تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية صفاء ص
صفاء ص
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 31-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 29
  • المشاركات : 103
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • صفاء ص is on a distinguished road
الصورة الرمزية صفاء ص
صفاء ص
عضو فعال
مذكّرة مطلّقة...صفاء صيد
12-02-2010, 12:30 PM
تحدثك دون أن تحدّثك...
تلامسك دون أن تلامسك...
تقبّلك دون أن تقبّلك..
إنهّا السعادة عندما يزورك طيفها و أنت في غرفة الحزن المظلمة الأرجاء،و ربّما هو شعور مطلّقة بعث لها المجتمع العذاب هدية و أرسل لها التجريم في برقية لتبقى أسيرة ذنب لم ترتكبه.
امرأة قد تربّت على كلمة الكرامة و يوم طلبتها من رجل مازال لم يتعلّم أبجديات الرّحمة بزوجة في العشرينيات من عمرها،وجدت القريب و البعيد يلقّبها ب-وصمة عار-.
امرأة بعد كفاح قرّرت الاستسلام و الهروب لمآسي الزمن ،فوجدت الأبواب قد فُتحت لاستقبالها في مملكة *العبرات*التي تكرّم ضيوفها بأحسن التكريم.فتجدُ الحزن يضمّك إلى حضنه و الألم يهديك قبلته و الهموم تتوجك على عرشها ملكا...
إنّه ببساطة شعور كل من يبحث عن كرامته في هذا الزّمن.
على العموم هذه وجهة نظري أنا التي اغتال الواقع آمالي و نسف الظلم بأحلامي،بكت عيني قهر المجتمع لحقي و ندبتُ حظي حزنا على حالي.
***
حملت قلما و أردت كتابة عنوان صديقتي التي ستستقبل و أمّها الأرملة –ترسانة- همومي في منزلهما.فوجدتُ عيني تعانق الورق معانقة الأمّ لولدها و كلّ شيء في جسدي بدأ ينهار أمام مجرّد قلم و ورقة بيضاء لا غبار عليها.
ترى هل هي بداية صداقة جديدة؟
دخل أخي الأصغر-رضا- و ربّما هو الأخ الوحيد الذي راع شعوري و ساندني بدل طردي من المنزل كأخويه و أخته و قال بنيرة حزينة:
-سامحيني.
ارتجف جسدي و انهملت العبرات على وجنتي:
-على ماذا أسامحك؟أنت لم تخطئ يوما في حقي.
ضمّني إلى حضنه ثمّ قبّل جبيني:
-لو أنّ أبي و أمّي كانا على قيد الحياة لما حصل هذا.
قلت له:
-نعم ما كان سيحصل هذا.كانت الصحافة ستكتب عن بنت قتلها والداها لأنها مطلّقة.
ابتسم:
-إلى أين ستذهبين؟
أجبته:
-بالطبع إلى قسنطينة حيث تسكن صديقتي مريم.
أعطيته العنوان و انصرفت مسرعة...
***
خرجت أجرّ حقيبة أحزاني ملتفّة بجلاّبة آلامي،أودّع الأهراس الحبيبة التي كانت و أخي رضا عزائي الوحيد في مداوروش التي لم يرحم بعض أهلها ضعفي.
خطوة إلى الأمام تدعوني للذهاب إلى قسنطينة و أخرى إلى الوراء تدعوني للبقاء و أنا بين الإثنين أبكي أأتبع الأولى نحو غد أفضل؟أم الثانية نحو ليل لن يكون بعده صبح؟
بالطبع اخترتُ الأولى طمعا في ابتسامة و تركت الثانية رغبة في حرق الذكريات الأليمة.
***
غادرت الأهراس الحبيبة و دخت قسنطينة الصديقة التي ضمّتني إلى حضنها و قبّلت أنا تربتها الطهارة التي سقاها الشهداء بدمائهم فباركوها.
استقبلتني أمي التي ظننت لوهلة أنها أمّي و ارتميت في حضن مريم الثانية التي يجب أن تكون الأولى بدل تلك التي كانت المؤيدة الأولى لطردي من المنزل خشية قول الناس و العار،خشية أن يهمسوا عند رؤيتها فيقولوا:
-تلك أخت المطلّقة.
أدخلتاني الصّالة و بتواضع اقتربت مني خالتي فاطمة و قالت:
-ارتاحي أوّلا ثم اذهبي لتغيري ملابسك بينما أجهّز العشاء.
دفئ الأسرة و عطف الأمّ اللّذان سلبتهما مني الحياة منحتني مذ وطأت قدماي قسنطينة خمسة أعوام قبل الآن فلا ابتسامة حرمتني و لا نصيحة بخلتني بل إنّها كانت دوما تسعى جاهدة لترضي قلبي المريض بالحرمان.
جلست مريم بجانبي:
-كيف حالك؟
أخذتُ نفسا عميقا:
-لا يسأل الوافدون على قسنطينة عن أحوالهم.
و كأنها لم تكن على اتصال بي،سألتني:
-هل تحصّلت على مهنة كأستاذة في الإنجليزية؟
كانت أمّها مارّة بجانب الصالة ،فقات بابتسامة:
-أسرعي بتنظيم ملابس أختك في الخزانة بدل الثرثرة التي *لا تدّي و لا تجيب*.
أختك؟
كم هي كلمة رائعة تسرّبت من ينبوع الرّحمة ذاك فأثلجت صدري المتشوّق لكلمة طيبة تؤنسه في مصائبه التي ألفت مصاحبته رغم رفضه لها.

وقفتُ من مكاني:
-شكرا لك،سأقوم أنا بهذا.
حملت الحقيبة و أعطتها لمريم و أرجعتني على هيأتي الأولى ثمّ انصرفت إلى المطبخ و تركتاني وحيدة بين جدران قاعة ليست بغريبة عني و لا أنا بغريبة عنها و كانت الخالة فاطمة تتفقدني بين اللّحظة و الأخرى.
ليس لأنها تخاف أن أسرق شيئا و لكنه إكرام للضيف و خوف من انزعاجه،فقد كانت تقول:
-ليس من عادة الجزائريين ترك الضيوف لوحدهم،و لكن الضّرورة اليوم تجبرنا،سامحيني.
كنت أبتسم و أقول لها:
-لا بأس في ذلك،أنا لا أرى نفسي ضيفة بينكم.
كم هي رائعة تلك المرأة الجزائرية التي لا تملّ إعادة عبارة واحدة أكثر من عشر مرات و بتعبير مختلف في سبيل إرضاء ضيوفها و بعث السكينة في قلوبهم.و لا يختلف الأمر بالنسبة للرجال،فعمي محمود خال مريم الذي دخل البيت مبتهجا و علم أنّ هناك ضيفة تجلس وحدها في الصالة أسرع في إحضار زوجته و بناته مرسلا معهنّ كلّ أصناف الطعام.
لماذا؟
لحفظ ماء وجه أخته أمام بنت أتت من مدينة سوق اهراس و لم يكن الأمر ليختلف حتى و لكون كن الضيف أحد أخواته أو إخوانه الساكنين بعيدا عن قسنطينة *بومرداس،عنابة،غرداية،بجاية*...
تملّكني شعور بالحزن رغم أنّي كنت كالملوك قيمة،فصورة واحدة كانت أمام عيني:
-أسرتي المخرّبة.
أفكار كثيرة احتلتني و آمال كثيرة سكنتني في حواري مع نفسي،حبل كاد ينمو لولا أن نطقت سارّة البنت البكر لعمّي محمود فقالت:
-أهل قسنطينة لا يختلفون عن أهل سوق اهراس كثيرا.
سألتها:
-هل زرتها؟

أجابتني:
-كثيرا،خالي يسكن هناك.تمنيت لو أننا نلتقي في ظرف غير هذا.
ابتسمتُ:
- و هل سبق لنا أن اجتمعنا عن غير الأحزان و المصائب؟
أرادت أحلام أن تغيّر مجرى الحديث فقالت:
-مهنة تدريس الإنجليزية صعبة نوعا ما، أليس كذلك؟
أجبتُها:
-شهادتي نامت و نامت معها الآمال فقد رفض زوجي أن أعمل و…
قاطعتني سارّة:
-و لكنه في البدء وافق على عملك.
ابتسمتُ:
-غيّر رأيه و ما كان مني إلاّ القبول فمدخوله يغنيني عن العمل.
سألتني:
-ولماذا كان الطلاق؟
أجبتها:
-أشياء كثيرة حصلت و لست أدري كيف.أخبريني عنك كيف حالك مع العمل؟
-الحمد لله كلّ شيء على ما يرام.
دخلت أمل بنت الخامسة عشر الغرفة و دون تحيّة قالت:
-كيف ستعيشين و أنت مطلّقة؟
نظرت إليها أحلام و أشارت إليها أن تسكت لكنها فضحتها إذ قالت:
-لا تشيري إليَّ بالسكوت،على البنت أن تضع نفسها أمام الأمر الواقع ثمَّ إني لم أقل غير الص…
قاطعتها سارّة:
-إلهام راشدة و لم تطلب نصحك.
ردّت:
-لو كانت تعلم ما كانت جالسة هنا تحدّثكن عن ماض مات مع السّاعة التي رحلت فيها عن سوق اهراس.

ثمّ خرجتْ من الغرفة غاضبة دون أن تبادلني بنظرة واحدة.
خرجت من الصالة مسرعة و دون نية وجدتُني أبحث عنها.رأيتها تقف على عتبة المطبخ فأشرت إليها أن تتبعني ففعلت دون تردّد.
وقبل أن أتكلّم قالت:
-أنا آسفة ما كان يجب أن أتدخّل في أمر لا يعنيني.
مسحتُ بيدي على شعرها و قلتُ لها:
-كنت رائعة عندما تكلّمت،لهذا أودّ التحدث إليك.
ابتسمت:
-شكرا جزيلا.
قبّلتها لفرط إعجابي بها و طلبت منها أن تتكلّم ففعلت و أعجبت و قالت لي عبارة لن أنساها ما دمت على قيد الحياة:
-ليس لدي ما أقوله لك غير ما قالته لي أستاذتي عندما فشلت في الامتحان:الحياة ثلاث أمس قد ولّى و يوم نعيشه و غدا نستقبله و لكلّ حادث حديث،فلا تفكري في أمس قد مضى و لا تنسي يومك الذي تعيشينه و لا تنهكي نفسك بالتفكير في غد لا تدرين أفيه تكونين من أهل الدنيا أم لا.
ثمّ خرجت من الغرفة كأنها تريدني أن أستدرك ما قالته على مهل و دون تشويش و كنت أنا التلميذ المهذب عندما يتكلم أستاذه و كالمهمل عندما يأمره بالتفكير في حل التمرين يبدأ في نقش أفكاره على الطاولة.
قمت بإخراج قلم و دفتر من حقيبتي الصّغيرة و كتبتُ في أوّل الصفحة:
Si j’avais écrit des choses simples,je n’aurais jamais écrit ce qu’il y a de profond en moi
Kateb Yacine
و ما إن أكلمتها حتى عادت تلك الرّجفة الغريبة إلى جسدي و أعدتُ طرح ذات السّؤال على نفسي:
-هل هي بداية صداقة جديدة؟
لم أشعر بنفسي إلاّ و أنا أكتب على صفحة جديدة:
*السّاعة تزحف نحو السادسة مساء و عن أوّل تجربة ألم مرّ من ذاك العدد سنوات من ذاك العدد مرّ عن أوّل شجار لي مع إخوتي أيّام.فيا ترى ما سرّ أحزاني مع هذا الرّقم؟؟.
أحمل ورقتي و أكتب لصديق لا أعرف تفاصيله عن جروح أبت أن تندمل،أكتب له دون أن أحييه لكي لا أحسّ أني مع شخص غريب و ربما لكيلا أبدأ في كتابة مقدّمات ساذجة عادة ما يستعملها التلميذ مع أستاذه عند التكلّم عن موضوع خارج الدّرس،كتبت إليه دون أن أسأله عن رأيه فيم إذا كان سيقبل استقبال همومي أم لا و أنا التي كتبت له برأس الصّفحة الأولى*الإنسان حرّ في ما إذا كان يريد سماع هموم الآخرين أم لا**
أردتُ أن أكمل الكتابة لكن خالتي فاطمة دخلت فأسرعت في إخفاء الدّفتر تحت الوسادة كأنّما أخفي تهمة وقفت من مكاني في محاولة مني أن أوقف شكوكها:
-أهلا بك.
ابتسمت:
-لا بدّ أنّك تريدين الاختلاء بذاتك،لهذا سأنصرف.
قبّلت خدي ثمّ انصرفت مسرعة و أغلقت الباب وراءها و تركتني أعود إلى دفتري من جديد.
لم يكتب لي الاختلاء بنفسي فقد دخلت سارّة تحمل معها كتابا كانت تعلم أني أرغب في اقتنائه.
-إلهام،هذه هدية بسيطة مني إليك.
أخذته منها:
-لا تحزن.أخيرا.
ابتسمت:
-أخيرا أراك تسعدين.
وضعتُ الكتاب بجانبي:
-أنا دوما سعيدة و دوما أسعد لأني جزائرية و لأنّ من حولي جزائريون.

ضحكت:
-ولكنّ الذين أهانوك جزائريون.
بادلتها الضحكة:
-و لكنّ الذين أهدونا الاستقلال جزائريون،حبيبتي ليست كلّ أصابع اليد مثل بعضها.
خرجت من الغرفة مبتهجة و قبل أن تخرج قالت لي:
1…2…3 vive l’Algérie
عبارة ترمز لكلّ ما هو جميل يقدّم لهذا البلد الجميل و الغالي،إذن كلّ ما هو جميل و يرمز للجمال جزائري.
بعد أن أكملنا العشاء و غسلنا الأواني اجتمعنا في الغرفة دخلت مريم مبتسمة:
-أيّ أغنية تريدون سماعها؟
التفتت إليّ خالتي فاطمة:
-إلهام تقرّر لأنّها الضيفة.
أجبتها:
-أغنية يحياو ولاد بلادي،إنّها أروع ما سمعت.
بمجرّد أن شغّلتها عادت إلى جسمي رجفته و إلى عقلي خلوته.كنت معهن جثّة و لكن عقلا كنت قد سافرت إلى عالم الخيال،تخيّلت أني أديبة و أنّه من الممكن أن أعيد لوجهي بسمته بعد أن اجتاحته الخيبة الخبيثة.
تشوّقت لغد أفضل كثيرا و وقفت من مكاني متمايلة وسط الغرفة أغني و أصفّق ،تعجّبن من تصرّفي و قالت مريم:

-ما بك؟
اقتربت منها و أنا أصفّق:
-يحياو ولاد بلادي و يحياو بنات بلادي.
ثمّ انصرفت إلى الغرفة و أغلقت الباب ورائي ثمّ ارتميت على الفراش حالمة،أفكّر في الموضوع الذي سأكتبه،فقلت في بادئ الأمر:
-سأصبح أديبة،أكتب عن كلّ ما يحدث لي.موضوع رائع جدا.
لكني سرعان ما تراجعت:
-من الغباء أن نجعل كلّ أوراق حياتنا مكشوفة و من التفاهة أن نجعل من يومياتنا مادّة للرّبح،سأكتب عن الوطن.
ناداني صوت من أعماقي:
-أيّ مستوى أدبي تملكينه لتكتبي عن بلد اسمه*الجزائر*،ستقترفين جريمة.
أخذت نفسا عميقا ثمّ ذهبت إلى حقيبتي و أخرجتُ منها صورة رضا و ضممتها إلى حضني:
-أخي الحبيب،أشتاق إليك و إلى مقلتيك. كيف أنت الآن؟هل حدّثك أصدقاؤك عن أختك المطلّقة؟؟أجبني.

اتجهت نحو النافذة الصّغيرة لأسلّم على اللّيل الذي عقد العزم أن يكون صديقي الوفي و قلت له:
-يا ليل قسنطينة لا تنجلي فأنت و حدك ساعدتني على الإجابة عن سؤالي المجنون،ساعدتني على اكتشاف أنّ القلم وحده يبقى صديقي الوفي الذي نسيته طيلة سنوات العذاب،وحده يبقى صديقي.لا تعجب إن قلت لك هذا و تقول إنّ البنت تظلم صديقتها مريم فأني أيّها اللّّيل أعطيها و أمّها الحق في أن يشكّا في ما يحتويه ذاك الدّفتر الذي ظننت أنني أفلحت في إخفائه.
نعم معهما الحقّ في أن تشكّا فيَّ مثلما تريدان فأنا مطلّقة مطرودة من بيت أبيها.ألا يدعو هذا للشكّ في أن القضية تتعدى الطلاق إلى أشياء أخرى؟
يتخلّى عنها إخوتها في ظرف كهذا؟
الأكيد أنها ارتكبت جرما في حق كرامتهم.
هكذا سيكون التفكير بعد يوم أو اثنين و طبعا سيكون السّكوت خوفا من الطّرد و الرّمي إلى الشارع،كم هي مذلّة هذه الحياة و كم هم قساة أولئك الناس الذين يألفون أكاذيبا يصدّقونها ثم ينشرونها.
***
اليوم و أنا ذاهبة إلى المطبخ سمعت خالتي فاطمة تقول لمريم:
-سامحيني يا ابنتي و لكني أخاف أن تشوّه البنت سمعتنا.
أجابتها مريم:
-أنا أيضا فكّرت في هذا يا أمّي،بصراحة لم أعد أثق في كونها مجرّد مطلّقة فقد رأيت صورة شابّ في حقيبتها.سأحاول اختلاق ذريعة لطردها من المنزل و إلاّ هدمت سمعتنا فلسنا نحن أقرب إليها من إخوتها.
صدمني ما سمعت فانصرفت إلى الغرفة بخطى حثيثة و أخرجت دفتري و فتحته على الصّفحة التي كنت أكتب عليها عندما دخلت خالتي فاطمة، و أضفت إليها:
-أرأيت أيها الصديق كيف تنسينا الحياة أعزّ أصدقائنا؟و يسخر القدر منا فيسلبنا عقولنا؟يمسح من ذاكرتنا صديقا ألفناه منذ الطفولة و تحرجنا أمامه عندما نجد وقت المشاكل العويصة،يأتي إلينا فترفضه حواسنا بتلقائية و تسأله عن هويته و هو الذي كان مهد الحلم و عشّ الأمل، اليوم أيّها الصديق قرّرت أن أنام إلى الأبد و أترك الجميع يتهم نفسه بجعلي أقرّر النوم،هذا إن كان لوجودي مكان في القلوب...
سامحني يا رضا، و إن كنت تحبّتي زر الجسور المعلّقة لأن هناك أنفاسي الأخيرة.

و وضعت على الدفتر صورة رضا بعد أن كتبت عليها:
-مريم هذا أخي، و أنت الخائنة التي ظننتها صديقتي.
و خرجت من المنزل مسرعة نحو نهايتي الحزينة....*الانتحار*...
11-12-09
bleh
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية wisards2004
wisards2004
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 13-05-2008
  • الدولة : ولَمْ أَرَ لِي بأَرْضِ مُسْتَقَرا ،،، !
  • العمر : 43
  • المشاركات : 1,414
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • wisards2004 is on a distinguished road
الصورة الرمزية wisards2004
wisards2004
عضو متميز
رد: مذكّرة مطلّقة...صفاء صيد
12-02-2010, 04:33 PM
صُور كثِيرة من الحَياة و تَعابِيرهَا تمّ تجسِيدهَا بواقِعية حُروفِك و جَمالية أسْلوبكِ ،،،
لكِنْ ‘‘‘
رحلْتِ...و تَركْتِ شَيئاً يسْتدْرِج القارِيء بشَوْق ,,, لينقلِب عليه و يَغْتالُه عند نهاية حِكَاية وَجَعْ و خيْبَة لمِن خَذَلَهُ الوَطنْ و آخِر مَلْجأ للطُمأنِينة ،،،
ليتكِ لمْ تنتَحرِ !
تحاياي ...

Pour paraître honnête homme, en un mot.... il faut l'être
  • ملف العضو
  • معلومات
شموع الحياة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 08-10-2008
  • الدولة : الجزائر ..ولاية بسكرة ..
  • المشاركات : 295
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • شموع الحياة is on a distinguished road
شموع الحياة
عضو فعال
رد: مذكّرة مطلّقة...صفاء صيد
19-02-2010, 09:28 AM
انه لكلامك وانه ان دل انما يدل على سريرة صاحبه ...ومدى تالق نفسه ..وانه كلام ابلغ ..وخاطب نفسي ..واستدرجني لاكتب اليك فللكلام جاذبية ..وان له ملامسة ..وان له مقتضى ..وان للكلام مخارج ثلاث ..وانه يخاطب مخرجه ..وان له طلائع ..وما احلى ما طلع علينا ...وانه استدراج من كلامك ..واني مستدرج فتقبلي استدراجي ..وانه من الكلام لبيان ....وانه مني لك لسلام ....وما اروع خاطرتك ...الى الامام ...
انه ليعز علي ان ادعى فلا اجيب ...وانه ليؤلمني ان يكون لي الحب من احد وقلبي لا يستجيب ....وانه يؤسفني ان اذكر ولساني عن ذاكري يغيب ...وانها النفس وما تهوى ..فان جانبك هواها ..سلم عليه... وبكل الحب دعه حيث انساق............
  • ملف العضو
  • معلومات
فؤاد العز
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-12-2011
  • الدولة : حيث يبرعم الأنتظار
  • المشاركات : 184
  • معدل تقييم المستوى :

    13

  • فؤاد العز is on a distinguished road
فؤاد العز
عضو فعال
رد: مذكّرة مطلّقة...صفاء صيد
16-12-2011, 10:00 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفاء ص مشاهدة المشاركة
تحدثك دون أن تحدّثك...

تلامسك دون أن تلامسك...
تقبّلك دون أن تقبّلك..
إنهّا السعادة عندما يزورك طيفها و أنت في غرفة الحزن المظلمة الأرجاء،و ربّما هو شعور مطلّقة بعث لها المجتمع العذاب هدية و أرسل لها التجريم في برقية لتبقى أسيرة ذنب لم ترتكبه.
امرأة قد تربّت على كلمة الكرامة و يوم طلبتها من رجل مازال لم يتعلّم أبجديات الرّحمة بزوجة في العشرينيات من عمرها،وجدت القريب و البعيد يلقّبها ب-وصمة عار-.
امرأة بعد كفاح قرّرت الاستسلام و الهروب لمآسي الزمن ،فوجدت الأبواب قد فُتحت لاستقبالها في مملكة *العبرات*التي تكرّم ضيوفها بأحسن التكريم.فتجدُ الحزن يضمّك إلى حضنه و الألم يهديك قبلته و الهموم تتوجك على عرشها ملكا...
إنّه ببساطة شعور كل من يبحث عن كرامته في هذا الزّمن.
على العموم هذه وجهة نظري أنا التي اغتال الواقع آمالي و نسف الظلم بأحلامي،بكت عيني قهر المجتمع لحقي و ندبتُ حظي حزنا على حالي.
***
حملت قلما و أردت كتابة عنوان صديقتي التي ستستقبل و أمّها الأرملة –ترسانة- همومي في منزلهما.فوجدتُ عيني تعانق الورق معانقة الأمّ لولدها و كلّ شيء في جسدي بدأ ينهار أمام مجرّد قلم و ورقة بيضاء لا غبار عليها.
ترى هل هي بداية صداقة جديدة؟
دخل أخي الأصغر-رضا- و ربّما هو الأخ الوحيد الذي راع شعوري و ساندني بدل طردي من المنزل كأخويه و أخته و قال بنيرة حزينة:
-سامحيني.
ارتجف جسدي و انهملت العبرات على وجنتي:
-على ماذا أسامحك؟أنت لم تخطئ يوما في حقي.
ضمّني إلى حضنه ثمّ قبّل جبيني:
-لو أنّ أبي و أمّي كانا على قيد الحياة لما حصل هذا.
قلت له:
-نعم ما كان سيحصل هذا.كانت الصحافة ستكتب عن بنت قتلها والداها لأنها مطلّقة.
ابتسم:
-إلى أين ستذهبين؟
أجبته:
-بالطبع إلى قسنطينة حيث تسكن صديقتي مريم.
أعطيته العنوان و انصرفت مسرعة...
***
خرجت أجرّ حقيبة أحزاني ملتفّة بجلاّبة آلامي،أودّع الأهراس الحبيبة التي كانت و أخي رضا عزائي الوحيد في مداوروش التي لم يرحم بعض أهلها ضعفي.
خطوة إلى الأمام تدعوني للذهاب إلى قسنطينة و أخرى إلى الوراء تدعوني للبقاء و أنا بين الإثنين أبكي أأتبع الأولى نحو غد أفضل؟أم الثانية نحو ليل لن يكون بعده صبح؟
بالطبع اخترتُ الأولى طمعا في ابتسامة و تركت الثانية رغبة في حرق الذكريات الأليمة.
***
غادرت الأهراس الحبيبة و دخت قسنطينة الصديقة التي ضمّتني إلى حضنها و قبّلت أنا تربتها الطهارة التي سقاها الشهداء بدمائهم فباركوها.
استقبلتني أمي التي ظننت لوهلة أنها أمّي و ارتميت في حضن مريم الثانية التي يجب أن تكون الأولى بدل تلك التي كانت المؤيدة الأولى لطردي من المنزل خشية قول الناس و العار،خشية أن يهمسوا عند رؤيتها فيقولوا:
-تلك أخت المطلّقة.
أدخلتاني الصّالة و بتواضع اقتربت مني خالتي فاطمة و قالت:
-ارتاحي أوّلا ثم اذهبي لتغيري ملابسك بينما أجهّز العشاء.
دفئ الأسرة و عطف الأمّ اللّذان سلبتهما مني الحياة منحتني مذ وطأت قدماي قسنطينة خمسة أعوام قبل الآن فلا ابتسامة حرمتني و لا نصيحة بخلتني بل إنّها كانت دوما تسعى جاهدة لترضي قلبي المريض بالحرمان.
جلست مريم بجانبي:
-كيف حالك؟
أخذتُ نفسا عميقا:
-لا يسأل الوافدون على قسنطينة عن أحوالهم.
و كأنها لم تكن على اتصال بي،سألتني:
-هل تحصّلت على مهنة كأستاذة في الإنجليزية؟
كانت أمّها مارّة بجانب الصالة ،فقات بابتسامة:
-أسرعي بتنظيم ملابس أختك في الخزانة بدل الثرثرة التي *لا تدّي و لا تجيب*.
أختك؟
كم هي كلمة رائعة تسرّبت من ينبوع الرّحمة ذاك فأثلجت صدري المتشوّق لكلمة طيبة تؤنسه في مصائبه التي ألفت مصاحبته رغم رفضه لها.
وقفتُ من مكاني:
-شكرا لك،سأقوم أنا بهذا.
حملت الحقيبة و أعطتها لمريم و أرجعتني على هيأتي الأولى ثمّ انصرفت إلى المطبخ و تركتاني وحيدة بين جدران قاعة ليست بغريبة عني و لا أنا بغريبة عنها و كانت الخالة فاطمة تتفقدني بين اللّحظة و الأخرى.
ليس لأنها تخاف أن أسرق شيئا و لكنه إكرام للضيف و خوف من انزعاجه،فقد كانت تقول:
-ليس من عادة الجزائريين ترك الضيوف لوحدهم،و لكن الضّرورة اليوم تجبرنا،سامحيني.
كنت أبتسم و أقول لها:
-لا بأس في ذلك،أنا لا أرى نفسي ضيفة بينكم.
كم هي رائعة تلك المرأة الجزائرية التي لا تملّ إعادة عبارة واحدة أكثر من عشر مرات و بتعبير مختلف في سبيل إرضاء ضيوفها و بعث السكينة في قلوبهم.و لا يختلف الأمر بالنسبة للرجال،فعمي محمود خال مريم الذي دخل البيت مبتهجا و علم أنّ هناك ضيفة تجلس وحدها في الصالة أسرع في إحضار زوجته و بناته مرسلا معهنّ كلّ أصناف الطعام.
لماذا؟
لحفظ ماء وجه أخته أمام بنت أتت من مدينة سوق اهراس و لم يكن الأمر ليختلف حتى و لكون كن الضيف أحد أخواته أو إخوانه الساكنين بعيدا عن قسنطينة *بومرداس،عنابة،غرداية،بجاية*...
تملّكني شعور بالحزن رغم أنّي كنت كالملوك قيمة،فصورة واحدة كانت أمام عيني:
-أسرتي المخرّبة.
أفكار كثيرة احتلتني و آمال كثيرة سكنتني في حواري مع نفسي،حبل كاد ينمو لولا أن نطقت سارّة البنت البكر لعمّي محمود فقالت:
-أهل قسنطينة لا يختلفون عن أهل سوق اهراس كثيرا.
سألتها:
-هل زرتها؟
أجابتني:
-كثيرا،خالي يسكن هناك.تمنيت لو أننا نلتقي في ظرف غير هذا.
ابتسمتُ:
- و هل سبق لنا أن اجتمعنا عن غير الأحزان و المصائب؟
أرادت أحلام أن تغيّر مجرى الحديث فقالت:
-مهنة تدريس الإنجليزية صعبة نوعا ما، أليس كذلك؟
أجبتُها:
-شهادتي نامت و نامت معها الآمال فقد رفض زوجي أن أعمل و…
قاطعتني سارّة:
-و لكنه في البدء وافق على عملك.
ابتسمتُ:
-غيّر رأيه و ما كان مني إلاّ القبول فمدخوله يغنيني عن العمل.
سألتني:
-ولماذا كان الطلاق؟
أجبتها:
-أشياء كثيرة حصلت و لست أدري كيف.أخبريني عنك كيف حالك مع العمل؟
-الحمد لله كلّ شيء على ما يرام.
دخلت أمل بنت الخامسة عشر الغرفة و دون تحيّة قالت:
-كيف ستعيشين و أنت مطلّقة؟
نظرت إليها أحلام و أشارت إليها أن تسكت لكنها فضحتها إذ قالت:
-لا تشيري إليَّ بالسكوت،على البنت أن تضع نفسها أمام الأمر الواقع ثمَّ إني لم أقل غير الص…
قاطعتها سارّة:
-إلهام راشدة و لم تطلب نصحك.
ردّت:
-لو كانت تعلم ما كانت جالسة هنا تحدّثكن عن ماض مات مع السّاعة التي رحلت فيها عن سوق اهراس.
ثمّ خرجتْ من الغرفة غاضبة دون أن تبادلني بنظرة واحدة.
خرجت من الصالة مسرعة و دون نية وجدتُني أبحث عنها.رأيتها تقف على عتبة المطبخ فأشرت إليها أن تتبعني ففعلت دون تردّد.
وقبل أن أتكلّم قالت:
-أنا آسفة ما كان يجب أن أتدخّل في أمر لا يعنيني.
مسحتُ بيدي على شعرها و قلتُ لها:
-كنت رائعة عندما تكلّمت،لهذا أودّ التحدث إليك.
ابتسمت:
-شكرا جزيلا.
قبّلتها لفرط إعجابي بها و طلبت منها أن تتكلّم ففعلت و أعجبت و قالت لي عبارة لن أنساها ما دمت على قيد الحياة:
-ليس لدي ما أقوله لك غير ما قالته لي أستاذتي عندما فشلت في الامتحان:الحياة ثلاث أمس قد ولّى و يوم نعيشه و غدا نستقبله و لكلّ حادث حديث،فلا تفكري في أمس قد مضى و لا تنسي يومك الذي تعيشينه و لا تنهكي نفسك بالتفكير في غد لا تدرين أفيه تكونين من أهل الدنيا أم لا.
ثمّ خرجت من الغرفة كأنها تريدني أن أستدرك ما قالته على مهل و دون تشويش و كنت أنا التلميذ المهذب عندما يتكلم أستاذه و كالمهمل عندما يأمره بالتفكير في حل التمرين يبدأ في نقش أفكاره على الطاولة.
قمت بإخراج قلم و دفتر من حقيبتي الصّغيرة و كتبتُ في أوّل الصفحة:



si j’avais écrit des choses simples,je n’aurais jamais écrit ce qu’il y a de profond en moi



kateb yacine
و ما إن أكلمتها حتى عادت تلك الرّجفة الغريبة إلى جسدي و أعدتُ طرح ذات السّؤال على نفسي:
-هل هي بداية صداقة جديدة؟
لم أشعر بنفسي إلاّ و أنا أكتب على صفحة جديدة:
*السّاعة تزحف نحو السادسة مساء و عن أوّل تجربة ألم مرّ من ذاك العدد سنوات من ذاك العدد مرّ عن أوّل شجار لي مع إخوتي أيّام.فيا ترى ما سرّ أحزاني مع هذا الرّقم؟؟.
أحمل ورقتي و أكتب لصديق لا أعرف تفاصيله عن جروح أبت أن تندمل،أكتب له دون أن أحييه لكي لا أحسّ أني مع شخص غريب و ربما لكيلا أبدأ في كتابة مقدّمات ساذجة عادة ما يستعملها التلميذ مع أستاذه عند التكلّم عن موضوع خارج الدّرس،كتبت إليه دون أن أسأله عن رأيه فيم إذا كان سيقبل استقبال همومي أم لا و أنا التي كتبت له برأس الصّفحة الأولى*الإنسان حرّ في ما إذا كان يريد سماع هموم الآخرين أم لا**
أردتُ أن أكمل الكتابة لكن خالتي فاطمة دخلت فأسرعت في إخفاء الدّفتر تحت الوسادة كأنّما أخفي تهمة وقفت من مكاني في محاولة مني أن أوقف شكوكها:
-أهلا بك.
ابتسمت:
-لا بدّ أنّك تريدين الاختلاء بذاتك،لهذا سأنصرف.
قبّلت خدي ثمّ انصرفت مسرعة و أغلقت الباب وراءها و تركتني أعود إلى دفتري من جديد.
لم يكتب لي الاختلاء بنفسي فقد دخلت سارّة تحمل معها كتابا كانت تعلم أني أرغب في اقتنائه.
-إلهام،هذه هدية بسيطة مني إليك.
أخذته منها:
-لا تحزن.أخيرا.
ابتسمت:
-أخيرا أراك تسعدين.
وضعتُ الكتاب بجانبي:
-أنا دوما سعيدة و دوما أسعد لأني جزائرية و لأنّ من حولي جزائريون.
ضحكت:
-ولكنّ الذين أهانوك جزائريون.
بادلتها الضحكة:
-و لكنّ الذين أهدونا الاستقلال جزائريون،حبيبتي ليست كلّ أصابع اليد مثل بعضها.
خرجت من الغرفة مبتهجة و قبل أن تخرج قالت لي:
1…2…3 vive l’algérie
عبارة ترمز لكلّ ما هو جميل يقدّم لهذا البلد الجميل و الغالي،إذن كلّ ما هو جميل و يرمز للجمال جزائري.
بعد أن أكملنا العشاء و غسلنا الأواني اجتمعنا في الغرفة دخلت مريم مبتسمة:
-أيّ أغنية تريدون سماعها؟
التفتت إليّ خالتي فاطمة:
-إلهام تقرّر لأنّها الضيفة.
أجبتها:
-أغنية يحياو ولاد بلادي،إنّها أروع ما سمعت.
بمجرّد أن شغّلتها عادت إلى جسمي رجفته و إلى عقلي خلوته.كنت معهن جثّة و لكن عقلا كنت قد سافرت إلى عالم الخيال،تخيّلت أني أديبة و أنّه من الممكن أن أعيد لوجهي بسمته بعد أن اجتاحته الخيبة الخبيثة.
تشوّقت لغد أفضل كثيرا و وقفت من مكاني متمايلة وسط الغرفة أغني و أصفّق ،تعجّبن من تصرّفي و قالت مريم:
-ما بك؟
اقتربت منها و أنا أصفّق:
-يحياو ولاد بلادي و يحياو بنات بلادي.
ثمّ انصرفت إلى الغرفة و أغلقت الباب ورائي ثمّ ارتميت على الفراش حالمة،أفكّر في الموضوع الذي سأكتبه،فقلت في بادئ الأمر:
-سأصبح أديبة،أكتب عن كلّ ما يحدث لي.موضوع رائع جدا.
لكني سرعان ما تراجعت:
-من الغباء أن نجعل كلّ أوراق حياتنا مكشوفة و من التفاهة أن نجعل من يومياتنا مادّة للرّبح،سأكتب عن الوطن.
ناداني صوت من أعماقي:
-أيّ مستوى أدبي تملكينه لتكتبي عن بلد اسمه*الجزائر*،ستقترفين جريمة.
أخذت نفسا عميقا ثمّ ذهبت إلى حقيبتي و أخرجتُ منها صورة رضا و ضممتها إلى حضني:
-أخي الحبيب،أشتاق إليك و إلى مقلتيك. كيف أنت الآن؟هل حدّثك أصدقاؤك عن أختك المطلّقة؟؟أجبني.
اتجهت نحو النافذة الصّغيرة لأسلّم على اللّيل الذي عقد العزم أن يكون صديقي الوفي و قلت له:
-يا ليل قسنطينة لا تنجلي فأنت و حدك ساعدتني على الإجابة عن سؤالي المجنون،ساعدتني على اكتشاف أنّ القلم وحده يبقى صديقي الوفي الذي نسيته طيلة سنوات العذاب،وحده يبقى صديقي.لا تعجب إن قلت لك هذا و تقول إنّ البنت تظلم صديقتها مريم فأني أيّها اللّّيل أعطيها و أمّها الحق في أن يشكّا في ما يحتويه ذاك الدّفتر الذي ظننت أنني أفلحت في إخفائه.
نعم معهما الحقّ في أن تشكّا فيَّ مثلما تريدان فأنا مطلّقة مطرودة من بيت أبيها.ألا يدعو هذا للشكّ في أن القضية تتعدى الطلاق إلى أشياء أخرى؟
يتخلّى عنها إخوتها في ظرف كهذا؟
الأكيد أنها ارتكبت جرما في حق كرامتهم.
هكذا سيكون التفكير بعد يوم أو اثنين و طبعا سيكون السّكوت خوفا من الطّرد و الرّمي إلى الشارع،كم هي مذلّة هذه الحياة و كم هم قساة أولئك الناس الذين يألفون أكاذيبا يصدّقونها ثم ينشرونها.
***
اليوم و أنا ذاهبة إلى المطبخ سمعت خالتي فاطمة تقول لمريم:
-سامحيني يا ابنتي و لكني أخاف أن تشوّه البنت سمعتنا.
أجابتها مريم:
-أنا أيضا فكّرت في هذا يا أمّي،بصراحة لم أعد أثق في كونها مجرّد مطلّقة فقد رأيت صورة شابّ في حقيبتها.سأحاول اختلاق ذريعة لطردها من المنزل و إلاّ هدمت سمعتنا فلسنا نحن أقرب إليها من إخوتها.
صدمني ما سمعت فانصرفت إلى الغرفة بخطى حثيثة و أخرجت دفتري و فتحته على الصّفحة التي كنت أكتب عليها عندما دخلت خالتي فاطمة، و أضفت إليها:
-أرأيت أيها الصديق كيف تنسينا الحياة أعزّ أصدقائنا؟و يسخر القدر منا فيسلبنا عقولنا؟يمسح من ذاكرتنا صديقا ألفناه منذ الطفولة و تحرجنا أمامه عندما نجد وقت المشاكل العويصة،يأتي إلينا فترفضه حواسنا بتلقائية و تسأله عن هويته و هو الذي كان مهد الحلم و عشّ الأمل، اليوم أيّها الصديق قرّرت أن أنام إلى الأبد و أترك الجميع يتهم نفسه بجعلي أقرّر النوم،هذا إن كان لوجودي مكان في القلوب...
سامحني يا رضا، و إن كنت تحبّتي زر الجسور المعلّقة لأن هناك أنفاسي الأخيرة.
و وضعت على الدفتر صورة رضا بعد أن كتبت عليها:
-مريم هذا أخي، و أنت الخائنة التي ظننتها صديقتي.
و خرجت من المنزل مسرعة نحو نهايتي الحزينة....*الانتحار*...


11-12-09
وكان الأنتحار بداية اخرى لمذكرات لم تكتب
  • ملف العضو
  • معلومات
نور الملائكة
زائر
  • المشاركات : n/a
نور الملائكة
زائر
رد: مذكّرة مطلّقة...صفاء صيد
25-12-2011, 10:03 AM
حينما أنهيت المذكرة ، غلبتني تنهيدة طويلة طويلة ..
قصتك جميلة وعذبة رغم الألم والحزن الذي غلب عليها من البداية إلى النهاية
أسلوبك سلس ، وعنصر التشويق حاضر ، قرأت بعض المقاطع أكثر من مرة
فعلا المطلقة في بلادي تعيش الأمرين ظالمة أو مظلومة ، أعجبتني طيبة استقبال القسنطينيين ، رغم كونهم افسدوا كل شيئ أخيرا ، بسبب كلام الناس كالعادة ،،
راقني جدا ما تابعت هنا ،،
مواقع النشر (المفضلة)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:24 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى