حقيقة الخلاف ج6
25-01-2007, 10:27 AM
نكاح المتعة
ـــــــــ
يقول علماء الشيعة بإباحة نكاح المتعة لأنها كانت مباحة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. ولم يحرمها سوى عمر بن الخطاب أثناء خلافته.77 والغرض من نكاح المتعة هو إشباع الرغبة الجنسية فقط، وليس في نكاح المتعة طلاق ولا ميراث بين الطرفين ولا يوجب فرض ليلة للمرأة أو نفقة. 78

أما جمهور علماء المسلمين فيقولون التالي:

(1) لقد وضع القرآن الكريم قواعد العلاقة المشروعة بين الرجل والمرأة وحصرها في نوعين:

أولا: الزواج الذي يترتب عليه طلاق وميراث و يوجب فرض ليلة ونفقة للزوجة.

ثانيا: العلاقة بين الرجل وما ملكت يمينه من الجواري. فالله سبحانه وتعالى يقول: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).79

(2) وقد جاء تأكيد ذلك مفصلا في سورة النساء ابتداء من أول السورة وخاصة الآيتين الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين حيث يجعل د فع المهر لازما إذا دخل الرجل بزوجته.

و يؤكد جمهور علماء المسلمين أن معنى قوله تعالى (فما استمتعتم به منهن)، هو استمتاع الزوج بزوجته ضمن عقد الزواج ومن هذا المعنى ورد في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم قوله: "استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن استمتعت بها استمتعت و بها عوج وان ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".80

(3) وقد ثبت في الحديث الصحيح أن نكاح المتعة قد أباحه النبي صلى الله عليه وسلم عند الحاجة الطارئة الشديدة مثل الجهاد في سبيل الله. وكان يحرمه بمجرد انتهاء تلك الحاجة، بل وعندما أبيح في المرة الأخيرة أتبعه بإعلان تحريم نكاح المتعة نهائيا. فقد جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تاخذوا مما آتيتموهن شيئا". 81
فالإباحة كانت- في الواقع- إباحة مؤقتة واستثناء من القاعدة الأساسية، وقام بهذا الاستثناء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يملك الصلاحية لذلك فهولا ينطق عن الهوى، أما غيره فلا يملك تلك الصلاحية، وكان النبي عليه الصلاة والسلام حريصا على سد هذا الباب بإعلانه تحريم الله لمتعة النكاح إلى يوم القيامة. 82
أما عن قول علماء الجعفرية بأن التحريم كان من عمر فما قاله عمر بن الخطاب هو: "إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء. وإن القرآن قد نزل منازله. فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله وابتوا نكاح هذه النساء، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة."83 وعمر وقد علم بحادثة عمرو بن حريث يؤكد التحريم و يعيد إعلانه لمن لم يبلغه التحريم.

أيها الأخ وأيتها الأخت: هل هناك حقا فرق بين المرأة تؤجر جسدها أو الرجل يستأجر جسد امرأة لبضع دقائق أو أيام أو أشهر.. مادام ذلك لمدة معلومة مسبقا؟ ألا يعتقد المسلم والمسلمة أن نكاح المتعة فيه إهانة كبيرة لأخواتنا المسلمات، وفرصة لكل من ينشد المتعة الجسدية دون تحمل أعباء الزواج؟ أليس فيه هدم لنظام الأسرة في الإسلام؟

أيها الأخ وأيتها الأخت: يجب أن نتذكر أن الأشراف من علماء الشيعة لا يسمحون لقريباتهم بممارسة نكاح المتعة لأن فيه مهانة لهم مع أنهم يسمحون به لغيرهم. وشيء آخر أن نكاح المتعة الذي أباحه الرسول صلى الله عليه وسلم في مناسبات محدودة لم يكن يشترط أن تكون المرأة فيه مسلمة أو كتابية مما يميزه بوضوح عن الزواج الشرعي.

بعد كل هذا كيف يمكن للمسلم أن يشرع إباحة نكاح المتعة أو ممارسته بنفسه؟ خاصة وأنه لا فرق بين الزنا ونكاح المتعة من حيث الهدف، فكلاهما لا ينشد سوى إشباع الرغبة الجنسية؟!

غدير خم
ــــــ
يقول الطبطبائى- أحد كبار علماء الجعفرية في القرن العشرين- إن الحجة الجوهرية في أحقية على بن أبى طالب للخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هي حادثة غدير خم. وعندما نرجع إلى كتيب لأحد علماء الشيعة أفرده لهذه الحادثة نجد ما يلي:84
1- أن الذين شهدوا خطبة غدير خم كثر من مائة ألف صحابي.

2- ألقى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخطبة عند غدير خم وهو عائد من حجة الوداع إلى المدينة في الثامن عشر من شهر ذي الحجة وأن سبب خطبته هذه هو نزول الآية التالية عليه في هذا المكان: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس، إن الله لا يهدى القوم الكافرين)85

3- لهذا أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم التالي:

ا- أنه سيترك للمسلمين ثقلين: أحدهم كتاب الله. طرفه بيد الله وطرفه الآخر بأيدي المسلمين وأن الآخر هو عترة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ربه أخبره بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
ب- بعد أن رفع يد علي قال: "من كنت مولاه فعلى مولاه."
ج- وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا قال: "اللهم وال من والاه وعاد من عاد" 51
د- وقال: "اللهم أدر معه الحق حيث دار".

هذا ما يقوله علماء الجعفرية من الشيعة عن حادثة غدير خم. لنتدبر ما يقوله جمهور علماء المسلمين.86

(1) حسب دعوى علماء الشيعة لم يثبت على الإسلام الصحيح بعد وفاة النبي سوى بضعة من الصحابة لا يكاد يتجاوز عددهم البضعة عشر صحابيا.87 وقد حضر خطبة الغدير اكثر من مائة ألف صحابي يعني أن كل هؤلاء المائة ألف قد نقضوا عهدهم وتآمروا على حرمان علي بن أبى طالب من الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. ما هي نسبة احتمال حصول ذلك؟ ولأي مصلحة؟ لو استعرضنا حتى كتابات علماء الشيعة لما وجدنا أي مصلحة في ذلك!

(2) خطبة غدير خم كانت في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من العام نفسه الذي حج فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وفى الشهر نفسه الذي نزلت فيه آية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) في اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة فكيف يمكن لهذه الآية الأخيرة الختامية أن تنزل قبل آية يأمر الله فيها نبيه بتبليغ الرسالة؟ 89 خاصة وقد شهد ألوف الحجاج يوم عرفة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة.

و يؤكد جمهور علماء المسلمين بأن آية("يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك..)، قد نزلت قبل حجة الوداع بل وقبل فتح مكة وغزوة خيبر.

(3) و يؤكد ابن تيمية- رحمه الله- بأن الخطبة بالصيغة التي ذكرتها مصادر الشيعة كذب وبهتان جملة.

أما تفصيلا:

أ- فأصل حديث الثقلين كما رواه زيد بن أرقم: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر. ثم قال: "أما بعد. ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" 90

وكما سبقت الإشارة إليه فإن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لا ينحصر في علي وآل علي إذ يشملون عقيلا وآل عقيل وجعفرا وآل جعفر والعباس وآل العباس وزوجات النبي، أمهات المؤمنين، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم تمسكوا بأهل بيتي أو أنهم الهدى والنور، ولو كان الحديث يحتمل أي معنى يتضمن تخو يل سلطة خاصة لأهل بيته لكانت في جميع أهل بيته ولوجبت بها شرعية خلافة العباسيين الوراثية على أعناق الشيعة ووجب احترام الشيعة لحكم العباسيين بدلا مما في مصادر الشيعة من تسويد لصفحاتهم ظلما وافتراءً.

و يؤكد ابن تيمية أن ما روى من قول النبي "من كنت مولاه فعلى مولاه " قد طعن في صحته الكثير من علماء الحديث ولم يرد في الصحيحين. وحتى لو ثبتت صحة هذا الحديث في مناسبة غير هذه فإنها لا تعنى أكثر من قول الله تعالى مخاطبا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: (... فإن الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير)91 فهذا لا يعنى أن صالح المؤمنين أوصياء على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أصحابه وناصروه، ثم إن الرسول لم يقل من كنت وليه فعلي وليه ولم يقل من كنت وليه أو مولاه فعلي وليه أو مولاه عقب وفاتي فيحتمل أن تعنى أن الخلافة من بعده لعلي بن أبى طالب. والواقع أن جدل علماء الشيعة في هذه المسألة يظهر عقيما عندما نقرأ ما ورد في الصحيحين عن اقتراح النبي صلى الله عليه وسلم خلافة أبى بكر وعمر وعثمان بتلميحات صريحة أحيانا ولطيفة أحيانا أخرى.

ب- و بالنسبة إلى قول علماء الشيعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فيؤكد علماء الحديث كذب هذا الحديث وهو مع ذلك دعاء لا يميز عليا، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لخلق كثير أنواعا من الدعاء لا حصر لها.

ج- أما قول علماء الشيعة إن الرسول قال: اللهم أدر الحق مع على حيث دار، فإن ابن تيمية يؤكد كذب هذا الإدعاء. ونتساءل مع ابن تيمية أي حق هذا الذي يدور مع مخلوق حيث دار و يتلون حسب قراراته وآرائه وخلجات صدره؟ ولو أن الكذبة ادعت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من الله أن يجعل عليا مع الحق، لبدا ذلك معقولا.

ومع كل هذا نجد الطبطبائي يجادل عن ضرورة النظام الوراثي للخلافة فيقول: "إن أعداء الإسلام الذين عملوا كل ما في وسعهم لتحطيم الإسلام ظنوا أنه بموت النبي صلى الله عليه وسلم- حامي الإسلام- سوف يبقى الإسلام بدون قائد ولهذا فهو حتما سوف ينتهي. ولكن في غدير خم خابت آمالهم حيث قدم الرسول عليه الصلاة والسلام عليا كخليفة وقائد. من بعد علي فإن هذه المسئولية الثقيلة، مسئولية القيادة وقعت على أعناق آله.92

وهنا يناقض الطبطبائي نفسه، فقد أشار في الصفحات الأولى من الكتاب ذاته أن الأئمة عاشوا حياة مظلومين لا يملكون دفع السوء عن أنفسهم بينما هو في هذه الصفحات يقول إن الله قد عينهم كحماة للإسلام وقادة للأمة الإسلامية جمعاء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأن أعداء الإسلام قد خابت آمالهم بتعيين علي بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه خليفة لرسول الله. إذا عجز الأئمة عن الدفاع عن أنفسهم- حسب قول الطبطبائي - فكيف بالله سيدافعون عن الأمة الإسلامية؟ وكيف سيحمون الإسلام؟ لا سيما والعقيدة الشيعية تقول إن الأئمة هم ولاة الأمر في مجال السياسة والدين؟ أم أن هذه تهمة غير مباشرة لله سبحانه وتعالى بسوء الاختيار؟ أستغفر الله العظيم.

وفى الواقع أن علماء الشيعة في سبيل الدفاع عن غلوهم وتحيزهم لم يروا بأسا في تهمة النبي- جهلا- بالخيانة وأنه بدلا من تبليغ الرسالة للناس كافة خص ابن عمه بشيء منها إذ تقول جريدة الجهاد الرسمية: "كان يعد الإمام- عليا- إعدادا إرساليا خاصا كثيرة جدا. فقد كان النبي (ص) يخصه بكثير من مفاهيم الدعوة وحقائقها… ويختلي به الساعات الطوال في الليل والنهار.. " 93

وحتى أئمة الشيعة الجعفريين لم يسلموا من التهم المشينة.. مثل تهمتهم بأنهم قالوا بأن التقية تسعة أعشار الدين وأن من لا تقية له لا دين له.

وأسوأ من ذلك يقول أحد علماء الشيعة إن عليا رضي الله عنه قال: "إن الخلفاء من قبلي قد خالفوا عمدا تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم. وخانوا عهدهم معه و بدلوا سنته. ولو ألزمت الناس الآن بالتخلي عما تعودوه والرجوع إلى ما كانت عليه الحال في عهد النبي (ص) فسيتفرق جيشي من حولي و يتركونى وحيدا.. و باختصار لو أمرت الناس باتباع شريعة الله وسنة نبيه فإنهم سوف يتخلون عنى ويتركونى".94

أنظر كيف وصف علماء الشيعة علي بن أبى طالب الصحابي الجليل، البطل المغوار، الذي لا يخاف في الله لومة لائم وكأنه جبان، يعبد السلطة الدنيوية وعلى استعداد للتضحية في سبيلها بشريعة الله وسنة نبيه، وصحيح أن الغلو الأعمى والتحيز ينتجان اكثر من ذلك. فبدلا من الثناء على الأئمة نجد علماء الشيعة ينساقون إلى وصمهم بأشنع الأوصاف من حيث لا يعلمون، فينقلب حبهم إلى النقيض. ولعل ابن تيمية قد أصاب حيث يقول إن اكبر مصيبة حلت بأهل البيت أن كان أمثال هؤلاء من أتباعهم. إذ جعلوا لبعضهم مكانة أشبه ما تكون بمنزلة المسيح لدى المسيحيين اليوم.