منتديات الشروق أونلاين - اللغة الشعرية عند عبد القاهر الجرجاني

إذا ما اعتبرنا أن الشعرية في معناها العام هي مايجعل العمل الشعري عملا شعريا ، فإنه يمكن القول بأن مفهوم الشعرية قد أسس في النقد العربي منذ زمن بعيد ، فالمتأمل في كتابات النقاد العرب القدماء يجد أنهم قد أسسوا لعالم الشعرية من خلال بحثهم فيما يميز بين مستويات الكلام ، وذلك من خلال السؤال الذي طرحه النقاد العرب في مختلف مراحل النقد العربي حتى يومنا هذا : ما الذي يتفاضل به البلغاء شعراء وكتابا ؟ ، أو ما الذي يميز كلاما عن كلام فيصير به كلام خير من كلام ؟ .
من هنا انطلق العلامة عبد القاهر الجرجاني في كتابيه : دلائل الإعجاز وأسرار البلاغـة ليبحث في قضية التفرقة بين مستويات الكلام ، بدءا من الكلام العادي وصولا إلى الكلام المعجز وبينهما الكلام الأدبي ، وعلى الرغم من أن الأساس عنده هو البحث في إعجاز القرآن الكريم ، إلا أنه توقف طويلا للبحث في الكلام الأدبي وخصائصـه ، جاعلا منه سبيلا للوصول إلى معرفة إعجاز القرآن الكريم ، فأقام بذلك نظرية شعريـة تميز الكلام الشعري عن غيره من الكلام .

فأين تكمن هذه الشعرية في رأي العلامة عبد القاهر الجرجاني ؟

يرى عبد القاهر الجرجاني أن الذي يخلق شعرية النص الأدبي هو الاستعمال الخاص للغة ، هذا الاستعمال الخاص الذي يسميه النظم ،
فما الذي يعنيه بالنظم ؟ ، وبما يكون استعمالا خاصا للغة ؟ أي ؛
ما الذي يخلق شعرية اللغـة الشعريـة عند عبد القاهر الجرجاني ؟
لقد توصل عبد القاهر الجرجاني في بحثه عن خصائص اللغة الشعرية إلى إثبات العديد من المقولات النظرية التي يعتقد الكثير من المعاصرين بأنها مستوردة من الغرب وبأنه لم يسبق إليها في النقد العربي ، ومن هنا فإن الكثير من مقولات الشعرية قد سبق للنقد العربي التراثي أن توصل إليها على يد عبد القاهر الجرجاني ، الذي استطاع أن يضع أسس نظرية جمالية تميز الكلام الشعري عن غيره من الكلام بخصائص مازالت تشغل النقاد والمنظرين حتى يومنا هذا .