رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 06:58 PM
المسألة الثالثة عشرة: هل يصح الفصل بين الصلاة ودعاء الاستخارة؟
والمراد بالمسألة:
أن من صلى صلاة الاستخارة ثم فصل بينها وبين الدعاء بفاصل قليل (49)، أو ذكر الله وحمده قبل الشروع في الدعاء فهل جائز وتصح به الاستخارة أم لا؟
ذكر أهل العلم أنه إن كان الفاصل قليلاً ولم يطل لا يضر ذلك، كما أن الفصل بين الصلاة والدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إشكال فيه أيضاً، لأنه دعاء والدعاء يفتح بحمد الله والثناء عليه قبل الشروع فيه.
قال محي الدين النووي - رحمه الله-: ( ويستحب افتتاح الدعاء المذكور (50) وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله (51).
وقال بدر الدين العيني رحمه الله مبيناً قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة: " ثم ليقل اللهم..." قال: (دليل على أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل) (52).
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (قوله: "ثم ليقل" فيه أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصاً إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بـ (ثم) المقتضية للتراخي) (53).
المسألة الرابعة عشرة: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟
قد يستخير المسلم ربه في أمر ما، ثم يشعر أن الأمور لم تنجل جيداً، ولم تتضح له الصورة ولا وجه الخير فيما عزم عليه، فيحتاج إلى تكرار وإعادة الاستخارة مرة أخرى فهل يشرع له ذلك؟
قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( فإن قلت: هل يستح تكرار الاستخارة في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل. قلت: بلى، يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك) (54).
وقال علي القاري - رحمه الله -: ( ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس، فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أن يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (55).
وقال الشوكاني (56) - رحمه الله -: ( وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء؟ قال العراقي: الظاهر يستحب) (57).
إذن من أهل العلم من قال إنه يستحب فضلاً عن الجواز، مما يؤكد جواز تكرار الاستخارة.
وبجواز التكرار - أيضاً - أفتى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وسماحة الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني (58)، وقُيُد التكرار بقيد من لم تطمئن نفسه لصلاته الأولى.
والدليل على جواز تكرار الاستخارة ما يلي:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، والاستخارة دعاء بصورة مخصوصة فهي صلاة ثم دعاء، بمعنى أنها إلى الدعاء أقرب.
ثانياً: ما أخرجه مسلم في صحيحه، في قصة غزو أهل الشام الكعبة واحتراقها في زمن معاوية، وأراد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن ينقض بناءها قبل إصلاحها ثم يبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام فقال ابن الزبير: (يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم ابني بناءها، أو أصلح ما وهي منها؟) قال ابن عباس: (فإني قد فرق لي رأي فيها، أي أن تصلح ما وهي منها، وتدع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي صلى الله عليه سولم، قال ابن الزبير: ( لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده (59) فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثاً ثم عازم على أمري ...) (60).
والشاهد من الأثر والقصة قول الزبير: (إني مستخير ربي ثلاثاً) فهو دليل على جواز تكرار صلاة الاستخارة لأنه قول وفعل صحابي، فهو حجة إذا لم يعارض بل الأدلة العامة في مشروعية تكرار الدعاء والإلحاح فيه تؤيد هذا العمل.
ثالثاً: ( إن صلاة الاستخارة أشبه ما تكون بصلاة الاستسقاء من حيث إنها صلاة حاجة، وتشابهاً من حيث ارتباط الصلاة بالدعاء، وهذا النوع من الصلاة أشبه ما يكون دعاء بصورة مخصوصة، فإذا انضم إلى هذا المعنى اللغوي للصلاة - وهو الدعاء وكان الإكثار من الدعاء مطلوباً - فلا نرى مانعاً من تكرارها.... ومهما قيل فهي دعاء، والدعاء يستحب تكراره، والإلحاح فيه، سواء كان مخصوصاً أو غير مخصوص) (61).
وأما حديث أنس رضي الله عنه الذي فيه تكرار الاستخارة سبع مرات فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به على أنها تكرر سبع مرات (62).
(49) مثل أن يناديه أحد فيرد عليه بقوله: لحظة سآتيك بعد قليل.
(50) يعني: دعاء صلاة الاستخارة الذي جاء في حديث جابر رضي الله عنه.
(51) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين (2/28).
(52) عمدة القارئ (7/234).
(53) نيل الأوطار (3/89).
(54) عمدة القارئ (7/235).
(55) مرقاة المفاتيح (3/406). وبينت آنفاً أنه يستخير ويمضي فيها عزم ولا ينتظر انشراح الصدر.
(56) هو العلامة القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من علماء اليمن رحمه الله تعالى.
(57) نيل الأوطار (3/89).
(58) نقل ترجيحهما الشيخ عدنان عرعور في كتابه: ثلاث صلوات مهجورة (ص33).
(59) يجده: يجدده، انظر شرح مسلم للنووي (5/105).
(60) أخرجه مسلم في الشواهد والمتابعات (1333/402) في كتاب الحج، باب: نقض الكعبة.
(61) ثلاث صلوات مهجورة (ص 32-33) عدنان عرعور، وأثر ابن الزبير استفدته من كتابه.
(62) وهو حديث النضر بن أنس بن مالك حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه). لكنه ضعيف جداً وأشبه بالموضوع، قال الحافظ عن هذا الحديث في الفتح (11/223): (سنده واه جداً).
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: (281-282)، أنظر كتاب المجروحين لابن حبان (1/118)، انظر الكامل لابن عدي (1/411 - 412)، الميزان للذهبي (1/139).
ـ تبع ـ
والمراد بالمسألة:
أن من صلى صلاة الاستخارة ثم فصل بينها وبين الدعاء بفاصل قليل (49)، أو ذكر الله وحمده قبل الشروع في الدعاء فهل جائز وتصح به الاستخارة أم لا؟
ذكر أهل العلم أنه إن كان الفاصل قليلاً ولم يطل لا يضر ذلك، كما أن الفصل بين الصلاة والدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إشكال فيه أيضاً، لأنه دعاء والدعاء يفتح بحمد الله والثناء عليه قبل الشروع فيه.
قال محي الدين النووي - رحمه الله-: ( ويستحب افتتاح الدعاء المذكور (50) وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله (51).
وقال بدر الدين العيني رحمه الله مبيناً قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة: " ثم ليقل اللهم..." قال: (دليل على أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل) (52).
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (قوله: "ثم ليقل" فيه أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصاً إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بـ (ثم) المقتضية للتراخي) (53).
المسألة الرابعة عشرة: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟
قد يستخير المسلم ربه في أمر ما، ثم يشعر أن الأمور لم تنجل جيداً، ولم تتضح له الصورة ولا وجه الخير فيما عزم عليه، فيحتاج إلى تكرار وإعادة الاستخارة مرة أخرى فهل يشرع له ذلك؟
قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( فإن قلت: هل يستح تكرار الاستخارة في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل. قلت: بلى، يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك) (54).
وقال علي القاري - رحمه الله -: ( ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس، فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أن يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (55).
وقال الشوكاني (56) - رحمه الله -: ( وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء؟ قال العراقي: الظاهر يستحب) (57).
إذن من أهل العلم من قال إنه يستحب فضلاً عن الجواز، مما يؤكد جواز تكرار الاستخارة.
وبجواز التكرار - أيضاً - أفتى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وسماحة الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني (58)، وقُيُد التكرار بقيد من لم تطمئن نفسه لصلاته الأولى.
والدليل على جواز تكرار الاستخارة ما يلي:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، والاستخارة دعاء بصورة مخصوصة فهي صلاة ثم دعاء، بمعنى أنها إلى الدعاء أقرب.
ثانياً: ما أخرجه مسلم في صحيحه، في قصة غزو أهل الشام الكعبة واحتراقها في زمن معاوية، وأراد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن ينقض بناءها قبل إصلاحها ثم يبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام فقال ابن الزبير: (يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم ابني بناءها، أو أصلح ما وهي منها؟) قال ابن عباس: (فإني قد فرق لي رأي فيها، أي أن تصلح ما وهي منها، وتدع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي صلى الله عليه سولم، قال ابن الزبير: ( لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده (59) فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثاً ثم عازم على أمري ...) (60).
والشاهد من الأثر والقصة قول الزبير: (إني مستخير ربي ثلاثاً) فهو دليل على جواز تكرار صلاة الاستخارة لأنه قول وفعل صحابي، فهو حجة إذا لم يعارض بل الأدلة العامة في مشروعية تكرار الدعاء والإلحاح فيه تؤيد هذا العمل.
ثالثاً: ( إن صلاة الاستخارة أشبه ما تكون بصلاة الاستسقاء من حيث إنها صلاة حاجة، وتشابهاً من حيث ارتباط الصلاة بالدعاء، وهذا النوع من الصلاة أشبه ما يكون دعاء بصورة مخصوصة، فإذا انضم إلى هذا المعنى اللغوي للصلاة - وهو الدعاء وكان الإكثار من الدعاء مطلوباً - فلا نرى مانعاً من تكرارها.... ومهما قيل فهي دعاء، والدعاء يستحب تكراره، والإلحاح فيه، سواء كان مخصوصاً أو غير مخصوص) (61).
وأما حديث أنس رضي الله عنه الذي فيه تكرار الاستخارة سبع مرات فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به على أنها تكرر سبع مرات (62).
الحواشي:
(49) مثل أن يناديه أحد فيرد عليه بقوله: لحظة سآتيك بعد قليل.
(50) يعني: دعاء صلاة الاستخارة الذي جاء في حديث جابر رضي الله عنه.
(51) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين (2/28).
(52) عمدة القارئ (7/234).
(53) نيل الأوطار (3/89).
(54) عمدة القارئ (7/235).
(55) مرقاة المفاتيح (3/406). وبينت آنفاً أنه يستخير ويمضي فيها عزم ولا ينتظر انشراح الصدر.
(56) هو العلامة القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من علماء اليمن رحمه الله تعالى.
(57) نيل الأوطار (3/89).
(58) نقل ترجيحهما الشيخ عدنان عرعور في كتابه: ثلاث صلوات مهجورة (ص33).
(59) يجده: يجدده، انظر شرح مسلم للنووي (5/105).
(60) أخرجه مسلم في الشواهد والمتابعات (1333/402) في كتاب الحج، باب: نقض الكعبة.
(61) ثلاث صلوات مهجورة (ص 32-33) عدنان عرعور، وأثر ابن الزبير استفدته من كتابه.
(62) وهو حديث النضر بن أنس بن مالك حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه). لكنه ضعيف جداً وأشبه بالموضوع، قال الحافظ عن هذا الحديث في الفتح (11/223): (سنده واه جداً).
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: (281-282)، أنظر كتاب المجروحين لابن حبان (1/118)، انظر الكامل لابن عدي (1/411 - 412)، الميزان للذهبي (1/139).
ـ تبع ـ