متــــى يشفـــى هـــؤلاء؟؟
27-01-2007, 08:15 AM
عندما نلتفت لمشاكلنا ,وقضايانا الشائكة ,العالقة منها والمعقدة خاصة ,تنتابنا العديد من الصعوبات والعوائق التي تجعل منهج تناول هذه الظواهر يتفرع بين عدة خيارات ومدارس علمية أكادمية,فتنوع المناهج العلمية في دراسة الأزمات والمعضلات ينبع غالبا من تعدد المناهل الفكرية أوالمذهبية والثقافية للباحث ومما يجعله متفاعلا بطريقة أو بأخرى مع جميع تلك المؤثرات التي تتجلى بصماتها بوضوح أو العكس من خلال صياغة دراساته وكذا النتائج والخلاصات التي توصل إليها.

فأزمتنا الثقافية اليوم صارت جلية واضحة ,وآثارها الكارثية متفاقمة بين النخب العلمية والثقافية,وذلك لعدة أسباب ومؤشرات جديرة بالإشارة والذكر والتي من أهمها :

01-طغيان لغة المحاباة أو التطرف والعصبيات الضيقة في تناول المواضيع التي تتطلب الحد الأقصى من الجدية والموضوعية .

فكثيرا ما نقرأ مقالات لا تكاد ترقى حتى لمستوى المطالعة العابرة ,لما تتسم به من ركاكة المستوى وضعف المنهجية وقلة المصداقية العلمية في الأحكام ,وللأسف كثيرا ما تحبذ مثل هذه الخزعبلات في صفحات الجرائد والمنتديات ,ربما لأنها تفي بالغرض المناط لها أو ربما لأنها وجدت الوسط الملائم لها

إن الصراحة والجرأة الحكيمة في طرح القضايا المصيرة للمجتمع ,ليست أبدا مساسا بكرامة ولا شخصية الآخرين ..لأن الحقيقة ليست بردا وسلاما على من يتنكر لها وينافق من أجل حجبها عن الناس.
فعندما نحسن تعاملنا مع أزماتنا وعللنا ,بصراحة وشجاعة وإنصاف ,سنتمكن عندها من أن نحقق طياننا الوجودي بين الكيانات الآخرى ,عوض الوجود في العدم من أجل الوجود..

إني لأعجب للذين يتقززون من واقعية الطروحات والبحوث أو الآراء ,التي تتطرق للب المشاكل وجواهر المواضيع ,فتراهم يخلطون بن ما لا يلائم رغباتهم وتوجهاتهم ,وما بين أخلاق الكتابة وأدب الحوار و الجدال العقلاني المؤسس,وكأن الأقلام أياد ناعمة تمسح على رؤوسهم أو أشرغة تتوجه حسب رياح ميولاتهم ورغباتهم ..

إني لأحتقر مرات عديدة هذه الفئة التي تتخفى وراء الكلمات المغشوشة والمحابر المسمومة,التي لا هم لها غير استرضاء الأهواء والأشخاص على حساب الواقع والحقيقة التي تمس الفرد والمجتمع والأمة معا ؟؟

02-غياب روح النقد الذاتي والجماعي الهادف البنّاء:

كثيرة هي مهازل الحساسيات المريضة التي لا تروق إلا لما يحلو لها من عذب وحلو الكلام ,لعدم تشبعها بثقافة النقد وروح الشجاعة الأدبية والعلمية وعدم قدرتها لتحمل مسؤولية الاهتمام بالقضايا الكبرى.
لقد صارت مآسي الناس واهتماماتهم ,مطية وجسرا من ورق لمتطفلي الفكر والثقافة ,لأنهم لا يجدون ما يشتغلون به في كتاباتهم غير إثارة النعرات والفتن بين المثقفين والمبدعين بسقام مواضيعهم الزائفة العقيمة ..
فهذه النماذج المؤسفة لا تتورع عن التشكيك والطعن في كل شيء بسم النقد والحوار ,ولا تستطيع تقبل أي نقد بنّاء وصريح يكشف ويفضح مهاتراتهم العجفاء وتلاعباتهم الجلية ؟؟؟

فلما يتخفى هؤلاء وراء لباس الأدب واحترام الغير ,عندما يتعلق الأمر بالنقد الذاتي أوالجماعي السليم ؟
هل حقيقة سنخدش مشاعر الناس عندما نكشف ونوضح حقائق الأمور ومسببات المعضلات ؟؟ أم أن الكتابة صارت عند هؤلاء فنا راقيا من فنون الكذب والرياء والنفاق ؟؟

إن غياب النظرة الصائبة للنقد يجعل بعض مثقفينا ومبدعينا يتطاولون بحبائل الغرور, التي تغشيهم عن ضرورة تقبل أفكار الغير وانتقاداته المحدودة بضوابط العلم والعقل والأدب,حتى لا تفقد النهضة الإبداعية والثقافية رونقها وبريقها الذي يحمل في شعاعه أحلى وأجمل الأحلام


فمتى يا ترى يشفى هؤلاء من هذه العلل المزمنة ؟