واشنطن "بريئة" من أزمة تركيا الاقتصادية
22-08-2018, 11:22 AM



يستغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخلاف المرير بين بلاده والولايات المتحدة، لإلقاء اللوم في المشاكل الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد التركي على عدو خارجي وليس على المشاكل داخل بلاده، كما قال محللون.

خلال الأشهر الأخيرة، حذر محللون بأن الاختلالات الاقتصادية تعني أن اقتصاد تركيا سيواجه مشاكل كبيرة، حتى قبل العقوبات التي أعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب وأدت إلى انخفاض حاد في سعر الليرة التركية.


إلا أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب سمحت لأردوغان بإلقاء اللوم في المشاكل الاقتصادية وانهيار الليرة على البيت الأبيض واللعب على المشاعر المناهضة للولايات المتحدة المنتشرة في مختلف فئات المجتمع التركي.


الولايات المتحدة.. العدو الشرير
قال سونر كاغابتاي، مدير "برنامج الأبحاث التركي" في معهد واشنطن، إن سيطرة أردوغان على الإعلام التركي، والتي عززها بعد التغييرات الأخيرة في ملكيتها، سمحت للسلطات وبسهولة برسم الولايات المتحدة في صورة الشرير.


وقال في تصريح خاص: "أعتقد أن أردوغان قرر أنه رغم أنه لم يكن يريد للأزمة مع الولايات المتحدة أن تصل إلى ما وصلت إليه، إلا أنه قرر كذلك استغلالها".


وأضاف أن "أردوغان يستطيع أن يحدد شكل روايته للأزمة لأنه يسيطر على 90% من الإعلام. ويستطيع الآن أن يربط الأزمة الاقتصادية في تركيا والناجمة عن سياساته، بالعقوبات الأمريكية فقط".


قبل أن يتسبب ترامب في انهيار الليرة من خلال تغريدة في العاشر من أغسطس (آب) أعلن فيها عن مضاعفة الرسوم على واردات بلاده من الصلب والالمنيوم التركي، كانت السحب تتجمع فوق الاقتصاد التركي بعد ارتفاع التضخم ليبلغ 16% وتوسع العجز في الحساب الجاري.


كما تسبب أردوغان في تقويض الثقة في العملة من خلال تصريحاته المتكررة التي اعتبرها بعض اللاعبين في السوق بأنها مربكة.


فوصف معدلات الفائدة بأنها "أب وأم كل الشرور"، وقال أن البلاد بحاجة الى معدلات الفائدة المنخفضة لخفض التضخم.


وبعد شهر من الفوز بصلاحيات جديدة في الانتخابات، أدهش أردوغان المراقبين بتعيين صهره براءة البيرق، وزير الطاقة السابق، على رأس وزارة المالية الجديدة الموسعة، رغم أنه يفتقر إلى الخبرة في الأسواق المالية.


وفور أن أطلق ترامب الأزمة بشأن احتجاز السلطات التركية للقس الأمريكي أندرو برانسون، سارع أردوغان إلى التنديد بـ"مؤامرة" تهدف إلى "تركيع" تركيا.


واصطف الإعلام الرسمي وراء أردوغان في التنديد بما وصفه بأنه "انقلاب اقتصادي"، وقارن بينه وبين المحاولة الانقلابية للاطاحة بأردوغان في 2016.


استراتيجية أردوغان

قال رئيس مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية سنان اولغين، إن استراتيجية أردوغان "تهدف في الأساس إلى حشد الدعم الشعبي في وقت الأزمة الاقتصادية".


ويجد خطاب أردوغان صدى واسعاً في المجتمع التركي الذي تنتشر فيه مشاعر قوية مناهضة للولايات المتحدة تفاقمت بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.


يعيش فتح الله غولن الداعية الإسلامي الذي تتهمه أنقرة بأنه وراء المحاولة الانقلابية، في منفاه الاختياري في بنسلفانيا منذ 1999، وقاد ذلك الكثيرين ومن بينهم مسؤولون أتراك كبار، إلى الاعتقاد بأن للولايات المتحدة يداً في المحاولة الانقلابية.


ورفضت الولايات المتحدة تلك المزاعم، فيما أكد غولن أنه ليس له أي يد في المحاولة الانقلابية.


ولكن الخطاب المناهض للولايات المتحدة يلقى صدى قوياً في تركيا رغم أن أنقرة وواشنطن عضوان في حلف شمال الأطلسي منذ 1952.


وبحسب استطلاع أجراه مركز "سنتر فور أميركان بروغريس"، في وقت سابق من العام، فإن 10% فقط من الأتراك ينظرون إلى واشنطن بعين الرضا، بينما عبر 83% منهم عن آراء غير جيدة تجاهها.


أردوغان الذي يستخدم أجهزة شركة أبل الأمريكية، أعلن أن تركيا ستقاطع هواتف آي فون وأجهزة الشركة العملاقة. وسرعان ما ظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي لأنصار أردوغان وهم يحطمون هواتفهم الآي فون.


كما تعرضت السفارة الأمريكية في أنقرة الاثنين إلى إطلاق نار، وسارعت الحكومة إلى إدانة الحادث ووصفته بأنه "استفزاز" وتعهدت بمحاسبة مرتكبيه.


قال دبلوماسي أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته إنه "من خلال تصرفاته فإن دونالد ترامب يخفي الأشخاص المسؤولين حقاً عن الوضع الاقتصادي" في تركيا.


وأضاف "هناك شخص واحد فقط هو من يمنع البنك المركزي من التصرف ويمنع وزير المالية" من اتخاذ الاجراءات الضرورية، محذراً من أن تركيا مخطئة إذا كانت تعتقد أنها "يمكن أن تحمل الولايات المتحدة، وبخاصة الرئيس دونالد ترامب" المسؤولية.


على شاشات التلفزيون وفي الصحف لا يوجد من يخرج عن خط الحكومة، ويلجأ خبراء الاقتصاد الذين لهم رأي مختلف إلى بث آرائهم على تويتر.


قال سنان اولغين إنه إذا لم يتم رفع أسعار الفائدة فإن "قدرة البنك المركزي ووزارة المالية على طمأنة الأسواق ستضعف بشكل كبير".



24 - أ ف ب