منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى القصة القصيرة (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=63)
-   -   موعد مع شخصية هامة ......... قصة بقلم بوفاتح سبقاق (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=45674)

بوفاتح سبقاق 11-11-2008 07:06 PM

موعد مع شخصية هامة ......... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
 


- لا تقلق يا هذا ، أنت على الأقل ودعت أهلك و ذويك .
- ما يحزنني هو عدم معرفة سبب وجودي هنا ...
- ومن منا يعرف سبب وجوده هنا أو هناك إلا الله يا بني .

فتح عيناه على هذا الحوار فإذا به يجد نفسه وسط غرفة صغيرة
بدون تهوية ، حوالي عشرين رجلا منهم الجالسون و النائمون و آخرون
خلف الباب يسترقون السمع .
تبدو على وجوههم علامات الحزن و التساؤلات العديدة و القاسم المشترك
الوحيد بينهم هو اللحية ، غير أنهم يختلفون في شكلها و حجمها ن فهناك من أطلقها بقوة في حين تعمد آخرون التقليل من كثافتها و تنظيمها .
- مرحبا يبدو أنك من مجموعة ليلة أمس ، هل أنت معني بالحملة الأخيرة ؟
- كنت سائرا في طريقي ، أوقفوني و أركبوني سيارتهم و قالوا لي لديك موعد مع شخصية هامة ...
- و هل تعتقد بأن هذه هي قاعة الإنتظار ؟ أي لقاء هذا الذي يرمي بك هنا أنت واحد من الجميع و جهز نفسك لما هو آت ، أنت تعيش الحلقة الأولى من مسلسل غير منتهي .
أراد أن يرد عليه و يبعد عنه هذا التشاؤم ، نظر حوله و لم يرى ما يبعث على التفاؤل أو الأمل ، هذا هو المكان الذي يطلقون عليه الحضيض .

و مازاد في دهشته هو طبيعة الوجوه التي لا توحي بأي خطر على المجتمع
يبدو أن أغلبهم من قطاع التعليم ، فاللغة العربية حاضرة بقوة في أحاديثهم
الأقلية المفرنسة تحبذ مقولة اللغة الوطنية لكي تفك أي إرتباط مع العرب و المشرق .

إستوعب الحقيقة المذهلة ، إنه في مـأزق كبير و من الواضح أنه ضمن مجموعة من المعتقلين السياسيين و عليه أن يكشف للسلطات هذا اللبس
و لكن أنى له ذلك ، و هل هؤلاء الأشخاص لا يحبون الوطن ؟ بالتأكيد كل واحد يعشق وطنه بطريقته الخاصة ، حتى من يقوم بإنقلاب يرفع شعار الوطنية و ينادي بالحفاظ على المصالح العليا لبلاد ، و من يسفك دماء
الأبرياء يعتبر الأمر ضريبة الحرية و جسر ضروري للمرور نحو الإستقرار
القاتل و المقتول كلاهما يرفع سلاحه بإسم المبادئ و المثل و التضحية و الحفاظ على مكاسب الأجداد و مستقبل العباد .

مرت الأيام رتيبة و مملة و لم يسأل عنه أحد ، نفس الأحاديث و الوجوه و الأكل ، المتغير الوحيد هو الزمن ، في البداية كانت تأتي بعد الأخبار عن الأوضاع المتقلبة في البلاد ، ثم نظرا لعدم وصول أي معلومات ، أضحت الإشاعات محورا للنقاش ، غير أنه تفطن لتلك اللقاءات المتكررة بين مجموعات معينة ، فدخل في إحداها ، فعرف حقيقة الأزمة و فهم خلفيات الإنسداد السياسي و خبايا اللعبة الديمقراطية ، لأول مرة يجد نفسه وسط مناضلين من الطراز الرفيع ، حاول تبادل الآراء و التأثير عليهم ة لكنه
وجد نفسه ينساق إليهم نظرا لكثرة الحجج و البراهين لديهم على فساد الأنظمة و ضرورة الرجوع الى الأصل و أن لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
بعد شهور عديدة أدرك بأنه يقيم بمدرسة و ليس سجنا ، فهناك مواعيد
للنقاش و التشاور و أخرى للعمل ، هكذا إجتمع رجال مع بعضهم كان من الصعوبة بمكان جمعهم في الخارج ، وجد قناعاته تتغير شيئا فشيئا ، ليس ثمة حكم بل نادي خاص يدير شؤون الناس ، و ليس هناك قانون بل كل ما في الأمر ديمقراطية شكلية إرضاءا للغرب .
الأمر الوحيد الذي لم يكن معروفا ، ساعة الإفراج و كيف سيكون هناك إطلاق سراح بدون محاكمة ؟ لم يظهر أي شيء يوحي بعودته الى عائلته و بدا و كأن إقامته ستطول الى وقت غير معلوم ، أصبح متيقن بأن الذين قرروا إدخاله الى هذا الجحيم ، منشغلين بأمور أخرى .

ذات صباح لاحظ أن ساحة السجن يسودها نوع من السكون على غير العادة و الوجوه تبدو متحفزة لشيء ما ، حتى تحركات الحراس يسودها
شيء من الحذر و الغرابة ، كل شيء يدل على إمكانية حدوث أمر طارئ
و فيما هو مستلقي على فراشه ذالك المساء ، سمع صراخا و ضجيج و طلقات نارية ، أسرع بالخروج فأبواب الزنزانات مفتوحة على مصراعيها
إنه تمرد داخلي كبير و الصراع بالأيدي و المعدات متواصل و الرصاص
يتهاطل من كل الجهات و الأجساد تتهاوى و تسقط في دماءها ، في حين أخذ بعض الجرحى يحاولون النهوض عبثا ، و يصرخون من الألم ، أخذت مجموعة أخرى تهلل و تكبر ، اللون الأحمر يملأ المكان و المشهد لا يقارن سوى بأفلام الرعب الدموية ، شاهد أحد الحراس يفتح الباب الكبير ، أسرع العشرات من المساجين بالهروب في حين فضلت القلة البقاء في زنزاناتهم
وقف يتأمل المجزرة مندهشا ، قدماه في حالة تجمد تام و تفكيره مشلول
وجد صعوبة في إختيار وجهته و فجأة داهمه تيار الوعي فلاحظ أن أغلبية الأحياء توجهوا نحو البوابة الكبيرة ، هرع نحوهم و هو مدركا بأن يد الله مع الجماعة .
خلف الأسوار كانت الفوضى عارمة ، سيارات و آليات عسكرية و قوات مكافحة الشغب ، كل الأسلاك الأمنية موجودة و الناس الذين في الخارج لم يفهموا شيئا ، المهم أن كل شخص يسعى الى الفرار بجلده ، المساجين يجرون نحو كل الإتجاهات و الرصاص يعزف كل أنواع الألحان .
وجد نفسه مع مجموعة يعرفها ، من حسن حظهم كانت الغابة قريبة ، ساروا عبر الوهاد و الجبال ، لا ينظرون خلفهم و لا يتوقفون و من حين لآخر كانوا يسمعون أزيز المروحيات ، فكانوا يختبئون ثم يواصلون المسير ، المنحدارت الجبلية تتطلب الحذر الدائم في حين تبدو الوديان الجافة أقل خطورة .
بعد يوم من المسير وصلوا الى منطقة آمنة و معزولة و دخلوا وسط كهف شاسع ، أخذ كل واحد جانبا منه و بقي أحدهم في الخارج يحرس .
- لقد نجح الهروب الكبير و نجحت الخطة ، ستتكلم وسائل الإعلام المحلية و الدولية عن هذا الإنجاز البطولي المميز .
- و لكن الى أين نتجه ؟ و متى ستتوقف ملاحقتنا ؟
- لا تقلق يا أخي ، أنا إبن المنطقة و أعرف كل خباياها، سنصل الى مبتغانا قبل حلول الفجر .

إستمع الى كلامهم و إقتنع بما لا يدع مجال للشك بأن الأمر مجرد نهاية حلقة و أن المسلسل ما يزال مستمرا .

روان علي شريف 13-11-2008 10:43 AM

رد: موعد مع شخصية هامة ......... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
 
و لكن الى أين نتجه ؟ و متى ستتوقف ملاحقتنا ؟
ويبقى السؤال مطروحا.

اجدت التعبير اخي بوفاتح كعادتك.
تشكر.

بوفاتح سبقاق 13-11-2008 04:27 PM

رد: موعد مع شخصية هامة ......... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
 
تحياتي أخي روان
بالفعل يبقى السؤال مطروح


الساعة الآن 07:18 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى