تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 12:51 PM
ذكر الخبر عن ملوك اليمن في أيام قابوس وبعده إلى عهد بهمن بن إسفنديار
قال أبو جعفر قد مضى ذكرنا الخبر عمن زعم أن قابوس كان في عهد سليمان بن داود عليهما السلام ومضى ذكرنا من كان في عهد سليمان من ملوك اليمن والخبر عن بلقيس بنت إيليشرح
فحدثت عن هشام بن محمد الكلبي أن الملك باليمن صار بعد بلقيس إلى ياسر بن عمرو بن يعفر الذي كان يقال له ياسر أنعم قال وإنما سموه ياسر أنعم لإنعامه عليهم بما قوى من ملكهم وجمع من أمرهم
قال فزعم أهل اليمن أنه سار غازيا نحو المغرب حتى بلغ واديا يقال له وادي الرمل ولم يبلغه أحد قبله فلما انتهى إليه لم يجد وراءه مجازا لكثرة الرمل فبينما هو مقيم عليه إذ انكشف الرمل فأمر رجلا من أهل بيته يقال له عمرو أن يعبر هو وأصحابه فعبروا فلم يراجعوا فلما رأى ذلك أمر بصنم نحاس فصنع ثم نصب على صخرة على شفير الوادي وكتب في صدره بالمسند هذا الصنم لياسر أنعم الحميري وليس وراءه مذهب فلا يتكلفن ذلك أحد فيعطب
قال ثم ملك من بعده تبع وهو تبان أسعد وهو أبو كرب بن ملكي كرب تبع بن زيد بن عمرو بن تبع وهو ذو الأذعار بن أبرهة تبع ذي المنار بن الرائش بن قيس ين صيفي بن سبأ قال وكان يقال له الرائد
قال فكان تبع هذا في أيام بشتاسب وأردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب وأنه شخص متوجها من اليمن في الطريق الذي سلكه الرائش حتى خرج على جبلي طيئ ثم سار يريد الأنبار فلما انتهى إلى الحيرة وذلك ليلا تحير فأقام مكانه وسمي ذلك الموضع الحيرة ثم سار وخلف به قوما من الأزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة فبنوا وأقاموا به ثم انتقل إليهم بعد ذلك ناس من طيىء وكلب والسكون وبلحارث بن كعب وإياد ثم توجه إلى الأنبار ثم إلى الموصل ثم إلى أذربيجان فلقي الترك بها فهزمهم فقتل المقاتلة وسبى الذرية ثم انكفأ راجعا إلى اليمن فأقام بها دهرا وهابته الملوك وعظمته وأهدت إليه فقدم عليه رسول ملك الهند بالهدايا والتحف من الحرير والمسك والعود وسائر طرف بلاد الهند فرأى ما لم ير مثله فقال ويحك أكل ما أرى في بلادكم فقال أبيت اللعن أقل ما ترى في بلادنا وأكثره في بلاد الصين ووصف له بلاد الصين وسعتها وخصبها وكثرة طرفها فآلى بيمين ليغزونها فسار بحمير مساحلا حتى أتى الركائك وأصحاب القلانس السود ووجه رجلا من أصحابه يقال له ثابت نحو ا لصين في جمع عظيم فأصيب فسار تبع حتى دخل الصين فقتل مقاتلها واكتسح ما وجد فيها قال ويزعمون أن مسيره كان إليها ومقامه بها ورجعته منها
(1/331)
________________________________________
في سبع سنين وأنه خلف بالتبت اثني عشر ألف فارس من حمير فهم أهل التبت وهم اليوم يزعمون أنهم عرب وخلقهم وألوانهم خلق العرب وألوانها
حدثني عبدالله بن أحمد المروزي قال حدثني أبي قال حدثني سليمان قال قرأت على عبدالله عن إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة أن تبعا خرج في العرب يسير حتى تحيروا بظاهر الكوفة وكان منزلا من منازله فبقي فيها من ضعفة الناس فسميت الحيرة لتحيرهم وخرج تبع سائرا فرجع إليهم وقد بنوا وأقاموا وأقبل تبع إلى اليمن وأقاموا هم ففيهم من قبائل العرب كلها من بني لحيان وهذيل وتميم وجعفي وطيىء وكلب
(1/332)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 01:03 PM
ذكر خبر أردشير بهمن وابنته خماني
ثم ملك بعد بشتاسب ابن ابنه أردشير بهمن فذكر أنه قال يوم ملك وعقد التاج على رأسه نحن محافظون على الوفاء ودائنون رعيتنا بالخير فكان يدعى أردشير الطويل الباع وإنما لقب بذلك فيما قيل لتناوله كل ما مد إليه يده من الممالك التي حوله حتى ملك الأقاليم كلها وقيل إنه ابتنى بالسواد مدينة وسماها آباد أردشير هي القرية المعروفة بهمينا من الزاب الأعلى وابتنى بكور دجلة مدينة وسماها بهمن أردشير وهي الأبلة وسار إلى سجستان طالبا بثأر أبيه فقتل رستم واباه دستان وأخاه إزواره وانبه فرمرز واجتبى الناس لأرزاق الجند ونفقات الهرابذة وبيوت النيران وغير ذلك أموالا عظيمة وهو أبو دارا الأكبر وأبو ساسان أبي ملوك الفرس الأخر أردشير بن بابك وولده وأم دارا خماني بنت بهمن
فحدثت عن هشام بن محمد قال ملك بعد بشتاسب أردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب وكان فيما ذكروا متواضعا مرضيا فيهم وكانت كتبه تخرج من أردشير عبدالله وخادم الله السائس لأمركم قال ويقال إنه غزا الرومية الداخلة في ألف ألف مقاتل
وقال غير هشام هلك بهمن ودارا في بطن أمه فملكوا خماني شكرا لأبيها بهمن ولم تزل ملوك الأرض تحمل إلى بهمن الإتاوة والصلح وكان من أعظم ملوك الفرس فيما قالوا شأنا وأفضلهم تدبيرا وله كتب ورسائل تفوق كتب أردشير وعهده وكانت أم بهمن أستوريا وهي استار بنت يائير بن شمعي بن قيس بن ميشا بن طالوت الملك بن قيس بن أبل بن صارور بن بحرث بن أفيح بن إيشى بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وكانت أم ولده راحب بنت فنحس من ولد رحبعم بن سليمان بن داود عليه السلام وكان بهمن ملك أخاها زربابل بن شلتايل على بني إسرائيل وصير له رياسة الجالوت ورده إلى الشام بمسألة راحب أخته إياه ذلك فتوفي بهمن يوم توفي وله من الولد ابناه دارا الأكبر وساسان وبناته خماني التي ملكت بعده وفرنك وبهمن دخت وتفسير بهمن بالعربية الحسن النية وكان ملكه مائة واثنتي عشرة سنة
فأما ابن الكلبي هشام فإنه قال كان ملكه ثمانين سنة
ثم ملكت خماني بنت بهمن وكانوا ملكوها حبا لأبيها بهمن وشكرا لإحسانه ولكمال عقلها وبهائها وفروسيتها ونجدتها فيما ذكره بعض أهل الأخبار فكانت تلقب بشهرازاد وقال بعضهم إنما ملكت خماني بعد أبيها بهمن أنها حين حملت منه دارا الأكبر سألته أن يعقد التاج له في بطنها ويؤثره بالملك ففعل ذلك بهمن
(1/333)
________________________________________
بدارا وعقد عليه التاج حملا في بطنها وساسان بن بهمن في ذلك الوقت رجل يتصنع للملك لا يشك فيه فلم ارأى ساسان ما فعل أبوه من ذلك لحق بإصطخر فتزهد وخرج من الحلية الأولى وتعبد فلحق برؤوس الجبال يتعبد فيها واتخذ غنيمة فكان يتولى ماشيته بنفسه واستشنعت العامة ذلك من فعله وفظعت به وقالوا صار ساسان راعيا فكان ذلك سبب نسبة الناس إياه إلى الرعي وأم ساسان ابنة شالتيال بن يوحنا بن أوشيا بن أمون بن منشى بن حازقيا بن أحاذ بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن يوشافط بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود
وقيل إن بهمن هلك وابنه دارا في بطن خماني وأنها ولدته بعد أشهر من ملكها وأنفت من إظهار ذلك فجعلته في تابوت وصيرت معه جوهرا نفيسا وأجرته في نهر الكر من إصطخر وقال بعضهم بل نهر بلخ وإن التابوت صار إلى رجل طحان من أهل إصطخر كان له ولد صغير فهلك فلما وجده الرجل أتى به امرأته فسرت به لجماله ونفاسة ما وجد معه فحضنوه ثم أظهر أمره حين شب وأقرت خماني بإساءتها إليه وتعريضها إياه للتلف فلما تكامل امتحن فوجد على غاية ما يكون عليه أبناء الملوك فحولت التاج عن رأسها إليه وتقلد أمر المملكة وتنقلت خماني وصارت إلى فارس وبنت مدينة إصطخر وأغزت الروم جيشا بعد جيش وكانت قد أوتيت ظفرا فقمعت الأعداء وشغلتهم عن تطرف شيء من بلادها ونال رعيتها في ملكها رفاهة وخفضا وكانت خماني حين أغزت أرض الروم سبي لها منها بشر كثير وحملوا إلى بلادها فأمرت من فيهم من بنائي الروم فبنوا لها في كل موضع من حيز مدينة إصطخر بنيانا على بناء الروم منيفا معجبا أحد ذلك البنيان في مدينة إصطخر والثاني على المدرجة التي تسلك فيها إلى دارا بجرد على فرسخ من هذه المدينة والثالث على أربعة فراسخ منها في المدرجة التي تسلك فيها إلى خراسان وإنها أجهدت نفسها في طلب مرضاة الله عز و جل فأوتيت الظفر والنصر وخففت عن رعيتها في الخراج
وكان ملكها ثلاثين سنة
ثم نرجع الآن إلى
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 01:09 PM
ذكر خبر بني إسرائيل ومقابلة تأريخ مدة أيامهم
إلى حين تصرمها بتأريخ مدة من كان في أيامهم من ملوك الفرس
قد ذكرنا فيما مضى قبل سبب انصراف من انصرف إلى بيت المقدس من سبايا بني إسرائيل الذين كان بختنصر سباهم وحملهم معه إلى أرض بابل وأن ذلك كان في أيام كيرش بن أخشويرش وملكه ببابل من قبل بهمن بن إسفنديار في حياته وأربع سنين بعد وفاته في ملك ابنته خماني وأن خماني عاشت بعد هلاك كيرش بن أخشويرش ستا وعشرين سنة في ملكها تمام ثلاثين سنة وكانت مدة خراب بيت المقدس من لدن خربه بختنصر إلى أن عمر فيما ذكره أهل الكتب القديمة والعلماء بالإخبار سبعين سنة كل ذلك في ايام بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب بن لهراسب بعضه وبعضه في أيام خماني على ما قد بين في هذا الكتاب
وقد زعم بعضهم أن كيرش هو بشتاسب وأنكر ذلك من قبله بعضهم وقال كي أرش إنما هو عم لجد بشتاسب وقال هو كي إرش أخو كيقاوس بن كيبيه بن كيقباذ الأكبر وبشتاسب الملك هو ابن كيلهراسب بن كيوجي بن كيمنوش بن كيقاوس بن كيبيه بن كيقباذ الأكبر قال ولم يملك كي أرض قط وإنما كان مملكا على خوزستان وما يتصل بها من أرض بابل من قبل كيقاوس ومن قبل كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس ومن قبل لهراسف من بعده وكان طويل العمر عظيم الشأن ولما عمر بيت المقدس ورجع إليه أهله من بني إسرائيل كان فيهم عزير وقد وصفت ما كان من أمره وأمر بني إسرائيل وكان الملك عليهم بعد ذلك من قبل الفرس إما رجل منهم وإما رجل من بني إسرائيل إلى أن صار الملك بناحيتهم لليونانية والروم بسبب غلبة الإسكندر على تلك الناحية حين قتل دارا بن دارا وكانت جملة مدة ذلك فيما قيل ثماينا وثمانين سنة
ونذكر الآن
(1/335)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 01:39 PM
خبر دارا الأكبر وابنه دارا الأصغر ابن دارا الأكبر وكيف كان هلاكه مع خبر ذي القرنين
وملك دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب وكان ينبه بجهرازاد يعني به كريم الطبع فذكروا أنه نزل بابل وكان ضابطا لملكه قاهرا لمن حوله من الملوك يؤدون إليه الخراج وأنه ابتنى بفارس مدينة سماها دارابجرد وحذف دواب البرد ورتبها وكان معجبا بابنه دارا وأنه من حبه إياه سماه باسم نفسه وصير له الملك من بعده وأنه كان له وزير يسمى رستين محمودا في عقله وأنه شجر بينه وبين غلام تربى مع دارا الأصغر يقال له بري شر وعداوة فسعى رستين عليه عند الملك فقيل إن الملك سقى بري شربة مات منها واضطغن دارا على رستين الوزير وجماعة من القواد كانوا عاونوه على بري ما كان منهم وكان ملك دارا اثنتي عشرة سنة
ثم ملك من بعده ابنه دارا بن دارا بن بهمن وكانت أمه ماهيا هند بنت هزارمرد بن بهرادمه فلما عقد التاج على رأسه قال لن ندفع أحدا في مهوى الهلكة ومن تردى فيها لم نكففه عنها وقيل إنه بنى بأرض الجزيرة مدينة دارا واستكتب أخا بري واستوزره لأنسه كان به وبأخيه فأفسد قلبه على أصحابه وحمله على قتل بعضهم فاستوحشت لذلك منه الخاصة والعامة ونفروا عنه وكان شابا غرا حميا حقودا جبارا
وحدثت عن هشام بن محمد قال ملك من بعد دارا بن أردشير دارا بن دارا أربع عشرة سنة فأساء السيرة في رعيته وقتل رؤساءهم وغزاه الإسكندر على تئفة ذلك وقد مله أهل مملكته وسئموه وأحبوا الراحة منه فلحق كثير من وجوههم وأعلامهم بالإسكندر فأطلعوه على عورة دارا وقووه عليه فالتقيا ببلاد الجزيرة فاقتتلا سنة ثم إن رجالا من أصحاب دارا وثبوا به فقتلوه وتقربوا برأسه إلى الإسكندر فأمر بقتلهم وقال هذا جزاء من اجترأ على ملكه وتزوج ابنته روشنك بنت دارا وغزا الهند ومشارق الأرض ثم انصرف وهو يريد الإسكندرية فهلك بناحية السواد فحمل إلى الإسكندرية في تابوت من ذهب وكان ملكه أربع عشرة سنة واجتمع ملك الروم وكان قبل الإسكندر متفرقا وتفرق ملك فارس وكان قبل الإسكندر مجتمعا
قال وذكر غير هشام أن دارا بن دارا لما ملك أمر فبنيت له بأرض الجزيرة مدينة واسعة وسماها دارنوا وهي التي تسمى اليوم دارا وأنه عمرها وشحنها من كل ما يحتاج إليه فيها وأن فيلفوس أبا الإسكندر اليوناني من أهل بلدة من بلاد اليونانيين تدعى مقدونية كان ملكا عليها وعلى بلاد أخرى احتازها إليها كان صالح دارا على خراج يحمله إليه في كل سنة وأن فيلفوس هلك فملك بعده ابنه الإسكندر فلم يحمل إلى دارا ما
(1/336)
________________________________________
كان يحمله إليه أبوه من الخراج فأسخط ذلك عليه دارا وكتب إليه يؤنبه بسوء صنيعه في تركه حمل ما كان أبوه يحمل إليه من الخراج وغيره وأنه إنما دعاه إلى حبس ما كان أبوه يحمل إليه من الخراج الصبا والجهل وبعث إليه بصولجان وكرة وقفيز من سمسم وأعلمه فيما كتب إليه أنه صبي وأنه ينبغي له أن يلعب بالصولجان والكرة اللذين بعث بهما إليه ولا يتقلد الملك ولا يتلبس به وأنه إن لم يقتصر على ما أمره به من ذلك وتعاطى الملك واستعصى عليه بعث إليه من يأتيه به في وثاق وأن عدة جنوده كعدة حب السمسم الذي بعث به إليه
فكتب إليه الإسكندر في جواب كتابه ذلك أن قد فهم ما كتب وأن قد نظر إلى ما ذكر في كتابه إليه من إرساله الصولجان والكرة وتيمن به لإلقاء الملقي الكرة إلى الصولجان واحترازه إياها وشبه الأرض بالكرة وأنه محتاز ملك دارا إلى ملكه وبلاده إلى حيزه من الأرض وأن نظره إلى السمسم الذي بعث به إليه كنظره إلى الصولجان والكرة لدسمه وبعده من المرارة والحرافة وبعث إلى دارا مع كتابه بصرة من خردل وأعلمه في ذلك الجواب أن ما بعث به إليه قليل غير أن ذلك مثل الذي بعث به في الحرافة والمرارة والقوة وأن جنوده في كل ما وصف به منه
فلما وصل إلى دارا جواب كتاب الإسكندر جمع إليه جنده وتأهب لمحاربة الإسكندر وتأهب الإسكندر وسار نحو بلاد دارا
وبلغ ذلك دارا فزحف إليه فالتقى الفئتان واقتتلا أشد القتال وصارت الدبرة على جند دارا فلما رأى ذلك رجلان من حرس دارا يقال إنهما كانا من أهل همدان طعنا دارا من خلفه فأردياه من مركبه وأرادا بطعنهما إياه الحظوة عند الإسكندر والوسيلة إليه ونادى الإسكندر أن يؤسر دارا أسرا ولا يقتل فأخبر بشأن دارا فسار الإسكندر حتى وقف عنده فرآه يجود بنفسه فنزل الإسكندر عن دابته حتى حبس عند رأسه وأخبره أنه لم يهم قط بقتله وأن الذي اصابه لم يكن عن رأيه وقال له سلني ما بدا لك فأسعفك فيه فقال له دارا لي إليك حاجتان إحداهما أن تنتقم لي من الرجلين اللذين فتكا بي وسماهما وبلادهما والأخرى أن تتزوج ابنتي روشنك فأجابه إلى الحاجتين وأمر بصلب الرجلين اللذين انتهكا من دارا ما انتهكا وتزوج روشنك وتوسط بلاد دارا وكان ملكه له
وزعم بعض أهل العلم بأخبار الأولين أن الإسكندر هذا الذي حارب دارا الأصغر هو أخو دارا الأصغر الذي حاربه وأن أباه دارا الأكبر كان تزوج أم الإسكندر وأنها ابنة ملك الروم واسمها هلاي وأنها حملت إلى زوجها دارا الأكبر فلما وجد نتن ريحها وعرقها وسهكها أمر أن يحتال لذلك منها فاجتمع رأي أهل المعرفة في مداواتها على شجرة يقال لها بالفارسية سندر فطبخت لها فغسلت بها وبمائها فأذهب ذلك كثيرا من ذلك النتن ولم يذهب كله وانتهت نفسه عنها لبقية ما بها وعافها وردها إلى أهلها وقد علقت منه فولدت غلاما في أهلها فسمته باسمها واسم الشجرة التي غسلت بها حتى أذهب عنها نتنها هلاي سندروس فهذا أصل الإسكندروس
قال وهلك دارا الأكبر وصار الملك إلى ابنه دارا الأصغر وكانت ملوك الروم تؤدي الخراج إلى دارا الأكبر في كل سنة فهلك أبو هلاي ملك الروم جد الإسكندر لأمه فلما صار الملك لابن ابنته بعث دارا الأصغر إليه للعادة إنك أبطأت علينا بالخراج الذي كنت تؤديه ويؤديه من كان قبلك فابعث إلينا بخراج بلادك
(1/337)
________________________________________
وإلا نابذناك المحاربة فرجع إليه جوابه أني قد ذبحت الدجاجة وأكلت لحمها ولم يبق لها بقية وقد بقيت الأطراف فإن أحببت وادعناك وإن أحببت ناجزناك فعند ذلك نافره دارا وناجزه القتال وجعل الإسكندر لحاجبي دارا حكمها على الفتك به فاحتكما شيئا ولم يشترطا أنفسهما فلما التقوا للحرب طعن حاجبا دارا دارا في الوقعة فلحقه الإسكندر صريعا فنزل إليه وهو بآخر رمق فمسح التراب عن وجهه ووضع رأسه في حجره ثم قال له إنما قتلك حاجباك ولقد كنت أرغب بك يا شريف الأشراف وحر الأحرار وملك الملوك عن هذا المصرح فأوصني بما أحببت فأوصاه دارا أن يتزوج ابنته روشنك ويتخذها لنفسه ويستبقي أحرار فارس ولا يولي عليهم غيرهم فقيل وصيته وعمل بأمره وجاء اللذان قتلا دارا إلى الإسكندر فدفع إليهما حكمهما ووفى لهما ثم قال لهما قد وفيت لكما كما اشترطتما ولم تكونا اشترطتما أنفسكما فأنا قاتلكما فإنه ليس ينبغي لقتلة الملوك أن يستبقوا إلا بذمة لا تخفر فقتلهما
وذكر بعضهم أن ملك الروم في أيام دارا الأكبر كان يؤدي إلى دارا الإتاوة فهلك وملك الروم الإسكندر وكان رجلا ذا حزم وقوة ومكر فيقال إنه غزا بعض ملوك المغرب فظفر به وآنس لذلك من نفسه القوة فنشز على دارا الأصغر وامتنع من حمل ما كان أبوه يحمله من الخراج فحمي دارا لذلك وكتب إليه كتبا عنيفة ففسد ما بينهما وسار كل واحد منهما إلى صاحبه وقد احتشدا والتقيا في الحد واختلفت بينهما الكتب والرسائل ووجل الإسكندر من محاربة دارا ودعاه إلى الموادعة فاستشار دارا أصحابه في أمره فزينوا له الحرب لفساد قلوبهم عليه وقد اختلفوا في الحد وموضع التقائهما فذكر بعضهم أن التقاءهما كان بناحية خراسان مما يلي الخزر فاقتتلوا قتالا شديدا حتى خلص إليهما السلاح وكان تحت الإسكندر يومئذ فرس له عجيب يقال له بوكفراسب ويقال إن رجلا من أهل فارس حمل ذلك اليوم حتى تخرق الصفوف وضرب الإسكندر ضربة بالسيف خيف عليه منها وإنه تعجب من فعله وقال هذا من فرسان فارس الذي كانت توصف شدتهم وتحركت على دارا ضغائن أصحابه وكان في حرسه رجلان من أهل همدان فراسلا الإسكندر والتمسا الحيلة لدارا حتى طعناه فكانت منيته من طعنهما إياه ثم هربا
فقيل إنه لما وقعت الصيحة وانتهى الخبر إلى الإسكندر ركب في أصحابه فلما انتهى إلى دارا وجده يجود بنفسه فكلمه ووضع رأسه في حجره وبكى عليه وقال له أتيت من مأمنك وغدر بك ثقاتك وصرت بين أعدائك وحيدا فسلني حوائجك فإني على المحافظة على القرابة بيننا يعني القرابة بين سلم وهيرج ابني أفريذون فيما زعم هذا القائل وأظهر الجزع لما أصابه وحمد ربه حين لم يبتله بأمره فسأله دارا أن يتزوج ابنته روشنك ويرعى لها حقها ويعظم قدرها وأن يطلب بثأره فأجابه الإسكندر إلى ذلك ثم أتاه الرجلان اللذان وثبا على دارا يطلبان الجزاء فأمر بضرب رقابهما وصلبهما وأن ينادى عليهما هذا جزاء من اجترأ على ملكه وغش أهل بلده ويقال إن الإسكندر حمل كتبا وعلوما كانت لأهل فارس من علوم ونجوم وحكمة بعد ان نقل ذلك إلى السريانية ثم إلى الرومية
وزعم بعضهم أن دارا قتل وله من الولد الذكور أشك بن دارا وبنو دارا وأردشير وله من البنات روشنك وكان ملك دارا أربع عشرة سنة
(1/338)
________________________________________
وذكر بعضهم أن الإتاوة التي كان أبو الإسكندر يؤديها إلى ملوك الفرس كانت بيضا من ذهب فلما ملك الإسكندر بعث إليه دارا يطلب ذلك الخراج فبعث إليه إني قد ذبحت تلك الدجاجة التي كانت تبيض ذلك البيض وأكلت لحمها فأذن بالحرب ثم ملك الإسكندر بعد دارا بن دارا وقد ذكرت قول من يقول هو أخو دارا بن دارا من أبيه دارا الأكبر
وأما الروم وكثير من أهل الأنساب فإنهم يقولون هو الإسكندر بن فيلفوس وبعضهم يقول هو ابن بيلبوس بن مطريوس ويقال ابن مصريم بن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن ثوبة بن سرحون بن رومية بن زنط بن توقيل بن رومي بن الأصفر بن اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام فجمع بعد مهلك دارا ملك دارا إلى ملكه فملك العراق والروم والشأم ومصر وعرض جنده بعد هلاك دارا فوجدهم فيما قيل ألف ألف وأربعمائة ألف رجل منهم من جنده ثمانمائة ألف ومن جند دارا ستمائة ألف
وذكر أنه قال يوم جلس على سريره قد أدالنا الله من دارا ورزقنا خلاف ما كان يتوعدنا به وأنه هدم ما كان في بلاد الفرس من المدن والحصون وبيوت النيران وقتل الهرابذة وأحرق كتبهم ودواوين دارا واستعمل على مملكة دارا رجالا من أصحابه وسار قدما إلى أرض الهند فقتل ملكها وفتح مدينتها ثم سار منها إلى الصين فصنع بها كصنيعه بأرض الهند ودانت له عامة الأرضين وملك التبت والصين ودخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي والشمس جنوبية في أربعمائة رجل يطلب عين الخلد فسار فيها ثمانية عشر يوما ثم خرج ورجع إلى العراق وملك ملوك الطوائف ومات في طريقه بشهرزور
وكان عمره ستا وثلاثين سنة في قول بعضهم وحمل إلى أمه بالإسكندرية
وأما الفرس فإنها تزعم أن ملك الإسكندر كان أربع عشرة سنة والنصارى تزعم أن ذلك كان ثلاث عشرة سنة وأشهرا ويزعمون أن قتل دارا كان في أول السنة الثاثة من ملكه
وقيل إنه أمر ببناء مدن فبنيت اثنتا عشرة مدينة وسماها كلها إسكندرية منها مدينة بأصبهان يقال جي بنيت على مثال الحية وثلاث مدائن بخراسان منهن مدينة هراة ومدينة مرو ومدينة سمرقند وبأرض بابل مدينة لروشنك بنت دارا وبأرض اليونانية في بلاد هيلاقوس مدينة للفرس ومدنا أخر غيرها
ولما مات الإسكندر عرض الملك من بعده على ابنه الإسكندروس فأبى واختار النسك والعبادة فملكت اليونانية عليهم فيما قيل بطلميوس بن لوغوس وكان ملكه ثمانيا وثلاثين سنة فكانت المملكة أيام اليونانية بعد الإسكندر وحياة الإسكندر إلى أن تحول الملك إلى الروم المصاص لليونانية ولبني إسرائيل ببيت المقدس ونواحيها الديانة والرياسة على غير وجه الملك إلى أن خربت بلادهم الفرس والروم وطردوهم عنها بعد قتل يحيى بن زكرياء عليه السلام
ثم كان الملك ببلاد الشام ومصر ونواحي المغرب بعد بطليموس بن لوغوس لبطليموس دينايوس أربعين سنة
ثم من بعده لطليموس أورغاطس أربعا وعشرين سنة
(1/339)
________________________________________
ثم من بعده لبطلميوس فيلافطر إحدى وعشرين سنة
ثم من بعده لبطلميوس أفيفانس اثنتين وعشرين سنة
ثم من بعده لبطلميوس أورغاطس تسعا وعشرين سنة
ثم من بعده لبطلميوس ساطر سبع عشرة سنة
ثم من بعده لبطلميوس الأحسندر إحدى عشرة سنة
ثم من بعده لبطلميوس الذي اختفى عن ملكه ثماني سنين
ثم من بعده لبطلميوس دونسيوس ست عشرة سنة
ثم من بعده لبطلميوس قالوبطري سبع عشرة سنة
فكل هؤلاء كانوا يونانيين فكل ملك منهم بعد الإسكندر كان يدعى بطلميوس كما كانت ملوك الفرس يدعون أكاسرة وهم الذين يقال لهم المفقانيون
ثم ملك الشام بعد قالوبطري فيما ذكر الروم المصاص فكان أول من ملك منهم جايوس يوليوس خمس سنين
ثم ملك الشام بعده أغوسطوس ستا وخمسين سنة فلم مضى من ملكه اثنتان وأربعون سنة ولد عيسى بن مريم عليه السلام وبين مولده وقيام الإسكندر ثلاثمائة سنة وثلاث سنين
(1/340)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 01:58 PM
ذكر أخبار ملوك الفرس بعد الإسكندر وهم ملوك الطوائف
ونرجع الآن إلى ذكر خبر الفرس بعد مهلك الإسكندر لسياق التأريخ على ملكهم
فاختلف أهل العلم بأخبار الماضين في الملك الذي كان بسواد العراق بعد الإسكندر وفي عدد ملوك الطوائف الذين كانوا ملكوا إقليم بابل بعده إلى أن قام بالملك أردشير بابكان
فأما هشام بن محمد فإنه قال فيما حدثت عنه ملك بعد الإسكندر يلاقس سلقيس ثم أنطيحس قال وهو الذي بنى مدينة أنطاكية قال وكان في أيدي هؤلاء الملوك سواد الكوفة قال وكانوا يتطرقون الجبال وناحية الأهواز وفارس حتى خرج رجل يقال له أشك وهو ابن دارا الأكبر وكان مولده ومنشؤه بالري فجمع جمعا كثيرا وسار يريد أنطيحس فزحف إليه أنطيحس فالتقيا ببلاد الموصل فقتل أنطيحس وغلب أشك على السواد فصار في يده من الموصل إلى الري وأصبهان وعظمه سائر ملوك الطوائف لنسبه وشرفه فيهم ما كان من فعله وعرفوا له فضله وبدأوا به في كتبهم وكتب إليهم فبدأ بنفسه وسموه ملكا وأهدوا إليه من غير أن يعزل أحدا منهم أو يستعمله
ثم ملك بعده جوذرز بن أشكان قال وهو الذي غزا بني إسرائيل في المرة الثانية وكان سبب تسليط الله إياه عليهم فيما ذكر أهل العلم قتلهم يحيى بن زكرياء فأكثر القتل فيهم فلم تعد لهم جماعة كجماعتهم الأولى ورفع الله عنهم النبوة وأنزل بهم الذل قال وقد كانت الروم غزت بلاد فارس يقودها ملكها الأعظم يلتمس أن يدرك بثأرها في فارس لقتل أشك ملك بابل أنطيحس وملك بابل يومئذ بلاش أبو أردوان الذي قتله أردشير بن بابك فكتب بلاش إلى ملوك الطوائف يعلمهم ما اجتمعت عليه الروم من غزو بلادهم وأنه قد بلغه من حشدهم وجمعهم مالا كفاء له عنده وأنه إن ضعف عنهم ظفروا بهم جميعا فوجه كل ملك من ملوك الطوائف إلى بلاش من الرجال والسلاح والمال بقدر قوته حتى اجتمع عنده أربعمائة ألف رجل فولى عليهم صاحب الحضر وكان ملكا من ملوك الطوائف يلي ما بين انقطاع السواد إلى الجزيرة فسار بهم حتى لقي ملك الروم فقتله واستباح عسكره وذلك هيج الروم على بناء القسطنطينية ونقل الملك من رومية إليها فكان الذي ولى إنشاءها الملك قسطنطين وهو أول ملوك الروم تنصر وهو أجلى من بقي من بني إسرائيل عن فلسطين والأردن لقتلهم بزعمه عيسى بن مريم فأخذ الخشبة التي وجدهم يزعمون أنهم صلبوا المسيح عليها فعظمها الروم فأدخلوها خزائنهم فهي عندهم إلى اليوم
قال ولم يزل ملك فارس متفرقا حتى ملك أردشير فذكر هشام ما ذكرت عنه ولم يبين مدة ملك القوم
(1/341)
________________________________________
وقال غيره من أهل العلم بأخبار فارس ملك بعد الإسكندر ملك دارا أناس من غير ملوك الفرس غير أنهم كانوا يخضعون لكل من يملك بلاد الجبل ويمنحونه الطاعة
قال وهم الملوك الأشغانون الذين يدعون ملوك الطوائف قال فكان ملكهم مائتي سنة وستا وستين سنة
فملك من هذه السنين أشك بن أشجان عشر سنين
ثم ملك بعده سابور بن أشغان ستين سنة وفي سنة إحدى وأربعين من ملكه ظهر عيسى بن مريم بأرض فلسطين وإن ططوس بن أسفسيانوس ملك رومية غزا بيت المقدس بعد ارتفاع عيسى بن مريم بنحو من أربعين سنة فقتل من في مدينة بيت المقدس وسبى ذراريهم وأمرهم فنسفت مدينة بيت المقدس حتى لم يترك بها حجرا على حجر
ثم ملك جوذرز بن أشغانان الأكبر عشر سنين
ثم ملك بيزن الأشغاني إحدى وعشرين سنة
ثم ملك جوذرز الأشغاني تسع عشرة سنة
ثم ملك نرسي الأشغاني أربعين سنة ثم ملك هرمز الأشغاني سبع عشرة سنة
ثم ملك أردوان الأشغاني اثنتي عشرة سنة
ثم ملك كسرى الأشغاني أربعين سنة
ثم ملك بلاش الأشغاني أربعا وعشرين سنة ثم ملك أردوان الأصغر الأشغاني ثلاث عشرة سنة
ثم ملك أردشير بن بابك
وقال بعضهم ملك بلاد الفرس بعد الإسكندر ملوك الطوائف الذين فرق الإسكندر المملكة بينهم وتفرد بكل ناحية من ملك عليها من حين ملكه ما خلا السواد فإنها كانت أربعا وخمسين سنة بعد هلاك الإسكندر في يد الروم وكان في ملوك الطوائف رجل من نسل الملوك مملكا على الجبال وأصبهان ثم غلب ولده بعد ذلك علىالسواد فكانوا ملوكا عليها وعلى الماهات والجبال وأصبهان كالرئيس على سائر ملوك الطوائف لأن السنة جرت بتقديمه وتقديم ولده ولذلك قصد لذكرهم في كتب سير الملوك فاقتصر على تسميتهم دون غيرهم
قال ويقال إن عيسى بن مريم عليه السلام ولد بأوريشلم بعد إحدى وخمسين سنة من ملوك الطوائف فكانت سنو ملكهم من لدن الإسكندر إلى وثوب أردشير بن بابك وقتله أردوان واستواء الأمر له مائتين وستا وستين سنة
(1/342)
________________________________________
قال فمن الملوك الذين ملكوا الجبال ثم تهيأت لأولادهم بعد ذلك الغلبة على السواد أشك بن حره بن رسبيان بن أرتشاخ بن هرمز بن ساهم بن رزان بن إسفنديار بن بشتاسب قال والفرس تزعم أنه أشك بن دارا وقال بعضهم أشك بن أشكان الكبير وكان من ولد كيبيه بن كيقباذ وكان ملكه عشر سنين
ثم ملك من بعده أشك بن أشك بن أشكان إحدى وعشرين سنة
ثم ملك سابور بن أشك بن أشكان إحدى وعشرين سنة
ثم ملك سابور بن أشك بن أشكان ثلاثين سنة
ثم ملك جوذرز الأكبر بن سابور بن أشكان عشر سنين
ثم ملك بيرن بن جوذرز إحدى وعشرين سنة
ثم جوذرز الأصغر بن بيزن تسع عشرة سنة
ثم نرسه بن جوذرز الأصغر أربعين سنة
ثم هرمز بن بلاش بن أشكان سبع عشرة سنة
ثم أردوان الأكبر وهو أردوان بن أشكان اثنتي عشرة سنة
ثم كسرى بن أشكان أربعين سنة
ثم بهافريد الأشكاني تسع سنين
ثم بلاش الأشكاني أربعا وعشرين سنة
ثم أردوان الأصغر وهو أردوان بن بلاش بن فيروز بن هرمز بن بلاشر بن سابور بن أشك بن أشكان الأكبر وكان جده كيبيه بن كيقباذ ويقال إنه كان أعظم الأشكانية ملكا وأظهرهم عزا وأسناهم ذكرا وأشدهم قهرا لملوك الطوائف وأنه كان قد غلب على كورة إصطخر لاتصالها بأصبهان ثم تخطى إلى جور وغيرها من فارس حتى غلب عليها ودانت له ملوكها لهيبة ملوك الطوائف كانت له وكان ملكه ثلاث عشرة سنة
ثم ملك أردشير
وقال بعضهم ملك العراق وما بين الشأم ومصر بعد الإسكندر تسعون ملكا على تسعين طائفة كلهم يعظم من يملك المدائن وهم الأشكانيون قال فملك من الأشكانيين أفقور شاه بن بلاش بن سابور بن أشكان بن أرش الجبار بن سياوش بن كيقاوس الملك اثنتين وستين سنة
ثم سابور بن أفقور وعلى عهده كان المسيح ويحيى عليهما السلام ثلاثا وخمسين سنة
ثم جوذرز بن سابور بن أفقور الذي غزا بني إسرائيل طالبا بثأر يحيى بن زكرياء ملك تسعا وخمسين سنة
ثم ابن أخيه أبزان بن بلاش بن سابور سبعا وأربعين سنة
(1/343)
________________________________________
ثم جوذرز بن أبزان بن بلاش إحدى وثلاثين سنة
ثم أخوه نرسي بن أيزان أربعا وثلاثين سنة
ثم عمه الهرمزان بن بلاش ثمانيا وأربعين سنة
ثم ابنه الفيروزان بن الهرمزان بن بلاش تسعا وثلاثين سنة
ثم ابنه كسرى بن الفيروزان سبعا وأربعين سنة
ثم ابنه اردوان بن بلاش وهو آخرهم قتله أدرشير بن بابك خمسا وخمسين سنة
قال وكان ملك الإسكندر وملك سائر ملوك الطوائف في النواحي خمسمائة وثلاثا وعشرين سنة
(1/344)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 03:37 PM
ذكر الأحداث التي كانت في أيام ملوك الطوائف
فكان من ذلك فيما زعمته الفرس لمضي خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل ولإحدى وخمسين سنة من ملك الأشكانيين ولادة مريم بنت عمران عيسى بن مريم عليه السلام فأما
النصارى فإنها تزعم أن ولادتها إياه كانت لمضي ثلاثمائة سنة وثلاث سنين من وقت غلبة الإسكندر على ارض بابل وزعموا أن مولد يحيى بن زكرياء كان قبل مولد عيسى عليه السلام بستة أشهر وذكروا أن مريم حملت بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة وأن عيسى عاش إلى أن رفع اثنتين وثلاثين سنة وأياما وأن مريم بقيت بعد رفعه ست سنين وكان جميع عمرها نيفا وخمسين سنة
قال وزعموا أن يحيى اجتمع هو وعيسى بنهر الأردن وله ثلاثون سنة وأن يحيى قتل قبل أن يرفع عيسى وكان زكرياء بن برخيا أبو يحيى بن زكرياء وعمران بن ماثان أبو مريم متزوجين بأختين إحداهما عند زكرياء وهي أم يحيى والأخرى منهما عند عمران بن ماثان وهي أم مريم فمات عمران بن ماثان وأم مريم حامل بمريم فلما ولدت مريم كفلها زكرياء بعد موت أمها لأن خالتها أخت أمها كانت عنده واسم أم مريم حنة بنت فاقود بن قبيل واسم أختها أم يحيى الأشباع ابنة فاقود وكفلها زكرياء وكانت مسماة بيوسف بن يعقوب بن ماثان بن اليعازار بن اليوذ بن أحين بن صادوق بن عازور بن الياقيم بن أبيوذ بن زربابل بن شلتيل بن يوحنيا بن يوشيا بن أمون بن منشا بن حزقيا بن أحاز بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن يهوشافاظ بن أسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود ابن عم مريم
وأما ابن حميد فإنه حدثنا عن سلمة عن ابن إسحاق أنه قال مريم فيما بلغني عن نسبها ابنة عمران بن ياشهم بن أمون بن منشأ بن حزقيا بن أحزيق بن يوثام بن عزريا بن أمصيا بن ياوش بن أحزيهو بن يارم بن يهشافاظ بن اسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان فولد لزكرياء يحيى ابن خالة عيسى بن مريم فنبئ صغيرا فساح ثم دخل الشأم يدعو الناس ثم اجتمع يحيى وعيسى ثم افترقا بعد أن عمد يحيى عيسى
وقيل إن عيسى بعث يحيى بن زكرياء في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس قال وكان فيما نهوهم عنه نكاح بنات الأخ فحدثني أبو السائب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكرياء في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس قال فكان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ قال وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه يريد أن يتزوجها وكانت لها كل يوم حاجة يقضيها فلما بلغ ذلك أمها قالت لها إذا دخلت على الملك فسألك حاجتك فقولي
(1/345)
________________________________________
حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكرياء فلما دخلت عليه سألها حاجتها فقالت حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكرياء فقال سليني غير هذا قالت ما أسلك إلا هذا قال فلما أبت عليه يحيى ودعا بطست فذبحه فندرت قطرة من دمه على الأرض فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر عليهم فجاءته عجوز من بني إسرائيل فدلته على ذلك الدم قال فألقى الله في قلبه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن فقتل سبعين ألفا منهم من سن واحدة فسكن
حدثنا موسى بن هارون الهمداني قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أن رجلا من بني إسرائيل رأى في النوم أن خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على يدي غلام يتيم ابن أرملة من أهل بابل يدعى بختنصر وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم فأقبل يسأل عنه حتى نزل على أمه وهو يحتطب فلما جاء وعلى رأسه حزمة حطب ألقاها ثم قعد في جانب البيت فكلمه ثم أعطاه ثلاثة دراهم فقال اشتر بهذه طعاما وشرابا فاشترى بدرهم لحما وبدرهم خبزا وبدرهم خمرا فأكلوا وشربوا حتى إذا كان اليوم الثاني فعل به ذلك حتى إذا كان اليوم الثالث فعل ذلك ثم قال إني أحب أن تكتب لي أمانا إن أنت ملكت يوما من الدهر قال تسخر بي قال إني لا أسخر بك ولكن ما عليك أن تتخذ بها عندي يدا فكلمته أمه فقالت وما عليك إن كان وإلا لم ينقصك شيئا فكتب له أمانا فقال أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بيني وبينك فاجعل لي آية تعرفني بها قال ترفع صحيفتك على قصة فأعرفك بها فكساه وأعطاه
ثم إن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكرياء ويدني مجلسه ويستشيره في أمره ولا يقطع أمرا دونه وإنه هوي أن يتزوج ابنة امرأة له فسأل يحيى عن ذلك فنهاه عن نكاحها وقال لست أرضاها لك فبلغ ذلك أمها فحقدت على يحيى حين نهاه أن يتزوج ابنتها فعمدت إلى الجارية حين جلس الملك على شرابه فألبستها ثيابا رقاقا حمرا وطيبتها وألبستها من الحلي وألبستها فوق ذلك كساء أسود فأرسلتها إلى الملك وأمرتها أن تسقيه وأن تعرض له فإن أرادها على نفسها أبت عليه حتى يعطيها ما سألته فإذا أعطاها ذلك سألته أن تؤتى برأس يحيى بن زكرياء في طست ففعلت فجعلت تسقيه وتعرض له فلما أخذ فيه الشراب أرادها على نفسها فقالت لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك قال ما تسأليني قالت أسألك أن تبعث إلى يحيى بن زكرياء فأوتى برأسه في هذا الطست فقال ويحك سليني غير هذا قالت ما أريد أن أسألك إلا هذا قال فلما أبت عليه بعث إليه فأتي برأسه والرأس يتكلم حتى وضع بين يديه وهو يقول لا تحل لك فلما أصبح إذا دمه يغلي فأمر بتراب فألقي عليه فرقى الدم فوق التراب يغلي فألقي عليه التراب أيضا فارتفع الدم فوقه فلم يزل يلقى عليه التراب حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يغلي وبلغ صيحائين فنادى في الناس وأراد أن يبعث إليهم جيشا ويؤمر عليهم رجلا فأتاه بختنصر فكلمه وقال إن الذي كنت أرسلت تلك المرة ضعيف فإني قد دخلت المدينة وسمعت كلام أهلها فابعثني فبعثه فسار بختنصر حتى إذا بلغوا ذلك المكان تحصنوا منه في مدائنهم فلم يطقهم فلم ااشتد عليه المقام وجاع أصحابه أراد الرجوع فخرجت إليه عجوز من عجائز بني إسرائيل فقالت أين أمير الجند فأتي به إليها فقالت إنه
(1/346)
________________________________________
بلغني أنك تريد أن ترجع بجندك قبل أن تفتح هذه المدينة قال نعم قد طال مقامي وجاع أصحابي فلست أستطيع المقام فوق الذي كان مني فقالت أرأيتك إن فتحت لك المدينة أتعطيني ما أسألك فتقتل من أمرتك بقتله وتكف إذا أمرتك أن تكف قال لها نعم قالت إذا أصبحت فاقسم جندك أربعة أرباع ثم أقم على كل زاوية ربعا ثم ارفعوا بأيديكم إلى السماء فنادوا إنا نستفتحك يا الله بدم يحيى بن زكرياء فإنها سوف تتساقط ففعلوا فتساقطت المدينة ودخلوا من جوانبها فقالت له كف يدك اقتل على هذا الدم حتى يسكن فانطلقت به إلى دم يحيى وهو على تراب كثير فقتل عليه حتى سكن فقتل سبعين ألف رجل وامرأة فلما سكن الدم قالت له كف يدك فإن الله عز و جل إذا قتل نبي لم يرض حتى يقتل من قتله ومن رضي قتله فأتاه صاحب الصحيفة بصحيفته فكف عنه وعن أهل بيته وخرب بيت المقدس وأمر به أن تطرح فيه الجيف وقال من طرح فيه جيفة فله جزيته تلك السنة وأعانه على خرابه الروم من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكرياء فلما خربه بختنصر ذهب معه بوجوه بني إسرائيل وسراتهم وذهب بدانيال وعليا وعزريا وميشائيل هؤلاء كلهم من أولاد الأنبياء وذهب معه برأس الجالوت فلما قدم أرض بابل وجد صيحائين قد مات فملك مكانه وكان أكرم الناس عليه دانيال وأصحابه فحسدهم المجوس فوشوا بهم إليه فقالوا إن دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك ولا يأكلون من ذبيحتك فدعاهم فسألهم فقالوا أجل إن لنا ربا نعبده ولسنا نأكل من ذبيحتكم وأمر بخد فخد فألقوا فيه وهم ستة وألقي معهم سبع ضار ليأكلهم فقالوا انطلقوا فلنأكل ولنشرب فذهبوا فأكلوا وشربوا ثم راحوا فوجدوهم جلوسا والسبع مفترش ذراعيه بينهم لم يخدش منهم أحدا ولم ينكأه شيئا فوجدوا معهم رجلا فعدوهم فوجدوهم سبعة فقال ما بال هذا السابع إنما كانوا ستة فخرج إليه السابع وكان ملكا من الملائكة فلطمه لطمة فصار في الوحش فكان فيهم سبع سنين
قال أبو جعفر وهذا القول الذي روي عمن ذكرت في هذه الأخبار التي رويت وعمن لم يذكر في هذا الكتاب من أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكرياء عند أهل السير والأخبار والعلم بأمور الماضين في الجاهلية وعند غيرهم من أهل الملل غلط وذلك أنهم بأجمعهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد إرميا بن حلقيا وبين عهد إرميا وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكرياء أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة في قول اليهود والنصارى ويذكرون أن ذلك عندهم في كتبهم واسفارهم مبين وذلك أنهم يعدون من لدن تخريب بختنصر بيت المقدس إلى حين عمرانها في عهد كيرش بن أخشويرش أصبهبذ بابل من قبل أردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب ثم من قبل ابنته خماني سبعين سنة ثم من بعد عمرانها إلى ظهور الإسكندر عليها وحيازة مملكتها إلى مملكته ثمانيا وثمانين سنة ثم من بعد مملكة الإسكندر لها إلى مولد يحيى بن زكرياء ثلاثمائة سنة وثلاث سنين فذلك على قولهم أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة
وأما المجوس فإنها توافق النصارى واليهود في مدة خراب بيت المقدس وأمر بختنصر وما كان من أمره وأمر بني إسرائيل إلى غلبة الإسكندر على بيت المقدس والشام وهلاك دارا وتخالفهم في مدة ما بين ملك الإسكندر ومولد يحيى فتزعم أن مدة ذلك إحدى وخمسون سنة فبين المجوس والنصارى من الاختلاف في مدة ما بين ملك الإسكندر ومولد يحيى وعيسى ما ذكرت
(1/347)
________________________________________
والنصارى تزعم أن يحيى ولد قبل عيسى بستة أشهر وأن الذي قتله ملك لبني إسرائيل يقال له هيردوس بسبب امرأة يقال لها هيروذيا كانت امرأة أخ له يقال له فيلفوس عشقها فوافقته على الفجور وكان لها ابنة يقال لها دمنى فأراد هيردوس أن يطأ امرأة أخيه المسماة هيروذيا فنهاه يحيى وأعلمه أنه لا تحل له فكان هيردوس معجبا بالابنة فألهته يوما ثم سألته حاجة فأجابها إليها وأمر صاحبا له بالنفوذ لما تأمره به فأمرته أن يأتيها برأس يحيى ففعل فلما عرف هيرودس الخبر أسقط في يده وجزع جزعا شديدا
وأما ما قال في ذلك أهل العلم بالأخبار وأمور أهل الجاهلية فقد حكيت منه ما قاله هشام بن محمد الكلبي
وأما ما قال ابن إسحاق فيه فهو ما حدثنا به ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال عمرت بنو إسرائيل بعد ذلك يعني بعد مرجعهم من أرض بابل إلى بيت المقدس يحدثون الأحداث ويعود الله عليهم ويبعث فيهم الرسل ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون حتى كان آخر من بعث فيهم من أنبيائهم زكرياء ويحبى بن زكرياء وعيسى بن مريم وكانوا من بيت آل داود عليه السلام وهو يحيى بن زكرياء بن أدى بن مسلم بن صدوق بن نحشان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برخية بن شفاطية بن فاحور بن شلوم بن يهفاشاظ بن أسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود
قال فلما رفع الله عيسى عليه السلام من بين أظهرهم وقتلوا يحيى بن زكرياء عليه السلام وبعض الناس يقول وقتلوا زكرياء ابتعث الله عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له خردوس فسار إليهم بأهل بابل حتى دخل عليهم الشام فلما ظهر عليهم أمر رأسا من رؤوس جنوده يدعى نبوزراذان صاحب القتل فقال له إني كنت حلفت بإلهي لئن أنا ظهرت على أهل بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري إلى ألا أجد أحدا أقتله فأمره أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم وإن نبوزراذان دخل بيت المقدس فقام في البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلي وسألهم فقال يا بني إسرائيل ما شأن هذا الدم يغلي أخبروني خبره ولا تكتموني شيئا من أمره فقالوا هذا دم قربان كان لنا كنا قربناه فلم يقبل منا فلذلك هو يغلي كما تراه ولقد قربنا منذ ثمانمائة سنة القربان فيقبل منا إلا هذا القربان قال ما صدقتموني الخبر قالوا له لو كان كأول زماننا لقبل منا ولكنه قد انقطع منا الملك والنبوة والوحي فلذلك لم يقبل منا فذبح منهم نبوزراذان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين روحا من رؤوسهم فلم يهدأ فأمر فأتي بسبعمائة غلام من غلمائنهم فذبحوا على الدم فلم يهدأ فأمر بسبعة آلاف من بينهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد فلما رأى نبوزراذان الدم لا يهدأ قال لهم يا بني إسرائيل ويلكم أصدقوني واصبروا على أمر ربكم فقد طالما ملكتم في الأرض تفعلون فيها ما شئتم قبل ألا أترك منكم نافخ نار أنثى ولا ذكرا إلا قتلته فلما رأوا الجهد وشدة القتل صدقوه الخبر فقالوا إن هذا دم نبي منا كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله فلو أطعناه فيها لكان أرشد لنا وكان يخبرنا بأمركم فلم نصدقه فقتلناه فهذا دمه فقال لهم نبوزراذان ما كان اسمه قالوا يحيى بن زكرياء قال الآن صدقتموني لمثل هذا ينتقم ربكم منكم فلما رأى نبوزراذان أنهم قد صدقوه خر ساجدا وقال لمن حوله أغلقوا أبواب المدينة وأخرجوا من كان ها هنا من جيش خردوس وخلا في بني إسرائيل ثم قال يا يحيى بن زكرياء قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم من أجلك فاهدأ بإذن الله قبل ألا أبقي من قومك أحدا فهدأ دم يحيى بإذن الله ورفع نبوزراذان عنهم
(1/348)
________________________________________
القتل وقال آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل وصدقت به وأيقنت أنه لا رب غيره ولو كان معه آخر لم يصلح لو كان معه شريك لم تستمسك السموات والأرض ولو كان له ولد لم يصلح فتبارك وتقدس وتسبح وتكبر وتعظم ملك الملوك الذي يملك السموات السبع بعلم وحكم وجبروت وعزة الذي بسط الأرض وألقى فيها رواسي لا تزول فكذلك ينبغي لربي أن يكون ويكون ملكه فأوحى إلى رأس من رؤوس بقية الأنبياء أن نبوزراذان حبور صدوق والحبور بالعبرانية حديث الإيمان وأن نبوزراذان قال لبني إسرائيل إن عدو الله خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره وإني فاعل لست أستطيع أن أعصيه قالوا له افعل ما أمرت به فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والإبل فذبحها حتى سال الدم في العسكر وأمر بالقتلى الذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم حتى كانوا فوقهم فلم يظن خردوس إلا أن ما كان في الخندق من بني إسرائيل
فلما بلغ الدم عسكره أرسل إلى نبوزراذان أرفع عنهم فقد بلغني دماؤهم وقد انتقمت منهم بما فعلوا ثم انصرف عنهم إلى أرض بابل وقد أفنى بني إسرائيل أو كاد وهي الوقعة الأخيرة التي أنزل الله ببني إسرائيل يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب إلى قوله وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ( 1 ) و عسى من الله حق فكانت الواقعة الأولى ثم رد الله لهم الكرة عليهم ثم كانت الوقعة الأخيرة خردوس وجنوده وهي كانت أعظم الوقعتين فيها كان خراب بلادهم وقتل رجالهم وسبي ذراريهم ونسائهم يقول الله عز و جل وليتبروا ما علوا تتبيرا ( 2 )
رجع الحديث إلى حديث عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام قال وكانت مريم ويوسف بن يعقوب ابن عمها يليان خدمة الكنيسة فكانت مريم إذا نفد ماؤها فيما ذكر وماء يوسف أخذ كل واحد منهما قلته فانطلق إلى المغارة التي فيها الماء الذي يستعذبانه فيملأ قلته ثم يرجعان إلى الكنيسة فلما كان اليوم الذي لقيها فيه جبرئيل وكان أطول يوم في السنة وأشده حرا نفد ماؤها فقالت يا يوسف ألا تذهب بنا نستقي قال إن عندي لفضلا من ماء أكتفي به يومي هذا إلى غد قالت لكني والله ما عندي ماء فأخذت قلتها ثم انطلقت وحدها حتى دخلت المغارة فتجد عندها جبرئيل قد مثله الله لها بشرا سويا فقال لها يا مريم إن الله قد بعثني إليك لأهب لك غلاما زكيا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ( 3 ) وهي تحسبه رجلا من بني آدم فقال إنما أنا رسول ربك قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا ( 4 ) أي أن الله قد قضى أن ذلك كائن فلما قال ذلك استسلمت لقضاء الله فنفخ في جيبها ثم انصرف عنها وملأت قلتها
قال فحدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل ابن أخي وهب قال سمعت وهبا قال لما أرسل الله عز و جل جبرئيل إلىمريم تمثل لها بشرا سويا فقالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ثم نفخ في جيب درعها حتى وصلت النفخة إلى الرحم واشتملت على عيسى
(1/349)
________________________________________
قال وكان معها ذو قرابة لها يال له يوسف النجار وكانا منطلقين إلى المسجد الذي عند جبل صهيون وكان ذلك المسجد يومئذ من أعظم مساجدهم وكانت مريم ويوسف يخدمان في ذلك المسجد في ذلك الزمان وكان لخدمته فضل عظيم فرغبا في ذلك فكانا يليان معالجته بأنفسهما وتجميره وكناسته وطهوره وكل عمل يعمل فيه فكان لا يعلم من أهل زمانهما أحد أشد اجتهادا وعبادة منهما وكان أول من أنكر حمل مريم صاحبها يوسف فلما رأى الذي بها استعظمه وعظم عليه وفظع به ولم يدر على ماذا يضع أمرها فإذا أراد يوسف أن يتهمها ذكر صلاحها وبراءتها وأنها لم تغب عنه ساعة قط وإذا أراد أن يبرئها رأى الذي ظهر بها فلما اشتد عليه ذلك كلمها فكان أول كلامه إياها أن قال لها إنه قد وقع في نفسي من أمرك أمر قد حرصت على أن أميته وأكتمه في نفسي فغلبني ذلك فرأيت أن الكلام فيه أشفى لصدري قالت فقل فولا جميلا قال ما كنت لأقول إلا ذلك فحدثيني هل ينبت زرع بغير بذر قالت نعم قال فهل تنبت شجرة من غير غيث يصيبها قالت نعم قال فهل يكون ولد من غير ذكر قالت نعم ألم تعلم أن الله أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر والبذر إنما كان من الزرع الذي أنبته الله من غير بذر أو لم تعلم أن الله أنبت الشجر من غير غيث وأنه جعل بتلك القدرة الغيث حياة للشجرة بعد ما خلق كل واحد منهما وحده أو تقول لم يقدر الله على أن ينبت الشجر حتى استعان عليه بالماء ولولا ذلك لم يقدر لى إنباته قال لها يوسف لا أقول ذلك ولكني أعلم أن الله بقدرته على ما يشاء يقول لذلك كن فيكون قالت له مريم أو لم تعلم أن الله عز و جل خلق آدم وامرأته من غير ذكر ولا أنثى قال بلى فلما قالت له ذلك وقع في نفسه أن الذي بها شيء من الله عز و جل وأنه لا يسعه أن يسألها عنه وذلك لما رأى من كتمانها لذلك ثم تولى يوسف خدمة المسجد وكفاها كل عمل كانت تعمل فيه وذلك لما رأى من رقة جسمها واصفرار لونها وكلف وجهها ونتوء بطنها وضعف قوتها ودأب نظرها ولم تكن مريم قبل ذلك كذلك فلما دنا نفاسها أوحى الله إليها أن أخرجي من أرض قومك فإنهم إن ظفروا بك عيروك وقتلوا ولدك فأفضت عند ذلك إلى أختها وأختها حينئذ حبلى وقد بشرت بيحيى فلما التقيا وجدت أم يحيى ما في بطنها خر لوجهه ساجدا معترفا بعيسى فاحتملها يوسف إلى أرض مصر على حمار له ليس بينها حين ركبت الحمار وبين الإكاف شيء فانطلق يوسف بها حتى إذا كان متاخما لأرض مصر في منقطع بلاد قومها أدرك مريم النفاس وألجأها إلى أري حمار يعني مزود الحمار في أصل نخلة وذلك في زمان الشتاء فاشتد على مريم المخاض فلما وجدت منه شدة التجأت إلى النخلة فاحتضنتها واحتوشتها الملائكة قاموا صفوفا محدقين بها
فلما وضعت وهي محزونة قيل لها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا إلى إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ( 1 ) فكان الرطب يتساقط عليها وذلك في الشتاء
فأصبحت الأصنام التي كانت تعبد من دون الله حين ولدت بكل أرض مقلوبة منكوسة على رؤوسها ففزعت الشياطين وراعها فلم يدروا ما سبب ذلك فساروا عند ذلك مسرعين حتى جاؤوا إبليس وهو على عرش له في لجة خضراء يتمثل بالعرش يوم كان على الماء ويحتجب يتمثل بحجب النور التي من دون الرحمن فأتوه وقد خلا ست ساعات من النهار فلما رأى إبليس جماعتهم فزع من ذلك ولم يرهم جميعا منذ
(1/350)
________________________________________
فرقهم قبل تلك الساعة إنما كان يراهم أشتاتا فسألهم فأخبروه أنه قد حدث في الأرض حدث أصبحت الأصنام منكوسة على رؤوسها ولم يكن شيء أعون على هلاك بني آدم منها كنا ندخل في أجوافها فنكلمهم وندبر أمرهم فيظنون أنها التي تكلمهم فلما أصابها هذا الحدث صغرها في أعين بني آدم وأذلها وأدناها ذلك وقد خشينا ألا يعبدوها بعد هذا أبدا وأعلم أنا لم نأتك حتى أحصينا الأرض وقلبنا البحار وكل شيء قوينا عليه فلم نزدد بما أردنا إلا جهلا قال لهم إبليس إن هذا الأمر عظيم لقد علمت بأني كتمته وكونوا على مكانكم هذا فطار إبليس عند ذلك فلبث عنهم ثلاث ساعات فمر فيهن بالمكان الذي ولد فيه عيسى فلما رأى الملائكة محدقين بذلك المكان علم أن ذلك الحدث فيه فأراد إبليس أن يأتيه من فوقه فإذا فوقه رؤوس الملائكة ومناكبهم عند السماء ثم أراد أن يأتيه من تحت الأرض فإذا أقدام الملائكة راسة أسفل مما أراد إبليس ثم أراد أن يدخل من بينهم فنحوه عن ذلك
ثم رجع إبليس إلى أصحابه فقال لهم ما جئتكم حتى أحصيت الأرض كلها مشرقها ومغربها وبرها وبحرها وال خافقين والجو الأعلى وكل هذا بلغت في ثلاث ساعات وأخبرهم بمولد المسيح وقال لهم لقد كتمت شأنه وما اشتملت قبله رحم أنثى على ولد إلا بعلمي ولا وضعنه قط إلا وأنا حاضرها وأني لأرجو أن أضل به أكثر مما يهتدي به وما كان نبي قبله أشد علي وعليكم منه
وخرج في تلك الليلة قوم يؤمونه من أجل نجم طلع أنكروه وكان قبل ذلك يتحدثون أن مطلع ذلك النجم من علامات مولود في كتاب دانيال فخرجوا يريدونه ومعهم الذهب والمر واللبان فمروا بملك من ملوك الشأم فسألهم أين يريدون فأخبروه بذلك قال فما بال الذهب والمر واللبان أهديتموه له من بين الأشياء كلها قالوا تلك أمثاله لأن الذهب هو سيد المتاع كله وكذلك هذا النبي هو سيد أهل زمانه ولأن المر يجبر به الجرح والكسر وكذلك هذا النبي يشفي به الله كل سقيم ومريض ولأن اللبان ينال دخانه ا لسماء ولا ينالها دخان غيره كذلك هذا النبي يرفعه الله إلى السماء لا يرفع في زمانه أحد غيره
فلما قالوا ذلك لذلك الملك حدث نفسه بقتله فقال اذهبوا فإذا علمتم مكانه فأعلموني ذلك فإني أرغب في مثل ما رغبتم فيه من أمره فانطلقوا حتى دفعوا ما كان معهم من تلك الهدية إلى مريم وأرادوا أن يرجعوا إلى هذا الملك ليعلموه مكان عيسى فلقيهم ملك فقال لهم لا ترجعوا إليه ولا تعلموه بمكانه فإنه إنما أراد بذلك ليقتله فانصرفوا في طريق آخر واحتملته مريم على ذلك الحمار ومعها يوسف حتى وردا أرض مصر فهي الربوة التي قال الله وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ( 1 )
فمكثت مريم اثنتي عشرة سنة تكتمه من الناس لا يطلع عليه أحد وكانت مريم لا تأمن عليه ولا على معيشته أحدا كانت تلتقط السنبل من حيث ما سمعت بالحصاد والمهد في منكبها والوعاء الذي تجعل فيه السنيل في منكبها الآخر حتى تم لعيسى عليه السلام اثنتا عشرة سنة فكان أول آية رآها الناس منه أن أمه كانت نازلة في دار دهقان من أهل مصر فكان ذلك الدهقان قد سرقت له خزانة وكان لا يسكن في داره إلا المساكين فلم يتهمهم فحزنت مريم لمصيبة الدهقان فلما أن رأى عيسى حزن أمه بمصيبة صاحب ضيافتها قال لها يا أمه أتحبين أن أدله على ما له قالت نعم يا بني قال قولي له يجمع لي مساكين داره فقالت مريم
(1/351)
________________________________________
للدهقان ذلك فجمعت له مساكين داره فلما اجتمعوا عمد إلى رجلين منهم أحدهما أعمى والآخر مقعد فحمل المقعد على عاتق الأعمى ثم قال له قم به قال الأعمى أنا أضعف من ذلك قال عيسى عليه السلام فكيف قويت على ذلك البارحة فلما سمعوه يقول ذلك بعثوا الأعمى حتى قام به فلما استقل قائما حاملا هوي المقعد إلى كوة الخزانة قال عيسى هكذا احتالا لمالك البارحة لأنه استعان الأعمى بقوته والمقعد بعينيه فقال المقعد والأعمى صدق فردا على الدهقان ماله ذلك فوضعه الدهقان في خزانته وقال يا مريم خذي نصفه قالت إني لم أخلق لذلك قال الدهقان فأعطيه ابنك قالت هو أعظم مني شأنا ثم لم يلبث الدهقان أن أعرس ابن له فصنع له عيدا فجمع عليه أهل مصر كلهم فلما انقضى ذلك زاره قوم من أهل الشأم لم يحدرهم الدهقان حتى نزلوا به وليس عنده يومئذ شراب فلما رأى عيسى اهتمامه بذلك دخل بيتا من بيوت الدهقان فيه صفان من جرار فأمر عيسى يده على أفواهها وهو يمشي فكلما أمر يده على جرة امتلأت شرابا حتى أتى عيسى على آخرها وهو يومئذ ابن اثنتي عشرة سنة فلما فعل ذلك عيسى فزع الناس لشأنه وما أعطاه الله من ذلك فأوحى الله عز و جل إلى أمه مريم أن اطلعي به إلى الشأم ففعلت الذي أمرت به فلم تزل بالشأم حتى كان ابن ثلاثين سنة فجاءه الوحي على ثلاثين سنة وكانت نبوته ثلاث سنين ثم رفعه الله إليه فلما رآه إبليس يوم لقيه على العقبة لم يطق منه شيئا فتمثل له برجل ذي سن وهيئة وخرج معه شيطانان ماردان متمثلين كما تمثل إبليس حتى خالطوا جماعة الناس
وزعم وهب أنه ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفا فمن أطاق منهم أن يبلغه بلغه ومن لم يطق ذلك منهم أتاه عيسى عليه ا لسلام يمشي إليه وإنما كان يداويهم بالدعاء إلى الله عز و جل فجاءه إبليس في هيئة يبهر الناس حسنها وجمالها فلما رآه الناس فرغوا له ومالوا نحوه فجعل يخبرهم بالأعاجيب فكان في قوله إن شأن هذا الرجل لعجب تكلم في المهد وأحيا الموتى وأنبأ عن الغيب وشفى المريض فهذا الله قال أحد صاحبيه جهلت أيها الشيخ وبئس ما قلت لا ينبغي لله أن يتجلى للعباد ولا يسكن الأرحام ولا تسعه أجواف النساء ولكنه ابن الله وقال الثالث بئس ما قلتما كلاكما قد أخطأ وجهل ليس ينبغي لله أن يتخذ ولدا ولكنه إله معه ثم غابوا حين فرغوا من قولهم فكان ذلك آخر العهد منهم
حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمادني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها فاتخذت من دونهم حجابا من الجدران وهو قوله فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا في شرق المحراب فلما طهرت إذا هي برجل معها وهو قوله فأرسلنا إليها روحنا فهو جبرئيل فتمثل لها بشرا سويا فلما رأته فزعت منه وقالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا تقول زانية قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا ( 1 ) فخرجت عليها جلبابها فأخذ بكميها فنفخ في
(1/352)
________________________________________
جيب درعها وكان مشقوقا من قدامها فدخلت النفخة في صدرها فحملت فأتتها أختها امرأة زكرياء ليلة تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها فقالت امرأة زكرياء يا مريم أشعرت أني حبلى قالت مريم أشعرت أني أيضا حبلى قالت امرأة زكرياء فإني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك قوله مصدقا بكلمة من الله ( 1 ) فولدت امرأة زكرياء يحيى ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب الشرقي منه فأتت أقصاه فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة يقول ألجأها المخاض إلى جذع النخلة قالت وهي تطلق من الحبل استحياء من الناس يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا تقول نسيا نسي ذكري ومنسيا تقول نسي أثري فلا يرى لي أثر ولا عين فناداها جبرئيل من تحتها إلا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا والسري هو النهر وهزي إليك بجذع النخلة وكان جذعا منها مقطوعا فهزته فإذا هو نخلة وأجرى لها في المحراب نهرا فتساقطت النخلة رطبا جنيا فقال لها كلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا فكان من صام في ذلك الزمان لم يتكلم حتى يمسي فقيل لها لا تزيدي على هذا فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل أن مريم قد ولدت فأقبلوا يشتدون فدعوها فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يقول عظيما يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوي وما كانت أمك بغيا فما بالك أنت يا أخت هارون وكانت من بني هارون أخي موسى وهو كما تقول يا أخا بني فلان إنما تعني قرابته فقالت لهم ما أمرهم الله فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام أشارت إليه إلى عيسى فغضبوا وقالوا لسخريتها بنا حين تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا فتكلم عيسى فقال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت ( 2 ) فقالت بنو إسرائيل ما أحبلها أحد غير زكرياء هو كان يدخل إليها فطلبوه ففر منهم فتشبه له الشيطان في صورة راع فقال يا زكرياء قد أدركوك فادع الله حتى تنفتح لك هذه الشجرةفتدخل فيها فدعا الله فانفتحت له الشجرة فدخل فيها وبقي من ردائه هدب فمرت بنو إسرائيل بالشيطان فقالوا يا راعي هل رأيت رجلا من ها هنا قال نعم سحر هذه الشجرة فانفتحت له فدخل فيها وهذا هدب ردائه فعمدوا فقطعوا الشجرة وهو فيها بالمناشير وليس تجد يهوديا إلا تلك الهدبة في ردائه فلما ولد عيسى لم يبق في الأرض صنم يعبد من دون الله إلا أصبح ساقطا لوجهه
حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق بن الحجاج قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل أنه سمع وهبا يقول إن عيسى بن مريم عليه السلام لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه فدعا الحواريين فصنع له طعاما فقال احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه فتعاظموا ذلك وتكارهوه فقال ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قال أما ماصنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام وغسلت أيديكم
(1/353)
________________________________________
بيدي فليكن لكم بي أسوة فإنكم ترون أني خيركم ولا يتعطم بعضكم على بعض وليبذل بعضكم نفسه لبعض كما بذلت نفسي لكم وأما حاجتي التي أستعينكم عليها فتدعون الله لي وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء فجعل يوقظهم ويقول سبحان الله ما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها قالوا والله ما ندري ما لنا لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعى به نفسه ثم قال الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات وليبيعنني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني فخرجوا فتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا هذا من أصحابه فجحد وقال ما أنا بصاحبه فتركوه ثم أخذه آخر فجحد كذلك ثم سمع صوت ديك فبكى فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فأخذوه فاستوثقوا منه وربطوه بالحبل فجعلوا يقودونه ويقولون أنت كنت تحيي الموتى وتنتهر الشيطان وتبرىء المجنون أفلا تفتح نفسك من هذا الحبل ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا ثم إن أمه والمرأة التي كان عيسى يداويها فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان عند المصلوب فجاءهما عيسى عليه السلام فقال على من تبكيان فقالتا عليك فقال إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير وإن هذا شيء شبه لهم فأمرا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر وفقد الذي كان باعه ودل عليها اليهود فسأل عنه أصحابه فقالوا إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل نفسه فقال لو تاب تاب الله عليه ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحيى فقال هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة قوم فلينذرهم وليدعهم
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن اسحاق عمن لا يتهم عن وهب بن منبه اليماني قال توفى الله عيسى بن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه الله إليه
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق والنصارى يزعمون أنه توفاه الله سبع ساعات من النهار ثم أحياه الله فقال له اهبط فأنزل على مريم المجدلانية في جبلها فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها ولم يحزن عليك أحد حزنها ثم لتجمع لك الحواريين فبثهم في الأرض دعاة إلى الله فإنك لم تكن فعلت ذلك فأهبطه الله عليها فاشتعل الجبل حين هبط نورا فجمعت له الحواريين فبثهم وأمرهم أن يبلغوا الناس عنه ما أمره الله به ثم رفعه الله إليه فكساه الريش وألبسه النور وقطع عن لذة المطعم والمشرب فطار في الملائكة وهو معهم حول العرش فكان إنسيا ملكيا سمائيا أرضيا وتفرق الحواريون حيث أمرهم فتلك الليلة التي أهبط فيها الليلة التي تدخن فيها النصارى
وكان ممن وجه من الحواريين والأتباع الذين كانوا في الأرض بعدهم فطرس الحواري ومعه بولس وكان من الأتباع ولم يكن من الحواريين إلى رومية وأندراييس ومثى إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس وهي فيما نرى للأساود وتوماس إلى أرض بابل من أرض المشرق وفيلبس إلى القيروان وقرطاجنة وهي
(1/354)
________________________________________
إفريقية ويحنس إلى دفسوس قرية الفتية أصحاب الكهف ويعقوبس إلى أوريشلم وهي إيليا بيت المقدس وابن تلما إلى العرابية وهي أرض الحجاز وسيمن إلى أرض البربر دون إفريقية ويهوذا ولم يكن من الحواريين إلى أريوبس وجعل مكان يوذس زكريا يوطا حين أحدث ما أحدث
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن عمر بن عبدالله بن عروة بن الزبير عن ابن سليم الأنصاري ثم الزرقي قال كان على امرأة منا نذر لتظهرن على رأس الجماء جبل بالعقيق من ناحية المدينة قال فظهرت معها حتى إذا استوينا على رأس الجبل إذا قبر عظيم عليه حجران عظيمان حجر عند رأسه وحجر عند رجليه فيهما كتاب بالمسند لا أدري ما هو فاحتملت الحجرين معي حتى إذا كنت ببعض الجبل منهبطا ثقلا علي فألقيت أحدهما وهبطت بالآخر فعرضته على أهل السريانية هل يعرفون كتابه فلم يعرفوه وعرضته على من يكتب بالزبور من أهل اليمن ومن يكتب بالمسند فلم يعرفوه قال فلما لم أجد أحدا ممن يعرفه ألقيته تحت تابوت لنا فمكث سنين ثم دخل علينا ناس من أهل ماه من الفرس يبتغون الخرز فقلت لهم هل لكم من كتاب فقالوا نعم فأخرجت إليهم الحجر فإذا هم يقرأونه فإذا هو بكتابهم هذا قبر رسول الله عيسى ابن مريم عليه السلام إلى أهل هذه البلاد فإذا هم كانوا أهلها في ذلك الزمان مات عندهم فدفنوه على رأس الجبل
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال ثم عدوا على بقية الحواريين يشمسونهم ويعذبونهم وطافوا بهم فسمع بذلك ملك الروم وكانوا تحت يديه وكان صاحب وثن فقيل له إن رجلا كان في هؤلاء الناس الذين تحت يديك من بني إسرائيل عدوا عليه فقتلوه وكان يخبرهم أنه رسول الله قد أراهم العجائب وأحيا لهم الموتى وأبرأ لهم الأسقام وخلق لهم من الطين كهيئة الطير ونفخ فيه فكان طائرا بإذن الله وأخبرهم بالغيوب قال ويحكم فما منعكم أن تذكروا هذا لي من أمره وأمرهم فوالله لو علمت ما خليت بينهم وبينه ثم بعث إلى الحواريين فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن دين عيسى وأمره فأخبروه خبره فتابعهم على دينهم واستنزل سرجس فغيبه وأخذ خشبته التي صلب عليها فأكرمها وصانها لما مسها منه وعدا على بني إسرائيل فقتل منهم قتلى كثيرة فمن هنالك كان أصل النصرانية في الروم
وذكر بعض أهل الأخبار أن مولد عيسى عليه السلام كان لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملك أغوسطوس وأن أغوطوس عاش بعد ذلك بقية ملكه وكان جميع ملكه ستا وخمسين سنة قال بعضهم وأياما
قال ووثبت اليهود بالمسيح والرياسة ببيت المقدس في ذلك الوقت لقيصر والملك على بيت المقدس من قبل قيصر هيردوس الكبير الذي دخلت عليه رسل ملك فارس الذي وجههم الملك إلى المسيح فصار إلى هيردوس غلطا وأخبروه أن ملك فارس بعث بهم ليقربوا إلى المسيح ألطافا معهم من ذهب ومر ولبان وأنهم نظروا إلى نجمه قد طلع فعرفوا ذلك بالحساب وقربوا الألطاف إليه ببيت لحم من فلسطين فلما عرف هيردوس خبرهم كاد ا لمسيح فطلبه ليقتله فأمر الله الملك أهن يقول ليوسف الذي كان مع مريم في الكنيسة ما أراد هيردوس من قتله وأمره أن يهرب بالغلام وأمه إلى مصر فلما مات هيردوس قال الملك ليوسف وهو بمصر إن هيردوس قد مات وملك مكانه أركلاوس ابنه وذهب من كان يطلب نفس الغلام فانصرف به
(1/355)
________________________________________
إلى ناصرة من فلسطين ليتم قول شعيا النبي من مصر دعوتك ومات أركلاوس وملك مكانه هيردوس الصغير الذي صلب شبه المسيح في ولايته وكانت الرياسة في ذلك الوقت لملوك اليونانية والروم وكان هيردوس وولده من قبلهم إلا أنهم كانوا يلقبون باسم الملك وكان الملوك الكبار يلقبون بقيصر وكان ملك بيت المقدس في وقت الصلب لهيردوس الصغير من قبل طيباريوس بن أغوسطوس دون القضاء وكان القضاء لرجل رومي يقال له فيلاطوس من قبل قيصر وكانت رياسة الجالوت ليونن بن بهبوثن
قال وذكروا أن الذي شبه بعيسى وصلب مكانه رجل إسرائيلي يقال له أيشوع بن فنديرا وكان ملك طيباريوس ثلاثا وعشرين سنة وأياما منها إلى وقت ارتفاع المسيح ثماني عشرة سنة وأيام ومنها بعد ذلك خمس سنين
(1/356)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 03:46 PM
ذكر من ملك من الروم أرض الشام
بعد رفع المسيح عليه السلام إلى عهد النبي صلى الله عليه و سلم في قول النصارى
قال أبو جعفر زعموا أن ملك الشام من فلسطين وغيرها صار بعد طيباريوس إلى جايوس بن طيباريوس وأن ملكه كان أربع سنين
ثم ملك بعده ابن له آخر يقال له قلوديومس أربع عشرة سنة
ثم ملك بعده نيرون الذي قتل فطرس وبولس وصلبه منكسا أربع عشرة سنة
ثم ملك بعده بوطلايوس أربعة أشهر
ثم ملك بعده أسفسيانوس أبو ططوس الذي وجهه إلى بيت المقدس عشر سنين ولمضي ثلاث سنين من ملكه وتمام أربعين سنة من وقت رفع عيسى عليه السلام وجه أسفسيانوس ابنه ططوس إلى بيت المقدس حتى هدمه وقتل من قتل من بني إسرائيل غضبا للمسيح
ثم ملك بعده ططوس بن أسفسيانوس سنتين
ثم من بعد دومطيانوس ست عشرة سنة
ثم من بعده نارواس ست سنين
ثم من بعده طرايانوس تسع عشرة سنة
ثم من بعده هدريانوس أحدى وعشرين سنة
ثم ملك من بعده ططورس بن بطيانوس اثنتين وعشرين سنة
ثم من بعده مرقوس وأولاده تسع عشرة سنة
ثم من بعده قوذوموس ثلاث عشرة سنة
ثم من بعده فرطناجوس ستة أشهر
ثم من بعده سبروس أربع عشرة سنة
ثم من بعده أنطنياوس سبع سنين
ثم من بعده مرقيانوس ست سنين
(1/357)
________________________________________
ثم بعده أنطنيانوس أربع سنين
ثم الحسندروس ثلاث عشرة سنة
ثم غسميانوس ثلاث سنين
ثم جورديانوس ست سنين ثم بعده فليفوس سبع سنين
ثم داقيوس ست سنين
ثم قالوس ست سنين ثم بعده والرييانوس وقاليونس خمس عشرة سنة
ثم قلوديوس سنة
ثم من بعده قريطاليوس شهرين
ثم أوليانوس خمس سنين ثم طيقطوس ستة أشهر
ثم فولوريوس خمسة وعشرين يوما
ثم فرابوس ست سنين
ثم قوروس وابناه سنتين
ثم دوقلطيانوس ست سنين
ثم محسميانوس عشرين سنة
ثم قسطنطينوس ثلاثين سنة
ثم قسطنطين ثلاثين سنة
ثم قسطنطين عشرين سنة
ثم اليانوس المنافق سنتين
ثم يويانوس سنة
ثم والمطيانوس وغرطيانوس عشر سنين
ثم خرطانوس ووالنطيانوس الصغير سنة
ثم تياداسيس الأكبر سبع عشرة سنة
ثم أرقديوس وأنوريوس عشرين سنة
ثم تياداسيس الأصغر ووالنطيانوس ست عشرة سنة
(1/358)
________________________________________
ثم مرقيانوس سبع سنين
ثم لاون ست عشرة سنة
ثم زانون ثماني عشرة سنة ثم أنسطاس سبعا وعشرين سنة
ثم يوسطنيانوس سبع سنين
ثم يوسطنيانوس الشيخ عشرين سنة
ثم يوسطينس اثنتي عشرة سنة
ثم طيباريوس ست سنين
ثم مريقيس وتاذاسيس ابنه عشرين سنة
ثم فوقا الذي قتل سبع سنين وستة أشهر
ثم هرقل الذي كتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثين سنة
فمن لدن عمر بيت المقدس بعد تخريبه بختنصر إلى الهجرة على قولهم ألف سنة ونيف ومن ملك الإسكندر إليها تسعمائة سنة ونيف وعشرون سنة من ذلك من وقت ظهوره إلى مولد عيسى ثلاثمائة سنة وثلاث سنين ومن مولده إلى ارتفاعه اثنتان وثلاثون سنة ومن وقت ارتفاعه إلى الهجرة خمسمائة وخمس وثمانون سنة وأشهر
وزعم بعض الأصحاب الأخبار أن قتل بني إسرائيل يحيى بن زكرياء كان في عهد أدرشير بن بابك لثماني سنين خلت من ملكه وأن بختنصر إنما صار إلى الشأم لقتال اليهود من قبل سابور الجنود ابن أردشير بن بابك

(1/359)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
التعديل الأخير تم بواسطة بنالعياط ; 03-10-2012 الساعة 03:48 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 05:10 PM
نزول قبائل العرب الحيرة والأنبار أيام ملوك الطوائف
وكان من الأحداث أيام ملوك الطوائف إلى قيام أردشير بن بابك بالملك فيما ذكر هشام بن محمد دنو من دنا من قبائل العرب من ريف العراق ونزول من نزل منهم الحيرة والأنبار وما حوالي ذلك
فحدثت عن هشام بن محمد قال لما مات بختنصر انضم الذين كان أسكنهم الحيرة من العرب حين أمر بقتالهم إلى أهل الأنبار وبقي الحير خرابا فغبروا بذلك زمانا طويلا لا تطلع عليهم طالعة من بلاد العرب ولا يقدم عليهم قادم وبالأنبار أهلها ومن انضم إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب من بني إسماعيل وبني معد بن عدنان فلما كثر أولاد معد بن عدنان ومن كان معهم من قبائل العرب وملأوا بلادهم من تهامة وما يليهم فرقتهم حروب وقعت بينهم وأحداث حدثت فيهم فخرجوا يطلبون المتسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف الشأم وأقبلت منهم قبائل حتى نزلوا البحرين وبها جماعة من الأزد كانوا نزلوها في دهر عمران بن عمرو من بقايا بني عامر وهو ماء السماء بن حارثة وهو الغطريف بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد
وكان الذي أقبلوا من تهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ومالك بن زهير بن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة في جماعة من قومهم والحيقار بن الحيق بن عمير بن قنص بن معد بن عدنان في قنص كلها ولحق بهم غطفان بن عمرو بن الطمثان بن عوذ مناة بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان وزهر بن الحارث بن الشلل بن زهر بن إياد وصبح بن صبيح بن الحارث بن أفصى بن دعمي بن إياد
فاجتمع بالبحرين جماعة من قبائل العرب فتحالفوا على التنوخ وهو المقام وتعاقدوا على التوازر والتناصر فصاروا يدا على الناس وضمهم اسم تنوخ فكانوا بذلك الاسم كأنهم عمارة من العمائر
قال وتنخ عيهم بطون من نمارة بن لخم قال ودعا مالك بن زهير جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غانم بن دوس الأزدي إلى التنوخ معه وزوجه أخته لميس ابنة زهير فتنخ جذيمة بن مالك وجماعة ممن كان بها من قومهم من الأزد فصار مالك وعمرو ابنا فهم والأزد حلفاء دون سائر تنوخ وكلمة تنوخ كلها واحدة
وكان اجتماع من اجتمع من قبائل العرب بالبحرين وتحالفهم وتعاقدهم أزمان ملوك الطوائف الذين ملكهم الإسكندر وفرق البلدان بينهم عند قتله دارا بن دارا ملك فارس إلى أن ظهر أردشير بن بابك ملك
(1/360)
________________________________________
فارس على ملوك الطوائف وقهرهم ودان له الناس وضبط له الملك
قال وإنما سموا ملوك الطوائف لأن كل ملك منهم كان ملكه قليلا من الأرض إنما هي قصور وأبيات وحولها خندق وعدوه قريب منه له من الأرض مثل ذلك ونحوه يغير أحدهما على صاحبه ثم يرجع كالخطفة
قال فتطلعت أنفس من كان بالبحرين من العرب إلى ريف العراق وطمعوا في غلبة الأعاجم على ما يلي بلاد العرب منه أو مشاركتهم فيه واهتبلوا ما وقع بين ملوك الطوائف من الاختلاف فأجمع رؤساؤهم بالمسير إلى العراق ووطن جماعة ممن كان معهم على ذلك فكان أول من طلع منهم الحيقار بن الحيق في جماعة قومه وأخلاط من الناس فوجدوا الأرمانيين وهم الذين بأرض بابل وما يليها إلى ناحية الموصل يقاتلون الأردوانيين وهم ملوك الطوائف وهم فيما بين نفر وهي قرية من سواد العراق إلى الأبلة وأطراف البادية فلم تدن لهم فدفعوهم عن بلادهم
قال وكان يقال لعاد إرم فلما هلكت قيل لثمود إرم ثم سموا الأرمانيين وهم بقايا إرم وهم نبط السواد ويقال لدمشق إرم
قال فارتفعوا عن سواد العراق وصاروا أشلاء بعد في عرب الأنبار وعرب الحيرة فهم أشلاء قنص بن معد وإليهم ينسب عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم
وهذا قول مضر وحماد الرواية وهو باطل ولم يأت في قنص بن معد شيء أثبت من قول جبير بن مطعم إن النعمان كان من ولده
قال وإنما سميت الأنبار أنبار لأنها كانت تكون فيها أنابير الطعام وكانت تسمى الأهراء لأن كسرى يرزق أصحابه رزقهم منها
قال ثم طلع مالك وعمرو ابنا فهم بن تيم الله ومالك بن زهير بن فهم بن تيم الله وغطفان بن عمرو بن الطمثان وزهر بن الحارث وصبح بن صبيح فيمن تنخ عليهم من عشائرهم وحلفائهم على الأنبار على ملك الأرمانيين فطلع نمارة بن قيس بن نمارة والنجدة وهم قبيلة من العماليق يدعون إلى كندة وملكان بن كندة ومالك وعمرة ابنا فهم ومن حالفهم وتنخ معهم على نفر على ملك الأردوانيين فأنزلهم الحير الذي كان بناه بختنصر لتجار العرب الذين وجدوا بحضرته حين أمر بغزو العرب في بلادهم وإدخال الجيوش عليهم فلم تزل طالعة الأنبار وطالعة نفر على ذلك لا يدينون للأعاجم ولا تدين لهم الأعاجم حتى قدمها تبع وهو أسعد أبو كرب بن ملكيكرب في جيوشه فخلف بها من لم تكن به قوة من الناس ومن لم يقو على المضي معه ولا الرجوع إلى بلاده وانضموا إلى هذا الحير واختلطوا بهم وفي ذلك يقول كعب بن جعيل بن عجرة بن قمير بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ... وغزا تبع في حمير حتى ... نزل الحيرة من أهل عدن ...
وخرج تبع سائرا ثم رجع إليهم وأقاموا فأقرهم على حالهم وانصرف راجعا إلى اليمن وفيهم من كل
(1/361)
________________________________________
القبائل من بني لحيان وهم بقايا جرهم وفيهم جعفي وطيء وكلب وتميم وليسوا إلا بالحيرة يعني بقايا جرهم قال ابن الكلبي لحيان بقايا جرهم
ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة وما بين الحيرة إلى طف الفرات وغربيه إلى ناحية الأنبار وما والاها في المظال والأخبية لا يسكنون بيوت المدر ولا يجامعون أهلها فيها واتصلت جماعتهم فيما بين الأنبار والحيرة وكانوا يسمون عرب الضاحية فكان أول من ملك منهم في زمان ملوك الطوائف مالك بن فهم وكان منزله مما يلي الأنبار ثم مات مالك فملك من بعده أخوه عمرو بن فهم ثم هلك عمرو بن فهم فملك من بعده جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس الأزدي
قال ابن الكلبي دوس بن عدثان بن عبدالله بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ
قال ابن الكلبي ويقال إن جذيمة الأبرش من العاربة الأولى من بني وبار بن أميم بن لوذ بن سام بن نوح قال وكان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأيا وأبعدهم مغارا وأشدهم نكاية وأظهرهم حزما وأول من استجمع له الملك بأرض العراق وضم إليه العرب وغزا بالجيوش وكان به برص فكنت العرب عنه وهابت العرب أن تسميه به وتنسبه إليه إعظاما له فقيل جذيمة الوضاح وجذيمة الأبرش وكانت منازله فيما بين الحيرة والأنبار وبقية وهيت وناحيتها وعين التمر وأطراف البر إلى الغوير والقطقطانة وخفية ما والاها وتجبى إليه الأموال وتفد إليه الوفود وكان غزا طسما وجديسا في منازلهم من جو وما حولهم وكانت طسم وجديس يتكلمون بالعربية فاصاب حسان بن تبع أسعد أبي كرب قد أغار على طسم وجديس باليمامة فانكفأ جذيمة راجعا بمن معه وتأتي خيول تبع على سرية لجذيمة فاجتاحتها وبلغ جذيمة خبرهم فقال جذيمة ... ربما أوفيت في علم ... ترفعن بردي شمالات ... في فتو أنا كالئهم ... في بلايا غزوة باتوا ... ثم أبنا غانمي نعم ... وأناس بعدنا ماتوا ... نحن كنا في ممرهم ... إذ ممر القوم خوات ... ليت شعري ما أماتهم ... نحن أدلجنا وهم باتوا ... ولنا كانوا ونحن إذا ... قال منا قائل صاتوا ... ولنا البيد البعاد التي ... أهلها السودان أشتات ... ثبة الأخيار شاهدة ... ذا كم قومي وأهلاتي ... قد شربت الخمر وسطهم ... ناعما في غير أصوات ... فعلى ما كان من كرم ... فستبكيني بنياتي ... أنا رب الناس كلهم ... غير ربي الكافت الفات ...
يعني بالكافت الذي يكفت أرواحهم والفات الذي يفيتهم أنفسهم يعني الله عز و جل قال ابن الكلبي ثلاثة أبيات منها حق والبقية باطل
(1/362)
________________________________________
قال وفي مغازيه وغاراته على الأمم الخالية من العاربة الأولى يقول الشاعر في الجاهلية
... أضحى جذيمة في يبرين منزله ... قد حاز ما جمعت في دهرها عاد ...
فكان جذيمة قد تنبأ وتكهن واتخذ صنيمين يقال لهما الضيزنان قال ومكان الضيزنين بالحيرة معروف وكان يستسقي بهما ويستنصر بهما على العدو وكانت إياد بعين أباغ وأباغ رجل من العماليق نزل بتلك العين فكان يغازيهم فذكر لجذيمة غلام من لخم في أخواله من إياد يقال له عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم له جمال وظرف فغزاهم جذيمة فبعث إياد قوما فسقوا سدنة الصنمين الخمر وسرقوا الصنمين فأصبحا في إياد فبعث إلى جذيمة إن صنميك أصبحا فينا زهدا فيك ورغبة فينا فإن أوثقت لنا ألا تغزونا رددناهما إليك
قال وعدي بن نصر تدفعونه إلي فدفعوه إليه مع الصنمين فانصرف عنهم وضم عديا إلى نفسه وولاه شرابه فأبصرته رقاش ابنة مالك أخت جذيمة فعشقته وراسلته وقالت يا عدي اخطبني إلى الملك فإن له حسبا وموضعا فقال لا أجترئ على كلامه في ذلك ولا أطمع أن يزوجنيك قالت إذا جلس على شرابه وحضره ندماؤه فاسقه صرفا واسق القوم مزاجا فإذا أخذت الخمرة فيه فاخطبني إليه فإنه لن يردك ولن يمتنع منك فإذا زوجك فأشهد القوم ففعل الفتى ما أمرته به فلما أخذت الخمرة مأخذها خطبها إليه فأملكه إياها فانصرف إليها فأغرس بها من ليلته وأصبح مضرجا بالخلوق فقال له جذيمة وأنكر ما رأى به ما هذه الآثار يا عدي قال آثار العرس قال أي عرس قال عرس رقاش قال من زوجكها ويحك قال زوجنيها الملك فضرب جذيمة بيده على جبهته وأكب على الأرض ندامة وتلهفا وخرج عدي على وجهه هاربا فلم ير له أثر ولم يسمع له بذكر وأرسل إليها جذيمة فقال
... حدثيني وأنت لا تكذبيني ... أبحر زنيت أم بهجين ... أم بعبد فأنت أهل لعبد ... أم بدون فأنت أهل لدون ...
فقالت لا بل أنت زوجتني أمرأ عربيا معروقا حسيبا ولم تستأمرني في نفسي ولم أكن مالكة لأمري فكف عنها وعرف عذرها
ورجع عدي بن نصر إلى إياد فكان فيهم فخرج ذات يوم مع فتية متصيدين فرمى به فتى منهم من لهب فيما بين جبلين فتنكس فمات واشتملت رقاش على حبل فولدت غلاما فسمته عمرا ورشحته حتى إذا ترعرع عطرته وألبسته وحلته وأزارته خاله جذيمة فلما رآه أعجب به وألقيت عليه منه مقة ومحبة فكان يختلف مع ولده ويكون معهم فخرج جذيمة متبديا بأهله وولده في سنة خصبة مكلئة فضربت له أبنية في روضة ذات زهرة وغدر وخرج ولده وعمرو معهم يجتنون الكمأة فكانوا إذا أصابوا كمأة جيدة أكلوها وإذا أصابها عمرو خبأها في حجزته فانصرفوا إلى جذيمة يتعادون وعمرو يقول
... هذا جناي وخياره فيه ... إذ كل جان يده إلى فيه ...
فضمه إليه جذيمة والتزمه وسر بقوله وفعله وأمر فجعل له حلي من فضة وطوق فكان أول عربي ألبس طوقا فكان يسمى عمرا ذا الطوق فبينما هو على أحسن حاله إذا استطارته الجن فاستهوته فضرب له جذيمة
(1/363)
________________________________________
في البلدان والآفاق زمانا لا يقدر عليه قال وأقبل رجلان أخوان من بلقين يقال لهما مالك وعقيل ابنا فارج بن مالك بن كعب بن القين بن جسر بن شيع الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة من الشام يريدان جذيمة قد أهديا له طرفا ومتاعا فلما كان ببعض الطريق نزلا منزلا ومعهما قينة لهما يقال لها أم عمرو فقدمت إليهما طعاما فبينما هما يأكلان إذ أقبل فتى عريان شاحب قد تلبد شعره وطالت أظفاره وساءت حاله فجاء حتى جلس حجرة منهما فمد يده يريد الطعام فناولته القينة كراعا فأكلها ثم مد يده إليها فقالت تعطي العبد كراعا فيطمع في الذراع فذهبت مثلا ثم ناولت الرجلين من شراب كان معها وأوكت زقها فقال عمرو بن عدي ... صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا ... وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا ...
فقال مالك وعقيل من أنت يا فتى فقال إن تنكراني أو تنكرا نسبي فإني أنا عمرو بن عدي ابن تنوخية اللخمي وغدا ما ترياني في نمارة غير معصي
فنهضا إليه فضماه وغسلا رأسه وقلما أظفاره وأخذا من شعره وألبساه مما كان معهما من الثياب وقالا ما كنا لنهدي لجذيمة هدية أنفس عنده ولا أحب إليه من ابن أخته قد رده الله عليه بنان فخرجا به حتى دفعا إلى باب جذيمة بالحيرة فبشراه فسر بذلك سرورا شديدا وأنكره لحال ما كان فيه فقالا أبيت اللعن إن من كان في مثل حاله يتغير فأرسل به إلى أمه فمكث عندها أياما ثم أعادته إليه فقال لقد رأيته يوم ذهب وعليه طوق فما ذهب عن عيني ولا قلبي إلى الساعة فأعادوا عليه الطوق فلما نظر إليه قال شب عمرو عن الطوق فأرسلها مثلا وقال لمالك وعقيل حكمكما قالا حكمنا منادمتك ما بقينا وبقيت فهما ندمانا جذيمة اللذان ضربا مثلا في أشعار العرب وفي ذلك يقول أبو خراش الهذلي ... لعمرك ما ملت كبيشة طلعتي ... وإن ثوائي عندها لقليل ... ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... نديما صفاء مالك وعقيل ...
وقال متمم بن نويرة ... وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا ... فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا ...
وكان ملك العرب بأرض الجزيرة ومشارف بلاد الشام عمرو بن ظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العملقي ويقال العمليقي من عاملة العماليق فجمع جذيمة جموعا من العرب فسار إليه يريد غزاته وأقبل عمرو بن ظرب بجموعه من الشام فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل عمرو بن ظرب وانفضت جموعه وانصرف جذيمة بمن معه سالمين غانمين فقال في ذلك الأعور بن عمرو بن هناءة بن مالك بن فهم الأزدي ... كأن عمرو بن ثربي لم يعش ملكا ... ولم تكن حوله الرايان تختفق ... لاقي جذيمة في جأواء مشعلة ... فيها حراشف بالنيران ترتشق ...
فملكت من بعد عمرو ابنته الزباء واسمها نائلة وقال في ذلك القعقاع بن الدرماء الكلبي
(1/364)
________________________________________
أتعرف منزلا بين المنقى ... وبين مجر نائلة القديم ...
وكان جنود الزباء بقايا من العماليق والعاربة الأولى وتزيد وسليح ابني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ومن كان معهم من قبائل قضاعة وكانت للزباء أخت يقال لها زبيبة فبنت لها قصرا حصينا على شاطئ الفرات الغربي وكانت تشتو عند أختها وتربع ببطن النجار وتصير إلى تدمر فلما أن استجمع لها أمرها واستحكم لها ملكها أجمعت لغزو جذيمة الأبرش تطلب بثأر أبيها فقالت لها أختها زبيبة وكانت ذات رأي ودهاء وإرب يا زباء إنك إن غزوت جذيمة فإنما هو يوم له ما بعده إن ظفرت أصبت ثأرك وإن قتلت ذهب ملكك والحرب سجال وعثراتها لا تستقال وإن كعبك لم يزل ساميا على من ناوأك وساماك ولم تري بؤسا ولا غيرا ولا تدرين لمن تكون العاقبة وعلى من تكون الدائرة فقالت لها الزباء قد أديت النصيحة وأحسنت الروية وإن الرأي ما رأيت والقول ما قلت فانصرفت عما كانت أجمعت عليه من غزو جذيمة ورفضت ذلك وأتت أمرها من وجوه الختل والخدع والمكر فكتبت إلى جذيمة تدعوه إلى نفسها وملكها وأن يصل بلاده ببلادها وكان فيما كتبت به أنها لم تجد ملك النساء إلا إلى قبيح في السماع وضعف في السلطان وقلة ضبط المملكة وإنها لم تجد لملكها موضعا ولا لنفسها كفئا غيرك فأقبل إلي فاجمع ملكي إلى ملكك وصل بلادي ببلادك وتقلد أمري مع أمرك
فلما انتهى كتاب الزباء إلى جذيمة وقدم عليه رسلها استخفه ما دعته إليه ورغب فيما أطمعته فيه وجمع إليه أهل الحجى والنهى من ثقات أصحابه وهو بالبقة من شاطئ الفرات فعرض عليهم ما دعته إليه الزباء وعرضته عليه واستشارهم في أمره فأجمع رأيهم على أن يسير إليها ويستولي على ملكها وكان فيهم رجل يقال له قصير بن سعد بن عمر بن جذيمة بن قيس بن ربي بن نمارة بن لخم وكان سعد تزوج أمة لجذيمة فولدت له قصيرا وكان أريبا حازما أثيرا عند جذيمة ناصحا فخالفهم فيما أشاروا به عليه وقال رأي فاتر وغدر حاضر فذهبت مثلا مثلا فرادوه الكلام ونازعوه الرأي فقال إني لأرى أمرا ليس بالخسا ولا الزكا فذهبت مثلا وقال لجذيمة اكتب إليها فإن كانت صادقة فلتقبل إليك وإلا لم تمكنها من نفسك ولم تقع في حبالها وقد وترتها وقتلت أباها فلم يوافق جذيمة ما أشار به عليه قصير فقال قصير ... إني امرؤ لا يميل العجز ترويتي ... إذا أتت دون شيء مرة الوذم ...
فقال جذيمة لا ولكنك امرؤ رأيك في الكن لا في الضح فذهبت مثلا
فدعا جذيمة ابن أخته عمرو بن عدي فاستشاره فشجعه على المسير وقال إن نمارة قومي مع الزباء ولو قدروا لصاروا معك فأطاعه وعصى قصيرا فقال قصير لا يطاع لقصير أمر وفي ذلك يقول نهشل بن حري بن ضمرة بن جابر التميمي ... ومولى عصاني واستبد برأيه ... كما لم يطع بالبقتين قصير ... فلما رأى ما غب أمري وأمره ... وولت بأعجاز الأمور صدور ... تمنى نئيشا أن يكون أطاعني ... وقد حدثت بعد الأمور أمور ...
وقال العرب ببقة أبرم الأمر فذهبت مثلا واستخلف جذيمة عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه وجعل عمرو بن عبدالجن الجرمي معه على خيوله وسار في وجوه أصحابه فأخذ على الفرات من الجانب
(1/365)
________________________________________
الغربي فلما نزل الفرضة دعا قصيرا فقال ما الرأي قال ببقة تركت الرأي فذهبت مثلا واستقبلته رسل الزباء بالهدايا والألطاف فقال يا قصير كيف ترى قال خطر يسير في خطب كبير فذهبت مثلا وستلقاك الخيول فإن سارت أمامك فإن المرأة صادقة وإن أخذت جنبيك وأحاطت بك من خلفك فإن القوم غادرون فاركب العصا وكانت فرسا لجذيمة لا تجارى فإني راكبها ومسايرك عليها فلقيته الخيول والكتائب فحالت بينه وبين العصا فركبها قصير ونظر إليه جذيمة موليا على متنها فقال ويل أمه حزما على ظهر العصا فذهبت مثلا فقال يا ضل ما تجري به العصا وجرت به إلى غروب الشمس ثم نفقت وقد قطعت أرضا بعيدة فبنى عليها برجا يقال له برج العصا وقالت العرب خير ما جاءت به العصا مثل تضربه
وسار جذيمة وقد أحاطت به الخيول حتى دخل على الزباء فلما رأته تكشفت فإذا هي مضفورة الإسب فقالت يا جذيمة أدأب عروس ترى فذهبت مثلا فقال بلغ المدى وجف الثرى وأمر غدر أرى فقالت أما وإلهي ما بنا من عدم مواس ولا قلة أواس ولكنه شيمة ما أناس فذهبت مثلا وقالت إني أنبئت أن دماء الملوك شفاء من الكلب ثم أجلسته على نطع وأمرت بطست من ذهب فأعدته له وسقته من الخمر حتى أخذت مأخذها منه وأمرت براهشيه فقطعا وقدمت إليه الطست وقد قيل لها إن قطر من دمه شيء في غير الطست طلب بدمه وكانت الملوك لا تقتل بضرب الأعناق إلا في قتال تكرمة للملك فلما ضعفت يداه سقطتا فقطر من دمه في غير الطست فقالت لا تضيعوا دم الملك فقال جذيمة دعوا دما ضيعه أهله فذهبت مثلا فهلك جذيمة واستبقت الزباء دمه فجعلته في برس قطن في ربعة لها وخرج قصير من الحي الذي هلكت العصا بين أظهرهم حتى قدم على عمرو بن عدي وهو بالحيرة فقال له قصير أداثر أم ثائر قال لا بل ثائر سائر فذهبت مثلا ووافق قصير الناس وقد اختلفوا فصارت طائفة منهم مع عمرو بن عبدالجن الجرمي وجماعة منهم مع عمرو بن عدي فاختلف بينهما قصير حتى اصطلحا وانقاد عمرو بن عبدالجن لعمرو بن عدي ومال إليه الناس فقال عمرو بن عدي في ذلك ... دعوت ابن عبدالجن للسلم بعدما ... تتايع في غرب السفاه وكلسما ... فلما ارعوى عن صدنا باعترامه ... مريت هواه مري آم روائما ...
فقال عمرو بن عبدالجن مجيبا له ... أما ودماء مائرات تخالها ... على قلة العزى أو النسر عندما ... وما قدس الرهبان في كل هيكل ... أبيل الأبيلين المسيح بن مريما ...
قال هكذا وجد الشعر ليس بتام وكان ينبغي أن يكون البيت الثالث لقد كان كذا وكذا
فقال قصير لعمرو بن عدي تهيأ واستعد ولا تطل دم خالك قال وكيف لي بها وهي أمنع من عقاب الجو فذهبت مثلا وكانت الزباء سألت كاهنة لها عن أمرها وملكها فقالت أرى هلاكك بسبب غلام مهين غير أمين وهو عمرو بن عدي ولن تموتي بيده ولكن حتفك بيدك ومن قبله ما يكون ذلك فحذرت عمرا واتخذت نفقا من مجلسها الذي كانت تجلس فيه إلى حصن لها داخل مدينتها وقالت إن
(1/366)
________________________________________
فجأني أمر دخلت النفق إلى حصني ودعت رجلا مصورا أجود أهل بلادها تصويرا وأحسنهم عملا لذلك فجهزته وأحسنت إليه وقالت له سر حتى تقدم على عمرو بن عدي متنكرا فتخلو بحشمه وتنضم إليهم وتخالطهم وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور والثقافة له ثم أثبت عمرو بن عدي معرفة وصوره جالسا وقائما وراكبا ومتفضلا ومتسلحا بهيئته ولبسته وثيابه ولونه فإذا أحكمت ذلك فأقبل إلي
فانطلق المصور حتى قدم على عمرو وصنع الذي أمرته به الزباء وبلغ ما أوصته به ثم رجع إليها بعلم ما وجهته له من الصور على ما وصفت له وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي فلا تراه على حال إلا عرفته وحذرته وعلمت علمه فقال قصير لعمرو بن عدي أجدع أنفي وأضرب ظهري ودعني وإياها فقال عمرو ما أنا بفاعل وما أنت لذلك بمستحق مني فقال قصير خل عني إذا وخلاك ذم فذهبت مثلا
قال ابن الكلبي كان أبو الزباء اتخذ النفق لها ولأختها وكان الحصن لأختها في داخل مدينتها قال فقال له عمرو فأنت ابصر فجدع قصير أنفه وأثر بظهره فقالت العرب لمكر ما جدع أنفه قصير وفي ذلك يقول المتلمس ... ومن حذر الأوتار ما حز أنفه ... قصير وخاض الموت بالسيف بيهس ...
ويروى ورام الموت وقال عدي بن زيد ... كقصير إذ لم يجد غير أن ج ... دع أشرافه لشكر قصير ...
فلما أن جدع قصير أنفه وأثر تلك الاثار بظهره خرج كأنه هارب وأظهر أن عمرا فعل به ذلك وأنه يزعم أنه مكر بخاله جذيمة وغره من الزباء فسار قصير حتى قدم على الزباء فقيل لها إن قصيرا بالباب فأمرت به فأدخل عليها فإذا أنفه قد جدع وظهره قد ضرب فقالت ما الذي أرى بك يا قصير فقال زعم عمرو بن عدي أني غررت خاله وزينت له السير إليك وغششته ومالأتك عليه ففعل بي ما ترين فأقبلت إليك وعرفت أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك فألطفته وأكرمته وأصابت عنده بعض ما أرادت من الحزم والرأي والتجربة والمعرفة بأمور الملوك فلما عرفت أنها قد استرسلت إليه ووثقت به قال لها إن لي بالعراق أموالا كثيرة وبها طرائف وثياب وعطر فابعثيني إلىالعراق لأحمل مالي وأحمل إليك من بزوزها وطرائف ثيابها وصنوف ما يكون بها من الأمتعة والطيب والتجارات فتصيبين في ذلك أرباحا عظاما وبعض مالا غنى بالملوك عنه فإنه لا طرائف كطرائف العراق فلم يزل يزين لها ذلك حتى سرحته ودفعت معه عيرا فقالت انطلق إلى العراق فبع بها ما جهزناك به وابتع لنا من طرائف ما يكون بها من الثياب وغيرها فسار قصير بما دفعت إليه حتى قدم العراق وأتى الحيرة متنكرا فدخل على عمرو بن عدي فأخبره بالخبر وقال جهزني بالبز والطرف والأمتعة لعل الله يمكن من الزباء فتصيب ثأرك تقتل عدوك فأعطاه حاجته وجهزه بصنوف الثياب وغيرها فرجع بذلك كله إلى الزباء فعرضه عليها فأعجبها ما رأت وسرها ما أتاها به وازدادت به ثقة وإليه طمأنينة ثم جهزته بعد ذلك بأكثر مما جهزته في المرة الأولى فسار حتى قدم العراق ولقي عمرو بن عدي وحمل من عنده ما ظن أنه موافق للزباء ولم يترك جهدا ولم يدع طرفة ولا متاعا قدر عليه إلا حمله إليها ثم عاد الثالثة إلى العراق فأخبر
(1/367)
________________________________________
عمرا الخبر وقال اجمع لي ثقات أصحابك وجندك وهيء لهم الغرائر والمسوح قال ابن الكلبي وقصير أول من عمل الغرائر واحمل كل رجلين على بعير في غرارتين واجعل معقد رؤوس الغرائر من باطنها فإذا دخلوا مدينة الزباء أقمتك على باب نفقها وخرجت الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة فمن قاتلهم قتلوه وإن أقبلت الزباء تريد النفق جللتها بالسيف
ففعل عمرو بن عدي وعمل الرجال في الغرائر على ما وصفه له قصير ثم وجه الإبل إلى الزباء عليها الرجال وأسلحتهم فلما كانوا قريبا من مدينتها تقدم قصير إليها فبشرها وأعلمها كثرة ما حمل إليها من الثياب والطرائف وسألها أن تخرج فتنظر إلى قطرات تلك الإبل وما عليها من الأحمال فإني جئت بما صاء وصمت فذهبت مثلا وقال ابن الكلبي وكان قصير يكمن النهار ويسير الليل وهو أول من كمن النهار وسار الليل فخرجت الزباء فأبصرت الإبل تكاد قوائمها تسوخ في الأرض من ثقل أحمالها فقالت يا قصير ... ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلا يحملن أم حديدا ... أم صرفانا باردا شديدا ...
فدخلت الإبل المدينة حتى كان آخرها بعيرا مر على بواب المدينة وهو نبطي بيده منخسة فنخس بها الغرائر التي تليه فتصيب خاصرة الرجل الذي فيها فضرط فقال البواب بالنبطية بشتابسقا يعني بقوله بشتابسقا في الجوالق شر وأرعب قلبا فذهبت مثلا فلما توسطت الإبل المدينة أنيخت ودل قصير عمرا على باب النفق قبل ذلك وأراه إياه وخرجت الرجال من الغرائر وصاحوا بأهل المدينة ووضعوا فيهم السلاح وقام عمرو بن عدي على باب النفق وأقبلت الزباء مولية مبادرة تريد النفق لتدخله وأبصرت عمرا قائما فعرفته بالصورة التي كان صورها لها المصور فمصت خاتمها وكان فيها سم وقالت بيدي لا بيدك يا عمرو فذهبت مثلا وتلقاها عمرو بن عدي فجللها بالسيف فقتلها وأصاب ما أصاب من أهل المدينة وانكفأ راجعا إلى العراق فقال عدي بن زيد في أمر جذيمة وقصير والزباء وقتل عمر بن عدي إياها قصيدته ... أبدلت المنازل أم عفينا ... تقادم عهدها أم قد بلينا ...
إلى آخرها
وقال المخبل وهو ربيعة بن عوف السعدي ... يا عمرو إني قد هويت جماعكم ... ولكل من يهوى الجماع فراق ... بل كم رأيت الدهر زايل بينه ... من لا يزايل بينه الأخلاق ... طابت به الزباء وقد جعلت لها ... دورا ومشربة لها أنفاق ... حملت لها عمرا ولا بخشونة ... من آل دومة رسلة معناق ... حتى تفرعها بأبيض صارم ... عضب يلوح كأنه مخراق ... وأبو حذيفة يوم ضاق بجمعه ... شعب الغبيط فحومة فأفاق ... وله معد والعباد وطيئ ... ومن الجنود كتائب ورفاق
(1/368)
________________________________________
يهب النجائب والنزائع حوله ... جردا كأن متونها الأطلاق ... فأتت عليه ساعة ما إن له ... مما أفاء ولا أفاد عتاق ... فكأن ذلك يوم حم قضاؤه ... رفد أميل إناؤه مهراق ...
وقال بعض شعراء العرب ... نحن قتلنا فقحلا وابن راعن ... ونحن ختنا نبت زبا بمنجل ... فلما أتتها العير قالت أبارد ... من التمر هذا أم حديد وجندل ...
وقال عبد باجر واسمه بهرا من العرب العاربة وهم عشرة أحياء عاد وثمود والعماليق وطسم وجديس وأميم والمود وجرهم ويقطن والسلق قال والسلف دخل في حمير ... لا ركبت رجلك من بين الدلى ... لقد ركبت مركبا غير الوطي ... على العراقي بصفا من الطوي ... إن كنت غضبى فاغضبي على الركي ... وعاتبي القيم عمرو بن عدي ...
فصار الملك بعد جذيمة لابن أخته عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مالك بن عمرو بن نمارة بن لخم وهو أول من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب وأول من مجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق وإليه ينسبون وهم ملوك آل نصر فلم يزل عمرو بن عدي ملكا حتى مات وهو ابن مائة وعشرين سنة منفردا بملكه مستبدا بأمره يغزو المغازي ويصيب الغنائم وتفد عليه الوفود دهره الأطول لا يدين لملوك الطوائف بالعراق ولا يدينون له حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس
وإنما ذكرنا في هذا الموضع ما ذكرنا من أمر جذيمة وابن أخته عمرو بن عدي لما كنا قدمنا من ذكر ملوك اليمن أنه لم يكن لملكهم نظام وأن الرئيس منهم إنما كان ملكا عل مخلافه ومحجره لا يجاوز ذلك فإن نزع منهم نازع أو نبغ منهم نابغ فتجاوز ذلك إن بعدت مسافة سيره من مخلافه فإنما ذلك منه عن غير ملك له موطد ولا لآبائه ولا لأبنائه ولكن كالذي يكون من بعض من يشرد من المتلصصة فيغير على الناحية باستغفاله أهلها فإذا قصده الطلب لم يكن له ثبات لكذلك كان أمر ملوك اليمن كان الواحد منهم بعد الواحد يخرج عن مخلافه ومحجره أحيانا فيصيب مما يمر به ثم يتشمر عند خوف الطلب راجعا إلى موضعه ومخلافه من غير أن يدين له أحد من غير أهل مخلافه بالطاعة أو يؤدي إليه خرجا حتى كان عمرو بن عدي الذي ذكرنا أمره وهو ابن أخت جذيمة الذي اقتصصنا خبره فإنه اتصل له ولعقبه ولأسبابه الملك على ما كان بنواحي العراق وبادية الحجاز من العرب باستعمال ملوك فارس إياهم على ذلك واستكفائهم أمر من وليهم من العرب إلى أن قتل أبرويز بن هرمز النعمان بن المنذر ونقل ما كانت ملوك فارس يجعلونه إليهم إلى غيرهم فذكرنا ما ذكرنا من أمر جذيمة وعمرو بن عدي من أجل ذلك إذ كنا نريد أن نسوق تمام التاريخ على ملك ملوك فارس ونستشهد على صحة ما روي من أمرهم بما وجدنا إلى الاستشهاد به عليها سبيلا وكان أمر آل نصر بن ربيعة ومن كان من ولاة ملوك الفرس وعمالهم على ثغر العرب الذين هم ببادية العراق عند أهل الحيرة متعالما مثبتا عندهم في كنائسهم وأسفارهم
وقد حدثت عن هشام بن محمد الكلبي أنه قال إني كنت أستخرج أخبار العرب وأنساب آل نصر بن
(1/369)
________________________________________
ربيعة ومبالغ أعمار من عمل منهم لآل كسرى وتاريخ بنيهم من بيع الحيرة وفيها ملكهم وأمورهم كلها
فأما ابن حميد فإنه حدثنا في أمر ولد نصر بن ربيعة ومصيرهم إلى أرض العراق غير الذي ذكره هشام والذي حدثنا به من ذلك عن سلمة عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا نذكرها بعد عن ذكر أمر الحبشة وغلبتهم على اليمن وتعبير سطيح وشق وجوابهما عن رؤياه ثم ذكر في خبره ذلك أن ربيعة بن نصر لما فرغ من مسألة سطيح وشق وجوابهما إياه وقع في نفسه أن الذي قالا له كائن من أمر الحبشة فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ فأسكنهم الحيرة قال فمن بقية ربيعة بن نصر كان النعمان ملك حيرة وهو النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم
قال أبو جعفر ونذكر الآن أمر طسم وجديس إذ كان أمرهم أيضا كان في أيام ملوك الطوائف وأن فناء جديس كان على يد حسان بن تبع إذ كنا قدمنا فيما مضى ذكر تبابعة حمير الذين كانوا على عهد ملوك فارس
وحدثت عن هشام بن محمد وحدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق وغيرهما من علماء العرب أن طمسا وجديسا كانوا من ساكني اليمامة وهي إذ ذاك من أخصب البلاد وأعمرها وأكثرها خيرا لهم فيها صنوف الثمار ومعجبات الحدائق والقصور الشامخة وكان عليهم ملك من طسم ظلوم غشوم لا ينهاه شيء عن هواه يقال له عملوق مضرا بجديس مستذلا لهم
وكان مما لقوا من ظلمه واستذلاله أنه أمر بألا تهدى بكر من جديس إلى زوجها حتى تدخل عليه فيفترعها فقال رجل من جديس يقال له الأسود بن غفار لرؤساء قومه قد ترون ما نحن فيه من العار والذل الذي ينبغي للكلاب أن تعافه وتمتعض منه فأطيعوني فإني أدعوكم إلى عز الدهر ونفي الذل قالوا وما ذاك قال إني صانع للملك ولقومه طعاما فإذا جاؤوا نهضنا إليهم بأسيافنا وانفردت به فقتلته وأجهز كل رجل منكم على جليسه فأجابوه إلى ذلك وأجمع رأيهم عليه فأعد طعاما وأمر قومه فانتضوا سيوفهم ودفنوها في الرمل وقال إذا أتاكم القوم يرفلون في حللهم فخذوا سيوفهم ثم شدوا عليهم قبل أن يأخذوا مجالسهم ثم اقتلوا الرؤساء فإنكم إذا قتلتموهم لم تكن السفلة شيئا وحضر الملك فقتل وقتل الرؤساء فشدوا على العامة منهم فأفنوهم فهرب رجل من طسم يقال له رياح بن مرة حتى أتى حسان بن تبع فاستغاث به فخرج حسان في حمير فلما كان من اليمامة على ثلاث قال له رياح أبيت اللعن إن لي أختا متزوجة في جديس يقال لها اليمامة ليس على وجه الأرض أبصر منها إنها لتبصر الراكب من مسيرة ثلاث وإني أخاف أن تنذر القوم ببك فمر أصحابك فليقطع كل رجل منهم شجرة فليجعلها أمامه ويسير وهي في يده فأمرهم حسان بذلك ففعلوا ثم سار فنظرت اليمامة فأبصرتهم فقالت لجديس لقد سارت حمير فقالوا وما الذي ترين قالت أرى رجلا في شجرة ومعه كتف يتعرقها أو نعل يخصفها فكذبوها وكان ذلك كما قالت وصبحهم حسان فأبادهم وأخرب بلادهم وهدم قصورهم وحصونهم
(1/370)
________________________________________
وكانت اليمامة تسمى إذ ذاك جوا والقرية وأتى حسان باليمامة ابنة مرة فأمر بها فققئت عيناها فإذا فيها عروق سود فقال لها ما هذا السواد في عروق عينيك قالت حجير أسود يقال له الإثمد كنت أكتحل به وكانت فيما ذكروا أول من اكتحل بالإثمد فأمر حسان بأن تسمى جو اليمامة
وقد قالت الشعراء من العرب في حسان ومسيره هذا فمن ذلك قول الأعشى ... كوني كمثل الذي إذ غاب وافدها ... أهدت له من بعيد نظرة جزعا ... ما نظرت ذات أشفار كنظرتها ... حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا ... إذ قلبت مقلة ليست بمقرفة ... إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا ... قالت أرى رجلا في كفه كتف ... أو يخصف النعل لهفى أية صنعا ... فكذبوها بما قالت فصبحهم ... ذو آل حسان يزجي الموت والشرعا ... فاستنزلوا أهل جو من مساكنهم ... وهدموا شاخص البنيان فاتضعا ...
ومن ذلك قول النمر بن تولب العكلي ... هلا سألت بعادياء وبيته ... والخل والخمر التي لم تمنع ... وفتاتهم عنز عشية آنست ... من بعد مرأى في الفضاء ومسمع ... قالت أرى رجلا يقلب كفه ... أصلا وجو آمن لم يفزع ... ورأت مقدمة الخميس وقبله ... رقص الركاب إلى الصياح بتبع ... فكأن صالح أهل جو غدوة ... صبحوا بذيفان السمام المنقع ... كانوا كأنعم من رأيت فأصبحوا ... يلوون زاد الراكب المتمتع ... قالت يمامة احملوني قائما ... إن تبعثوه باركا بي أصرع ...
وحسان بن تبع الذي أوقع بجديس هو ذو معاهر وهو تبع بن تبع تبان أسعد أبي كرب بن ملكيكرب بن تبع بن أقرن وهو أبو تبع بن حسان الذي يزعم أهل اليمن أنه قدم مكة وكسا الكعبة وأه الشعب من المطابخ إنما سمي هذا الاسم لنصبه المطابخ في ذلك الموضع وإطعامه الناس وأن أجيادا إنما سمي أجيادا لأن خيله كانت هنالك وأنه قدم يثرب فنزل منزلا يقال له منزل الملك اليوم وقتل من اليهود مقتلى عظيمة بسبب شكاية من شكاهم إليه من األأوس والخزرج بسوء الجوار وأنه وجه ابنه حسان إلى السندوسمرا ذا الجناح إلى خراسان وأمرهما أن يستبقا إلى الصين فمر سمر بسمرقند فأقام عليها حتى افتتحها وقتل مقاتلتها وسبى وحوى ما فيها ونفذ إلى الصين فوافى حسان بها فمن أهل اليمن من يزعم أنهما ماتا هنالك ومنهم من يزعم أنهما انصرفا إلى تبع بالأموال والغنائم
ومما كان في أيام ملوك الطوائف وما ذكره الله عز و جل في كتابه من أمر الفتية الذين أووا إلى الكهف فضرب على آذانهم
(1/371)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 08:26 PM
ذكر الخبر عن أصحاب الكهف
وكان أصحاب الكهف فتية آمنوا بربهم كما وصفهم الله عز و جل به من صفتهم في القرآن المجيد فقال لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ( 1 ) والرقيم هو الكتاب الذي كان القوم الذين منهم كان الفتية كتبوه في لوح بذكر خبرهم وقصصهم ثم جعلوه على باب الكهف الذي أووا إليه أو نقروه في الجبل الذي أووا إليه أو كتبوه في لوح وجعلوه في صندوق خلفوه عندهم إذ أوى الفتية إلى الكهف
وكان عدد الفتية فيما ذكر ابن عباس سبعة وثامنهم كلبهم
حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبدالرحمن قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس مايعلمهم إلا قليل ( 2 ) قال أنا من القليل كانوا سبعة
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن ابن عباس كان يقول أنا من اولئك القليل الذين استثنى الله تعالى كانوا سبعة وثامنهم كلبهم
قال وكان اسم أحدهم وهو الذي كان يلي شرا الطعام لهم الذي ذكره الله عنهم أنهم قالوا إذ هبوا من رقدتهم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ( 3 )
حدثني عبدالله بن محمد الزهري قال حدثنا سفيان عن مقاتل فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة اسمه يمنيخ
وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا به ابن حميد قال حدثنا سلمة عنه اسمه يمليخا
وكان ابن إسحاق يقول كان عدد الفتية ثمانية فعلى قوله كان كلبهم تاسعهم وكان فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق يسميهم فيقول كان أحدهم وهو أكبرهم والذي كلم الملك عن سائرهم مكسملينا والآخر محسملينا والثالث يمليخا والرابع مرطوس والخامس كسوطونس والسادس بيرونس والسابع رسمونس والثامن بطونس والتاسع قالوس وكانوا أحداثا
(1/372)
________________________________________
وقد حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح عن مجاهد قال لقد حدثت أنه كان على بعضهم من حداثة أسنانهم وضح الورق وكانوا من قوم يعبدون الأوثان من الروم فهداهم الله للأسلام وكانت شريعتهم شريعة عيسى في قول جماعة من سلف علمائنا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا الحكم بن بشير قال حدثنا عمرو يعني ابن قيس الملائي في قوله إن أصحاب الكهف والرقيم كانت الفتية على دين عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم على الإسلام وكان ملكهم كافرا وكان بعضهم يزعم أن أمرهم ومصيرهم إلى الكهف كان قبل المسيح وأن المسيح أخبر قومه خبرهم فإن الله عز و جل ابتعثهم من رقدتهم بعد ما رفع المسيح في الفترة بينه وبين محمد صلى الله عليه و سلم والله أعلم أي ذلك كان
فأما الذي عليه علماء أهل الإسلام فعلى أن أمرهم كان بعد المسيح فأما أنه كان في أيام ملوك الطوائف فإن ذلك مما لا يدفعه دافع من أهل العلم بأخبار الناس القديمة
وكان لهم في ذلك الزمان ملك يقال له دقينوس يعبد الأصنام فيما ذكر عنه فبلغه عن الفتية خلافهم إياه في دينه فطلبهم فهربوا منه بدينهم حتى صاروا إلى جبل لهم يقال له فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس نيحلوس
وكان سبب إيمانهم وخلافهم به قومهم فيما حدثنا الحسن بن يحيى قال حدثنا عبدالرزاق قال حدثنا معمر قال أخبرني إسماعيل بن سدوس أنه سمع وهب بن منبه يقول جاء حواري عيسى بن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها فقيل له إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له فكره أن يدخلها فأتى حماما وكان فيه قريبا من تلك المدينة فكان يعمل فيه يؤاجر نفسه من صاحب الحمام ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة ودر عليه الرزق فجعل يعرض عليه الإسلام وجعل يسترسل إليه وعلقه فتية من أهل المدينة وجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة وكان يشرط على صاحب الحمام أن الليل لي لا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت فكان على ذلك حتى جاء ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعيره الحواري فقال أنت ابن الملك وتدخل ومعك هذه الكذا فاستحيا فذهب فرجع مرة أخرى فقال له مثل ذلك وسبه وانتهره ولم يلتفت حتى دخل ودخلت معه المرأة فماتا في الحمام جميعا فأتي الملك فقيل له قتل صاحب الحمام ابنك فالتمس فلم يقدر عليه فهرب قال من كان يصحبه فسموا الفتية فالتمسوا فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع له وهو على مثل أمرهم فذكروا أنهم التمسوا وانطلق معهم ومعه الكلب حتى أواهم الليل إلى الكهف فدخلوه فقالوا نبيت ها هنا الليلة ثم نصبح إن شاء الله فترون رأيكم فضرب على آذانهم فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف فكلما أراد رجل أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخل فقال قائل أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم قال بلى قال فابن عليهم باب الكهف فدعهم فيه يموتوا عطشا وجوعا ففعل فغبروا بعدما بنى عليهم باب الكهف زمانا بعد زمان
ثم إن راعيا أدركه المطر عند الكهف فقال لو فتحت هذا الكهف فأدخلته غنمي من المطر فلم يزل
(1/373)
________________________________________
يعالجه حتى فتحر ما أدخل فيه ورد الله إليهم أرواحهم في أجسادهم من الغد حين أصبحوا فبعثوا أحدهم بورق يشتري لهم طعاما فكلما أتى باب مدينتهم رأى شيئا ينكره حتى دخل على رجل فقال بعني بهذه الدراهم طعاما قال ومن أين لك هذه الدراهم قال خرجت وأصحاب لي أمس فآوانا الليل حتى أصبحوا فأرسلوني فقال هذه الدراهم كانت على عهد الملك فلان فأنى لك بها فرفعه إلى الملك وكان ملكا صالحا فقال من أين لك هذه الورق قال خرجت أنا وأصحاب لي أمس حتى أدركنا الليل في كهف كذا وكذا ثم أمروني أن أشتري لهم طعاما قال وأين أصحابك قال في الكهف قال فانطلقوا معه حتى أتوا باب الكهف فقال دعوني أدخل إلى أصحابي قبلكم فلما رأوه ودنا منهم ضرب على أذنه وآذانهم فجعلوا كلما دخل رجل أرعب فلم يقدروا على أن يدخلوا إليهم فبنوا عندهم كنيسة واتخذوها مسجدا يصلون فيه
حدثنا الحسن بن يحيى قال حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن عكرمة قال كان أصحاب الكهف أبناء ملوك الروم رزقهم الله الإسلام فتفردوا بدينهم واعتزلوا قومهم حتى انتهوا إلى الكهف فضرب الله على سمخانهم فلبثوا دهرا طويلا حتى هلكت أمتهم وجاءت أمة مسلمة وكان ملكهم مسلما واختلفوا في الروح والجسد فقال قائل تبعث الروح والجسد جميعا وقال قائل تبعث الروح وأما الجسد فتأكله الأرض فلا يكون شيئا فشق على ملكهم اختلافهم فانطلق فلبس المسوح وجلس على الرماد ثم دعا الله عز و جل فقال يا رب قد ترى اختلاف هؤلاء فابعث لهم ما يبين لهم فبعث الله أصحاب الكهف فبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاما فدخل السوق فجعل ينكر الوجوه ويعرف الطرق ويرى الإيمان بالمدينة ظاهرا فانطلق وهو مستخف حتى أتى رجلا يشتري منه طعاما فلما نظر الرجل إلى الورق أنكرها قال حسبت أنه قال كأنها أخفاف الربع يعني الإبل الصغار قال له الفتى أليس ملككم فلان قال بل ملكنا فلان فلم يزل ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملك فسأله فأخبره الفتى خبر أصحابه فبعث الملك في الناس فجمعهم فقال إنكم قد اختلفتم في الروح والجسد وإن الله عز و جل قد بعث لكم آية فهذا رجل من قوم فلان يعني ملكهم الذي مضى فقال الفتى انطلقوا بي إلى أصحابي فركب الملك وركب معه الناس حتى انتهى إلى الكهف فقال الفتى دعون أدخل إلى أصحابي فلما أبصرهم ضرب الله على أذنه وعى آذانهم فلما استبطؤوه دخل الملك ودخل الناس معه فإذا أجساد لا ينكرون منها شيئا غير أنها لا أرواح فيها فقال الملك هذه آية بعثها الله لكم
قال قتادة وغزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة فمروا بالكهف فإذا فيه عظام فقال رجل هذه عظام أصحاب الكهف فقال ابن عباس لقد ذهبت عظامهم منذ أكثر من ثلاثمائة سنة
قال أبو جعفر فكان منهم
(1/374)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
03-10-2012, 08:46 PM
يونس بن متى
فكان فيما ذكر من أهل قرية من قرى الموصل يقال لها نينوى وكان قومه يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم يونس بالنهي عن عبادتها والأمر بالتوبة إلى الله من كفرهم والأمر بالتوحيد فكان من أمره وأمر الذين بعث إليهم ما قصه الله في كتابه فقال عز و جل فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ( 1 ) وقال وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ( 2 )
وقد اختلف السلف من علماء أمة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم في ذهابه لربه مغاضبا وظنه أن لن يقدر عليه وفي حين ذلك
فقال بعضهم كان ذلك منه قبل دعائه القوم الذين أرسل إليهم وقبل إبلاغه إياهم رسالة ربه وذلك أن القوم الذين أرسل إليهم لما حضرهم عذاب الله أمر بالمصير إليهم ليعلمهم ما قد أظلهم من ذلك لينيبوا مما هم عليه مقيمون مما يسخطه الله فاستنظر ربه المصير إليهم فلم ينظره فغضب لاستعجال الله إياه للنفوذ لأمره وترك إنظاره
ذكر من قال ذلك
حدثني الحارث قال حدثنا الحسن الأشيب قال سمعت أبا هلال محمد بن سليم قال حدثنا شهر بن حوشب قال أتاه جبريل عليه السلام يعني يونس وقال انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم أن العذاب قد حضرهم قال ألتمس دابة قال الأمر أعجل من ذلك قال ألتمس حذاء قال الأمر أعجل من ذلك قال فغضب فانطلق إلى السفينة فركب فلما ركب احتبست السفينة لا تقدم ولا تأخر قال فساهمو قال فسهم فجاء الحوت يبصبص بذنبه فنودي الحوت أيا حوت إنا لم نجعل يونس لك رزقا إنما جعلناك له حرزا ومسجدا فالتقمه الحوت فانطلق به من ذلك المكان حتى مر به على الأيلة ثم انطلق حتى مر به على دجلة ثم انطلق به حتى ألقاه في نينوى
حدثني الحارث قال حدثنا الحسن قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا شهر بن حوشب عن ابن
(1/375)
________________________________________
عباس قال إنما كانت رسالة يونس بعدما نبذه الحوت
وقال آخرون كان ذلك منه بعد دعائه من أرسل إليهم إلى ما أمره الله بدعائهم إليه وتبليغه إياهم رسالة ربه ولكنه وعدهم نزول ما كان حذرهم من بأس الله وقت وقته لهم ففارقهم إذ لم يتوبوا ولم يراجعوا طاعة الله والإيمان فلما أظل القوم عذاب الله فغشيهم كما وصف الله في تنزيله تابوا إلى الله فرفع الله عنهم العذاب وبلغ يونس سلامتهم وارتفاع العذاب الذي كان وعدهموه فغضب من ذلك وقال وعدتهم وعدا فكذب وعدي فذهب مغاضبا ربه وكره الرجوع إليهم وقد جربوا عليه الكذب
ذكر بعض من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن زياد عن عبدالله بن أبي سلمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بعثه الله تعالى يعني يونس إلى أهل قريته فردوا عليه ما جاءهم به وامتنعوا منه فلما فعلوا ذلك أوحى ألله إليه إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا فاخرج من بين أظهرهم فأعلم قومه الذي وعدهم الله من عذابه إياهم فقالوا ارمقوه فإن هو خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم فلما كانت الليلة التي وعدوا العذاب في صبيحتها أدلج وراءه القوم فحذروا فخرجوا من القرية إلى بزاز من أرضهم وفرقوا بين كل دابة وولدها ثم عجوا إلى الله واستقالوه فأقالهم وتنظر يونس الخبر عن القرية وأهلها حتى مر به مار فقال ما فعل أهل القرية فقال فعلوا أن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم من العذاب فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض وفرقوا بين كل ذات ولد وولدها ثم عجوا إلى الله وتابوا إليه فقبل منهم وأخر عنهم العذاب قا فقال يونس عند ذلك وغضب والله لا أرجع إليهم كذابا أبدا وعدتهم العذاب في يوم ثم رد عنهم ومضى على وجهه مغاضبا لربه فاستزله الشيطان
حدثني المثنى بن إبراهيم قال حدثنا إسحاق بن الحجاج قال
حدثنا عبدالله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال حدثنا رجل قد قرأ القرآن في صدره في إمارة عمر بن الخطاب فحدث عن قوم يونس حيث أنذر قومه فكذبوه فأخبرهم أنه مصيبهم العذاب وفارقهم فلما رأوا ذلك وغشيهم العذاب لكنهم خرجوا من مساكنهم وصعدوا في مكان رفيع وأنهم جأروا إلى ربهم ودعوه مخلصين له الدين أن يكشف عنهم العذاب وأن يرجع إليهم رسولهم قال ففي ذلك أنزل الله تعالى فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ( 1 ) فلم يكن قرية غشيها العذاب ثم أمسك عنها إلا قوم يونس خاصة فلما رأى ذلك يونس لكنه ذهب عاتبا على ربه وانطلق مغاضبا وظن أن لن يقدر عليه حتى ركب سفينة فأصاب أهلها عاصف من الريح فقالوا هذه بخطيئة أحدكم وقال يونس وقد عرف أنه هو صاحب الذنب هذه بخطيئتي فألقوني في البحر وإنهم أبوا عليه حتى أفاضوا بسهامهم فساهم فكان من المدحضين ( 2 ) فقال لهم قد أخبرتكم أن هذا الأمر بذنبي وإنهم أبوا عليه أن يلقوه في
(1/376)
________________________________________
البحر حتى أفاضوا بسهامهم الثانية فكان من المدحضين فقال لهم قد أخبرتكم أن هذا الأمر بذنبي وإنهم أبوا عليه أن يلقوه في البحر حتى أفاضوا بسهامهم الثالثة فكان من المدحضين فلما رأى ذلك ألقى نفسه في البحر وذلك تحت الليل فابتلعه الحوت فنادى في الظلمات ( 1 ) وعرف الخطيئة أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ( 1 ) وكان قد سبق له من العمل الصالح فأنزل الله فيه فقال فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون وذلك أن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر فنبذناه في العراء وهو سقيم ( 2 ) وألقي على ساحل البحر وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي فيما ذكر شجرة القرع يتقطر عليه من اللبن حتى رجعت إليه قوته ثم رجع ذات يوم إلى الشجرة فوجدها قد يبست فحزن وبكى عليها فعوتب فقيل له أحزنت على شجرة وبكيت عليها ولم تحزن على مائة ألف أو زيادة أردت هلاكهم جميعا
ثم إن الله اجتباه من الضلالة فجعله من الصالحين ثم أمر أن يأتي قومه ويخبرهم أن الله قد تاب عليهم فعمد إليهم حتى لقي راعيا فسأله عن قوم يونس وعن حالهم وكيف هم فأخبره أنهم بخير وأنهم على رجاء أن يرجع إليهم رسولهم فقال له فأخبرهم أني قد لقيت يونس فقال لا أستطيع إلا بشاهد فسمى له عنزا من غنمه فقال هذه تشهد لك أنك قد لقيت يونس قال وماذا قال وهذه البقعة التي أنت فيها تشهد لك أنك قد لقيت يونس قال وماذا قال وهذه الشجرة تشهد لك أنك قد لقيت يونس وإنه رجع الراعي إلى قومه فأخبرهم أنه لقي ويونس فكذبوه وهموا به شرا فقال لا تعجلوا علي حتى أصبح فلما أصبح إذا بهم إلى البقعة التي لقي فيها يونس فاستنطقها فأخبرته أنه لقي يونس وسأل العنز فأخبرتهم أنه لقي يونس واستنطقوا الشجرة فأخبرتهم إنه قد لقي يونس ثم إنه أتاهم بعد ذلك قال وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( 3 )
حدثني الحسن بن عمرو بن محمد العنقزي قال حدثنا أبي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو ببن ميمون الأودي قال حدثنا ابن مسعود في بيت المال قال إن يونس كان وعد قومه العذاب وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ففرقوا بين كل والدة وولدها ثم خرجوا فجأروا إلى الله واستغفروه فكف الله عنهم العذاب وغدا يونس ينتظر العذاب فلم ير شيئا وكان من كذب ولم يكن له بينة قتل فانطلق مغاضبا فنادى في الظلمات قال ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عمن حدثه عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر عظما فأخذه ثم هوى به إلى مسكنه من البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه ما هذا فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر قال فسبح وهو في بطن الحوت قال فسمعت الملائكة
(1/377)
________________________________________
تسبيحه فقالوا يا ربنا إنا لنسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا العبد ا لصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح قال نعم قال فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل كما قال الله وهو سقيم وكان سقمه الذي وصفه الله به أنه ألقاه الحوت على الساحل كالصبي المنفوس قد بشر اللحم والعظم
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن زياد عن عبدالله بن أبي سلمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال خرج به يعني الحوت حتى لفطه في ساحل البحر فطرحه مثل الصبي المنفوس لم ينقص من خلقه شيء
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال حدثني أبو صخر قال أخبرني ابن قسيط أنه سمع أبا هريرة يقول طرح بالعراء فأنبت الله عليه يقطينة فقلنا يا أبا هريرة وما اليقطينة قال شجرة الدباء هيأ الله له أروية وحشية تأكل من حشاش الأرض أو هشاش الأرض فتفشح عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت
ومما كان أيضا في أيام ملوك الطوائف
(1/378)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 02:50 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى