ساعِ البريد ..
أمام مكتب البريد والليل باسط ذراعيه على الأرض . يجلس على كرسي قاس . يضطر للقيام بين الفينة والأخرى حتى لا يملّ. وظيفته أن يتحدى الضجر ويرتشف المساء جرعة واحدة . يحرس أكواماً من الورق ، يدفعنه الفضول لقراءتها ثم يحرق المكتب والفرار . أخرج كيس ما. نفضه مرتين ثم أعاده دغاراً يليق بكآبته . السجائر للأثرياء واللصوص . ذاك الكيس لمسامير الأرض والكادحين أمثاله . قرأت عشرات الجرائد . راقب قطة مصابة بالاسهال . تغوطت بضع مرات ودفنت برازها بصبر بالغ . البعوض يلسع ويتلاشى . الهواء يبعثر الجرائد . قلبه يخفق . جني مر من هنا : بسم الرّب جمعها وأخذ جولة ، أنه حارس البريد يا أوغاد . لا تحاولوا العبث برسائل العشاق والمهاجرين لأمهاتهم . إن أمضى عاماً آخر ، لن تكفيه مدخراته لعملية الكلى. بصق وشرب من السبيل . الخزين صاحب الدكان ينام مثل البغل تحت الناموسية . بوكوفسكي عمل في البريد وأصبح كاتباً عظيما . حياته حافلة بالجنون . هو يذبحه الملل . يعلقه مثل الشاة ويسلخ روحه . ربما لو فضض الخطابات وقرأها خلسة . ربما يخف إيقاع الضجر . _ماذا عن قسمك بحماية البريد ؟ =أخبرك أين تضعه؟ _ لا ، شكراً . حللنا مشكلة الضمير . ماذا تبقى ؟ اسرق مفتاح المخزن واصنع منه نسخة . _متى ستفعل ذلك ؟ =غداً بالضبط _قلت ذلك بالأمس ! = كان الليل قصيراً ! صياح ديك من بعيد . |
الساعة الآن 06:58 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى