نظامكم الاستعماري مجرم وظالم.. طوينا الصفحة لكن لم نمزقها
10-06-2016, 08:11 PM

حسان حويشة

صحافي بجريدة الشروق اليومي، متابع للشؤون الإقتصادية والوطنية

أدلى السفير الجزائري بباريس بتصريحات يمكن إدراجها ضمن خانة جملة التصعيد في العلاقات بين البلدين التي نشبت بعد مقال جريدة لوموند حول قضية أوراق بنما واستمرت بعد ذلك، وهذا من تحت قبة مجلس الشيوخ الفرنسي "سينا"، حيث ذكرهم بمقولة الرئيس الراحل هوراي بومدين بأننا طوينا الصفحة لكن لم نمزقها.
وقال السفير عمار بن جامع خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ الفرنسي حول مكانة وتنظيم وتمويل الإسلام بفرنسا، في رد على سؤال يتعلق بالذاكرة المشتركة بين البلدين "الذاكرة ... الذاكرة حاضرة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نمسحها". وأضاف: "أحد رؤساء الجزائر قال.. طبعا طوينا الصفحة لكن سوف لن نمزقها أبدا"، في إشارة إلى مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين الشهيرة.
وبحسب بن جامع، فإنه في الجزائر تسود قناعة راسخة وهي أن النظام الاستعماري الفرنسي كان إجراميا وظالما". وتابع: "حاليا هناك علماء بصدد القيام بأعمال علمية من أجل توثيق الأساليب المختلفة للقمع ونزع الهوية الثقافية التي كان الشعب ضحية لها في القرن التاسع عشر.
وخاطب بن جامع الحضور من السيناتورات الفرنسيين قائلا: "بالنسبة إلي كوني سفيرا للجزائر في فرنسا هي مهمة خاصة كوني أمثل الجزائر المحررة السيدة الفخورة التي تمد يدها لفرنسا"، وأردف: "الشراكة بيننا وصلت مستويات استثنائية وذلك بفضل إرادة رئيسي بلدينا، لكن من السهل كذلك أن ننظر خلفنا، معا، لنرى كيف عبرنا القرنيين الماضيين بعلاقة حميمية مليئة بالصراعات"، قبل أن يضيف: "العلاقات الجزائرية- الفرنسية يمكن أن تكون جيدة ويمكن أن تكون سيئة ولكنها لن تكون أبدا تافهة ومبتذلة".

كفوا عن تقسيم الإسلام.. هناك إسلام وكفى
أفحم سفير الجزائر بباريس عددا من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي "سينا" خلال جلسة استماع حول دور الجزائر في تنظيم وتمويل الإسلام بفرنسا، حيث خاطب الحضور قائلا: لا يوجد لا إسلام فرسنا ولا الإسلام في فرنسا هناك إسلام وكفى. وكشف بالمقابل أن الجزائر في الظرف المالي الراهن بالكاد تجد الأرصدة المالية لتغطية مصاريف التكفل بالأئمة في فرنسا، وعلق على ذلك: "إذا استمرت الأزمة النفطية من الصعب القيام بدورنا مستقبلا".
لرد العنيف من السفير، بن جامع، جاء خلال إجاباته عن وابل من أسئلة السيناتورات الفرنسيين، حيث كان السؤال يتحدث عن إمكانية أن يقبل الرعايا الفرونكو-جزائريين أو الفرنسيين من أصل جزائري بإسلام مقطوع وليس له روابط مع بلدهم الأصلي، حيث قال بن جامع مخاطبا السيناتور صاحبة السؤال: "لا أظن أني فهمت سؤالك لكن أتساءل عن قدرة أي شخص كان في أن يتدخل في العلاقة بين المؤمن وربه".
وأضاف السفير بن جامع قائلا: "أنتم تتحدثون عن "الإسلام في فرنسا" أو عن "إسلام فرنسا" لكن أنا أقول إنه يوجد "إسلام وكفى"، إسلام ينشر التسامح والمودة والتعايش جنبا إلى جنب.
وحملت أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي تشكيكا وتساؤلات حول الأئمة الجزائريين المنتدبين في فرنسا ومستواهم العلمي واللغوي، فكان رد السفر أن الأئمة المنتدبين بفرنسا يختارون بناء على مسابقة وطنية ويشترط حصولهم على شهادة جامعية، مشيرا إلى أنه يتم إرسال أئمة يعرفون جيدا الإسلام ويعرفون جيدا الفرنسية، ولذلك هم يستفيدون من تكوين مكثف في الفرنسية قبل قدومهم إلى فرنسا.
وأوضح السفير بن جامع أمام الحضور أن مسجد باريس يعتبر جزائريا وكان بمثابة مقابل لدماء مئات الآلاف من الجزائريين الذين ماتوا من أجل تحرير فرنسا، موضحا أن الجزائر تخصص منذ 3 أو 4 سنوات ميزانية سنوية لمسجد باريس في حدود 2 مليون أورو، لتسيير المؤسسة وعمليات التكوين والتأهيل، وتابع: "التمويل يتم وفق مسار بنكي شفاف".
وبالمقابل، اعترف السفير عمار بن جامع بالصعوبات المالية التي تواجه علميات تمويل الإسلام في فرنسا لأبناء الجالية وخصوصا الأئمة وقال: "الحكومة الجزائرية في هذا الظرف المتسم بالأزمة بالكاد يمكنها الاستجابة لجميع المطالب، لكن وجب التذكير أن الأئمة هم موظفون والحكومة تحاول ضمان حياة كريمة لهم خلال وجودهم بفرنسا ويستفيدون خلالها من التقدم في السلم المهني ويتم إعادة إدماجهم بمجرد عودتهم إلى الجزائر.
وبحسب عمار بن جامع فإن الأئمة المنتدبين بفرنسا يكلفون الحكومة ما قيمته 300 ألف أورو شهريا، أي نحو 3.6 ملايين أورو سنويا، ويستفيدون من الحماية الاجتماعية وكل هذا حسبه لخدمة أبناء الجالية والمسلمين عامة بفرنسا. وأضاف: الأزمة التي تضرب البلدان النفطية تجعل من الصعب تأدية دورنا في هذا المجال مستقبلا.
المساجد التي نشرف عليها لم تنتج جهاديين ابحثوا في جهة أخرى
ورفض السفير جملة وتفصيلا الاتهامات الموجهة إلى المساجد التي تشرف عليها الجزائر بكونها مصدرا للجهاديين، وقال عكس ما يشاع من أفكار في فرنسيا من أن المساجد التي يسيرها جزائريون هي التي كانت مصدرا للجهاديين، فقال: ابحثوا بعيدا في جهات أخرى.