مسبوق وأصلي خلف الإمام مباشرة :
24-01-2011, 05:04 AM


بسم الله

عبد الحميد رميته , الجزائر

مسبوق وأصلي خلف الإمام مباشرة
:
جرت العادة على أن المسبوق في الصلاة جماعة يكون موجودا في الصفوف الخلفية , خاصة في المساجد الكبيرة التي يصلي فيها الكثيرُ من الناس جماعة . ولكن لكل قاعدة استثناء . وهذا مثالٌ عن هذا الاستثناء . منذ حوالي 20 سنة دخلتُ إلى مسجد من مساجد ولاية ... لأصلي المغربَ جماعة , ولكن لأنني من جهة تركتُ – قبل الدخول إلى المسجد- الشمسَ مازالتْ لم تغرب بعدُ , ومن جهة أخرى لأنني كنتُ تائها ( أفكر في البعض من هموم الدنيا الكثيرة ) , فإنني دخلتُ في صلاة المغرب جماعة خلف الإمام , دخلتُ فيها بنية العصر لا بنية المغرب . ولم أنتبه إلى ذلك إلا في الركعة الثانية . ولأن نية الصلاة المعينة فرض وواجب وركن في الصلاة , فإنني وجدتُ نفسي مضطرا لأن أقطع الصلاة وأكبر تكبيرة إحرام جديدة بدون أن ينتبه إلي أحد من المصلين , ثم أواصل الصلاة . إذن أنا أصبحتُ مسبوقا ولكنني أصلي – على خلاف العادة – في الصف الأول وخلف الإمام مباشرة . ولأنني كنت أصلي خلف إمام غير حكيم , فإنني عندما قمتُ بعد سلام الإمام لأقضي الركعة الأولى التي أصبحت مُلغاة , أحدثَ الإمامُ ضجة وسط المصلين قائلا بصوت مرتفع " ماذا وقع لهذا الرجل ؟ ماذا حدث لهُ ؟ لماذا لا يُسلم معنا ؟ لماذا يكون مسبوقا وهو يصلي في الصف الأول وخلفَ الإمام ؟!!!". وهكذا ... وانقسم المصلون بين أغلبية اعتبرت الأمر عاديا , خاصة أنه صدر مني ( وهم يعرفون أنني أمتلك ثقافة فقهية لا بأس بها والحمد لله , ومنه فأنا أعرفُ ما أفعلُ ) , وبين أقلية ما فهمتْ شيئا وبقيتْ تتساءلُ مع الإمام. ولكن كان الجميع تقريبا ينكرون – ولو بالتي هي أحسن- على الإمام طريقةَ استغرابه للأمر , وتمنوا منه أن ينتظرني حتى أنتهيَ من الصلاة , ثم يسألني ليعرفَ إن كنتُ معذورا أم لا ؟.
وعندما انتهيتُ من الصلاة سألني بعضُهم فأفهمـتُـهم حقيقةَ الأمر فزال عجبُـهم واستغرابهم والحمد لله .
وفي المقابل اغتنمتُ هذه الفرصة لأُذَكِّـر المجموعةَ الكبيرة من المصلين الذين التفوا حولي بعد انتهائي من الصلاة , لأذكرَهم بجملة أمور منها :
1- المؤمنُ يجب أن يتعلم دينه عموما , وفقه الصلاة خصوصا , حتى يعرفَ ما يصح وما لا يصح وما يجوز وما لا يجوز وما يُـبطل الصلاة وما لا يُبطلها , ويعرفَ كذلك المسائل المتفق عليها بين الفقهاء والمسائل الخلافية و...
2- فرق بين الإنكار على شخص وسؤاله . إن كنا متأكدين بأن الشخص ارتكب مخالفة محققة أنكرنا عليه . وأما إن لم نكن متأكدين من أنه خالف بالفعل , فإن المطلوب منا فقط عقلا ومنطقا وشرعا أن نسأل الشخص ونستفهم منه قبل إصدار أي حكم عليه .
3- الأصل في تعامل المسلم مع المسلم هو حسن الظن والتماس الأعذار , لا سوء الظن وتسقط الأخطاء والعثرات . وكما هو معلومٌ فإن المسلمَ بريء حتى تثبتَ إدانتهُ وليس العكس .
4- وإذا كان هناك أمرٌ يتطلبُ منا الإنكار على الغير , يجب أن نعلمَ بأن الأصلَ هو تقديمُ النصيحة للغير على انفراد , فإذا لم تنفعْ النصيحةُ وكان المنكَرُ حراما بلا خلاف يمكن أن ننتقلَ إلى النصيحة علنا . ولا نلجأ إلى الفضيحة إلا عند الضرورة القصوى من باب " آخر الدواء الكي" . وحتى في هذه الحالة الأخيرة فإن المطلوبَ الإنكارُ مع مراعاة الأدبِ في الإنكار واستعمال الكلمات اللائقة و...ولا ننسى قولَ الله عزوجل" فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" . هذا مع فرعون , وأما مع مسلم فالميلُ إلى القول اللين مطلوبٌ من باب أولى.
والله أعلم .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة