عمارات حول النجوم ...
26-04-2018, 05:46 PM
المشتري هو عملاق كواكب المجموعة الشمسية بلا منازع، كتلته تفوق كتلة بقية الكواكب مجتمعة، وحجمه يبلغ (1300) ضعف حجم الأرض، بقطر يبلغ (11) ضعف قطرها، وكتلة تبلغ (318) ضعف كتلتها، يجر المشتري معه أثنى عشر قمراً في دورته حول الشمس التي تمتد اثنتي عشرة سنة أرضية، اثنان من أقماره أكبر حجماً من قمر الأرض.
المشتري، عملاق المجموعة الشمسية
لقد تعلمنا من خلال الرصد الذي قام به (غاليله) للمشتري عام (1600م)، واكتشافه لأربعة من أقماره، أن الأجسام السماوية الأصغر تسبح في أفلاك حول الأكبر، وأن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية لا الأرض، كما كان يعتقد خطأ من قبل، وقد تسنى للفلكيين عام 1671م حساب سرعة الضوء ببعض الدقة من خلال مراقبتهم لأقمار المشتري.
أما عن الحياة على سطحه، فلا يوجد أي احتمال أو أمل في ارتقاء أو نشوء أي شكل من أشكالها، إذ يتكون غلافه الغازي في معظمه من الهيدروجين والأمونيا والميتان.
جاذبيته من القوة بحيث يزن الإنسان العادي حوالي ربع طن ثقلي على سطحه، لكن لا أحد يستطيع الاقتراب من هذا السطح حتماً، فأي مركبة فضاء تخترق غلافه الغازي، مهما أحكم صنعها وتصميمها، ستتهشم على نفسها بتأثير الضغط والجاذبية المرتفعين كما تتهشم علبة السجائر عندما تعصرها يد قوية، يتوقع أن يكون سطح الكوكب نفسه عرضة لسيول جارفة من مادة الأمونيا، وأن يكون جوه مُرعداً بالعواصف كما تنبئنا أمواج الراديو الملتقطة من هناك، أما سنا برقه فيحرر في ثانية واحدة، ما يعادل الطاقة المنتشرة عن مئة ألف مليون من حوادث البرق على سطح الأرض مجتمعة، إن زمجرة الرعود الملتقطة من أجواء المشتري، توحي بعالم من الهول لم يسبق أن عرف له الإنسان مثيلاً من قبل.
نعلم أيضاً أنه على عمق (3200) كيلومتر من الغلاف الغازي، تتوضع طبقة من الهيدروجين السائل المشوب بمواد صخرية صلبة تجعله (موحلاً)، فما إن يطأ هذه الطبقة جسم خارجي صلب (سفينة فضاء خيالية مثلاً)، حتى يغوص فيها بسرعة كما تغوص شاة شاردة في مستنقع موحل، ليتوقف على عمق حوالي (8000) كيلومتر أمام طبقة صلبة من طبقات الكوكب لا نعرف تركيبها بالتحديد بعد، تلي هذه الطبقة على عمق يتراوح بين (11) و(32) ألف كيلومتر نواة معدنية صلبة من الهيدروجين، إنه الهيدروجين الذي نعرفه بشكله الغازي على الأرض، قد تحول إلى معدن في نواة المشتري، معدن لم يره أحد من قبل، ذلك أن الضغط في نواة المشتري الناتج عن جاذبيته الكبيرة، يتجاوز مليون ضعف مثيله في نواة الأرض مما يؤدي إلى انضغاط ذرات الهيدروجين وتجمع نويّاتها على شكل معدن صلب.
هذا إذاً عالم ذو نواة من معدن الهيدروجين، قطرها حوالي (120) ألف كيلومتر، تليها طبقة من الهيدروجين الموحل عمقها حوالي (11) ألف كيلومتر، ثم تليها طبقة من الغازات الكثيفة عمقها حوالي (3200) كيلومتر تكتنفها أجواء مخيفة من البرق والرعد، وهطول جائح من الأمونيا.
ينبئنا المطياف (Spectroscope)، هذا الجهاز الرائع الذي يحلل طيف الأجسام السماوية متيحاً فرصة التعرف إلى مكوناتها، أن عالم المشتري العملاق يتكون من الهيدروجين بنسبة (78) بالمئة، ومن الهليوم بنسبة (10) بالمئة، ثم الأوكسجين والنتروجين والكربون والسيلكون والألمنيوم والحديد وبضعة من العناصر الثقيلة الأخرى التي تتواجد على شكل صخور من الجليد الصخري.
إن المشتري، بكتلته المادية العملاقة، يشكل منجماً للمعادن في المجموعة الشمسية، يمكنه تأمين مادة البناء لتشييد (38) عالماً جديداً كتلة كل منها تساوي كتلة الأرض، أو (300) ألف مدينة طائرة كتلة الواحدة منها تساوي كتلة أحد الكويكبات متوسطة الحجم.
يعارض البعض في رعب وذهول، أية خطة لتعدين المشتري واستثمار مادته الأولية، معتقدين أن للكوكب أثراً كبيراً على استقرار كواكب المجموعة الشمسية في مداراتها، يقولون: فتتوا هذا الكوكب العملاق، وستضطرب المعزوفة الحركية لكامل كواكب المجموعة الشمسية، إن هؤلاء لا يعرفون بالتحديد الآثار التي يمكن أن يخلفها اختفاء المشتري من بين كواكب المجموعة الشمسية إنهم يرفعون أصابع الاتهام ملوحين بأن اختفاء الكوكب لابد أن يكون له نتيجة أو أثر، لكنهم لا يعرفون ما هو! قد ينتج أن تبتعد الأرض عن الشمس لتظهر عصور جليدية من جديد، أو قد تقترب منها، فيذوب الجليد في القطبين وتفيض البحار على اليابسة، لكن لا دليل على صحة هذا أو ذاك.
يوضح عالم الفلك والرياضيات (إيان نيكلسون) أن لا أثر يذكر من تفتيت كوكب المشتري على نظام المجموعة الشمسية، إذ أن أثر جاذبية الشمس على كواكب المجموعة الشمسية يبلغ (16) ألف ضعف أثر المشتري، فيمكن إهمال أثر الأخير.
لكن للعملاق قيمة علمية كبيرة اليوم، فكثير من الألغاز التي تتعلق بتكوينه لم تُحلّ بعد، وستنقل إلينا سفن الفضاء التي حلقت، أو التي ستحلق حوله مستقبلاً، كثيراً من المعلومات العلمية الهامة خلال العقود القادمة.
مع نهاية المئة الميلادية الثانية والعشرين، سيفقد الكوكب أهميته العلمية، وستتجه الأنظار تحت إلحاح الطلب على المواد الأولية لعمارة الفضاء إلى تعدينه بأيسر جهد، وأقل خطر.
يُتبع
المشتري، عملاق المجموعة الشمسية
لقد تعلمنا من خلال الرصد الذي قام به (غاليله) للمشتري عام (1600م)، واكتشافه لأربعة من أقماره، أن الأجسام السماوية الأصغر تسبح في أفلاك حول الأكبر، وأن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية لا الأرض، كما كان يعتقد خطأ من قبل، وقد تسنى للفلكيين عام 1671م حساب سرعة الضوء ببعض الدقة من خلال مراقبتهم لأقمار المشتري.
أما عن الحياة على سطحه، فلا يوجد أي احتمال أو أمل في ارتقاء أو نشوء أي شكل من أشكالها، إذ يتكون غلافه الغازي في معظمه من الهيدروجين والأمونيا والميتان.
جاذبيته من القوة بحيث يزن الإنسان العادي حوالي ربع طن ثقلي على سطحه، لكن لا أحد يستطيع الاقتراب من هذا السطح حتماً، فأي مركبة فضاء تخترق غلافه الغازي، مهما أحكم صنعها وتصميمها، ستتهشم على نفسها بتأثير الضغط والجاذبية المرتفعين كما تتهشم علبة السجائر عندما تعصرها يد قوية، يتوقع أن يكون سطح الكوكب نفسه عرضة لسيول جارفة من مادة الأمونيا، وأن يكون جوه مُرعداً بالعواصف كما تنبئنا أمواج الراديو الملتقطة من هناك، أما سنا برقه فيحرر في ثانية واحدة، ما يعادل الطاقة المنتشرة عن مئة ألف مليون من حوادث البرق على سطح الأرض مجتمعة، إن زمجرة الرعود الملتقطة من أجواء المشتري، توحي بعالم من الهول لم يسبق أن عرف له الإنسان مثيلاً من قبل.
نعلم أيضاً أنه على عمق (3200) كيلومتر من الغلاف الغازي، تتوضع طبقة من الهيدروجين السائل المشوب بمواد صخرية صلبة تجعله (موحلاً)، فما إن يطأ هذه الطبقة جسم خارجي صلب (سفينة فضاء خيالية مثلاً)، حتى يغوص فيها بسرعة كما تغوص شاة شاردة في مستنقع موحل، ليتوقف على عمق حوالي (8000) كيلومتر أمام طبقة صلبة من طبقات الكوكب لا نعرف تركيبها بالتحديد بعد، تلي هذه الطبقة على عمق يتراوح بين (11) و(32) ألف كيلومتر نواة معدنية صلبة من الهيدروجين، إنه الهيدروجين الذي نعرفه بشكله الغازي على الأرض، قد تحول إلى معدن في نواة المشتري، معدن لم يره أحد من قبل، ذلك أن الضغط في نواة المشتري الناتج عن جاذبيته الكبيرة، يتجاوز مليون ضعف مثيله في نواة الأرض مما يؤدي إلى انضغاط ذرات الهيدروجين وتجمع نويّاتها على شكل معدن صلب.
هذا إذاً عالم ذو نواة من معدن الهيدروجين، قطرها حوالي (120) ألف كيلومتر، تليها طبقة من الهيدروجين الموحل عمقها حوالي (11) ألف كيلومتر، ثم تليها طبقة من الغازات الكثيفة عمقها حوالي (3200) كيلومتر تكتنفها أجواء مخيفة من البرق والرعد، وهطول جائح من الأمونيا.
ينبئنا المطياف (Spectroscope)، هذا الجهاز الرائع الذي يحلل طيف الأجسام السماوية متيحاً فرصة التعرف إلى مكوناتها، أن عالم المشتري العملاق يتكون من الهيدروجين بنسبة (78) بالمئة، ومن الهليوم بنسبة (10) بالمئة، ثم الأوكسجين والنتروجين والكربون والسيلكون والألمنيوم والحديد وبضعة من العناصر الثقيلة الأخرى التي تتواجد على شكل صخور من الجليد الصخري.
إن المشتري، بكتلته المادية العملاقة، يشكل منجماً للمعادن في المجموعة الشمسية، يمكنه تأمين مادة البناء لتشييد (38) عالماً جديداً كتلة كل منها تساوي كتلة الأرض، أو (300) ألف مدينة طائرة كتلة الواحدة منها تساوي كتلة أحد الكويكبات متوسطة الحجم.
يعارض البعض في رعب وذهول، أية خطة لتعدين المشتري واستثمار مادته الأولية، معتقدين أن للكوكب أثراً كبيراً على استقرار كواكب المجموعة الشمسية في مداراتها، يقولون: فتتوا هذا الكوكب العملاق، وستضطرب المعزوفة الحركية لكامل كواكب المجموعة الشمسية، إن هؤلاء لا يعرفون بالتحديد الآثار التي يمكن أن يخلفها اختفاء المشتري من بين كواكب المجموعة الشمسية إنهم يرفعون أصابع الاتهام ملوحين بأن اختفاء الكوكب لابد أن يكون له نتيجة أو أثر، لكنهم لا يعرفون ما هو! قد ينتج أن تبتعد الأرض عن الشمس لتظهر عصور جليدية من جديد، أو قد تقترب منها، فيذوب الجليد في القطبين وتفيض البحار على اليابسة، لكن لا دليل على صحة هذا أو ذاك.
يوضح عالم الفلك والرياضيات (إيان نيكلسون) أن لا أثر يذكر من تفتيت كوكب المشتري على نظام المجموعة الشمسية، إذ أن أثر جاذبية الشمس على كواكب المجموعة الشمسية يبلغ (16) ألف ضعف أثر المشتري، فيمكن إهمال أثر الأخير.
لكن للعملاق قيمة علمية كبيرة اليوم، فكثير من الألغاز التي تتعلق بتكوينه لم تُحلّ بعد، وستنقل إلينا سفن الفضاء التي حلقت، أو التي ستحلق حوله مستقبلاً، كثيراً من المعلومات العلمية الهامة خلال العقود القادمة.
مع نهاية المئة الميلادية الثانية والعشرين، سيفقد الكوكب أهميته العلمية، وستتجه الأنظار تحت إلحاح الطلب على المواد الأولية لعمارة الفضاء إلى تعدينه بأيسر جهد، وأقل خطر.
يُتبع