مستويات اللغة العربية
09-07-2018, 04:43 PM
مستويات اللغة العربية
فاتن الرقب


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
المستوى الصوتي:
هو:"المستوى الذي يُعنى بدراسة الأصوات اللغوية؛ من حيث مخارجها وصفاتُها، وكيفية النطق بها"[1]، فهو مستوى يهتم بالكلمات؛ من حيث البناء الصوتي لها.

"اهتم علماء العربية بالأصوات في مرحلة متقدمة، وكان الخليل بن أحمد هو رائد الأبحاث الصوتية، فقد رتَّب الحروف، وبيَّن مواطن إخراجها، وتحدَّث عن صفاتها وخصائصها"[2].

إن للعربية أربعة وثلاثين صوتًا مقسمة إلى:
الأصوات الصامتة وهي ثمانية وعشرون حرفًا: (ء، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، ه، و، ي).

أصوات صائتة:
تمثِّل الحركات، عددها ستة أصوات، وهي: الفتحة القصيرة، الفتحة الطويلة، الضمة القصيرة، الضمة الطويلة، الكسرة القصيرة، الكسرة الطويلة.
وقد رتَّب علماء العربية أصوات اللغة أيضًا إلى ثلاث أقسام:
"الترتيب الصوتي:
الترتيب الأبجدي: أ ب ج د ه وز ح ط ي ك ل م ن ص ع ف ض ق ر س ت ث خ ذ ظ غ ش.

الترتيب الهجائي[3]: تعدَّدت مخارج الحروف في النظام الصوتي في العربية إلى سبعة عشر مخرجًا متنوعة بين الأصوات الحلقية والشفوية واللسانية والأنفية.

"عمومًا فإن أصوات اللغة العربية تشتمل على ثمانية وعشرين صوتًا، إضافة إلى ثلاث حركات تتوزع توزيعًا عادلًا على قطاعات جهاز النطق المختلفة"[4]، فاللغة العربية تتنوَّع أصواتها ويعتبر مدرج أصوات اللغة العربية من أطول المدارج الصوتية بين اللغات، وحروفها سهلة النطق، عدا بعض الأصوات الحلقية التي قد تَصعُبُ على غير ناطقها.

"إن أهم ما يُميز أصوات اللغة العربية هو: ثباتها واستقرارها على حالها، فهي لم تتغير ولم تتبدل مع مرور السنين والعصور، وإن العربية لم تفقد أيًّا من أصواتها.... والتنوع النسبي في النطق ببعض تلك الأصوات"[5].

المستوى الصرفي:
الصرف لغة:"صرف: رد الشيء عن وجهه، صرَفه صرفًا، وصارف نفسه عن الشيء صرفها عنه"[6].
ويعرف علم الصرف: "بأنه العلم الذي تعرف به كيفية صياغة الأبنية العربية وأحوال هذه الكلمة التي ليست إعرابًا ولا بناءً".

"ويتوفر علم الصرف على تبيان تأليف الكلمة المفردة بتبيان وزنها وعدد حروفها، وحركاتها وترتيبها، وما يعترض لذلك من تغيير أو حذفٍ، وما في حروف الكلمة من أصالة وزيادة"[7].

ولعل الركيزة الأساسية لعلم الصرف هو ما يسمى بالجذر، فلكل كلمة جذرها الذي يعتبر أساس الكلمة الأصيل، والجذر هو: " الأحرف المشتركة بين عدد من الكلمات يعتقد أنها تتصل بعضها ببعض اتصالًا اشتقاقيًّا"[8]، فلكل كلمة في اللغة العربية جذر اشْتُقَّت منه تلك الكلمة، فمثال قولنا: تلاوة وجذرها تلو، وقراءة وجذرها قرأ.

الميزان الصرفي:
إن لكل كلمة في لغتنا العربية وزنها الصرفي، وهو المقياس الذي يعتمد عليه في تصريف الأفعال، فهو "مقياس وضعه علماء العرب لمعرفة أحوال بنية الكلمة، وهو من أحسن ما عُرِف من مقاييس في ضبط اللغات ويسمى (الوزن)"[9]، فالوزن الصرفي الأساس للكلمة هو الوزن (ف ع ل)، "ولَمَّا كان أغلب الكلمات المجردة - أسماءً وأفعالًا - في اللغة العربية ثلاثيَّة؛ بنى علماء اللغة أصول الميزان على أحرف ثلاث هي: (الفاء، العين، اللام) يعني (فعل)، وهي الحروف التي تكون مطلق الفعل"[10].

وكل زيادة على الكلمة تزداد بشكل مباشر على الوزن الصرفي، وكل نقص فيها ينقص من الوزن كذلك، فمثلًا:
ركب ...فَعَل.
راكب.... فاعل.
مركبة.... مَفعلَة.

الاشتقاق:
تمتاز لغتنا العربية بأنها لغة اشتقاقية، ونعني بالاشتقاق: "أخذ لفظ من آخر أصل منه، يشترك معه في الأحرف والأصول وترتيبها، ومن البديهي أن يؤدي هذا الاشتراك اللفظي إلى اشتراك معنوي بين اللفظين يقرِّر نوعه صيغة اللفظ المشترك"[11].

فلكل زيادة في المبنى تَعقبه زيادة في المعنى، والمشتقات في اللغة العربية هي صيغ ومبانٍ تدل على معان ودلات معينة، وهي سبعة: اسم الفاعل، اسم المفعول، الصفة المشبهة، واسم التفضيل، واسم المكان، اسم الآلة.

مجالات الصرف العربي:
"ويقتصر مجال الصرف على الأسماء المتمكنة والمعربة والأفعال المتصرفة غير الجامدة "[12].

المستوى الدلالي:
"الدلالة لغة: من مادة دلل، التي تدل على الإرشاد إلى الشيء والتعريف به"[13].
وعلمُ الدلالة من مستويات اللغة العربية، ويعني: "دراسة المعنى أو العلم الذي يدرس المعنى"[14]؛ حيث يمكن دراسة الجملة والنص اللغوي عن طريق تحليل معاني الكلمات، والكشف عن العلاقات الدلالية بينها.
ولعل الكلمة في اللغة العربية لها ثلاث مقومات بما يسمى "مثلث المعنى"[15]، وهي: "الكلمة والمعنى والمدلول عليه"[16].

والمعاني في اللغة العربية لها عدة أنواع:
معنى الجملة.
معنى المتكلم.
معنى المخاطب.
المعنى الحرفي والمجازي.

وغرض علم الدلالة: الكشف عن العلاقة بين الألفاظ والمعاني، والكشف عن المدلولات الظاهرة والكامنة في الألفاظ، والكشف عن العلاقات الدلالية بين الألفاظ العربية: كالترادف والاشتراك اللفظي والتضاد.

الحقول الدلالية:
"مجموعة من الوحدات المعجمية التي تشتمل على مفاهيم تندرج تحت مفهوم عام يحدد الحقل؛ أي: هي مجموعة من الكلمات ترتبط دلالتها، وتوضَع تحت لفظٍ عام يجمعها"[17].

أنواع الدلالة في اللغة العربية:
الدلالة الصوتية، أو ما يسمى التوليد الصوتي والتأثير الصوتي؛ كقولنا: (هز) للتحريك الظاهر العنيف، و(أز) للتحريك الخفي، و(قضم) لأكل اليابس الصلب، و(خضم) لأكل الرطب الطري.

الدلالة الصرفية: هي بنية الكلمة وصيغتها؛ مثل: (كذَّاب) تزيد في دلالتها عن (كاذب)، فصيغة فعَّال أقوى دلالة من صيغة فاعل، وهكذا.

الدلالة المعجمية: هي دلالة المعنى الذي يستقل به اللفظ في المعاجم العربية اللغوية أو أثناء التخاطب.... فلكل كلمة من كلمات اللغة دلالةٌ معجمية أو اجتماعية مستقلة.

الدلالة الدلالية:من خلال التوظيف المجازي للكلمات داخل الأساليب.

الدلالية السياقية: أي ما يطرأ على الكلمة من تطور دلالي بحسب القوانين التي ترصد حركة الألفاظ في الزمان المتتابع بين العصور......

الدلالة النحوية: هي العلاقة بين الأساليب النحوية ومعانيها التي يقصد بها استخدام أسلوب نحوي"[18].

وتنبع أهمية علم الدلالة من اتصاله الوثيق بعلوم اللغة الأخرى؛ مثل: علاقته بالمستوى الصوتي، فالصوت أساس الكلمات، وعلاقته بالدلالة علاقة وثيقة، كالتبديل الصوتي بين أحرف الكلمة الذي يؤدي حتمًا إلى تغير الدلالة، وكذلك النبر والتنغيم وما لهما من دور كبير في تغير الدلالة للكلمة.

وعلاقته بعلم الصرف كما أسلفنا سابقًا، فتغيير البنى الصرفية يؤدي إلى تغيير في الدلالة كما أوردنا مثال (كذاب) و(كاذبة)، واختلاف التأثير الدلالي لكلا الكلمتين.
وعلاقته بعلم النحو، فتغير مكان الكلمات في الجملة يؤدي إلى تغير في المعنى"[19].

المستوى النحوي:
النحو في اللغة :"القصد والاتجاه والمقدار"، وقد سُمِّيَ علم النحو بهذا الاسم؛ لأن المتكلم ينحو به منهاج كلام العرب إفرادًا وتركيبًا"[20].

ويهتم هذا المستوى بالعلاقة بين الكلمة والكلمة في الجملة من الناحية النحوية، إن كانت فاعلًا أم مفعولًا، أم تمييزًا أم حالًا..

ومن خصائص هذا العلم: "تمييز الاسم من الفعل من الحرف، وتمييز المعرب من المبني، وتمييز المرفوع من المنصوب، من المخفوض من المجزوم، مع تحديد العوامل المؤثرة في ذلك"[21].

الإعراب:
"هو تشكيل نهاية الكلمات في سياق الحديث على الوجه الصحيح ... وتوصف حركات الإعراب في حالة الرفع وعلامته الضمة والواو، أو الألف أو الثبوت النون، والنصب وعلامته الفتح...

والإعراب قيمة إضافية عن طريقه تستطيع معرفة الفاعل من المفعول به في الجملة، حتى ولو تقدَّم المفعول به على الفاعل[22].

المستوى الكتابي (الإملائي):
تمتاز الكتابة العربية بعدة مزايا وخصائص؛ أهمها:
الأبجدية: من تشكيل للدلالة على الحركات القصار، وأحرف العلة للدلالة على الحركات الطوال، وأحرف خاصة مثل علامات القرآن الكريم.
نقاط الإعجام: عند كتابة القرآن ولتمييز الحروف المتشابهة؛ مثل: (ج ح خ).
علامات الترقيم التي ظهرت لتسهيل القراءة.
التشكيل؛ أي:وضع الحركات لحروف الكلمة لتسهيل قراءتها.
التشبيك:لتسهيل القراءة وتبسيطها.
اتجاه الكتابة:من اليمين إلى اليسار.

"من خصائص الحروف العربية أن لكل حرفٍ اسمًا يُعرَف به مثل الباء واسم منطوق يسمع له في صدر الكلمة؛ مثل: (بقرة)، واسم مكتوب يرمز إليه وهو (ب).

وللكتابة في اللغة العربية خصائصُ؛ منها:
تخصيص كلِّ حرفٍ ليمثل صوتًا واحدًا، فلا يوجد في العربية حرفٌ له أكثرُ من قيمة صوتية واحدة.
لا يوجد في الكتابة العربية صوت يُمثل بأكثر من حرف واحد.
لا توجد في اللغة العربية حروف مركبة لتمثيل الأصوات.
العلاقة بين المكتوب والمنطوق في العربية علاقة أحادية، فلا توجد في العربية أصوات منطوقة غير مكتوبة، ولا توجد حروف مكتوبة غير منطوقة.
هناك بعض الاستثناءات قليلة تَحكم قواعد صارمة ومحفوظة .... منها واو الجماعة وأسماء الإشارة....."[23].
وجملة القول: إن اللغة العربية "هي لغة صوتية تزاوج بين المنطوق والمكتوب بصورة منطقية".

المستوى البياني:
علم البيان:البيان لغة: الكشف والإيضاح.
واصطلاحًا:إيضاح معنى الكلمة بالأساليب المواصلة إلى مراد المعنى، وهو علم يعرف به إيراد المعنى الواحد المدلول عليه بكلام مطابق لمقتضى الحال بطرق مختلفة في إيضاح الدلالة عليه.
"وهو علم يعرف به إيراد المعنى الواحد في صور مختلفة متفاوتة في وضوح الدلالة "[24].

يرتكز هذا العلم على إبراز المعنى الواحد في صور مختلفة وتراكيب متفاوتة في وضوح الدلالة، مع مطابقة كل منها مقتضى الحال وغرضه المعني من الكلمة في غير معنى الكلمة الحقيقية.

به يفهم مراد غرض المعنى من الكلمة الصادرة التي لها معاني من التشبيه والاستعارة والمجاز وغيرها، فهو علم يشرح محاسن اللغة العربية وصنوف التعبير فيها، ويجلي أساليبها المختلفة، وفضل التعبير بكل أسلوب منها، ويفسر الملامح الجمالية التي تبدو في القصيدة أو الخطبة، أو رسالة أو مقال.

مباحثه:
"التشبيه، المجاز، الكناية، الاستعارة، الصور الشعرية" [25].
المستوى النقدي: هو الكشف عن مواطن الجمال أو القبح في الأعمال الأدبية، ويعتبر النقد دراسة للأعمال الأدبية والفنون وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها، والكشف عن القوة والضَّعف والجمال والقبح، وبيان قيمتها ودرجتها.

المصادر والمراجع حسب ورودها:
الوجيز في مستويات اللغة؛ خلف القيسي.
منزلة اللغة بين اللغات المعاصرة؛ عبدالمجيد الطيب عمر.
لسان العرب؛ ابن منظور.
مختصر الصرف؛ عبدالهادي الفضلي.
الاشتقاق؛ فؤاد حنا طرزي.
التطبيق الصرفي؛ عبده الراجحي.
دراسات في علم الصرف؛ عبدالله درويش.
علم الدلالة؛ علي خضير.
علم الدلالة؛ محمد علي الخولي.
دراسة: نظرية الحقول الدلالية؛ عماد شلواي.
دراسة: دور الدلالة المعجمية في بناء الدلالة القملية؛ إيمان عطا.
علوم البلاغة؛ محيي الدين أديب، محمد أحمد قاسم.

هوامش:
[1] القيسي، خلف عودة القيسي، الوجيز في مستويات اللغة، عمان، دار يافا العلمية، 2010، ص15.
[2] المرجع السابق.
[3] المرجع السابق.
[4] الطيب عمر: عبدالمجيد، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة، ط2، ص124.
[5] المرجع السابق.
[6] ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، حرف الصاد، ج8.
[7] الفضلي، عبدالهادي الفضلي، مختصر الصرف، دار القلم، بيروت، ص7.
[8] طرزي، فؤاد حنا طرزي، الاشتقاق، مكتبة لبنان ناشرون، 2005، ط1، ص24
[9] الراجحي، عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، دار النهضة العربية، ص10
[10] درويش، د. عبدالله درويش، دراسات في علم الصرف، مكتبة الطالب الجامعي، ط1, 1987، ص21.
[11] الاشتقاق، ص 28.
[12] مختصر الصرف، ص8.
[13] خضير، علي حميد خضير، علم الدلالة.
[14] المرجع السابق.
[15] الخولي محمد علي الخولي، علم الدلالة، دار الفلاح للنشر، ص13.
[16] المرجع السابق.
[17] دراسة: نظرية الحقول الدلالية، عماد شلواي، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر بسكرة.
[18] دراسة: دور الدلالة المعجمية في بناء الدلالة القملية: إيمان عطا،2014، جامعة الشهيد حمة لخضر – الوادي.
[19] الدراسة السابقة.
[20] منزلة اللغة العربية بين اللغات السامية ص176.
[21] المرجع السابق ص176.
[22] المرجع السابق 177.
[23] منزلة اللغة العربية بين اللغات السامية، ص152-153.
[24] محمد أحمد قاسم، محيي الدين أديب، علوم البلاغة، المؤسسة الحديثة للكتاب 2003 ص139.
[25] المرجع السابق.