التربية الإيمانية أساس مكافحة الفساد الأخلاقي
24-08-2015, 10:36 AM
التربية الإيمانية
أساس مكافحة الفساد الأخلاقي

==================
لا يخفى على البصير أن (الفساد الأخلاقي) له آثار وخيمة على الفرد، وتمتد إلى الأمة في أساسها (الديني)، وبنيتها (الاقتصادية)، وقوتها (العسكرية)، وترابطها (الاجتماعي)، وحالتها (الصحية والنفسية)..، فتنحرف بذلك المجتمعات، ويدب فيها الوهن والضعف، فيتكالب الأعداء، وتتمزق العلاقات..، كل ذلك بسبب البعد عن دين رب الأرض والسماوات.
و(الفساد الأخلاقي) ومظاهره من أهم القضايا التي أرقت قلوب الغيورين(؟!)، وشغلت بال المصلحين(؟!)، إلا أن الأنظار قد اختلفت - فيما بينهم- حول ماهية الطريق الأمثل و(الأساس) الذي فيه المخرج من هذا الواقع المؤلم، فمع اختلاف نظراتهم تتفاوت طرائقهم المنبثقة من هاتيك النظرات، مما يؤدي - حتما- إلى واقع سيء آخر أثمره ذاك (الاختلاف الفكري)؟!، و(التباين العملي)؟! بين هؤلاء المصلحين أنفسهم(!!!)..
ولو أن هؤلاء المصلحين – أصلحنا الله وإياهم – سددوا نظرتهم، وعمقوا فكرتهم، وسلكوا مسلك سلفهم الصالح، وانطلقوا في إصلاحهم من واقع يعيشونه، وحاضر يحيونه (!)، لرأوا جميعا أن "أصل" الإصلاح عموما، و"أساس" مكافحة الفساد الأخلاقي خصوصا بينة أمامهم، ظاهرة قدامهم، تتمثل في إصلاح الأنفس أصالة، وأن يكون الجهد (الغالب) في تعميم التربية الإيمانية في طبقات الأمة1، مع الإشارة إلى أن السير الحثيث على هذا النهج القويم لا يمنعنا من الحديث وربما العمل - وقد يجب- في القضايا التي تعرض للمجتمعات..، ومن الكلام وربما الولوج في الحوادث التي تنزل بالأمة..، كل ذلك بـ ( شرطه وضابطه )؟! وفي (محله وبحسبه ومقداره)؟!، ( ومن أهله وأربابه )؟!، وفق ( العلم الأثري)!!، و(النهج السلفي)!!، وبمبعدة عن (الحَوَل الفكري)!!..، وبعيدا عن (الحماس الشَمْعِي2)!!..
" فصلاح النفس هو صلاح الفرد، وصلاح الفرد هو صلاح المجموع، والعناية الشرعية متوجهة كلها إلى إصلاح النفوس، إما مباشرة وإما بواسطة، فما من شيء مما شرعه الله تعالى لعباده من الحق، والخير، والعدل، والإحسان إلا وهو راجع عليها بالصلاح، وما من شيء نهى الله تعالى عنه من الباطل والشر والظلم والسوء، إلا وهو عائد عليها بالفساد، فتكميل النفس الإنسانية هو أعظم المقصود من إنزال الكتب وإرسال الرسل، وشرع الشرائع "3.
إن (أساس) الفساد الأخلاقي هو الإنسان ذاته، ونفسه الأمارة بالسوء، فإن صلحت واستقام أمره، نأى عن كل فساد، وإن أخذ ذات الشمال أو ذات اليمين غرق في أوحاله، وجر على مجتمعه ويلاته.
وعليه فأي جُهد شرعي لمكافحة الفساد الأخلاقي وإنكاره من (الانحلال عن أحكام الدين بترخيص الإجهاض – مثلا – وفتح بابه) لخرق حجاب تعظيم الحرمات الشرعية، و( ذيوع الغش والخيانات، والاستبداد والاختلاسات) حرصا على المصالح الشخصية، والمكاسب الدنية، و ( ظهور الفواحش والانحرافات الجنسية ، وإقامة ما اختلت به "الموازين"؟! من المهرجانات 4) لإشباع الرغبات النفسية، وإضلال البرية، و (انتشار المسكرات والمخدرات، وإقامة الحفلات والمسلسلات والأفلام التي ملكت القلوب الضعيفة) ففسدت أحوال الرعية، وصارت الأخلاق شيطانية... إلى غير ذلك دون مراعاة ما هو أساس في عملية الإصلاح بتحقيق (التربية الإيمانية) تكون ثمرته ضعيفة في الحقيقة بحيث سرعان ما تضمحل آثاره، لأن القلوب خربة، والنفوس معوجة..، فإن (سلطان القلوب والأرواح) هو الأصل الذي يحرص عليه (غالبا) أرباب الإصلاح حقا، أما مجرد (سلطان الأبدان والأشباح) فعارض سريع الزوال لأن طريقه "الرهبة"، أما الأول فبابه "الرغبة"..، فتأمل وبالعلم تجمل.
فـ (التربية الإيمانية) هي الحل الأمثل في كل عملية إصلاحية، لأن وازع القرآن هو الأصل، ثم وازع السلطان هو الرافد المساعد.
يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-:" .. وذلك أن الله يقول في كتابه : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)، فأخبر أنه أنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنه أنزل الحديد كما ذكره، فقوام الدين بالكتاب الهادي والسيف الناصر: ( وكفى بربك هاديا ونصيرا )، و(الكتاب هو الأصل)؟!، ولهذا أول ما بعث الله رسوله أنزل عليه الكتاب، ومكث بمكة لم يأمره بالسيف حتى هاجر وصار له أعوان على الجهاد"5.
فانظر كيف جعل (الكتاب هو الأصل)؟!، وأما السلطان فناصر، وعلى هذا يفهم ما قيل: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، فافهم وإياك والوهم، وبيانه على وجه الاختصار بالمثال فأقول: أن الخمر لا تروج في سوق المسلمين إذا كان الهداة قد اجتهدوا في هداية الناس وتربيتهم إيمانيا – عقيدة وعبادة وسلوكا – هكذا نصحا وبيانا ارتقاء إلى مستوى مجموع الناس6 ( جماعة المسلمين )، فهنالك تختفي البضاعة المحرمة، لأنه لم يبق لها طلاب، وربما بقي بعض يعاقرونها، فهنا يظهر السلطان الصالح بسوطه فيصلح ما لم يصلحه البيان والوعظ أولا وليُبْقِي على الأمر الصالح ثانيا7، وأما أن يُعكس الفعل فيسلط السلطان من أول يوم، فلا يستقيم الحال..
قال تعالى:( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، فـ " أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يغير ما بقوم حتى يقع منهم تغيير، كما غير الله بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة ما بأنفسهم "8.
فالتغيير تغييران:
- تغيير الأنفس والأعمال، وهو على العبد بتوفيق الله له.
- وتغيير الواقع والحال، وهو على الرب سبحانه بمنته وفضله.
وهما متتاليان لا يتحقق الثاني إلا بتحقق الأول "شرطا"، ومن عكس الأمر يناله ما في قوله تعالى:( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ).
قال محب الدين الخطيب – رحمه الله - :" وقد يظن من لا نظر له في حياة الشعوب وسياستها أن الحاكم يستطيع أن يكون كما يريد أن يكون، وهذا خطأ فـ (للبيئة التأثير في الحاكم، وفي نظام الحكم) أكثر مما للحاكم ونظام الحكم من التأثير على البيئة، وهذا من معاني قول الله عز وجل : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )"9.
ومنه فإن الأنظمة المُحكمة، و " الحَكَامة الجيدة " لمكافحة الفساد الأخلاقي – خاصة - إن افتقدت (أصل) التربية الإيمانية فسوف تفقد قوتها وسلطانها تلقائيا، بل تفقد حياتها وروحها، ومن السهل – عنذئذ – أن يقع من الناس التحايُل على إخضاع الأمر في الواقع الحالي، والتهرب من ذلك اعتمادا على (التأويل الدني)!!!، والتماس المخارج بـ "الفراغ القانوني" !!!
فالغيث مع أنه صالح في ذاته لكنه يحتاج إلى أرض خصبة حتى ينبت فيها النبت الطيب فيأتي أكله كل حين بإذن ربه.
إن الانغماس الرهيب في (الفساد الأخلاقي) يقتضي من أي نظام - كي يوقف زحفه، ويقلم مخالبه -، أن يضع شرطيا ورقيبا على كل فرد في المجتمع، وهذا واضح البطلان (لاستحالته عادة)، وعندها نقول: بإمكاننا إيجاد هذا الشرطي والرقيب، لكن في النفوس، إنه ( الرقيب المعنوي الذاتي )؟!، أو ( الوازع الديني الإيماني )؟!...
فـ (التربية الإيمانية) – إذن - هي "الأساس" لمكافحة الفساد الأخلاقي ولن نمل من بيان ذلك وتَكراره – وإن اتهمنا بالانهزامية والسلبية بغير حق(!!)- لأنه أصل ثابت في "فقه الإصلاح والاستصلاح" عند أهل السنة السنية، ولذا فالواجب أن (يَغْلب) علينا تقرير ذلك علما وعملا، أما أن يصير فينا (ضعيفا)!، والتطرق له في كلامنا (عَرَضا)! وعلى استحياء فهو بُعْد عن دلائل السنة والقرآن، وخلل في النظر لاختلال الميزان، وإذا لم نَفِق في غمرة الأحداث من الغفلة عن ذلك فهو عين الخذلان..، والله المستعان..
يقول الفقيه الحجوي الثعالبي – رحمه الله – في رسالته (تفسير العشر الآي الأول من سورة المؤمنين ) : " تضمنت هذه الآيات العشر مكارم الأخلاق التي جاء عليه السلام متمما لها، فقد أمرت بـ (الإيمان) الذي هو (منبع) الأخلاق الجميلة في بني الإنسان، إذ الإيمان يتضمن الإيمان باليوم الآخر، وأنه لابد من يوم يسأل العبد فيه بين يدي مولاه، إن أحسن جوزي بالإحسان، والضد بالضد، وهذه (العقيدة) هي (الزاجر الأكبر) عن ارتكاب الأخلاق السافلة 10، من : غش، وخديعة، وكذب، وزور، وظلم، وسوء خُلق، وتتحسن بسببها الأخلاق، فيصبر، ويتحمل لمن جهل عليه،....
فـ (الغفلة) عن هذه العقيدة هي (أساس) كثير من الأخلاق السافلة، ولذلك لا تجد سورة في القرآن إلا وهي مذكرة باليوم الآخر، وأهوال القيامة لتصير الأخلاق العالية ملكة راسخة في المسلمين " 11.
فـ (التربية الإيمانية) والتي حقيقتها ربط المكلف بأصول الإيمان، و تربيته على العمل وفق الإحسان هي الوازع من نفس الإنسان ليجتنب الفساد الأخلاقي، وعند وقوعه في شيء من ذلك سرعان ما يتوب ويؤوب..
قال العلامة ابن عاشور – رحمه الله – في تفسير سورة هود في سياق دعوة نبي الله شعيب – عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام – لقومه : " فـ (ابتدأ)12 بالأمر بـ (التوحيد) لأنه (أصل الصلاح)، ثم أعقبه بالنهي عن مظلمة كانت متفشية فيهم وهي (خيانة المكيال والميزان)....، وسلك في نهيهم عن الفساد مسلك (التدرج)، فـ (ابتدأه)13 بنهيهم عن نوع من الفساد فاش فيهم وهو (التطفيف)، ثم ارتقى فنهاهم عن (جنس) ذلك النوع وهو (أكل أموال الناس)، ثم ارتقى فنهاهم عن (الجنس الأعلى) للفساد الشامل لجميع أنواع المفاسد وهو (الإفساد في الأرض كله)، وهذا من أساليب (الحكمة في تهيئة النفوس بقبول الإرشاد والكمال)؟!"14.
والناظر في آيات الكتاب والأحاديث والآثار يجد تأصيل ذلك، حيث يجد المتأمل كيف يُعَقِّب الله تعالى بعد آيات في الباب من كتابه بقوله: ( إن كنتم مؤمنين ).
فاقرأ معي قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ).
وقال تعالى : ( وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ).
وقال تعالى : ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ).
وهكذا أيضا في العديد من الآيات التي استهلها الله تعالى بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا )، وما ذكر بعدها من الأوامر والتوجيهات، بحيث رُبطت الأحكام بأصل (التربية الإيمانية)، أي : هي الباعث والسبب على امتثال الأمر واجتناب النهي..
وهذا هو المسلك نفسه الذي سلكه الرسول - عليه الصلاة والسلام- في التغيير والإصلاح حيث كان يفتتح أحاديثه بأصل (التربية الإيمانية) للتدليل على أن مكافحة الفساد الأخلاقي خاصة أساسه تغيير الأنفس، ومن ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام-:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر.."15.
وقد لخصت ذلك أمنا عائشة - رضي الله عنها- بقولها :" .. إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا تاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا.."16.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله- عند هذا الأثر:".. أشارت إلى الحكمة الإلهية في ترتيب التنزيل وأن (أول) ما نزل من القرآن الدعاء إلى (التوحيد) والتبشير للمؤمن والمطيع بالجنة، وللكافر والعاصي بالنار، فلما (اطمأنت) النفوس على ذلك أنزلت الأحكام، ولهذا قالت: ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندعها، وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف.."17.
وختاما: فليعلم أن (المنطلق) لتحقيق التربية الإيمانية هو العلم النافع،" فنعمة العلم في استعمال الفضائل عظيمة، وهو أنه يعلم حسن الفضائل فيأتيها، ويعلم قبح الرذائل فيجتنبها، ويسمع الثناء الحسن فيرغب في مثله، والثناء الرديء فينفر منه، فعلى هذه المقدمات يجب أن يكون للعلم حصة في كل فضيلة، والجهل حصة في كل رذيلة "18.

.........................................
1. قال العلامة محمد الخضر حسين -رحمه الله-:" تعميم التربية بين طبقات الأمة شيء واجب، لا ينتظم لها العيش الناعم بدونه، ولا تشرق صحائف تاريخها بسواه " حياة الأمة ص:25.
2. قال شيخ الإسلام – رحمه الله - :" وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تغير كثير من أحوال الإسلام، جزع وكَلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، و(هو منهي عن هذا)؟!، بل (مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام)؟!، وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى، و(أن ما يصيبه فهو بذنوبه)؟!، فليصبر إن وعد الله حق، وليستغفر لذنبه، وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار " الفتاوي 18/291.
3. قاله العلامة ابن باديس -رحمه الله- كما في آثاره 1/232-233.
4 . نبرأ إلى الله مما يجري في هذه (المهرجانات)؟! من فحش وعري..، وتصرفات فاضحة فادحة..، وشهوات تؤجج..، وزينة هدامة..، وتنافس فتان..، وهل بهذه "المنكرات" نريد أن نثقل (موازيننا)!! في الآخرة (؟!)، والله تعالى يقول : (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ (مَوَازِينُهُ) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ (مَوَازِينُهُ) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ)..
وأحب – بهذا الصدد – أن أنبه على أمرين اثنين إضافة إلى أصل موضوع هذه المقالة فتنبه:
أ. إنكار هذه (الأفعال الشنيعة) يجب أن نراعي فيه (المقصد الأصلي)؟!، وهو إنكارنا لذلك لأن الله (تعبدنا)؟! بالبعد عنها ، واجتنابها وعدم التلبس بها، ولأجله حرَّمها علينا أصالة(؟!)، وهذا هو (الأصل) الذي ينبغي أن (يُغلَّب) و(نقيم) عليه إنكارنا(؟!)، أما تغليب – ولا أقول عدم اعتباره أبدا (؟!) - (المقصد التبعي) من إضاعة (المال العام) – مثلا - بإقامة مثل هذه المهرجانات، ونجعله (أساس) الإنكار، ونُصيِّره (مقصدا أصليا)؟!، فهو (منهج حَركي)؟! يُخالف (جادة الشريعة) في الإنكار وهو المعروف عند أهل العلم ب (التفسير "النفعي" للإسلام)؟! وهو باطل فتأمل ولا تعجل.
ب. بعض (الناس)؟!! بدعوى إنكار ما يجري في هذه المهرجانات والتحذير من ذلك وبيان فضاعته ينشرون صورا فاضحة لذلك، وهذا (محرم) لا يجوز لأنه (لا حاجة شرعية) في هذه الحالة وعلى هذا المسلك (؟!!)، فـ (الغاية لا تبرر الوسيلة)؟!!، ولا (يُنْكَرُ المُنْكَرُ بالمُنْكَرِ)؟!!، إضافة إلى أن نشر مثل ذلك يسبب (تبلدا في الإحساس)؟!!، مما يحمل – مع الوقت – على صيرورة ذلك أمرا عاديا (لا تتوجع له النفس)، و(لا يتألم له القلب) فـ " فكثرة المساس تذهب الإحساس "؟!، فالحذر الحذر من (صِناعة التبلد )!! في صورة (الإنكار والصدع بالحق )؟!!، ..
وحقيقة يجب على كثير من (الناس)؟! أن يتركوا باب الدعوة – إلا في أمور لا تخفى تأصيلا وتنزيلا – لوقوع شيء من الفساد بصنيعهم من حيث أنهم يريدون الإصلاح .. والله المستعان.
5. مجموع الفتاوي 28/234، وقال أيضا -رحمه الله-:" ودين الإسلام : أن يكون السيف تابعا للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعا لذلك كان أمر الإسلام قائما " الفتاوي 20/393.
6. و" من استطال الطريق ضعف مشيه " بدائع الفوائد 3/732، و الفوائد 78 كلاهما للإمام ابن القيم -رحمه الله-.
7. عند إيراد قوله تعالى:( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) في معرض الحديث عن (فقه الإصلاح) عند أهل السنة والحديث، يقابل بعضهم ذلك بما صح عن الصديق -رضي الله عنه- لما قال:" ما استقامت بكم أئمتكم "، دون الرجوع إلى الرواية لضبط "سياقها"؟!، حيث أن كلام الصديق -رضي الله عنه- هذا كان جوابا عن سؤال يخص (البقاء على الصلاح)!!، وهذا هو المقصود من قول العلماء:" بصلاح الأمراء صلاح الناس "، ولم يكن السؤال عن الطريقة التي يستصلح بها الفساد، أو يؤسس عليها الإصلاح، فتأمل ولا تعجل..
روى الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه برقم :3622 عن قيس ابن أبي حازم قال : "دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلم فقال ما: لها لا تكلم ؟ قالوا حجت مصمتة قال لها تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت: من أنت ؟ قال امرؤ من المهاجرين، قالت: أي المهاجرين ؟ قال من قريش، قالت: من أي قريش أنت ؟ قال: إنك لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: (ما بقاؤنا) على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ قال بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم، قالت وما الأئمة ؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم ؟ قالت بلى قال فهم أولئك على الناس".
قلت : فانظر قولها: " ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح؟ "، قال الحافظ في الفتح7/151:" قولها: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح، أي: دين الإسلام وما اشتمل عليه من العدل واجتماع الكلمة ونصر المظلوم ووضع كل شيء في محله".
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-:" ومعلوم أنه إذا استقام ولاة الأمور الذين يحكمون في النفوس والأموال استقام عامة الناس كما قال أبو بكر الصديق فيما رواه البخاري في صحيحه للمرأة الأحمسية لما سألته فقالت : " ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح " ؟ قال : ( ما استقامت لكم أئمتكم ).." الفتاوي 10/354.
8. الجامع لأحكام القرآن 9/294 للإمام القرطبي -رحمه الله-.
9. التعليق على كتاب (العواصم من القواصم ) ص: 77.
10. قال العلامة محمد الخضر حسين – رحمه الله - :" فإذا (زاغت) العقائد، كانت أعمال صاحبها بمنزلة من يرمي عن قوس معوجة، أو يضرب برمح غير مستقيم " الدعوة إلى الإصلاح ص: 121.
11. ص: 132- 133.
12. وهذه ( بداءة حقيقية )؟!، فـ (التوحيد والإيمان) هو "الأصل والأساس" الذي يبنى عليه غيره فتأمل.
13. والقصد بهذه (البداءة) : " الإضافية "؟!، وليست (الحقيقية) كما يقول علماء البلاغة، والمعنى: أن الابتداء بذلك كان بعد (النهي عن الشرك وتقرير الإيمان والتوحيد) كما هو واضح من الكلام السابق، أي: النهي عن التطفيف إضافة إلى النهي عن الشرك والدعوة إلى الإيمان، وهذا هو الشاهد من إيراد هذا النص من كلام ابن عاشور – رحمه الله – فتذكر.
14. التحرير والتنوير 11/309-311.
15. أنظر صحيح الترغيب والترهيب للإمام الألباني -رحمه الله- 1/40.
16. رواه الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه برقم: 4707.
17. فتح الباري 9/40.
18. مداواة النفوس 25 للإمام ابن حزم -رحمه الله-.
كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني
عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي