حقيقة الخلاف ج3
24-01-2007, 12:17 PM
الإجماع
ـــــ
لعلماء الشيعة موقفان متغايران بالنسبة للإجماع. فهم يحتجون بالإجماع إذا كان يؤلد ما ذهبوا إليه من أقوال. فالطبطبائى مثلا يستعمل كثيرا قول: "كلأ من الشيعة والسنة.. " و ".. واتفق الجميع على إقراره".25

أما من ناحية أخرى فإن علماء الشيعة يرفضون الإجماع فمثلا:

(1) يقولون بأن الصحابة- وهم عشرات الألوف- قد تآمروا على مخالفة الرسول صلى

الله عليه وسلم عقب وفاته ولم يثبت على سنته إلا أقل من عشرة، لهذا يرجحون هذه الأقلية - المكذوب عليها- على الأغلبية الساحقة.

(2) يعتقدون بأن ملايين المسلمين عبر الأزمنة والأمكنة على مر التاريخ لا يتوافر فيهم صفة الإسلام والإيمان لأنهم يرفضون أحد أركان الإسلام والإيمان في اعتقاد الشيعة- وهو الإيمان بركن الإمامة- أي بركن الإيمان بوجود اثني عشر إماما معصومين نص عليهم الرسول لتكون لهم القيادة السياسية والدينية يتوارثونها واحدا بعد الآخر.

(3) يشككون في صحة القرآن وكماله وقد وثقه علماء المسلمين قاطبة.

أما جمهور علماء المسلمين فإنهم يعتبرون الإجماع المصدر الثالث للشريعة الإسلامية بعد القرآن والسنة كما يؤكد ذلك ابن تيمية.26 فأوثق النصوص ما وصل إسناده درجة التواتر حيث يروى مجموعة من الصحابة خبرا يتناقله عنهم مجموعة أخرى من التابعين.27 وأرفع درجات الاستنباط والفتاوى ما أجمع عليه العلماء.28، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)290 و يستنكر الله على أولئك الذين فرقوا دينهم شيعا فيقول مخاطبا نبيه(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كـانوا يفعلون).30 وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم… عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة".31 ولا شك أن المقصود بجماعة المسلمين علماؤهم وليس عامة المسلمين الذين يعتمدون على التقليد فقط دون الرجوع إلى المصادر الأساسية للإسلام.

وفى حديث آخر قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تجتمع أمتي على خطأ"، وقال: "لم يكن الله ليجمع أمتي على الضلالة"، وقال: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ". وذلك لأن اتفاق جميع المجتهدين على حكم واحد مع اختلاف خلفياتهم و بيئاتهم لا يحصل إلا أن يجمعهم الحق.32 وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية، والباقي في النار، وعندما سئل عن الفرقة الناجية أجاب في رواية بأنها من كان على مثل ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفى رواية أخرى أن الفرقة الناجية هم الجماعة.33

أيها الأخ وأيتها الأخت: ألا تعتقدون أن فعالية أي معيار يعتمد على ثبات استعماله واستخلاص النتائج به فلا يقبل مرة و يرفض مرة أخرى، ولهذا فهل يمكن الاعتماد على فقيه يستخدم الدليل ذاته ليحل لنفسه ما يحرمه على الآخرين؟ أو يرفض الاعتراف بالدليل نفسه إذا كان في غير صالحه؟ و يعتمد عليه إذا كان في صالحه؟

أيها الأخ وأيتها الأخت: لنفرض أن مسلما يسأل عن الطريق إلى الجنة فأجابت عليه مجموعة لا تقل عن العشرة من الناس بأنهم يعرفون الطريق حق المعرفة، غير أن واحدا منهم أعطاه وصفا يتعارض مع بقية الأوصاف، فبماذا تنصح هذا المسلم؟ هل يتبع وصف المجموعة التي لا تقل عن العشرة أشخاص أم ذلك المنفرد برأيه وذلك مع افتراض أنه لا يعلم شيئا عن أي من هؤلاء وأن كلا الوصفين قد ظهر معقولا؟

ثم ماذا لو اتضح أن الشخص المنفرد برأيه له مصلحة شخصية في الوصف الذي تفرد به وليس للبقية مصلحة ذاتية؟

وماذا لو علمت أن الشخص المنفرد برأيه سوف يحقد على السائل إذا لم يتبع إرشاداته بينما البقية ترى أن من يخالفها لا يستحق الحقد أو الكراهية؟

أيها الأخ وأيتها الأخت: فكروا في الموضوع وتذكروا أن الموضوعات التي يختلف فيها جمهور علماء المسلمين مع غيرهم تدخل في صنفين:

(1) أن رأى جمهور علماء المسلمين هو الصواب الذي يحتمل الخطأ، وأن رأى سواهم هو الخطأ الذي يحتمل الصواب.

(2) أن رأى جمهور علماء المسلمين هو الصواب الذي لا يتطرق إليه الخطأ، وأن رأى سواهم هو الخطأ الذي لا يحتمل وجها من الصحة مطلقا.

و يقع أغلب الأمور التي اختلف فيها علماء الشيعة مع جمهور علماء المسلمين ضمن الصنف الثاني وتذكروا- أخي المسلم وأختي المسلمة- أن هناك فرقأ بين (جمهور المسلمين) من جهة، (وجمهور علماء المسلمين) من جهة أخرى، فبينما لا يعتبر الأول دليلا ملزما، فإن الآخر يستوجب الإلزام، وهذا هو المقصود بالإجماع.

أركان الإسلام و أركان الإيمان
ــــــــــــــــــــ
يقول علماء الجعفرية الاثني عشرية بأن الإيمان بنظام وراثي لقيادة الأمة الإسلامية ركن من أركان الإيمان له مكانة الإيمان بالله كما يؤكد ذلك دستور الجمهورية الإسلامية لإيران في مادته الثانية. فالإمامة إذا- لدى علماء الجعفرية- ركن من أركان الإيمان التي لا يأتي من بينها الإيمان بالملائكة والقدر خيره وشره وهى أيضا ركن من أركان الإسلام مثل الشهادتين والصلاة والصوم والحج.

أما جمهور علماء المسلمين فيؤكدون انتفاء المفهوم الشيعي للإمامة في القرآن أو السنة والذي ينص على ضرورة النظام الوراثي الشامل في الإسلام في الحكم والخلافة وفهم الدين. بل و يؤكدون أن في القرآن والسنة ما يتعارض مع هذا النظام الوراثي الذي يشمل القيادة السياسية والدينية والروحية. فالقرآن الكريم يمدح المؤمنين فيقول عنهم (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون)34، كما يأمر الله تعالى نبيه الكريم فيقول:، (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين).35

ويجمع علماء المسلمين على أن الإسلام بنى على خمسة أركان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا. 36، كما يجمع علماء المسلمين على أن أركان الإيمان الأساسية هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.37

ولو قرأ المسلم القرآن من أوله إلى آخره لم يجد آية واحدة تؤيد ما يقوله علماء الشيعة من ضرورة هذا النظام الوراثي الشامل والذي يرثه الطفل في التاسعة أو الثامنة... ولو قرأ المسلم الصحيح من السنة لانتهى إلى النتيجة نفسها.

أيها المسلم وأيتها المسلمة: هل الأولى أن نصدق جمهور علماء المسلمين بأدلتهم الواضحة من القرآن الكريم والسنة المعتمدة أم نتبع علماء الشيعة بأقوالهم التي تتعارض مع القرآن الكريم والسنة؟ قبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نتأكد من أن هدفنا الوحيد هو إرضاء الله تعالى وحده والبحث عن الحقيقة للنجاة في هذه الدنيا الفانية والفلاح في الحياة الآخرة الأبدية.

أيها الأخ وأيتها الأخت يجب أن لا ننسى أن الله سبحانه وتعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. يا أيها الذين آمنوا، آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل، ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا).38