.: مفتاح العلوم :.
17-11-2018, 11:39 AM
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً وبعد .
فإن النحو مفتاح العلوم كلها ، وهو من أهم علوم الآلة ، إن لم يكن أهمها ؛ لأن نصوص الوحيين لا تفهم إلا به ، وفائدته صون اللسان عن اللحن فيهما وسائر الكلام ، ويبصِّر بمعاني الكلام الذي يُقرأ ، فلابد من الأخذ بحض وافر منه ؛ لأنه يزيد في العقل كما قال الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله [تهذيب التهذيب 4/303]، ويثبته ويزيد في المرؤة كما قال أمير المؤمنين عمر بن الحطاب رضي الله عنه [الجامع لأخلاق الرَّاوي وآداب السامع 2/25 (1067) ]، ويرق به الطبع كما قال الإمام الشافعي رحمه الله [تارخ بغداد 7/276] . ولقد أحسن إسحاق بن خلف المعروف بابن الطَّبيب رحمه الله حيث قال :
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في ["مجموع الفتاوى" 32/ 252]: معلوم أنَّ تعلُّمَ العربيَّة وتعليم العربية فَرض على الكفاية، وكان السَّلَف يُؤَدِّبُون أولادهم على اللَّحن، فنحن مأمورونَ أمر إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ أن نحفظَ القانونَ العربي، ونصلح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فَهم الكتاب والسُّنَّة، والاقتداء بالعرب في خِطَابِها، فلو تُرِكَ النَّاسُ على لَحْنِهِم كان نقصًا وعيبًا. ا.هـ
ومن أهمية تعلم العربية أن : "العلماء مجمعون على الدعاء إليها، بل شرطوها في المفتي، والإمام الأعظم والقاضي لصحة الولايات، واتفقوا على أن تعلمها وتعليمها من فروض الكفايات" [النووي -رحمه الله- في تهذيب الأسماء واللغات] .
وقال الشاطبي - رحمه الله - : "وعلى النَّاظرِ في الشريعةِ والمتكلم فيها أصولاً وفروعًا أمران؛ أحدهما: ألا يتكلَّمَ في شيء من ذلك حتى يكون عربيًّا أو كالعربي؛ في كونِه عارفًا باللِّسان العربي، بالغًا فيه مبلغ العرب؛ قال الشَّافعي - رحمه الله - : " فمن جهل هذا من لسانها - وبلسانها نزل الكتاب، وجاءت السنة - فتكلَّفَ القول في علمِها، تكلف ما يجهل بعضه، ومن تكلف ما جهل وما لم تثبتْ معرفتُه، كانت موافقته للصواب - إن وافقه - غيرَ محمودة، والله أعلم، وكان بخطئه غيرَ معذورٍ؛ إذ نطق فيما لا يحيطُ علمه بالفرقِ بين الخطأ والصواب فيها" [الاعتصام، ج1/503] .
" وإن مما ينفطر منه الفؤاد ، وتندى له الجباه أسىً أن يعرف الأعاجم قيمة هذا العلم وينكبون عليه ناهلين منه بنهم وهمة ، وترى في عدد كثير من أبناء العرب –الذين كان آباؤهم حراس اللغة وسدنتها- تقاعساً عن تعلمها والإقبال عليها ، فأسقطوا جاههم ، واتضعت رتبتهم ، وانحطت درجتهم ، وتنبه العدو الغادر لثمين مكنوزهم فظل يتطلبه ، ويتسور إليه ، قال الأديب الحاذق أبو فهر محمود شاكر رحمه الله في إحدى رسائله : ((ولكن اعلم أن لسان العرب كان له السيادة المطلقة على العالم قرونًا قبل ذلك طوالاً، وكانت المسيحية الشمالية مجاورة لهذا السلطان المطلق، ومصارعة لأهله صراعًا طويلاً تارة، ومخالطة لهم بالتجارة والرحلة وغيرها زمنًا طويلاً تارة أخرى، ولذلك كان هذا اللسان العربي معروفًا معرفة جيدة لطوائف من العامة والخاصة في ديار بيزنطة من ناحية، ومن قلب أوروبا نفسها لمجاورتها الأندلس... فبالهمة والإخلاص والعقل أيضًا كان لابد لهم أن يزداد عدد الذين يعرفون اللسان العربي ويجيدونه زيادة وافرة، لحاجتهم يومئذٍ إلى أن يعتمدوا اعتمادًا مباشرًا على الاتصال بالعلم الحي في علماء الإسلام؛ لكي يتمكنوا من حل الرموز اللغوية الكثيرة المسطرة في الكتب العربية))" [الهدية في الكشف عن طريقة تصنيف المقدمة الآجرومية ص22-23] .
فلابد من النظرِ إلى اللغة العربية على أنها لغةُ القرآن الكريم والسنة المطهرة، ولغةُ التشريع الإسلامي؛ بحيث يكون الاعتزازُ بها اعتزازًا بالإسلام، وتراثه الحضاري العظيم، فهي عنصرٌ أساسي من مقوماتِ الأمة الإسلامية والشخصية الإسلامية، والنظر إليها على أنها وعاء للمعرفةِ والثقافة بكلِّ جوانبها، ولا تكون مجردَ مادةٍ مستقلة بذاتها للدراسة؛ لأنَّ الأمَّةَ التي تهمل لغتَها أمةٌ تحتقر نفسَها، وتفرضُ على نفسِها التبعية الثقافية.
يقول مصطفى صادق الرافعي - رحمه الله - مبينًا هذا: "ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاَّ ذلَّ، ولا انحطَّت إلاَّ كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرضُ الأجنبيُّ المستعمر لغتَه فرضًا على الأمَّةِ المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمتَه فيها، ويستلحِقهم من ناحيتِها، فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحدٍ؛ أمَّا الأول: فحَبْس لغتهم في لغته سجنًا مؤبَّدًا، وأمَّا الثاني: فالحكمُ على ماضيهم بالقتلِ محوًا ونسيانًا، وأمَّا الثالث: فتقييد مستقبلهم في الأغلالِ التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ " . [وحي القلم (3/ 27)].
فهل يجمل بأحدٍ بعد هذا أن يزهد في تعلم العربية أو علم من علومها ليفهم بها الوحيين ؟!
أو يجمل به أن يصد بينها وبين المهتمين بها بكلمات تصد المتعلمين ، أو تحط من عزيمتهم أو تقلل من همتم ؟!
فإن النحو مفتاح العلوم كلها ، وهو من أهم علوم الآلة ، إن لم يكن أهمها ؛ لأن نصوص الوحيين لا تفهم إلا به ، وفائدته صون اللسان عن اللحن فيهما وسائر الكلام ، ويبصِّر بمعاني الكلام الذي يُقرأ ، فلابد من الأخذ بحض وافر منه ؛ لأنه يزيد في العقل كما قال الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله [تهذيب التهذيب 4/303]، ويثبته ويزيد في المرؤة كما قال أمير المؤمنين عمر بن الحطاب رضي الله عنه [الجامع لأخلاق الرَّاوي وآداب السامع 2/25 (1067) ]، ويرق به الطبع كما قال الإمام الشافعي رحمه الله [تارخ بغداد 7/276] . ولقد أحسن إسحاق بن خلف المعروف بابن الطَّبيب رحمه الله حيث قال :
الـنَّحْـــــوُ يَــبــْسُـطُ مِنْ لِـسَــانِ الأَلْكَـــــــنِ *** وَالمَـرْءُ تُعْظِمُهُ إِذَا لَمْ يَلْحَنِ
فَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ العُلُومِ أَجَلَّهَا *** فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ
لَحْنُ الشَّرِيفِ يُزِيلُهُ عَنْ قَدْرِهِ *** وَتَرَاهُ يَسْقُطُ مِنْ لِحَاظِ الأَعْيُنِ
وَتَرَى الوَضِيعَ إِذَا تَكَلَّمَ مُعْرِبًا *** نَالَ المَهَابَةَ بِاللِّسَانِ الأَلْسَنِ
مَا وَرَّثَ الآبَاءُ عِنْدَ وَفَاتِهِمْ *** لِبَنِيهِمُ مِثْلَ العُلُومِ فَأَتْقِنِ
فَاطْلُبْ هُدِيتَ وَلا تَكُنْ مُتَأَبِّيًا *** فَالنَّحْوُ زَيْنُ العَالِمِ المُتَفَنِّنِ
والنَّحْوُ مِثْلُ المِلْحِ إِنْ أَلْقَيْتَهُ *** فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْ طَعَامٍ يَحْسُنِ
قال ابن كثير - رحمه الله – [في "تفسيره" 2/ 467] : لغة العَرَب هي أفصح اللُّغات وأبينها وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أُنْزِل أشرف الكُتُب بأشرف اللُّغات على أشرف الرسل... إلى آخر كلامه - رَحِمَه الله تعالى.فَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ العُلُومِ أَجَلَّهَا *** فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ
لَحْنُ الشَّرِيفِ يُزِيلُهُ عَنْ قَدْرِهِ *** وَتَرَاهُ يَسْقُطُ مِنْ لِحَاظِ الأَعْيُنِ
وَتَرَى الوَضِيعَ إِذَا تَكَلَّمَ مُعْرِبًا *** نَالَ المَهَابَةَ بِاللِّسَانِ الأَلْسَنِ
مَا وَرَّثَ الآبَاءُ عِنْدَ وَفَاتِهِمْ *** لِبَنِيهِمُ مِثْلَ العُلُومِ فَأَتْقِنِ
فَاطْلُبْ هُدِيتَ وَلا تَكُنْ مُتَأَبِّيًا *** فَالنَّحْوُ زَيْنُ العَالِمِ المُتَفَنِّنِ
والنَّحْوُ مِثْلُ المِلْحِ إِنْ أَلْقَيْتَهُ *** فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْ طَعَامٍ يَحْسُنِ
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في ["مجموع الفتاوى" 32/ 252]: معلوم أنَّ تعلُّمَ العربيَّة وتعليم العربية فَرض على الكفاية، وكان السَّلَف يُؤَدِّبُون أولادهم على اللَّحن، فنحن مأمورونَ أمر إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ أن نحفظَ القانونَ العربي، ونصلح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فَهم الكتاب والسُّنَّة، والاقتداء بالعرب في خِطَابِها، فلو تُرِكَ النَّاسُ على لَحْنِهِم كان نقصًا وعيبًا. ا.هـ
ومن أهمية تعلم العربية أن : "العلماء مجمعون على الدعاء إليها، بل شرطوها في المفتي، والإمام الأعظم والقاضي لصحة الولايات، واتفقوا على أن تعلمها وتعليمها من فروض الكفايات" [النووي -رحمه الله- في تهذيب الأسماء واللغات] .
وقال الشاطبي - رحمه الله - : "وعلى النَّاظرِ في الشريعةِ والمتكلم فيها أصولاً وفروعًا أمران؛ أحدهما: ألا يتكلَّمَ في شيء من ذلك حتى يكون عربيًّا أو كالعربي؛ في كونِه عارفًا باللِّسان العربي، بالغًا فيه مبلغ العرب؛ قال الشَّافعي - رحمه الله - : " فمن جهل هذا من لسانها - وبلسانها نزل الكتاب، وجاءت السنة - فتكلَّفَ القول في علمِها، تكلف ما يجهل بعضه، ومن تكلف ما جهل وما لم تثبتْ معرفتُه، كانت موافقته للصواب - إن وافقه - غيرَ محمودة، والله أعلم، وكان بخطئه غيرَ معذورٍ؛ إذ نطق فيما لا يحيطُ علمه بالفرقِ بين الخطأ والصواب فيها" [الاعتصام، ج1/503] .
" وإن مما ينفطر منه الفؤاد ، وتندى له الجباه أسىً أن يعرف الأعاجم قيمة هذا العلم وينكبون عليه ناهلين منه بنهم وهمة ، وترى في عدد كثير من أبناء العرب –الذين كان آباؤهم حراس اللغة وسدنتها- تقاعساً عن تعلمها والإقبال عليها ، فأسقطوا جاههم ، واتضعت رتبتهم ، وانحطت درجتهم ، وتنبه العدو الغادر لثمين مكنوزهم فظل يتطلبه ، ويتسور إليه ، قال الأديب الحاذق أبو فهر محمود شاكر رحمه الله في إحدى رسائله : ((ولكن اعلم أن لسان العرب كان له السيادة المطلقة على العالم قرونًا قبل ذلك طوالاً، وكانت المسيحية الشمالية مجاورة لهذا السلطان المطلق، ومصارعة لأهله صراعًا طويلاً تارة، ومخالطة لهم بالتجارة والرحلة وغيرها زمنًا طويلاً تارة أخرى، ولذلك كان هذا اللسان العربي معروفًا معرفة جيدة لطوائف من العامة والخاصة في ديار بيزنطة من ناحية، ومن قلب أوروبا نفسها لمجاورتها الأندلس... فبالهمة والإخلاص والعقل أيضًا كان لابد لهم أن يزداد عدد الذين يعرفون اللسان العربي ويجيدونه زيادة وافرة، لحاجتهم يومئذٍ إلى أن يعتمدوا اعتمادًا مباشرًا على الاتصال بالعلم الحي في علماء الإسلام؛ لكي يتمكنوا من حل الرموز اللغوية الكثيرة المسطرة في الكتب العربية))" [الهدية في الكشف عن طريقة تصنيف المقدمة الآجرومية ص22-23] .
فلابد من النظرِ إلى اللغة العربية على أنها لغةُ القرآن الكريم والسنة المطهرة، ولغةُ التشريع الإسلامي؛ بحيث يكون الاعتزازُ بها اعتزازًا بالإسلام، وتراثه الحضاري العظيم، فهي عنصرٌ أساسي من مقوماتِ الأمة الإسلامية والشخصية الإسلامية، والنظر إليها على أنها وعاء للمعرفةِ والثقافة بكلِّ جوانبها، ولا تكون مجردَ مادةٍ مستقلة بذاتها للدراسة؛ لأنَّ الأمَّةَ التي تهمل لغتَها أمةٌ تحتقر نفسَها، وتفرضُ على نفسِها التبعية الثقافية.
يقول مصطفى صادق الرافعي - رحمه الله - مبينًا هذا: "ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاَّ ذلَّ، ولا انحطَّت إلاَّ كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرضُ الأجنبيُّ المستعمر لغتَه فرضًا على الأمَّةِ المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمتَه فيها، ويستلحِقهم من ناحيتِها، فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحدٍ؛ أمَّا الأول: فحَبْس لغتهم في لغته سجنًا مؤبَّدًا، وأمَّا الثاني: فالحكمُ على ماضيهم بالقتلِ محوًا ونسيانًا، وأمَّا الثالث: فتقييد مستقبلهم في الأغلالِ التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ " . [وحي القلم (3/ 27)].
فهل يجمل بأحدٍ بعد هذا أن يزهد في تعلم العربية أو علم من علومها ليفهم بها الوحيين ؟!
أو يجمل به أن يصد بينها وبين المهتمين بها بكلمات تصد المتعلمين ، أو تحط من عزيمتهم أو تقلل من همتم ؟!
فالله الله في لغة القرآن ومفتاح العوم .
.................................................. ......................................... ( محبكم )
.................................................. ......................................... ( محبكم )
من مواضيعي
0 الشتاء ربيع المؤمن
0 حراسُ العَقيدة ... ( خير الناس قرني ) .
0 وقفة مع حديث : ( اتق الله حيثما كنت )
0 الاحتلال الإنجليزي للهند وعوامل نبوغ الداعية أحمد ديدات رحمه الله ( 2 )
0 .: مفتاح العلوم :.
0 مداخل الشيطان
0 حراسُ العَقيدة ... ( خير الناس قرني ) .
0 وقفة مع حديث : ( اتق الله حيثما كنت )
0 الاحتلال الإنجليزي للهند وعوامل نبوغ الداعية أحمد ديدات رحمه الله ( 2 )
0 .: مفتاح العلوم :.
0 مداخل الشيطان
التعديل الأخير تم بواسطة القرني ; 29-11-2018 الساعة 05:54 AM