منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى اللغة العربية (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   عالمية الدور الحضاري للعربية (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=383763)

أمازيغي مسلم 05-11-2018 09:24 AM

عالمية الدور الحضاري للعربية
 
عالمية الدور الحضاري للعربية
أ. د. عبدالله أحمد جاد الكريم حسن

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

منذ أن قدَّر الله تعالى أن تحمل اللغةالعربية لواء الشريعة الإسلامية بنزول القرآن بلسانها، وهي تحقق بفضل الله تعالى، ثم بفضل جهود أبنائها، فتوحات مبينة شرقًا وغربًا؛ في مصر، وفارس، والروم،... إلخ، وأكد المؤرخ:(دوزي):
" أن أهل الذوق من الإسبان بهرتهم نصاعة الأدبالعربي، واحتقروا البلاغة اللاتينية، وصاروا يكتبون بلغة العربالفاتحين"[1].
وقال:( المستشرق الفرنسي: لويس ماسينيون):
" استطاعت العربية أن تبرز طاقة الساميين في معالجة التعبير عن أدق خلجات الفكر، سواءً كان ذلك في الاكتشافات العلمية والحسابية، أو وصف المشاهدات، أو خيالات النفس وأسرارها، واللغةالعربية هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلمي، والعربية مِن أنقى اللغات، فقد تميزت بتفردها في طرق التعبير العلمي والفني والصوفي، إن التعبير العلمي الذي كان مستعملاً في القرون الوسطى لم يتناوله القِدَم، ولكنه وقف أمام تقدم القوى المادية فلم يتطـور".
وقالت:( المستشرقة الألمانية: زيغريد هونكه):
" كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة، ومنطقها السليم، وسحرها الفريد!؟، فجيران العرب أنفسهم في البُلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة، فلقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيار يتكلمون اللغةالعربية بشغف، حتى إن اللغة القبطية مثلاً ماتت تمامًا، بل إن اللغة الآرامية - لغة المسيح - قد تخلت إلى الأبد عن مركزها، لتحتل مكانها لغةمحمد"[2].

وأشاد:( ماريو بل: مؤلف كتاب قصة اللغات:The Story of Languages) بأن:" العربية هي اللغة العالمية في حضارات العصور الوسطى، وكانت رافدًا عظيمًا للإنكليزية في نهضتها، وكثير من الأوربيات، وقد أورد قاموس (Littre) قوائم بما اقتبسته هذه اللغات من مفردات عربية، وكانت أولها: الإسبانية، ثم الفرنسية، والإيطالية، واليونانية، والمجرية، وكذلك الأرمنية، والروسية، وغيرها، ومجموعها 27 لغة، وتقدر المفردات بالآلاف".[3].

وقال الأستاذ:(ميليه):" إن اللغةالعربية لم تتراجع عن أرضٍ دخلَتْها؛ لتأثيرها الناشئ من كونها لغةدين ولغةمدنية، ولم تبقَ لغة أوربية واحدة لم يصلها شيء من اللسان العربي المبين، حتى اللغة اللاتينية الأم الكبرى، فقد صارت وعاءً لنقل المفردات العربية إلى بناتها"[4].
ويقول:( المستشرق الأمريكي: وليم ورل):" إن اللغةالعربية لم تتقهقر فيما مضى أمام أيِّ لغة أخرى من اللغات التي احتكَّت بها، وينتظر أن تحافظ على كِيانها في المستقبل، كما حافظت عليه في الماضي، وللغةالعربية لين ومرونة يمكِّنانها من التكيف لمقتضيات هذا العصر، إن اللغة التركية من خلال (250) سنةً لم تستطع القضاء على العربية، أو إضعاف مكانتها"[5]. ولقد أثبتت اللغةالعربية قدرتها على التلقي والتفاعل والتطور، فانبثق عن أصالتها: فعل حركي متجه نحو المستقبل المتجدد والمتطور، فكانت لغة عِلْم وحضارة إنسانية، تنبض بالإخصاب والتوليد والتجديد الإبداعي الوثيق الصلة بأصالته الإبداعية، فنتج عن ذلك: إيمان قوي بقدرتها على العطاء والإبداع؛ لأن اللغة هي: المُفعِّل الحقيقي للإبداع.
ويقول:( أرنست رينان في كتابه: تاريخ اللغات السامية):" من أغرب ما وقع في تاريخ البشرية، وصعب حل سره: انتشار اللغةالعربية، فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ ذي بدء، فبدأت فجأةً في غاية الكمال، بحيث لم يدخل عليها منذ نشأتها وإلى يومنا هذا أيُّ تعديل مهم، فليس لها طفولة ولا شيخوخة، ظهرت لأول مرة تامةً مستحكمةً، ولم يمضِ على فتح الأندلس أكثر من خمسين سنةً حتى اضطر رجالالكنيسة أن يترجموا صلواتهم بالعربية؛ ليفهمها النصارى"[6].
ويقول:( مرجليوث: الأستاذ بجامعة أوكسفورد):" اللغةالعربية لا تزال حيةً حياةً حقيقيةً، وهي واحدة من ثلاث لغات استولت على سكان المعمورة استيلاءً لم يحصل عليه غيرها؛ الإنجليزية والإسبانية أختاها، فهي تخالف أختيها بأن زمان حدوثهما معروف، ولا يزيد سنهما على قرون معدودة، أما اللغةالعربية؛ فابتداؤها أقدم من كل تاريخ"[7].
ويقول:( ماكس فانتا جوا في كتابه: المعجزة العربية):" الحق أن مؤرخينا قد حاولوا جهدهم أن يجعلوا من العالم الغربي محورًا للتاريخ، مع العلم بأن كل مراقب يدرك أن الشرق الأدنى هو المحور الحقيقي لتاريخ القرون الوسطى، إن تأثير اللغةالعربية في شكل تفكيرنا كبير"[8].
ويقول:( الاجتماعي اشبلنجر في كتابه: انهيار الغرب):" لقد لعبت العربية دورًا أساسيًّا كوسيلة لنشر المعارف، وآلية التفكير، خلال المرحلة التاريخية التي بدأت حين احتكر العرب على حساب اليونان والرومان عن طريق الهند، ثم انتهت حين خسروها"[9]، ويقول:(اشبلنجر في معجمه عن اللاتينية والعربية):" ليست لغة العرب أغنى لغات العالم فحسب، بل الذين نبغوا في التأليف بها لا يكاد يأتي عليهم العد"[10].
ويصرح:( ريتشارد كوتهبل) قائلاً:" لا يعقل أن اللغة الفرنسية والإنجليزية تحل محل اللغةالعربية، وإن شعبًا له آداب غنية متنوعة كالآدابالعربية، ولغة مرنة ذات مادة لا تكاد تفنى - لا يخون ماضيه، ولا ينبذ إرثًا وصل إليه بعد قرون طويلة عن طريق آبائه وأجداده، إن التباين الجزئي الذي يبدو بين اللهجاتالعربية لا بد أن يزول، وعليه، فسيكون لدينا منطقة عربية تتكلم لغةً واحدةً شاملةً، كان للعربية ماضٍ مجيد، وفي مذهبي أن سيكون لها مستقبل باهر"[11].

ويقول الأستاذ:( فنتجيو):" قد صارت العربية لغةً دوليةً للتجارة والعلوم"[12].
وتقول:( المستشرقة: زيغريد هونكه، مؤلفة كتاب: شمس العرب تسطععلى الغرب)[13]:
" لقد شاء الله أن يظهر من الأوربيين من ينادي بالحقيقة، ولا يغمطالعرب حقهم في أنهم حملوا رسالةً عالميةً، وأدوا خدمةً إنسانيةً للثقافة البشرية قديمًا وحديثًا ".
وتقول:" إنها سُبَّة أن يعلم أهل العلم من الأوربيين أن العرب أصحاب نهضة علمية لم تعرفها الإنسانية من قبل، وأن هذه النهضة فاقت كثيرًا ما تركه اليونان أو الرومان، ولا يُقدِّرون هذا، إن العرب ظلوا ثمانية قرون يشعُّون على العالم علمًا وفنًّا وأدبًا وحضارةً، كما أخذوا بيد أوروبا، وأخرجوها من الظلمات إلى النور، ونشروا لواء المدنية أنَّى ذهبوا في أقاصي البلاد ودانيها، سواء في آسيا، أو إفريقيا، أو أوروبا، ثم تُنكر أوروبا على العرب الاعترافَ بهذا الفضل".
وتقول:" إن هذه النظرة الأوربية دليل على ضيق أفق الغربيين، وخشيتهم قول الحق، والاعتراف للعرب بفضلهم، وخاصةً أنهم قد غيَّروا وجه العالم الذي نعيش فيه، إن هذا الكتاب يهدف - أيضًا - إلى تقديم شكر، كان يجب أن يقدم إلى العرب منذ عصور قديمة".
وتقول عن اللغةالعربية:" وهكذا تحولت لغة قبلية في خلال مائة عام إلى لغة عالمية، ليست اللغة ثوبًا نرتديه اليوم لنخلعه غدًا، لقد وجدت اللغةالعربية تجاوبًا من الجماعات، وامتزجت بهم، وطبعتهم بطابعها، فكونت تفكيرهم ومداركهم، وشكلت قيمهم وثقافتهم، وطبعت حياتهم المادية والعقلية، فأعطت للأجناس المختلفة في القارات الثلاث وجهًا واحدًا مميزًا"[14].

وفي القرن السابع عشر اهتمت أوروبا الشمالية والشرقية اهتمامًا خاصًّا بتدريس اللغةالعربية ونشرها، ففي عام 1636م قررت حكومة السويد تعليم العربية في بلادها، وبدأت روسيا تعتني بالدراسات الشرقية - والعربية على الخصوص - في عهد البطرس الأكبر الذي وجه إلى الشرق خمسةً من الطلبة الروسيين، وفي عام 1769م قررت الملكة كاترينا إجبارية اللغةالعربية، وفي عام 1816م أُحدث قسم اللغات السامية في جامعة بتروكراد.

ومن مظاهر عالمية العربية - أيضًا -: أن الكلمات العربية في اللغات الإسلامية: الفارسية، والتركية، والأوردية، والمالاوية، والسنغالية، أكثر من أن تحصى، والكلمات العربية في الإسبانية، والبرتغالية، ثم في الألمانية، والإيطالية، والإنكليزية، والفرنسية، ليست قليلةً أيضًا، ولقد التقت العربية بالفارسية، والسريانية، والقبطية، والبربرية، وكان عندها أسباب القوة؛ فهي لغةالقرآن، وتتميز ببناء قوي محكم، وتملك مادةً غزيرةً، لقد حملت العربية رسالة الإسلام، فغنيت بألفاظ كثيرة جديدة للتعبير عما جاء به الإسلام من مفاهيم، وأفكار، ونُظُم، وقواعدِ سلوكٍ، وأصبحت لغةالدين، والثقافة، والحضارة، والحكم، في آن واحد، وكانت اللغةالعربية - في سَعتها، وانتشارها في أرجاء العالم - تشبه عولمة اللغة الإنكليزية اليوم؛ من حيث الانتشار، والتسابق إلى تعلمها، ولكن اللغةالعربية لم تتجاوز حدودها اللغوية، وآفاقها الحضارية، ولم تحمل نزعةالشر والأذى والسيطرة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإنسانية لمخلوق، كما تحمله عولمة هذه الأيام، وكانت حضارة العرب والمسلمين تتسم بحمل الحب، والخير، واحترام الناس جميعًا، لا فرق فيها بين عربي أو عجمي، ولا بين أبيض أو أسود، ولا بين قوي أو ضعيف، والناس كلهم سواسية كأسنان المشط، وشتان ما بين اللغتين، وهيهات هيهات أن تبلغ الثانية جزءًا صغيرًا مما بلغته الأولى، وعاشت في ظلاله.

وغزت العربية اللغات الأخرى؛ كالفارسية، والتركية، والأوردية، والسواحلية، فأدخلت إليها حروف الكتابة، وكثيرًا من الألفاظ، وكان تأثيرها في اللغات الأخرى عن طريق الأصوات والحروف، والمفردات والمعاني والتراكيب، وأدَّى اصطدام العربية باللغات الأخرى إلى انقراض بعض اللغات، وحلول العربية محلها؛ كما حصل في العراق، والشام، ومصر، وإلى انزواء بعضها كالبربرية، وانحسار بعضها الآخر كالفارسية، ولقد أصبحت لغات الترك والفرس والملايو والأوردو تكتب جميعها بالحروف العربية، وكان للعربية الحظ الأوفر في الانبثاث في اللهجات الصومالية والزنجبارية؛ لرجوع الصلة بين شرق إفريقيا وجزيرة العرب إلى أقدم عصور التاريخ، وشاركت بحروفها وألفاظها في كل اللغات الأساسية في إفريقيا؛ وهي الهوسا، والماندنجو، والوولوف، والسواحلية، والصومالية، ولغات النيجر، والدناكل في إثيوبيا وإرتيريا، ولا تزال اللغةالعربية - في القرن العشرين والحادي والعشرين - تضيف فتوحات إلى ما سبق في كل دول العالم غير العربية وجامعاتها؛ كأستراليا، وأمريكا، واليابان، وإفريقيا، وغيرها؛ وذلك لدراسة اللغةالعربية، والوقوف على أسرارها.

هوامش:
[1] ينظر: تاريخ مسلمي إسبانيا (1 /317).
[2] مجلة اللسان العربي (24 /86)، عن كتاب (شمس العرب تسطع على الغرب).
[3] الجيلاني، إبراهيم بدوي، فن الترجمة وعلوم العربية178).
[4] فن الترجمة وعلوم العربية (ص303 - 304).
[5] الجندي، أنور، اللغةالعربية بين حماتها وخصومها25).
[6] الجندي، أنور، الفصحى لغة القرآن، ط الكتاب اللبناني، بيروت 1982م (ص 307).
[7] الجندي، أنور، اللغةالعربية بين حماتها وخصومها25) وما بعدها.
[8] المرجع السابق.
[9] المرجع السابق.
[10] المرجع السابق.
[11] الجندي، أنور، اللغةالعربية بين حماتها وخصومها25) وما بعدها، وينظر: جاد الكريم، عبدالله أحمد، سيدة اللغات ماضٍ مشرق وحاضر ومستقبل، مكتبة الآداب، القاهرة، 2009م.
[12] ينظر: مقال "اللغةالعربية وآراء المفكرين الغربيين" مرجع سابق.
[13] نقله عن الألمانية: فاروق بيضون وكمال دسوقي، ط دار الجيل، ودار الآفاق، بيروت، الطبعة الثامنة، 1413هـ /1993م.
[14] هونكه، زيغريد، شمس العرب تسطع على الغرب368).



الساعة الآن 01:56 PM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى