبعد ذللك ممن اطلع على القولين ان بيد احد القولين حديث عن رسول الله صحيح وليس بيدالاخر شىء او مايسميه الخياليون او العقلانيون بالقواعد والاقيسة التي لا دخل لهافي باب العبادات فانه يجب عليه ان لا يعدل عن قول المبني على الدليل والا كان صاحبهوى جدير بان يذكر بقول النبي عليه الصلاة والسلام:((اعوذ بالله من علم لا ينفع)). اهـ (جريدة البصائر العدد 102، 1محرّم 1357هـ).



11) ((إذ تبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتّبعوا)):

إعلم رحمك الله أنّه إذا كان الإمام مالك معذور عن اجتهاده الذي أخطأ فيه، فإنّك لا تُعذر إذا تبين لك الدليل فأصررت على مخالفته، وأخذتتتأوّل له تأويلات متكلفة في رده وتفنيده، ولا تقل: لو كان الحديثُ صحيحاً لما خالفه الإمام مالك الذي قد أجمعت الأمّة على إمامته وعلمه وفضله، ونحو ذلك من الأعذار التي لا تصدُرُ إلا من جاهل عنيد.
قال شيخ الإسلام في عصره الإمام المحقق محمّد علي الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا))(النّساء 140)
وفي هذه الآية باعتبار عموم لفظها الذي هو المعتبر دون خصوص السبب دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يفيد التنقص والاستهزاء للأدلة الشرعية، كما يقع كثيراً من أسراء التقليد الذين استبدلوا آراء الرجال بالكتاب والسنة ولم يبق في أيديهم سوى قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه بكذا، وإذا سمعوا من يستدل على تلك المسألة بآية قرآنية أو بحديث نبوي سخروا منه ولم يرفعوا إلى ما قاله رأساً ولا بالوا به بالة وظنوا أنه قد جاء بأمر فظيع وخطب شنيع وخالف مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع، بل بالغوا في ذلك حتى جعلوا رأيه الفائل، واجتهاده الذي هو عن منهج الحق مائل، مقدماً على الله وعلى كتابه وعلى رسوله، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ما صنعت هذه المذاهب بأهلها والأئمة الذين انتسب هؤلاء المقلدة إليهم برآء من فعلهم، فإنهم قد صرحوا في مؤلفاتهم بالنهي عن تقليدهم كما أوضحنا ذلك في رسالتنا المسماة بـ((القول المفيد في حكم التقليد)) وفي مؤلفنا المسمى بـ((أدب الطلب ومنتهى الأرب)) اللهم انفعنا بما علمتنا واجعلنا من المقتدين بالكتاب والسنة وباعد بيننا وبين آراء الرجال المبنية على شفا جرف هار، يا مجيب السائلين. اهـ
وقال العلامة السعدي في تفسير قوله تعالى ((وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا)):
...وهذه شبهة لرد الحق واهية فهذا دليل على إعراضهم عن الحق ورغبتهم عنه وعدم إنصافهم فلو هدوا لرشدهم وحسن قصدهم لكان الحق هو القصد ومن جعل الحق قصده ووازن بينه وبين غيره تبين له الحق قطعا واتبعه إن كان منصفا. اهـ
وقال القرطبي في تفسير الآية السالفة: ((قال علماؤنا: وقوة ألفاظ هذه الآية تعطي إبطال التقليد، ونظيرها: ((وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)) [المائدة: 104] الآية )) إلى أن قال: التقليد ليس طريقا للعلم ولا موصلا له، لا في الأصول ولا في الفروع، وهو قول جمهور العقلاء والعلماء، اهـ
وقال العلامة عبد العزيز الراجحي حفظه الله تعالى: ينقسم التقليد إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تقليد محرم.
القسم الثاني: تقليد واجب.
القسم الثالث: تقليد جائز.
القسم الأول: التقليد المحرم، وهو ثلاثة أنواع:
النوع الأول: تقليد الآباء إعراضًا عما أنـزل الله، كحال المشركين في زمن النبي عليه الصلاة والسلام.
النوع الثاني: تقليد من تجهل أهليته للأخذ بقوله.
النوع الثالث: التقليد بعد ظهور الدليل على خلاف قول المقلَّد.
الفرق بين النوع الأول والنوع الثالث: هو أن المقلِّد في النوع الأول قلّد قبل تمكنه من العلم والحجة، والمقلِّد في النوع الثالث قلد بعد ظهور الحجة له، فهو أشد معصية لله من المقلد في النوع الأول، وهو أولى بالذم منه.اهـ (من رسالة التقليد والإفتاء و الإستفتاء لفضيلته)
فهل من مدّكر ؟!



12) إذا صحّ الحديثُ فهو مذهبي:
قال فضيلة الشيخ خير الدّين وانلي رحمه الله في ديوانه (النّصر للإسلام ص78)


((كـلّ الأئمّة ردّدوها دائما *** إن صـحَّ نقلٌ صحّت الآراءُ
وتبرؤوا من كلّ قول ناقض *** نصـّا صحيحاً حقُّهُ الإمضاءُ
قالوا: اضربوا بكلامنا وبفقهنا *** عُرضَ الجدار فكلُّنا خطّاءُ

وتمسَّكوا بحديث خير مشرّع *** إن صحَّت الأخبار والأنباءُ))


جاء في مقدّمة الكتاب الماتع ((صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم)) للإمام المحدّث العلامة محمّد ناصر الدّين الألباني عليه رحمة الله:
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها[إقتصرتُ على أقوال الإمام مالك]
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم - بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى - ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء والله عز وجل يقول :((اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون . ))
... وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال :
1) ((إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه )) . ( ابن عبد البر في الجامع 2/32).
2) ((ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم )) . ( ابن عبد البر في الجامع 2/91)
3) قال ابن وهب : سمعتُ مالكا سُئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ؟ فقال : ليس ذلك على الناس .
قال : فتركته حتى خف الناس فقلت له : عندنا في ذلك سنة.
فقال : وما هي ؟
قلت : حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه .
فقال : إن هذا الحديث حسنوما سمعت به قط إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع . ( مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ص 31 - 32). اهـ

الآن وبعد أن عرفت موقف الإمام مالكمن الحديث الصحيح ، فما عليك إلا أن تقول بموجبه ولو خالفك أكثر من حولك ممّن يسمّون أنفسهم (مالكية)، فإن عمل الأكثر ليس بحجة، والكثرة لم ولن تكون معيارا ودليلا على صحّة العمل.
ولقد كان الأئمة الأربعة بل الأربع مائة رحمهم الله ينكرون على من خالف الحديث بعد ثبوته وصحته عنده.
وقد تقدّم عن الإمام مالك نفسه شيء من ذلك.
فهل يصحّ بعد هذا إلزام النّاس بأقوال مالك وحده دون غيره من الأئمّة والفقهاء وإن خالف صريح السنّة !؟ انظر العنصر التالي:



13) هل يجبُ على المسلمين في الجزائر إلتزام مذهب الإمام مالك ولا شيء غيره ؟
يجيبنا الإمام ابن القيّم في كتابه القيّم (إعلام الموقّعين 4/261-263 مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، القاهرة. سنة 1388هـ تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد):
((القول في التمذهب بمذهب معين:
وهل يلزم العامي ان يتمذهب ببعض المذاهب المعروفة ام لا ؟
فيه مذهبان احدهما لا يلزمه وهو الصواب المقطوع به إذ لا واجب إلا ما أوجبه اللهورسوله،ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس ان يتمذهب بمذهب رجل من الامة فيقلده دينه دون غيره وقد انطوت القرون الفاضلة مبرأة مبرا اهلها من هذه النسبة بل لا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به فالعامي لا مذهب له لان المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال ويكون بصيرا بالمذاهب على حسبه أولمن قرأ كتابا في فروع ذلك المذهب وعرف فتاوي إمامه وأقوله وأما من لم يتأهل لذلك ألبتة بل قال أنا شافعي أوحنبلي أوغير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول كما لو قال أنا فقيه أونحوي أوكاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله
يوضحه:
ان القائل إنه شافعي أومالكي أوحنفي يزعم انه متبع لذلك الامام سالك طريقه وهذا إنما يصح له إذا سلك سبيله في العلم والمعرفة والاستدلال.
فأما مع جهله وبعده جدا عن سيرة الامام وعلمه وطريقه فكيف يصح له الانتساب اليه إلا بالدعوى المجردة والقول الفارغ من كل معنى ؟!
والعامي لا يتصور ان يصح له مذهب ولو تصور ذلك لم يلزمه ولا لغيره ولا يلزم أحدا قط ان يتمذهب بمذهب رجل من الامة بحيث يأخذ اقواله كلها ويدع أقوال غيره.

وهذه بدعة قبيحة حدثت في الامة لم يقل بها احد من أئمة الاسلام وهم أعلى رتبة وأجل قدرا وأعلم بالله ورسوله من ان يلزموا الناس بذلك وأبعد منه قول من قال يلزمه ان يتمذهب بمذهب عالم من العلماء وأبعد منه قول من قال يلزمه ان يتمذهب بأحد المذاهب الاربعه.

فيالله العجب ماتت مذاهب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الاسلام وبطلت جملة إلا مذاهب اربعة أنفس فقط من بين سائر الامة والفقهاء!
وهل قال ذلك احد من الائمة أودعا اليه أودلت عليه لفظه واحدة من كلامه عليه ! والذي اوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي اوجبه على من بعدهم الى يوم القيامةلا يختلف الواجب ولا يتبدل وإن اختلفت كيفيته أوقدره باختلاف القدرة والعجز والزمان والمكان والحال فذلك أيضا تابع لما أوجبه الله ورسولهومن صحح للعامي مذهبا قال هو قد اعتقد ان هذا المذهب الذي انتسب اليه هو الحق فعليه الوفاء بموجب اعتقاده وهذا الذي قاله هؤلاء لو صح للزم منه تحريم استفتاء اهل غير المذهب الذي انتسب اليه وتحريم تمذهبه بمذهب نظير إمامه أوأرجح منه أوغير ذلك من اللوازم التي يدل فسادها على فساد ملزوماتها.
بل يلزم منه أنه إذا رآى نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقول خلفائه الاربعة مع غير إمامه ان يترك النص وأقوال الصحابة ويقدم عليها قول من انتسب اليه!!!

وعلى هذا فله ان يستفتى من شاء من أتباع الائمة الاربعة وغيرهم ولا يجب عليه ولا على المفتى ان يتقيد بأحد من الائمة الاربعة بإجماع الامة كما لا يجب على العالم ان يتقيد بحديث اهل بلده أوغيره من البلاد بل إذا صح الحديث وجب عليه العلم به حجازيا كان أوعراقيا أوشاميا أومصريا أويمنيا)).
إلى أن قال عليه رحمة الله:
((ولكن ليس له ان يتبع رخص المذاهب واخذ غرضه من أي مذهب وجده فيه بل عليه اتباع الحق بحسب الامكان)) اهـ
تبيّن لنا ممّا قاله الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى أنّه:
* لا يجب على أيّ مسلم الإلتزام بمذهب معيّن دون غيره مهما بلغ صاحب هذا المذهب من العلم والفقه في الدّين.
** وأنّه لا يكون الإنسان مالكيا أو شافعيا أو حنبليا بمجرّد الدعاوى الفارغة الخالية من البراهين والحجج، فمن ادّعى الإنتساب إلى الإمام مالك طالبناه بالإلتزام بأصول الإمام مالك رحمه الله تعالى.
ومن بين تلك الأصول التي بنا عليها الإمام مالك مذهبه وفقهه: ((كلًّ يؤخذُ من كلامه ويردُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم)) ولو كنّا مضطرين إلى الإلتزام بأقوال وفتاوى ومذهب شخص بعينه بحيث لا نخرج عمّا يُقرّرهُ هذا الشخص قيد أُنمُلَة لالتزمنا بمذهب من هو أعلم من مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ابن حنبل وغيرهم ممّن جاء بعدهم- وهم الصحابة رضوان الله عليهم وتابعيهم رحمهم الله تعالى.
فكيف نُعرض عن الفاضل إلى المفضول ؟؟
قال الحافظ أبو محمد ابن حزم رحمه الله (المحلى1/168 دار الآفاق الجديدة بيروت): ((فإن كان التقليد جائزا فتقليد من ذكرنا من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أولى من رحمة أبي حنيفة ومالك والشافعي)) اهـ.
ومع ذلك فإنّه لا يجوز لنا أن نلتزم بمذهب صحابي واحد دون غيره وإن كان في جلالة أبي بكر وعمر فضلا عن غيرهما. ذلك أنّه لم ينقل لنا عن أحد من الصحابة ولا من التابعين من كان بكريا ولا عمريا ولا علويا ولا عُثمانيا بل كان الرجل منهم إذا تيسّر له أن يسأل أبا بكر سأله وإن تيسّر له سؤال أبي هريرة سأله وهكذا، ذلك لأنّهم كانوا يُؤمنون أنّ العصمة لا تكون لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمّا هذا التعصّب للأشخاص فما كانوا يعرفونه ولا شمّوا رائحته ولو من بعيد وإنّما كانوا رضي الله عنهم أزكى وأطهر وأفقه من ذلك بكثير. وقد تقدّم كلام الإمام أبي زيد رحمه الله في المقدّمة فراحعه واحفظه فإنّه مهم.
سئل شيخ اّلإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى :
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين - في رجل سُئل إيش مذهبك ‏؟‏ فقال‏:‏ محمدي أتبع كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
فقيل له‏:‏ ينبغي لكل مؤمن أن يتبع مذهبا ومن لا مذهب له فهو شيطان.
فقال‏:‏ إيش كان مذهب أبي بكر الصديق والخلفاء بعده - رضي الله عنهم - ‏؟‏
فقيل له‏:‏ لا ينبغي لك إلا أن تتبع مذهبا من هذه المذاهب. فأيهما المصيب ‏؟‏
أفتونا مأجورين.
فأجاب‏:‏ الحمد لله‏.‏
إنما يجب على الناس طاعة الله والرسول وهؤلاء أولوا الأمر الذين أمر الله بطاعتهم في قوله‏:‏ ‏((وأطيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ منكُم))‏ ‏(النساء‏:‏ 59‏)‏، إنما تجب طاعتهم تبعا لطاعة الله ورسوله لا استقلالا ثم قال‏:‏ ‏((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً))‏ ‏‏.
‏ وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يوجبه ويخبر به بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.
واتباع شخص لمذهب شخص بعينه لعجزه عن معرفة الشرع من غير جهته إنما هو مما يسوغ له ليس هو مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق بل كل أحد عليه أن يتقي الله ما استطاع ويطلب علم ما أمر الله به ورسوله فيفعل المأمور ويترك المحظور‏.
‏ والله أعلم. اهـ (مجموع الفتاوى 20/208-209 جمع ابن القاسم)
قال أيضا عليه رحمة الله: ((إنّه متى اعتقد أنّه يجب على النّاس اتّباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمّة الأربعة دون الآخر، فإنّهُ يجبُ أن يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتلَ...)) (مختصر الفتاوى المصرية ص46) (المقدّمة السلفية ص129)
فقد تبيّن من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله –وهو من هو!- أنّه لا يجب على المسلمين إلتزام مذهب بعينه دون آخر.
وكلّ ما في الأمر أنّ الإنسان يسوغ له: أي يجوز له –وفرق بين المُباح والواجب!- أن يُقلّد شخصا بعينه إذا عجز هو عن معرفة أحكام الشرع من غير هذه الوسيلة دون تعصّب بشرط أن يترك قوله إذا تبيّن له خلافه من السنّة الصحيحة أو الإجماع وغيرهما من أدلّة الأصول.

وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه الشافعي (صاحب كتاب المهذّب في فقه الشافعي) المتوفّى سنة 476هـ رحمه الله تعالى: ((فصل: في جواز تقليد العامّي لمن شاء من العلماء: قال رحمه الله: إذا ثبت ما ذكرناه فيجوز لهُ تقليدُ من شاء من سائر العلماء وقال أبو العبّاس والقفّال: ((يلزمُهُ الإجتهادُ في أعيان المفتيّين، ولا يجوز لهُ أن يترُكَ تقليد الأعلم الأدين إلى تقليد من هو دونهُ)) والدليلُ على أنّه لا يجبُ عليه ذلك قوله تعالى: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) ولم يفصّل. )) اهـ (الوصول إلى مسائل الأصول 2/406، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1399هـ تحقيق عبد المجيد تركي)
فأنت ترى أنّه لم يوجبه بتقليد عالم معيّن أو مذهب معيّن، بل ترك له الحريّة في تقليد من يحسبُه الأعلم والأتقى والأورع.
وقال سند بن عنان الفقيه المالكي المتوفّى سنة 541هـ عليه رحمة الله في شرحه على مدونة سحنون: ((... أمّا التقليد فهو قبول قول الغير من غير حجّة فمن أين يحصل به علم وليس له مستند إلى قطع؟! وهو أيضا في نفسه بدعة محدثة لأنّا نعلم بالقطع أنّ الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن في زمانهم وعصرهم مذهب لرجل معيّن يدرك ويُقلّد، وإنّما كانوا يرجعون في النّوازل إلى الكتاب والسنّة أو إلى ما يتمحّض بينهم من النّظر عند فقد الدّليل، وكذلك تابعوهم أيضا يرجعون إلى الكتاب والسنّة فإن لم يجدوا نظروا إلى ما أجمع عليه الصحابة، فإن لم يجدوا اجتهدوا واختار بعضهم قول صحابي فرآه الأقوى في دين الله تعالى، ثمّ كان القرن الثالث وفيه كان أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل فإنّ مالكا توفّى سنة تسع وسبعين ومائة (179هـ) وتوفّى أبو حنيفة سنة خمسين ومائة (150هـ) وفي هذه السنة وُلد الإمام الشافعي، ووُلد ابن حنبل سنة أربع وستّين ومائة (164هـ) وكانوا على منهاج من مضى، ولم يكن في عصرهم مذهب رجل معيّن يتدارسونه ... فالعجبُ من أهل التقليد كيف يقولون هذا هو الأمرُ القديم ؟! وعليه أدركنا الشيوخ وهو إنّما حدث بعد مائتي سنة من الهجرة وبعد فناء القرون الذين أثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلّم)). اهـ
قال الشيخ أبو عبد الباري عبد الحميد العربي حفظه الله معلّقاً: ((وقد تكلّمنا في صدر تحقيق هذا الجزء أنّ الأئمّة الأربعة بل الأربع مائة لم يكن واحد منهم يجيز لتلامذته تقليده والتسليم لقوله وردّ أقوال الآخرين مُطلقا، ومنه تعلم أن التعصّب للعلماء مُحدَثٌ لم يدرج عليه الأوائل)) اهـ (المقدّمة السلفية ص128-129)
وقال الإمام صالح بن محمد بن نوح الفلاني في كتابه ((إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والأمصار من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار)) بعد نقله ما مر من كلام ابن عبد البر و أكثر منه كلاما، ما نقله عن ((سند بن عنان)) شارح مدونة سحنون جاء فيه :
((وأما التقليد فلا يرضاه رجل رشيد، ولسنا نقول إنه حرام على كل فرد بل نوجب معرفة الدليل، أقاويل الرجال، ونوجب على العامي تقليد العالم)).
ثم قال ((سند)) بعد ذكره الخلاف في تقليد الميت ما نصه:
((وإنما نقول نفس المقلد ليست على بصيرة، ولا يتصف من العلم بحقيقة، إذ ليس التقليد بطريق إلى العلم بوفاق أهل الآفاق، وإن نازعنا في ذلك برهانه فنقول: قال الله تعالى:
((فاحكم بين الناس بالحق))
وقال: ((لتحكم بين الناس بما أراك الله))
وقال: ((ولا تقف ما ليس لك به علم))
وقال:((وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون))
ومعلوم أن العلم هو معرفة المعلوم على ما هو به، فنقول للمقلد : إذا اختلفت الأقوال وتشعبت المذاهب من أين تعلم صحة قول من قلدته دون غيره، أو صحة قولة له على قولة أخرى، و لن يبدي كلاماً في قول إلا انعكس عليه في نقيضه، خاصة إذا عرض له ذلك في قولة لإمام مذهبه الذي قلده، وقولة تخالفها لبعض أئمة الصحابة)) اهـ. نقلا عن الحسام الماحق للعلامة الهلالي رحمه الله.

وجاء في كتاب ((التقرير والتحبير)) لمحمد بن محمد ابن أمير الحاج الحنبلي (3/439-440 دار الكتب العلمية -بيروت تحقيق عبد الله محمود محمد عمر ط1 سنة 1419هـ) ما نصّه:
((تتميم: ثم في أصول ابن مفلح وذكر بعض أصحابنا يعني الحنابلة والمالكية والشافعية هل يلزمه التمذهب بمذهب والأخذ برخصه وعزائمه؟
فيه وجهان: أشهرهما لا كجمهور العلماء فيتخير.
ونقل عن بعض الحنابلة أنه قال: ((وفي لزوم الأخذ برخصه وعزائمه طاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه، وهو خلاف الإجماع))...)) اهـ.
وقال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي: (( التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما ثبتت عليه حجة ))

وقال في وضع آخر من كتابه : (( كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع )). اهـ نقلا عن الحسام الماحق للشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله.

ولعلمي أنّ هؤلاء القوم –يعني أهل الأهواء والتعصّب لأقوال الرّجال- لا يقتنعون إلا بكلام أئمّتهم وعلمائهم فسأنقل بعض ما جاء عن أشهر من يُعتبرُ حجّة عندهم في نبذ التقليد والتمذهب:
الأوّل هو أبي حامد الغزالي رحمه الله –المُلقّب عندهم بحجّة الإسلام!!-، والثاني هو عبد الوهّاب الشُعراني –صاحب الطبقات القذرة، الصوفي المشهور- رحم الله أموات المسلمين:
جاء في أوّل الفصل الثامن من كتاب ((المنخول في علم الأصول)) لأبي حامد الغزالي رحمه الله: الفصل الثامن في المسألة إذا ترددت بين مُفتيين على التناقض ولم يمكن الجمع بين قوليهما مثل: القصر في حق العاصي بسفره واجب عند أبي حنيفة والإتمام واجب عند الشافعي ؟ فيجبُ على المُستفتي مُراعاة الأفضل واتّباعه... اهـ
فأنت ترى أنّه لم يُلزمه بمذهب معيّن بل أرشده إلى مراعاة الأفضل والأقوى حجّة ودليلا واتّباعه والتزامه.

وأمّا الشعراني فقد نقل عنه الزركشي في آخر كتاب القواعد له ما مثاله: ((إنّ مطلوب الشرع الوفاق وردّ الخلاف إليه ما أمكن كما عليه عمل الأئمّة من أهل الورع والتقوى كأبي محمّد الجويني وأضرابه فإنّه صنّف كتابه ((المحيط)) ولم يلتزم فيه المشي على مذهب معيّن. انتهى
ثمّ قال الشعراني: وقد بلغنا أنّه كان يُفتي النّاس بالمذاهب الأربعة الشيخ الإمام الفقيه المحدّث المفسّر الأصولي الشيخ عبد العزيز الديوبني وشيخ الإسلام عز الدين بن جماعة المقدسي والشيخ العلامة الشيخ شهاب الدّين البرلسي والشيخ علي الثبثيتي الضرير.
وقال أيضا: إنّ كلّ مقلّد اطّلع على عين الشريعة المطهّرة –أدلّتها- لا يُؤمر بالتقيّد بمذهب واحد وربما لزم المذهب الأحوط في الدّين مبالغة منه في الطاعة.
وإلى نحو ما ذكرناه أشار الإمام الأعظم أبو حنيفة رضي الله عنه بقوله ((ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأبي هو وأمّي فعلى الرأس والعين وما جاء عن أصحابه تخيّرنا وما جاء عن غيرهم فهم رجال ونحن رجال)) ثمّ قال: إذا علمت ذلك فيقال لكل مقلّد امتنع عن العمل بقول غير إمامه في مضايق الأحوال ((إمتناعك هذا تعنّت لا ورع لأنّك تقول لنا إنّك تعتقد أنّ سائر أئمّة المسلمين على هدى من ربهم لاغتراف مذاهبهم من عين الشريعة)).
ثمّ قال: وكان الإمام ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى يقول: لم يبلغنا عن أحد من الأئمّة أنّه أمر أصحابه بالتزام مذهب معيّن لا يرى صحّة خلافه بل المنقول عنهم تقريرهم النّاس على الفتوى بعمل بعضهم بعضا لأنّهم كلّهم على هدى من ربهم.
وكان يقول أيضا: لم يبلغنا في حديث صحيح ولا ضعيف أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر أحدا من الأمّة بالتزام مذهب معيّن لا يرى خلافه ... وكان الزيّاتي من أئمّة المالكيّة يقول: يجوز تقليد كل من أهل المذاهب في النوازل ...)) اهـ (الفتوى في الإسلام ص 156-158 بتصرّف)
بل نقل مثل هذا الكلام إمام الزندقة والإلحاد الصوفي الهالك محي الدين ابن عربي الطائي في الباب الثامن عشر وثلثمائة من كتابه الكفري ((الفتوحات المكيّة)) في معرفة منزل نسخ الشريعة المحمّدية وغير المحمّدية بالأغراض النّفسية!! عافانا الله وإيّاك من ذلك. (انظر نفس المصدر ص149)
لأجل هذا وذاك كان الإمام الحافظ ابن شاهين رحمه الله تعالى يقول إذا سُئل عن مذهبه: أنا محمّدي.
فأين ما يتقيّأ به أتباع تقديس الرجال –كابن بريكة وشمس الدين ومن شايعهما- من أنّه يحرُمُ (!) على الجزائري المالكي (!) أن يستفتي السعودي الحنبلي (!!) ؟؟
ألا يخشى هؤلاء الجُهّال أن يدخلوا في قوله تعالى: ((إتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) ؟! ((وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلّم المراد باتّخاذهم أربابا فقال: ((أما إنّهم لم يعبدوهم، ولكنّهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئا استحلّوه، وإذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه)) (حاشية: رواه الترمذي وحسّنه، وانظر تخريج الشيخ ناصر له في تخريج المصطلحات الأربعة للمودودي: ص18)
وقد سأل الربيع أبا العالية وهو تابعيٌّ جليل، فقال: كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل؟
فقال: ((إنّهم وجدوا في كتاب الله ما يُخالف أقوال الأحبار والرهبان، فكانوا يأخذون بأقوالهم، وما كانوا يقبلون حُكم الله)) (تفسير الرازي المسمّى بمفاتيح الغيب: 4/431) (تاريخ الفقه الإسلامي، ص142)
فما الفرق بين من اتّبع الأحبار والرهبان على تحريم الحلال وتحليل الحرام وهو يعلمُ وبين من يتّبعُ قول إمامه ومؤسس مذهبه وإن خالف الحديث الصحيح وهو يعلمُ ؟!
وما الفرق بيننا -إن نحنُ فعلنا ذلك- وبين الرافضة الإمامية الذين جعلوا لهم في كلّ وقت رجلا لقّبوه بالإمام المعصوم وأوجبوا على النّاس طاعته في كلّ ما أمر والإنتهاء عن كل ما نهى عنه وزجر ؟!
وما الفرقُ بيننا وبين الصوفية القبورية الذين قالوا (كن أمام شيخك كالميت أمام غاسله) ؟!
اللهم إنّا نبرأُ إليك من أن نشابه هؤلاء، ونبرأُ إليك من كلّ من خالف سنّة نبيّك صلى الله عليه وسلّم واتّبع قول غيره –وهو يعلم- ونعوذ بالله أن نغلوا في أئمّتنا غلوّ الصوفية والإمامية والحزبيين وصرعى التمذهب والتكودن في أئمّتهم ومشايخهم وقادتهم ومنظّريهم، بل نعرفُ لأئمّتنا قدرهم وننزلهم منزلتهم ولا نغلوا فيهم وقد قال من أرسله الله حجّة على النّاس أجمعين ((لا تطروني كما أطرت النّصارى ابن مريم إنّما أنا عبدُ الله ورسوله)) فكيف بمن دونه بلا شكّ ولا ريب ؟!





من أطاع بشرا في تحليل الحرام أو تحريم الحلال وهو يعلم فقد اتّخذه ربّا من دون الله !!

جاء في فتح المجيد للإمام عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله تعالى:((ص383 وما بعدها بتصرّف))
((باب: ((من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله، فقد اتخذهم أربابا من دون الله)) وقال ابن عباس: ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟ )) .
قال الشارح: وهذا القول من ابن عباس -رضي الله عنهما- جواب لمن قال له: إن أبا بكر وعمر -رضي اللهعنهما- لا يريان التمتع بالعمرة إلى الحج، ويريان أن إفراد الحج أفضل أو ما هو معنى هذا، وكان ابن عباس يرى أن التمتع بالعمرة إلى الحج واجب ويقول: ((إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، فقد حل من عمرته شاء أم أبى)) لحديث سراقة بن مالك حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة، ويحلوا إذا طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة، فقال سراقة: (( يا رسول الله ألِعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: بل للأبد )). والحديث في الصحيحين.

وحينئذ فلا عذر لمن استفتى أن ينظر في مذاهب العلماء وما استدل به كل إمام، ويأخذ من أقوالهم ما دل عليه الدليل إذا كان له ملكة يقتدر بها على ذلك. كما قال تعالى: ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)).
وبالجملة فلهذا قال ابن عباس لما عارضوا الحديث برأي أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-: ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء)). الحديث.

وقال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: ((ما منا إلا راد ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم)).
وكلام الأئمة في هذا المعنى كثير.

وما زال العلماء -رحمهم الله- يجتهدون في الوقائع، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر، كما في الحديث.
لكن إذا استبان لهم الدليل أخذوا به وتركوا اجتهادهم.
وأما إذا لم يبلغهم الحديث أو لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عندهم في حديث، أو ثبت وله معارض أو مخصص ونحو ذلك، فحينئذ يسوغ للإمام أن يجتهد...
وفي كلام ابن عباس -رضي الله عنهما- ما يدل على أن من يبلغه الدليل فلم يأخذ به- تقليدا لإمامه- فإنه يجب الإنكار عليه بالتغليظ لمخالفته الدليل...

وعلى هذا فيجب الإنكار على من ترك الدليل لقول أحد من العلماء كائنا من كان، ونصوص الأئمة على هذا، وأنه لا يسوغ التقليد إلا في مسائل الاجتهاد التي لا دليل فيها يرجع إليه من كتاب ولا سنة، فهذا هو الذي عناه بعض العلماء بقوله: لا إنكار في مسائل الاجتهاد.
وأما من خالف الكتاب والسنة فيجب الرد عليه كما قال ابن عباس والشافعي ومالك وأحمد، وذلك مجمع عليه، كما تقدم في كلام الشافعي رحمه الله تعالى...
وقال أبو طالب عن أحمد وقيل له: إن قوما يدعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، فقال: ((أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال الله تعالى: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الكفر.
قال الله تعالى: ((وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)) فيدعون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي)).
ذكر ذلك عنه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-.

قال الإمام عبد الرحمن بن حسن: قوله: ((عرفوا الإسناد)) أي إسناد الحديث وصحته، فإذا صح إسناد الحديث فهو صحيح عند أهل الحديث وغيرهم من العلماء.

وسفيان: هو الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه، وكان له أصحاب يأخذون عنه، ومذهبه مشهور يذكره العلماء -رحمهم الله- في الكتب التي يذكر فيها مذاهب الأئمة...

فقول الإمام أحمد -رحمه الله-: ((عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته)) إلخ إنكار منه لذلك، وأنه يؤول إلى زيغ القلوب الذي يكون به المرء كافرا.
وقد عمت البلوى بهذا المنكر خصوصا ممن ينتسب إلى العلم، نصبوا الحبائل في الصد عن الأخذ بالكتاب والسنة، وصدوا عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم أمره ونهيه، فمن ذلك قولهم:
· لا يستدل بالكتاب والسنة إلا المجتهد.
· والاجتهاد قد انقطع.
· ويقول: هذا الذي قلدته أعلم منك بالحديث وبناسخه ومنسوخه، ونحو ذلك من الأقوال التي غايتها ترك متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن
الهوى، والاعتماد على قول من يجوز عليه الخطأ، وغيره من الأئمة يخالفه، ويمنع قوله بدليل، فما من إمام إلا والذي معه بعض العلم لا كله.

فالواجب على كل مكلف إذا بلغه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله وفهم معنى ذلك: أن ينتهي إليه ويعمل به، وإن خالفه من خالفه، كما قال تعالى: ((اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)).
وقال تعالى: ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)).
وقد تقدم حكاية الإجماع على ذلك، وبيان أن المقلد ليس من أهل العلم، وقد حكى أيضا أبو عمر ابن عبد البر وغيره الإجماع على ذلك.

قلت: ولا يخالف في ذلك إلا جهال المقلدة، لجهلهم بالكتاب والسنة، ورغبتهم عنهما، وهؤلاء وإن ظنوا أنهم قد اتبعوا الأئمة فإنهم في الحقيقة قد خالفوهم، واتبعوا غير سبيلهم.
كما قدمنا من قول مالك والشافعي وأحمد، ولكن في كلام أحمد -رحمه الله- إشارة إلى أن التقليد قبل بلوغ الحجة لا يذم، وإنما ينكر على من بلغته الحجة وخالفهم لقول إمام من الأئمة، وذلك إنما ينشأ عن الإعراض عن تدبر كتاب الله وسنة رسوله، والإقبال على كتب من تأخروا والاستغناء بها عن الوحيين، وهذا يشبه ما وقع من أهل الكتاب الذين قال الله فيهم: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ))، فيجب على من نصح نفسه إذا قرأ كتب العلماء ونظر فيها، وعرف أقوالهم أن يعرضها على ما في الكتاب والسنة؛ فإن كل مجتهد من العلماء ومن تبعه وانتسب إلى مذهبه لا بد أن يذكر دليله، والحق في المسألة واحد، والأئمة مثابون على اجتهادهم، فالمنصف يجعل النظر في كلامهم وتأمله طريقا إلى معرفة المسائل واستحضارها ذهنا، وتمييزا للصواب من الخطأ بالأدلة التي يذكرها المستدلون، ويعرف بذلك من هو أسعد بالدليل من العلماء فيتبعه، والأدلة على هذا الأصل في كتاب الله أكثر وفي السنة كذلك، والأئمة -رحمهم الله- لم يقصروا في البيان، بل نهوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة، لعلمهم أن من العلم شيئا لم يعلموه، وقد يبلغ غيرهم، وذلك كثير كما لا يخفى على من نظر في أقوال العلماء.

قوله: ((لعله إذا رد بعض قوله)) أي قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك)) نبه -رحمه الله- أن رد قول الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لزيغ القلب، وذلك هو الهلاك في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: ((فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)). اهـ

قال الشيخ العلامة محمّد تقي الدين الهلالي رحمه الله:((كل من اتخذ رجلاً غير النبي صلى الله عليه وسلّم حجة يحلل به، و يحرم به، دون أن يسأله عن دليل ما أفتى به، تحسيناً للظن به، واعتقاداً منه أنه لا يخطئ حكم الله أبداً، فقد اتخذ ذلك الشخص رباً دون الله .
وإليك برهانه : قال حافظ المغرب الإمام أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري الذي شرح الموطأ ثلاثة شروح في كتابه جامع بيان العلم و فضله ما نصه: ((قد ذم الله تبارك و تعالى التقليد في غير موضع في كتابه فقال : ((اتخذوا أحبارهم و رهبانـهم أرباباً من دون الله)) و روى عن حذيفة و غيره قالوا : ((لم يعبدوهم من دون الله ولكن أحلوا و حرموا عليهم فاتبعوهم )) .
قال عدي بن حاتم : (( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم و في عنقي صليب فقال:يا عدي ألق هذا الإثم من عنقك وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية:((اتخذوا أحبارهم ورهبانـهم أرباباً من دون الله)) قال: قلت: يا رسول الله، إنا لم نتخذهم أرباباً. قال: بلى، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه فقلت: بلى فقال: تلك عبادتـهم )) .
قال محمد تقي الدين : وروى الإمام ابن عبد البر آثاراً في هذا المعنى، و بيان ذلك أن الحكم الشرعي لا يجوز أن يكون لأحد إلا لله فهو كالصلاة والصيام وسائر العبادات فمن جعله لغير الله فقد أشرك وقال تعالى في سورة الشورى:((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله))
و قال تعالى في سورة المائدة : ((وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبـهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون . أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون))
و قال تعالى في سورة الشورى:((وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله))
و لا حجة في قول أحد كائناً من كان إلا في كلام الله وكلام رسوله لأنه معصوم .
قال تعالى في سورة النجم : ((وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى))
واعلم أن ما فرضه الله على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسائر القرون المفضلة هو الذي فرضه الله على سائر المسلمين إلى يوم القيامة، وما ابتدع بعدهم في الدين فهو ضلال لا يقبله الله و لا يرضاه رسوله صلى الله عليه وسلّم أبداً، فالتفرق إلى مذاهب و طرائق وشيع أو فرق كله ضلال .... (الحسام الماحق)




الصحابة يضربون أروع الأمثلة في الرجوع إلى السنّة عند النّزاع :

أخرج ابن عبد البر بإسناده في تمهيده (23/48 وما بعدها بتصرّف):
((اجتمع أبو هريرة وعبد الله بن سلام فذكروا عن النبي الساعات التي في يوم الجمعة وذكر أنه قالها.
فقال عبد الله بن سلام: (أنا أعلم أية ساعة هي: بدأ الله عز وجل في خلق السماوات والأرض يوم الأحد وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فهي آخر ساعة من يوم الجمعة).
وفي قول عبد الله بن سلام كذب كعب ثم قوله صدق كعب دليل على ما كان القوم عليه من إنكار ما يجب إنكاره والإذعان إلى الحق والرجوع إليه إذا بان لهم.
... وفي قول أبي هريرة: (أخبرني بها ولا تضن علي) أي لا تبخل علي، دليل على ما كان القوم عليه من الحرص على العلم والبحث عنه.
وفي مراجعة أبي هريرة لعبد الله بن سلام حين قال: (هي آخر ساعة من يوم الجمعة) واعتراضه عليه بأنها ساعة لا يصلى فيها ورسول الله قد قال: ((لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه)) أدل دليل على إثبات المناظرة والمعارضة وطلب الحجة ومواضع الصواب.
وفي إدخال عبد الله بن سلام عليه قول رسول الله ((من انتظر صلاة فهو في صلاة)) وإذعان أبي هريرة إلى ذلك دليل بين على ما كان القوم عليه من البصر بالاحتجاج والاعتراضات والإدخال والإلزامات في المناظرة وهذا سبيل أهل الفقه أجمع إلا طائفة لا تعد من العلماء أعرقوا في التقليد وأزاحوا أنفسهم من المناظرة والتفهم وسموا المذاكرة مناظرة جهلا منهم بالأصول التي منها ينزع أهل النظر وإليها يفزع أولوا البصر والله المستعان)) اهـ.

وقال رحمه الله عند الحديث رقم 537 (23/288-289):
مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام الغرماء أبا محمد يقول: (إن الوتر واجب)
قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال أبو محمد، قال عبادة: (كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد ...)) الحديث.
قال أبو عمر رحمه الله: ((وفي هذا الحديث من الفقه دليل على ما كان القوم عليه من البحث عن العلم والاجتهاد في الوقوف على الصحة منه وطلب الحجة وترك التقليد المؤدي إلى ذهاب العلم)). اهـ
فهلا تأسّينا بهم واقتدينا بفعالهم واهتدينا بأقوالهم وأفعالهم ؟!
ومن المفيد في آخر هذا البحث المتواضع أن نذكر الحكم الشرعي في اشتراط المستفتي من المفتي أن يُفتيه على مذهب معيّن لا غير !
جاء في كتاب: (الفتوى في الإسلام ص 148):


حكم الاشتراط في الفتوى أن تكون على مذهب معيّن:

يُستفاد هذا ممّا أوضحه الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية في القضاء، قال:
يجوز لمن اعتقد مذهب الشافعي رحمه الله أن يقلّد القضاء من اعتقد مذهب أبي حنيفة لأنّ للقاضي أن يجتهد برأيه في قضائه ولا يلزمه أن يقلّد في النوازل والأحكام من اعتزى إلى مذهبه، فإذا كان شافعيا لم يلزمه المصير في أحكامه إلى أقاويل الشافعي حتّى يؤدّيه اجتهاده إليها، فإن أدّاه اجتهاده إلى الأخذ بقول أبي حنيفة عمل عليه وأخذ به.
وقد منع بعض الفقهاء من اعتزى إلى مذهب أن يحكم بغيره لما يُتوجّه إليه من التهمة والمحايلة في القضايا والأحكام، وإذا حكم بمذهب لا يتعدّاه كان أنفى للتهمة وأرضى للخصوم.
قال الماوردي: وهذا وإن كانت السياسة تقتضيه فأحكام الشرع لا توجبه. ((لأنّ التقليد فيها محظور والاجتهاد فيها مستحّق)). اهـ
وجاء في ((شرح نظم الورقات)) للإمام ابن عثيمين رحمه الله:
((ولو جاء سائل يسأل، فقال للمفتي: أفتني على مذهب فلان، والمفتي يعلم أنّ الحقّ بخلافه، فهل يجوز أن يفتيه به ؟
الجواب: لا يجوز، فإذا قال قائل: هذا الرجل لم يطلب إلا المذهب الفلاني ؟
أقول (الإمام ابن عثيمين): نعم، هو لم يطلب إلا المذهب الفلاني، ولكنّه لم يقل ما هو مذهب فلان ليَعلَم به ولا يعمل، لو كان يريد أن يعلم به ولا يعمل أفتيته، أمّا وأنا أعرف أنّه لم يسأل عن مذهب فلان إلا ليتّبعه، ويدع الدليل الذي عندي، فأنا لا أُفتيه، وأقول: هذا قول الله عزّ وجلّ، أو هذا قول محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم.
فالحاصل أنّه لو استفتاك شخص مقلّد وقال: ما هو مذهب فلان في كذا ؟ وأنت تعرف أنّ الصواب في خلافه، فإنّه لا يجوز أن تُفتيَهُ، نّك إذا أفتيتهُ فقد أفتيته أن يخالف الحقّ الذي تعلمُ، أو يغلب على ظنّك أنّه الحقّ.
أمّا لو جاء يسألك سؤالا مجرّدا، لا ليعمل به، فهنا لا حرج عليك أن تبيّن له المذهب، إذا كنت عارفا به. )) (ص199-200) دار أنس، القاهرة، ط1.





شُبهة: السلفيون لا يأخذون بأقوال الأئمّة الأربعة ولا يحترمونهم !!

هذا ما نسمعه من بعض من اعتلى منابر المساجد ولبس لباس أهل العلم وانتسب إليهم وهو بعيد عنهم بعد المشرق عن المغرب، بل قد ألّف بعضهم كتبا ورسائل تتّهم السلفيين بالوقيعة في الأئمّة الأربعة والتنقّص من قدرهم بل ادّعى أحد الكذّابين الحزبيين هنا في قسنطينة –وهو الآن يقيم في بلاد الكفر فرنسا ! بعد أن كان يخطب في مساجد مدينة العلم قسنطينة !- أنّ السلفيين يسمّون الإمام مالك بالإمام هالك !! وزعم آخر أنّ السلفيين يقولون عن الأئمّة الأربعة: هم رجال ونحنُ رجال وأنّهم –أي السلفيين- يحرّمُون الأخذ بأقوالهم !! ((كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)).
لا والله ما سمعتُ سلفيا واحدا في قسنطينة ولا في غيرها يطعن في الأئمّة ولا سمعت من يتنقّص من قدر الإمام مالك أو حتى يشكك في إمامته وجلالته، ولكن أهل الأهواء والبدع لا يتحرّجون في نسبة كلّ شنيع إلى السلفيين لغرض تشويه صورتهم عند العوام المساكين فما وجدوا أخبث من أن ينسبوا للسلفيين الوقيعة في الإمام مالك الذي يعُظّمه العوام أكثر من الصحابة وسائر التابعين بل قد يعظّمه بعضهم أكثر من رسول ربّ العالمين !!
فقالوا إنّ السلفيين يسبّون العلماء ويسبّون الإمام مالك ويرمونه بكلّ نقيصة ويبهتونه بكلّ شنيعة وهم يعلمون أنّهم كاذبون وأنّهم على غير السبيل سائرون ولكن ماذا نصنع بهم والأهواء تتجارى بهم كما يتجارى الكلب بصاحبه؟!
فإلى هؤلاء جميعا نقول لهم، إن كنتم مالكية فقها فنحنُ مالكية وحنفية وحنابلة وشافعية وأوزاعية وحمّادية فقها وعقيدة.
وإن كنتم لا تأخذون إلا عن الإمام مالك فنحنُ نأخذُ عنه وعن غيره من الأئمّة الفقهاء.
ويشهدُ الله كم نحبُّ الإمام مالك وكم نبجّله ونوقّره ولكننا لا نغلوا فيه فلا نعتقد فيه العصمة. ويشهدُّ الله أنّنا نتبرّأ ممن يسبُّ الإمام مالك وغيره من الأئمّة.
ونُشهدُ الله أنّنا نعتبرُ الأئمّة الأربعة وغيرهم من أئمّة الهدى ومصابيح الدُّجى من أولياء الله الصالحين الناصحين الذين بذلوا البخس والثمين إعلاءً لراية الدين وسيرا بالأمّة إلى النّصر والتمكين.
فكيف بعد هذا يرمينا أدعياء العلم وأعداؤه في آن واحد أنّنا نسبُّ الأئمّة ونُسمّي مالكا هالكاً ؟! كبُرت كلمةً تخرُجُ من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.



وأخيرا:
أيّ الفريقين أولى بالصواب ؟لستُ أشكُّ أنّ من قرأ هذا البحث المتواضع سيقتنعُ –بالرغم من ضعف أسلوبي وقلّة علمي- أنّ الواجب على المسلم أن يتّبع السنّة أيّا كانت وفي أيّ شأن كانت وإن خالفت المذهب السائد في بلده والذي نشأ وتربّى عليه.
وكلّ عاقل يعلمُ أنّه سيُسألُ عن مدى استجابته لرسوله صلى الله عليه وسلّم لا عن مدى استجابته لأبي حنيفة أو مالك أو غيرهما.
وقد قال تعالى: ((ويوم يُناديهم ماذا أجبتم المرسلين)) ولم يقل سبحانه: ماذا أجبتم مالكا و لا غيره، فالله الله في السنّة والحذر الحذر من مخالفتها وقد تقدّم ما صحّ عن ابن عبّاس أنّه قال: ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء: أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتقولون قال أبو بكر وعمر ؟!!)) أو كما قال رضي الله عنه.
هذا آخر ما جال به خاطري وقدرت على جمعه في هذه العجالة ولعلّي لم أعطي الموضوع حقّه فأنا لستُ أهلا لذلك ولكن ما لا يُدرك كلّه لا يُتركُ كلّه أو كما يُقال.
هذا وأسأل الله أن يردّنا إلى ديننا ردّا جميلا وأن يقينا الفتن والشبهات في الدين والدنيا وأن يصرف عنّا بقدرته تعالى دعاة الشرّ والفتنة وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.
كما أسأل كلّ من قرأ هذه الكلمات أن يترفّق بكاتبها وأن يُحسن الظنّ بجامعها فما أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ وما توفيقي إلا بالله العظيم وصلى الله على رسوله الكريم وعلى آله والصحب والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدّين.


fayz1983 20-01-2008 05:20 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
جزاك الله خيرا نسأل الله أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و ان يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه .
رحم الله الامام مالك و كل علماء السنة موضوع قيم جعله الله فى ميزان حسناتك .

sofiane_info 20-01-2008 08:39 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
جزاك الله خيرا نسأل الله أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و ان يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه .
رحم الله الامام مالك و كل علماء السنة موضوع قيم جعله الله فى ميزان حسناتك .

غريب الاثري 22-01-2008 02:19 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
بارك الله في الجميع

غريب الاثري 25-01-2008 01:17 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
بارك الله في الجميع

معاوية الاثرى 06-02-2008 12:46 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
بارك الله فيك وزادك من علمه

غريب الاثري 13-02-2008 09:45 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
وفيكم بارك الله

غريب الاثري 01-05-2008 04:07 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
((المذهبية باعدت مـا بيـننا *** حتى تجافى الأهلُ والخُلطــاءُ
وعلى التعصُّب شبَّ فينا ناشءٌ *** وعلى التعصّب ضابت الكُبراءُ

المـذهبية جمّـدت تفكيرنا *** فأصابَ فكر الأمّـة الإغمـاءُ
فمـتى نثوبُ لرشدنا فكتابُنا *** وحـديثُ أحمـدَ روضةٌ غنّاءُ
فيـها سعادتُنا وفيـها مجدُنا *** والله يُؤتي الفضـل من يشاءُ))

الأزهر 02-05-2008 09:17 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fayz1983 (المشاركة 109640)
جزاك الله خيرا نسأل الله أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و ان يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه .
رحم الله الامام مالك و كل علماء السنة موضوع قيم جعله الله فى ميزان حسناتك .

ونشكرك على المساهمة في تنوير العقول

غريب الاثري 23-05-2008 02:29 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
11) ((إذ تبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتّبعوا)):

إعلم رحمك الله أنّه إذا كان الإمام مالك معذور عن اجتهاده الذي أخطأ فيه، فإنّك لا تُعذر إذا تبين لك الدليل فأصررت على مخالفته، وأخذتتتأوّل له تأويلات متكلفة في رده وتفنيده، ولا تقل: لو كان الحديثُ صحيحاً لما خالفه الإمام مالك الذي قد أجمعت الأمّة على إمامته وعلمه وفضله، ونحو ذلك من الأعذار التي لا تصدُرُ إلا من جاهل عنيد.

رميته 23-05-2008 05:14 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
شكرا جزيلا لصاحب الموضوع على موضوعه الطيب .
جعله الله ثقيلا في ميزان حسناته يوم القيامة , آمين .
ومع ذلك أنا أضيف لما قال الأخ الفاضل مكملا لا مناقضا , وأنا أخاطب به نفسي وأي مسلم , ولا أخاطبه هو بالذات .

عن الإمام مالك إن خالف الحديث الصحيح
هل نقدم قول مالك أو نقدم الحديث الصحيح ؟
1- ليس الإمام مالك فقط الذي خالف الحديث الصحيح , بل كل فقيه من الفقهاء ( القدامى أو المعاصرين ) يمكن أن يخالف الحديث الصحيح . ثم إن الإمام مالك يسجل في موطئه كثيرا من الأحاديث الصحيحة ثم يقول بخلافها , وقد كتب بن تيمية رحمه الله " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " , وذكر في كتابه 10 أسباب تجعل الفقيه يخالف الحديث الصحيح وهو معذور في ذلك .
ولا يمكن أبدا أن يتهم الإمام مالك بأنه لا يخاف الله , ومنه فإنه يخالف الحديث الصحيح بلا عذر.
2- أتمنى أن يقال عن علماء معاصرين آخرين مثل الألباني وبن باز والعثيمين و ... ( رحمهم الله رحمة واسعة ) نفس الشيء الذي قيل هنا عن الإمام مالك رضي الله عنه .
3- أنت أخي ( أنا أتحدث مع كل مسلم لا مع شخص بعينه ) تخطئ كثيرا حين تظن بأن كتب الفقه - على مذهب مالك مثلا – المختصرة التي لا تُقدم فيها الأحكامُ مقرونة بالأدلة مثل " مختصر خليل " و " رسالة بن أبي زيد القيرواني " و " الخلاصة الفقهية " و تخطئُ كثيرا عندما تظن بأن الأدلة لم تُقرن بالأحكام لأن الأحكام لا دليل عليها من الكتاب والسنة . إن الواقع هو أن الأحكام قُدِّمت مختصرة في هذه الكتب لتُسهِّل علينا معرفةَ ديننا في وقت وبجهد قليلين ، أما الأدلة فتُترك للاختصاصيين . وأما العامة من المقلدين والذين لم يصلوا إلى مرتبة الاجتهاد فعليهم أن يقضوا بقية أوقاتهم في التعرف على جوانب أخرى من الثقافة الإسلامية ، وفي التعمق في مجال الاختصاص , وفي توسيع مداركهم في مجالات مختلفة من الثقافة العامة . وأنت تخطئ حين تتهم مذهبا من المذاهب الفقهية الإسلامية المشهورة والمعتمدة عند جماهير المسلمين من زمان , بأنه مخالف للكتاب والسنة . إذا رأيتَ أن قول فقيه من الفقهاء مخالف لحديث , فليس شرطا أن لا يكون الحديث قد وصل إلى الفقيه . إنما يمكن أن يكون قد وصله وفهمه فهما مختلفا ، أو وصله وضعَّفه , أو يكون قد وصله وقدَّم عليه حديثا آخر رأى أنه أصح أو وهكذا . ويستحيل أن يقول فقيهٌ قولا بلا دليل سواء كان ضعيفا أو قويا , لأنه عندئذ سيكون متبعا للهوى ، ولا يستحِقُّ أن يوصَفَ بأنه عالم . وإذا كان إمام المذهب فاته بعضُ السنة , فإن أصحابَه خلال مئات الأعوام قد استدرَكوا ما فات إمامَهم من السنة , وبينوه في كتبهم . فإذا فات الأصحابَ بعضُ السنة , فإنه نادرٌ . ومن الخطأ في أصول العلم وحكمِ العقل أن نسحبَ حكمَ النادرِ على الكل , لأن النادرَ شاذ والشاذ لا يقاسُ عليه .
4- إن دليلي أخي هو قولُ الفقيه , ودليلَ الفقيه هو الكتابُ والسنةُ , والله قال: " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ". واللهُ لا يعذبنا مادمنا نأخذُ من العلماء , كما قال الإمام الشافعي . ولم يثبت أن طالب الله أو رسوله المسلمين أن لا يأخذوا حكما من عالم إلا إذا قدم لهم الدليلَ على صحة ما قال . ثم أيعقل أن يكلف كل الناس بالبحث عن الدليل على كل حكم ديني تعلموه ؟!. إن الله لو طلب منا ذلك لكلفنا ما لا نطـيق , وحاشاه سبحانه أن يفعل ذلك !.
5- لقد أضاف ... رحمه الله مذهبا و ... مذهبا آخر و ... مذهبا ثالثا وهكذا ... وكل مسألة خلافية ستبقى خلافية إلى قيام الساعة إلا إذا كان الحكمُ القديم مبنيا على دليل ظني أتى العلم القطعي ليُلغيه ( مثل الدخان و شربه ) ، أو كان الحكمُ القديم مبنيا على عرف فيتغير الحكمُ عندما يتغير العرف , أو كان الحكمُ القديم مبنيا على ... أما القول بأن المذاهب المختلفة يمكن أن تصبح مذهبا واحدا فهذا كلام لا قيمة له شرعا أو واقعا أو عقلا . ويبقى الأصلُ أن أغلبَ المسائل الخلافية تبقى خلافية إلى يوم القيامة مهما بدا لك أخي بأن فلانا قد قوى أو صحح قولا وضعف أو خطَّأ قولا آخر . هل مثلا إذا قال ... أو ... أو ... أو ... بأن التصوير غير المجسم لإنسان أو حيوان حرام , هل أُلغي الخلاف ؟!. كلا وألف كلا . إن الخلاف مازال وسيبقى من خلال مئات العلماء في كل زمان ومكان ومن خلال مئات من ملايين المسلمين ( وليس الكفار ) الذين يقولون بأن ذلك حلال وجائز وهم محافظون على كامل إيمانهم وإسلامهم . ومن هنا فإن المتفق عليه في الدين هو القليل وهو أساس الدين الذي لا يتغير بتغير المكان والزمان , وأما المسائل الخلافية فهي من الكثرة بمكان وتزداد مع تقدم عمر البشرية في ظل الإسلام .
يتبع بإذن الله تعالى : ...

algeroi 23-05-2008 09:45 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
سئل شيخ الإسلام رحمه الله

وسئل رضي الله عنه‏:‏

ما تقول السادة العلماء أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين - في رجل سئل إيش مذهبك ‏؟‏ فقال‏:‏ محمدي أتبع كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقيل لا‏:‏ ينبغي لكل مؤمن أن يتبع مذهبا ومن لا مذهب له فهو شيطان فقال‏:‏ إيش كان مذهب أبي بكر الصديق والخلفاء بعده - رضي الله عنهم - ‏؟‏ فقيل له‏:‏ لا ينبغي لك إلا أن تتبع مذهبا من هذه المذاهب فأيهما المصيب ‏؟‏ أفتونا مأجورين

فأجاب‏:‏ الحمد لله‏.‏ إنما يجب على الناس طاعة الله والرسول وهؤلاء أولوا الأمر الذين أمر الله بطاعتهم في قوله‏:‏ ‏{‏وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏]‏، إنما تجب طاعتهم تبعا لطاعة الله ورسوله لا استقلالا ثم قال‏:‏ ‏{‏فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏]‏‏.‏ وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يوجبه ويخبر به بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ واتباع شخص لمذهب شخص بعينه لعجزه عن معرفة الشرع من غير جهته إنما هو مما يسوغ له ليس هو مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق بل كل أحد عليه أن يتقي الله ما استطاع ويطلب علم ما أمر الله به ورسوله فيفعل المأمور ويترك المحظور‏.‏ والله أعلم‏.‏

************************************************** **********************

وسئل رحمه الله هل يسوغ تقليد هؤلاء الأئمة‏:‏ كحماد بن أبي سليمان وابن المبارك وسفيان الثوري والأوزاعي وقد قال عنهم رجل - أعني هؤلاء الأئمة المذكورين - هؤلاء لا يلتفت إليهم‏.‏ فصاحب هذا الكلام ما حكمه‏؟‏ ‏.‏

فأجاب‏:‏ وأما الأئمة المذكورون فمن سادات أئمة الإسلام ‏;‏ فإن الثوري إمام أهل العراق وهو عند أكثرهم أجل من أقرانه كابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأبي حنيفة وغيره وله مذهب باق إلى اليوم بأرض خراسان‏.‏ والأوزاعي إمام أهل الشام وما زالوا على مذهبه إلى المائة الرابعة بل أهل المغرب كانوا على مذهبه قبل أن يدخل إليهم مذهب مالك وحماد بن أبي سليمان هو شيخ أبي حنيفة‏.‏ ومع هذا فهذا القول هو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما‏.‏ ومذهبه باق إلى اليوم وهو مذهب داود بن على وأصحابه‏.‏ ومذهبهم باق إلى اليوم فلم يجمع الناس اليوم على خلاف هذا القول ‏;‏ بل القائلون به كثير في المشرق والمغرب ليس في الكتاب والسنة فرق في الأئمة المجتهدين بين شخص وشخص‏.‏ فمالك والليث بن سعد والأوزاعي والثوري‏:‏ هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر ‏;‏ لا يقول مسلم إنه يجوز تقليد هذا دون هذا ولكن من منع من تقليد أحد هؤلاء في زماننا فإنما يمنعه لأحد شيئين‏.‏
أحدهما :
اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذاهبهم وتقليد الميت فيه نزاع مشهور‏.‏ فمن منعه قال هؤلاء موتى ومن سوغه قال لا بد أن يكون في الأحياء من يعرف قول الميت‏.‏
والثاني أن يقول‏:
الإجماع اليوم قد انعقد على خلاف هذا القول وينبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه وهي أن الصحابة مثلا أو غيرهم من أهل الأعصار إذا اختلفوا في مسألة على قولين ثم أجمع التابعون أو أهل العصر الثاني على أحدهما فهل يكون هذا إجماعا يرفع ذلك الخلاف‏؟‏ وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء‏.‏ فمن قال‏:‏ إن مع إجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر واعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك يركب من هذين الاعتقادين المنع‏.‏

ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باق ‏;‏ لأن الأقوال لا تموت بموت قائلها‏:‏ فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر للمجتهد الذي وافق اجتهاده وأما التقليد فينبني على مسألة تقليد الميت وفيها قولان مشهوران أيضًا في مذهب الشافعي و أحمد وغيرهما‏.‏

وأما إذا كان القول الذي يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم فلا ريب أن قوله مؤيد بموافقة هؤلاء ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفه من أقرانهم‏:‏ فيقابل بالثوري والأوزاعي أبا حنيفة ومالكا ‏;‏ إذ الأمة متفقة على أنه إذا اختلف مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا هو صواب دون هذا إلا بحجة‏.‏ والله أعلم‏.‏

رميته 24-05-2008 11:24 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 

6- لا أعترض عليك أخي إذا رأيت أنك قادر على أن لا تأخذ الحكم إلا مع دليله وقادر على الموازنة والترجيح بين أقوال الفقهاء في المسألة الواحدة , ولكنني أحذرك من إمكانية الانحراف عن الصراط المستقيم , لأنك قد لا تملكُ الزاد الكافي لكي تكون مجتهدا أو حتى مُتبعا . ومع ذلك , فحتى إذا فعلتَ ورأيتَ أنك قادرٌ , فيجبُ عليك أن لا تتعصب ضدي إذا أخذتُ أنا الفقهَ من أمثال مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وبن حزم وجعفر الصادق و ... ؟ .

7-كل الناس راد ومردود عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أتعصب لعالم ضد آخر , وإنما إذا أخذت الفقه (خاصة في العبادات ) عموما من مذهب مالك فلأنه المذهب السائد في المغرب العربي ولأنه من السهل الاطلاع على مذهب واحد ثم أتفرغ لمطالعات أخرى أهم في حياتي كمسلم وكأستاذ علوم فيزيائية وك ... , ولأن ذلك أدنى لتسهيل مهمة الدعوة إلى الله وسط قوم ألتزم أنا وإياهم بنفس المذهب الفقهي . وأنا لا أتعصب لعالم ضد عالم لكنني ضد أن تتعصب أخي ضدي . بل إنني أقرأ لعلماء مثل ... و… وآخذ منهم في بعض المسائل لأنني لا أعرف فيها الحكم على المذهب المالكي أو لأنني اطمأننت إليها أكثر أو لأنها مسائل عصرية كتب هؤلاء فيها أكثر مما كتب غيرهم مثل المتعلقة بالرقية الشرعية أو ...

8- لك كل الحق في أن تقول : " قال ... أو ... أو ... العالِم " عندما أقول لك : " قال أبو زهرة أو الشاطبي أو بن حزم أو الإمام مالك أو ..." , لكن يجب أن نتفق أنا وإياك أخي على أنه لا يجوز لأي منا أن يأخذ من جاهل , كما لا يجوز لأي منا أن يرفع نفسه إلى مرتبة عالم وهو ليس بعالم .

9- اختلاف العلماء في المسائل الخلافية رحمةٌ كبيرة من الله لعباده , سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول أو الأمم , إذا لم يكن مرفقا بتعصب . والأمثلة على ذلك كثيرة جدا يمكن أن أضربها من واقع حياتي الخاصة (عندما يشق علي حكم في المذهب المالكي ألجأ إلى ما يرفع الحرج عني في أي مذهب آخر ) , أو من واقع حياة الناس العامة (عندما يتسرع شخص فيطلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد ثم يندم لا أختار له ما قاله الفقهاء الأربعة بل أفتيه بقول بن تيمية رحمه الله الذي اعتبر الأمر طلاقا واحدا ) , وهكذا ...
أما إذا صاحب هذا الاختلافَ تعصبٌ , فإنه يصبح عندئذ نقمة . والاختلاف كان موجودا على عهد النبي محمد بين الصحابة , ولم ينكره النبي محمد , فلماذا نُنكِر على العلماء ما لم ينكرْه سيدنا محمد على الصحابة ؟.
ثم لماذا جعل الله أدلة الثوابت قطعية وأدلة المسائل الخلافية ظنية ؟!. إن الله أراد ذلك لحكم , ولو أراد أن يجعل كل المسائل اتفاقية والأدلة عليها قطعية لفعل . ومنه فإنك أخي عندما تقول : " فُلان أبطل أدلة عَلان , ومنه فلم يبق إلا قول فلان " كأنك تعتبره يناهض الله تعالى الذي جعل المسألة خلافية فجاء ... أو غيره , فنقلها إلى مسألة اتفاقية ! .

10- يجوز لي شرعا أن أقيِّد نفسي في الفقه بمذهب عالم مثل مالك أو غيره , كما يجوز لك أنت أخي أن تأخذ اليوم من فقيه وغدا من فقيه آخر اتباعا للدليل الذي تراه أنت أو بعض الـعلماء أقوى , بشرط أن لا تتبع السهلَ عند الفقهاء , لأن من اتبع السهل عند العلماء فاسق , لأنه متبعٌ للهوى لا للدين .
يتبع : ...

رميته 24-05-2008 03:15 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 

11- يجب أن يكون شعارُنا جميعا أخي هو شعار الفقهاء قديما وحديثا : "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ". إذا سِرنا في حياتنا وِفق هذا الشعار , فإننا سنُريح وسنرتاحُ بإذن الله .
12- إن الأخوة في الله ووحدة القلوب بين المسلمين تحتل المراتب الأولى للواجبات , بل إنها أخت التوحيد , كما أن هناك مراتب للمنهيات يقع النيلُ من الاخوة في مقدمتها كذلك . لذلك فإن علماء السلف كثيرا ما يفعلون المفضولَ ويتركون الأفضلَ منه مراعاة للوحدة وخروجا من الخلاف . وقد يتركون المندوبَ في نظرهم ويفعلون الجائزَ تحقيقا لذلك .

يتبع بإذن الله تعالى :...

غريب الاثري 24-05-2008 03:31 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169577)
عن الإمام مالك إن خالف الحديث الصحيح
هل نقدم قول مالك أو نقدم الحديث الصحيح ؟
1- ليس الإمام مالك فقط الذي خالف الحديث الصحيح , بل كل فقيه من الفقهاء ( القدامى أو المعاصرين ) يمكن أن يخالف الحديث الصحيح . ثم إن الإمام مالك يسجل في موطئه كثيرا من الأحاديث الصحيحة ثم يقول بخلافها , وقد كتب بن تيمية رحمه الله " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " , وذكر في كتابه 10 أسباب تجعل الفقيه يخالف الحديث الصحيح وهو معذور في ذلك .
ولا يمكن أبدا أن يتهم الإمام مالك بأنه لا يخاف الله , ومنه فإنه يخالف الحديث الصحيح بلا عذر.

المقصود من البحث الحث على الأخذ بالحديث الصحيح ونبذ التكودن والتعصّب المذهبي المبني على تقديس الرجال ...

وليس المقصود الطعن في الإمام مالك أو في السادة المالكية ... حاشا وكلا ...

وليس المقصود الإمام مالك فقط ...

بل هذا البحث ينطبق على كل عالم مجتهد له أتباع ....

وهذا البحث كتبته خصيصا ردا على دُعاة تقديس الرجال والتعصّب المذهبي في الجزائر ..

ولو قرأت المقدّمة لاتضّح لك ذلك .

غريب الاثري 24-05-2008 03:41 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169903)



9- اختلاف العلماء في المسائل الخلافية رحمةٌ كبيرة من الله لعباده , سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول أو الأمم , إذا لم يكن مرفقا بتعصب . والأمثلة على ذلك كثيرة جدا يمكن أن أضربها من واقع حياتي الخاصة (عندما يشق علي حكم في المذهب المالكي ألجأ إلى ما يرفع الحرج عني في أي مذهب آخر ) ,...


المسألة مسألة انضباط بالشرع وامتثال لأوامر الله ورسوله ووقوف عند حدود الله وليست المسألة بالأخذ بالأيسر ... أو ما يرفع الحرج ...

فالواجب الرجوع إلى السنّة في كلّ حين وفي كلّ شأن ولا يجوز لنا اتّباع ما تهواه أنفسنا وما يمليه علينا شيطاننا.

أما قولك : اختلاف العلماء في المسائل الخلافية ؟؟؟ فتحصيل حاصل وأنا لم أفهم منه شيئا إلا إذا كان قصدك اختلافهم في المسائل الاجتهادية التي لا نصّ فيها ... فهذا شيء آخر ... واختلافهم مبني على اختلاف اجتهادهم فإنّ الاجتهاد يكون في الأمور التي لا نصّ فيها ...

وقد اختلف العلماء في موقف العامي والمُقلّد من اختلف العلماء على ثلاثة أقوال ...

الأوّل: الأخذ بالأيسر (كما تفعله يا أستاذ) واستدلوا لذلك بقوله تعالى: ((ما جعل الله عليكم في الدّين من حرج)) وقوله تعالى: ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) وغيرها من الآيات ...

الثاني: الأخذ بالأعسر واستدلوا لذلك بقوله تعالى: ((إنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا)) ...

الثالث: الأخذ بما تطمئنُّ إليه النّفس وبما لم يحيك في الصدر ... واستدلوا لذلك بقوله عليه السلام: ((الإثمُ ما حاك في الصدر وكرهت أن يطّلع عليه النّاس)) وقوله: ((إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) وقوله: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) وقوله: ((ما حاك في صدرك فدعه)) وقوله: ((استفت قلبك ولو أفتاك النّاس)) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهذا الأخير هو الذي يظهر -لي- أنّه الأرجح والله أعلم.

أمّا قضيّة : اختلاف العلماء رحمة فكلمة لا أساس لها من الصحّة ... فإذا كان اختلافهم رحمة فمفهومه أنّ اتّفاقهم شرٌُّ ونقمة ؟؟؟؟
وهذا لا يقوله عاقل ....

والحديث المروي في ذلك ((اختلاف أمّتي رحمة)) باطل سنداً ومتناً كما بيّنه الإمام الألباني في الضعيفة وغيره من أهل الحديث رحم الله تعالى ميّتهم وحفظ حيّهم.

غريب الاثري 24-05-2008 03:57 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169992)
11- يجب أن يكون شعارُنا جميعا أخي هو شعار الفقهاء قديما وحديثا : "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ". إذا سِرنا في حياتنا وِفق هذا الشعار , فإننا سنُريح وسنرتاحُ بإذن الله .


هذا في المسائل الاجتهادية لا في المسائل المنصوص عليها ... وهذا الكلام لا أقوله أنا أو أنت وإنّما يقوله الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد وابن تيمية وابن القيّم وابن باديس والألباني وابن باز وغيرهم من أهل العلم...

ولعلّك تُراجع موضوعي ((تذكيرُ المسلمين بخطر الرأي في الدّين)) فقد بيّنتُ فيه -بحول الله- معنى الرأي الذي ذمّه السلف وجملة من كلامهم حوله ونبذة من أقوال بعض أصحاب الرأي في عصرنا.

والرجاء أن لا يتمّ حذفه كما هي العادة في مواضيعي ....

غريب الاثري 24-05-2008 04:01 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169992)
12- إن الأخوة في الله ووحدة القلوب بين المسلمين تحتل المراتب الأولى للواجبات , بل إنها أخت التوحيد , كما أن هناك مراتب للمنهيات يقع النيلُ من الاخوة في مقدمتها كذلك . لذلك فإن علماء السلف كثيرا ما يفعلون المفضولَ ويتركون الأفضلَ منه مراعاة للوحدة وخروجا من الخلاف . وقد يتركون المندوبَ في نظرهم ويفعلون الجائزَ تحقيقا لذلك .

كلام مجمل لا نخرج منه بشيء ... حبذا لو تُفصّل فإنّ التفصيل هو مذهب السلف والإجمال هو مذهب المبتدعة لإمرار باطلهم في قالب الحقّ ...

وللإمام ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى رسالة قيّمة في ذلك -حول سماحة الإسلام- فلتراجعها لعلّك تستفيد منها .

غريب الاثري 24-05-2008 04:09 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169903)
6- لا أعترض عليك أخي إذا رأيت أنك قادر على أن لا تأخذ الحكم إلا مع دليله ....

غفر الله لك ... وهل تعارضني في الواجب ؟؟؟

لعلمك فإنّ الاتّباع هو الواجب والتقليد لا يصار إليه إلى اضطرارا فهو من جهة حكمه كالميتة لا يجوز إلا وقت الضرورة والضرورة تُقدّرُ بقدرها ...

فمن كان يمتلك الملكة على استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة (وهو ما يسمى اصطلاحا المجتهد) فلا يجوز له التقليد إلا في حالات ضيّقة بينها الأصوليون في كتبهم (ارجع إلى الورقات وشروحها) ...

أمّا من كان دون ذلك ولكنّه يمتلك الملكة على فهم الدليل والتمييز بين الأقوال والاجتهادات (وهو ما يسمّى اصطلاحا المُتّبع) فلا يجوز له أخذ قول أيّا كان إلا بعد إدراك الدليل ولا يجوز له التقليد إلا في حالة فقدانه القدرة على التمييز بين الأقوال والترجيح بينها...

أمّا العامي الذي لا يملك لا هذا ولا ذاك فمذهبه مذهب من يُفتيه ... و لا يجوز له سؤال أيّ كان ... بل يسأل الذي يعتقد فيه أنّه الأعلم والأتقى والأورع وهكذا ....

وهذه مسائل متناثرة في كتب الأصول ...

غريب الاثري 24-05-2008 04:15 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169903)
7-كل الناس راد ومردود عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أتعصب لعالم ضد آخر , وإنما إذا أخذت الفقه (خاصة في العبادات ) عموما من مذهب مالك فلأنه المذهب السائد في المغرب العربي ولأنه من السهل الاطلاع على مذهب واحد ثم أتفرغ لمطالعات أخرى أهم في حياتي كمسلم وكأستاذ علوم فيزيائية وك ... , ولأن ذلك أدنى لتسهيل مهمة الدعوة إلى الله وسط قوم ألتزم أنا وإياهم بنفس المذهب الفقهي . وأنا لا أتعصب لعالم ضد عالم لكنني ضد أن تتعصب أخي ضدي . بل إنني أقرأ لعلماء مثل ... و… وآخذ منهم في بعض المسائل لأنني لا أعرف فيها الحكم على المذهب المالكي أو لأنني اطمأننت إليها أكثر أو لأنها مسائل عصرية كتب هؤلاء فيها أكثر مما كتب غيرهم مثل المتعلقة بالرقية الشرعية أو ...


يبدو أنّك لم تقرأ موضوعي جيّدا أو أنّك لم تفهمه ؟؟؟؟

فأنا ما كتبت الموضوع إلا لنقض هذا القول الذي تقوله ؟؟؟

يا أخي أنت مُطالب بالتزام السنّة في جميع أحوالك ... فكيف ستجيب الله تعالى إذا خالفتها لأجل قول أيّا كان من البشر ؟؟؟

أستقول له هذا هو المذهب السائد في بلادي ؟؟؟

أم ستقول له : خالفت السنّة لأنّ عندي انشغالات أخرى كأستاذ فيزياء و و و و ؟؟؟

((ويوم يناديهم ماذا أجبتم المرسلين)) ولم يقل: ماذا أجبتم مالكا أو الشافعي أو فلانا أو علانا ؟؟؟


غريب الاثري 24-05-2008 04:26 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 169903)
10- يجوز لي شرعا أن أقيِّد نفسي في الفقه بمذهب عالم مثل مالك أو غيره , ....

من أين لك هذا القول يا أستاذ ؟؟؟؟؟؟؟؟

ومن قاله من السلف ؟؟؟؟؟

وأين دليلك ؟؟؟؟

ويحك أتعي ما تقول ؟؟؟؟؟

لعلّك لم تقرأ المقدّمة إذ جاء فيها:

((وكان النّاس في الصدر الأوّل –أعني الصحابة والتابعين والصالحين رضوان الله عليهم أجمعين- يبنون أمورهم على الحجّة، فكانوا يأخذون بالكتاب ثمّ بالسنّة ثمّ بّأقوال من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما يصحّ بالحجّة، فكان الرجل يأخذ بقول عمر رضي الله عنه في مسألة ثمّ يخالفه بقول علي رضي الله عنه في مسألة أخرى، وقد ظهر من أصاحب أبي حنيفة رحمهم الله أنّهم وافقوه مرّة وخالفوه أخرى على حسب ما تتضّح لهم الحجّة، ولم يكن المذهب في الشريعة عُمَريا ولا عَلويا، بل النّسبة كانت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقد كانوا قرونا أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالخير، فكانوا يرون الحجّة لا علماءهم ولا نفوسهم.

فلمّا ذهب التقوى من عامّة القرن الرابع، وكسلوا عن طلب الحجج، جعلوا علماءهم حجّة واتّبعوهم، فصار بعضهم حنفيا وبعضهم مالكياً وبعضهم شافعياً، ينصرون الحجّة بالرجال، ويعتقدون الحجّة بالميلاد على ذلك المذهب، ثمّ كلّ قرن اتّبع عالمه كيفما أصابه بلا تمييز، حتّى تبدّلت السنن بالبدع، فضلّ الحق بين الهوى.)) قاله الإمام أبو زيد الدّبوسي رحمه الله –من أكابر أصحاب أبي حنيفة رحمه الله- في كتاب تقويم الأدلّة في أواخر باب الاستحسان (الفتوى في الإسلام للعلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله ص 149، قصر الكتاب الجزائر 1988م)


وقلتُ أيضا:



9) تعريف التقليد:
التقليد قبول قول المجتهد والعمل به.
وقال القفال في أول شرح التلخيص: هو قبول قول القائل إذا لم يعلم من أين قاله.
وقال الشيخ أبو إسحاق: هو قبول القول بلا دليل.
قال القفال: كأنه جعل قادة له. اهـ (تهذيب الأسماء لابن حزام 3/279 دار الفكر ط1 سنة 1996م )
فمن التعريف السابق يتبيّن لنا انّ التقليد ليس سبيلا إلى العلم ولا طريقا موصلة إليه ولأجل ذلك اتّفقت كلمة العلماء أنّ المقلّد جاهل وإن كان أعلم النّاس بمذهب من يقلّده!

وقلتُ كذلك:


13) هل يجبُ على المسلمين في الجزائر إلتزام مذهب الإمام مالك ولا شيء غيره ؟
يجيبنا الإمام ابن القيّم في كتابه القيّم (إعلام الموقّعين 4/261-263 مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، القاهرة. سنة 1388هـ تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد):
((القول في التمذهب بمذهب معين:
وهل يلزم العامي ان يتمذهب ببعض المذاهب المعروفة ام لا ؟
فيه مذهبان احدهما لا يلزمه وهو الصواب المقطوع به إذ لا واجب إلا ما أوجبه اللهورسوله،ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس ان يتمذهب بمذهب رجل من الامة فيقلده دينه دون غيره وقد انطوت القرون الفاضلة مبرأة مبرا اهلها من هذه النسبة بل لا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به فالعامي لا مذهب له لان المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال ويكون بصيرا بالمذاهب على حسبه أولمن قرأ كتابا في فروع ذلك المذهب وعرف فتاوي إمامه وأقوله وأما من لم يتأهل لذلك ألبتة بل قال أنا شافعي أوحنبلي أوغير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول كما لو قال أنا فقيه أونحوي أوكاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله
يوضحه:
ان القائل إنه شافعي أومالكي أوحنفي يزعم انه متبع لذلك الامام سالك طريقه وهذا إنما يصح له إذا سلك سبيله في العلم والمعرفة والاستدلال.
فأما مع جهله وبعده جدا عن سيرة الامام وعلمه وطريقه فكيف يصح له الانتساب اليه إلا بالدعوى المجردة والقول الفارغ من كل معنى ؟!
والعامي لا يتصور ان يصح له مذهب ولو تصور ذلك لم يلزمه ولا لغيره ولا يلزم أحدا قط ان يتمذهب بمذهب رجل من الامة بحيث يأخذ اقواله كلها ويدع أقوال غيره.

وهذه بدعة قبيحة حدثت في الامة لم يقل بها احد من أئمة الاسلام وهم أعلى رتبة وأجل قدرا وأعلم بالله ورسوله من ان يلزموا الناس بذلك وأبعد منه قول من قال يلزمه ان يتمذهب بمذهب عالم من العلماء وأبعد منه قول من قال يلزمه ان يتمذهب بأحد المذاهب الاربعه.

فيالله العجب ماتت مذاهب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الاسلام وبطلت جملة إلا مذاهب اربعة أنفس فقط من بين سائر الامة والفقهاء!
وهل قال ذلك احد من الائمة أودعا اليه أودلت عليه لفظه واحدة من كلامه عليه ! والذي اوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي اوجبه على من بعدهم الى يوم القيامةلا يختلف الواجب ولا يتبدل وإن اختلفت كيفيته أوقدره باختلاف القدرة والعجز والزمان والمكان والحال فذلك أيضا تابع لما أوجبه الله ورسولهومن صحح للعامي مذهبا قال هو قد اعتقد ان هذا المذهب الذي انتسب اليه هو الحق فعليه الوفاء بموجب اعتقاده وهذا الذي قاله هؤلاء لو صح للزم منه تحريم استفتاء اهل غير المذهب الذي انتسب اليه وتحريم تمذهبه بمذهب نظير إمامه أوأرجح منه أوغير ذلك من اللوازم التي يدل فسادها على فساد ملزوماتها.
بل يلزم منه أنه إذا رآى نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقول خلفائه الاربعة مع غير إمامه ان يترك النص وأقوال الصحابة ويقدم عليها قول من انتسب اليه!!!

وعلى هذا فله ان يستفتى من شاء من أتباع الائمة الاربعة وغيرهم ولا يجب عليه ولا على المفتى ان يتقيد بأحد من الائمة الاربعة بإجماع الامة كما لا يجب على العالم ان يتقيد بحديث اهل بلده أوغيره من البلاد بل إذا صح الحديث وجب عليه العلم به حجازيا كان أوعراقيا أوشاميا أومصريا أويمنيا)).
إلى أن قال عليه رحمة الله:
((ولكن ليس له ان يتبع رخص المذاهب واخذ غرضه من أي مذهب وجده فيه بل عليه اتباع الحق بحسب الامكان)) اهـ
تبيّن لنا ممّا قاله الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى أنّه:
* لا يجب على أيّ مسلم الإلتزام بمذهب معيّن دون غيره مهما بلغ صاحب هذا المذهب من العلم والفقه في الدّين.
** وأنّه لا يكون الإنسان مالكيا أو شافعيا أو حنبليا بمجرّد الدعاوى الفارغة الخالية من البراهين والحجج، فمن ادّعى الإنتساب إلى الإمام مالك طالبناه بالإلتزام بأصول الإمام مالك رحمه الله تعالى.
ومن بين تلك الأصول التي بنا عليها الإمام مالك مذهبه وفقهه: ((كلًّ يؤخذُ من كلامه ويردُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم)) ولو كنّا مضطرين إلى الإلتزام بأقوال وفتاوى ومذهب شخص بعينه بحيث لا نخرج عمّا يُقرّرهُ هذا الشخص قيد أُنمُلَة لالتزمنا بمذهب من هو أعلم من مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ابن حنبل وغيرهم ممّن جاء بعدهم- وهم الصحابة رضوان الله عليهم وتابعيهم رحمهم الله تعالى.
فكيف نُعرض عن الفاضل إلى المفضول ؟؟
قال الحافظ أبو محمد ابن حزم رحمه الله (المحلى1/168 دار الآفاق الجديدة بيروت): ((فإن كان التقليد جائزا فتقليد من ذكرنا من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أولى من رحمة أبي حنيفة ومالك والشافعي)) اهـ.
ومع ذلك فإنّه لا يجوز لنا أن نلتزم بمذهب صحابي واحد دون غيره وإن كان في جلالة أبي بكر وعمر فضلا عن غيرهما. ذلك أنّه لم ينقل لنا عن أحد من الصحابة ولا من التابعين من كان بكريا ولا عمريا ولا علويا ولا عُثمانيا بل كان الرجل منهم إذا تيسّر له أن يسأل أبا بكر سأله وإن تيسّر له سؤال أبي هريرة سأله وهكذا، ذلك لأنّهم كانوا يُؤمنون أنّ العصمة لا تكون لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمّا هذا التعصّب للأشخاص فما كانوا يعرفونه ولا شمّوا رائحته ولو من بعيد وإنّما كانوا رضي الله عنهم أزكى وأطهر وأفقه من ذلك بكثير. وقد تقدّم كلام الإمام أبي زيد رحمه الله في المقدّمة فراحعه واحفظه فإنّه مهم.
سئل شيخ اّلإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى :
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين - في رجل سُئل إيش مذهبك ‏؟‏ فقال‏:‏ محمدي أتبع كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
فقيل له‏:‏ ينبغي لكل مؤمن أن يتبع مذهبا ومن لا مذهب له فهو شيطان.
فقال‏:‏ إيش كان مذهب أبي بكر الصديق والخلفاء بعده - رضي الله عنهم - ‏؟‏
فقيل له‏:‏ لا ينبغي لك إلا أن تتبع مذهبا من هذه المذاهب. فأيهما المصيب ‏؟‏
أفتونا مأجورين.
فأجاب‏:‏ الحمد لله‏.‏
إنما يجب على الناس طاعة الله والرسول وهؤلاء أولوا الأمر الذين أمر الله بطاعتهم في قوله‏:‏ ‏((وأطيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ منكُم))‏ ‏(النساء‏:‏ 59‏)‏، إنما تجب طاعتهم تبعا لطاعة الله ورسوله لا استقلالا ثم قال‏:‏ ‏((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً))‏ ‏‏.
‏ وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يوجبه ويخبر به بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.
واتباع شخص لمذهب شخص بعينه لعجزه عن معرفة الشرع من غير جهته إنما هو مما يسوغ له ليس هو مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق بل كل أحد عليه أن يتقي الله ما استطاع ويطلب علم ما أمر الله به ورسوله فيفعل المأمور ويترك المحظور‏.
‏ والله أعلم. اهـ (مجموع الفتاوى 20/208-209 جمع ابن القاسم)
قال أيضا عليه رحمة الله: ((إنّه متى اعتقد أنّه يجب على النّاس اتّباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمّة الأربعة دون الآخر، فإنّهُ يجبُ أن يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتلَ...)) (مختصر الفتاوى المصرية ص46) (المقدّمة السلفية ص129)
فقد تبيّن من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله –وهو من هو!- أنّه لا يجب على المسلمين إلتزام مذهب بعينه دون آخر.
وكلّ ما في الأمر أنّ الإنسان يسوغ له: أي يجوز له –وفرق بين المُباح والواجب!- أن يُقلّد شخصا بعينه إذا عجز هو عن معرفة أحكام الشرع من غير هذه الوسيلة دون تعصّب بشرط أن يترك قوله إذا تبيّن له خلافه من السنّة الصحيحة أو الإجماع وغيرهما من أدلّة الأصول.

أبو عبد الرحمن يوسف 24-05-2008 05:50 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الاثري (المشاركة 169998)
المقصود من البحث الحث على الأخذ بالحديث الصحيح ونبذ التكودن والتعصّب المذهبي المبني على تقديس الرجال ...

وليس المقصود الطعن في الإمام مالك أو في السادة المالكية ... حاشا وكلا ...

وليس المقصود الإمام مالك فقط ...

بل هذا البحث ينطبق على كل عالم مجتهد له أتباع ....

وهذا البحث كتبته خصيصا ردا على دُعاة تقديس الرجال والتعصّب المذهبي في الجزائر ..

ولو قرأت المقدّمة لاتضّح لك ذلك .

يبدو لي اخي الكريم لا تعرف ان الاستاذ رميته يقدس الرجال
الا تعلم انه يقدس الصوفي القبوري حسن البنا
لقد حذف لي موضوعا كاملا عن فكر حسن البنا
بكل بساطة لاني بينت فيه عقيدة هذا الرجل أي حسن البنا

رميته 24-05-2008 07:50 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 

13- إذا أردت أخي رضا الله ثم رضا الناس : وإذا أردت أن تتخلص من التعصب فعليك بالعلم , لكن من كل العلماء قديمهم ومعاصرهم ، من الإخوان ومن جماعة الجهاد والدعوة والتبليغ ومن علماء الرأي والأثر ومن المفسرين والأصوليين والفقهاء والمفكرين والدعاة والفلاسفة والسياسيين و ستـتخلص عندئذ بإذن الله تلقائيا من التعصب , وتُصبح مسلما معتدلا محبوبا من الله ومن الناس ، وستـتعلم عندئذ الدينَ بحق ، وسترى بأن الدينَ أوسعُ وأرحبُ مما كنت تظن ، وستعرفُ عندئذ بأنك تعرف شيئا بسيطا فقط من الدين , وبأن ما تجهله أكثر بكثير مما تعلمه .
14 – من الأولى بالسلفية ؟ : أنا أتعجب ثم أتعجب من الأخ العزيز الذي يعتز بالسلفية , ويكاد يقدسُ الألباني وبن باز والعتيمين و ... ثم يطعنُ في كل وقت - بطريقة مباشرة وغير مباشرة , تلميحا وتصريحا - في العلماء القدامى , وعلى رأسهم الفقهاء الأربعة ( مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين ) . إن هذا والله شيء عجاب !!!. إن الفقهاء الأربعة - الذين كانوا تابعين وتابعي تابعين - أولـى بالسلفية والسلف الصالح من الألباني وبن باز والعتيمين وغيرهم من المعاصرين , ببساطة : لأن الأولين لم يكن بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا 100 سنة أو أقل قليلا أو أكثر قليلا - وهم أعلم بالله وبالرسول وبالكتاب وبالسنة - والبعض منهم عاصر الصحابة رضي الله عنهم , بل إن البعض منهم بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الإمام مالك رضي الله عنه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يوشك أن يضربَ الناسُ أكبادَ الإبلِ يطلبون العلمَ ، فلا يجدونأحداً أعلمَ من عالِمِ المدينة " . أخرجه الترمذي , وهو حديث حسن صحيح . قال العلماء : وعالم المدينة هو مالك بن أنس رضي الله عنه , وهو الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم . والإمام مالك هو العالم الذي عرفتُ أكثرَ من شاب هنا في الجزائر – صغيرٌ في سنة ضعيفٌ في مستواه الثقافي ضحلٌ في علمه الديني - يستهزئُ به ويسخر منه , ويقول عنه " الإمام الهالك "! .
قلتُ : إن الأولين لم يكن بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا 100 سنة أو أقل قليلا أو أكثر قليلا , وأما المتأخرون فبينهم وبين الصحابة 14 قرنا تقريبا . إذن من الأولى بالسلفية من العلماء ؟ من ؟!. قل لي بالله عليك أخي الكريم !.
15- بين السلفية والمالكية : ومن المغالطات البينة وضع السلفية في كفة والمالكية في كفة أخرى ، مظهرين أنهما ضدان لا يجتمعان ، كُتبتْ بينهما العداوة والبغضاء أبدا ما قامت السماوات والأرض ( ولقد سمعتُ الكثير من الشباب السلفي الجاهل المتعصب يسخرُ من مالك ويستهزئ به ويقول عنه " هو ليس مالك وكفى ولكنه مالك الهالك !!! " ) ، بينما تأبى الطبيعة العلمية إلا تفـنيدَ هذا كله ، وتُـقر في ثبات راسخ لا يلين أن الإمام مالكا رحمه الله إمامٌ للسنة وإمامٌ للسلفية ، وذلك لأن السلفية بمعنى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة الخيرين هو الدين الذي يريده الله تعالى لعباده شرعا ، ويرتضيه منهجا ، ومالك رحمه الله من الأئمة الذين نبذوا البدع واتبعوا السنن وحضوا عليها ، ونفروا الناس من التقليد ونهوهم عنه , إن كانت لهم أهلية الاستنباط . أما من لم يملك هذه الأهلية - أي أهلية الإجتهاد - فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، و لا يُخرجه تقليد إمام من الأئمة المشهود لهم بالفضل والعلم وحسن المعـتقد عن السلفية كما يظن البعض . ومنه يمكن أن تكون من المقلدين لمالك رضي الله عنه في الفقه وأنت سلفي في نفس الوقت بلا أي تناقض , كما يمكنك أن تقلد بن باز وأنت سلفي بلا تناقض , بل إن مالكا رضي الله عنه أولى بكل تأكيد بالسلفية من أي عالم من علماء القرن العشرين بمن فيهم الألباني وبن باز والعتيمين .
يتبع في الغد بإذن الله تعالى :
...

algeroi 24-05-2008 07:58 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
قال الخضري في تاريخ التشريع الإسلامي (ص 358-359):

" أما في هذا الدور الذي سرت فيه روح التقليد ، فقد جرهم ذلك إلى الدفاع عن مسائل أئمتهم كما قلنا ، وطلب منهم الأمراء أن يجولوا أمامهم في ميدان المناظرة ، فجرهم ذلك الى ما سخطه الامام الغزالي ، والى تعصب كل فريق لما يدافع ويجادل عنه ، واعتداده خصماً كما يعبر بذلك عنه. ونزل فريق منهم الى العداء وتبعهم في ذلك العامة ، وكاد يصل به الأمر إلى تحريم أن يقتدي أحد في الصلاة بمخالفه في المذهب اعتماداً على قاعدة لا ندري متى وجدت وهي أن العبرة في الاقتداء بمذهب المأموم لا بمذهب الإمام ، ومن المعلوم أن كثيراً من صلاة الشافعية لا تصح في نظر الحنفي ، فإن الشافعي لا يتوضأ من خروج الدم من جسمه لأن ذلك لا ينقض الوضوء عند إمامه ، وكذلك الحنفي لا يتوضأ من مس امرأة أجنبية لأن هذا لا ينقض الوضوء عنده ، وبذلك وأمثاله يوجد الشك في قلب المأموم إذا اقتدى بمخالفه في المذهب ، ولا ندري كيف قالوا ذلك مع تسامح الأئمة في الاجتهاد ، والخلاف ، واعتبار أن ما أدى اليه اجتهاد المجتهد واجب أن يعمل به في حقه ، ولا يجوز أن يتعداه إلى غيره ، فمقتضى تلك النظرية أني أعتبر صلاة كل مجتهد صحيحة ، ويخرج من ذلك أن العبرة في الاقتداء بمذهب الإمام لا بمذهب المأموم ، ولكن التعصبات المذهبية أرادت أن تؤكد الفصل بين الجماعات ".


قال ابن رشد (2 / 160 - 161) :

" فإن هذا الكتاب إنما وضعناه ليبلغ به المجتهد في هذه الصناعة رتبة الاجتهاد إذا حصل ما يجب له أن يحصل قبله من القدر الكافي له في علم النحو واللغة وصناعة أصول الفقه ، ويكفي من ذلك ما هو مساو لجرم هذا الكتاب أو أقل ، وبهذه الرتبة يسمى فقيهاً لا بحفظ مسائل الفقه ولو بلغت في العدد أقصى ما يمكن أن يحفظه انسان كما نجد متفقهة زماننا ، يظنون أن الأفقه هو الذي حفظ مسائل أكثر ، وهؤلاء عرض لهم شبيه ما يعرض لمن ظن أن الخفاف هو الذي عنده خفاف كثيرة لا الذي يقدر على عملها ! ومن البين أن الذي عنده خفاف كثيرة سيأتيه انسان بقدم لا يجد في خفافه ما يصلح لقدمه فيلجأ الى صانع الخفاف ضرورة ، وهو الذي يصنع لكل قدم خفاً يوافقه ، فهذا هو مثال أكثر المتفقهة في هذا الوقت ".
قلت : فليتأمل في كلام هذا الفقيه الذين يخصون المشتغل بحفظ المسائل الفقهية بالسؤال عن أمور دينهم بدعوى أنه فقيه ! ......عن الشيخ الالباني ر حمه الله

algeroi 24-05-2008 08:30 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
رأي دعاة السنة في المذاهب "عن الشيخ الامام محمد ناصر الدين الالباني" :

وأما ترك المذاهب كلها ، فعزو هذا إلى الدعاة إلى السنة لا يخلو مما يوهم خلاف ما هم عليه ، ودفعاً لذلك أرى أنه لا بد من بيان رأيهم في المذاهب وموقفهم منها فأقول :

من المعلوم عند العلماء أن المذاهب الأربعة وغيرها ليست آراؤها متفقة في كل الأحكام الشرعية ، بل هي فيها على ثلاثة أقسام :

1- قسم منها متفق عليه ، كتحريم التشبه بالكفار -مثلاً-.

2- وقسم فيه خلاف ، ولكنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، مثل أدعية الاستفتاح والتشهد .

3- وقسم فيه اختلاف شديد لا يمكن الجمع بين الآراء المختلفة فيه بوجه من وجوه الجمع المعروفة لدى العلماء ، مثل : مس الرجل المرأة ونقض الوضوء به ، فإن فيه ثلاثة أقوال مشهورة : النقض ، وعدمه ، والفرق بين أن يكون المس بشهوة فينقض وإلا فلا.

وإذا كان الأمر كما فصلنا ، فكيف يعزو الشيخ للدعاة إلى السنة أنهم " يرون ترك المذاهب كلها " ! مع أن هذا الترك يستلزم الإعراض عما فيها من الحق المسلم به لديهم ؟! أليس هذا من الأدلة الكثيرة على أن الشيخ لا يتحرى الصواب حين يتهم خصومه في الرأي بما هم براء منه ؟
ولعلم أنصار السنة بما سبق من التفصيل يضطرون إلى أن يبحثوا عن الحق في المذاهب كلها ، ليس خارجاً عنها ، ولا في مذهب معين منها ، وهذا البحث قد بين لهم فضل أئمة المذاهب ، وعلمهم ، ودقة فهمهم للكتاب والسنة ، وتنبهوا بسبب ذلك لكثير من دقائق المسائل المستنبطة من الكتاب والسنة ، فاستفادوا بسببهم علوماً كثيرة في أوقات يسيرة ، لولاهم لما وصلوا إليها ، فجزاهم الله عن المسلمين خيراً.
ولهذا فإن أنصار السنة أعرف بفضل الأئمة وعلمهم من أتباعهم الذين يقلدونهم على جهل بطرق الاستنباط والاستدلال ، والله تعالى يقول : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ).
هذا ، ثم إن الدعاة إلى السنة لما تبين لهم بعد البحث في المذاهب أن فيها الخلاف المذكور في القسم الثالث ، لم يجيزوا لأنفسهم أن يتمسكوا بمذهب معين فيها ، لأنهم علموا أن الصواب في الخلاف المذكور ليس محصوراً في مذهب واحد منها ، بل هو مشاع بين جميعها ، فالحق في المسألة الفلانية في المذهب الفلاني ، وفي المسألة الفلانية في المذهب الفلاني وهكذا سائر المسائل ، فلو أنهم تمسكوا فيها بالمذهب لأضاعوا كثيراً من الحق الوارد في المذاهب الأخرى وهذا لا يجوز عند مسلم عارف .
ولما كان لا سبيل لمعرفة الحق مما اختلف فيه الناس إلا بالرجوع إلى السنة على ما بيناه فيما سبق ، جعلها الدعاة إلى السنة الأمل الذي يرجعون إليه ، والأساس الذي يبنون آراءهم وأفكارهم عليه .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه لما كان الأئمة قد بذلوا جهوداً مشكورة في سبيل توضيح السنة وتقريبها للناس وبيان الأحكام الممكن استنباطها منها ، فإن الدعاة إلى السنة لا يسعهم إلا الاستفادة من علمهم والاستعانة بآرائهم على فهم الكتاب والسنة ، وبذلك يجمعون بين المحافظة على الأصل ( السنة ) وبين تقدير الأئمة قدرهم اللائق بهم ، وذلك مما وصى به السلف أتباعهم ، فقال عبد الله بن المبارك -رضي الله عنه-: " ليكن الأمر الذي تعتمدون عليه هذا الأثر ، وخذوا من الرأي ما يفسر لكم الحديث "(11) .
ذلك رأي الدعاة إلى السنة في المذاهب ، وذلك موقفهم من أئمتها ، فهل فيه ما يحمل المنصف على الطعن بهم والتنفير منهم ؟ أم ذلك ما ينبغي أن يكون عليه كل مسلم عرف الفرق بين كلام المعصوم وكلام غيره ، ثم لم ينس الفرق بين الغاية والوسيلة ؟

نموذج "عملي" من الرد على المخالف ..

algeroi 24-05-2008 08:40 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 170147)
13- إذا أردت أخي رضا الله ثم رضا الناس : وإذا أردت أن تتخلص من التعصب فعليك بالعلم , لكن من كل العلماء قديمهم ومعاصرهم ، من الإخوان ومن جماعة الجهاد والدعوة والتبليغ ومن علماء الرأي والأثر ومن المفسرين والأصوليين والفقهاء والمفكرين والدعاة والفلاسفة والسياسيين و ستـتخلص عندئذ بإذن الله تلقائيا من التعصب , وتُصبح مسلما معتدلا محبوبا من الله ومن الناس ، وستـتعلم عندئذ الدينَ بحق ، وسترى بأن الدينَ أوسعُ وأرحبُ مما كنت تظن ، وستعرفُ عندئذ بأنك تعرف شيئا بسيطا فقط من الدين , وبأن ما تجهله أكثر بكثير مما تعلمه .


...

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:

(فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة, وينصح لهم, ويأمرهم باتباع أمره, وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة, فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ ,ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة ,وربما أغلظوا في الرد, لا بغضا له ,بل هو محبوب عندهم معظم في نفوسهم , لكن رسول الله أحب إليهم, وأمره فوق أمر كل مخلوق , فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره,فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع, ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورا له ,بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه)
التعليق على (إيقاظ الهمم) (ص 93)

و يقول الشيخ الدكتور عبد الكريم البرجس
في هذا الزمان اختل معيار كثير من العامة في تقييم العلماء، فجعل كل من وعظ موعظة بليغة ، أو ألقى محاضرات هادفة ، أو خطب الجمعة مرتجلا ... عالماً يرجع اليه في الافتاء ويؤخذ العلم عنه.
وهذه رزية مؤلمة ، وظاهرة مزرية ، تطاير شرارها ، وعم ضررها ، إذا هى إسناد العلم الى غير أهله ، وإذا وسد الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة.

فليحذر الطالب من أخذ العلم عن هؤلاء ، الا اذا كانوا من أهل العلم المعروفين ، فما كل من أجاد التعبير كان عالما ، ولا كل من حرف وجوه الناس اليه بالوقيعة في ولاة أمور المسلمين ، أو بذكر نسب وفيات الايدز ونحوها يكون عالما.
وليس معنى ما تقدم -كما يفهم البعض- عدم الاستماع اليهم ، أو الانتفاع بمواعظهم ، كلا ، إنما المراد عدم أخذ العلم الشرعى عنهم ، وعدم رفعهم الى منازل العلماء ، والله الموفق.

من عوائق الطلب .. أخذ العلم عن الأصاغر

أبو عبد الرحمن يوسف 24-05-2008 09:40 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 170147)
... ثم يطعنُ في كل وقت - بطريقة مباشرة وغير مباشرة , تلميحا وتصريحا - في العلماء القدامى , وعلى رأسهم الفقهاء الأربعة ( مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين ) . إن هذا والله شيء عجاب ...

كلام خطير و اتهام خطير من الاستاذ رميته ضد الاخ غريب الاثري و هذا عند الاستاذ الكريم ليس من السب و الشتم طبعا
هنا تكون خالفت قوانين المنتدى لانك طعنت في عضو
اين وجدت طعن الاخ غريب الاثري في الفقهاء الاربعة
هذا كذب واضح يا استاذ على اخي غريب الاثري
قل و ردد فقط معي لعنة الله علي ان كنت كاذبا

رميته 24-05-2008 10:33 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
لقد قلت في بداية ردي ما يلي , وبالحرف :
شكرا جزيلا لصاحب الموضوع على موضوعه الطيب .
جعله الله ثقيلا في ميزان حسناته يوم القيامة , آمين .
ومع ذلك أنا أضيف لما قال الأخ الفاضل مكملا لا مناقضا , وأنا أخاطب به نفسي وأي مسلم , ولا أخاطبه هو بالذات ".

وأنا الآن أكرر ما قلته " أنا أخاطب جهلة متعصبين أعرف مئات منهم في ولايات جزائرية مختلفة , ونجد مثلهم في كل مكان خاصة في ال 20 أو ال 25 سنة الأخيرة , فمن انطبق عليه ما أقول فأنا أقصده , ومن لم ينطبق عليه فكلمتي هي فقط تحذير لي وله من التعصب الذي لا يأتي إلا من الجهل " .
إذن أنا لا أخاطب الأخ الكريم غريب الأثري لا من قريب ولا من بعيد .

وأما اتهامي بأنني أكذب فليس هذا هو الاتهام الأول ولا أظن أنه سيكون الأخير.
أنا بعتُ عرضي لكل مسلم سبني بالأمس أو اليوم أو في الغد القريب أو البعـيد . سامح الله كل من سبني أو اتهمني بالباطل وبدل الله له سيئاته حسنات وجعله الله من أهل الفردوس الأعلى بالجنة .
مهما استفزني من يسبني فلن أقابل سيئاته معي إلا بالحسنات وبالدعاء بالخير , ولن أسبه أبدا. ولن أمل من الإحسان إليه والدعاء له بالخير إلا عندما يتوقف هو عن سبي وشتمي .
هذا فيما يتعلق بحقي أنا , وأما ما تعلق بحق المنتدى وأهله , فما دمتُ مشرفا وفي القسم الإسلامي بالذات لن أسمح لأي عضو أن ينتهك قوانين المنتدى خاصة بسب أعضاء أو علماء أو دعاة أو جماعات إسلامية تنتمي لأهل السنة والجماعة . ننتقد الأفكار والآراء , نعم , ولكن لا نجرح الأشخاص أو الهيئات أو الجماعات أو ...
وفقني الله وأهل المنتدى جميعا لكل خير.

محمد عبد الكريم 24-05-2008 10:34 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟


اقتباس :"....وأخيرا:
أيّ الفريقين أولى بالصواب ؟لستُ أشكُّ أنّ من قرأ هذا البحث المتواضع سيقتنعُ –بالرغم من ضعف أسلوبي وقلّة علمي- أنّ الواجب على المسلم أن يتّبع السنّة أيّا كانت وفي أيّ شأن كانت وإن خالفت المذهب السائد في بلده والذي نشأ وتربّى عليه.
وكلّ عاقل يعلمُ أنّه سيُسألُ عن مدى استجابته لرسوله صلى الله عليه وسلّم لا عن مدى استجابته لأبي حنيفة أو مالك أو غيرهما.
وقد قال تعالى: ((ويوم يُناديهم ماذا أجبتم المرسلين)) ولم يقل سبحانه: ماذا أجبتم مالكا و لا غيره، فالله الله في السنّة والحذر الحذر من مخالفتها وقد تقدّم ما صحّ عن ابن عبّاس أنّه قال: ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء: أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم وتقولون قال أبو بكر وعمر ؟!!)) أو كما قال رضي الله عنه.
هذا آخر ما جال به خاطري وقدرت على جمعه في هذه العجالة ولعلّي لم أعطي الموضوع حقّه فأنا لستُ أهلا لذلك ولكن ما لا يُدرك كلّه لا يُتركُ كلّه أو كما يُقال.
هذا وأسأل الله أن يردّنا إلى ديننا ردّا جميلا وأن يقينا الفتن والشبهات في الدين والدنيا وأن يصرف عنّا بقدرته تعالى دعاة الشرّ والفتنة وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه......."




-في الحقيقة لم أكن أحب أن ادخل في سجال فيما يخص هذا الموضوع المشبوه ولكنه استفزني "العنوان" ، وصاحبه يصر على اعادتة ، الى رأس القائمة ولو بالتحاور مع نفسه أو شريكه في مونولوغ ،... أولا هناك مغالطة كبيرة جدا في طريقة طرح السؤال بهذه الصيغة المركبة ،كأن مالكا إمام دار الهجرة ،ومن أخيار السلف الصالح رضي الله عنه أو منهجه ومذهبه الفقهي يستهين أو يتجاوز ويخالف ببساطة ما صح لديه من السنة النبوية الشريفة ؟

- ياجماعة هذا موضوع يمثل نموذج ،لأطروحات المندسين ...فهو مثال على ضرب مصداقية "السلف" الصالح بمسمى السلفية المدعاة زورا وبهتانا...،
-وكيف يمهد ويمكن للمغالطة المشبوهة برفع مسمى صحيح الحديث الى درجة الأيات القرآنية في الدرجة العلمية اليقينية للصحة التامة التي لا تقبل الشك في كون الآيات " وحي"، أنزل...بخلاف الأحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي تحمل روايتها وصحتها..‘لى عهدة من "رواها" ومن "صححها"....وهذا هو الفرق الجوهري بين الآيات المنزلة ، والأحاديث المروية ....وعملية الاصرار على مساواة الايات بالأحاديث هدفها ، اعطائها نفس درجة القوة التشريعية والتحكيمية في الأحكام والنوازل ، بالمغالطة التي تحاول تمرير "رواية منقولة" بأنها يقينا "وحيا"....حتى يتسنى الاستغناء أو التعويض عن الآية بالحديث أو حتى تجاوز آية وغض الطرف عنها ، بحديث مروي...مادام يتساويان في الدرجة. مما يمثل تعطيلا للقرءان بالحاديث المروية ، أي السلفية الوهابية من اهدافها تعطيل بعض الكتاب ببعض الحديث ، ....

- علينا أن نعرف أن "الاصحاحات "، وهي كتب كتبت بعد حوالي 200سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث حاول المشتغلين بالحديث الشريف ،...عملية جبارة وحساسة جدا بالبحث والنبش والفحص والمقارنة والأخذ والرد لجمع الحديث النبوي الشريف ،...واتبع كل منهم طريقته الخاصة في تصنيف الأحاديث وترتيبها وتصحيحها وتضعيفها أو حتى ردها ...وبالتالي لدينا أكثر من اصحاح ...وعندما يقال حديث صحيح ، فهذا على عهدة من صححه أي الامام مسلم أو الامام البخاري أو غيره ...فهناك ماصح عند الامام مسلم ولم يصح عند غيره ..وهناك ماصح عند غيره ولم يصح لديه ...وهكذا....
- وعندما نعلم أن الامام مالك رضي الله عنه ...كان من السابقين لأصحاب الاصحاحات ..بل الأحرى ان يكونوا هم من التابعين للامام مالك وليس العكس....نعرف جيدا أن ...ما صح عند الامام مالك ...وهو امام دار الهجرة ، ومفتي المدينة ، كان الأحرى بالضرورة أن يصح عند أهل الاصحاحات...، فإرث الامام مالك يعتبر في حد ذاته حجة في قبول أو رد حديث أو اثبات صحته ...وهكذا....
- وعندما نعلم أن أتباع وفقهاء المذهب النمالكي هم من أحرص الناس على السنة النبوية الشريفة ، بل حتى مذهب "سد الذرائع" العلميالفقهي ينسب للامام مالك ،..ويهدف الى غلق الأبواب أمام الشبهات ،والتوافه التي قد تقود للعظائم من الأخطاء والانحرافات....

-نقول فقط لهؤلاء ، ما هكذا "...تورد الابل ياسعد...." ، لا يستدل على استقامة المسطرة ، بتطابقها مع الخط ...بل يستدل على استقامة الخط بتطابقه مع المسطرة...لأن المسطرة أصلا سميت بذلك لأنها مستقيمة بطبيعتها...أما الخط ، فهو الذي يحتمل الاعوجاج والانحراف وعدم الاستقامة ....، وما يريد أن يمرره صاحبنا هو ببساطة عندما يقول بامكانية مخالفة المنهج المالكي لحديث صحيح ...فهو يحاول ان يوهمنا بأننا ....اذا لم تتطابق المسطرة مع الخط المرسوم ....فان الواجب علينا أن نتخلى عن المسطرة ونصنع مسطرة جديدة بحيث تتطابق مع الخط المرسوم للتو...، والسؤال الذي يجب طرحه بالنسبة للمتعبد بالمذهب المالكي اذا لاقى شبهة حديث مروي وماعليه ارث الامام مالك فالأحرى به أن يأخذ بالامام مالك فهو الأسبق ، والأقرب للرسول صلى الله عليه وسلم .....وسلفيته هي الأحق بأن تتبع...لأنه يمثل المسطرة ، ...واصحاب الاصحاحات التي اتت بعده الى غاية يومنا هذا كلها خطوط رسمت باستعمال مسطرة الامام مالك رضي الله عنه

رميته 24-05-2008 10:54 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
محمد عبد الكريم : شكرا جزيلا لك أخي الحبيب على التوضيح الطيب والمبارك , وعلى المثال الجميل والرائع .
قلت فأحسنت القول , ولكن أين هو الذي يقرأ لك ما كتبتَ ويستفيد منه ؟!
لمن تقرأ زبورك يا داوود ؟!.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما , آمين .
ومع ذلك شكرا لصاحب الموضوع , جزاه الله خيرا وبارك الله فيه ونفع الله به وجعله الله من أهل الجنة , آمين .

جمال البليدي 24-05-2008 11:43 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
أستاذ عبد الكريم مع إحتراماتي لك
سأقف معك وقفات يسيرة إن شاء الله فأرجو أن يتسع صدرك

اقتباس:

أولا هناك مغالطة كبيرة جدا في طريقة طرح السؤال بهذه الصيغة المركبة ،كأن مالكا إمام دار الهجرة ،ومن أخيار السلف الصالح رضي الله عنه أو منهجه ومذهبه الفقهي يستهين أو يتجاوز ويخالف ببساطة ما صح لديه من السنة النبوية الشريفة ؟
أرى أنك إعترفت بنفسك أن الإمام مالك ليس معصوما فقررت أن الإمام مالك لا يمكن أن يخالف ما صح لديه من السنة النبوية الشريفة وهنا أوافقك ولكن هل كل الأحاديث وصلت وهل هومعصوم في تفسيرها؟؟؟؟؟
الجواب:ما قاله الإمام مالك نفسه كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر
وبالتالي نحن نأخذ الحق منه ونترك الخطأ خاصة إذا تبين حديث نبوي يخالف رأيه فنحن مطالبون بالإحتكام للكتاب والسنة وليس للإمام المالك إنما العلماء نرجع إليهم فقط ونأخذ ما وافق الدليل

اقتباس:

ياجماعة هذا موضوع يمثل نموذج ،لأطروحات المندسين ...فهو مثال على ضرب مصداقية "السلف" الصالح
أنت قلت السلف فهل السلف ينحصرون في الإمام ومالك رحمه الله؟
السلف هم الصحابة وعلى ـ وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون ـ سادة التابعين، وعلى رأسهم: سعيد بن المسيب (ت بعد 90ه‍)، وعروة بن الزبير
(ت 94ه‍)، وعلي بن الحسين زين العابدين (ت 93ه‍)، ومحمد بن الحنفية (ت بعد 80ه‍)، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (ت 94 أو بعدها)،
و سالم بن عبد الله بن عمر (ت 106ه‍)، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت 106ه‍)، والحسن البصري (ت 110ه‍)، ومحمد بن سيرين (ت 110ه‍)، وعمر بن عبد العزيز (ت 101ه‍)، ومحمد بن شهاب الزهري (ت 125ه‍).

ثم أتباع التابعين، وعلى رأسهم: مالك (ت 179ه‍)، والأوزاعي (ت 157ه‍)، وسفيان بن سعيد الثوري (ت 161ه‍)، وسفيان بن عيينة (ت 198ه‍)، وإسماعيل بن علية (ت 193ه‍)، والليث بن سعد (ت 175ه‍).
ثم أتباع هؤلاء، وعلى رأسهم: عبد الله بن المبارك (ت 181ه‍)، ووكيع بن الجرّاح (ت 197ه‍)، والإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204ه‍)، وعبد الرحمن ابن مهدي (ت 198ه‍)، ويحيى بن سعيد القطّان (ت 198ه‍)، وعفّان بن مسلم (ت 219ه‍).
ثم تلاميذ هؤلاء الذين سلكوا منهجهم، وعلى رأسهم: الإمام أحمد بن حنبل (ت 241ه‍)، ويحيى بن معين (ت 233ه‍)، وعلي بن المديني (ت 234ه‍).
ثم تلاميذهم كالبخاري (ت 256ه‍)، ومسلم (ت261ه‍)، وأبي حاتم (ت 277ه‍)، وأبي زُرعة (ت 264ه‍)، وأبي داود (ت 275ه‍)، والترمذي
(ت 279ه‍)، والنسائي (303هـ).

ثم مَن جرى مجراهم في الأجيال بعدهم، كابن جرير (ت 310ه‍)، وابن خزيمة (ت 311ه‍)، والدارقطني (ت 385ه‍) في زمنه، والخطيب البغدادي (ت 463ه‍)، وابن عبد البر النمري (ت 463ه‍)، وعبد الغني المقدسي (ت600هـ)، وابن قدامة (ت 620ه‍)، وابن الصلاح (ت 643ه‍)، وابن تيمية (ت 728ه‍)، والمزّي (ت 743ه‍)، والذهبي (ت 748ه‍)، وابن كثير (ت 774ه‍)؛ وأقران هؤلاء في عصورهم ومَن تلاهم واقتفى أثرهم في التمسُّك بالكتاب والسنة إلى يومنا هذا.
وكل هؤلاء يؤخذ من قوله ويرد والحث يدور معهم مهما إختلفو
هؤلاء هم السلف فلا يجوز حصرهم في إمام واحد
لأن الله تعالى قال"(والسابقونَ الأولونَ من المهاجرينَ والأنصار والَّذينَ اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنّاتٍ تجري مِن تحتَها الأنهارُ خالدينَ فيها أبداً ذلكَ الفوزُ العظيمُ) ]التوبةُ: 100
فالتابعون بإحسان جاءت بصيغة الجمع وليس الإفراد

اقتباس:

وكيف يمهد ويمكن للمغالطة المشبوهة برفع مسمى صحيح الحديث الى درجة الأيات القرآنية في الدرجة العلمية اليقينية للصحة التامة التي لا تقبل الشك في كون الآيات " وحي"، أنزل...بخلاف الأحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي تحمل روايتها وصحتها..‘لى عهدة من "رواها" ومن "صححها"....وهذا هو الفرق الجوهري بين الآيات المنزلة ، والأحاديث المروية ....وعملية الاصرار على مساواة الايات بالأحاديث هدفها ، اعطائها نفس درجة القوة التشريعية والتحكيمية في الأحكام والنوازل ، بالمغالطة التي تحاول تمرير "رواية منقولة" بأنها يقينا "وحيا"....حتى يتسنى الاستغناء أو التعويض عن الآية بالحديث أو حتى تجاوز آية وغض الطرف عنها
1-القرآن أعلى منزلة من السنة
2-السنة الصريحة لا تخالف الآيات ألبتة
3-الإعتماد على السنة الصحيحة لا يعني الإستغناء عن القرآن بل السنة تفسر القرآن وتفصله
مثال:الصلاة أمرنا بها في القرآن ولكن هل جاء عدد ركعاتها وكيفية أدائها في القرآن؟
الجواب:لا ولكن قال النبي عليه الصلاة والسلام"صلو كما رأيتموني أصلي"
ونفس الشيء يقال للحج والصوم وغيرها من الأحكام فالسنة دائما مفصلة للقرآن
4-منزلة السنة من القرآن الكريم:
أ- من حيث الاحتجاج بها: والرجوع إليها لاستنباط الأحكام الشرعية فهي من الكتاب
في منزلة ومرتبة واحدة من حيث تحليل الحلال وتحريم الحرام، قال صلى الله عليه
وسلم: «أوتيت القرآن ومثله معه».
ب- من حيث ثبوت الأحكام: فالسنة مع الكتاب من حيث دلالتها على ما فيه وعلى غيره
على ثلاثة أنوع:
النوع الأول: سنة مقررة ومؤكدة، فهي دالة على الحكم كما دل عليه الكتاب مثل
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه». [رواه أحمد
وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7662]، فإنه موافق لقوله تعالى: وَلاَ
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 188].
النوع الثاني: سنة جاءت بيانًا لما أريد بالكتاب، كأن تفصِّل مجمله، أو توضح
مشكله، أو تقيد مطلقه، أو تخصص عامه، أو تنسخ حكمًا ثبت به.
أ- فمن السنة المبينة لمجمل الكتاب: الأحاديث الواردة في بيان كيفية الصلاة
والحج ومقادير الزكاة وأنواع المعاملات كحديث: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
وحديث: «خذوا عني مناسككم». [رواه مسلم]، فالصلاة والأمر بها جاء مجملاً في
القرآن، وكذلك الزكاة والحج وبينته السنة.
ب- ومن السنة الواردة لتوضيح ما أشكل فهمه: تفسيره صلى الله عليه وسلم الخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187] بأنه بياض النهار وسواد الليل.
جـ- ومن السنة المخصصة للعام: قوله صلى الله عليه وسلم: «القاتل لا يرث». [رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4436]، فقد خصص العموم الوارد في قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّـه فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأُنْثَيَيْنِ
[النساء: 11].
د- ومن السنة المقيدة للمطلق: قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حينما أراد أن يتصدق بثلثي ماله... لا، قال: فالنصف، قال: لا، قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير. فقد قيدت قوله تعالى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا [النساء: 11]، فالآية بينت أن الوصية مطلقة في كل المال والسنة قيدتها بالثلث.
هـ- ومن السنة التي وردت ناسخة لحكم ثبت بالكتاب: على قول من يجوز نسخ الكتاب بالسنة قوله صلى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث». [رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع 7570]، نسخت قوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة: 180].

يتبع بإذن الله.....................

جمال البليدي 25-05-2008 12:04 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

وعندما يقال حديث صحيح ، فهذا على عهدة من صححه أي الامام مسلم أو الامام البخاري أو غيره ...فهناك ماصح عند الامام مسلم ولم يصح عند غيره ..وهناك ماصح عند غيره ولم يصح لديه ...وهكذا....
هنا عليك أن تدرس أصول علم جرح والتعديل ومتى يكون التعديلمقدما ومتى يكون الجرح مقدم
وممن نأخذ الجرح والتعديل؟؟
وما الفرق بين الجرح المفسر والجرح الغير المفسر؟
هذا علم آخر وهو من أشرف علوم الدين ولكن هذا لا يبرر ترك السنة وقد بينت لك منزلتها من القرآن وهي تشريع أيضا
والسنة أيضا وحي


قال الله تعالى وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وقال: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وقال: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ .
قال غير واحد من السلف: الحكمة هي السنة؛ لأن الذي كان يُتْلَى في بيوت أزواجه رضي الله عنهن سوى القرآن هو سننه صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه .


اقتباس:

وعندما نعلم أن الامام مالك رضي الله عنه ...كان من السابقين لأصحاب الاصحاحات ..بل الأحرى ان يكونوا هم من التابعين للامام مالك وليس العكس....نعرف جيدا أن ...ما صح عند الامام مالك ...وهو امام دار الهجرة ، ومفتي المدينة ، كان الأحرى بالضرورة أن يصح عند أهل الاصحاحات...، فإرث الامام مالك يعتبر في حد ذاته حجة في قبول أو رد حديث أو اثبات صحته ...وهكذا....
ولكن هناك الكثير من الأحاديث لم تصله و وصلت غيره وهناك أحاديث وصلته ولم تصل غيره وهذا من أسباب الخلافات بين الأئئمة الأربعة
لهذا كانو يحثون على عدم التعصب والقول بالرجوع إلى الحديث
وممن تكلم عن هذا البلاء الخطير وعما انحدر عليه المتعصبون للمذاهب الفخر الرازي عند تفسير قوله تعالى ) اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون ( ([42]).
قال عند تفسير هذه الآية عن أحد شيوخه المحققين "قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله في بعض المسائل وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات .. فلم يلتفتوا إلهيا وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب ، يعنى كيف يمكن العمل بظاهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت بخلافها ).
هذه من أئمة الشافعية يشهد على أناس من أهل المذاهب أنهم يردون آيات قرآنية وإذا احتج الإنسان بالآيات يبهتون ويقفون مدهوشين كيف يمكن العمل بهذه الآيات وهي تخالف مذهبنا ؟ فهذا الرازي منتم لمذهب الشافعي لكن لا ينحدر به التعصب الأعمى إلى المنحدر الذي يهوى إليه كثير من المتعصبين . كذلك أبو شامة والنووي وابن حجر يعالجون بعض هذه القضايا .
أما ابن القيم رحمه الله وغيره فقد كتبوا في ذلك المؤلفات ، وما كتاب (إعلام الموقعين) للإمام ابن القيم ـ في أربعة مجلدات ـ إلا علاج لهذا البلاء الخطير ، بلاء التعصب الأعمى والتقليد الأعمى .
قال الفخر الرازي : (ولو تأملت حق التأمل لوجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثر من أهل الدنيا داء التعصب للمذاهب وللرأي وللفكر وللسياسة وللحزب سار في أكثر الناس ـ وكيف لو رأى وعايش وعاصر هذا الوقت ورأى فيه العجائب مما هو أدهى وأمر مما كان حاصلاً في عهده ؟
وقال بعد ذلك : ليس المراد من الآيات أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم ، بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم ، ثم ذكر أوجهاً ثلاثة أخرى وقال : وكل هذه الوجوه الأربعة مشاهد وواقع في هذه الأمة


والحمد لله رب العالمين على نعمة الإسلام والسنة

رميته 25-05-2008 08:27 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 

16- " نحن ندعو الله ليجعلنا سلفيين 17 مرة على الأقل في اليوم والليلة " : قال شيخٌ أو إمام متعصب في ولاية ميلة , ومن خلال درس من دروسه المسجدية [ نحن نقول في كل ركعة من صلواتنا المفروضة , ونحن نقرأ الفاتحة " اهدنا الصراط المستقيم " , ومعناها " يا رب أرشدنا لطريق السلفية الصحيح , يا رب اهدنا إلى السلفية الحقة , يا رب احينا سلفيين وأمتنا سلفيين وابعثنا يوم القيامة سلفيين !. إذن أيها المستمعون الكرام إعلموا أننا ندعو الله ليجعلنا سلفيين 17 مرة على الأقل في اليوم والليلة , فاحرصوا إذن على السلفية وعضوا عليها بالنواجذ " !!!. وهذا بطبيعة الحال كذبٌ واضحٌ وصريح من هذا المتعصب والجاهل , كذبٌ على الدين وعلى الله تعالى وعلى المسلمين وعلى نفسه هو .
وهذا كلامٌ لا يجوز أبدا أن يكونَ درسا دينيا , بل لا يصلحُ إلا كنكتة " بايخة " قد تُضحكُ وقد تُبكي .
يقول الشيخ عائض القرني " من أوجب على الناس منهجا غير الإسلام : سلفيا كان أو إخوانيا أو غيره يوجبه وجوبا يستتاب , وإلا قتل !! " .
17- بين الاتباع والتقليد : بعض العلماء يقسمون الناس إلى مجتهد ومتبع ومقلد كما تقول أنت أخي الكريم , لكن هناك آخرين من علماء الفقه والأصول الذين قسموا الناس إلى قسمين فقط : مجتهد ومقلد . وإذا اعتبرتَ أنت نفسك متبعا لا تأخذ إلا بقول الفقيه الذي ترى أنه لم يخالف كتابا ولا سنة , فيجبُ عليك أن لا تتعصب ضدي أنا إذا أخذتُ الفقهَ من الفقيه مباشرة من دون أن أسأله عن دليله .

18- إن دليلي أخي هو قولُ الفقيه : ودليلَ الفقيه هو الكتابُ والسنةُ , والله قال: " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ". واللهُ لا يعذبنا مادمنا نأخذُ من العلماء , كما قال الإمام الشافعي . ولم يثبت أن طالب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن لا يأخذوا حكما من عالم إلا إذا قدم لهم الدليلَ على صحة ما قال كما تدعي أنتَ أخي . ثم أيعقل أن يكلف كل الناس بالبحث عن الدليل على كل حكم ديني تعلموه ؟!. إن الله لو طلب منا ذلك لكلفنا ما لا نطيق , وحاشاه سبحانه أن يفعل ذلك !.
يتبع بإذن الله تعالى : ...

algeroi 25-05-2008 10:19 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 170147)
13- إذا أردت أخي رضا الله ثم رضا الناس : وإذا أردت أن تتخلص من التعصب فعليك بالعلم , لكن من كل العلماء قديمهم ومعاصرهم ، من الإخوان ومن جماعة الجهاد والدعوة والتبليغ ومن علماء الرأي والأثر ومن المفسرين والأصوليين والفقهاء والمفكرين والدعاة والفلاسفة والسياسيين و ستـتخلص عندئذ بإذن الله تلقائيا من التعصب , وتُصبح مسلما معتدلا محبوبا من الله ومن الناس ، وستـتعلم عندئذ الدينَ بحق ، وسترى بأن الدينَ أوسعُ وأرحبُ مما كنت تظن ، وستعرفُ عندئذ بأنك تعرف شيئا بسيطا فقط من الدين , وبأن ما تجهله أكثر بكثير مما تعلمه .
...

من عوائق الطلب .. أخذ العلم عن الأصاغر

يزعم "الاستاذ" هداه الله ان الدراسة عند اهل البدع على مختلف اتجاهاتهم ومللهم ونحلهم علامة للتفتح وعدم التعصب ولا يدري المسكين انه وبقوله هذا قد فتح الباب على مصراعيه ليدعي من شاء ما شاء من دعوى وينسبها للاسلام زورا وبهتانا ..
ونقول لل"استاذ" ومن على شاكلته من اهل "التمييع" انكم بقولكم هذا قد خالفتم ائمة الاسلام في القديم والحديث ويكفي لبيان تهافت اقوالكم قصفها بنقول طيبة عن ائمة الفتوى والاجتهاد

فعن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه كان يقول
"انظروا عمن تاخذون هذا العلم فانما هو دين" عن الكفاية للخطيب ص121
وقد نقل هذا الاثر عن جملة من السلف منهم ابن سيرين والضحاك بن مزاحم وغيرهم


وعن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال

"دينك دينك انما هو لحمك و دمك فانظر عمن تاخذ خذ عن الذين استقاموا و لا تاخذ عن الذين مالو" الكفاية للخطيب ص121

ولذا يروى عن عمرو بن قيس الملالي احد ائمة السلف انه كان يقول
"اذا رايت الشاب اول ما ينشا مع اهل السنة فارجه واذا رايته مع اهل البدع فاياس منه" ابن بطة في الابانة ص 205


ومن الآثار ما رواه ابن عبد البر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال

"لا يزال الناس بخير ما اخذوا العلم عن اكابرهم فاذا اخذوه عن اصاغرهم وشرارهم هلكوا"
جامع بيان العلم ص284

قال النووي الامام رحمه الله

" ومنها اذا راى متفقها يتردد الى مبتدع او فاسق ياخذ عنه العلم وخاف ان يتضرر المتفقه بذلك فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط ان يقصد النصيحة" رياض الصالحين

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:

(فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة, وينصح لهم, ويأمرهم باتباع أمره, وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة, فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ ,ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة ,وربما أغلظوا في الرد, لا بغضا له ,بل هو محبوب عندهم معظم في نفوسهم , لكن رسول الله أحب إليهم, وأمره فوق أمر كل مخلوق , فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره,فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع, ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورا له ,بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه)
التعليق على (إيقاظ الهمم) (ص 93)

وجاء في كتاب فتاوى ائمة المسلمين من فتوى لبعض علماء المغرب
"والمطلوب المؤكد من الشخص ان يعمل بما يوافق الكتاب والسنة ويترك كل ما عدا ذلك وكل من كره السنة والعمل بها كافر يجب البعد عنه ومن كان من المشايخ مرتكبا للبدعة تاركا للسنة يجب التباعد عنه وهجره ومقاطعته ولا يجوز تلقي العلم عنه لانه مفسدة للدين واي مفسدة اكبر من ذلك" فتاوى ائمة المسلمين بقطع السنة المبتدعين جمع محمود محمد خطاب السبكي ص 131


و يقول الشيخ الدكتور عبد الكريم البرجس
في هذا الزمان اختل معيار كثير من العامة في تقييم العلماء، فجعل كل من وعظ موعظة بليغة ، أو ألقى محاضرات هادفة ، أو خطب الجمعة مرتجلا ... عالماً يرجع اليه في الافتاء ويؤخذ العلم عنه.
وهذه رزية مؤلمة ، وظاهرة مزرية ، تطاير شرارها ، وعم ضررها ، إذا هى إسناد العلم الى غير أهله ، وإذا وسد الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة.
فليحذر الطالب من أخذ العلم عن هؤلاء ، الا اذا كانوا من أهل العلم المعروفين ، فما كل من أجاد التعبير كان عالما ، ولا كل من حرف وجوه الناس اليه بالوقيعة في ولاة أمور المسلمين ، أو بذكر نسب وفيات الايدز ونحوها يكون عالما.
وليس معنى ما تقدم -كما يفهم البعض- عدم الاستماع اليهم ، أو الانتفاع بمواعظهم ، كلا ، إنما المراد عدم أخذ العلم الشرعى عنهم ، وعدم رفعهم الى منازل العلماء ، والله الموفق.

ويقول الشيخ العلامة بكر ابو زيد رحمه الله تحت عنوان التلقي عن المبتدع من الحلية
التلقي عن المبتدع:


احذر ”أبا الجهل” المبتدع، الذي مسه زيغ العقيدة، وغشيته سحب الخرافة، يحكم الهوى ويسميه العقل، ويعدل عن النص،وهل العقل إلا في النص؟! ويستمسك بالضعيف ويبعد عن الصحيح، ويقال لهم أيضاً: ”أهل الشبهات” ، و ”أهل الأهواء”، ولذا كان ابن المبارك رحمه الله تعالى يسمى المبتدعة: ”الأصاغر”.


وقال الذهبي رحمه الله تعالى :
إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث، وهات (العقل)، فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حل فيه، إن جبنت منه فاهرب، وإلا، فاصرعه، وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي، واخنقه” اهـ.


وقال أيضا رحمه الله تعالى :
وقرأت بخط الشيخ الموفق قال: سمعنا درسه –أي ابن أبى عصرون – مع أخي أبى عمر وانقطعنا، فسمعت أخي يقول: دخلت عليه بعد، فقال: لم انقطعتم عنى ؟ قلت: إن أناساً يقولون: إنك أشعري، فقال: والله ما أنا أشعري. هذا معنى الحكاية” اهـ.


وعن مالك رحمه الله تعالى قال :
لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس، وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به”.


فيا أيها الطلب! إذا كنت في السعة والاختيار؛ فلا تأخذ عن مبتدع: رافضي، أو خارجي، أو مرجئ، أو قدري، أو قبوري، 000 وهكذا، فإنك لن تبلغ مبلغ الرجال – صحيح العقد في الدين، متين الاتصال بالله، صحيح النظر، تقفو الأثر – إلا بهجر المبتدعة وبدعهم.
وكتب السير والاعتصام بالسنة حافلة بإجهاز أهل السنة على البدعة، ومنابذة المبتدعة، والابتعاد عنهم، كما يبتعد السليم عن الأجرب المريض، ولهم قصص وواقعيات يطول شرحها ، لكن يطيب لي الإشارة إلى رؤوس المقيدات فيها:
فقد كان السلف رحمهم الله تعالى يحتسبون الاستخفاف بهم، وتحقيرهم ورفض المبتدع وبدعته،ويحذرون من مخالطتهم، ومشاورتهم، ومؤاكلتهم، فلا تتوارى نار سني ومبتدع.
وكان من السلف من لا يصلى على جنازة مبتدع، فينصرف وقد شوهد من العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم (م سنة 1389 هـ) رحمه الله تعالى، انصرافه عن الصلاة على مبتدع.
وكان من السلف من ينهى عن الصلاة خلفهم، وينهى عن حكاية بدعهم، لأن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة.
وكان سهل بن عبد الله التستري لا يرى إباحة الأكل من الميتة.. للمبتدع عند الاضطرار، لأنه باغ، لقول الله تعالى: (فمن اضطر غير باغ 00) الآية، فهو باغ ببدعته .
وكانوا يطردونهم من مجالسهم، كما في قصة الإمام مالك رحمه الله تعالى مع من سأله عن كيفية الاستواء، وفيه بعد جوابه المشهور:”أظنك صاحب بدعة”، وأمر به، فأخرج.
وأخبار السلف متكاثرة في النفرة من المبتدعة وهجرهم، حذراً من شرهم، وتحجيما لانتشار بدعهم، وكسرا لنفوسهم حتى تضعف عن نشر البدع، ولأن في معاشرة السني للمبتدع تزكية له لدى المبتدئ والعامي – والعامي: مشتق من العمى، فهو بيد من يقوده غالباً.
ونرى في كتب المصطلح، وآداب الطلب، وأحكام الجرح والتعديل: الأخبار في هذا .
فيا أيها الطالب ! كن سلفيا على الجادة، واحذر المبتدعة أن يفتنوك، فإنهم يوظفون للاقتناص والمخاتلة سبلا، يفتعلون تعبيدها بالكلام المعسول – وهو: (عسل) مقلوب – وهطول الدمعة، وحسن البزة،والإغراء الخيالات، والإدهاش بالكرامات، ولحس الأيدي، وتقبيل الأكتاف 00 وما وراء ذلك إلا وحم البدعة، ورهج الفتنة، يغرسها في فؤادك، ويعتملك في شراكه، فوالله لا يصلح الأعمى لقيادة العميان وإرشادهم.
أما الأخذ عن علماء السنة، فالعق العسل ولا تسل.


وفقك الله لرشدك، لتنهل من ميراث النبوة صافياً، وإلا، فليبك على الدين من كان باكياً.
وما ذكرته لك هو في حالة السعة والاختيار، أما إن كنت في دراسة نظامية لا خيار لك، فاحذر منه، مع الاستعاذة من شره، باليقظة من دسائسه على حد قولهم:”اجن الثمار وألق الخشبة في النار”، ولا تتخاذل عن الطلب، فأخشى أن يكون هذا من التولي يوم الزحف، فما عليك إلا أن تتبين أمره وتتقى شره وتكشف ستره.
ومن النتف الطريفة أن أبا عبد الرحمن المقرئ حدث عن مرجئ، فقيل له: لم تحدث عن مرجئ ؟ فقال:”أبيعكم اللحم بالعظام” .
فالمقرئ رحمه الله تعالى حدث بلا غرر ولا جهالة إذ بين فقال:”وكان مرجئاً”.
وما سطرته لك هنا هو من قواعد معتقدك، عقيدة أهل السنة والجماعة، ومنه ما في ”العقيدة السلفية” لشيخ الإسلام أبى عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (م سنة 449 هـ)، قال رحمه الله تعالى :
ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالأذان وقرت في القلوب، ضرت وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت وفيه أنزل الله عز وجل قوله:”وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره” أ هـ.
وعن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له: صبيغ، قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن؟ فأرسل إليه عمر رضى الله عنه وقد أعد له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عرجوناً من تلك العراجين، فضربه حتى دمى رأسه، ثم تركه حتى برأ ثم عاد ثم تركه حتى برأ، فدعي به ليعود، فقال: إن كنت تريد قتلى فاقتلني قتلاً جميلاً فأذن له إلى أرضه، وكتب إلى أبى موسى الأشعري باليمن: لا يجالسه أحد من المسلمين. [رواه الدارمي].
وقيل: كان متهماً برأي الخوارج.
والنووي رحمه الله تعالى قال في كتاب ”الأذكار”:
“باب: التبري من أهل البدع والمعاصي”.
وذكر حديث أبى موسى رضى الله عنه:”أن رسول الله صلي الله عليه وسلم برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة”. متفق عليه.
وعن ابن عمر براءته من القدرية. رواه مسلم .
والأمر في هجر المبتدع ينبني على مراعاة المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها، وعلى هذا تتنزل المشروعية من عدمها، كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع .
والمبتدعة إنما يكثرون ويظهرون، إذا قل العلم، وفشا الجهل. وفيهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها، ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال، ويكشف ما في خلافها من الإفك والشرك والمحال” أ هـ.
فإذا اشتد ساعدك في العلم، فاقمع المبتدع وبدعته بلسان الحجة والبيان، والسلام

algeroi 25-05-2008 04:37 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
فوائد متعلقة بالفتوى بقلم ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ......

تقديم ...
يحاول استاذ الفيزياء التلبيس على قرائه بتصوير مخالفيه بصورة من يلزم العامة بالاجتهاد في الفتوى والاستقلال عن علماء الشريعة وهو امر من الخطورة بمكان ذلك ان الله عز وجل لم يكلف الا سنان الا في حدود الاستطاعة و الاجتهاد والفتوى ليست الا لمن جمع شروطها المعتبرة كما قرره الائمة وعليه فالزام العامة او السماح لهم بولوج باب الافتاء امر خطير وهو تكليف لهم بغير مستطاع اتفاقا وعليه اردت ان ابين تهافت قول الاستاذ وان جهله وعدم تحريره لمذهب مخالفيه قد قاده الى التجني على المخالفين ووصفهم بما هم منه براء ولعل النقل اسفله عن العلامة ابن قيم الجوزية كفيل بسحق هذه الشبهة الممجوجة بل الفرية الساقطة في ميدان البحث العلمي وحوار المخالفين اترككم مع خمس فوائد اخرى عن الإمام الحافظ شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية يشرح فيها الامام بعض قواعد الفتوى على اصول مذهب من المذاهب وهل للمقلد ان يفتي بما يخالف اصول مذهبه وماذا يصنع في حال فقد المرجح بين اقوال ائمة المذهب وغيرها من المسائل

الفائدةالاولى

هل للمنتسب إلى مذهب الإفتاء بغيره ؟
هل للمنتسب إلى تقليد إمام معين أن يفتي بقول غيره ؟ لا يخلو الحال من أمرين إما أن يُسْأل عن مذهب ذلك الإمام فقط فيقال له ما مذهب الشافعي مثلا في كذا وكذا ؟ أو يُسْأل عن حكم الله الذي أداه إليه اجتهاده؛ فإن سُئل عن مذهب ذلك الإمام لم يكن له أن يخبره بغيره إلا على وَجْه الإضافة إليه، وإن سئل عن حكم الله من غير أن يقصد السائل قول فقيه معين؛ فههنا يجب عليه الإفتاء بما هو راجح عنده وأقرب إلى الكتاب والسنة من مذهب إمامه أو مذهب من خالفه، لا يسعه غير ذلك، فإن لم يتمكن منه وخاف أن يؤدي إلى ترك الإفتاء في تلك المسألة لم يكن له أن يفتي بما لا يعلم أنه صواب؛ فكيف بما يغلب على ظنه أن الصواب في خلافه ؟ ولا يسع الحاكم والمفتي غير هذا البتة؛ فان الله سائلهما عن رسوله وما جاء به، لا عن الإمام المعين وما قاله، وإنما يُسأل الناس في قبورهم ويوم معادهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فيقال له في قبره ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بُعِثُ فيكم ؟ ( ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ) [ القصص : 65] ولا يسأل أحد قط عن إمام ولا شيخ ولا متبوع غيره، بل يسأل عمن اتبعه وأئتم به غيره، فلينظر بماذا يجيب ؟ وليعدَّ للجواب صوابا .
وقد سمعت شيخنا رحمه الله يقول جاءني بعض الفقهاء من الحنفية فقال أستشيرك في أمر، قلت وما هو ؟ قال أريد أن انتقل عن مذهبي، قلت له ولم ؟ قال لأني أرى الأحاديث الصحيحة كثيرا تخالفه، واستشرت في هذا بعض أئمة أصحاب الشافعي فقال لي لو رجعت عن مذهبك لم يرتفع ذلك من المذهب، وقد تقررت المذاهب، ورجوعك غير مفيد، وأشار عليَّ بعض مشايخ التصوف بالافتقار إلى الله والتضرع إليه وسؤال الهداية لما يحبه ويرضاه، فماذا تشير به أنت عليّ ؟ قال فقلت له أجعل المذهَبَ ثلاثة أقسام، قسم الحق فيه ظاهر بين موافق للكتاب والسنة فاقض به وأفْتِ به طيب النفس منشرح الصدر، وقسم مرجوح ومخالفُه معه الدليل فلا تُفْتِ به ولا تحكم به وادفعه عنك، وقسم من مسائل الاجتهاد التي الأدلة فيها متجاذبة؛ فإن شئت أن تفتي به وإن شئت أن تدفعه عنك، فقال جزاك الله خيرا، أو كما قال .
وقالت طائفة أخرى منهم أبو عمرو بن الصلاح، وأبو عبد الله بن حمدان . من وجد حديثا يخالف مذهبه فإن كملت آلة الاجتهاد فيه مطلقاً أو في مذهب إمامه أو في ذلك النوع أو في تلك المسألة فالعمل بذلك الحديث أولى، وإن لم تكمل آلته ووَجَد في قلبه حَزَازة من مخالفة الحديث بعد أن بَحَث فلم يحد لمخالفته عنده جوابا شافيا فلينظر هل عمل بذلك الحديث إمام مستقل أم لا ؟ فإن وجده فله أن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث ويكون ذلك عذرا له في ترك مذهب إمامه في ذلك، والله أعلم .


الفائدة الثانية
هل للمفتي أن يفتي بمذهب غير مذهب إمامه
هل للمفتي المنتسب إلى مذهب إمام بعينه أن يفتي بمذهب غيره إذا ترجَّح عنده ؟ فإن كان سالكا سبيل ذلك الإمام في الاجتهاد ومتابعة الدليل أين كان . وهذا هو المتبع للإمام حقيقة ـ فله أن يفتي بما ترجَّح عنده من قول غيره، وإن كان مجتهدا متقيدا بأقوال ذلك الإمام لا يَعْدُوها إلى غيرها فقد قيل ليس له أن يفتي بغير قول إمامه؛ فإن أراد ذلك حكاه عن قائله حكاية مَحْضة .
الصواب في المسألة
والصواب أنه إذا ترجح عندهُ قولُ غير إمامه بدليل راجح فلا بد أن يخرج على أصول إمامه وقواعده؛ فإن الأئمة متفقة على أصول الأحكام، ومتى قال بعضهم قولا مرجوحا فأصوله ترده وتقتضي القول الراجح، فكل قول صحيح فهو يخرج على قواعد الأئمة بلا ريب؛ فإذا تبين لهذا المجتهد المقيد رُجحان هذا القول وصحة مأخذه خرج على قواعد إمامه فله أن يفتي به، وبالله التوفيق .
وقد قال القفال لو أدى اجتهادي إلى مذهب أبي حنيفة قلت مذهب الشافعي كذا، لكني أقول بمذهب أبي حنيفة؛ لأن السائل إنما يسألني عن مذهب الشافعي؛ فلا بد أن أعرفه أن الذي أفتيته به غير مذهبه، فسألت شيخنا قدس الله روحه عن ذلك، فقال أكثر المستفتين لا يخطر بقلبه مذهب معين عند الواقعة التي سأل عنها، وإنما سؤاله عن حكمها وما يعمل به فيها، فلا يسع المفتي أن يفتيه بما يعتقد الصواب في خلافه .


الفائدة الثالثة
ماذا يصنع المفتي إذا اعتدل قولان
إذا اعتدل عند المفتي قولان ولم يترجح له أحدهما على الآخر، فقال القاضي أبو يعلى له أن يفتي بأيهما شاء، كما يجوز له أن يعمل بأيهما شاء، وقيل بل يخير المستفتي فيقول له أنت مخير بينهما؛ لأنه إنما يفتي بما يراه، والذي يراه هو التخيير، وقيل بل يفتيه بالأحْوَط من القولين .
قلت الأظهر أنه يتوقف، ولا يفتيه بشيء حتى يتبين له الراجح منهما؛ لأن أحدهما خطأ، فليس له أن يفتيه بما لا يعلم أنه صواب، وليس له أن يخيره بين الخطأ والصواب، وهذا كما إذا تعارض عند الطبيب في أمر المريض أمْرَان خطأ وصواب ولم يتبين له أحدهما لم يكن له أن يُقْدم على أحدهما، ولا يخيره، وكما لو استشاره في أمر فتعارض عنده الخطأ والصواب من غير ترجيح لم يكن له أن يشير بأحدهما ولا يخيره، وكما لو تعارض عنده طريقان مهلكة وموصلة ولم يتبين له طريق الصواب لم يكن له الإقدام ولا التخيير، فمسائل الحلال والحرام أوْلى بالتوقف . والله أعلم .

الفائدة الرابعة
اتباع الأئمة يفتون بما رجع عنه الأئمة من أقوال
أتْبَاع الأئمة يفتون كثيرا بأقوالهم القديمة التي رَجَعوا عنها، وهذا موجود في سائر الطوائف؛ فالحنفية يفتون بلزوم المنذورات التي مَخْرَجُها مخرج اليمين كالحج والصوم والصدقة، وقد حكوا هم عن أبي حنيفة أنه رجع قبل موته بثلاثة أيام إلى التكفير، والحنابلة يفتي كثير منهم بوقوع طلاق السكران، وقد صرح الإمام أحمد بالرجوع عنه إلى عدم الوقوع كما تقدم حكايته، والشافعية يفتون بالقول القديم في مسألة التثويب، وامتداد وقت المغرب، ومسألة التباعد عن النجاسة في الماء الكثير، وعدم استحباب قراءة السورة في الركعتين الأخيرتين، وغير ذلك من المسائل، وهي أكثر من عشرين مسألة، ومن المعلوم أن القول الذي صرح بالرجوع عنه لم يبق مذهبا له، فإذا أفتى المفتي به مع نصه على خلافه لرجحانه عنده لم يخرجه ذلك عن التمذهب بمذهبه، فما الذي يحرم عليه أن يفتي بقول غيره من الأئمة الأربعة وغيرهم إذا ترجح عنده ؟ فإن قيل الأول قد كان مذهباً له مرة، بخلاف مالم يقل به قط .
قيل هذا فرق عديم التأثير؛ إذ ما قال به وصرح بالرجوع عنه بمنزلة مالم يقله، وهذا كله مما يبين أن أهل العلم لا يتقيدون بالتقليد المحض الذي يهجرون لأجله قول كل من خالف من قلدوه .
وهذه طريقة ذميمة وخيمة، حادثة في الإسلام، مستلزمة لأنواع من الخطأ، ومخالفة الصواب، والله أعلم


الفائدة الخامسة
حكم العامي لا يجد من يفتيه
إذا نزلت بالعامى نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها ففيه طريقان للناس، أحدهما: أن له حكم ما قبل الشرع، على الخلاف في الحظر والإباحة والوقف؛ لأن عدم المرشِدِ في حقه بمنزلة عدم المرشد بالنسبة إلى الأمة . والطريقة الثانية: أنه يُخَرَّجُ على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد، هل يعمل بالأخف أو بالأشد أو يتخير ؟ والصواب أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله، وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة، ولم يسوِّ الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه بحيث لا يتميز هذا من هذا، ولا بد أن تكون الفِطَرُ السليمة مائلة إلى الحق، مؤثرة له، ولا بد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة ولو بمنام أو بإلهام، فإن قدر ارتفاع ذلك كله وعدمت في حقه جميع الأمارات فهنا يسقط التكليف عنه في حكم هذه النازلة، ويصير بالنسبة إليها كمن لم تبلغة الدعوة، وإن كان مكلفا بالنسبة إلى غيره؛ فأحكام التكليف تتفاوت بحسب التمكن من العلم والقدرة، والله أعلم .

غريب الاثري 25-05-2008 05:00 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
بارك الله في الأخ الفاضل algeroi ورزقه العلم النافع والعمل الصالح

algeroi 25-05-2008 05:34 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
لماذا يدعو دعاة السنة للعودة إلى السنة عن الشيخ الالباني رحمه الله:

وإني قبل الشروع في بيان ما في كلام الأستاذ .... من الأخطاء ، أرى لزاماً علي أن أبين الأسباب التي تحمل دعاة السنة على الدعوة إليها ، وترك كل قول يخالفها فأقول :

أولاً : إنها المرجع الوحيد بعد القرآن الكريم ، وفي ذلك آيات كثيرة معروفة وعلى ذلك إجماع الأمة .

ثانياً : إنها عصمة من الوقوع في الخطأ وأمان من التردي في الضلال كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حجة الودع : " يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه " (4) ، وليس كذلك اجتهادات الرجال وآراؤهم ، ولذلك قال الإمام مالك -رضي الله عنه- : " إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في رأي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه " (5) ، وقال شريح القاضي : " إن السنة سبقت قياسكم ، فاتبعوا ولا تبتدعوا ، فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر "(6).

ثالثأ : إنها حجة ملزمة باتفاق المسلمين ، بخلاف آراء الرجال فإنها غير ملزمة عند السلف(7) وغيرهم من المحققين ، قال الإمام أحمد -رضي الله عنه - : " رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وانما الحجة في الآثار (8) .

رابعاً : إنه لا يمكن لطالب العلم أن يصير فقيهاً حقاً إلا بدراستها ، فهي وحدها بعد القرآن الكريم تؤهله لأن يستنبط ويقيس قياساً صحيحاً إذا أعوزه النص ، فلا يقع مثلاً في مثل الأخطاء التي يقع فيها الجهال بها ، كقياس الفرع على الفرع ، أو الضد على الضد ، أو القياس مع وجود النص ، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله-(9) : " إن أصح الناس قياساً أهل الحديث ، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب كان قياسه أصح ، وكلما كان عن الحديث أبعد كان قياسه أفسد ".

خامساً : إنه لا يمكن القضاء على ما دخل في المسلمين من البدع والأهواء إلا من طريق السنة ، كما أنها سد منيع للوقوف في وجه المذاهب الهدامة ، والآراء الغربية التي يزينها أصحابها للمسلمين ، فيتبناها بعض دعاتهم ممن يدعي التجديد والإصلاح ونحو ذلك !

سادساً : إن المسلمين اليوم قد شعروا -على اختلاف مذاهبهم وفرقهم- أن لا مناص لهم من الاتحاد ونبذ الخلاف حتى يستطيعوا الوقوف صفاً واحداً تجاه أعدائهم ، وهذا لا يمكن إلا بالرجوع إلى السنة لما سبق ذكره في الأسباب ( 1، 2، 3).

سابعاً : إنها تقرن مع ما تحمله من أحكام مرغبات في تنفيذها ، ومرهبات عن التساهل بها ، وذلك أسلوب النبوة ، وروح الشرع ، مما يجعل أصحابها أرغب في القيام باحكامها من الذين يأخذونها من كتب الفقه العارية عن الدليل ، وهذا أمر مشهود ما أظن أن أحداً حتى من المتعصبين للمذاهب ينكره.

ثامناً : إن المتمسك بها يكون على مثل اليقين في الأحكام التي يأخذها منها ، بخلاف المقلدين الجهال بها ، فإنهم يضلون بين الأقوال الكثيرة المتضاربة التي يجدونها في كتبهم ، ولا يعرفون خطأها من صوابها ، ولذلك قد يفتي أحدهم في مسألة بقولين متعارضين ، فيقول مثلاً : يجوز ذلك عند أبي حنيفة ، ولا يجوز عند صاحبيه ، مع أن السنة الصحيحة الصريحة مع أحد القولين ، ولكنه لجهله بها يحكي القول المعارض لها ، بدون إنكار منه له ، ولو بطريق الإشارة ، فيلقي بذلك المستفتي في الحيرة ! بل إن بعضهم يجعل القولين المتناقضين كشريعتين محكمتين يجوز للمسلم أن يأخذ بأيهما شاء ! بل إن بعض الشافعية أجاز لنفسه أن يفتي بالقول الذي يعطى عليه أجراً أكبر !

تاسعاً: إن السنة تسد الطريق على الذين يريدون أن يتحللوا من الإسلام باسم المذاهب الفقهية نفسها ، ويتخذون من التلفيق باسم المصلحة ما يؤيد حجتهم ! ولا يعجزون أن يجدوا في ثنايا المذاهب في كل مسألة من الممسائل ما يوافق ويؤيد " مصلحتهم " المخالفة للسنة(10) ، وهم لذلك يحاربون الرجوع إلى السنة ، لأنها تسد الطريق عليهم كما قلنا ، وتكشف تسترهم وراء المذاهب و " سعة الشريعة الإسلامية بسعة الأقوال الكثيرة ، والاجتهادات الغزيرة والثروة الفقهية الطائلة التي قل أن تخرج مسألة عنها " ؟! والله أعلم بما يوعون.

فهذه بعض الأسباب التي تحضرني الآن مما يحمل أنصار السنة على الدعوة إليها ، وإيثارها على خلافها ، فكيف لا يدعون الناس إليها ويرغبونهم في الاهتداء بهديها ، والاستنارة بنورها ؟ بل كيف لا يفدون أرواحهم في سبيلها ؟

فالعجب ممن يريد أن يصدهم عنها ، ويحملهم على تركها إلى التمسك بالمذهب ، مع أن إمامه يأمر بالرجوع لها ، وتسليم القياد لها ، هيهات هيهات !
.................................................. ..........................................


ردالامام البيهقي رحمه الله على منكري السنة النبوية

يقول السيوطي في رسالته الطليقة (مفتاح الجنة) :

"قال البيهقي: باب بطلان ما يحتج به بعض من رد السنة من الأخبار التي رواها بعض الضعفاء في عرض السنة على القرآن،

قال الشافعي رحمه الله:
احتج عليّ بعض من رد الأخبار بما روى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما جاءكم عني فاعرضوه على الكتاب، فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فأنا لم أقله" ، فقلت له: ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغير أو كبير، وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية.اهـ كلام الشافعي.

قال البيهقي:
أشار الإمام الشافعي إلى ما رواه خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود، فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه السلام، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس فقال: "بأن الحديث سيفشو عني، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم يخالف القرآن فليس عني".

قال البيهقي:
خالد مجهول، وأبو جعفر ليس صحابياً، فالحديث منقطع .

وقال الشافعي:
ليس يخالف الحديث القرآن، ولكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين معنى ما أراد خاصاً أو عاماً، وناسخاً ومنسوخاً. ثم التزم الناس ما سن بفرض الله، فمن قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن الله قبل، ثم ذكر السيوطي بقية كلام البيهقي حول الحديث، وقد نقل البيهقي عن الإمام الشافعي نقولاً كثيرة في هذا الصدد نختار منها الآتي:

قال البيهقي:

قال الإمام الشافعي رحمه الله:
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أوجه:

أحدها:
ما أنزل الله فيه نص كتاب، فسن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل نص الكتاب.

ثانيها:
ما أنزل فيه جملة كتاب، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله معنى ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عاماً أو خاصاً، وكيف أراد أن يأتي به العباد
.
ثالثها:
ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص كتاب، فمنهم من قال: جعله الله له بما افترض من طاعته، وسبق في علمه من توفيقه له ورضاه أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب، ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب، كتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة، وكذلك ما سن من البيوع وغيرها من التشريع، لأن الله تعالى ذكره قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} ، وقال: {وَأَحَلَّ اللّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ، فما أحل وحرم مما بين فيه عن الله كما بين في الصلاة، ومنهم من قال: بل جاءته به رسالة الله فثبتت سنته بفرض الله تعالى .

ومنهم من قال:
كل ما سن، وسنته هي الحكمة التي ألقيت في روعه من الله تعالى" انتهى كلام الشافعي.

وقال الشافعي في موضع آخر:
"كل ما سن فقد ألزمنا الله تعالى اتباعه، وجعل اتباعه طاعته، والعدول عن اتباعه معصيته، التي لم يعذر بها خلقاً، ولم يجعل له في اتباع سنن نبيه مخرجاً".

قال البيهقي:
"باب ما أمر الله به من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والبيان أن طاعتَه طاعتُه"، ثم ساق الآيات التالية: قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ، وقال عزّ من قائل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} ، إلى غيرهما من الآيات البينات التي مضمونها أن طاعةَ رسوله طاعتُه سبحانه، وأن معصيتَه معصيتُه تعالى.

ثم أورد البيهقي رحمه الله: حديث أبي رافع رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أُلفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به، أو نهيت عنه يقول: لا أدري؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" .

ومن حديث المقدام بن معدي كرب قال:"(إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أشياء يوم خبير كالحمار الأهلي وغيره" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يقعد رجل على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله" .

ثم قال البيهقي رحمه الله:
وهذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يكون بعده من رد المبتدعة حديثه، فوجد تصديقه فيما بعد.

ومما قاله الإمام البيهقي في هذا المقام:
"ولولا ثبوت الحجة بالسنة لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته بعد تعليمه من شهده أمر دينهم: "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع" .

رميته 25-05-2008 11:55 PM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 

19- لماذا تقدم قول الفقيه على الكتاب والسنة ؟! :
من مظاهر الجهل عند البعض من إخواننا - سامحهم الله وعلمني الله وإياهم - أنك عندما يقول لك الواحد منهم ( قال الله أوقال الرسول كذا ) , وتقول له أنت ( قال الإمام مالك كذا أو قال بن حزم كذا أو قال القرضاوي كذا أو قال فلان كذا ) , فيرد عليك الأخ عندئذ مستنكرا و..." كيف أقول لك ( قال الله أو قال الرسول ) , وتقول أنت ( قال مالك ) ؟! . هل تقدم قول مالك على قول الله والرسول ؟!".
والحقيقة التي يجهلها هذا الأخ أو يتجاهلها هو أننا لا نقدم أبدا كلام أحد على كلام الله والرسول , ولكننا نقدم فهم الفقيه للكتاب والسنة على فهمي أنا وفهمك أنت للكتاب والسنة " . الكتاب والسنة دليلان للفقيه وأما أنا وأنت ( العامة والمقلدون ) فدليلنا ليس الكتاب والسنة , وإنما دليلنا قول العالم " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " لأن العالم يفهم الكتاب والسنة أكثر بكثير مني ومنك . والذي يجوز له أن يعترض على العالم هو العالم , لا أنا وأنت .
والله أعلم .

20- أنا أتبع الله والرسول , ولكنني لست سلفيا : الله قال
" إن الدين عند الله الإسلام " ولم يقل شيئا آخر مثل" والمذهب عند الله هو السلفية ". والله قال " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " , ولم يذكر شيئا آخر كقوله " ومن يبتغ غير السلفية مذهبا فلن يقبل منه ". والله سيسأل الإنسان في قبره " من هو ربك وما هو دينك ومن هو نبيك ؟ " ولن يسأله أبدا "ما هو مذهبك ؟ ". وهكذا ...
وكلمة " سلفي " كلمة مستحدثة لم ترد في آية ولا في حديث صحيح , ومنه فالأفضل الاكتفاء بما ورد في الكتاب والسنة فقط " . إذا قلتَ أنتَ أخي السلفي " أنا مسلم " لم يختلف معك أحد منا , وأما إذا قلتَ " أنا سلفي " فسيختلف معك الكثيرون منا , حيث يقول لك الواحد منا " لستُ إخوانيا ولا سلفيا ولا تبليغيا ولا تكفيريا ولا سروريا ولا صوفيا ولا أشعريا ولا ماتريديا ولا ... وإنما أنا مسلم وكفى " .
قال الله تعالى " إن الدين عند الله الإسلام " , " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " " هو سماكم المسلمين من قبل " " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين", ... الله قال ( ومن يشاقق الرسول منبعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) , يعني الذي لا يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين فهو متوعد بالنار , ولكن الله لم يقل أبدا ورسول الله لم يقل أبدا بأن " السلفية " هي إتباع الرسول والصحابة . ومنه فأنا أتبع الرسول والصحابة ولكنني لستُ سلفيا , والكثير من المسلمين - عامة وعلماء - يقولون كما أقول أنا .
والنبي عليه الصلاة والسلام تحدث عن ثلاث وسبعين فرقة في الإسلام كلها متوعدة بالنار إلا واحدة , وهي في إحدى الروايات " ما أنا عليه وصحابتي " , ولكن الرسول لم يقل أبدا " إلا واحدة , وهي السلفية ". ومنه فأنا على ما كان عليه الرسول والصحابة ولكنني لست سلفيا , والكثير من المسلمين - عامة وعلماء - يقولون كما أقول أنا .
والله وحده أعلم بالصواب .
وما زلتُ أقول وأردد وأؤكد على أن مصيبة إخواننا هنا وهناك , مصيبتهم الكبرى هي في تعصبهم الذي لا يمكن أن يأتي إلا من جهل .
أو مصيبة الواحد منهم ( وأنا لم أسم أحدا , وإنما أنا أتحدث عن متعصبين متزمتين متشددين , جاهلين ) هو أنه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري , وهذه هي مصيبة المصائب عند إخواننا .
علمني الله وإياهم , وهداني الله وإياهم , وسامحني الله وإياهم , وجعلني الله وإياهم وأهل المنتدى جميعا من أهل الجنة , آمين .
والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .

algeroi 26-05-2008 10:46 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
عودة إلى السنة

للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (1)

كتب الأستاذ الفاضل صديقنا الشيخ علي الطنطاوي مقالاً مسهباًً تحت عوان " مشكلة " نشره في عدد جمادى الأولى سنة 1375 من مجلة المسلمون.
بدأ فيه فوصف أفراداً من المسلمين جعلهم أمثلة للذين يدعون الإسلام منهم ولا يعملون به ، ثم تعرض لنقد طوائف نعتهم بـ " الدعاة إلى الله ، الذين نرجوا بهم نصرة الإسلام ، وإعادة أهله إليه ".
فبدأ بنقد " من يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه " ثم ثنى بالرد على " من يدعو إلى العودة إلى السنة " وأفاض هنا ما لم يفض في رده على غيرهم !

ثم ختم الشيخ مقاله بما خلاصته : " وهؤلاء الدعاة مختلفون أبداً ، آخذ بعضهم بخناق بعض ، يتناظرون أبداً ويتجادلون ، يتقاذفون الردود ، لا في مصر والشام والعراق وحدها ، بل في بلاد الإسلام جميعاً . . . والإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- واحد ، له مفهوم واحد ، فعلام هذا الاختلاف ؟ . . . ".
" وأنا لا أقول بتوحيد الأفهام ومنع الاختلاف ، فما أظن أن هذا يكون ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) ، ولكن الذي أقوله هو وجوب الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الاسلام ، والصورة التي نعرضها له على التلاميذ في المدارس ، والعامة في المساجد ، والأجانب في بلاد الغرب لنقول لهم هذا هو أساس الإسلام ، وهذه أركانه ، وهذا طريق الدخول فيه ، لا نفاجيء واحداً من هؤلاء بالخلاف في فهم مشكلات الآيات ، ولا الاجتهاد والتقليد ، ولا نبدؤهم بمستحدثات المتصوفة وقوانين الطرق ، ولا نحملهم على الآراء الفردية التي لا يقرها الجميع ".
" فما هو الأسلوب ( العملي ) الممكن للوصول إلى هذه الغاية ؟ هل يكون ذلك بمؤتمر لعلماء المسلمين ، أم يتولاه معهد من المعاهد العلمية، أو يقوم به واحد من المسلمين ؟ ما هو الأسلوب ؟ ".

وللجواب عن سؤال الأستاذ نسوق هذا المقال فنقول :

1- لا اتفاق على الأسلوب قبل الاتفاق على الهدف : (الإسلام)

إن الذي يقرأ مقال الشيخ بتدبر وإمعان ، يظهر له أن فيه فجوة تركها الشيخ دون أن يملأها ببيانه ، ذلك أنه بعد أن عرض " المشكلة " عرضاً بيناً قفز إلى الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام ، والمنطق يشهد أنه كان من الواجب بعد عرض المشكلة التحدث عن طريقة حلها أو على الأقل دعوة العلماء إلى حلها ، ثم بعد ذلك يأتي دور الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام ، لأنه من البدهي أنه مادام الدعاة إلى الإسلام مختلفين في فهم الإسلام ذلك الاختلاف الذي وصفه الشيخ وهو في الواقع أكثر مما وصف ! فإنه من غير الممكن أن يتفق هؤلاء على الأسلوب العملي ، كيف وهم لم يتفقوا على فهم الهدف ( الإسلام ) ؟
ولو فرضنا أنهم اتفقوا على أسلوب ما ، فلن يؤدي بهم إلى الدعوة إلى " إسلام واحد له مفهوم واحد " ، بل سيدعو كل منهم إلى الإسلام الذي فهمه هو ، أو تلقاه عن آبائه ومشايخه ، وبذلك تعود المشكلة كما هي دون أن نستفيد من أسلوب الدعوة شيئاً لو تمكنوا من وضعه !

إذن لابد من وضع حل لهذه " المشكلة " فما هو ؟ وأين هو ؟

2- حل المشكلة بالرجوع إلى السنة :

لا شك أن المفروض في الدعاة إلى الله تعالى أن يكونوا من أطوع الناس لله تعالى ، وأسرعهم مبادرة إلى تطبيق أحكامه عز وجل ، فإذا كانوا مختلفين في فهم الإسلام فمن الواجب عليهم أن يحتكموا إلى ما أمر الله به ، من الرجوع إلى السنة ، لأنها هي التي تفسر القران ، وتوضحه ، وتبين مجمله ، وتقيد مطلقه ، كما يشير لهذا قوله تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) وقد قال عز وجل : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ).
فهذه الآية الكريمة صريحة في أن من كان مؤمناً حقاً رجع عند الاختلاف إلى حكم الله عز وجل في كتابه ، وبيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته ، وأن الرجوع إليهما يرفع الخلاف ، فوجب بنص هذه الآية على الدعاة أن يرجعوا إلى السنة الكريمة ليرفعوا الخلاف بينهم.
ومما لا شك فيه أن الرجوع إلى السنة يقتضي العلم بها والمعرفة بما صح منها وما لم يصح ، والدعاة في هذا العصير بين إحدى حالتين:

1- إما أن يكونوا قادرين على الرجوع إليها ، وحينئذ فالطريق سهل بين ليس عليهم إلا سلوكه ، وهم في الغالب لم يفكروا في سلوكه بعد !
وهنا يقال : كيف يدعو إلى الإسلام من لا يحكم الإسلام في نفسه ؟
2- وإما أن يكونوا عاجزين عن الرجوع إليها بسبب جهلهم بها ، كما هو الغالب مع الأسف على أكثر الدعاة ، ففي هذه الحالة عليهم أن يعدوا العدة لتخريج جماعة ، بل جماعات من العلماء ، يتدارسون كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويتفقهون فيهما ، ويصدرون الفتاوى معتمدين عليهما ، كما كان عليه الأمر في عهد السلف الصالح(2) فإذا تحقق هذا - وهو واقع إن شاء الله تعالى ولو بعد حين - نكون قد سلكنا النهج المستقيم للقضاء على الخلاف في فهم الإسلام على الصورة التي عرضها الشيخ الطنطاوي -حفظه الله تعالى- في مقال : " المشكلة " وبذلك يمكن حل ( المشكلة ) التي تقف عقبة في سبيل " الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الإسلام ".

3- هل يرض الدعاة بهذا الحل ؟

لكن يبدو للباحث أن كثيراً من الدعاة اليوم لا استعداد عندهم -مع الأسف الشديد- لتقبل الحل المذكور منهجاً للقضاء على الخلاف ، مما يحملنا على أن نعتقد أن تحقيق الاتفاق الذي يدعو إليه الشيخ بعيد المنال في الوقت الحاضر ، كيف لا ، ونحن نرى حضرته - وهو ممن كنا نظن أنه من أقربهم إلى السنة وأدناهم للتفاهم معه في سبيل الدعوة إليها والعمل بها - نراه قد حمل في مشكلته هذه على الدعاة إلى السنة حملة شعواء ، وهجاهم فيها بما لم يهج به القائلين بوحدة الوجود !
وهذا في الواقع من غرائب الاختلاف ، فبينما يرى دعاة السنة أن " المشكلة " لا تحل إلا بتبني الدعاة لدعوتهم حقاً ، إذا ببعض هؤلاء الدعاة يجعلهم من الدعائم التي قامت بسببهم " المشكلة " !
هذا ولما كان في رده عليهم كثير من الأخطاء والآراء التي يفهم منها القراء خلاف ما عليه دعاة السنة ، رأيت أنه لا بد من بيان ذلك إظهاراً للحق ودفعاً للتهمة ، راجياً من فضيلة الشيخ أن يتقبل ما عسى أن يظهر له صوابه ، وأن يدلنا على ما تبين له خطؤه ، سائلاً المولى -سبحانه وتعالى- أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه ، موافقة لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

4- نص كلام الأستاذ الطنطاوي :
" وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها ، والعودة إلى السنة ، فكل من استطاع أن يقرأ البخاري ومسلم ومجمع الزوائد ، وأن يفتش عن اسم الراوي في التقريب أو التهذيب ، وجب عليه الاجتهاد ، وحرم عليه التقليد ، ويسمون هذا الفقه العجيب الذي يشبه فقه برد(3) (والد بشار) بفقه السنة ، لا يدرون أن الوقوف على الأحاديث ومعرفة إسنادها ودرجاتها شيء ، واستنباط الأحكام منها شيء آخر ، وأن المحدثين كالصيادلة ، والفقهاء كالأطباء ، والصيدلي يحفظ من أسماء الأدوية ويعرف من أصنافها ما لا يعرفه الطبيب ، ولكنه لا يستطيع أن ( يشخص ) الأمراض ويشفي المرضى ، وأن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممن يفتي ، وأن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا يرجعون إلى هذه المئة ، ولا يجتهدون لأنفسهم ، وأنه إن لم يطلع الإمام من الأئمة على الحديث من الأحاديث ، فإن أتباع مذهبه قد اطلعوا عليه خلال هذه القرون الطويلة ، وأنهم كانوا اتقى لله وأحرص على دينهم من أن يخالفوا حديثاً صحيحاً لقول إمام أو غير إمام ، وأن المذاهب لم تأخذ الأحاديث وحدها ، بل أخذت الحديث وما قال فيه الصحابي ، والتابعي ، ومن بعده ، وسجلت هذه الشروح والأفهام المتعاقبة ثم استخلصت منها الحكم ، وأن من يترك اجتهادات الأئمة كمن يرى الطيارة وما بلغت إليه بعد الجهود المتتالية والرقي المتسلسل ، فيتركها ويعرض عنها ، ويحاول الطيران بأجنحة ليركبها لنفسه كما فعل العباس بن فرناس ، وإن دعوى منع التقليد في الدين دعوى باطلة ، لأن في كل علم أهل اختصاص فيه ، وغرباء عنه فإذا احتاج الغريب إلى معرفة حكم فيه رجع إلى أهله ، كالعامي يحتاج إلى مداواة مريضه ، أو عمارة بيته ، أو إصلاح ساعته ، فلا يستطيع إلا الرجوع إلى الطبيب أو المهندس أو الساعاتي ، وتقليده فيما يذهب به إليه اجتهاده " اهـ.

5- لماذا يدعو دعاة السنة للعودة إلى السنة:

وإني قبل الشروع في بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من الأخطاء ، أرى لزاماً علي أن أبين الأسباب التي تحمل دعاة السنة على الدعوة إليها ، وترك كل قول يخالفها فأقول :

أولاً : إنها المرجع الوحيد بعد القرآن الكريم ، وفي ذلك آيات كثيرة معروفة وعلى ذلك إجماع الأمة .

ثانياً : إنها عصمة من الوقوع في الخطأ وأمان من التردي في الضلال كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حجة الودع : " يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه " (4) ، وليس كذلك اجتهادات الرجال وآراؤهم ، ولذلك قال الإمام مالك -رضي الله عنه- : " إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في رأي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه " (5) ، وقال شريح القاضي : " إن السنة سبقت قياسكم ، فاتبعوا ولا تبتدعوا ، فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر "(6).

ثالثأ : إنها حجة ملزمة باتفاق المسلمين ، بخلاف آراء الرجال فإنها غير ملزمة عند السلف(7) وغيرهم من المحققين ، قال الإمام أحمد -رضي الله عنه - : " رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وانما الحجة في الآثار (8) .

رابعاً : إنه لا يمكن لطالب العلم أن يصير فقيهاً حقاً إلا بدراستها ، فهي وحدها بعد القرآن الكريم تؤهله لأن يستنبط ويقيس قياساً صحيحاً إذا أعوزه النص ، فلا يقع مثلاً في مثل الأخطاء التي يقع فيها الجهال بها ، كقياس الفرع على الفرع ، أو الضد على الضد ، أو القياس مع وجود النص ، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله-(9) : " إن أصح الناس قياساً أهل الحديث ، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب كان قياسه أصح ، وكلما كان عن الحديث أبعد كان قياسه أفسد ".

خامساً : إنه لا يمكن القضاء على ما دخل في المسلمين من البدع والأهواء إلا من طريق السنة ، كما أنها سد منيع للوقوف في وجه المذاهب الهدامة ، والآراء الغربية التي يزينها أصحابها للمسلمين ، فيتبناها بعض دعاتهم ممن يدعي التجديد والإصلاح ونحو ذلك !

سادساً : إن المسلمين اليوم قد شعروا -على اختلاف مذاهبهم وفرقهم- أن لا مناص لهم من الاتحاد ونبذ الخلاف حتى يستطيعوا الوقوف صفاً واحداً تجاه أعدائهم ، وهذا لا يمكن إلا بالرجوع إلى السنة لما سبق ذكره في الأسباب ( 1، 2، 3).

سابعاً : إنها تقرن مع ما تحمله من أحكام مرغبات في تنفيذها ، ومرهبات عن التساهل بها ، وذلك أسلوب النبوة ، وروح الشرع ، مما يجعل أصحابها أرغب في القيام باحكامها من الذين يأخذونها من كتب الفقه العارية عن الدليل ، وهذا أمر مشهود ما أظن أن أحداً حتى من المتعصبين للمذاهب ينكره.

ثامناً : إن المتمسك بها يكون على مثل اليقين في الأحكام التي يأخذها منها ، بخلاف المقلدين الجهال بها ، فإنهم يضلون بين الأقوال الكثيرة المتضاربة التي يجدونها في كتبهم ، ولا يعرفون خطأها من صوابها ، ولذلك قد يفتي أحدهم في مسألة بقولين متعارضين ، فيقول مثلاً : يجوز ذلك عند أبي حنيفة ، ولا يجوز عند صاحبيه ، مع أن السنة الصحيحة الصريحة مع أحد القولين ، ولكنه لجهله بها يحكي القول المعارض لها ، بدون إنكار منه له ، ولو بطريق الإشارة ، فيلقي بذلك المستفتي في الحيرة ! بل إن بعضهم يجعل القولين المتناقضين كشريعتين محكمتين يجوز للمسلم أن يأخذ بأيهما شاء ! بل إن بعض الشافعية أجاز لنفسه أن يفتي بالقول الذي يعطى عليه أجراً أكبر !

تاسعاً: إن السنة تسد الطريق على الذين يريدون أن يتحللوا من الإسلام باسم المذاهب الفقهية نفسها ، ويتخذون من التلفيق باسم المصلحة ما يؤيد حجتهم ! ولا يعجزون أن يجدوا في ثنايا المذاهب في كل مسألة من الممسائل ما يوافق ويؤيد " مصلحتهم " المخالفة للسنة(10) ، وهم لذلك يحاربون الرجوع إلى السنة ، لأنها تسد الطريق عليهم كما قلنا ، وتكشف تسترهم وراء المذاهب و " سعة الشريعة الإسلامية بسعة الأقوال الكثيرة ، والاجتهادات الغزيرة والثروة الفقهية الطائلة التي قل أن تخرج مسألة عنها " ؟! والله أعلم بما يوعون.

فهذه بعض الأسباب التي تحضرني الآن مما يحمل أنصار السنة على الدعوة إليها ، وإيثارها على خلافها ، فكيف لا يدعون الناس إليها ويرغبونهم في الاهتداء بهديها ، والاستنارة بنورها ؟ بل كيف لا يفدون أرواحهم في سبيلها ؟
فالعجب ممن يريد أن يصدهم عنها ، ويحملهم على تركها إلى التمسك بالمذهب ، مع أن إمامه يأمر بالرجوع لها ، وتسليم القياد لها ، هيهات هيهات !

6- بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من المآخذ :

بعد هذا نعود فنذكر ما بدا لنا من المآخذ في كلام الطنطاوي فأقول :

قال الشيخ : " وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها ، والعودة إلى السنة ".

أقول : أما العودة إلى السنة فحق واجب ، وقد سبق بيان أسباب ذلك في الفصل السابق ، وأزيد هنا فأقول : إنه يجب على كل مسلم أن يستجيب لدعوتهم هذه إن كان مؤمناً حقاً ، فقد قال تعالى : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) وقال في المنافقين : ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ) وقال ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) . إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة ، وهي معروفة ، وانما أوردنا بعضها للذكرى.
فلا حجة لأحد في أن لا يستجيب لدعوتهم هذه ، فكيف في الإنكار عليهم بسببها ؟ ولئن كان بعض الناس يزعم أن الدعاة إليها ليسوا أهلاً من الوجهة العلمية للقيام بها - كما قد يشير لهذا قول الشيخ في الفقرة الآتية ، فهذا -لو صح- ليس بمسوغ لهم أبداً أن يردوها عليهم ، لأن الحق يجب قبوله ، ولا يجوز رده مهما كان مصدر، وهذا شيء بين لا يحتاج إلى تدليل .
ثم إنهم لو كانوا صادقين في ذلك الزعم ، لبادروا إلى بيان ذلك للناس ، بضرب أمثلة يظهرون بها جهل هؤلاء الدعاة بالسنة وسوء فهمهم لها ، حتى يعرفهم الناس ويجتنبوهم ولا يغتروا بدعوتهم إلى السنة ! ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك ، ولعلهم لن يفعلوا ، والسبب معلوم لديهم ، وعند أهل العلم من غيرهم !

7- رأي دعاة السنة في المذاهب :

وأما ترك المذاهب كلها ، فعزو هذا إلى الدعاة إلى السنة لا يخلو مما يوهم خلاف ما هم عليه ، ودفعاً لذلك أرى أنه لا بد من بيان رأيهم في المذاهب وموقفهم منها فأقول :
من المعلوم عند العلماء أن المذاهب الأربعة وغيرها ليست آراؤها متفقة في كل الأحكام الشرعية ، بل هي فيها على ثلاثة أقسام :

1- قسم منها متفق عليه ، كتحريم التشبه بالكفار -مثلاً-.

2- وقسم فيه خلاف ، ولكنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، مثل أدعية الاستفتاح والتشهد .

3- وقسم فيه اختلاف شديد لا يمكن الجمع بين الآراء المختلفة فيه بوجه من وجوه الجمع المعروفة لدى العلماء ، مثل : مس الرجل المرأة ونقض الوضوء به ، فإن فيه ثلاثة أقوال مشهورة : النقض ، وعدمه ، والفرق بين أن يكون المس بشهوة فينقض وإلا فلا.

وإذا كان الأمر كما فصلنا ، فكيف يعزو الشيخ للدعاة إلى السنة أنهم " يرون ترك المذاهب كلها " ! مع أن هذا الترك يستلزم الإعراض عما فيها من الحق المسلم به لديهم ؟! أليس هذا من الأدلة الكثيرة على أن الشيخ لا يتحرى الصواب حين يتهم خصومه في الرأي بما هم براء منه ؟
ولعلم أنصار السنة بما سبق من التفصيل يضطرون إلى أن يبحثوا عن الحق في المذاهب كلها ، ليس خارجاً عنها ، ولا في مذهب معين منها ، وهذا البحث قد بين لهم فضل أئمة المذاهب ، وعلمهم ، ودقة فهمهم للكتاب والسنة ، وتنبهوا بسبب ذلك لكثير من دقائق المسائل المستنبطة من الكتاب والسنة ، فاستفادوا بسببهم علوماً كثيرة في أوقات يسيرة ، لولاهم لما وصلوا إليها ، فجزاهم الله عن المسلمين خيراً.
ولهذا فإن أنصار السنة أعرف بفضل الأئمة وعلمهم من أتباعهم الذين يقلدونهم على جهل بطرق الاستنباط والاستدلال ، والله تعالى يقول : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ).
هذا ، ثم إن الدعاة إلى السنة لما تبين لهم بعد البحث في المذاهب أن فيها الخلاف المذكور في القسم الثالث ، لم يجيزوا لأنفسهم أن يتمسكوا بمذهب معين فيها ، لأنهم علموا أن الصواب في الخلاف المذكور ليس محصوراً في مذهب واحد منها ، بل هو مشاع بين جميعها ، فالحق في المسألة الفلانية في المذهب الفلاني ، وفي المسألة الفلانية في المذهب الفلاني وهكذا سائر المسائل ، فلو أنهم تمسكوا فيها بالمذهب لأضاعوا كثيراً من الحق الوارد في المذاهب الأخرى وهذا لا يجوز عند مسلم عارف .
ولما كان لا سبيل لمعرفة الحق مما اختلف فيه الناس إلا بالرجوع إلى السنة على ما بيناه فيما سبق ، جعلها الدعاة إلى السنة الأمل الذي يرجعون إليه ، والأساس الذي يبنون آراءهم وأفكارهم عليه .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه لما كان الأئمة قد بذلوا جهوداً مشكورة في سبيل توضيح السنة وتقريبها للناس وبيان الأحكام الممكن استنباطها منها ، فإن الدعاة إلى السنة لا يسعهم إلا الاستفادة من علمهم والاستعانة بآرائهم على فهم الكتاب والسنة ، وبذلك يجمعون بين المحافظة على الأصل ( السنة ) وبين تقدير الأئمة قدرهم اللائق بهم ، وذلك مما وصى به السلف أتباعهم ، فقال عبد الله بن المبارك -رضي الله عنه-: " ليكن الأمر الذي تعتمدون عليه هذا الأثر ، وخذوا من الرأي ما يفسر لكم الحديث "(11) .
ذلك رأي الدعاة إلى السنة في المذاهب ، وذلك موقفهم من أئمتها ، فهل فيه ما يحمل المنصف على الطعن بهم والتنفير منهم ؟ أم ذلك ما ينبغي أن يكون عليه كل مسلم عرف الفرق بين كلام المعصوم وكلام غيره ، ثم لم ينس الفرق بين الغاية والوسيلة ؟

8- التقاء الطنطاوي مع الدعاة إلى السنة في ترك المذهب اتباعاً للسنة:

بعد هذا البيان أستطيع أن أقول : إن موقف الصديق الطنطاوي من المذاهب لا يختلف كثيراً عن موقف دعاة السنة منها ، ذلك لأن الطنطاوي يرى الخروج من المذهب جائزاً ، بدليل إنكاره في مقاله هذا " مشكلة " على من " يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه . . . " ويؤيد هذا قوله في مقدمة كتاب " قانون الأحوال الشخصية " (ص / 6):
" ومن السياسة الشرعية أن يفتح للناس باب الرحمة من الشريعة ، ويؤخذ من غير المذاهب الأربعة ، ما يؤدي إلى جلب مصلحة عامة أو دفع ضرر عام " .

وعلى هذه السياسة جرى حضرة الصديق في " مشروع الأحوال الشخصية " الذي تحدث عنه في المقدمة المذكورة ، فخالف فيه مذهبه الحنفي في مسائل كثيرة ، أكتفي بذكر مسألتين منها على سبيل المثال :

1- قال الشيخ في المقدمة (ص / 5) : " وقد عدل المشروع عن المذهب الحنفي الذي يحدد أقل المهر بعشرة دراهم إلى المذاهب الثلاثة التي لا تجعل لأقله حداً " .

2- ثم قال فيها (ص / 6 - 7): " نص أيضاً ( يعني المشروع ) على وقوع طلقة واحدة بالطلاق المقترن بعدد لفظاً أو إشارة أخذاً بما رواه مسلم في صحيحه من أن طلاق الثلاث كان يقع واحداً على عهد رسول الله (ص) إلخ . . .) وبرأي ابن تيمية ".

والواقع أن حضرة الشيخ الطنطاوي قد وفق للصواب فيما ذهب إليه في هاتين المسألتين ، وقد بين هو في المسألة الأولى خلافه للمذهب الحنفي ، وذهابه إلى المذاهب الثلاثة .
وأما المسألة الأخرى فخلافه فيها أشد لأن أحداً من أئمة المذاهب الأربعة لم يأخذ بحديث مسلم الذي ذكره هو ، وان أخذ به غيرهم من الأئمة .
وما ذهب إليه الشيخ في هاتين المسألتين ، هو مذهب الدعاة إلى السنة ، قبل أن يكتبهما الشيخ في مشروعه بسنين .
وقد رأيت أنه في المسألة الثانية إنما ذهب إلى خلاف الأئمة الأربعة أخذاً بالحديث وبرأي ابن تيمية ، وهذا هو عين ما يصنعه الدعاة إلى السنة ، فإنهم يأخذون بالحديث الصحيح مدعمين فهمهم إياه بتبني بعض الأئمة له كابن تيمية ومن قبله من أئمة الفقه والحديث ، فما بال الشيخ ينكر عليهم هذا وهو معهم فيه فعلاً ؟!

وخلاصة القول :
إن الدعاة إلى السنة لا يتركون المذاهب كلها جملة وتفصيلاً ، بل إنهم يحترمونها ويقدرون أئمتها ، ويستعينون بها على فهم الكتاب والسنة ، ثم يتركون من أقوالهم وأرائهم ما تبين أنه على خلاف الكتاب والسنة ، وذلك من تمام إجلالهم واتباعهم ، كما قال أبو الحسنات اللكنوي في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية " بعد أن ذكر أن عصام بن يوسف البلخي من أصحاب أبي يوسف ومحمد كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه ، قال أبو الحسنات (ص / 116) : " يعلم منه أن الحنفي لو ترك في مسألة مذهب إمامه لقوة دليل خلافه لا يخرج به عن ربقة التقليد ، بل هو في عين التقليد في صورة ترك التقليد ، ألا ترى إلى أن عصام بن يوسف ترك مذهب أبي حنيفة في عدم الرفع ومع ذلك هو معدود في الحنفية " .
قال : " وإلى الله المشتكى من جهلة زماننا حيث يطعنون على من ترك تقليد إمامه في مسألة واحدة لقوة دليلها ويخرجونه عن جماعة مقلديه ، ولا عجب منهم فإنهم من العوام ، إنما العجب ممن يتشبه بالعلماء ، ويمشي مشيهم كالأنعام. "

2- ثم قال الشيخ الطنطاوي تفريعاً على ما ذكر في الفقرة الأولى من المقال ، عن الدعاة إلى السنة :
" فكل من استطاع أن يقرأ في البخاري ومسلم ومجمع الزوائد وأن يفتش عن اسم الراوي في التقريب والتهذيب ، وجب عليه الاجتهاد وحرم عليه التقليد ".

أقول : في هذه الكلمة ما يوهم أيضاً خلاف ما عليه الدعاة إلى السنة وإليك البيان :

9- تعريف التقليد وبيان ما يحرم منه وما يجب:

من المقرر عند العلماء أن التقليد هو " أخذ القول من غير معرفة دليله " ومعنى ذلك أن التقليد ليس بعلم ، ولذلك جزم العلماء بأن المقلد لا يسمى عالماً(12) ، بل نقل الاتفاق على ذلك ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (2 / 36 ، 117) وابن القيم في " إعلام الموقعين " (3/293) والسيوطي وغيرهم من المحققين ، حتى بالغ بعضهم فقال : " لا فرق بين يهيمة تقلد وإنسان يقلد " ! وأطلق بعض الحنفية عليه اسم الجاهل ! فقال صاحب الهداية في صدد الكلام على تولية المقلد على القضاء : " فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا ، خلافاً للشافعي "(13) .
ولذلك قالوا : إن المقلد لا يجوز له الإفتاء.
فإذا عرف هذا يظهر السبب الذي من أجله حمل السلف على التقيلد والمقلدين وصرحوا بذمه وتحريمه(14) . ذلك لأنه يؤدي بصاحبه إلى الإعراض عن الكتاب والسنة في سبيل التمسك بآراء الأئمة وتقليدهم فيها ، كما هو الواقع بين المقلدين ، مما هو مشهور عنهم ، بل هو ما قرره بعض متأخريهم من الحنفية ، فقال الشيخ محمد الخضري في صدد الكلام عن دور التقليد وأهله :
" . . . ولا يستجيز الواحد منهم لنفسه أن يقول في مسألة من المسائل قولا يخالف ما أفتى به إمامه ، كأن الحق كله نزل على لسان إمامه وقلبه ! حتى قال طليعة فقهاء الحنفية في هذا الدور وامامهم غير منازع وهو أبو الحسن عبيد الله الكرخي : " كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة ، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ " وبمثل هذا أحكموا دونهم إرتاج باب الاختيار "(15) .
وقد استولى هذا التوجيه الخاطئ على قلوب كثير من المقلدة، لا سيما في الأزمنة المتأخرة ، بحيث صار من المعروف المشهور ردهم السنن الصحيحة اتباعاً للمذهب فإذا قيل لأحدهم : هذه المسألة التي ذكرتها خلاف السنة ، بادرك بقوله : أأنت أعلم بالسنة من علماء المذهب ؟! لا يجوز العمل بالحديث لغير المجتهد ! هذا جوابهم جميعاً لا فرق في ذلك بين عاميهم وعالمهم !
وهم حين يجيبونك بهذا الجواب الذي لا يمكن أن يصدر ممن عرف قدر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأدب معه ، يجهلوم أو يتجاهلون أن الحديث الذي لم يأخذ به مذهبهم قد قال به مذهب آخر أو إمام آخر ليس هو دون مذهبهم أو إمامهم ، فالذي ذهب إلى الحديث يكون قد أخذ به وبالمذهب الذي عمل به ، بينما مخالفه إنما يعمل بالمذهب فقط !
قد يقال : إن المذهب لابد له من دليل ولكنا لا نعلمه ، فنقول :إذا كان الأمر كما تقول فكيف يجوز لمسلم أن يترك الدليل الذي عرفه وهوحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لدليل لا يعلمه ، وقد يكون لو علمناه قياساً أو استنباطاً من عمومات أو كليات الشريعة لا ينهض تجاه الحديث إذ لا اجتهاد في مورد النص ، واذا ورد الأثر بطل النظر ، واذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ؟
هذا التقليد الذي هو رد الحديث انتصاراً للمذهب ونحوه هو الذي يحرمه دعاة السنة ، ويدعون المسلمين جميعاً إلى الخلاص منه ، بالرجوع إلى اتباع السنة أينما كانت ، وفي أي مذهب وجدت.
وأما تقليد المسلم من هو أعلم منه حين لا يجد نصاً عن الله ورسوله ، أو حين لا يمكن الفهم عنهما فليس مما نحن فيه ، بل لا يتصور أن يقول بتحريمه مسلم ، لأنه مضطر إليه ، والضرورات تبيح المحظورات ، ولولا ذلك لصار الدين هوى متبعاً -والعياذ بالله تعالى-. ولهذا ذكر العلماء : " إن التقليد إنما يباح للمضطر ، وأما من عدل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعن معرفة الحق بالدليل مع تمكنه منه إلى التقليد ، فهو كمن عدل إلى الميتة مع قدرته على المذكى ، فإن الأصل أن لا يقبل قول الغير إلا بدليل إلا عند الضرورة "(16) .

10- الفرق بين التقليد والاتباع :

ولا يليق بالعاقل البصير في دينه أن يفهم مما سبق من بيان تحريم التقليد ، أن الاجتهاد واجب على كل مسلم مهما كان شأنه في العلم والفهم ، فإنه خطأ بين ، ويظهر أن الشيخ سبق إليه هذا الفهم مما بلغه من تحريم دعاة السنة للتقليد ، فاستلزم من ذلك أنهم يوجبون الاجتهاد على كل مسلم ، مهما كانت منزلته في العلم ، وذلك واضح من كلمته في هذه الفقرة وهو قوله : " وجب عليه الاجتهاد وحرم عليه التقليد " فجعل الاجتهاد مقابل التقليد ! وهذا خطأ بين عندنا ، لأن الذي يقابل التقليد المحرم ، هو الاتباع الواجب على كل مسلم ، وبينهما فرة ظاهر ، قال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي :
" التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه ، وذلك ممنوع منه في الشريعة ، والاتباع ما يثبت عليه حجة ، وقال في موضع آخر : كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده ، والتقليد في دين الله غير صحيح ، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه ، والاتباع في الدين مسوغ ، والتقليد ممنوع "(17) .
وأما الاجتهاد فمن المعلوم أنه " بذل الوسع لمعرفة الحكم من كتاب الله وسنة رسوله " ولا شك أنه فرض كفائي لا يجب على كل مسلم ، بل لا يستطيعه إلا القليل منهم ، بل قد ندر المجتهدون اليوم بسبب غلبة التقليد على العلماء والقيود التي وضعوها للمجتهد ، ومن العجائب أن الذين اشترطوا تحقق تلك الشروط في العالم حتى يسوغ له الاجتهاد هم من المقلدة الذين لا يدينون إلا بما قال إمامهم ! فهم في الواقع متناقضون ، يمنعون الاجتهاد ويوجبون التقليد ، ثم هم يجتهدون ولا يقلدون ، وليتهم إذا اجتهدوا أصابوا الحق ولم يخطئوه !
ويطول بنا المقام لو أردنا أن نذكر الأدلة على ذلك ، فأكتفي بمثال واحد يراجع في التعليق(18) .
والذي أراه أن ( الاجتهاد ) ليس عسيراً كما يظن البعض بل هو ميسور لمن كان عنده أهلية الخطاب ، وفهم أدلة ما يحتاجه من أدلة الكتاب والسنة ، وبتعبير آخر إن الذي عنده أهلية لفهم كتب المذاهب وعباراتهم ، سيما ما كان منها للمتأخرين فإنها تشبه الألغاز أحياناً ، يستطيع أن يفهم كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ، فإنهما بدون ريب أبين وأوضح من كل ما سواها من الكلام ، خصوصاً إذا استعان على ذلك بكتب أهل العلم من التفسير ، وشروح الحديث ، وبمبسوطات الفقه ، التي تتعرض لذكر أدلة المختلفين ، كالمجموع للنووي ، وفتح القدير لابن الهمام ، ونيل الأوطار للشوكاني ونحوها ، ومن أنفعها كتاب " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " للعلامة ابن رشد ، فإنه إنما ألفه لإعداد طلاب العلم للوصول إلى رتبة الاجتهاد ، كما صرح بذلك في الكتاب نفسه(19) .

وخلاصة القول : إن الدعاة إلى السنة لا يوجبون الاجتهاد إلا لمن كان عنده أهلية ، وانما يوجبون الاتباع على كل مسلم ، ويحرمون -اتباعاً للسلف- التقليد إلا عند الضرورة وعدم الوقوف على السنة ، فمن نسب إليهم خلاف هذا فقد تعدى وظلم ، ومن طعن فيهم بعد هذا فإنما يطعن في السلف ، وفيهم الأئمة الأربعة وان ادعى أنه سلفي ! إذ ليست السلفية إلا فهم ما كان عليه السلف الصالح ، ثم السير على ذلك ، وعدو الخروج عنه.
ومما سبق يتبين للقارىء الكريم خطأ قول الأستاذ الطنطاوي في تمام الفقرة الرابعة : " وإن المحدثين كالصيادلة والفقهاء كالأطباء ، والصيدلي يحفظ . . . " فإن هذه الكلمة على إطلاقها تجرد المحدثين من صنعة الفقه والفهم لما يحملون من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما أنها تجرد أيضاً الفقهاء من العلم والاطلاع على حديثه -صلى الله عليه وسلم-، ولا يخفى ما في ذلك من الطعن في الفريقين معاً. وأنا لا أنكر أن يكون في الفقهاء من هو أفقه من بعض المحدثين ، كيف وقد أشار لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المشهور عنه : " نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه "(20) ولكن ليس معنى ذلك أنه يسوغ لنا وصف المحدثين إطلاقاً بعدم الفقه ، كما هو ظاهر عبارة الشيخ ، فإن الحديث المذكور صريح في ردها حيث قال : " رب حامل فقه ليس بفقيه . . . " فأشار إلى قلة ذلك في المحدثين ، لأن الأصل في " رب " أنها للتقليل ، وكيف لا يكون الأصل في حق المحدثين ما ذكرناه ، وهم ممن عاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك "(21) قال ابن المديني : هم أصحاب الحديث ، والذين يتعاهدون مذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويذبون عن العلم ، لولاهم لأهلك الناس المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الأرجاء والرأي(22) .
ثم إنما تظهر الفائدة من التفريق بين معرفة الحديث ، وبين استنباط الأحكام منه والتفريق بين المحدث والفقيه في مسألة اختلف فيها الطرفان ودليل كل منهما هو عين دليل الآخر ، وإنما الخلاف في فهمه وتطبيقه ، ففي هذه الصورة يمكن ترجيح رأي الفقيه على رأي المحدث ، وهذا على كل حال بالنسبة للمقلد الذي لا معرفة عنده بطرق الترجيح ! وأما بالنسبة للمتبع فقد يترجح عنده رأي المحدث على رأي الفقيه لأدلة ظهرت له .
وأما إذا كان منشأ الخلاف بين الطرفين إنما هو اختلاف الدليل فأحدها يحتج بالحديث والآخر بالرأي والقياس أو بحديث ضعيف ، فههنا لا تظهر الفائدة من التفريق الذي ذكره الشيخ ، بل تكون النتيجة خلاف ما قصد إليه الشيخ -حفظه الله تعالى-، ولنوضح هذا بمثال: رجل سها فصلى الظهر خمساً ، فالحنفية تقول إن هذه الصلاة باطلة إن لم يكن قعد قدر التشهد وسجد في الخامسة ، وان كان قعد في الرابعة قدر التشهد فقد تمت له الظهر والخامسة تطوع ، وعليه أن يضيف إليها ركعة ثم يتشهد ويسجد سجدتي السهو ، وهذا يخالف مخالفة ظاهرة حديث الشيخين ، عن ابن مسعود قال : صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر خمساً فقيل له أزيد في الصلاة ؟ قال : " وما ذاك " ؟ قال : صليت خمساً ، فسجد سجدتين بعدما سلم فليس في الحديث ما يقوله الحنفية من إضافة الركعة السادسة ، ولا أنه -صلى الله عليه وسلم- جلس للرابعة ، ولهذا ذهب إلى ظاهر الحديث الجمهور فقالوا : من صلى الظهر خمسا يكفيه سجدتا السهو ، ولو لم يقعد في الرابعة .

فههنا نسأل فضيلة الشيخ : هل الفرق الذي ذكرته له تأثير في هذه المسألة وأمثالها ، بمعنى هل يجوز للمحدث الذي نشأ مثلاً على المذهب الحنفي أن يأخذ بهذا الحديث ولو خالف المذهب ، أم تقول : إنه يجب عليه التمسك بالمذهب ولو خالف الحديث بناء على " إن المحدثين كالصيادلة والفقهاء كالأطباء " ؟ فإن قلت بالأول فقد وافقت الدعاة إلى السنة فإنه الميدان الذي يدعون الناس إليه ، وان قلت بالثاني -لا سمح الله- فهو مخالفة للكتاب والسنة ، وخروج عن تقليدك لإمامك الذي أمرك بتقديم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قوله ! كما أنه يلزمك أن تصف الجمهور من الأئمة الذين أخذوا بظاهر هذا الحديث بأنهم كالصيادلة ، والذين خالفوه كالأطباء !!

أيها الصديق ، إن الفهم في الدين ليس محصوراً بطائفة دون أخرى ، فلا يلزم من اختصاص البعض في علم الفقه أن يكون مصيباً في كل ما يستنبطه من الشرع كما لا يلزم من اختصاص الآخر في علم الحديث أن يكون مخطئاً في كل ما يستنبطه منه ، فالمرجع إذن هو الدليل ، فمن قام الدليل على إصابته ومعرفته للحق فيما اختلف فيه الناس كان هو الفقيه سواء كان معروفاً بالتخصص في الحديث أو الفقه ، ولذلك كان الأحرى بك أن ترد على أنصار السنة في بعض المسائل التي تراهم أخطأوا فيها الحق على ما تقتضيه الأدلة الشرعية لا حسبما يلزم من المذهبية الضيقة ، إنك لو قبلت ذلك لظهر للناس أي الفريقين أهدى سبيلا ، ولساعد ذلك المسلمين على السير في هذا المنهج العلمي الجديد ، الذي يعين على كشف الحقائق ، وتقريب وجهة الخلاف بين المسلمين ما استمروا فيه.

4- ثم قال الشيخ :
" وإن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممن يفتي ، وإن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا يرجعون إلى هذه المئة ولا يجتهدون لأنفسهم " .

قلت : وهذه هفوة من الشيخ -حفظه الله- ، فمن أين له أنه لم يكن في الصحابة إلا هذا العدد من المفتين ؟! ونحن نقطع بأنهم كانوا أكثر من ذلك بكثير لأنه اللائق بفضلهم وصحبتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كنا لا نستطيع أن نعين عددهم إلا أنه قد نص من قوله حجة في هذا الموضوع على عدد أكثر مما ذكره الشيخ ، بل جزم بأن كل من تشرف بصحبته -صلى الله عليه وسلم- والتلقي من علمه أفتى الناس ، فقال الإمام ابن حزم(23) : " وكل من لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ عنه أفتى أهله وجيرانه وقومه ، وهذا أمر يعلم ضرورة ، ثم لم ترو الفتيا في العبادات والأحكام إلا عن مائة ونيف وثلاثين منهم "(24) .

--------------------------------------------------------------------------------
(1) مقال للشيخ الألباني نشر في مجلة المسلمون (5/ 172 – 176، و 280-285، و 463-470، و 913-916).
(2) قال الشيخ محمد الخضري -رحمه الله- بعد أن تكلم عن التشريع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ثم في عهد الصحابة ، ثم في عهد التابعين ، إلى منتصف القرن الرابع :
" الدور الخامس وهو دور القيام على المذاهب وتأييدها . . .
لا شك أنه كان في كل دور من الأدوار السابقة مجتهدون ومقلدون ، فالمجتهدون هم الفقهاء الذين يدرسون الكتاب والسنة ، ويكون عندهم من المقدرة ما يستنبطون به الأحكام من ظواهر النصوص أو من منقولها ، والمقلدون هم العامة الذين لم يشتغلوا بدراسة الكتاب والسنة دراسة تؤهلهم إلى الاستنباط ، أما في هذا الدور فإن روح التقليد سرت سرياناً عاماً واشترك فيها العلماء وغيرهم من الجمهور ، فبعد أن كان مريد الفقه يشتغل أولأ بدراسة الكتاب ورواية السنة اللذين هما أساس الاستنباط ، صار في هذا الدور يتلقى كتب إمام معين ، ويدرس طريقته التي استنبط بها ما دونه من الأحكام ، فإذا أتم ذلك صار من العلماء الفقهاء " .
فلت : ومما لا شك فيه عند غير المتعصب أن هذه الطريقة السلفية هي وحدها الكفيلة بإخراج العلماء الفقهاء حقيقة ، كيف لا ، والإمام مالك يقول : " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ".
(3) كان بشار يهجو الناس وهو صبي فيشكونه إلى أبيه فيضربه ، فلما طال ذلك عليه قال لأبيه : قل لهم إن ابني هذا أعمى ، والله يقول ( ليس على الأعمى حرج ) فقالوا : فقه برد أشد علينا من شعر بشار . " طنطاوي ".
(4) رواه الحاكم في المستدرك (93)، وابن عبد البر في "جامع العلم" (2/24).
(5) "ابن عبد البر" (2 - 32).
(6) "ابن عبد البر" (2 - 34، 35).
(7) "إعلام الموقعين" (1 - 75، 77).
(8) "ابن عبد البر" (2 - 149).
(9) "إعلام الموقعين" (2 - 410).
(10) ولهذا قال سليمان التميمي ( من ثقات اتباع التابعين ومفتيهم ) : ( إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ( 2 / 91 ، 92 ) ثم قال هذا : ( هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً ).
(11) ابن عبد البر ( 2 / 34، 35 ).
(12) انظر "الموافقات" للإمام الشاطبي ( 4 / 293 ) ، و " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " للمحقق محمد بن إبراهيم الوزير اليماني ( 1 / 36 - 38).
(13) ومع الشافعي في هذا جمهور العلماء كمالك وأحمد ، قال ابن الهمام في " شرح الهداية " (5/456): " وقولهم رواية عن علمائنا نص محمد في الأصل أن المقلد لا يجوز أن يكون قاضياً، ولكن المختار خلافه " كذا قال وأنا أتساءل : هل الذي اختار خلاف ما عليه الأئمة المجتهدون مجتهد أم مقلد ؟ فإ كان مجتهداً فمن هو وما دليله ؟ وإن كان مقلداً فكيف جاز له أن يترك تقليد الأئمة وهو خلاف مذهبه؟ ثم قال ان الهمام : " واعلم أن ما ذكر في القاضي ذكر في المفتي فلا يفتي إلا المجتهد وقد استقر رأي الأصوليين على أن المفتي هو المجتهد ، وأما غير المجتهد ممن حفظ أقوال المجتهد فليس بمفت " !
(14) وقد عقد الحافظ ابن عبد البر باباً خاصاً بين فيه فساد التقليد وبطلانه، والفرق بين التقليد والاتباع ، وقد كنت أود نقله لولا أنني رأيت المقال يطول فمن شاء فليراجعه في " جامع بيان العلم " (2 / 109 – 120) ، ولابن القيم في ذلك كلام في غاية التحقيق في "الإعلام" .
(15) تاريخ التشريع الإسلامي (338).
(16) إعلام الموقعين (2 / 344).
(17) ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (2 / 117 ) ، وابن القيم في " الإعلام " (3 / 299).
(18) قال الخضري في تاريخ التشريع الإسلامي (ص 358-359): " أما في هذا الدور الذي سرت فيه روح التقليد ، فقد جرهم ذلك إلى الدفاع عن مسائل أئمتهم كما قلنا ، وطلب منهم الأمراء أن يجولوا أمامهم في ميدان المناظرة ، فجرهم ذلك الى ما سخطه الامام الغزالي ، والى تعصب كل فريق لما يدافع ويجادل عنه ، واعتداده خصماً كما يعبر بذلك عنه. ونزل فريق منهم الى العداء وتبعهم في ذلك العامة ، وكاد يصل به الأمر إلى تحريم أن يقتدي أحد في الصلاة بمخالفه في المذهب اعتماداً على قاعدة لا ندري متى وجدت وهي أن العبرة في الاقتداء بمذهب المأموم لا بمذهب الإمام ، ومن المعلوم أن كثيراً من صلاة الشافعية لا تصح في نظر الحنفي ، فإن الشافعي لا يتوضأ من خروج الدم من جسمه لأن ذلك لا ينقض الوضوء عند إمامه ، وكذلك الحنفي لا يتوضأ من مس امرأة أجنبية لأن هذا لا ينقض الوضوء عنده ، وبذلك وأمثاله يوجد الشك في قلب المأموم إذا اقتدى بمخالفه في المذهب ، ولا ندري كيف قالوا ذلك مع تسامح الأئمة في الاجتهاد ، والخلاف ، واعتبار أن ما أدى اليه اجتهاد المجتهد واجب أن يعمل به في حقه ، ولا يجوز أن يتعداه إلى غيره ، فمقتضى تلك النظرية أني أعتبر صلاة كل مجتهد صحيحة ، ويخرج من ذلك أن العبرة في الاقتداء بمذهب الإمام لا بمذهب المأموم ، ولكن التعصبات المذهبية أرادت أن تؤكد الفصل بين الجماعات ".
(19) قال ابن رشد (2 / 160 - 161) : " فإن هذا الكتاب إنما وضعناه ليبلغ به المجتهد في هذه الصناعة رتبة الاجتهاد إذا حصل ما يجب له أن يحصل قبله من القدر الكافي له في علم النحو واللغة وصناعة أصول الفقه ، ويكفي من ذلك ما هو مساو لجرم هذا الكتاب أو أقل ، وبهذه الرتبة يسمى فقيهاً لا بحفظ مسائل الفقه ولو بلغت في العدد أقصى ما يمكن أن يحفظه انسان كما نجد متفقهة زماننا ، يظنون أن الأفقه هو الذي حفظ مسائل أكثر ، وهؤلاء عرض لهم شبيه ما يعرض لمن ظن أن الخفاف هو الذي عنده خفاف كثيرة لا الذي يقدر على عملها ! ومن البين أن الذي عنده خفاف كثيرة سيأتيه انسان بقدم لا يجد في خفافه ما يصلح لقدمه فيلجأ الى صانع الخفاف ضرورة ، وهو الذي يصنع لكل قدم خفاً يوافقه ، فهذا هو مثال أكثر المتفقهة في هذا الوقت ". قلت : فليتأمل في كلام هذا الفقيه الذين يخصون المشتغل بحفظ المسائل الفقهية بالسؤال عن أمور دينهم بدعوى أنه فقيه !
(20) رواه أحمد (5 / 183) والدرامي ( 1 / 75) وغيرهما، عن زيد بن ثابت ، بسند صحيح.
(21) رواه مسلم (6 / 52 – 53) عن ثوبان ، والبخاري عن معاوية ، وروى الحاكم في " معرفة علوم الحديث " (ص 2) بإسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح (13 / 250) عن الإمام أحمد أنه قال في معنى هذا الحديث : " إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم " وروى الترمذي وغيره عن ابن المديني قال : " هم أصحاب الحديث "، وبه جزم البخاري كما في الفتح (1 / 134).
(22) رواه نصر المقدسي في " الحجة على تارك المحجة " كما في " مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة " للسيوطي (ص/ 48).
(23) الأحكام في أصول الأحكام 5 / 91 – 92.
(24) وأقره على هذا العدد المحقق ابن القيم في " إعلام الموقعين "، وقد سرد فيه أسماء هؤلاء المحققين من الصحابة فليراجعها من شاء.

محمد عبد الكريم 26-05-2008 11:38 AM

رد: ماذا نفعل إذا خالف الحديث الصحيح المذهب المالكي ؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته (المشاركة 170774)
19- لماذا تقدم قول الفقيه على الكتاب والسنة ؟! :
من مظاهر الجهل عند البعض من إخواننا - سامحهم الله وعلمني الله وإياهم - أنك عندما يقول لك الواحد منهم ( قال الله أوقال الرسول كذا ) , وتقول له أنت ( قال الإمام مالك كذا أو قال بن حزم كذا أو قال القرضاوي كذا أو قال فلان كذا ) , فيرد عليك الأخ عندئذ مستنكرا و..." كيف أقول لك ( قال الله أو قال الرسول ) , وتقول أنت ( قال مالك ) ؟! . هل تقدم قول مالك على قول الله والرسول ؟!".
والحقيقة التي يجهلها هذا الأخ أو يتجاهلها هو أننا لا نقدم أبدا كلام أحد على كلام الله والرسول , ولكننا نقدم فهم الفقيه للكتاب والسنة على فهمي أنا وفهمك أنت للكتاب والسنة " . الكتاب والسنة دليلان للفقيه وأما أنا وأنت ( العامة والمقلدون ) فدليلنا ليس الكتاب والسنة , وإنما دليلنا قول العالم " اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " لأن العالم يفهم الكتاب والسنة أكثر بكثير مني ومنك . والذي يجوز له أن يعترض على العالم هو العالم , لا أنا وأنت .
والله أعلم .

20- أنا أتبع الله والرسول , ولكنني لست سلفيا : الله قال
" إن الدين عند الله الإسلام " ولم يقل شيئا آخر مثل" والمذهب عند الله هو السلفية ". والله قال " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " , ولم يذكر شيئا آخر كقوله " ومن يبتغ غير السلفية مذهبا فلن يقبل منه ". والله سيسأل الإنسان في قبره " من هو ربك وما هو دينك ومن هو نبيك ؟ " ولن يسأله أبدا "ما هو مذهبك ؟ ". وهكذا ...
وكلمة " سلفي " كلمة مستحدثة لم ترد في آية ولا في حديث صحيح , ومنه فالأفضل الاكتفاء بما ورد في الكتاب والسنة فقط " . إذا قلتَ أنتَ أخي السلفي " أنا مسلم " لم يختلف معك أحد منا , وأما إذا قلتَ " أنا سلفي " فسيختلف معك الكثيرون منا , حيث يقول لك الواحد منا " لستُ إخوانيا ولا سلفيا ولا تبليغيا ولا تكفيريا ولا سروريا ولا صوفيا ولا أشعريا ولا ماتريديا ولا ... وإنما أنا مسلم وكفى " .
قال الله تعالى " إن الدين عند الله الإسلام " , " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " " هو سماكم المسلمين من قبل " " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين", ... الله قال ( ومن يشاقق الرسول منبعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) , يعني الذي لا يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين فهو متوعد بالنار , ولكن الله لم يقل أبدا ورسول الله لم يقل أبدا بأن " السلفية " هي إتباع الرسول والصحابة . ومنه فأنا أتبع الرسول والصحابة ولكنني لستُ سلفيا , والكثير من المسلمين - عامة وعلماء - يقولون كما أقول أنا .
والنبي عليه الصلاة والسلام تحدث عن ثلاث وسبعين فرقة في الإسلام كلها متوعدة بالنار إلا واحدة , وهي في إحدى الروايات " ما أنا عليه وصحابتي " , ولكن الرسول لم يقل أبدا " إلا واحدة , وهي السلفية ". ومنه فأنا على ما كان عليه الرسول والصحابة ولكنني لست سلفيا , والكثير من المسلمين - عامة وعلماء - يقولون كما أقول أنا .
والله وحده أعلم بالصواب .
وما زلتُ أقول وأردد وأؤكد على أن مصيبة إخواننا هنا وهناك , مصيبتهم الكبرى هي في تعصبهم الذي لا يمكن أن يأتي إلا من جهل .
أو مصيبة الواحد منهم ( وأنا لم أسم أحدا , وإنما أنا أتحدث عن متعصبين متزمتين متشددين , جاهلين ) هو أنه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري , وهذه هي مصيبة المصائب عند إخواننا .
علمني الله وإياهم , وهداني الله وإياهم , وسامحني الله وإياهم , وجعلني الله وإياهم وأهل المنتدى جميعا من أهل الجنة , آمين .
والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .


- قال الله تعالى " إن الدين عند الله الإسلام " , " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " " هو سماكم المسلمين من قبل " " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين", ... الله قال ( ومن يشاقق الرسول منبعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) , يعني الذي لا يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين فهو متوعد بالنار , ولكن الله لم يقل أبدا ورسول الله لم يقل أبدا بأن " السلفية " هي إتباع الرسول والصحابة . ومنه فأنا أتبع الرسول والصحابة ولكنني لستُ سلفيا , والكثير من المسلمين - عامة وعلماء - يقولون كما أقول أنا .


- بارك الله يا أستاذ رميتة ، فقد أتيت بالقول الفصل.....ولكن أين العقول التي تفقه سديد الرأي وفصل القول...وأين الضمائر الوقافة عند "الحق" في معاني آيات الله الصريحة البينة المحكمة "...إن الدين عند الله الاسلام ..." "...ولا تموتن إلا وانتم مسلمين.." و"....ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه..." و ".....أباكم ابراهيم هو سماكم المسلمين..."
- شكرا....يا استاذ رميتة.


الساعة الآن 07:07 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى