مشروع المسح العام استهلك 30 مليون دولار ولم يتحقق في الواقع بعد 20 سنة
أكثر من 900 ألف جزائري محرومون من الدفتر العقاري
نددت مصادر جد مطلعة بالفشل الذريع الذي مُني به مشروع المسح العام للعقار في الجزائر، رغم الاعتمادات المالية الضخمة التي استهلكها بتمويل من البنك العالمي بقيمة 30 مليون دولار، حيث إنه ''من مجمل أكثـر من مليون جزائري أصحاب ملكية خضعوا للمسح، لم تسلّم المحافظات العقارية سوى أقل من 10 في المائة من الدفاتر العقارية لأصحابها''.
''الكارثة الكبيرة التي تتهدد هذا المشروع الإستراتيجي تكمن في الخطر الحقيقي الذي يتهدد المساحات العقارية الهائلة التي تمكنت الفرق التقنية من مسحها في الميدان خلال العقدين الماضيين، باعتبار أن 90 بالمائة من أصل 5,7 ملايين هكتار خضعت للمسح، باتت عرضة للتلف على مستوى مختلف المحافظات العقارية الموزعة عبر الوطن، في ضوء عدم مسايرة هذه الأخيرة للمخططات موضوع الإنجاز ''. مستدلة ''بحرمان أكثر من 900 ألف جزائري من الدفاتر العقارية الخاصة بممتلكاتهم لحد الآن، رغم أنها كانت موضوع مسح منذ مدة طويلة''.
وتسجل هذه التطورات في الوقت الذي أشرفت فيه المدة المحددة لإنجاز المشروع على الانتهاء والمقررة بنهاية .2010 وهو الأمر الذي جعل رئيس الجمهورية يعطي توصيات صارمة لوزارة المالية، بصفتها الهيئة الوصية على القطاع، من أجل إتمام المساحة المتبقية في أجل الخمس سنوات القادمة على أقصى تقدير، علما أن المساحة المتبقية تصل إلى حدود خمسة ملايين هكتار.
وفي هذا الإطار، تؤكد جهات عليمة، على مستوى الوكالة الوطنية لمسح الأراضي، على استحالة إتمام عمليات المسح المبرمجة في الرزنامة الزمنية الجديدة، بالنظر إلى العراقيل الكبيرة التي تعترض المشروع على أكثر من جبهة، أهمها نقص الموارد البشرية التي تملك الكفاءة اللازمة، باعتبار أن عدد التقنيين المؤهلين لا يتجاوز الألف في كل الوطن ''رغم أن التعداد المطلوب لتغطية العملية يقدر بضعفي هذا العدد''، زائد مشكل عدم مسايرة المحافظات العقارية للعمل المنجز في إطار المسح العام.. مما جعل أغلب الخرائط التي أنجزت دون جدوى، على غرار ما نددت به النقابة في وقت سابق، حيث استنكرت هذه الأخيرة وجود زهاء 750 خريطة محل ضياع وتلف على مستوى المحافظة العقارية بوهران لوحدها، مما انتهى بإيفاد لجنة تحقيق لم يتمخض عنها أي شيء لحد الآن.
وتحمّل نفس المصادر هذا الوضع الخطير على الجهات المسؤولة، كون أن جميع التوصيات التي أصدرها خبراء البنك العالمي خلال مرافقتهم للمشروع خلال سنوات 93 و96، والقاضية بالتوحيد بين الوكالة الوطنية للمسح والمحافظات العقارية في هيئة واحدة لم تؤخذ بعين الاعتبار، الأمر الذي رهن مصير مئات المخططات الموجودة محل تلف وضياع حاليا.
وعلى صعيد آخر، لا يزال التضارب قائما على أشده حول موضوع إدراج عمليات المسح في المناطق الصحراوية، حيث في الوقت الذي تتمسك فيه بعض الأطراف بالعملية ترى أطراف أخرى عدم جدوى إجراء هذا المسح، خاصة وأن الصور الفوتوغرافية عبر الساتيل التي تحتاجها العملية تكلّف حوالي 80 مليار سنتيم.
المصدر :وهران: محمد درقي
http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=170519&idc=30