التطرّف صناعة سلفية...بقلم/ الكاتب: عدة فلاحي
12-03-2015, 08:46 AM
إذا صدقنا أو جارينا ما قاله أحد الأساتذة المصريين من أن ظهور السلفية الوهابية في مسرح الأحداث خلال الخلافة العثمانية، يُعدّ نكبة فكرية في تاريخنا المعاصر، فما ذلك إلا لننقل وجهة نظر إحدى النخب التي من المفترض أنها تعيش في بيئة حضارية متعددة الثقافات والديانات، ومع ذلك تسرب الخوف في نفوس أبناء حاضنة الأزهر الشريف الذي يمثل قلعة دينية وثقافية عريقة قائمة على قيم الوسطية والاعتدال، من انتشار المد السلفي بمصر وبالخصوص بعد التآمر على تنظيم الإخوان والتضييق على تحركاته ونشاطاته بل وحتى ملاحقته في الخارج للقضاء عليه. وبالتالي، ألا يحق لنا بالجزائر الخوف والحذر من السلفية الوهابية بكل مدارسها ونحن الذين فشلنا في التأسيس لقلعة دينية وفكرية صلبة وانقطعت صلتنا بالزيتونة التي تخرج منها مراجعنا الذين غيبهم الموت؟
ولكن هل أضحت المراجع الدينية التي أهينت كرامتها كافية لمقاومة المد السلفي، وبالخصوص إذا كانت مؤسساتنا حتى الرسمية منها تتعامل معه بوجهين، والغرض من وراء ذلك بلا شك سياسي تكتيكي، ولكن على المدى البعيد قد يتحول إلى عبء ثقيل يصعب التخلص منه. وهو الأمر نفسه الذي تتخوف منه بعض النخب المصرية التي حذرت الحكومة المصرية من الرهان على السلفيين الذين ما كان لهم التمكن لولا المعونات السعودية التي دفعت بملايير الدولارات للإطاحة بالمرجعية الإخوانية التي رأت فيها الخطر الذي يهدد مصالحها.
إذا أراد أي باحث أو كاتب مهما كان مستواه الثقافي التأكد من سياسة الغلو والتكفير التي أسس لها الفكر الوهابي مقابل صفقة سياسية تضمن له البقاء والهيمنة، فما عليه سوى الرجوع إلى المصادر والمراجع التاريخية التي كُتبت بأقلام سنية حتى لا نقول شيعية أو ليبيرالية، ومنها "تاريخ نجد" و"روضة الأفكار والإفهام" للشيخ حسين بن غنام، وقد كان من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن المقربين منه، و"تاريخ نجد" لمحمد شكري الآلوسي، و"المجد في تاريخ نجد" للمؤرخ ابن بشر الحنبلي.. فهذه المصادر وأخرى لا يتسع المقام لذكرها كلها أجمعت على أن التكفير على يدي الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان بالشبهة وعلى أتفه الأسباب، وأن المخالفين لوجهة نظر الوهابيين كان يُكفَّرون ويُقتَلون إذا لم يستتابوا ويستسلموا، بل إنهم كانوا عرضة للقتل والسبي وتُؤخذ منهم أموالهم وأرزاقهم لا فرق في ذلك بين شيخ أو صبي أو بين رجل أو امرأة أو كان على مذهب السنة أو الشيعة الذين قتل منهم الآلاف في كربلاء. وهذا يجعلنا نتأكد تماما ودون جدال من أن "داعش" هو صناعة سلفية وهابية وليس إخوانياً كما يريدون الترويج لذلك.
وشهد شاهد من أهلها؛ فإذا انتقلنا من ذكر المصار التاريخية القديمة بالرجوع إلى أحد الأعلام الدينية المحترمة، فدعونا نستمع إلى الدكتور عائض القرني، ففي حوار له مع قناة "أم بي سي"، قبل أيام قليلة من شهر مارس 2015، وُجّه إليه هذا السؤال: "ما تقييم الشيخ عامنامات