العدالة ليست مزحة
و أخيرا و بعد صبر مني كبير، تم استدعائي للمثول بين يدي القاضي، بعدما تناهى إلى مسامعه أنني أرغب، بل أطالب بتحقيق العدالة في المدينة و في كل الدنيا و لما لا، ومن ذا الذي لا يريد أن يتحقق هذا المراد المرغوب و القصد المحمود؟
-من أنت؟ يخاطبني القاضي.. -أنا؟ لا يهم من أنا، بل المهم ما أطالب به، هذا إن كنت حقا أهلا لتحقيقه! -سأقول لك من أنت، و أنت هنا لا تجيبني، تظن نفسك إنسانا فطنا، و متكلما بارعا، أنت تستحق حقا وسام الإستخفاف بعدالتنا الموقرة، هيا..فلتجبني في الحال من أنت؟ -أنا فلان إبن فلان من المنطقة الفلانية و أعمل في الوظيفة الفلانية... -يا سلام! إذن فحسب تقديرك فهذا التعريف وحده كاف برأيك... اممم...ربما هناك تفاصيل أخرى، فأنا متزوج من المرأة الفلانية و عندي الأولاد الفلانيون! -هذا كل شيء؟ يا سيادة الإنسان الصالح الذي يطالب بالعدالة! -في الحقيقة يا سيادة القاضي، لم أعرف القصد من سؤالك الغامض، فأنا طلبي واضح و صريح، تحقيق العدالة في مدينتنا! -سأقول لك من أنت! أجل...فبما أنني مطالب بتحقيق العدالة الشاملة و الكاملة حسب رأيك، فلما لا أبدأ بك إذن؟ أريد منك أن تعد لي جميع أخطائك، مع البشر، مع الحيوان و الشجر، مع نفسك و الحجر، الكبيرة و الصغيرة، التي تقال و التي لا تقال، أفعال أو أقوال،نيات و أسرار،عن قصد أو عن غير قصد، في السر أو في العلن... و بعد كل هذا يمكنني النظر في قبول الدعوى أو رفضها، بعدما أكون قد كونت فكرة أولية عنك فالعدالة ليست مزحة! و بعد تفكير طويل... -لا يا سيدي أنا هنا أتنازل عن الدعوى، و أفر من العدالة إلى الرحمة! -بل قم بطلبها منه! بقلم عبد الرزاق مربح (عبد الرحيم قال) |
الساعة الآن 03:46 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى