ملاحظة : أنظمة الشهر متنوعة ولكن أهمها .
أقدم لكم اليوم موضوع بسيط بعنوان :
أنظمة الشهــر العقاري .
إن الهدف الرئيس من الشهر العقاري هو تحقيق الاستقرار اللازم للملكية العقاري بما يتناسب و أهميته تأثيرها على الاقتصاد، وهذا الاستقرار تتعدد انعكاساته الإيجابية على الجوانب القانونية والاقتصادية والاجتماعية في حياة المجتمع
وبغية تحقيق هذه الأهداف وضعت أنظمة لتسجيل أو شهر المعاملات العقارية يتم بموجبها قيد العقارات في دفاتر، سجلات و التي تصبح مرجعا للناس لمعرفة أوضاع العقارات من الناحية القانونية والمادية، وعموما فأنظمة الشهر تعددت و تنوعت غير أنه يمكن تصنيفها إلى نظامين أساسيين هما :
المطلب الأول : نظام الشهر الشخصي .
المطلب الثاني : نظام الشهر العيني .
المطلب الأول
نظام الشهر الشخصي .
تحددت معالم هذا النظام في فرنسا عبر قانون 28/06/1795 و الذي أوجب شهر الرهن العقاري بالإضافة إلى الهبة ، و يعد هذا القانون النموذج الأمثل لنظام الشهر الشخصي ، وعليه يتعين دراسة هذا النظام من خلال فرعين أساسيين ، على النحو التالي :
الفرع 1- مبادئ النظام.
الفرع 2- عيوب النظام .
الفرع الأول :
مبادئ هذا النظام .
يعتمد على انتقال الحقوق العقارية بمجرد التعاقد ، و يلعب الرضا دورا هاما في هذا النظام قصد نقل الحقوق ، ومنه لا يتعين اللجوء إلى أي شكل معين ، و منه فإن القيد لا يعتبر شيىء ضروري بل مجرد وسيلة لإعلام الغير .
و أهم من ذلك فإن القيد على مستوى مصالح الحفظ يتم على أساس اسم الشخص الذي قام بالتصرف العقاري و ليس على أساس العقار ، ومنه فإن العقار لا يعرف برقمه و لا بذاته و لكن يعرف العقار باسم مالكه ، لذا سمي هذا النظام بنظام الشهر الشخصي ، كما أن هذا نظام يجعل من يريد الكشف عن عقار ما أن يبادر إلى إجراء بحث عن اسم مالكه ، فضلا أن عملية الشهر أو القيد لا يمارس عليها أية مراقبة من طرف جهة متخصصة في الشؤون العقارية من خلال التحقق من صحة المعاملة محل عملية القيد .
كما أن الشهر في ظل هذا النظام لا يطهر التصرف من أي عيب ، وعليه فإن قيد العقد لا يترتب عنه انتقال الملكية بشكل نهائي و لا يحمي المتصرف إليه ضد صاحب الحق العيني ، حيث أنه يمكن لصاحب الحق استرجاعه عن طريق الطعن ، و يستنتج أن هذا النظام يحمي بدراجة الأولى صاحب الحقيقي و لا يمكن الاعتماد على القيد أو التسجيل للتخلص بشكل نهائي من العيوب الواردة في العقد .
الفرع الثاني :
عيوب نظام الشهر الشخصي .
من بين أهم العيوب التي لوحظت من خلال الممارسة على هذا النظام ، نجملها في النقاط التالية :
1- لا يقدم ضمانات للمتصرف لهم لأن الحق المكتسب معرض للزوال في أي وقت ، سيما في حالة الطعن في التصرف و الذي قد يترتب عنه بطلان التصرف أو فسخه ، وهذا يجعل المعاملات العقارية غير مستقرة و تفتقد للثقة .
2- أنه يقوم على قيد العقارات المتعامل فيها على أساس أسماء ، ومنه فمن يبحث عن عقار معين ملزم بالبحث و الكشف على اسم المالك و تحقق من تسلسل أسماء المالكين و إغفال إسم واحد أو الخطأ فيه يؤدي إلى استقاء معلومات خاطئة تزيد من هشاشة هذا النظام سيما في المناطق التي تتشابه فيها الأسماء أو التلقيب .
3- يعتمد على طرق ثلاثة للشهر فبالنسبة للحقوق العينية الأصلية فشهرها يتم عن طريق التسجيل ، أما بالنسبة للحقوق العينية التبعية فيتم الشهر عن طريق القيد ، وهنا حقوق أخرى يتم شهرها ‘نسخة طريق ما يسمى بتأشير على الهامش ، وتجدر الإشارة أن النصوص المعتمدة على هذا التميز لم تبرر ذلك و لم تقدم الأسباب لهذا المنهاج .
المطلب الثاني :
نظام الشهر العيني .
يجعل هذا النظام عملية الشهر الوسيلة الوحيدة لاكتساب الحقوق أو فقدها و يستند القيد أو التسجيل على موقع العقار و رقمه والمخطط المتضمن العقار والمنطقة و المكان المسمى و التي يوجد ضمنها هذا العقار ، و سندرس هذا النظام من خلال فرعين :
الفرع 1- مبادىء هذا النظام .
الفرع 2- عيوب هذا النظام .
الفرع الأول :
مبادئ هذا النظام .
يقوم هذا النظام على أساس العقار ذاته ، بحيث يتم القيد ضمن السجل العقاري و الذي يتكون من مجموعة من صحف العينية بحيث تخصص صحيفة لكل عقار ، و يقيد ضمنها كل ما يتعلق بالعقار من بيانات و صفية و قانونية أي هوية العقار ، وعملية البحث لا تتطلب إلا الرجوع إلى الصحيفة التى تمثل هوية العقار ، و تجدر الإشارة أن وزارة المالية قد اعتمدت منذ مدة نظام معلوماتي يدعم النظام أطلق عليه تسمية DFG أي نظام المعلومات العقارية العامة DOCUMENTATION FONCIERE GENERALE والتي تعمل بالتوازي و انسجام مع تلك المستعملة من طرف مصالح مسح الأراضي للإيجاد تطابق بين المعلومات بين المصالح و كذا مواصلة تحيين المعلومات بانتظام .
وتشرف على عملية الشهر مصلحة تسمى " المحافظة العقارية " و التي كانت في شكل مكاتب تابعة للمديرية الفرعية للولاية لشؤون أملاك الدولة و الشؤون العقارية و التي كانت تحت وصاية وزارة المالية كما جاء في نص المادة الأولى من المرسوم رقم 76/63 ، و بموجب المرسوم التنفيذي رقم 65-91 المؤرخ في 02/03/1991 أصبحت مصلحة عمومية مستقلة تابعة لمديرية الحفظ العقاري على مستوى الولاية التابعة لمديرية العامة لأملاك الوطنية على مستوى وزارة المالية .
أما لعملية القيد في ظل هذا النظام فأصبحت تعتمد على وسائل فنية من خلال التحري و التحقيق المسبق و الذي يعتمد على أسس فنية مساحية طبوغرافية قانونية ، بحيث يتم التحري و التحقق من المعلومات الخاصة بكل عقار و الذي تتولاه مصالح المسح .
و تجدر الملاحظة أنه في ظل هذا النظام فإن لإجراءات نقل الحق العقاري تنقسم إلى مرحلتين ، مرحلة التعاقد ثم مرحلة القيد أو الشهر ، فالأثر الملزم للتعاقد ينفصل عن الأثر العيني سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير ، فالعقد يرتب التزامات شخصية و تعد بذلك الشكلية سند اكتساب الحق ، فهي تنشئ الحقوق العقارية و في هذا النظام ، غير أنه في حالة عدم شهر التصرف في البطاقات العقارية فإن الحق محل المعاملة لا ينتقل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير .
كما أن هذا النظام يمنح حماية للحقوق المقيدة من خطر اكتسابها من قبل الغير عن طريق التقادم مثل سوريا ، أما بالنسبة لألمانيا و سويسرا فتجعل اكتساب الحقوق المقيدة عن طريق التقادم جد صعبة ، أما بالنسبة للمشرع الجزائري فإن نصوص القانون المدني تسمح باكتساب الحقوق عن طريق التقادم في حين أن قوانين الشهر التي اعتمدت نظام الشهر العيني لا تسمح بذلك و يتعين التنصيص صراحة على عدم إمكانية اكتساب الحقوق العقارية ضمن المناطق التي تم مسحها في إطار الأمر رقم 75/74 .
لقد أوجد هذا النظام السيد روبرت تورنس " Robert R. Torrens" الذي كان يعمل كعون في الجمارك ، و فكر في هذا النظام بعد تأثر من الورطة التي وقع فيها أحد زملائه عندما تعامل في عقار و فقد على إثرها كل أمواله ، لذا قام السيد تورنس بمطابقة نظام تسجيل البواخر على العقارات وتحقق ذلك بعد أن تم انتخابه في البرلمان الأسترالي سنة 1857 و بعد مجهودات تم اقتراح القانون الخاص بإصلاح نظلم تسجيل المعاملات العقارية و في 02جويلية 1858 دخل القانون حيز التنفيذ تحت عنوان " Real Property Act " ، و أهم المزايا التي يوفرها هذا النظام نذكر بالأخص :
1. تصفية الملكية و تطهيرها وقت إنشاء السند ، ومنه تظهر ملكية جديدة.
2. منح قوة ثبوتية التامة للقيد ضمن السجل العقاري .
3. ضرورة الإعلان عن كل الحقوق العينية العقارية و كل تغير يطرأ عليها .
4. إجراء مراقبة مسبقة لكل عقد خاضع للشهر قبل قيده في السجل العقاري .
5. تسهيل تداول و التعامل في الملكية العقارية .
و تجدر الإشارة أن هذا النظام بدأ العمل به في ظل الاستعمار الفرنسي ، وكانت البداية من خلال أعمال اللجنة البرلمانية الخاصة لسنة 1891 و التي تما اعتماد جزء منها ضمن قانون 17/03/1898 ، ثم قانون 16 أفريل 1930 و الذي تضمن تجديد عام للمسح ، مراقبة من خلال تحيين مسح نابوليون ، ثم قانون 17 ديسمبر 1941 و أخيرا المرسوم المؤرخ في 4 جانفي و 30 أفريل سنة 1955 و التي تضمن إصلاح نظام الشهر العقاري ، و بعد الاستقلال تم تكريس هذا النظام من خلال الأمر رقم 75/74 و المرسوم 76/63 المتضمن تأسيس السجل العقاري ، وأهم المبادئ التي يقوم عليها هذا النظام نذكر :
أولا- مبدأ المرآة :
تقتضي هذا المبدأ أن يسمح نظام الشهر العيني وسيلة تحقيق علنية لكل الأوضاع المادية و القانونية المتعلقة بالعقار ، بحيث يقدم معلومات عن هوية مالك الحقوق و طبيعتها بالإضافة على الأعباء التي تثقل العقار ، ومدى وجود معارضة من الغير أم لا ، فضلا عن ذكر أوصاف العقار المادية سواء فيما يخص المساحة ، الحدود ، طبيعة الأرض ، و منه فإن المتعامل في العقار سيقدر أحسن تقدير ما سوف يقدم عليه من معاملة بشأن عقار معين مادام أن هذا المبدأ يعكس حقيقة الحالة المادية و القانونية للعقار موضوع المعاملة المستقبلية ، فالمشتري له مقارنة الثمن الذي ينوي أن يدفعه مقابل اقتناء عقار معين و له الحكم بروية حول مدى تناسب الثمن و القيمة الحقيقية للعقار ، كما أن للدائن إمكانية معرفة ما إذا كانت قيمة العقار المقدم كضمان للدين كفيلة بتسديد الدين .
ثانيا- مبدأ تطهير الحقوق [1] :
أي أن الحق المقيد ضمن السجل العقاري خالي من أي إمكانية سلبه من الغير، لأن الحق قيد مطهراً و أن المالك صاحب العقار هو المالك الحقيقي و ليس هناك احتمال بروز مالك أخر يدعى ملكية العقار كما هو الحال في نظام الشهر الشخصي بحيث أن المالك الجديد أو المشترى يبقى مهددا من الحين إلى الأخرى بالطعن في السند المشهر، وعليه فبعد القيد في السجل العقاري فإن هذا السجل الرسمي يعتبر المصدر لإنشاء وانتقال الحقوق و إلغاء أو انقضاء الحقوق ،فيكن القيد الجديد بمثابة شهادة ميلاد جديدة للعقار بحيث يطهر الحقوق من الحقوق القديمة التي كانت تثقله وفي المقابل فإنه لا يعترف بالحقوق و الأعباء التي لم تشهر[2] .
ثالثا- مبدأ الضمان :
ومفاده أن هذا النظام يوفر للمتعامل في العقار الثقة بالحقوق العقارية ، و ذلك بمنح و سائل تحمي حقوقهم المشروعة، بحيث لهم إمكانية الطعن في الحقوق التي تم قيدها ضمن السجل العقاري إذا تمت سؤ نية ، و إلغائها و منه إلغاء الشهر باسم سيئ النية و قيدها باسم أصحابها الحقيقيين ، كما لهم إمكانية الحق في الحصول على تعويض بدلي مقابل تضيع و عدم إمكانية استرجاع الحقوق .
الفرع الثاني :
عيوب هذا النظام .
ينطوي هذا النظام على العيوب التالية :
1- أنه يسمح للغير حسن النية باكتساب حق عيني و إن كان صادرا من غير مالك مادام هو الشخص المقيد على أنه هو المالك أو صاحب الحق .
2- يتطلب إنجاز أعمال تكوين السجل العقاري نفقات جد باهظة و مدة زمنية طويلة سواء من المصالح الإدارية و الفنية المشرفة على العملية .
معلومات بسيطة ومختصرة بشدة من محاضرة قدمتها في إطار تكوين .
من إعداد : FLY1001
[1]- REVUE DE DROIT DE MCGILL , François Brochu«Qualifié par un auteur de principe du rideau» vol47 page 636 .
[2] - تنص المادة 16 من الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 و المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري : " لإن العقود الإرادية و الإتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو إنقضاء حق عيني ، لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلآ من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية ".
التعديل الأخير تم بواسطة FLY1001 ; 25-11-2008 الساعة 03:06 PM