اعترفنا بجرائم المستعمر.. لكن الاعتذار سيقودنا إلى طريق مسدود!
02-02-2016, 09:28 PM

عبد السلام سكية

صحافي ورئيس قسم الشؤون الدولية بجريدة الشروق اليومي


أبدى رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، ألان جوبيه، معارضة لاعتذار بلده عن جرائمها الاستعمارية في حق الجزائريين، بحجة أن المسألة ستؤدي بالبلدين إلى "طريق مسدود" والأصح بالنسبة إليه هو النظر إلى المستقبل لأن "هنالك أشياء كثيرة يجب التعاون بشأنها، هي ذات أبعاد إنسانية وأمنية واقتصادية".
وأبان السياسي الفرنسي عن نفس الطرح الذي تتبناه فرنسا الرسمية، حيال مسألة الذاكرة، وتحديدا الاعتراف، حيث تتوقف باريس عند "الاعتراف ببشاعة الجرائم دون الاعتذار عنها". وهو ما قاله جوبيه في لقاء خاص مع "الشروق نيوز"، ردا عن سؤال يتعلق بمسألة الاعتذار: "الخوض في مسألة الاعتذار الفرنسي، سيقودنا إلى طريق مسدود ولهذا يجب الاعتراف، وبالفعل هو ما قمنا به".

ونصح جوبيه الذي سينافس ساركوزي على من سيكون "فارس" الرئاسيات القادمة عن اليمين الفرنسي، بأنه ينظر الطرفان إلى المستقبل، قائلا: "هنالك أشياء كثيرة علينا فعلها لأسباب استراتيجية واقتصادية وأمنية وأمور إنسانية كحال مزدوجي الجنسية".

وبخصوص الملفات "الشائكة" بين البلدين، كما هي الحال مع قضية رهبان تيبحيرين، التي أعاد القضاء الفرنسي بعتها، قال جوبيه: "هنالك تحقيقات قضائية جارية والقاضي تريفيديك جاء إلى الجزائر رفقة وفد قضائي، واستُقبل بشكل لائق، ويجب أن تستمر هذه الإجراءات". وتابع بنوع من الدبلوماسية: "والقول إن حقائق لم تقل بعد فهذا من صلاحيات القضاء".

أمنيا، تحدث جوبيه، في تصريحاته لـ "الشروق نيوز" أمس، عن المأساة التي مرت بها الجزائر، وقال: "من ينسى المأساة التي مرت بها الجزائر في سنوات التسعينات؟ رقم الضحايا أعتقد أنه وصل إلى 200 ألف ضحية.. وهذا لم يخرج من ذاكرتنا، وأفهم أن السلطات الجزائرية والشعب الجزائري ما زالوا جد حذرين".

كما دافع رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق عن الإجراءات الاحترازية التي اتخذها بلده، بعد اعتداءات باريس الأخيرة، قائلا: "بطبيعة الحال بعد هجمات 13 نوفمبر التي تسببت في جرح عميق، فرنسا، والشعب الفرنسي، ردت بإحساس جد قوي، وقمنا بدعم حالة الطوارئ التي أقرتها السلطات العمومية... عملنا عبر اتجاهين اثنين، النشر السريع لمصالح الأمن، وتحسين نظام الاستعلامات، داخليا وخارجيا، وتعزيز التعاون مع الدول كما هي الحال مع الجزائر".

وذكر جوبيه، الذي حل في زيارة إلى الجزائر، ويحضر نفسه لخوض غمار الرئاسيات الفرنسية المقبلة، أنه من الضروري تطوير العلاقات بين البلدين على أساس مبدإ "رابح رابح"، ورافع من أجل زيادة وجود الشركات الفرنسية في الجزائر فقال: "المؤسسات الفرنسية المتوسطة في حاجة إلى أن تتطور وتصدر أكثر وتبحث عن أسواق جديدة.. وفي الطرف الآخر بالنسبة إلى الجزائر نحن نعلم أن هناك حاجة إلى تنويع اقتصادها". وفي شكل عتاب مبطن، قدّم جوبيه رقم 420 ألف تأشيرة منحت للجزائريين، ودعا إلى تذليل العراقيل بالنسبة إلى منح التأشيرة للفرنسيين.

وعما سمي "الربيع العربي"، ظهر جوبيه أنه غير مرتاح إلى الأوضاع التي آلت إليها الدول التي مسها الحراك الشعبي، كالحال في ليبيا وسوريا، وأكد أن الجزائر لم تضيع أي شيء لعدم وصول الحراك إليها، وقال: "الجزائر بقيت مستقرة، والشعب أراد الاستقرار، خاصة بعد تجربة الإرهاب".