ــ هـل تَـجـوز كـتـابـة المـصـحـف بـغـيـر الخـطّ العُـثـمـانـي ؟
09-06-2017, 05:16 AM
هل تَجوز كتابة المُصحف بِـغَير الخطّ العُـثماني ؟
رَسْـمُ المصحف وقع باجتهاد الصحابة رضي الله عـنهم ، ولم تكن الصفة التي ترسم عَـليها الكلمة مما تلقاه الناس عـن الله أو رسوله صلى الله عـليه وسلم ، إنما سمعُـوها من رسول الله صلى الله عـليه وسلم ، وكتبها الكَـتَـبةُ عـلى الصفة التي سمعـوها ، لم يخرجوا بكتابتهم عَـما سمعُـوا ، وكان ما رسموا عـليه حروف الكلمة بما أُوتوا من المعـرفة بأصول الكتابة ، لا بتعـليم النبي صلى الله عـليه وسلم لهم ذلك.
...
وغـلط من ظـنّ أن رسم الكلمة كان بتوجيه النبي صلى الله عـليه وسلم ، فإنه لم يُنقل ذلك في شيء من الأخبار الثابتة أو شبه الثابتة.
...
ومما يدل عـلى رجوع ذلك إلى اجتهادهم ، قول عـثمان بن عـفان رضي الله عنه للرهـط القرشيين الثلاثة الذين كانوا يكتبون المصحف مع زيد بن ثابت (عـبدالله بن الزبير وسعـيد بن العـاص وعـبدالرحمن بن الحارث بن هـشام): إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن (وفي رواية : في عـربية من عـربية القرآن) فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعَـلوا).
وهذا هو الوجه في نسبة رسم المصحف إلى عُـثمان ، لأنه وقع بأمره وإشرافه ، ثم أجمع المسلمون عـليه فصاروا لا ينسخون مصحفاً إلا عـلى رسمه.
...
ومن الطرائف أنني سألت الطلاب يوماً عـن سبب تسمية الرسم بالعـثماني فأجابني أحدهم بأنه نسبة للدولة العُـثمانية!/
...
ومذهب الجمهور من السلف والخلف وجوب المحافظة عـلى ذلك الرسم في كتابة أو طباعة المصحف ، ولا يحل تغـييره بتغـير طرق الإملاء والهجاء ، وذلك صيانة للقرآن من تصرفات النُّساخ والطابعـين.
...
ومن الآثار المشهورة في ذلك قول أشهب بن عـبدالعزيز : سئل مالك بن أنس ، فقيل له : أرأيت من استكتب مصحفاً اليوم ، أترى أن يكتب عـلى ما أحدث الناس من الهجاء اليوم ؟
فقال : لا أرى ذلك ، ولكن يكتب على الكـتبة الأولى .
وقد عـلق عـلى ذلك الإمام أبو عـمر الداني رحمه الله بقوله : ولا مُخالف له في ذلك من عُـلماء الأمة.
...
وهذا المنع من عُـلماء الأمة ، مالك وغـيره خشية أن تؤدي الرخصة في ذلك إلى الجرأة عـلى القرآن ، وهـذا مأخذ صحيح.
...
وسأضرب لذلك مثالاً:
أذكر في جامعَـة الإمام أنه كانت تكتب كلمة (شؤون الطلاب) هكذا (شئون الطلاب) ثم ورد تعـميم من مدير الجامعَـة آنذاك الدكتور عـبدالله التركي وفقه الله بأن الكتابة الصحيحة هي (شؤون الطلاب). فتم تغـييرها عـلى الرأي الجديد. فهذه مسألة واحدة من مسائل الهمزة المختلَف في كتابتها تتغـير. كل له رأي يذهب إليه ، فلو كان القرآن يُكتب عـلى الإملاء الحديث لرأيت تغـييرات كل سنة. فهل تُعـاد طباعة المصحف كل ما جَـدَّ رأي في رسم الهمزة أو غـيرها من الحروف ؟ لا شك أن في هـذا فتحاً لباب العَـبث بكتابة المصحف. ولذلك فهذا الرأي هو الأولى بالاتباع إن شاء الله.
وهناك من لا يرى بأساً في كتابة المصحف عـلى ما جرت به قواعـد الإملاء الحديثة اليوم ، يحسبون ذلك أيسر لتلاوة القرآن ، وهذا منهم رأي يؤجرون عـليه ، ولم يوافقهم عَـليه من يُعـتد به فيما أعـلم ، فإنا نرى في عـامة المسلمين من لا يحسن القراءة ، بل لا يعـرفها ، إلا في المصحف ، ونرى ما ضُبط عـليه المصحف محققاً للمقصود عَـلى أحسن وجوهه ، فحيث انتفت المصلحة الراجحة في ذلك ، واحتملت المفسدة ، بل ترجحت ، فإن القول بالمنع أظهر وأبين.
...
كذلك في تميز المصحف في خطّه ورسمه عـن سائر الكتب خُصوصية لكتاب الله ، ولو كُـتب عـلى نمط سائر الكتب لذهـب عـنه ذلك الاختصاص ، وهـذه مصلحة أخرى تَـنضَمُّ إلى سابقـتها لا يصلح تفـويتها.
...
وما تقدم أخي الكريم من وجوب المحافظة عـلى الرسم فهـو عند كتابة المصحف ، أما اقتباس الكُـتَّاب والمؤلفين الآية والآيات فليس هناك ما يوجب الوقوف عـند رسم المصحف في ذلك النص المقتبس ، إذ ليس له خصائصه ، ولم يزل عـلماء الأمة منذ القديم كما وجد في المخطوطات القديمة وإلى اليوم ، لا يلتزمون الثبات في ذلك عـلى الرسم .
ـــ بقـلم : عـبد الرّحمن الـشهـري
( مُلتقى أهـل التفـسير )
( نموذج للكتابة المُصحفية من سورة القـدر )
رَسْـمُ المصحف وقع باجتهاد الصحابة رضي الله عـنهم ، ولم تكن الصفة التي ترسم عَـليها الكلمة مما تلقاه الناس عـن الله أو رسوله صلى الله عـليه وسلم ، إنما سمعُـوها من رسول الله صلى الله عـليه وسلم ، وكتبها الكَـتَـبةُ عـلى الصفة التي سمعـوها ، لم يخرجوا بكتابتهم عَـما سمعُـوا ، وكان ما رسموا عـليه حروف الكلمة بما أُوتوا من المعـرفة بأصول الكتابة ، لا بتعـليم النبي صلى الله عـليه وسلم لهم ذلك.
...
وغـلط من ظـنّ أن رسم الكلمة كان بتوجيه النبي صلى الله عـليه وسلم ، فإنه لم يُنقل ذلك في شيء من الأخبار الثابتة أو شبه الثابتة.
...
ومما يدل عـلى رجوع ذلك إلى اجتهادهم ، قول عـثمان بن عـفان رضي الله عنه للرهـط القرشيين الثلاثة الذين كانوا يكتبون المصحف مع زيد بن ثابت (عـبدالله بن الزبير وسعـيد بن العـاص وعـبدالرحمن بن الحارث بن هـشام): إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن (وفي رواية : في عـربية من عـربية القرآن) فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعَـلوا).
وهذا هو الوجه في نسبة رسم المصحف إلى عُـثمان ، لأنه وقع بأمره وإشرافه ، ثم أجمع المسلمون عـليه فصاروا لا ينسخون مصحفاً إلا عـلى رسمه.
...
ومن الطرائف أنني سألت الطلاب يوماً عـن سبب تسمية الرسم بالعـثماني فأجابني أحدهم بأنه نسبة للدولة العُـثمانية!/
...
ومذهب الجمهور من السلف والخلف وجوب المحافظة عـلى ذلك الرسم في كتابة أو طباعة المصحف ، ولا يحل تغـييره بتغـير طرق الإملاء والهجاء ، وذلك صيانة للقرآن من تصرفات النُّساخ والطابعـين.
...
ومن الآثار المشهورة في ذلك قول أشهب بن عـبدالعزيز : سئل مالك بن أنس ، فقيل له : أرأيت من استكتب مصحفاً اليوم ، أترى أن يكتب عـلى ما أحدث الناس من الهجاء اليوم ؟
فقال : لا أرى ذلك ، ولكن يكتب على الكـتبة الأولى .
وقد عـلق عـلى ذلك الإمام أبو عـمر الداني رحمه الله بقوله : ولا مُخالف له في ذلك من عُـلماء الأمة.
...
وهذا المنع من عُـلماء الأمة ، مالك وغـيره خشية أن تؤدي الرخصة في ذلك إلى الجرأة عـلى القرآن ، وهـذا مأخذ صحيح.
...
وسأضرب لذلك مثالاً:
أذكر في جامعَـة الإمام أنه كانت تكتب كلمة (شؤون الطلاب) هكذا (شئون الطلاب) ثم ورد تعـميم من مدير الجامعَـة آنذاك الدكتور عـبدالله التركي وفقه الله بأن الكتابة الصحيحة هي (شؤون الطلاب). فتم تغـييرها عـلى الرأي الجديد. فهذه مسألة واحدة من مسائل الهمزة المختلَف في كتابتها تتغـير. كل له رأي يذهب إليه ، فلو كان القرآن يُكتب عـلى الإملاء الحديث لرأيت تغـييرات كل سنة. فهل تُعـاد طباعة المصحف كل ما جَـدَّ رأي في رسم الهمزة أو غـيرها من الحروف ؟ لا شك أن في هـذا فتحاً لباب العَـبث بكتابة المصحف. ولذلك فهذا الرأي هو الأولى بالاتباع إن شاء الله.
وهناك من لا يرى بأساً في كتابة المصحف عـلى ما جرت به قواعـد الإملاء الحديثة اليوم ، يحسبون ذلك أيسر لتلاوة القرآن ، وهذا منهم رأي يؤجرون عـليه ، ولم يوافقهم عَـليه من يُعـتد به فيما أعـلم ، فإنا نرى في عـامة المسلمين من لا يحسن القراءة ، بل لا يعـرفها ، إلا في المصحف ، ونرى ما ضُبط عـليه المصحف محققاً للمقصود عَـلى أحسن وجوهه ، فحيث انتفت المصلحة الراجحة في ذلك ، واحتملت المفسدة ، بل ترجحت ، فإن القول بالمنع أظهر وأبين.
...
كذلك في تميز المصحف في خطّه ورسمه عـن سائر الكتب خُصوصية لكتاب الله ، ولو كُـتب عـلى نمط سائر الكتب لذهـب عـنه ذلك الاختصاص ، وهـذه مصلحة أخرى تَـنضَمُّ إلى سابقـتها لا يصلح تفـويتها.
...
وما تقدم أخي الكريم من وجوب المحافظة عـلى الرسم فهـو عند كتابة المصحف ، أما اقتباس الكُـتَّاب والمؤلفين الآية والآيات فليس هناك ما يوجب الوقوف عـند رسم المصحف في ذلك النص المقتبس ، إذ ليس له خصائصه ، ولم يزل عـلماء الأمة منذ القديم كما وجد في المخطوطات القديمة وإلى اليوم ، لا يلتزمون الثبات في ذلك عـلى الرسم .
ـــ بقـلم : عـبد الرّحمن الـشهـري
( مُلتقى أهـل التفـسير )
( نموذج للكتابة المُصحفية من سورة القـدر )
« رَبِّ اغْـفِـرْ لِي وَلأَِخِي وَأَدْخِلْـنَا فِي رَحْمَتِـكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »
من مواضيعي
0 •• دعـاء نـبـوي خـالـد . .
0 •))) حـكـمــة نـبـويـة خــالــدة . .
0 ((••)) مـقـولات وأفـكـار . . قـالـهـا الـمـفـكـر مـالـك بـن نـبـي . .
0 ••• يــَــفــرَحُـــــون ولاَ يــَــحــزَنُــــــون . .
0 •• أقصر فـعـل في اللغة الإنجليزية ( To x ) . .
0 ••• رأي فـي كُـتُـب ( تـصـحـيـح الأخـطـاء اللـغـويـة )
0 •))) حـكـمــة نـبـويـة خــالــدة . .
0 ((••)) مـقـولات وأفـكـار . . قـالـهـا الـمـفـكـر مـالـك بـن نـبـي . .
0 ••• يــَــفــرَحُـــــون ولاَ يــَــحــزَنُــــــون . .
0 •• أقصر فـعـل في اللغة الإنجليزية ( To x ) . .
0 ••• رأي فـي كُـتُـب ( تـصـحـيـح الأخـطـاء اللـغـويـة )
التعديل الأخير تم بواسطة ** رشاد كريم ** ; 13-02-2018 الساعة 07:34 AM
سبب آخر: مثبت إلى غاية 21/02/2018