تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 06:58 PM
المسألة الثالثة عشرة: هل يصح الفصل بين الصلاة ودعاء الاستخارة؟

والمراد بالمسألة:
أن من صلى صلاة الاستخارة ثم فصل بينها وبين الدعاء بفاصل قليل (49)، أو ذكر الله وحمده قبل الشروع في الدعاء فهل جائز وتصح به الاستخارة أم لا؟

ذكر أهل العلم أنه إن كان الفاصل قليلاً ولم يطل لا يضر ذلك، كما أن الفصل بين الصلاة والدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إشكال فيه أيضاً، لأنه دعاء والدعاء يفتح بحمد الله والثناء عليه قبل الشروع فيه.


قال محي الدين النووي - رحمه الله-: ( ويستحب افتتاح الدعاء المذكور (50) وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله (51).


وقال بدر الدين العيني رحمه الله مبيناً قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة:
" ثم ليقل اللهم..." قال: (دليل على أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل) (52).
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (قوله: "ثم ليقل" فيه أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصاً إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بـ (ثم) المقتضية للتراخي) (53).

المسألة الرابعة عشرة: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟


قد يستخير المسلم ربه في أمر ما، ثم يشعر أن الأمور لم تنجل جيداً، ولم تتضح له الصورة ولا وجه الخير فيما عزم عليه، فيحتاج إلى تكرار وإعادة الاستخارة مرة أخرى فهل يشرع له ذلك؟


قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( فإن قلت: هل يستح تكرار الاستخارة في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل. قلت: بلى، يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك) (54).


وقال علي القاري - رحمه الله -: ( ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس، فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أن يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (55).


وقال الشوكاني (56) - رحمه الله -: ( وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء؟ قال العراقي: الظاهر يستحب) (57).

إذن من أهل العلم من قال إنه يستحب فضلاً عن الجواز، مما يؤكد جواز تكرار الاستخارة.
وبجواز التكرار - أيضاً - أفتى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وسماحة الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني (58)، وقُيُد التكرار بقيد من لم تطمئن نفسه لصلاته الأولى.

والدليل على جواز تكرار الاستخارة ما يلي:

أولاً:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، والاستخارة دعاء بصورة مخصوصة فهي صلاة ثم دعاء، بمعنى أنها إلى الدعاء أقرب.

ثانياً:
ما أخرجه مسلم في صحيحه، في قصة غزو أهل الشام الكعبة واحتراقها في زمن معاوية، وأراد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن ينقض بناءها قبل إصلاحها ثم يبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام فقال ابن الزبير: (يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم ابني بناءها، أو أصلح ما وهي منها؟) قال ابن عباس: (فإني قد فرق لي رأي فيها، أي أن تصلح ما وهي منها، وتدع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي صلى الله عليه سولم، قال ابن الزبير: ( لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده (59) فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثاً ثم عازم على أمري ...) (60).

والشاهد من الأثر والقصة قول الزبير:
(إني مستخير ربي ثلاثاً) فهو دليل على جواز تكرار صلاة الاستخارة لأنه قول وفعل صحابي، فهو حجة إذا لم يعارض بل الأدلة العامة في مشروعية تكرار الدعاء والإلحاح فيه تؤيد هذا العمل.

ثالثاً: ( إن صلاة الاستخارة أشبه ما تكون بصلاة الاستسقاء من حيث إنها صلاة حاجة، وتشابهاً من حيث ارتباط الصلاة بالدعاء، وهذا النوع من الصلاة أشبه ما يكون دعاء بصورة مخصوصة، فإذا انضم إلى هذا المعنى اللغوي للصلاة - وهو الدعاء وكان الإكثار من الدعاء مطلوباً - فلا نرى مانعاً من تكرارها.... ومهما قيل فهي دعاء، والدعاء يستحب تكراره، والإلحاح فيه، سواء كان مخصوصاً أو غير مخصوص) (61).
وأما حديث أنس رضي الله عنه الذي فيه تكرار الاستخارة سبع مرات فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به على أنها تكرر سبع مرات (62).

الحواشي:

(49) مثل أن يناديه أحد فيرد عليه بقوله: لحظة سآتيك بعد قليل.
(50) يعني: دعاء صلاة الاستخارة الذي جاء في حديث جابر رضي الله عنه.
(51) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين (2/28).
(52) عمدة القارئ (7/234).
(53) نيل الأوطار (3/89).
(54) عمدة القارئ (7/235).
(55) مرقاة المفاتيح (3/406). وبينت آنفاً أنه يستخير ويمضي فيها عزم ولا ينتظر انشراح الصدر.
(56) هو العلامة القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من علماء اليمن رحمه الله تعالى.
(57) نيل الأوطار (3/89).

(58) نقل ترجيحهما الشيخ عدنان عرعور في كتابه: ثلاث صلوات مهجورة (ص33).
(59) يجده: يجدده، انظر شرح مسلم للنووي (5/105).
(60) أخرجه مسلم في الشواهد والمتابعات (1333/402) في كتاب الحج، باب: نقض الكعبة.
(61) ثلاث صلوات مهجورة (ص 32-33) عدنان عرعور، وأثر ابن الزبير استفدته من كتابه.
(62) وهو حديث النضر بن أنس بن مالك حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه). لكنه ضعيف جداً وأشبه بالموضوع، قال الحافظ عن هذا الحديث في الفتح (11/223): (سنده واه جداً).
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: (281-282)، أنظر كتاب المجروحين لابن حبان (1/118)، انظر الكامل لابن عدي (1/411 - 412)، الميزان للذهبي (1/139).

ـ تبع ـ
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:01 PM

المسألة الخامسة عشرة: من لم يتمكن من الصلاة فهل يجوز له أن يقتصر
على دعاء الاستخارة وحده دون أن يصلي ركعتين؟



معلوم أن الاستخارة تكون بركعتين، ثم الدعاء بعد الصلاة، ولكن إن لم يستطع المسلم الصلاة فهل يستخير بالدعاء الوارد فقط دون الصلاة؟


وذلك كالمرأة الحائض مثلاً، إذا طرأت لها حاجة وأرادت أن تستخير فهي لا تستطيع الصلاة، فهل يشرع لها الاستخارة بالدعاء فقط؟


الجواب: نعم تجوز الاستخارة بالدعاء دون الصلاة لمن لا يمكنه الصلاة، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، حيث أجازوا الاستخارة بالدعاء فقط من غير صلاة إذا تعذرت الاستخارة بالصلاة والدعاء معاً(63).


قال النووي رحمه الله تعالى: " ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء"(64).


المسألة السادسة عشرة: ما الحكمة من تقديم صلاة ركعتين على دعاء الاستخارة؟


إن الله سبحانه وتعالى موصوف بالحكمة، وديننا الإسلامي دين حكمة وتدبر. وقد يحاول الإنسان التوصل إلى شيء من الحكم التي في النصوص الشرعية، فيعرف حكمة التشريع فيزداد إيماناً وثباتاً، وإن لم تظهر لنا الحكمة قلنا سمعنا وأطعنا.
ودعاء الاستخارة مسبوق بصلاة ركعتين، فحاول بعض أهل العلم معرفة الحكمة من ذلك.


فقالوا: إن الهدف من الاستخارة أن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وأن يبعد الله عنه شر ما يريد الإقدام عليه، فهذا الطلب نوع دعاء يحتاج إلى مقدمة فيها ذل وخشوع ومناجاة واعتراف يقرع بها باب الملك قبل الشروع في الطلب وليس أفضل وأنجح لذلك من الصلاة.


قال الحافظ ابن حجر: ( قال ابن أبي جمرة: الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلاً وحالاً ) (65).


وقال العلامة ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: ( ثم انظر رحمنا الله وإياك إلى حكمة أمره عليه الصلاة والسلام المكلف بأن يركع ركعتين من غير الفريضة، وما ذاك إلا لأن صاحب الاستخارة يريد أن يطلب من الله قضاء حاجته.


وقد قضت الحكمة أن من الأدب قرع باب من تريد حاجتك منه، وقرع باب المولى سبحانه وتعالى إنما هو بالصلاة...، ولأنها جمعت بين آداب جمة فمنها خروجه عن الدنيا كلها وأحوالها بإحرامه بالصلاة، ألا ترى إلى الإشارة برفع اليدين عند الإحرام إلى أنه خلف الدنيا وراء ظهره، وأقبل على مولاه يناجيه، ثم ما فيها من الخضوع والندم والتذلل بين يدي المولى الكريم بالركوع والسجود؟ إلى غير ذلك مما احتوت عليه من المعاني الجليلة ليس هذا موضع ذكرها.


فلما أن فرغ من تحصيل هذه الفضائل الجمة حينئذ أمره صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام بالدعاء ) (66).


الحواشي:
(63) ابن عابدين (1 / 643)، وحاشية العدوي والخرشي (1 / 38)، والفتوحات الربانية (3 / 348).
(64) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين ( 2/28).
(65) فتح الباري (11/222).
(66) المدخل (4/38 - 39) بتصرف يسير.

ـ يتبع ـ

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:05 PM
الجمع بين الاستخارة والاستشارة

إن الله سبحانه بكرمه وحكمته امتن على بعض عباده بعقل راجح، ونظر ثاقب وحكمة بليغة، وتجارب في الحياة كبيرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لذا كان الأسعد للمسلم أنه إذا اختار ربه في أمر ما، استشار ذوي العقول الناصحة فالجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال الحكمة والفهم والسلامة.

ومن أحسن ما قيل:
شاور سواك إذا نابتك نائبة =======فالعين تلقى كفاحاً من نأى ودنا
يوماً وإن كنت من أهل المشورات=====ولا ترى نفسها إلا بمرآة (68).

وقال ابن الحجاج المالكي - رحمه الله-: " والجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال الامتثال للسنة، فينبغي للمكلف أن لا يقتصر على إحداهما، فإن كان ولابد من الاقتصار فعلى الاستخارة لما تقدم من قول الراوي: (كان رسول الله ( يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ما يعلمنا السورة من القرآن). والاستخارة والاستشارة بركنهما ظاهرة بينة لما تقدم ذكره من الأمثال للسنة والخروج عما يقع في النفوس من الهواجس والوساوس وهي كثيرة متعددة.، وقال بعض السلف: ( من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العلماء ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما ضل) (69).

وقال أبو الحسن المارودي الشافعي - رحمه الله -: (ومن الحزم لكل ذي لب أن لا يبرم أمراً ولا يمضي عزماً إلا بمشورة ذي الرأي الناصح ومطالعة ذي العقل الراجح؛ فإن الله أمر بالمشورة نبيه ( مع ما تكفل به من إرشاده وعونه وتأييده فقال تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) ) (70).

وقال النووي - رحمه الله-: ( يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة، والخبرة، ويثق بدينه ومعرفته... وإذا استشار وظهر أنه مصلحة، استخار الله في ذلك) (71).

وقال ابن حجر الهيثمي: ( حتى عند التعارض - ( أي تقديم الاستشارة) - لأن الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس لغلبة حظوظها وفساد خواطرها، وأما لو كانت نفسه مطمئنة صادقة إرادتها متغلبة عن حظوظها قدم الاستخارة) (72).

وقال شيخ الإسلام: (ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وتثبت في أمره، وقال تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (آل عمران: من الآية159) (73).

وقال قتادة: ( ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم) (74).

الحواشي:
(68) انظر كشف الخفا للعجلوني (2/185 - 186).
(69) المدخل (4/40 - 41) بتصرف يسير.
(70) نقله ابن الحاج في المدخل (4/41).
(71) الموسوعة الكويتية (3/243).
(72) الموسوعة الكويتية (3/243).
(73) الوابل الصيب (ص247).

ــ يتبع ــ
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:08 PM
خصال من يُستشار:

فإذا علمت أهمية الاستشارة فاعلم أن من يستشار وتطلب منه المشورة له خصال وصفات حميدة، ذكرها بعض أهل العلم، فرأيت نقلها إتماماً للفائدة، وليعلم المسلم على من يطرح أمره، ولمن يفشي سره.

قال ابن الحاج المالكي رحمه الله في هذا الصدد:

( فإذا عزم على المشورة ارتاد لها من أهلها من استكملت فيه خمس خصال:
إحداهن: عقل كامل مع تجربة سابقة، فإن بكثرة التجارب تصح الروية، وقال عبد الله بن الحسن لابنه محمد: احذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحاً كما تحذر عداوة العاقل إن كان عدواً، فإنه يوشك أن يورطك بمشورته فيسبق إليك مكر العاقل وتوريط الجاهل.

وكان يقال: إياك ومشاورة رجلين: شاب معجب بنفسه قليل التجارب في غرة، وكبير قد أخذ الدهر من عقله كما أخذ من جسمه، وقيل في منثور الحكم: كل شيء محتاج إلى العقل، والعقل محتاج إلى التجارب.

وقال الشاعر:
ألم تر أن العقل زين لأهله====ولكن تمام العقل طول التجارب

والخصلة الثانية: أن يكون ذا دين وتقى فإن ذلك عماد كل صلاح وباب كل نجاح، ومن غلب عليه الدين فهو مأمون السريرة موفق العزيمة.
والخصلة الثالثة: أن يكون ناصحاً ودوداً فإن النصح والمودة يصدقان الفكرة ويمحصان الرأي.
وقال بعض الحكماء: لا تشاور إلا الحازم غير الحسود، واللبيب غير الحقود، وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهم إلى الأفن (75)، وعزمهن إلى الوهن.
وقال بعض الأدباء: مشورة المشفق الحازم ظفر، ومشورة غير الحازم خطر.

وقال بعض الشعراء:
أضف ضميراً لمن تشاوره====وارض من المرء في مودته
واسكن إلى ناصح تشاوره====بما يؤدي إليك ظاهره


والخصلة الرابعة:
أن يكون سليم الفكر من هم قاطع وغم شاغل. فإن من عارضت فكرته شوائب الهموم لم يسلم له رأي ولم يستقم له خاطر. وقد قيل في منثور الحكم: بترداد الفكر ينجاب لك العكر.
والخصلة الخامسة: أن لا يكون له في الأمر المستشار فيه غرض يتابعه ولا هوى يساعده، فإن الأغراض جاذبة، والهوى صاد، والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد.

وقال الفضل بن العباس:


وقد تحكم الأيام من كان جاهلاً ====ويحمد في الأمر الفتى وهو مخطئ
ويردي الهوى ذا الرأي وهو لبيب====ويعذل في الإحسان وهو مصيب

فإذا استكملت هذه الخصال الخمس في رجل كان أهلاً للمشورة، ومعدناً للرأي فلا تعدل عن استشارته اعتماداً على ما توهمه من فضل رأيك وثقة بما تستشعره من صحة رويتك، فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم، وهو من الصواب أقرب؛ لخلوص الفكر وخلو الخاطر مع عدم الهوى وارتفاع الشهوة (76).


وقال بعض الحكماء: " الناس ثلاثة: فواحد كالغذاء لا يستغنى عنه، وواحد كالدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، وواحد كالداء لا يحتاج إليه أبداً" (77).

ونقل الخطيب في تلخيص المتشابه عن قتادة قال: " الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء. فأما الذي هو رجل فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو يشاور، وأما الذي هو نصف رجل؛ فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو لا يشاور، وأما الذي هو لا شيء: فرجل له عقل وليس له رأي يعمل به وهو لا يشاور" (78).

الذي يترك الاستخارة والاستشارة يخاف عليه من الخطأ والتعب:

فإذا علمت أهمية الاستخارة وبركتها وضرورة الاستشارة والاستعانة بآراء الرجال فإن الذي يدعهما يخاف عليه من الخطأ ومجانبة الصواب والزلل في متاعب لا طاقة له بها، ومصائب لا حل لها.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: " فمن ترك الاستخارة والاستشارة يخاف عليه من التعب فيما أخذ بسبيله لدخوله في الأشياء بنفسه دون الامتثال للسنة المطهرة، وما أحكمته في ذلك، إذ أنها لا تستعمل في شيء إلا عمته البركات، ولا تترك من شيء إلا حصل فيه ضد ذلك، نسأل الله السلامة بمنه " (79). اهـ.

الحواشي:

(75) الأفَن: بالفتح ضعف الرأي، حاشية المدخل (4/43)، وهذا الكلام ليس على إطلاقه بل ينطبق على بعض النساء فقط، فكم من نساء مؤمنات مشورتهن فلاح، وأكبر دليل على ذلك خديجة رضي الله عنها، وقصة النبي ( مع أم سلمة حين أشارت عليه بحلق رأسه في قصة الحديبية.
(76) المدخل (4/42 - 43) بتصرف يسير.
(77) انظر كشف الخفاء للعجلوني (2/186).
(78) المدخل (2/43).
(79) المدخل (2/43).

ـ يتبع ـ
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:11 PM
بيان وذكر الاستخارات المبتدعة


مع أن دعاء صلاة الاستخارة نطق به خير البشر بوحي من رب البشر والعالم بأحوالهم وما يصلحهم، ومع أن ألفاظ حديثه مانعة جامعة، مع ذلك اختار بعض الناس استخارة لنفسه مبتدعة بعيدة كل البعد عن الصحة والصواب، فحرم نفسه الخير، بل ربما أوقعها في الشرك والخرافة.


قال العلامة أبو عبد الله محمد العبدري الشهير بابن الحاج - رحمه الله -: ( وليحذر مما يفعله بعض الناس ممن لا علم عنده أو عنده علم وليس عنده معرفة بحكمة الشرع الشريف في ألفاظه الجامعة للأسرار العلية؛ لأن بعضهم يختارون لأنفسهم استخارة غير الاستخارة المتقدمة الذكر، وهذا فيه ما فيه من اختيار المرء لنفسه غير ما اختار له من هو أرحم به وأشفق عليه من نفسه ووالديه، العالم بمصالح الأمور المرشد لما فيه الخير والنجاح والفلاح صلوات الله عليه وسلامه) (80).

ومن تلك الاستخارات المبتدعة المصنوعة:



1-اشتراط الرؤية المنامية: ( كأن يشترط فيها: أن يرى المستخير في منامه ما نواه، أو يرى خضرة أو بياضاً إن كان ما يقصده خيراً، ويرى حمرة أو سواداً إن كان ما يقصده لا خير فيه ) (81).


قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله - : ( وبعضهم يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه، أو يراه غيره له. وهذا ليس بشيء؛ لأن صاحب العصمة ( قد أمر بالاستخارة والاستشارة لا بما يرى في المنام ) (82).


2-استخارة السبحة: وصورتها: " أن يأخذ الشخص مسبحة فيتمتم عليها بحاجته، ثم يحصر بعض حباتها بين يديه، ويعدها، فإن كانت فردية عدل عما نواه، وإن كانت زوجية، اعتبر ما نواه خيراً وسار فيه".


3- استخارة الفنجان: " يعملها عادة غير صاحب الحاجة، ويقوم بعلمها رجل أو امرأة، وطريقتها، أن يشرب صاحب الحاجة القهوة المقدمة إليه، ثم يكفئ الفنجان، وبعد قليل، يقدمه لقارئه، فينظر فيه، بعد أن أحدثت فضلات القهوة به رسوماً وأشكالاً مختلفة، شأنها في ذلك شأن كل راسب في أي إناء إذا انكفأ ، فيتخيل ما يريد، ثم يأخذ في سرد حكايات كثيرة لصاحب الحاجة، فلا يقوم من عنده إلا وقد امتلأت رأسه بهذه الأسطورة".


4-استخارة المندل: " وطريقتها: أن يوضع الفنجان مملوءاً ماء على كف شخص مخصوص في كفه تقاطيع مخصوصة، ويكون ذلك في يوم معلوم من أيام الأسبوع، ثم يأخذ صاحب المندل (العرّاف) في التعزيم والهمهمة بكلام غير مفهوم وينادي بعض الجن ليأتوا بالمتهم السارق". (83)



الحواشي:
(80) المدخل (4/37).
(81) القول المبين في أخطاء المصلين (ص 409) مشهور حسن.
(82) المدخل (4/37).
(83) انظر ما سبق نقله من الرقم واحد إلى أربعة في كتاب القول المبين (ص 409 -410) قال الشيخ مشهور.


ـ يتبع ـ

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:16 PM

5-استخارة الرمل: (( وطريقتها أن يخطط الشخص في الرمل خطوطاً متقطعة ثم يجري بعدها طريقة حسابية معروفة لديهم، فينتهي منها إلى استخراج برج الشخص فيكشف عنه في كتاب استحضره لهذا الغرض، فيسرد عليه حياته الماضية والمستقبلية بزعمه، وهذا الكلام بعينه الذي قيل له، يقال لغيره ما دام برجاهما قد اتفقا.

6-استخارة الكف: لا تخرج عما مضى، فيعمل قارئ الكف مستعملاً قوة فراسته مستعيناً - بزعمه - باختلاط خطوط باطن الكف على سرد حياة الشخص المستقبلية )). (83)
وهذا يدخل في الكهانة والتنجيم والعرافة المنهي عنها، وسيأتي بيان ذلك.

7-استخارة المصحف: وصورتها أن يفتح المستخير المصحف مباشرة دون تخير أو انتقاء ثم ينظر ما نوع الآية التي فتح عليها، فإن كانت آية رحمة ونعمة استمر فيما عزم ومضى، وإن كانت آية عذاب أو نقمة أو نار ترك وأحجم عما نواه.

8-استخارة الورق: وهي لعبة الورق وتسمى (البُلوت أو الكوتشينة) فهي أيضاً من المبتدعات.

9- الاستخارة المعتمدة على اسم الداخل: وطريقتها انتظار من يدخل ليشتق من اسمه الفعل أو الترك، فإن كان الداخل حسن الاسم فعل ما أراد ونواه، وإن كان فيه شدة أو غلظة كحرب أو جمر ترك ولم يقدم على ما نوى. (84)

10-الاستخارة بواسطة الأبراج: وقد انتشرت هذه الطريقة في آخر الزمان، لأن هذه الأبراج تعرض على صفحات الجرائد، ويقوم كل شخص بمعرفة برجه ويومه الذي ولد فيه، ثم ينظر ماذا مكتوب فيه، فيجد مثلاً: ستواجه مشاكل وحوادث وصعوبات، لا تفعل كذا أو لا تسافر، وهكذا إلى غير ذلك من المحرمات والخرافات التي تتعلق بالكهانة والتنجيم، وإلى الله المشتكى.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: (( ومن الناس من هو أسوأ حالاً من هذا، وهو ما يفعله بعضهم من الرجوع إلى قول المنجمين والنظر في النجوم، إلى غير ذلك مما يتعاطاه بعضهم )). (85)

فالذي يفعل ما ذكر من الاستخارات المبتدعة ويترك ما شرعه الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لاشك أنه محروم، حرم نفسه بركة هذا الدعاء، وحرم نفسه التوفيق ودفع الضر الذي يلحق به، ولاشك في بطلان هذا الصنيع.

قال ابن الحاج رحمه الله مبيناً فساد رأي من جنح إلى الاستخارة المبتدعة: (( فمن فعل شيئاً مما ذكره أو غيره، وترك الاستخارة الشرعية فلاشك في فساد رأيه، ولو لم يكن فيه من القبح إلا أنه من قلة الأدب مع صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام اختار للمكلف ما جمع له فيه بين خيري الدنيا والآخرة بلفظ يسير وجيز، واختار هو لنفسه غير ذلك، فالمختار في الحقيقة إنما هو ما اختاره المختار صلوات الله عليه وسلامه.
فعلى هذا لا يشك ولا يرتاب في أن من عدل عن تلك الألفاظ المباركة إلى غيرها فنه يخاف عليه من التأديب أن يقع به وأنواعه مختلفة إما عاجلاً وإما آجلاً في نفسه أو ولده أو ماله إلى غير ذلك )). (86)

والاستخارة المبتدعة مردودة، غير مقبولة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " )). (87)
أي مردود على صاحبه، وهذا كل بدعة، ولا يكون فيها خير، لأن كل بدعة ضلالة، والعجب كيف استبدل الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: (( ولا يضيف إلى الاستخارة الشرعية غيرها؛ لأن ذلك بدعة، ويخشى من أن البدعة إذا دخلت في شيء لا ينجح أو لا يتم؛ لأن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاستخارة والاستشارة (88) فقط فينبغي له أن لا يزاد عليهما ولا يعرج على غيرهما، فيا سبحان الله، صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه اختار لنا ألفاظاً منقاة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، حتى قال الراوي للحديث في صفتها على سبيل التخصيص والحض على التمسك بألفاظها وعدم العدول إلى غيرها: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن )) والقرآن قد علم أنه لا يجوز أن لا يغير ولا يزاد فيه ولا ينقص منه، وإذا كان ذلك كذلك فلا يعدل عن تلك الألفاظ المباركة التي ذكرها عليه الصلاة والسلام في الاستخارة إلى غيرها من الألفاظ التي يختارها المرء لنفسه ولا غيرهما من منام يراه هو، أو يراه له غيره، أو انتظار فأل أو نظر في اسم الأيام، قال مالك رحمه الله: "الأيام كلها أيام الله" )). (89)

الحواشي:

(83) انظر ما سبق نقله من الرقم واحد إلى ستة في كتاب القول المبين (ص 409 -410) للشيخ مشهور.

(84) انظر الاستخارات المبتدعة أيضاً في: المدخل (4/37 - 38). الفتح الرباني للساعاتي (5/25) القول المبين (ص 409 - 410) للشيخ مشهور.
(85) المدخل (4/37).
(86) المدخل (4/38).
(87) متفق عليه.
(88) لعله يشير بذلك إلى حديث يروى عن النبي ( أنه قال: " ما خاب من استخار ولا ندم من استشار" وهو حديث موضوع، وسيأتي تخريجه.
(89) المدخل (4/37 - 38).


ـ يتبع ـ


  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:18 PM
صلة الاستخارة بالتوحيد مباشرة


إن للاستخارة صلة قوية بالتوحيد، وذلك أن الإنسان عادة - ولله المثل الأعلى - لا يستشير إلا من يحب، ولا يشاور إلا من له مكانة في القلب، ومنزلة في النفس، وتعظيم لرأيه وتوجيهه.
فالعبد الذي يستخير ربه في أموره كلها، ويناديه بتلك الكلمات الجليلة، ويناجيه بألفاظها الغزيرة، هذا العبد قد عظم مولاه، وعرف مكانته، وعلمه الذي لا حدود له.
فالاستخارة توحيد خالص، فيها التسليم لله، واليقين بتوفيقه، والاعتراف بعلمه للمغيبات، والتصريح بتصرفه سبحانه في الأقدار كما شاء، ومن خلال طرح النقاط التالية تنجلي لك الصلة بينهما أكثر فأكثر.


الاستخارة بديل لما كان عليه العرب من الأزلام، والتنجيم والتكهن:

قال الله تعالى:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (المائدة:3).


والأزلام هي: قداح الميسر واحدها زَلَم وزُلم (118).
وكانت الأزلام والاستقسام - وهو طلب القسم والنصيب - عند العرب على ثلاثة أنواع، ومنها: (( التي كان يتخذها كل إنسان لنفسه، على أحدها: افعل، وعلى الثاني: لا تفعل، والثالث: مهمل لا شيء عليه، فيجعلها في خريطة معه، فإذا أراد فعل شيء أدخل يده - وهي متشابهة - فإذا خرج أحدها ائتمر وانتهى بما يخرج له، وغن خرج القدح الذي لا شيء عليه أعاد الضرب.
وإنما قيل هذا الفعل استقسام لأنهم كانوا يستقسمون به الرزق وما يريدون.
ونظير هذا الذي حرمه الله تعالى قول المنجم: لا تخرج من أجل نجم كذا، واخرج من نجم كذا، وقال عز وجل: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً) (لقمان: من الآية34).
هكذا كانت العرب تفعل في الجاهلية، وهو عمل محرم وصفه الله سبحانه بالفسق كما قال سبحانه في ختام تلك المحرمات: ( ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) (المائدة: من الآية3) (119).

وحرمه الله لأنه نوع من التعرض لدعوى علم الغيب، كما أنه ليس للأزلام في معرفة علم الغيب والمستقبل أي أثر، ما هي إلا أقداح من خشب وغيره لا حول لها ولا قوة.

قال العلامة أبو عبد الله القرطبي - رحمه الله-:
( قال الكيا الطبري: وإنما نهى الله عنها فيما يتعلق بأمور الغيب، فإنه لا تدري نفس ماذا يصيبها غداً، فليس للأزلام في تعريف المغيبات أثر) (120).

ولما جاء الإسلام أبطل هذا العمل الذي لا ينفع ولا يضر، وخطأ هذه العقيدة الباطلة ووصفها بالفسق، وشرع لنا الاستخارة التي فيها النفع والخير الكثير.


قال العلامة ابن القيم الجوزية - رحمه الله -:
( وأغنانا عن الاستقسام بالأزلام طلباً لما هو خير وأنفع لنا بالاستخارة التي هي توحيد وتفويض، واستعانة وتوكل ) (121).


الحواشي:

(118) الجامع لأحكام القرآن (6/40).

(119) قاله القرطبي في تفسيره (6/40).

(120) الجامع لأحكام القرآن (6/41).

(121) إغاثة اللهفان (2/70)، ومعنى قوله: أغنانا أي: أغنانا الله سبحانه.

ـ يتبع ـ
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
11-02-2009, 07:21 PM
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: ( وأهل النجوم لهم اختيارات إذا أراد أحدهم أن يفعل فعلاً أخذ طالعاً سعيداً فعمل فيه ذلك العمل لينجح بزعمهم، وقد وصف الناس كتباً في الرد عليهم وذكروا كثرة ما يقع من خلاف مقصودهم فيما يخبرون به ويأمرون به، وكم يخبرون من خبر فيكون كذباً، وكم يأمرون باختيار فيكون شراً ). (122)

وقال أيضاً - رحمه الله -: ( وهذه الاختيارات لأهل الضلال بدل الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين كما أخبر جابر في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره ). (123)


الاستخارة فيها التسليم لما يختاره الله والاعتراف الكامل بأن الله علام الغيوب:

إن المؤمن يؤمن إيماناً جازماً أن الله تعالى يختار لعباده ما يشاء، وسبحانه المتصرف في الكون والأقدار بعلمه وحكمته.
قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ). (القصص:68)

وقال الشاعر:


العبد ذو ضجر والرب ذو قدر****والخير أجمع فيما اختار خالقنا

والدهر ذو دول والرزق مقسوم****وفي اختيار سواه اللوم والشوم

فإذا تقرر ذلك، فإن الاستخارة خير ما يوكل فيها العبد أمره إلى مولاه ليختار له خيري الدنيا والآخرة.

ويبدو ذلك جلياً واضحاً في لفظ دعاء الاستخارة عند قوله: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك ) والباء في قوله: ( بعلمك ) سببية؛ أي: بسبب علمك بالغيب والخير.

(( والمعنى: أطلب منك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور وجزئياتها، وكلياتها، إذ لا يحيط بخير الأمرين على الحقيقة إلا من هو كذلك كما قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ )) (البقرة: من الآية216). (124)


ويعترف العبد بقدرة الله سبحانه وعلمه بالأمور، ويقر بعجزه وقلة علمه وانعدامه في الأمور الغيبية.

حيث يقول العبد في لفظ الدعاء: ( فإنك تقدر ولا أقدر) أي: لا أقدر على شيء إلا بقدرتك وحولك وقوتك.

وتقول:
( وتعلم ولا أعلم ) أي: وتعلم بالعلم المحيط بجميع الأشياء خيرها وشرها كليها وجزئيها وغيرها؛ ولا أعلم أي: لا أعلم شيئاً منها إلا بإعلامك وإلهامك.

وتقول:
( وأنت علام الغيوب ) وهذا من الاكتفاء أو من طريق البرهان؛ أي: أنت كثير العلم بما يغيب عن السوى، فإنك تعلم السر وأخفى، فضلاً عن الأمور الحاضرة والأشياء الظاهرة في الدنيا والآخرة )). (125)

أرأيت أخي كيف أن النطق بهذه العبارات اعتراف بالعقيدة الصحيحة، ووصف لله سبحانه بصفات الكمال والتعظيم؟

وقال العلامة بدر الدين العيني الحنفي رحمه الله وهو يذكر ما في حديث جابر من الفوائد: (( وفيه أنه يجب على المؤمن رد الأمور كلها إلى الله تعالى وصرف أزمتها والتبرؤ من الحول والقوة إليه، وأن لا يروم شيئاً من دقيق الأمور ولا جليلها حتى يسأل الله فيه، ويسأله أن يحمله فيه على الخير، ويصرف عنه الشر إذعاناً بالافتقار إليه في كل أمره، والتزاماً لذاته بالعبودية له، وتبركاً لاتباع سنة سيد المرسلين في الاستخارة، وربما قدر ما هو خير ويراه شراً نحو قوله تعالى: ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) (البقرة: 216). (126)

الحواشي:
(122) الفرقان بين الحق والباطل (ص 117).
(123) الفرقان (ص 116).
(124) قاله علي القاري في المرقاة شرح المشكاة (3/402).
(125) انظر ما سبق في المرقاة (3/403).
(126) عمدة القاري (2/235).

ـ يتبع ـ

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 30-12-2008
  • الدولة : الجزائر/البويرة
  • المشاركات : 915
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • عزف الحنين is on a distinguished road
الصورة الرمزية عزف الحنين
عزف الحنين
عضو متميز
رد: ....صلاة الاستخارة......
12-02-2009, 05:00 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حورية الجزائر مشاهدة المشاركة
شكرا جزيل
وجعل الله عملك في ميزان الحسنات
....شكرا على مرورك الطيب............
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ريماس الشرق
ريماس الشرق
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 29-10-2008
  • الدولة : في قلبي..حيثـ لا وطن
  • المشاركات : 2,219
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ريماس الشرق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ريماس الشرق
ريماس الشرق
شروقي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
كيفية الاغتسال من دم الحيض والفرق بين دم الحيض الاستحاضة كيفية صلاة الاستخارة
عقوبة تارك صلاة الفجر
الساعة الآن 11:49 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى