هذه حقيقة وخلفيات مقترح إرسال الجيش خارج الحدود
10-05-2020, 05:54 PM





أجمع خبراء في الشأن الأمني، أن مقترح الرخصة الدستورية للجيش الوطني الشعبي ورفع الحظر عن مشاركته في مهمات عسكرية خارج الحدود الوطنية وهذا لأول مرة في تاريخه، فرضتها الظروف الإقليمية الراهنة، وهي خطوة مدروسة للتأقلم مع المستجدات الطارئة والمتغيرات الدولية، فيما يرى آخرون أن مسودة الدستور أضافت تقييدا جديدا لمسألة إرسال الجيش خارج الحدود، إذ يتطلب ذلك موافقة البرلمان.
وفي الموضوع، يرى الخبير الأمني العقيد المتقاعد بن عمر بن جانة، في حديثه لـ”الشروق”، أن التعديلات التي تضمنتها مسودة الدستور في شقها المتعلق بالسماح لوحدات من الجيش المشاركة في عمليات خارج الحدود الإقليمية، جاءت لتواكب المتغيرات التي عرفتها الجزائر، بما يؤدي إلى تغير في موازين القوى في المنطقة من جهة، وتغير أدوات تفعيل الموقف والثقل الجزائري في الدول التي تعيش توترات ونزاعات في منطقة الجوار التي أصبحت تهدد أمن الجزائر واستقرارها.
وأضاف بن جانة أن المادة 95 الخاصة بصلاحيات الرئيس والتي جاء فيها “يقرر رئيس الجمهورية إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضائه”، وذلك إما بإرسال وحدات من الجيش خارج الحدود الجزائرية، سواء للمشاركة في عمليات حفظ السلام الأممية أو عمليات لإحلال السلام في دول الجوار، بعد ستة عقود لم يكن مسموحا خلالها للقوات الجزائرية بالانتقال إلى الخارج، لم يأت عبثا، بل فرضته الظروف الإقليمية والتطورات التي شهدتها منطقة الساحل وشمال أفريقيا في العقدين الأخيرين، وتضرر المصالح الاستراتيجية والعمق الأمني للجزائر في عدة دول كمالي والنيجر وليبيا وتونس أيضا، سواء بسبب وجود المجموعات المسلحة في منطقة الساحل أو قواعد عسكرية لدول إقليمية وغربية كما في مالي والنيجر، أو بسبب توترات وحروب أهلية كما هو الشأن في ليبيا.
وعلى هذا الأساس يقول محدثنا “هذه العوامل فرضت، استغلال تعديل الدستور، لإدراج مادة تسمح للجيش الجزائري وللمرة الأولى بالمشاركة في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية”.
ويضيف المتحدث، المقترح الذي يرخص دستوريا للجيش الجزائري التدخل خارج إقليمها الحدودي، سيخضع للمناقشة من طرف نواب البرلمان.
من جهته، أكد الخبير الأمني اللواء المتقاعد أحمد عظيمي لـ”الشروق”، أن التعديل الأخير في مسودة الدستور عكس ما تم فهمه فقد أضاف تقييدا جديدا لمسألة إرسال الجيش خارج الحدود، إذ يتطلب ذلك موافقة البرلمان وليس مجرد قرار من القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي هو رئيس الجمهورية والذي كان يتمتع لوحده بصلاحيات تحريك وحدات القوات المسلحة وإرسالها للنشاط خارج الحدود، أي أن الرئيس تنازل عن صلاحياته للبرلمان، إذ لا يمكن للقائد الأعلى للقوات المسلحة التصرف في وحدات الجيش بقرار فردي.
وقال عظيمي “نتكلم عن العقيدة العسكرية الجزائرية وهي في الحقيقة لا توجد عقيدة بمنع الجيش الجزائري من النشاط خارج الحدود الجزائرية، وقد سبق له أن شاركت في حربين بالشرق الأوسط عامي 67 و73، في إطار معاهدة الدفاع العربي المشترك”.
وأضاف عظيمي “إنما قبل 10 سنوات كانت هناك مجموعة من المحللين السياسيين والأمنيين أدركوا بأن هناك إرادة من طرف دول أوروبية وعلى رأسها فرنسا للزج بالجيش الجزائري وتوريطه في مستنقع شمال مالي، وكان لهذه المجموعة إحساس بأن السلطة السياسية ورئيس الجمهورية أنذاك كانت له الرغبة في الموافقة، مما جعل هذه المجموعة تنشط عبر وسائل الإعلام المتاحة وقتها للتنبيه بخطورة توريط الجيش الجزائري، في حروب خارج الحدود”.