الزاوي ليته كان صادقا وأمين!!؟
16-04-2018, 09:22 AM
الزاوي ليته كان صادقا وأمين!!؟
التهامي مجوري


لقد تكلم أمين الزاوي لسنوات طوال، وقرر كثيرا من الاستناجات الخاطئة والأكاذيب في التاريخ والفكر والثقافة، ولا نستأذنه في قول القليل من الحق تنويرا للرأي العام، وإنما نستأذن القراء الكرام في الخروج عن طريقتي التي ألفتها في الكتابة عموما وفي كتابتي عن المثقفين خصوصا، واستئذاني للقارئ، لأنه ربما سيقرأ شيئا لم يعرفه عني؛ لأن الدكتور أمين الزاوي هذه المرة في مقاله المنشور في:( يومية ليبرتي) الناطقة بالفرنسية المعنون بـ: “Islam(s) au pluriel singulier تجاوز حدود اللياقة والأدب في موقفه من الإسلام والمسلمين، وأضاف إلى “لا أمانته” مستوى آخر من “القباحة”، لا تليق بإنسان عادي، فضلا عن أن يكون هذا “القبيح”: أديبا وكاتبا!!؟.
و”أمين الزاوي”: لمن يعرفه ولا يعرفه له شخصيتان:
شخصية المثقف المتسامح النشط الذي يقابل الناس بالابتسام والمظهر الحسن واللياقة واللباقة في التعاطي مع محدثيه، وألفاظه الهادئة والمؤدبة التي تختار لكل مقام مقال: إذا كان في أوساط المعربين والإسلاميين يسمعهم ما لا يزعجهم، وإذا كان بين بني مذهبه: صال وجال، وقال ما لا يقال!!؟.
وشخصية ثانية هي: شخصية منفجرة على المخالف، وفاجرة في الخصومة، غير مؤدبة معه ولا متسامحة؛ لأنها –ربما- مرتبطة بالخبزة والمهمة والأيديولوجيا!!؟، وهذا الوجه من شخصيته: أدخله في زاوية حادة وضيقة جدا لا تتسع:" لغيره ومن معه من الفرانكوشيين!!؟".
وأنا في هذا المقال: لا أتكلم عن الشخصية الأولى، وإنما أرد على الشخصية الثانية التي تطاولت على تاريخ أمتي وبلادي، ورغم أن الرجل -بكل أسف- لم يترك فرصة للنيل من الإسلام والمسلمين والحركة الإسلامية، إلا وانهال على الجميع، لكن هذه المرة في مقاله المشار إليه آنفا: أبعد كثيرا في معاداته للإسلام وللمسلمين، بحيث لم يترك مرحلة من مراحل تاريخ الأمة إلا نال منها، بكل ما يحمل قاموسه من نعوت فاسدة وفالسة وفاجرة، فلم يترك عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عصر الصحابة، ولا غيرهما من العصور إلى يومنا هذا: علماء ومذاهب ومدارس…إلخ.
ولا ندري لماذا؟، ولا ما هي المناسبة؟، بل: ما موقع ما قال في سلم الأولويات الوطنية، وهو مثقف جزائري مفترض فيه أن تكون فيه نخوة ورجولة تملي عليه التفكير في مصلحة البلاد، وتشعره بالمسؤولية على القول والفعل؟، وما موقع ما قال في سلم الفكر الإنساني؟، لا سيما أن الفكر الإنساني من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يجمع على أن لكل الناس دياناتهم، ولهم الحق في التدين بما شاؤوا، ولهم الحق في التعلق بشرائعهم التي آمنوا بها.
فماذا يضير الزاوي في أن يحترم الجزائري المسلم دينه وشريعته، وما فائدته: إذ كفر الناس وخرجوا من الملة؟، أليس هذا:"هبال!!؟".
ولكن يبدو: أن أمين الزاوي ينتظر أن يقوم المسلمون بتكفيره، فتحكم عليه المحكمة بالتفريق بينه وبين زوجته، كما فعل الأزهر مع طه حسين وعلي عبد الرازق وغيرهم من المعاصرين في مصر، ويفتي المفتون: بأنه لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، كما فعلها أخ له من قبل، وأن تقوم جمعية العلماء بحملة ضده لينال بها وساما هنا أو هناك!!؟، ويتعاطف معه العالم في مواجهة الإرهاب الإسلامي !!؟، ويرشح للجوائز الأدبية الدولية، ويحتفى به كما تم الاحتفاء بغيره في بعض المنظمات والمؤسسات الدولية!!؟.
وأذكر يوم كان مديرا للمكتبة الوطنية، واستضاف صديق عمره:" الشاعر المخنث: أدونيس"، ليقول مثل قوله، فقامت عليه القيامة؛ لأن أدونيس اجتر واقعه السوري اللبناني وجاء به إلى الجزائر، ليدخلنا في بوتقة من التُهَمٍ لأكابر الصحابة وفضلاءهم، أمثال: أبو بكر الصديق وانحرافه: تهم لا عهد للجزائري بها– … وغير ذلك من مقولاته المعتوهة، ولكن تلك القيامة لم تكن مناسبة للسيد المدير!!؟؛ لأنه كان في صراع مع خليدة لتومي وزيرة الثقافة يومها، وربما كان يطمح لأن يكون وزيرا محلها، ولما شعر بالضيق “والقنطة” زار في تلك المناسبة واحدا من العلماء المسلمين الذين لا يؤمن بمكانتهم ولا بوجودهم في مقاله، وهو: الشيخ عبد الرحمن شيبان رحمه الله، ليستنجد به، فقال له الشيخ:" جنت على نفسها براقش".
ومع كل ذلك أقول: من حقه أن يكون كافرا أو مؤمنا أو مترددا، وحسابه على الله، ومخالفا لغيره من شرائح المجتمع، لكن أن يكون مخالفا لكل المجتمع بمؤسساته وأفراده ويهاجمهم، فلا وألف لا، وندعوه إلى التوقف عن هذا اللعب؛ لأن حريتك تنتهي عند بداية حريات الآخرين، وهؤلاء الآخرون هم: شركاء لك في هذه المساحة التي تقيم بها، فلا يسمح لك بفعل ما يفضي لإغراقها!!؟.
فمن حقه أن ينتمي إلى جماعة الإسلاموفوبيا، ومن حقه أن يكذب على نفسه، ومن حقه أن تكون له قراءة أو قراءات للواقع والتاريخ، بل ومن حقه أن يكون له رأي في الدين والإسلام والمسلمين، ولكن ليس من حقه أن يكذب على الناس فيضللهم، وعلى التاريخ فيفسد معانيه وقوانينه، ولكن ليس من حقه أن يزور حقائق التاريخ، وان يتطاول على أسياده من علماء الأمة، وليس من حقه أن يثير الفتن بآرائه الشاذة التي يشتم منها روائح ظنناها ذهبت مع فرنسا وذيولها!!؟.
إن الزاوي لم يطرح أفكارا لنناقشها، وإنما انطلق من موقف ثابت عنده كما هي عادته، وراح يبحث لهذا الموقف عن جزئيات يدعم بها مقولته، كما هي عادته أيضا في البحث في تفاصيل سلوكات أبطال رواياته، فهو لا يحتاج إلى أدلة على ما يقول، وإنما يحتاج جزئيات تفصيلية يلتقطها من أي وعاء كان، من كتب الأدب والتاريخ ومن حكايات القصاص، ليغطي به سوءة مواقفه المهزوزة، المهم أن الشريعة الإسلامية عند الزاوي مشكلة، والذي يؤمن بها مشكلة، والذي يدعو إليها مصيبة!!؟، وليتخلص العالم من هذه المشكلات والمصائب، فعليه بإبادة المؤمنين بالشريعة وعلمائهم ودعاتهم!!؟.
تلك هي رسالة الأديب الروائي: أمين الزاوي في مقاله المشار إليه.
حاولت أن أفهم ما هي مبررات هذه المقولات اليوم كما أسلفت!!؟، ولكني لم أفهم، بل لم أجد ولا شبه مبرر أو حجة تدعوه إلى هذا القول!!؟، ولذلك أسمح لنفسي بأن أتوغل في شخصية الزاوي وطموحاته -على غير عادتي- لأستنتج شيئا ربما يفهم به القارئ الكريم بعض مبررات ما قال الزاوي ويقول منذ سنوات!!؟.
الزاوي كغيره ممن ذاقوا لبن البقرة الحلوب “اللي ماغرزتش”: يريد أن يلفت الانتباه بين الحين والآخر:“رانا هنا”، مثلما ترمى الحجرة في البحيرة الراكدة، والمناسبة على ما يبدو مقبلة على تغيير حكومي، فهو يريد أن يذكر، ولو بلعنه وسبه وشتمه، ليتذكره الباب العالي؛ لأن طبيعة القوم في مثل هذه الأمور لا يفكرون كثيرا في الانعكاسات الفكرية والسلوكية على الواقع، فهو لا يؤمن بعلماء الإسلام، ولكنه لا مانع عنده في الاستنصار بشيبان، ولا مانع عنده في قبول مكتبة الشيخ عبد اللطيف سلطاني عندما كان مديرا للمكتبة الوطنية؛ بل نظم حفلا تكريميا للشيخ رغم أنه عالم لا يؤمن به، ولا يستحي.
وعندما ينصب وزيرا -لا قدر الله- سيقول أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، كما قالها أخ له من قبل أيضا، وسيدافع عن الإسلام، لأنه دين الدولة، ولا يستحي كذلك.
يعتقد الزاوي أن ما يقوم به، سيقربه إلى من يتمنى أن يقبلوه!!؟، ولكنه نسي أنه خريج دمشق معرب “دوريجين”، “ والعربي عربي ولو كان الكولونيل بن داود”، ولمن لا يعرف هذا المثل من غير الجزائريين، هو:
أن جزائريا في الفترة الاستعمارية التحق بالقوات المسلحة الفرنسية، وترقى فيها إلى أن أصبح عقيدا، ولكن الفرنسيين بقوا دائما يعاملونه على أنه مواطن من درجة ثانية وفق قانون الأهالي، فقال هذا المثل “العربي عربي ولو كان الكلونيل بن داود” والكلونيل هو العقيد باللغة الفرنسية، والقارئ لمقال الزاوي سالف الذكر بالفرنسية، يشعر أن الزاوي عندما كان يكتب كان يفكر بالعربية، ويعبر عن تلك الأفكار بالفرنسية، أو على الأقل هكذا شعرت، وأنا أقرأ هذا المقال، وصدق جون جوريس عندما قال عن نخبة العشرينيات الذين يقتدي بهم الزاوي، أنهم حاولوا التملص من أصولهم الجزائرية تقليدا للغرب، فلم يتحولوا إلى غربيين، ولم يبقوا على أصولهم التي نشلوا عليها، مثل الغراب الذي أراد أن يقلد الحجلة في السير، فنسي كيف كان يسير!!؟.

وأخيرا:
تمنيت لووقف الزاوي وقفة محاسبة لنفسه، وهو في العقد السابع من العمر، ويترك كل شيء جانبا، ولا يصطحب معه إلا الحقيقة، فيبحث بصدق وأمانة في هذا الدين الذي ارتضاه الله دينا للبشرية، ولا يقبل غيره من أحد؛ بل، ولا تسعد البشرية إلا به: كما قال رائد النهضة الجزائرية: الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله، وأنا متيقن من قدرات الزاوي الموصلة للحقيقة، ولكن بعيدا عن الأيديولوجيا وحمى الكراسي والمسؤوليات والطموحات الفارغة!!؟.