أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ﴾ :3:
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ: سورة السجدة من السور التي يُستحبُّ قراءتها في صلاة فجر يوم الجمعة، إنها تمرُّ على القلوب الخاشعة، فتُشجيها وتَرويها، جمع طيِّب، وبيت طيِّب، ووقت طيب، نَستمع إلى قرآن الفجر. ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾.[السجدة: 18]. فرق واسع بين الإيمان والفسق، وبَونٌ شاسع بين المؤمنين والفاسقين؛ روى الطبري بإسناده عن عطاء بن يسار قال: نزلتْ بالمدينة في عليِّ بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بين الوليد وبين عليٍّ كلام، فقال الوليد بن عقبة:" أنا أبسَطُ منك لسانًا، وأحدُّ منك سنانًا، وأرَدُّ منك للكتيبة"، فقال علي:" اسكت فإنك فاسق"؛ فأنزل الله فيهما: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾ [السجدة: 18] إلى قوله: ﴿ كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 20]. المؤمن: عمله صالح، والفاسق: عمله طالح، الإيمان: طريق الصلاح، والفسق: سبيل الفساد، المؤمنون يَخشَون ربهم، ويَرهبون آخرتهم، والفاسقون يعصون ربهم، ويُهمِلون آخرتهم، المؤمنون يَستعذِبون الطاعة، والفاسقون يَستمرِئون المعصية؛ لذلك كان المصير لكلا الفريقَين واضحًا، والجزاء لكل جانب محدَّدًا، كيف ذلك!!؟. ﴿ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 19]. إيمان عميق، وعمل صالح: يُساوي جنات المأوى من ربٍّ لطيف، وإلهٍ كريم: يُجازي السيئة بالسيئة، والحسنة بعشرٍ إلى سبعمائة ضعف. الذين يصدِّرون الخير، ويُسطِّرون الإصلاح، ويَنشدون الفلاح: لهم جنات، ولهم روضات، يوم يكون التعامل بالحسنات والسيئات، لا بالدينارات أو الدولارات!!؟. أما الذين يُصدِّرون الشرَّ، ويُسطِّرون الفساد، ويَنشدون الخراب، فلهم عذابات: يَكتوون بالنار التي هي: مأواهم ومصيرهم، يوم لا ينفع دينار أو دولار؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]. ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 20]. عصَوا ربهم، وكذَّبوا آخرتهم، وأفسدوا مجتمعهم، وفوَّضوا شيطانهم؛ لذلك هذا جزاؤهم:﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [السجدة: 21]. إنهم ذُكِّروا بآيات ربهم، فأَعرضوا عنها، وأُرشدوا لطرق الحق، فتخلَّوا عنها، فكانوا: أظلم البشَر؛ ولذلك كان الانتقام للمظلومين من الإجرام والمجرمين:﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [السجدة: 22]. أيْ: مِن هؤلاء الذين ذُكِّروا بآيات ربِّهم، ثمَّ أَعرضوا عنها؛ هؤلاء هم المُجرمون، فهَل يُسَمَّى الإنسان مُجْرِمًا: إن أعرض عن ذِكْر الله تعالى؟. هكذا سَمَّاه الله، والإنسان إذا ذُكِّر بآيات الله، ولم يعْبأ ولم يُعَظِّم ولم يخْشَ الله، فسَوف يتحرَّك إلى الشَّهوات، وله قِوى انْدِفاعِيَّة كبيرة جدًّا مثل: حُبِّ المال والنِّساء، والعُلُوِّ في الأرض، مِن دون روادِع، ومن دون مكابِح، ومن دون إيمان وخوف من الله، وذلك من لوازِم: الغفْلة عن الله تعالى، وعدم الاكْتِراث بآيات الله، وبالتالي: عدم الاكْتِراث بِوُجود الله تعالى، وبذلك: سوف ينْحَرِف الإنسان، ويتحول إلى الفسق والإجرام، فلا يَتساوى مع المؤمن الصالح. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. منقول بتصرف يسير. |
الساعة الآن 07:50 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى