أحكام الإحرام من الميقات
21-08-2016, 12:43 PM


أحكام الإحرام من الميقات

-السؤال:
-أكثر الحجاج الجزائريين لا يحرمون من الطائرة وإنّما يحرمون من ميقات المدينة، فهل يجزئهم ذلك، وما الذي يترتب على من تجاوز الميقات؟

-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
-ففي مسألة مواقيت الحج المكانية للإحرام يجدر التنبيه على مواضع مجمع عليها بين العلماء سواء قبل الميقات أو بعده وسواء لمن يريد الحج والعمرة ولمن لا يريدهما.
- فإذا أحرم قبل الميقات فلا خلاف بين أهل العلم أنّه مُحرِم تثبت في حقه أحكام الإحرام(١)، ولكن الخلاف في مكان الأفضلية، والصحيح من قولي العلماء أنّ الأفضل الإحرام من الميقات ويكره قبله وبهذا قال مالك والحنابلة وبعض الشافعية خلافا لأبي حنيفة(٢).
- أمّا إذا جاوز الميقات سواء عالما أو جاهلا، وهو يريد الحج والعمرة ولم يحرم فلا خلاف بين أهل العلم-أيضا- أنّه إذا رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا شيء عليه(٣)، وإنّما الخلاف فيمن جاوز الميقات وأحرم دونه والصحيح من قولي العلماء أنّ عليه دما-أي: فدية ذبح شاة- سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع(٤).
- أمّا إذا جاوز الميقات لحاجة يريد قضاءها وهو لا ينوي حجا ولا عمرة فالعلماء لا يختلفون في أنّه لا يلزمه الإحرام ولا يترتب على تركه للإحرام شيء، لكن لو طرأ عليه التفكير في الحج أو العمرة، ثمّ عزم على تنفيذ ما عزم عليه، فإنّه لا يشترط عليه الرجوع إلى الميقات بل يحرم من موضعه ولو كان دون الميقات ولا شيء عليه وهو أرجح قولي العلماء وبه قال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة رحمهم الله(٥).
وبناء على ما تقدم، فلا يجوز لهؤلاء الحجاج القادمين من الجزائر أن يجاوزوا الميقات وهم يريدون الحج أو العمرة إلاّ محرمين(٦)، ولكن إن لم يحرموا بعد مجاوزة الميقات ورجعوا إلى ميقاتهم أو ميقات آخر فأحرموا منه فلا يلزمهم من أمر الفدية شيء، وكان الأولى أن يحرموا في الطائرة من ميقات الجحفة الذي يمرون به لقوله صلى الله عليه وسلم: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ»(٧).
-والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

**********
الجزائر في: ٩ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ ديسمبر ٢٠٠٤م


(١) الإجماع لابن المنذر ٤١)، والمغني لابن قدامة(٣/ ٢٦٤).
(٢) المغني لابن قدامة(٣/ ٢٦٤)، المجموع للنووي ٧/ ١٩٨)، الكافي لابن عبد البر ١/ ٣٨٠)، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٧٠)
(٣) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٦٦).
(٤) وهو مذهب المالكية والحنابلة، انظر: المدونة لابن القاسم ١/ ٣٧٢)، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٧٠)، الإنصاف للمرداوي ٣/ ٢٢٩)، خلافا لمذهب أبي حنيفة والشافعي، انظر المجموع للنووي ٧/ ٢٠٨).
(٥) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٦٧).
(٦) ذكر النووي الإجماع على تحريم مجاوزة الآفاقي الميقات وهو يريد الحج أو العمرة غير محرم، المجموع للنووي ٧/ ٢٠٦).
(٧) أخرجه البخاري (١٥٢٤)، ومسلم (١١٨١)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -


اللهم ارزقنا حُلو الحياة وخير العطاء وسعة الرزق
وراحة البال ،ولباس العافية وحُسن الخاتمة

اللهم آمين