المسلمين في جزيرة مالطا
21-07-2019, 02:53 PM


الموقع الجغرافي

جزيرة مالطا هي من الدول الصغيرة التي تقع في حوض البحر الأبيض المتوسِّط، وتُوجد بين جزيرة صقلية وساحل شمال إفريقيا ممثَّلًا في ليبيا وتونس، وتبعد عن صقلية بحوالي 80 كم2، وعن ساحل تونس بحوالي 290 كم2، والمسافة نفسها تقريبًا عن الساحل الليبي، لهذا تشغل مالطا موقعًا مهمًّا بين جنوب أوربَّا وشمال إفريقيا، وبين الحوض الشرقي للبحر المتوسِّط والحوض الغربي له.

تاريخ مالطا

أول ما عرف التاريخ عنها هو أنَّ الفينيقيِّين استعمروها قبل القرن العاشر قبل ميلاد المسيح، واتَّخذوها قاعدةً لسفنهم التجارية.

وقد استولى القرطاجيُّون على مالطا في القرن السابع قبل ميلاد المسيح، وبقوا فيها أربعة أو خمسة قرون، ثم استولى عليها الرومان سنة 218 ق.م وبقيت نحوًا من عشرة قرون في أيدي الرومان واليونانيين، وفي القرن الأول للمسيح تنصَّر أهل مالطة على يد القديس بولس، ولمـَّا سقطت السلطنة الرومانية الغربية استولى عليها البيزنطيون، وكانت لهم مركزًا ضروريًّا بعد استيلائهم على شمال إفريقيا.

وورد في بعض النصوص الأدبية أنَّ القبيلة التي يُقال لها (الفياكونس) هم أول من استوطنوا هذه الجزيرة، وكانوا ذوي قوَّةٍ وبأس، ثم خلفهم الفينيقيُّون وذلك سنة 1519 ق.م، فلبثوا فيها نحو أربعمائة وخمسين سنة، حتى تغلَّب عليهم الإغريقيون ثم سلَّموها للقرطاجيِّين وذلك نحو سنة 528 ق.م، ثم جاء من بعدهم الرومان سنة 273 ق.م.

ثم بعد الرومان استولت الوندال، ثم "القوط"، ثم "البليساريون" وألحقوها بحكومة البلاد الشرقيَّة، وبقيت كذلك إلى سنة 780م فأخذوا في هضم الرعيَّة، فقاموا عليهم وسلَّموا الجزيرة للمسلمين.

يُعتقد أنَّ مالطا قد فتحها المسلمون سنة 256هـ، وذهب صاحب الروض المعطار إلى أنَّها سقطت سنة 255هـ، في ولاية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الأغلب ثامن ملوك الأغالبة، المكنَّى بأبي الغرانيق الذي ولي بعد عمِّه زيادة الله.

هذا وبقيت مالطة في حوزة المسلمين حتى سقطت مالطة بأيدي الإفرنج وتملَّكها الملك رجار الفرنجي.

أحوال المسلمين الآن في مالطا

يعيش في جزيرة مالطا أكثر من 59 ألف مسلم، تتزايد أعدادهم بصورة مستمرَّة في إطار الحرية الدينية التي يكفلها الدستور المالطي, حتى أصبح الإسلام الدين الثاني من حيث عدد معتنقيه بعد الكاثوليكية، وهي الديانة الرسميَّة للجزيرة، وقد بني مركز إسلامي في مالطة، ويضمُّ مسجدًا ومدرسة، وتُوجد جمعية القادة الإسلاميين وتصدر صحيفة الحوار.

ومن المعلوم أنَّه توجد العديد من الأديان في جزيرة مالطا الأوربيَّة، غير أنَّ الغالبيَّة العُظمى من السكان الذين لا يزيد عددهم عن نصف مليون نسمة يَعتنقون "المسيحية" الكاثوليكية؛ فهي ديانة أغلبية السكان في مالطا، فبحسب إحصائية الكنسية عام 2006م يُمثِّل الكاثوليكيون نسبة 93,89% من كافَّة السكان، وبعدَهم يَأتي المُسلمون بنسبة 1,5% تقريبًا، بينما تتوازع النسبة الباقية أعداد ضئيلة من اليَهود والأرثوذكس والبروتستانت، وتُوجد العديد من الكنائس الكاثوليكية في مالطا، كما يُوجد فيها مسجد للمُسلمين وكنيس لليَهود.

التنصير في مالطا

يفتخر المالطيُّون وهم في أغلبيَّتهم كاثوليك بكثرة كنائسهم، ويُردِّدون عبارةً شهيرةً وهي: (لدينا كنائس بعدد أيَّام السنة، وكلُّ يومٍ له كنيسة). وهذا دليلٌ على أن لا مكان لمسجدٍ أو مصلَّى لدى هؤلاء؛ فقد أغرقوا الجزيرة التي مساحتها عامَّةً (316 كم2) بكنائس في كلِّ مكانٍ لتصل إلى (360–365) كنيسة، وهذا هو حقد الكاثوليك هناك على الإسلام والمسلمين، على الرغم من الرابط اللغوي والحضاري الباقي حتى اليوم.

على أنَّ هناك -أيضًا- الأفعى التي لا تفتأ أن تتربَّص بالمسلمين في كلِّ مكان محاولة أن تبث سمها؛ تلك هي أفعى التنصير, فجزيرة مالطا تشهد نشاطًا تنصيريًّا ملحوظًا لكلِّ ذي عينٍ مبصرةٍ بين أوساط الشباب العربي الهائم على وجهه من ليبيا أو تونس أو مصر، الذي يهرب إلى هناك بحثـًا عن العمل, أو بحثـًا عن سبيلٍ إلى الدخول إلى إيطاليا عن طريقها، والغالبيَّة الأعم من هذا الشباب من قليل الثقافة والمسحوقين اقتصاديـًّا والعاملين في مهنٍ متدنية.

وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ من وسائل التنصير, منها: نشر الكتيبات؛ حيث يُوزَّع كتيِّبـًا أنيقـًا في طباعةٍ فاخرةٍ مجانًا وهو على هيئة مجلَّة مصغرة، مطعَّم بعلامات الصليب المعتادة والأيقونات النصرانية المعروفة، في صورة مجلَّة عربيَّة عامَّة، وهو ما يُمثِّل منشورًا تنصيريًّا، مترعًا بالخداع والأكاذيب، في صورة رسائل مرسلة من أشخاص مسلمين في مصر واليمن والخليج والمغرب والجزائر والأردن وغيرها، يسألون عن دقائق العقيدة النصرانية والمجلة تُجيب، ولا يوجد اسمٌ واحدٌ من السائلين نصراني؛ وإنَّما أسماءٌ إسلاميَّةٌ مثل محمد، وأبو بكر، وعلي، وعبد الرحمن، وفاطمة، وعائشة، وخديجة..

وكانت الإجابات مدهشة لأنَّها تضع القواعد الإسلامية ثم تُحاول ملأها بضلالات الشرك، مثل التأكيد على أنَّ الله أحدٌ لم يلد ولم يولد، ولكنَّها تستطرد بوضع استثناء المسيح بتفاصيل لا يحتملها عقل، وعلى هذا النحو من التلبيس يسير الكتيب، وواضحٌ أنَّه مصوغ بطريقةٍ مقصود بها الشباب العربي المسلم تحديدًا، وفي الكتيب عناوين وأرقام هواتف وإذاعات وغيرها.

واجبنا تجاه مسلمي مالطا

دعوتنا لكلِّ الدول الإسلامية في منظمة المؤتمر الإسلامي لأن تشرع في تأسيس مؤسَّسةٍ تُعنى بالاهتمام بشئون الأقليَّات المسلمة في العالم من النواحي الدينية والسياسية والاجتماعية، على أن تقسم في شكل فروع على مستوى القارَّات الخمس، وتُوضع لها ميزانية، وتوجَّه توجيهًا دوليًّا يرفع من كرامة المسلمين خارج أوطانهم.
________________________
المراجع:
- الأمير شكيب أرسلان: تاريخ غزوات العرب، دار الكتب العلمية - بيروت، د.ت.
علي الصلابي: الدولة العثمانية، الناشر: دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، الطبعة: الأولى، 1421هـ=2001م.
- مالطا وفرسان الصليب، سلسلة مقالات على موقع مفكرة الإسلام.
- أحمد محمود السيد: المسلمون في مالطة، مجلة البيان العدد 306 صفر 1434هـ، ديسمبر2012م.
قصة الإسلام