إحلال العامية مكان اللغة العربية مخطط استعماري فرنسي قديم
08-08-2015, 05:32 PM
عثمان سعدي ، رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية ، يستنكر و يكشف خيوط مؤامرة حزب فرنسا ضد اللغة العربية و الهوية الوطنية

يومية الشروق اليومي : أوت 2015

حاوره: عبد الحميد عثماني

{ استنكر بشدّة، رئيسُ جمعيةالدفاع عن اللغة العربية، الدكتور عثمان سعدي، الدعوة إلى اعتماد "العامية" في المدرسة، مؤكدا أنها فكرة لا تمتّ بصلة لنظريات التعليم، ولم تأخذ بهاأي دولة في العالم، إنما رفعها من وصفهم بـ"الطابور الخامس للاستعمارالفرنسي الجديد"، من أجل تثبيت هيمنة اللغة الفرنسية، على حدّ تعبيره،محذّرا في حوار قصير مع "الشروق"، من أنْ يكون ذلك مقدمة لتدمير الوحدةالوطنية، كون العربية هي اللغة الجامعة لكلّ الجزائريين.

كيف استقبلتم توصية ندوة تقييم "الإصلاحات التربوية"، والمتعلقة بإدراج العامية في التعليم الابتدائي؟
قد استقبلته بحزن وأسى، ولم أفاجَأ به وبخاصة بعد تنصيب وزيرة تربية لا تحسن لغة المدرسة.

ألا يثبت الواقع أن "العامية" في المدرسة هي لغة التواصل الشفهي على الأقل، وبالتالي يبدو الجدل مصطنعا؟
نعم العامية لغة التواصل بين الأمّيين، بين العوام، لكن لغة المدرسة هي لغة المتعلمين في أي بلد بالعالم.

معناها أنّ مثل هذه الأطروحات غير مؤسسة علميا وبيداغوجيا؟
هي أبعد ما تكون عن العلم والتربية،في أي بلد متقدم تعتبر لغة المدرسة، أي الفصحى كما نسميها نحن، هي اللغةالتي هدفها الارتقاء بالإنسان ثقافيا واجتماعيا.

من خلال اهتمامك بقضايا التعليم، هل توجد "نظريات لسانية" موثوقة، تؤيد هذه الفكرة؟
أبداً، لا يوجد رجل تربية في بلدمتقدم يتكلم عن العامية كلغة، يدرسونها كظاهرة لسانية غير منظمة، لكناللسان الذي يُدرّس بالمدرسة هو لسان منظم راق.

كيف تنظر إلى تخوفات الرافضين لهذه التوصية، من أن يكون هذا الطرح مقدمات لتهميش اللغة العربية؟
هو مقدمة لتدمير الوحدة الوطنية،اللغة الوطنية التي هي العربية هي الجامعة للجزائريين، كما يقول الكاتبالفرنسي جيلبير كونت: "اللغة هي الجنسية نفسها، هي الوطن حيا ومنعّما فيذات كل واحد منا".

هل تعتبر الجدل القائم هو وجهٌ آخر للصراع الإيديولوجي أكثر منه إشكالية تعليمية؟
لا إيديولوجية بين العامية والفصحى،هذا الموضوع لا يثار في فرنسا أو ألمانيا أو أي بلد متقدم، لكن يثار عندنامن طرف الفرنكفونيين. الطابور الخامس للاستعمار الفرنسي الجديد هو الذييثيره من أجل تثبيت هيمنة اللغة الفرنسية على الدولة الجزائرية، الفرنسيونموحّدون لغويا؛ في بلادهم اللغة الفرنسية هي فرنسا كما يقولون، لكنهم رسميايقولون "في بلدان المغرب العربي أربع لغات: العربية الفصحى، والعامية،والبربرية، والفرنسية".

كيف الخروج برأيك من نفق الإيديولوجيا لوضع المدرسة على سكة التعليم الوطني الحديث؟
الخروج من النفق يأتي بتثبيتالمدرسة الأساسية، لجنة بن زاغو هي التي تتآمر على المدرسة، فألغت المدرسةالأساسية لأن لغتها كانت العربية، ومن الغريب أن بن زاغو مدير جامعة بابالزوار آنذاك كان عضوا في لجنة التربية في المؤتمر الرابع لحزب جبهةالتحرير الوطني الذي عُقد سنة 1979، كنتُ مقرر اللجنة، تقدّم بن زاغو للجنةبنفس الأفكار التي بثها في لجنته مؤخراً، والتي تولّد عنها اعتمادُالعامية بدل الفصحى، ورفض أعضاء لجنة المؤتمر الرابع بالإجماع أفكاره،فانسحب ولم يستمرّ في اجتماعات اللجنة.
للخروج من النفق لا بد من العودة إلى تدريس الفرنسية ابتداء من السنة الرابعة ابتدائي، واعتماد اللغة الإنجليزية في التعليم بنفس مستوى تعليم الفرنسية }.

ونعلق على الموضوع القديم الجديد بالتذكير بجهاد هذا المجاهد العظيم في الدفاع عن الهوية الوطنية من خلال الحفاظ على اللغة العربية و الدفاع عنها في الجزائر :

و للدكتور عثمان سعدي شيخ الأمازيغ و العرب في الجزائر ، أعمال جليلة ، تكشف المؤامرات و الدسائس الخسيسة ، التي قام بها الاستعمار الفرنسي ، أثناء الاحتلال ، لطمس الهوية الوطنية للشعب الجزائري ، و إضعافه بسياسة التمييز العرقي و الاختلاف الثقافي المزعوم ، كي تثبت أقدام فرنسا الاستدمارية في الجزائر إلى أقصى ما يمكن من الزمن ...نورد منها هذه المقتطفات ، المنقولة من يومية الشروق الجزائرية :



الارهاصات الأولى للمخطط الاستعماري :
إن الاستعمار الفرنسي لبلادنا لم تكن له أبعاد سياسية واقتصادية فحسب بل قدكانت له أبعاد دينية حيث اعتبر امتدادا للحروب الصليبية ، ولذلك فإن الجيشالفرنسي المسلح بالبنادق والمدافع قد صحبه جيش آخر من المنصرين مسلحبالإنجيل والمال ، ولقد اعتمدت فرنسا لبث الفرقة في البلاد والتمكينللفرنسة والتنصير برامج كثيرة خبيثة، وكان من أخبثها غرس النزعة العنصريةوالتفرقة بين المسلمين في الجزائر، باسم الثقافة البربرية المعتمدة علىاللغة الأمازيغية والديانة النصرانية، وقد بدأت فور حط رحالها في البلادبإنجاز دراسات حول اللهجات المستعملة في الجزائر، دراسات كان الهدف منهاإداريا فيما يبدو، قام بها مجموعة من المستشرقين والضباط والإداريين، لكنهالم تكن بريئة، فإن المستشرقين كانوا ولا يزالون خداما للمخططاتالاستعمارية، ففي سنة 1856م أعطى وزير الحرب الفرنسي أمرا لجيسلان (Geslin) بإعداد تقرير مفصل عن اللهجات المحلية المستعملة في الجزائر، وقد تمتقراءة التقرير ومناقشته من طرف لجنة من المستشرقين بأكاديمية الفنونوالآداب بباريس تحت إشراف المستشرق رينو (Reinaud)، ولا شك أن أمرا كهذا لايتعلق بمجرد مستعمرة جديدة .
ولما جاءت سنة 1880 كان الفرنسيون قد ألفوا دراسات في أغلب اللهجات المستعملة في الجزائر فألف الجنرال "هانوتو" قاموسا سماه "نحو اللغةالتمشقية" (لهجة الطوارق) وألف هو و"دوماس" في لهجة قبائل زواوة، وألف "إيميل ماسكري" في اللهجة الشاوية، وألف "موتيلانسكي" في الميزابية، وغيرهمفي غيرها.
لماذا التركيز على منطقة القبائل (زواوة)
ثم بدأت السياسات التطبيقية لتلك الدراسات تظهر على أرض الواقع شيئافشيئا، وتجلت نيات فرنسا من وراء اهتمامها بدراسة لهجات أهل الجزائر وعادات أهلها وأصولهم وأعراقهم، فقد أنشأت في عام 1880م المدرسة العليا للآداب بالجزائر، تلك المدرسة التي كان هدفها استشراقيا محضا .
وقد جهرت فرنسا بضرورة تكثيف الجهود لتمكين الاستعمار الثقافي في منطقة قبائل زواوة على وجه الخصوص ولفصلها عن سائر بلاد الجزائر، وذلك يرجع فينظري لما رأته من صلابة أهل المنطقة في الدفاع عن دينهم وأرضهم وحريتهم حيث أنها لم تحكم سيطرتها على كامل منطقة زواوة إلا عام 1857م والثورات لم تتوقف بعد ذلك، فإن فرنسا تخوفت من هذه المنطقة أكثر من غيرها، فقد رأتأهلها قد استجابوا لنداء الداي حسين ودافعوا عن الجزائر العاصمة، كماساندوا الأمير عبد القادر في جهاده ابتداء من عام 1837م إلى غاية 1846م،وساندوا جميع الثورات المحلية كثورة الشريف سي محمد الهاشمي (ت 1849) وثورةالشريف بو بغلة (ت1854) وثورة محمد التطراوي (ت 1855) وفاطمة نسومر (أسرتعام 1857)، وثورة المقراني (ت1871).
وهذا خلافا لتحليلات الفرنسيين المعلنة التي تزعم أنهم لاحظوا في أهل المنطقة سهولة الاندماج وضعف التدين لذلك طمعوا في فرنستهم وسلخهم عنهويتهم الإسلامية والعربية أكثر من غيرهم.
ولقد كان من آثار هذا التخوف تركيز حملات التنصير على منطقة زواوة حيثانتشر فيها جنود لافيجري "الآباء البيض" بكثافة وكان لهم نشاط واسع من خلالتقديم الخدمات الصحية والتعليمية وإقامة الكنائس، كما قررت الحكومةالفرنسية فتح مدارس في بعض قراها مع إجبار الأطفال على دخولها. كما حاربتزوايا العلم والقرآن وخاصة زوايا الطريقة الرحمانية التي ساندت الثوراتالشعبية ضد الاحتلال.
ونقل عن الكاردينال لافيجري أنه قال في مؤتمر للتنصير في بلاد القبائلعام (1867) :« إن رسالتنا تتمثل في أن ندمج البربر في حضارتنا التي كانت هيحضارة آبائهم، ينبغي وضع حد لإقامة هولاء البربر في قرآنهم، لا بد أنتعطيهم فرنسا الإنجيل، أو ترسلهم إلى الصحراء القاحلة بعيدا عن العالمالمتمدن».
وقد لاحظ الدكتور أبو القاسم سعد الله أن الفرنسيين قد غيروا حتى المصطلحات بعد مجاهرتهم بتسييس القضية وعزمهم على نشر التفرقة بين أهلالجزائر، فأصبحوا يستعلمون لفظ القبائل بدل زواوة، ولفظ القبائلية بدل البربرية.
ولقد كانت سياسة التفرقة بين العرب والقبائل جزءا لا يتجزأ من سياسةالحرب على الإسلام والعربية في الجزائر، تلك الحرب التي قادها المنصرون والمستشرقون والإعلاميون، وقد رأيت من سموم التفرقة والعنصرية ما كان يبثفي الكتب المدرسية التي كانت تدرس اللغة الدارجة العامية آنذاك، كحكايات العربي والزواوي، وحتى جحا لم يسلم من تلك النعرة حتى قسم إلى جحا العربيوحجا القبايلي، وفي بعض النوادر يظهر جحا الفرنسي أيضا!!
من اللغة والثقافة إلى الجنس والعرق . فالكابتن لوغلاي المشرف على التعليم في الجزائر يخطب في المعلمين الفرنسيين في بلاد القبائل في القرن التاسع عشر فيقول: “علموا كل شيء للبربر ما عدا العربية والإسلام”.
أجبر الفرنسيون ملك المغرب سنة 1930 على إصدار الظهير البربري، وهو مرسوم ملكي يعترف فيه للبربر بأن لا تطبق عليهم الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية، وإنما يطبق عليهم العرف البربري، فتصدى زعماء البربر أنفسهم عندما توجه شيوخ قبائل آيت موسى وزمّور إلى فاس ، وأعلنوا أمام علماء جامع القرويين رفضهم للظهير البربري .
بلادي و إن جارتْ علي عزيزة ٌ** و قومي و إن ضنوا علي كِرامُ
التعديل الأخير تم بواسطة بلحاج بن الشريف ; 08-08-2015 الساعة 06:06 PM سبب آخر: تصحيح بعض الأخطاء المطبعية