:13::13::13::13::13::13::13::13::13::13::13:
:13::13::13::13::13::13::13::13::13::13:
:13::13::13::13::13::13::13::13::13:
:13::13::13::13::13::13::13::13:
:13::13::13::13::13::13::13:
:13::13::13::13::13::13:
:13::13::13::13::13:
:13::13::13::13:
:13::13::13:
:13::13:
:13:
:4:

في آفاق السماء تراكمت وتلبدت الغيوم زرافات وزرافات .. وتلك عمالقة السحب تنازعت في سجال .. تزاحمت وتراكمت فوق بعضها وقالت للشمس تمهلي فليس لك اليوم مجال .. وقد هانت عليها المسافات حين ركضت مسرعة لا تواجه عناء العثرات .. ولكن قلة من الأشعة الشاردة كانت تطل من فتحات السحاب .. فتمتد ِأيدي السحب لتحجبها بعد لحظات .. معركة مبهمة كانت تدور بين الشمس والسحب .. تلك المعركة التي كانت توجد تناقضاً في الأجواء .. صورة تشتكي من أزمـة الدقة في أحوال تربك الأداء .. فجأة كان ذلك النهار البهي ثم يتبعه الانهيار .. ثم فجأة كان ذلك الليل والظلام .. ثم كان ذلك الانقشاع والضياء .. ثم كانت ملامح العصر الذي يغري بالعناق .. ثم فجأة مظاهر الظهيرة التي تربك الوئام .. ثم كان من جديد ذلك الليل والظلام والقتام .. وهنالك برق على البعد كان يلمح ويشتكي من قلة الصبر .. واللوحة برمتها كانت تؤكد لحظات في غير مواسمها .. وتؤكد أن الإفلات متعمد ليثير الانتباه .. حيث الملائكة الموكلة التي تنفذ المخطط والرسومات بقدر يخالف المألوف والعادة .. وفي ذلك اليوم فإن الزمن قد تعدى الدقة في القياسات والحسابات .. وتاه في برزخ التبدل والأنواء .. ثم فجأة كانت علامات البشائر حين بدأت السحب تستجيب بالرزاز .. أمطار خفيفة ورزينة بدأت ترطب الأجواء .. وتلك الإطلالة البشائر كانت ترد في أجواء تتراوح بين مواسم العصر والمساء .. حيث أغطية خفيفة من الغيوم كانت تجرح مقام الشمس ويفقدها الكبرياء .. ثم زاد البهاء بهاءً حين بدأت أسراب العصافير تركض نحو أوكارها أفراداً وجماعات .. ترفرف بأجنحتها في خفة ورشاقة وتعجل بعضها البعض بألوان الزقازيق .. كانت تحتمي بالأغصان حتى تتقي بلل الرزاز والماء .. والبلابل كان يسكرها سحر الطبيعة فتشدو وتغني بأعزب الألحان .. وفي الرياض تعمدت البراعم أن تتخفى في أكباد الندى .. ومثلت درراً في أصداف شفافة براقة كالزجاج يعجب كل من يشاهد ويرى .. وتلك المروج الخضراء قد تبدلت ألوانها وتحولت كالبساط جمالاً بروعة الزهراء .. مظاهر سحر وعجب قد بالغت في المحاسن والبهاء .. وروعة المجريات قد داعبت الخيال وأقدحت إلهام الشعراء .. ثم فجأة تململ اليوم وتمردت الغيوم عن الرزانة والوقار .. وبدأت عمالقة السحب تهدد بالبروق والرعود .. وبعدها انهار المزن تخاذلاً ثم بكى بكثافة الدموع ! .. أمطار وأمطار حتى تشكلت السيول والأنهار .. وقد أوجدت اللحظات ضرورة الالتزام بالحصن والأوكار .. فلا مجال لمتلاعب أو متمازح أن يتجاهر بالهزار .. ثم كانت تلك اللحظات التي أعقبت الانفعالات .. حيث نالت الغيوم كفايتها من الغضبة الكبرى ثم توقفت عن البكاء .. وحينها تواردت جحافل النسائم العليلة تغشي الوجوه بألوان الانتشاء .. وتلك نسمة شقية كانت تداعب الخصلات الشاردة في جبين الحسناء .. لتعود تلك الخصلات للجبين مرة أخرى في عناد وإصرار .. لوحة وقصة أخرى في ذلك اليوم البهي الجميل الذي أطرى القلوب بألوان الهناء .. وللطبيعة أيام ولحظات تمثل الترياق الذي يعادل الدواء والشفاء .
ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد