نُربّيها وتُربّيــنا.
11-07-2012, 10:16 AM
النحلة، تقضي عمرها القصير إذا كانت عاملة أو عمرا أكثر طولا إذا كانت الملكة، في مهمّة محدّدة تقوم بها أحسن القيام، دون أن تكلّ أو تملّ أو تحيد عمّا هي مكلّفة به إلى ما هو ليس من شأنها، فكم من البشر من يسلك في حياته نفس هذا النهج؟...قليل هم ، ومتميِّزون جدا عن غيرهم من عامة الناس الذين تجدهم في كل الشعاب ولا تكاد تجدهم يتفوقون ويبدعون في شعبة واحدة مما تجدهم فيه...
النحلة لطيفة كلّ اللُطف ومُسالمة كلّ المُسالمة مع جميع المخلوقات، فلا تفترس ولا تُهاجم ولكنّ شراستها تكون منقطعة النظير حين يكون بدء العدوان من خصمها،فترى منها العنف والقوّة التي لا تراها من غيرها، ومن عايش حالة الغضب والهيجان التي تعتري النحلة لحظات قبل أن تغرز إبرتها الموجعة في بدن المتطفّل كائنا من كان، يعرف الفرق والإنقلاب الذي يحصل لها ما بين لحظة العافية والسلامة ولحظة العدوان ودفاع العدوان، فمن من بين البشر بمثل هذه المرونة في معاملة الخلق بأصنافهم المختلفة؟...هنالك المؤمنون الذين يمشون على سنّة محمد رسول الله والذين معه، ولكنهم قليلون في هذا الزمن، أعاد الله إلينا سوادهم...
النحلة حشرة صغيرة، ولكنّها لا تُنشّ مثلما تُنشّ الحشرات...جرّبها بنفسك، وحاول أن تُبعد ذبابة من مكان عبثها وعفنها، ونحلة من على محطّ عملها وشغلها، ولاحظ الفرق...الذباب يُنشّ بسهولة لأن عمله هيّن بائس لا طائلة من وراء المخاطرة لأجله،بينما النحلة لا تُنشّ بسهولة نشّ سواها، لأن عملها المبارك الذي تسعى في نواحي الأرض لأجله، يستحقّ أن تثبت عليه وتُخاطر في سبيله، وتفرض على العالمين إحترامه وعدم إزعاجها وهي في أثناء القيام به، فكم من أعمالنا التي نحرق عليها سعراتنا الحرارية ونشغّل لأجلها خلايا أدمغتنا كل يوم بمثل جودة وفخامة ورقيّ عمل النحلة؟...إننا كثيرا ما نُنشّ عمّا نقوم به، عندما توجّه إلينا ملاحظة سلبية أو كلمة ساخرة أو مشكّكة في جدوى ما نتعب عليه، لأننا قليلا ما نثبت على أعمالنا ونؤمن بها ثبوت وإيمان النحلة بعملها...
عند النحل، تقوم بمهمة التكاثر أنثى واحدة ووحيدة على مستوى المستوطنة، والذُكور تُطرد إلى الخارج عندما تنتهي مهمّتها،فغريزة التكاثر في هذا المجتمع محدودة جدّا وموجّهةٌ جدّا ، وهي وسيلة وليست غاية، على غير ماهو الحال في مجتمعات أخرى غير مجتمع النحل كمجتمع البشر...طبعا لا نُريد أن يُطرد الذكور منّا بعد الفراغ من أداء دورهم،ولكن نريد أن تكون الغريزة منضبطة في حدود ما تضبطها به شريعة دين الفطرة...
أفلا تصلح نحلة العسل يا أصدقاء، لأن تكون معلّمة للبشر ، بما أودع الخالق سبحانه فيها من غرائز وطبائع سامية، تُنير طريق الرشاد والتفوُّق أمام الإنسان فردا وجماعة، إن هو نظر نظرة التدبُّر والتأمُّل في غدوّها ورواحها؟...بلا، فالله الحكيم العليم سبحانه عزّ وجلّ سخّرها لنا نُربّيها لنستفيد ممّا يخرج من بطونها غداءا ودواءا، وسخّرها لنا تُربّينا لننتفع من سُلُوكها سُبُل ربّها ما نطوّر به ذواتنا ونُحسِّن به معايشنا، من خلال ما نراه رؤية المتبصّرين من أفعالها العجيبة ونظامها الباهر.
من مواضيعي
0 رحلة عبر الزمن!
0 كُليمات في الحرمان من راحة البال.
0 كُليمات في صفات معلّم الدين.
0 زيارة خفيفة.
0 كُليمات في الإستقامة.
0 عمل المرأة، ضرورة أم ذريعة؟(salam08 و رحيل)
0 كُليمات في الحرمان من راحة البال.
0 كُليمات في صفات معلّم الدين.
0 زيارة خفيفة.
0 كُليمات في الإستقامة.
0 عمل المرأة، ضرورة أم ذريعة؟(salam08 و رحيل)
التعديل الأخير تم بواسطة salam08 ; 11-07-2012 الساعة 10:02 PM