تاريخ الدولة الطاهرية
08-03-2020, 11:49 AM


تنسب الدولة الطاهرية (205هـ= 820م/ 259هـ= 872م) إلى مؤسسها طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الذي ولد في مدينة بوشنج إحدى مدن خراسان في سنة 159هـ= 775م، وقد بدأ ظهور الأسرة الظاهرية على مسرح الأحداث السياسية منذ الأيام الأولى للدعوة العباسية، حيث كان مصعب بن زريق جد طاهر يعمل كاتبًا لسليمان بن كثير كبير دعاة العباسيين في خراسان، وبعد نجاح الثورة العباسية أسند أبو مسلم الخراساني للأسرة الطاهرية حكم مدينة بوشنج.



كان الحسين بن مصعب بن زريق أبو طاهر أحد وجهاء خراسان ومن سادتها في عصر الخليفة العباسي هارون الرشيد، أما طاهر بن الحسين مؤسس الدولة فقد بدأ في الظهور بشكل واضح أثناء الحرب التي اندلعت بين الخليفة الأمين وأخيه المأمون، حيث استدعى المأمون طاهر بن الحسين وكلفه بقيادة قواته المتوجهة لحرب الأمين، ونتيجة للانتصارات التي حققها طاهر بن الحسين على جيش الأمين كافأه المأمون وأسند إليه ولاية الجزيرة وولاية شرطة بغداد غير أن طاهر لم يقنع بهما فأسند أليه المأمون ولاية خراسان في عام 205هـ= 820م، وأضاف إليه جميع البلاد في شرقي بغداد.



راودت طاهر بن الحسين منذ بداية توليته نزعة انفصالية فاعتزم الاستقلال بدولته عن دولة الخلافة العباسية، فأسقط اسم الخليفة المأمون من الخطبة سنة 207هـ= 822م معلنًا انفصاله عن الخلافة، واتخذ من نيسابور عاصمة له، إلا أنه في تلك الليلة التي منع فيها الخطبة عن المأمون أصابته حمى وتوفي على إثرها، الأمر الذي أثار الشكوك والشبهات في أن يكون مات مسمومًا على يد عمال الخليفة.



بعد أن توفي طاهر وافق الخليفة المأمون على تولية ابنه طلحة خلفه، فتولى طلحة أمر الدولة الطاهرية، وظلت علاقته طيبة بالخلافة حتى وفاته في سنة 213هـ= 828م، فخلفه في الحكم أخوه عبد الله بن طاهر الذي حكم حتى سنة 230هـ= 844م، وقد اتسعت الدولة الطاهرية في عهده وزادت مساحتها، وكان المأمون يحبه حبًا جمًا، وقد عرف بحبه للعلم والعلماء والأدباء والشعراء، وبعد وفاته تولى ابنه طاهر خلفه، وظل يحكم حتى سنة 248هـ= 862م.



كان آخر حكام الدولة الطاهرية محمد بن طاهر، لكنه لم يكن على شاكلة أسلافه، بل كان أميرًا ماجنًا يميل إلى اللهو والترف فضعف أمره وقامت الثورات ضد حكمه ولم يستطع إخمادها، وعندما زادت الاضطرابات في دولته استنجد أهل خراسان بالأمير يعقوب بن الليث الصفار أمير سجستيان لإعادة الأمن للبلاد، فوجد الأمير الصفاري الفرصة سانحة لتوسيع رقعة دولته على حساب الدولة الطاهرية فزحف بجيشه إليها في سنة 259هـ= 873م وقبض على محمد بن طاهر وأهل بيته وأسقط الدولة الطاهرية، ولكن الخلافة العباسية نجحت في فك أسر محمد بن طاهر وأخذته إلى بغداد ثمنًا لإخلاصه وولائه للخلافة.



لقد تمتع بنو طاهر بالاستقلال الذاتي في دولتهم وعملوا على تحسين علاقتهم بالخلافة العباسية من خلال التعاون معها في وقف حركات التمرد والعصيان ضد الخوارج والقضاء على الفتن الداخلية، لذلك لم يعمل العباسيون على استرداد نفوذهم على البلدان التي يسيطر عليها الطاهريون، بل قربوا آل طاهر إليهم، وحرصوا على دعمهم وتأييدهم، وقدروا لهم هذه الخدمات.



أيضًا تمتعت خراسان في عهد آل طاهر بالأمن والرخاء والازدهار، حيث أنهم شجعوا الزراعة ونظموا الري واهتموا بالتعليم، حتى أصبحت نيسابور في عهدهم مركزًا من مراكز الثقافة الإسلامية، أما من حيث العلاقات فقد حافظوا على ولاياتهم من التعديات، ووسعوا رقعة البلاد، ووطدوا سلطان المسلمين بالقضاء على الخارجين.



أسماء الأمراء الطاهريين ومدة إمارة كل منهم:

1- طاهر بن الحسين (205هـ= 820م/ 207هـ= 822م)
2- طلحة بن طاهر (207هـ= 822م/ 213هـ= 828م)
3- عبد الله بن طاهر (213هـ= 828م/ 230هـ= 844م)
4- طاهر بن عبد الله (230هـ= 844م/ 248هـ= 862م)
5- محمد بن طاهر (248هـ= 862م/ 259هـ= 873م) [1].


[1] انظر: أ. د. عطية القوصي: تاريخ الدول المستقلة في المشرق عن الخلافة العباسية، مكتبة دار النهضة، 1992- 1993م، ص42- 46، ومحمد سهيل طقوش: تاريخ الدولة العباسية، دار النفائس، بيروت، لبنان، الطبعة السابعة، 1430هـ= 2009م، ص186، 187، وحسن كريم الجاف: موسوعة تاريخ إيران السياسي، الدار العربية للموسوعات، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1428هـ= 208م، ص211- 216.
قصة الإسلام