أنا..وردة..و(بتونس بيك)
20-05-2012, 01:07 PM
أنا..وردة..و(بتونس بيك)



ونحن نودع المطربة الجزائرية وردة فتوكي المعروفة باسم وردة الجزائرية...تحضرني قصة تأخذني إلى نوستالجيا الزمن الجميل ،والطفولة أو لأقل زمن المراهقة بكل نزقه وأحلامه الوردية...وبالطبع ليس الحديث عن الفتوة الآفلة دون رجعة ..إنما أتحدث عن علاقتي بوردة وعلاقتي بأغنيتها(بتونس بيك).
كنت سنة 1991او1992 لا أذكر السنة بالتحديد..كنت نزيلا في المركز الطبي البيداغوجي للمعاقين حركيا ببلدية خيري واد عجول بولاية جيجل...وكان ذلك المركز يتوسط غابة كبيرة موحشة في الليالي الحالكة،خاصة وأن بدايات الإرهاب كانت تنبعث من تلك المناطق الغابية الكثيفة،إضافة إلى الخنازير البرية والذئاب وكل ما هو مخيف......
كنت ذات خميس عشية الجمعة -وهي عطلة نهاية الأسبوع-وقد غادر معظم أطفال المركز إلى بيوتهم لقضاء عطلة نهاية الأسبوع- ولم يبق من نزلاء المركز إلا القليل من القادمين من ولايات ومناطق بعيدة.....أكيد تتساءلون وما علاقة هذا الأمر بوردة وبتونس بيك......؟؟
قلت كنت في تلك الليلة سأبيت وحدي في غرفة يطل شباكها مباشرة على الغابة ،بل سأبيت وحدي في جناح كامل ومرعب في هدوء الليل الصامت إلا من أصوات مرعبة مختلطة آتية من عمق الغابة ،فقط يوجد أحد المربين الذين يبيتون معنا ويسهرون على رعايتنا في غرفة مجاورة ولكنه ينام مبكرا (على الساعة الثامنة تجده في سابع نومة).....
ومازلتم تتساءلون ما علاقة هذا الأمر بوردة وبتونس بيك......؟؟.........آني جايكم...

صليت العشاء وقرأت ما تيسر من آيات قرآنية كعادتي آنذاك ..وتسللت إلى فراشي لأنام ،ولكن النعاس يأبى أن يزورني ،وقد تسللت إلى أعماقي بوادر خوف ورهبة في ذلك الليل الطويل المرعب،إلى أن غفوت قليلا ،ثم استيقظت حوالي الساعة الواحدة والنصف ..نهضت للحمام -أكرمكم الله-على فكرة كنت آنذاك ما أزال أمشي على رجلي بخطى ثقيلة وبمساعدة عكاز
نهضت فتحت باب الغرفة وأنا ارتعد خوفا في ذلك المكان الموحش،فإذا بي استمع لصوت مذياع ينبعث من الغرفة المجاورة(غرفة المربي الملتحي الملتزم) وكانت نشرة الثانية صباحا ،وطبعا كانت تتحدث عن بوادر الأعمال الإرهابية الأولى وعن الواقع السياسي المتأزم آنذاك...فتحت باب غرفته،فوجدته يغط في نوم عميق...لم أشأ إيقاظه وعدت أدراجي إلى غرفتي وتركت الباب مفتوحا حتى استأنس بصوت المذياع ،وأبعد هاجس الخوف الذي سيطر على أوصال جسدي.
دخلت تحت الغطاء وأنا أستمع الى صوت الراديو،وبعد انتهاء الموجز...انبعث صوت طربي جميل ..إنه صوت وردة الجزائرية وأغنيتها الجديدة(بتونس بيك وانت معايا) وقد جاءت في وقتها بالضبط،لكي تريحني من عذاب الخوف والوحشة وأكملت معها السهرة ،واستأنست بصوتها العذب وكلماتها القوية ،وأنا الغائب عن أهلي مدة أكثر من شهرين في مركز للمعاقين ،وسط غابة كبيرة موحشة...استذكرت الوالدة الحنون والأهل الكرام وكل الأحبة الذين تركتهم في ميلة..ولم أشعر بنفسي حتى أيقظني ذلك المربي على الساعة السابعة صباحا...وما ان رأيته حتى انفجرت ضحكا ...لم يفهم شيئا من ضحكاتي هاته....؟؟؟...إلى أن أخبرته بالقصة ،وكيف ترك المذياع مشغلا وكيف بات صوت وردة يصدح في أذنيه طويلا وهو الملتحي الملتزم الذي لايستمع للغناء.
هذه قصتي مع وردة وبتونس بيك...وبقيت هذه الأغنية تحيلني إلى هذه القصة والى حنين غامر لأيام جميلة قد مضت.
بقلم: شاعر ميلاف/الطاهر بوصبع