الفتح الإسلامي لبلاد المغرب.الجزأ الأول
16-11-2013, 01:47 PM
مقدمة
يعتبر الفتح الإسلامي لبلاد المغرب نتيجة حتمية اقتضتها طبيعة الحركة الإسلامية التي كانت تهدف
إلى نشر الدين الإسلامي، وتصفية الإمبراطورية البيزنطية المعادية للإسلام، خصوصا وأن بلاد
المغرب في ذلك الوقت كانت ولاية من الولايات التابعة لها.
ويفهم من أراء المؤرخين المعاصرين سواء كانوا عربا أو غير عرب أن سياسة الفتح الإسلامي التي
قامت بها الخلافة الأموية في المغرب هدفت إلى الاستيلاء على الإمبراطورية البيزنطية من الناحية
الغربية إضافة إلى نشر الإسلام طبعا إلى جانب الحملات العربية التي سادت منطقة الشام وآسيا
الصغرى من ناحية الشرق حتى يتمكن المسلمون من تطويق القسطنطينية و بالتالي الاستيلاء عليها.
1 أوضاع المغرب قبيل الفتح
الأوضاع السياسية،الاجتماعية و الدينية : لقد انتهى العصر القديم بتصدع الإمبراطورية الرومانية
تحت ضربات الجرمان. وكانت بلاد المغرب هدفا لأطماع الوندال ثم البيزنطيين ، غير أن هؤلاء
الغزاة لم يحتلوا القطر كله وإنما اقتصرت سيطرتهم على شمال تونس، وسواحل الجزائر، ومنطقة
طنجة، فاتسعت رقعة المناطق المستقلة وعظم نفوذها من قبائل البربر، خاصة في المغرب الأوسط
والأقصى وفى العصر الوسيط، كون سكان المنطقة مجموعات مبعثرة، إنعدمت بينهم الوحدة
السياسية، فكانت إفريقيا (تونس) تمثل أغنى المناطق وأكثرها سكانا وعمرانا، وأرقاها حضارة، إلا أن
أغلب المزارع الكبرى، كانت ملكا لبقايا الرومان،وكان الأهالي المغاربة يعملون في تلك المزارع ولا
ينالون حقوقهم.
أما الفلاحون المغاربة،فلم تكن لهم أراضي واسعة،ثم إنهم اثقلوا بالضرائب المتنوعة، وفيما يخص
المناطق المستقلة فإنها كانت تحت سلطة مختلف القبائل القاطنة بها والمتنافسة على امتلاكها من
البدو.
وفي مجال الحياة الدينية،فيبدو أن المسيحية كانت منتشرة في المدن، وخصوصا في إفريقيا (تونس)
وبين العجم والأفارقة، بينما اليهودية متواجدة في البوادي وبعض المدن، غير أن الديانة المحلية
القديمة، المتمثلة في أصول وثنية متأثرة بديانات الفينييين وغيرهم من شعوب حوض البحرالأبيض
المتوسط، فإنها كانت لا تزال منتشرة بين الاهالي.
وقد أدى انقسام المسيحيين بالمغرب إلى كاثوليك ودونا تبين إلى قيام حروب دينية بينهم ورسوخ
العداوة بين الطائفتين، ومما زاد اليوناننين حقدا على الكنيسة الكاثوليكية أن هذه الأخيرة تحالفت مع الحكام والأغنياء، وساهمت مع هؤلاء في اضطهاد الضعفاء والفقراء من الطوائف المنافسة لها –
ومطاردتهم. وهكذا فإن الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية بالمغرب كانت عند ظهور الإسلام
تمتاز بتأزم مزمن، وتمزق للوحدة القديمة، نتيجة ما منيت به البلاد من تسلط وثروتها الطبيعية.
غير أن هذه الأوضاع عرفت تحولا جذريا حينما تعرضت هذه المنطقة إلى الفتح الإسلامي قد دخلت
مرحلة جديدة من تاريخها وحضارتها.
2-الفتوحات الإسلامية
قبل التطرق إلى سير عملية الفتح في بلاد المغرب لابد من التعرض إلى دوافع الفتح وموقف المغاربة
منه.
أ- دوافع لفتح الإسلامي
- نشر الدين الإسلامي.
- التصدي للإمبراطورية البيزنطية.
- حماية ظهر الإسلام بمصر ومد رقعة الدولة الإسلامية إلى حدود أمنة.
- تقوية صف المسلمين بمؤمنين جدد.
-توسيع رقعة الدولة الإسلامية.
-إضافة موارد جديدة لبيت مال المسلمين.
ب- موقف المغاربة من الفتح الإسلامي
استغرقت عملية الفتح لبلاد المغرب مدة طويلة حوالي 70 سنة ويعزى ذلك إلى:
أ - توقف عملية الفتح بسبب الفتنة.
ب - موقف المغاربة السلبي من الفتح في البداية (المقاومة الأمازيغية للفاتحين) قاوم الأمازيغ الفاتحين
مقاومة شديدة لم تعترضهم في أي بلد فتحوه وهذا قبل أن يفهموا الإسلام،ولما فهموه اعتنقوه وتوثقت
الأخوة بينهم وبين الفاتحين، وشاركوا في فتح الأندلس.
ج- مراحل الفتح الإسلامي
مرت الفتوحات في المغرب بمرحلتين:
أ- المرحلة الاستكشافية : (الاستطلاعية) وتندرج ضمن هذه المرحلة الحملات الآتية :
-1 حملة عمرو ابن العاص ( 23 ه 614 م) بدأت الفتوحات للمغرب بعد فتح مصر مباشرة بقيادة
عمر ابن العاص ووالي مصر وفاتحها،إذ قام هذه القائد بفتح برقة وطرابلس سنة 23 ه لتامين حدود
مصر الغربية من خطر البيزنطيين الذين كانوا يحكمون المغرب ،يث خشي من محاولة البيزنطيين
استعادة مصر. وتشير الروايات العربية إلى أن عمرو ابن العاص أراد التوغل فيما وراء طرابلس
بعد استيلائه عليها حيث استأذن الخليفةعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في ذلك ولكن الخليفة رفض
أن يجيبه ومنعه من تنفيذه وهذه الرواية إن صحت فإنها تدل على أن الخليفة عمر كان يخشى على
جيوش المسلمين من أن تنسحب وتتبعثر في هذه المناطق الشاسعة وهي لم تزل بعد في حاجة إلى
توطيد نفوذها وسلطانها في البلاد التي فتحتها واستقرت فيها حديثا كالشام ومصر.
-2 حملة عبد الله بن سعد بن ابي السرح : ( 27 ه 647 م ) بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة 24 ه
جاء الخليفة عثمان ابن عفان (ض) الذي قرر استئناف فتح بلاد المغرب، فأرسل سنة 27 للهجرة
أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد والي مصر على رأس حملة قوية اجتاز بها طرابلس واستولى
على سفن الروم (البيزنطيين) التي كانت راسية على الشاطئ هناك، ثم واصل سيره إلى أفريقيا
(تونس) إلى أن التقى بجيوش البيزنطيين في موقعة سبيطلة سنة 27 ه وكان جريجوريوس حاكم
إفريقيا هو الذي يقود جيوش البيزنطيين. انتصر المسلمون في هذه الموقعة انتصارا حاسما وقتل
جرجير (كما يسميه العرب) على يد عبد الله ابن الزبير، الذي ترجح إليه الرواية الإسلامية الفضل في هذا الانتصار، على أن عبد الله بن سعد لم يستطع الاستمرار طويلا في عمليته العسكرية بالمغرب، إذ
اضطر إلى العودة إلى مصر لمحاربة أهل النوبة الذين هددوا مصر من الجنوب، لذلك عقد معاهدة
مع البيزنطيين، التزم فيها بإخلاء إفريقيا مقابل جزية سنوية كبيرة يدفعها البيزنطيون.
...............................يتبع
يعتبر الفتح الإسلامي لبلاد المغرب نتيجة حتمية اقتضتها طبيعة الحركة الإسلامية التي كانت تهدف
إلى نشر الدين الإسلامي، وتصفية الإمبراطورية البيزنطية المعادية للإسلام، خصوصا وأن بلاد
المغرب في ذلك الوقت كانت ولاية من الولايات التابعة لها.
ويفهم من أراء المؤرخين المعاصرين سواء كانوا عربا أو غير عرب أن سياسة الفتح الإسلامي التي
قامت بها الخلافة الأموية في المغرب هدفت إلى الاستيلاء على الإمبراطورية البيزنطية من الناحية
الغربية إضافة إلى نشر الإسلام طبعا إلى جانب الحملات العربية التي سادت منطقة الشام وآسيا
الصغرى من ناحية الشرق حتى يتمكن المسلمون من تطويق القسطنطينية و بالتالي الاستيلاء عليها.
1 أوضاع المغرب قبيل الفتح
الأوضاع السياسية،الاجتماعية و الدينية : لقد انتهى العصر القديم بتصدع الإمبراطورية الرومانية
تحت ضربات الجرمان. وكانت بلاد المغرب هدفا لأطماع الوندال ثم البيزنطيين ، غير أن هؤلاء
الغزاة لم يحتلوا القطر كله وإنما اقتصرت سيطرتهم على شمال تونس، وسواحل الجزائر، ومنطقة
طنجة، فاتسعت رقعة المناطق المستقلة وعظم نفوذها من قبائل البربر، خاصة في المغرب الأوسط
والأقصى وفى العصر الوسيط، كون سكان المنطقة مجموعات مبعثرة، إنعدمت بينهم الوحدة
السياسية، فكانت إفريقيا (تونس) تمثل أغنى المناطق وأكثرها سكانا وعمرانا، وأرقاها حضارة، إلا أن
أغلب المزارع الكبرى، كانت ملكا لبقايا الرومان،وكان الأهالي المغاربة يعملون في تلك المزارع ولا
ينالون حقوقهم.
أما الفلاحون المغاربة،فلم تكن لهم أراضي واسعة،ثم إنهم اثقلوا بالضرائب المتنوعة، وفيما يخص
المناطق المستقلة فإنها كانت تحت سلطة مختلف القبائل القاطنة بها والمتنافسة على امتلاكها من
البدو.
وفي مجال الحياة الدينية،فيبدو أن المسيحية كانت منتشرة في المدن، وخصوصا في إفريقيا (تونس)
وبين العجم والأفارقة، بينما اليهودية متواجدة في البوادي وبعض المدن، غير أن الديانة المحلية
القديمة، المتمثلة في أصول وثنية متأثرة بديانات الفينييين وغيرهم من شعوب حوض البحرالأبيض
المتوسط، فإنها كانت لا تزال منتشرة بين الاهالي.
وقد أدى انقسام المسيحيين بالمغرب إلى كاثوليك ودونا تبين إلى قيام حروب دينية بينهم ورسوخ
العداوة بين الطائفتين، ومما زاد اليوناننين حقدا على الكنيسة الكاثوليكية أن هذه الأخيرة تحالفت مع الحكام والأغنياء، وساهمت مع هؤلاء في اضطهاد الضعفاء والفقراء من الطوائف المنافسة لها –
ومطاردتهم. وهكذا فإن الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية بالمغرب كانت عند ظهور الإسلام
تمتاز بتأزم مزمن، وتمزق للوحدة القديمة، نتيجة ما منيت به البلاد من تسلط وثروتها الطبيعية.
غير أن هذه الأوضاع عرفت تحولا جذريا حينما تعرضت هذه المنطقة إلى الفتح الإسلامي قد دخلت
مرحلة جديدة من تاريخها وحضارتها.
2-الفتوحات الإسلامية
قبل التطرق إلى سير عملية الفتح في بلاد المغرب لابد من التعرض إلى دوافع الفتح وموقف المغاربة
منه.
أ- دوافع لفتح الإسلامي
- نشر الدين الإسلامي.
- التصدي للإمبراطورية البيزنطية.
- حماية ظهر الإسلام بمصر ومد رقعة الدولة الإسلامية إلى حدود أمنة.
- تقوية صف المسلمين بمؤمنين جدد.
-توسيع رقعة الدولة الإسلامية.
-إضافة موارد جديدة لبيت مال المسلمين.
ب- موقف المغاربة من الفتح الإسلامي
استغرقت عملية الفتح لبلاد المغرب مدة طويلة حوالي 70 سنة ويعزى ذلك إلى:
أ - توقف عملية الفتح بسبب الفتنة.
ب - موقف المغاربة السلبي من الفتح في البداية (المقاومة الأمازيغية للفاتحين) قاوم الأمازيغ الفاتحين
مقاومة شديدة لم تعترضهم في أي بلد فتحوه وهذا قبل أن يفهموا الإسلام،ولما فهموه اعتنقوه وتوثقت
الأخوة بينهم وبين الفاتحين، وشاركوا في فتح الأندلس.
ج- مراحل الفتح الإسلامي
مرت الفتوحات في المغرب بمرحلتين:
أ- المرحلة الاستكشافية : (الاستطلاعية) وتندرج ضمن هذه المرحلة الحملات الآتية :
-1 حملة عمرو ابن العاص ( 23 ه 614 م) بدأت الفتوحات للمغرب بعد فتح مصر مباشرة بقيادة
عمر ابن العاص ووالي مصر وفاتحها،إذ قام هذه القائد بفتح برقة وطرابلس سنة 23 ه لتامين حدود
مصر الغربية من خطر البيزنطيين الذين كانوا يحكمون المغرب ،يث خشي من محاولة البيزنطيين
استعادة مصر. وتشير الروايات العربية إلى أن عمرو ابن العاص أراد التوغل فيما وراء طرابلس
بعد استيلائه عليها حيث استأذن الخليفةعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في ذلك ولكن الخليفة رفض
أن يجيبه ومنعه من تنفيذه وهذه الرواية إن صحت فإنها تدل على أن الخليفة عمر كان يخشى على
جيوش المسلمين من أن تنسحب وتتبعثر في هذه المناطق الشاسعة وهي لم تزل بعد في حاجة إلى
توطيد نفوذها وسلطانها في البلاد التي فتحتها واستقرت فيها حديثا كالشام ومصر.
-2 حملة عبد الله بن سعد بن ابي السرح : ( 27 ه 647 م ) بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة 24 ه
جاء الخليفة عثمان ابن عفان (ض) الذي قرر استئناف فتح بلاد المغرب، فأرسل سنة 27 للهجرة
أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد والي مصر على رأس حملة قوية اجتاز بها طرابلس واستولى
على سفن الروم (البيزنطيين) التي كانت راسية على الشاطئ هناك، ثم واصل سيره إلى أفريقيا
(تونس) إلى أن التقى بجيوش البيزنطيين في موقعة سبيطلة سنة 27 ه وكان جريجوريوس حاكم
إفريقيا هو الذي يقود جيوش البيزنطيين. انتصر المسلمون في هذه الموقعة انتصارا حاسما وقتل
جرجير (كما يسميه العرب) على يد عبد الله ابن الزبير، الذي ترجح إليه الرواية الإسلامية الفضل في هذا الانتصار، على أن عبد الله بن سعد لم يستطع الاستمرار طويلا في عمليته العسكرية بالمغرب، إذ
اضطر إلى العودة إلى مصر لمحاربة أهل النوبة الذين هددوا مصر من الجنوب، لذلك عقد معاهدة
مع البيزنطيين، التزم فيها بإخلاء إفريقيا مقابل جزية سنوية كبيرة يدفعها البيزنطيون.
...............................يتبع