اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إخلاص
لن أنساك يا نورة ما حيّيت
هي صديقة مغربيّة في عقدها الثالث متزوّجة و لديها ثلاثة أبناء .. فراح - سامية - أنس كانوا كلّهم دون العشر سنوات
سمعت بي و كانت تأتي لزيارتي في المستشفى العسكري رفقة فرقتها الإنشادية للأعراس الإسلامية
فأصبحن أخواتي هنا في غربتي و كانت نورة أقربهنّ إلى قلبي و أحبهنّ
تزورني بإستمرار، أذكر مرّة و في أوّل يوم من رمضان تركت زوجها و أبناءها و جاءت تفطر معي في المستشفى
قضينا وقتا ممتعا مع بعض و عندما رجعت إلى بيتها، إتّصلت بي هاتفيّا و قالت لي : أحبّكِ في الله
إتّصلت فقط لتقول لي هذه الجملة، كم أثّرت فيّ فزاد حبّها في قلبي
دعتني نورة يوما لزيارتها و قالت لي سآتي لآخذكِ بسيّارتي نقضي يوما مع بعض و في المساء أعيدك إلى المستشفىـ لكن طارئا حدث لها فأجّلت الزّيّارة بعدما إضطرّت أن تسافر إلى المغرب لزيارة والدها المريض
مضت الأيّام و عادت نورة إلى بلجيكا بعد أن إطمأنّت على والدها .. و لكن هذه المرّة هي من دخلت المستشفى و لثاني مرّة تعتذر منّي، وجدتها فرصة أمامي لأزورها و أردّ جميلها فإتّصلت بصديقة بلجيكية مسلمة و طلبت منها إن كانت تستطيع أن ترافقني لزيارة نورة هي كذلك تعرّفت عليها عندي في المستشفى
قالت لي : لكنّي سمعت أنّها ستخرج يوم السبت
قلت لها و لو أريد أن أزورها، و ذهبنا ...
دخلت عليها الغرفة رأيتها نائمة على السّرير الأبيض يبدو على ملامحها المرض و كانت برفقة زوجها و أختها
خرج الزّوج و تركنا مع بعض
دنوت منها .. قبّلتها و أنا أقول لها ;
أكيد غِرتي منّي لمّا كنت في المستشفى و كنت أتلقّى كلّ تلك الزّيارات و كانت النّساء تحضرن لي الأطباق الشهيّة
ضحكت بصعوبة و قالت لي نعم و تأتي سامية كذلك و تصنع لي المحاجب ( لأنّه في مرّة زارتني سامية صديقة جزائرية و أحضرت معها اللّوازم و صنعنا المحاجب في المستشفى و صادف زيارة نورة و الصّديقات الأخريات ذلك اليوم، فكانت هذه أوّل مرّة يتذوّقن فيها المحاجب و نورة أعجبها جدا ) مكثنا قليلا مع نورة بناءا على تعليمات الممرّضة حتّى لا ننهكها كثيرا ثمّ تركناها على أمل أن أزورها أنا في بيتها كما ذكّرتني هي.
بعدما خرجنا من باب المستشفى وجدنا صديقات أخريات جئن لزيارة نورة
عدت إلى البيت .. و بعد دقائق رنّ الهاتف أجبت فإذا بعائشة الّتي رافقتني عند نورة تخبرني بخبر زلزلني
أخبرتني أنّنا بعدما تركنا نورة أنزلوها مباشرة و حضرتها الوفاة
الله أكبر .. إنّا لله و إنّا إليه راجعون
كيف حصل هذا و نحن كنّا معنا منذ قليل ..؟
بكيت نورة كما لم أبكِ أحدا .. حملت المصحف و قرأت سورة يس عليها
في صبيحة اليوم الثّاني ذهبنا للمستشفى و كان كلّ أملي أن ألقي عليها نظرة أخيرة قبل أن يضعوها في الصّندوق و يذهبون بها إلى المطار لتّدفن في المغرب
لكن للأسف وصلنا متأخّرين و وجدناهم يستعدّون لإخراجها
و أمام باب المستشفى وجدت صديقتها التّوأم ترتعش و كادت تسقط أرضا مسكتها من يديها و قلت لها لستِ أنت الوحيدة من تأثّرت بوفاة نورة فعليك بالصّبر .. كنت أكلّمها و عيناي تذرفان
نظرت إلى تلك العربة المغطّاة بلحاف أخضر و مكتوب عليها الشهادة و الّتي كانت تحمل جثمان أحبّ حبيبة إلى قلبي
آآآآه يا نورة كم كان مرّا فراقك .. كنت لي كالأمّ الرّؤوم .. غمرتني حبا و حنانا
لم تتركي لي إلاّ تلك الصّور التّذكاريّة الّتي ملأت بها ألبوم صوري، أعود إليها كلّما شدّني الحنين إليك.
من أسبوعين وصلتني دعوة فرح .. من العروس يا ترى؟؟
هي فراح إبنة نورة رحمها الله
يا الله مرّت السّنين و كبرت فراح و ستتزوّج
دهبت الفرح من أجل نورة رحمها الله رأيت إبنتها في أبهى صورة، نزلت من المنصّة عندما رأتني و جاءت تسلّم عليّ شكرّتني على حضور زفافها
حضنتها و كأنّني أحضن نورة رحمها الله و أخفيت دمعي بين رموشي
آآآآآه يا نورة تركتِ لنا فراغا رهيبا
رحمك الله و أسكنك فسيح جنّاته و جمعني بك في فردوسه
ما نسيتك يوما و لن أنساك
و بدموع حارّة نزلت على خدّي أترككم أحبّتي و لي طلب
أرجووكم أدعوا لنورة في سجودكم
دمتم لي أحبّتي
|
والله قد إقشعر جسدي لقراءة قصتك أنت و المرحومة نورة و ما دامت هي أختك فهي بالتأكيد أختي لذا أدعوا الله عز و جل أن يسكنها فسيح جنانه أمين يا رب. و أن يرزقك الله صبر أيوب ..لله ما أعطى و لله ما أخذ..... إنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول ولا قوة إلا بالله