منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   المنتدى الاسلامي العام (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=90)
-   -   الشجاعة فى الحق خلق من الاخلاق الكريمة (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=44658)

معاوية الاثرى 06-11-2008 09:57 PM

الشجاعة فى الحق خلق من الاخلاق الكريمة
 
الشجاعة في الحق خلق من الأخلاق الكريمة
إعداد: هشام بن فهمي العارف
21/10/1429 الموافق 20/10/2008

قَرَن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأخلاق الحسنة المندرجة في المعروف بقول الحق، فعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:
(1) "لما ضممت إلي سلاح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وجدت في قائم سيف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رقعة فيها:
(2) "صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك". ["الصحيحة" (1911)]
وجاء في قول جعفر بن أبي طالب للنجاشي:
(3) "إن الله بعث فينا رسولاً، وهو الرسول الذي بشَّر به عيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ من بعده اسمه أحمد، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئاً، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف، ونهانا عن المنكر".["صحيح السيرة النبوية"(ص:167)]
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
(4) "هذه صفة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الكتب المتقدمة، وهكذا كان حاله ـ عليه الصلاة والسلام ـ، لا يأمر إلا بخير، ولا ينهى إلا عن شر، .. ومن أهم ذلك وأعظمه، ما بعثه الله ـ تعالى ـ به من الأمر بعبادته وحده لا شريك له، والنهي عن عبادة من سواه، كما أرسل به جميع الرسل قبله".
فقام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالدعوة إلى الله آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر لا يخشى في الله لومة لائم.
(5) "مكث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة عشر سنين، يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومحنة، وفي المواسم بمنى يقول: من يؤويني؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟ حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر ـ كذا قال ـ فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمشي بين رحالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه، فيخرج الرجل منا فيؤمن به، ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعاً، فقلنا: حتى متى نترك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطرد من جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه شعب العقبة، فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله نبايعك؟ قال:
(6) "تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني _ إذا قدمت عليكم _ مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة". [أخرجه أحمد وهو في "الصحيحة"(63)]
فكان مما أخذه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المسلمين في بيعة العقبة وشرّط: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يدل على ضرورة ارتباط هذه الشعيرة بإسلام المرء وإيمانه.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
(7) "إن للإسلام صوىً ومناراً كمنار الطريق، منها: أن تؤمن بالله ولا تشرك به شيئاً، وإقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تسلم على أهلك إذا دخلت عليهم، وأن تسلم على القوم إذا مررت بهم، فمن ترك من ذلك شيئاً فقد ترك سهماً من الإسلام، ومن تركهن [كلهن] فقد ولّى الإسلام ظهره".["الصحيحة"(333)، والصوى جمع "صوة" وهي أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة يستدل بها على الطريق وعلى طرفيها.أراد أن للإسلام طرائق وأعلاماً يهتدى بها]
والشجاعة خلق من الأخلاق الكريمة، فلا يجوز للمسلم كتمان الحق خوفاً من الناس، وإلا استعلى الباطل، وصار لأهله صولة وجولة، فيعمَّ الله القوم بالعقاب.
فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
(8) "لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه، أو شهده، أو سمعه". [أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد، وهو في "الصحيحة"(168)]
وفي رواية لأحمد:
(9) "فإنه لا يقرب من أجل، ولا يبعد من رزق"
وفي رواية ابن ماجه قال:
(10) "فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله! رأينا أشياء فهبنا".
وفي رواية ابن حبان:
(11) "فما زال بنا البلاء حتى قصَّرنا؛ وإنّا لنبلّغ في السر". ["صحيح موارد الظمآن"(1544)]
قال شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ:
(12) "وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفاً من الناس، أو طمعاً في المعاش. فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء كالضرب، والشتم، وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، ونحو ذلك، فهو داخل في النهي ومخالف للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه، فكيف يكون حال من لا يكتفي بذلك بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء، ويتهمهم في دينهم وعقيدتهم مسايرة منه للرعاع، أو مخافة أن يتهموه هو أيضاً بالباطل الذي إذا لم يسايرهم على ضلالهم واتهامهم؟! فاللهم ثبتنا على الحق، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين".
وقول شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ وفي الحديث النهي المؤكد، يشهد له ما أخبر به أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أيضاً، قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
(13) "إن الله يسأل العبد يوم القيامة حتى ليقول: فما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقَّن الله حجته، قال: أي رب! وثقت بك، وفَرَقْتُ من الناس".[أخرجه ابن ماجه، وهو في "الصحيحة"(929)]
قال في "النهاية":
(14) "فَرَقت: من الفَرَق ـ بالتحريك ـ؛ أي: الخوف، والفزع.
بمعنى خشيت الناس فلم أنكر المنكر. لذا فلا ينبغي للمسلم الفقيه القادر الآمن أن يخشى الناس، فإذا رأى منكراً فعليه أن ينكره، فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال:
(15) "أوصاني خليلي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخصال من الخير: أوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرّاً". ["صحيح الترغيب والترهيب(2320) وهو بتمامه في "الصحيحة" (2166)]
والمداهنة خلق مذموم يؤدي بصاحبه إلى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمخالطة الفسَّاق، وأهل البدع والأهواء، من غير إنكار عليهم، ينعش خلق المداهنة، ألا ترى إلى مداهنة أهل البدع بعضهم لبعض!!، فإن فرق الضلالة والبدع تسكت عن أمثالها من المبتدعة مداهنة.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ:
(16) "وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل المداهنة والمعاشرة وحسن السلوك ونحو ذلك مما يفعله بعض الجاهلين أعظم ضرراً، وأكبر إثماً من تركه لمجرد الجهالة، فإن هذا الصنف رأوا أن السلوك وحسن الخلق ـ مع الناس ـ ونيل العيش لا يحصل إلا بالمداهنة، فخالفوا الرسل وأتباعهم وخرجوا عن سبيلهم ومنهاجهم، لأنهم يرون بالعقل إرضاء الناس على طبقاتهم، ويسالمونهم ويستجلبون مودتهم ومحبتهم، وهذا مع أنه لا سبيل فهو إيثار للحظوظ النفسانية والدعة ومسالمة الناس، وترك المعاداة لله، وتحمل الأذى في ذاته. وهذا في الحقيقة هو الهلكة في العاجلة والآجلة، فما ذاق طعم الإيمان من لم يوالي في الله ويعادي فيه".


الساعة الآن 07:48 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى