ابدأوا بجيوبكم في التقشف.. لسنا كباش فداء
12-09-2015, 10:38 PM

نادية سليماني/ حكيمة حاج علي/ زهيرة مجراب/ راضية مرباح
وقَع خبر الزيادات الجبائية الواردة في وثيقة مشروع قانون المالية لسنة 2016 وتبناها مجلس الحكومة الأخير، كالصاعقة على الجزائريين، والذين لم يتوقعوا أن ترفع الحكومة يوما أسعار بعض الخدمات التي تعودوا على رمزية أثمانها منذ عقود، على غرار الكهرباء والغاز والوقود... مُتخوفين من تحولهم لـ"كبش فداء" في ظل الأزمة الاقتصادية وتهاوي أسعار البترول.
"الشروق اليومي" تجوّلت في بعض شوارع العاصمة، بدءا من أحياء شعبية ببلدية جسر قسنطينة وانتهاء بأحياء راقية بالأبيار وابن عكنون، لاستطلاع آراء الجزائريين... ففي حي 720 مسكن و"ديار الخدمة" بعين النعجة، قابلتنا رُدود أفعال غاضبة من المواطنين على قرار رفع الضريبة على القيمة المضافة على الوقود، والكهرباء، والإنترنت، والأجهزة الكهرومنزلية، وأكبر زيادة أغضبت المواطنين تلك التي ستطال أسعار البنزين... "يقولونا ما تتنفسوش وخلاص..."، هكذا علّق على الموضوع كريم والد لطفلين يعمل حارسا ليليا، والذي وجدناه بسوق الخضر والفواكه بالحي، ليتدخل زميله رافعا قفة الخضر "1000دج صرفتها الآن لشراء 3 أنواع من الخضر فقط، فكم يلزمنا من أموال لشراء الدجاج واللحوم ... لتفاجئنا الحكومة بقرار رفع الأسعار"، ليعلق أحد باعة الخضر "يقُولونا خلصوا على السّروال كي نلبسوه وخلاص..".

وأجمع غالبية من تحدثنا معهم على مطلب رفع أجورهم، و- حسبهم - إذا أرادت الحكومة الزيادة في الأسعار عليها رفع الأجور وتحسين الخدمات. وكعادة الجزائريين فهم لا يفوتون فرصة الالتقاء بالصحافة، لتحميلها قائمة من المطالب للحكومة وأوّلها السكن والتعجيل بإنجاز المشاريع السكنية وتهيئة الأحياء...

وبحي ديار الخدمة بعين النعجة وغالبية قاطنيه من ساكني البيوت القصديرية غير المبرمجين في عملية الترحيل، فيقولون أنهم مواطنون من درجة ثالثة، تتذكرهم الدولة حسب تعبيرهم فقط عند الزيادة في الأسعار، فإذا كانوا مجبرين على القيام بواجب دفع الضرائب وتقبل الزيادة في الأسعار الذي تفرضه الدولة حسب تعبيرهم، على الدولة في المقابل أن تمنحهم حقهم الطبيعي في السكن، والتزود الدائم بالماء الشروب وعدم انقطاع التيار الكهربائي. والغضب الأكبر أبداه أصحاب السيارات الذين لم يتقبلوا الزيادة في سعر قسيمة السيارات، قائلين "يقولون لنا أن أموال القسيمات تذهب لإصلاح وضع الطرقات، وتحسين بعض الخدمات... لكن ما نراه على أرض الواقع طرقات متدهورة، أرصفة مكسرة، غياب أدنى خدمة عمومية بالطرقات من مراحيض وأماكن استراحة للعائلات...".



كمال رزيق (خبير اقتصادي): رفع أسعار الكهرباء والوقود سيفتح جبهات جديدة على الحكومة

أكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق، أن قرار رفع أسعار الوقود والكهرباء لن يخدم الإقتصاد الجزائري بقدر ما يضره، حيث أنها تعد بمثابة ضغوطات على القدرة الشرائية المتدنية للمواطن الجزائري في الوقت الحالي، قائلا إنها تعد كذلك ضرائب غير مباشرة ستؤدي إلى رفع أسعار خدمات أخرى على غرار النقل ما سيترتب عنه مشكل التضخم، معتبرا القرار الذي اتخذته الحكومة في ظل الأزمة المالية يخدمها فقط، حيث سيساهم بشكل كبير في رفع إيراداتها والزيادة في ميزانية الدولة.

وتوقع المتحدث ذاته موجة من الإضرابات والإحتجاجات التي ستلجأ إليها النقابات التي ستلغي اتفاقها السابق مع الحكومة القاضي بإلغاء الإضرابات، حيث قال إنها لن تكون ملزمة بتنفيذ هذا الاتفاق بعد أن أخلت الحكومة ببند من بنوده، وهي تفتح عليها بذلك جبهة إجتماعية صعبة، حيث سيطالب المواطن بالمقابل إعادة النظر في أجره، وتخسر بذلك الحكومة بيسراها ما كسبته بيمناها.

وأضاف "رزيق" أن الحكومة تتحرك دائما وفقا لردة الفعل، حيث أكد أنه لم تكن لتتخذ قرارا مثل هذا لولا الأزمة المالية والضغوطات التي تعيشها بغية إيجاد موارد جديدة لمواجهتها.

واقترح الخبير الاقتصادي على الحكومة اتباع بعض الإجراءات التي من شأنها أن تخفف من الأزمة المالية بدل البحث عن موارد جديدة، في مقدمتها ترشيد النفقات بشكل حقيقي وليس صوري، فتح المجال أمام القطاع الخاص في مختلف الميادين، إعادة النظر في سياسة الدعم بأن لا يكون دعم لكل الفئات، بل أن يكون دعم مباشر للفقراء والمحتاجين فقط، إعادة النظر في النظام الجبائي والضريبي باعتباره غير عادل، تشجيع الإنتاج المحلي بالإضافة لمنع استيراد السلع التي يمكن إنتاجها بالجزائر مدة عشر سنوات على الأقل، وكذا التطبيق الكلي لرخص الاقتصاد، مع إعادة احتكار بعض السلع الضرورية، وتشجيع القطاع الخدماتي والإنتاجي كقطاع السياحة والفلاحة.



المختصة الاجتماعية فضيلة دروش: على النقابات التحرك لتحسين القدرة الشرائية

صرحت المختصة في علم الاجتماع الأستاذة فضيلة دروش، أن غالبية المواطنين لم يصدقوا قرارات الحكومة برفعها الدعم عن أسعار الكهرباء والوقود في ظل الانخفاض المحسوس لقيمة الدينار، وهو ما يصعب التكهن بردود فعل المواطن الجزائري، غير أنه يرجح أن يتقبل ارتفاع الأسعار مقابل أن يحظى بالسلم الاجتماعي، وأضافت المتحدثة بأن الفترة القادمة هي للنقابات، حيث ستكون أمام رهان كبير ومخيرة بين الوقوف مع الشعب والمناداة بتحسين قدرته الشرائية أو مساندة الحكومة والتي ستتحجج بالأزمة المالية العالمية لتمرير قراراتها، فالكرة ستكون في مرمى النقابات، واستطردت المختصة الاجتماعية أن المواطن قد تخلى عن سياسة الاحتجاج بعد أن اشترت الحكومة سكوته بالسكن وهو ما تدركه الحكومة جيدا، فقد انخفضت قيمة الدينار بنسبة كبيرة مرتين ولم يحتج أو تسجل أي ردود فعل حيال ذلك، فالمواطن يتحمل الضغط مقابل الاستقرار، كما أن عمليات الترحيل الأخيرة للأحياء الجديدة ساهمت بشكل آخر في إفشال الاحتجاجات، فعدم تعارف الأفراد يفشلها. واعتبرت المختصة انهيار قيمة الدينار يعكس فشل الحكومة الحالية للنهوض بالاقتصاد الوطني وفشل سياساتها الاقتصادية.



نقابة "السناباب": الزيادات ستزيد الوضع الاجتماعي تعفنا

وصف عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية لمستخدمي الوظيف العمومي "السناباب"، فاطمي عبد القادر، الزيادات التي أقرتها الحكومة في قانون المالية 2016 بالزيادات المحبطة والتي ستضر المواطنين، معتبرا أنها مجرد أقاويل في انتظار ما سيصدر في الجريدة الرسمية أو الهيئات الرسمية، فبإمكان الحكومة التراجع عن تطبيقها في أي لحظة، لذا فهم ينتظرون القرار لوضع النقاط على الحروف، وشدد المتحدث على أن أي زيادات مهما كانت قيمتها ستعفن الوضع الاجتماعي أكثر، فالموظفون البسطاء يعيشون على فوهة بركان، وهو ما سيخلف أزمة جديدة.



رئيس فيدرالية حماية المستهلك: الزيادات مشروعة وستعمل على وضع حد للتبذير في الطاقة

صرح رئيس الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك زكي حريز، الزيادات التي أقرتها الحكومة في قانون المالية الجديد والتي ستدخل حيز التنفيذ في مطلع 2016 بالمشروعة، فمن الضروري على حد قوله أن نكون عادلين حيال ما يحدث على أرض الواقع، فالتبذير في استهلاك الكهرباء والغاز والوقود وأزمة المرور الخانقة التي تشهدها الطرقات كلها عوامل تجعل هذه الزيادات مشروعة للتقليل من التبذير، فأسعار الطاقة الحالية رخيصة جدا، فالحكومة على حد قوله دوما أقدمت على هذه الخطوة من باب التقليل من الاستهلاك العشوائي للطاقات بعد أن أثبتت الحملات التحسيسية فشلها في ذلك وعدم جدواها، وواصل محدثنا بأن هناك مشكلا ثانيا يتمثل في انخفاض القدرة الشرائية للمواط، فهناك الضعيفة والمتوسطة، لذا يجب على الحكومة أن تتدخل بشكل مباشر لمساعدة العائلات الفقيرة والمحتاجة، مستطردا أن العائلات وبعد إقرار هذه الزيادات ستحرص تلقائيا على الحفاظ على هذه الطاقة المحدودة.



فارس مسدور: لو لجأت الحكومة لخبرائها ما اقترحت مثل هذه الزيادات

اعتبر فارس مسدور، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة البليدة اتخاذ مثل هذه القرارات سيعود بالسلب على الاستقرار الإجتماعي، قائلا إنهم كانوا يتخوفون من انفجار إجتماعي نتيجة الضغوطات الاقتصادية، حيث أن اقتراح زيادات في الوقت الراهن مع انهيار العملة الجزائرية بعد قرار البنك المركزي تخفيض قيمة الدينار بنسبة 20 بالمائة، سيكون له الأثر السلبي البالغ على مختلف المداخيل.

وحمل "مسدور" الحكومة مسؤولية الأزمة المالية الحالية، قائلا إنها لو لجأت فعلا إلى خبرائها ما كانت لتقترح مثل هذه الزيادات في الوقت الحالي، مؤكدا أن المواطن البسيط هو من سيدفع ثمن الأزمة التي تعصف بالبلاد، مضيفا أننا بحاجة لأن نقول لمن أخطأ لقد أخطأت، وأن يترك منصبه لمن هو أقدر على تولي المهام الصعبة والمسؤوليات، وما من شأنه النهوض باقتصاد البلاد وفق استراتيجيات ومناهج مدروسة بمشاركة جميع الخبراء والمعنيين بالأمر.



فايسبوكيون يطالبون بالاقتطاع من أجور الوزراء والبرلمانيين لمواجهة التقشف

أطلق مجموعة من الشباب حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" حملت شعار "محڤورتي يا جارتي" بالموازاة مع القرارات الجديدة التي ستفرض على المواطن لاحقا بإجباره على دفع ضرائب ورسوم إضافية على بعض المواد المدعمة شأن الوقود والكهرباء بالإضافة إلى قسيمة السيارات، وهو القرار الذي أحدث ضجة بمواقع التواصل الاجتماعي الذي اعتبر مجحفا في حق المواطن الذي يكون دائما الضحية الأولى، في وقت أعطى بعضهم حلولا وصفوها بالعقلانية تتمثل في اقتطاع نسبة من أجور الوزراء والبرلمانيين وحتى مديري أكبر الشركات الوطنية لمواجهة التقشف.



ووجه هؤلاء الشباب عبر صفحاتهم نداء إلى السلطات العليا بإحداث توازن في قرارات التقشف التي سيكون المواطن الضعيف المغلوب على أمره -حسبهم- دائما في فم المدفع في حال تطبيق الإجراءات الجديدة، حيث علق هؤلاء على ذلك بالتهكم لاسيما وان الإجراءات لا تمس كل الطبقات بما فيهم الوزراء والبرلمانيين المغيبين عنه، ورأى بعضهم انه لو تقوم الحكومة باقتطاع 20 ألف دينار فقط من أجر كل وزير أو برلماني أو حتى مدير مؤسسة وطنية هامة شهريا، سيتم تعويض بعض من العجز لاسيما وان الاقتطاع لا يضر هؤلاء على الإطلاق، كونهم لا يدفعون لا كراء ولا كهرباء ولا حتى بنزين السيارات.