شبح "ثورة الزيت والسكّر" يلُوح في الأفق بسبب ارتفاع الاسعار
20-01-2016, 12:51 AM
احتجاجات سطيف - باتنة - تيقزيرت.. هل تُجبر الحكومة على التراجع؟



محمد.ل

صحافي بموقع الشروق أونلاين ، متابع للشأن السياسي والوطني



لم ينقض الشهر الأول من السنة الجديدة، حتى بدأت تداعيات قانون المالية 2016، الذي وضع في ظروف سياسية واقتصادية خاصة، تظهر للعيان، وانطلقت شرارات الاحتجاجات الشعبية على الارتفاع في الأسعار، حيث شهدت مناطق مختلفة في الجزائر مظاهرات احتجاجية ضد قانون المالية الجديد وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ويبدو أن الوضع بدأ يفلت من بين أيدي المسؤولين الذين ما فتئوا "يخوفون" الشعب بـ"سنوات عجاف" قادمات، حيث أكّد وزير المالية عبدالرحمان بن خالفة أن الزيادات الحالية في أسعار الوقود والكهرباء ستكون متبوعة بزيادات أخرى في أشهر قريبة، مؤكدا على ضرورة التقشف في الاستهلاك.

وسرعان ما انخرط سكان مناطق عديدة في موجة الاحتجاجات التي بدأت تنتقل عدواها من منطقة إلى أخرى، بعد أن فشل السياسيون والأحزاب والخبراء والإقتصاديون عن ثني الحكومة للتراجع عن قانون المالية 2016 أو على الأقل تعديله، وتأكدهم بأن الحلول التي جاء بها القانون ستزيد من غبن المواطن البسيط دون غيره.

وكانت البداية من عنابة التي نفذ فيها ناشطون مسيرة احتجاجية منذ بداية الشهر الجاري ضد قانون المالية الجديد وطالب المحتجون فيها بإلغاء التدابير التي تضمنها والمتعلقة بزيادات في الضرائب وأسعار الوقود والكهرباء والماء.

واعتبر المحتجون أن هذا القانون يزيد من معاناة الطبقات الوسطى، ويضع البلاد بين يدي رجال المال والأعمال، حيث رفعوا شعارات من قبيل "الجزائر ليست للبيع"، و"لا لقانون العار".

وفي منطقة تيقزيرت بولاية تيزي أوزو، نظم ناشطون مسيرة احتجاجية ضد غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور القدرة الشرائية لطبقة واسعة من الجزائريين بفعل التدابير القاسية التي تضمنها قانون المالية، وأكد المحتجون رفضهم أن يدفع المواطن وحده ثمن تراجع أسعار النفط وعدم ترشيد الإنفاق العام واستغلال الوفرة المالية في وضع خطط للتنمية تجنب البلاد مأزق انهيار أسعار النفط.

وفي بلدية وادي الماء بولاية باتنة، أغلق محتجون المنافذ المؤدية إلى المدينة احتجاجا على تحويل مشروع محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية من بلدتهم إلى منطقة أخرى، وشلت الاحتجاجات الحركة وأغلقت المحلات التجارية أبوابها، كما تم منع دخول وخروج الموظفين من البلدية، في اليوم الثاني من الاحتجاجات قبل أن تتدخل وحدة من قوات الدرك لإعادة الهدوء إلى المنطقة.

وشن سكان منطقة بني ورتيلان أقصى شمالي ولاية سطيف، إضرابا شاملا في كل القطاعات بسبب انقطاع التزود بالغاز الطبيعي تزامنا مع موجة الثلوج، ودفعت السلطات بتعزيزات أمنية كبيرة إلى المنطقة، في حين عرفت المناطق المجاورة نفس الاحتجاجات.

وتعيد موجة الاحتجاجات الحالية إلى الأذهان، ما عرفته الجزائر من أحداث أو ما عرف بـ"ثورة الزيت والسكر" التي شهدتها العديد من المناطق بداية 2011 والتي بدأت شرارتها في الظاهر، بارتفاع مفاجئ في أسعار مادتي الزيت والسكر، فانطلقت الاحتجاجات في الخامس جانفي واستمرت لأيام قبل أن تنطفئ ويتم احتواؤها.

وتعكس موجة الاحتجاجات الشعبية الحالية بداية اليأس الذي بدأ يتسلل إلى الجزائريين، بعد أن تحول التخويف من تداعيات أزمة النفط وانعكاساته على يوميات المواطن واقعا يلامس مستواه المعيشي، فسارع إلى الانتفاض لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه.

والظاهر أن "الانتفاضة الشعبية" التي بدأت في شرق البلاد ستزحف إلى مناطق أخرى من الجزائر يعيش سكانها نفس الظروف التي يكابدها المحتجون، ما لم تسارع الحكومة إلى تخفيف العبئ المالي عن جيب المواطن المقهور منذ أكثر من عشريتين رغم البحبوحة المالية التي عرفتها البلاد قبل سنوات.