رسالة إلى المهووسات بالعين
13-09-2015, 05:32 AM
نادية شريف


أصبحت "العين" في وقتنا الراهن شماعة تعلق عليها عديد النساء المهووسات مشاكلهن وخيباتهن في الحياة، فتجد الواحدة من هؤلاء تختلق قصصا لتعاسة لا تعيشها وتدعي الإصابة بأمراض وأورام وانتكاسات، فقط كي يشفق الناس لحالها ولا يصوبون سهام أعينهم نحوها في لحظة من اللحظات..

تجدها بدل الحمد عند السؤال عن الحال تبدأ في التأوه والشكوى وكأن الصحة ضلت طريقها نحو جسدها، وبدل الشعور بالفخر والاعتزاز لزواجها من رجل صالح أعطى معنى لحياتها وحملها على كفوف الراحة، تنهال عليه سبا ـ في غيابه طبعا وحضرة الآخرين ـ وتروي فصول معاناة وشقاء وحزن، وكأن السعادة لم ترفرف يوما بأجنحتها فوق بيتها من يوم دخلت إليه، وهذه والله مأساة ما بعدها مأساة..

وبالنظر إلى الواقع المعيش نجد بأن هوس البعض منهن ب "بعبع العين" أخذ منحى خطيرا أثر بالسلب على كثير من العلاقات الإنسانية التي اجتثت من جذورها بفأس الخوف الكبير والرعب اللامبرر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شخصية مهتزة وغير واثقة.. شخصية تعاني من الانفصام، وتمثل دورين متناقضين لروحين إحداهما تتنعم في الخفاء والأخرى تئن من الألم وتموت أمام الناظرين !!!

سيناريوهات عجيبة غريبة تؤلفها أولئك النسوة، وتمثلنها وتشرفن على إخراجها ببراعة لا مثيل لها تحيل المستمع لهن إلى عالم الدراما وتجعله يتعاطف معهن بكل سذاجة ويهدر وقتا ثمينا، ودموعا غاليات، ويحرق أعصابا للبحث معهن عن حلول مجدية تنتشلهن من الضياع الذي يعشنه، وفي الأخير يصطدم بحقيقة مرضهن النفسي وهوسهن المبالغ فيه احتراسا من أشياء لم تقع ويا لخيبته!!!

إنّ العين حق كما قال صلى الله عليه وسلم، لكن ليس لدرجة أن تصبح " فوبيا " كما هو حال من يختلقن الأكاذيب ويصدقنها ويعتبرن الآخرين حمقى وسذجا ليصدقوا ترهاتهن طوال الوقت.. إنهن يرين أنفسهن فريدات في عالم تتشابه نسخه وحائزات على كل المواصفات والنعم المشعلة لنار الحسد في قلوب معارفهن، لذلك يعمدن إلى أسلوب التدليس والتضليل وكأنهن مطالبات بإعطاء التقارير اليومية عن حركاتهن وسكناتهن!!!

لا أحد من البشر بإمكانه إجبار شخص آخر على جعل حياته كتابا مفتوحا للجميع، ولكل واحد خصوصيات من حقه أن يجعلها في قرار مكين، وعليه نشدد القول أنه ليس على المهووسات تأليف السيناريوهات لإبعاد شبح العين المخيم على حياتهن، بل بإمكانهن الاكتفاء بالحمد ووضع نقطة النهاية دون الخوض في التفاصيل، وفي اعتقادي هذا أدعى للاحترام والتقدير من غيره..