كتاب: علاج النسيان وأنواع النسيان وأسباب النسيان كتاب يتناول بالبحث علاج النسيان
23-02-2015, 04:50 PM


1- تعريف النسيان

2- انواع النسيان

3- خطورة النسيان

4- آثار النسيان السيئة

علاج النسيان نتناوله في هذا البحث الذي قام به الكتب محمود الشرقاوي اختصارا لكتابه الذاكره الخارقة وقد أضاف إليه فوائد جمة ومباحث نافعة ومتخصصة في علاج النسيان ومشكلته وحذف الباحث المباحث التي لم تتعلق باصل الموضوع.
فتعد مشكلة النسيان مشكلة خطيرة كبيرة تهدد شريحة كبيرة من الناس وقطاعا عريضا من المجتمع فالنسيان داء عضال ومرض فتاك وتكمن خطورته في كونه سببا من أسباب جفاء العلاقة بين العبد وربه يقول الله تعالى: {نَسُوا الله فَنَسِيَهُمْ} ويقول أيضا: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَّ فَأَنسَاهُمُ أَنْفُسَهُمْ}.
هذا من الناحية الدينية.
أما على الصعيد الدنيوي فالنسيان يقع في عدة أشياء أهمها: (الأسماء - التوايخ - الوجوه - المواعيد - المعلومات - الأفكار - الاتجاهات - الرسائل - مواضع الأشياء).
وتتفاوت خطورة النسيان بتفاوت أهمية الشئ المراد استرجاعه وتذكره فنسيان الأسماء والوجوه يقلل من نجاح الفرد من الناحية الاجتماعية وكذا نسيان المواعيد والمقابلات، ومن أعجب ما قرأت في ذلك الصدد أن وزيراً ألمانيا نسي زوجته التي كانت معه في السيارة بعد التوقف في استراحة على الطريق، وعندما عاد إلى السيارة واصل الرحلة ولم يتذكر زوجته إلا بعد أن قطع مسافة خمسة كيلومترات.
وهذا من أغرب المواقف التي تدلل على خطورة النسيان وآثاره السيئة التي تقلل من مكانة الفرد الاجتماعية.
ونسيان الأفكار والمعلومات تسبب المشاكل لا سيما إذا كان ذلك في المواد الدراسية وتزداد خطورة الأمر إذا وقع ذلك في الامتحانات أو المقابلات أو ما شابه ذلك.
وأخطر هذه الأشياء على الإطلاق هو نسيان العلم - بكل صوره - وهو آفة خطيرة نبه عليها العلماء في القديم والحديث فقد جاء عن بعض السلف "آفة العلم النسيان ، واضاعته أن تحدث به غير أهله".
والنسيان بصورة عامة من طبائع البشر ويستحيل أن تجد إنسانا على وجه الأرض معصوم من النسيان فحتى سيد البشرية صلى الله عليه وسلم يجوز عليه النسيان، لما ثبت في الصيحين وغيرهما انه صلى الله عليه وسلم قال: "انما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني".
وقد استعنت الله عز وجل في جمع تلك المادة التي تخصصت بشكل كبير في التعرض لمشكلة النسيان وكيفية علاجها مع إيراد الطرق النافعة لتقوية الذاكرة والعمل بشكل فعال على حصر مشكلة النسيان في دائرة السهو الذي لا مفر منه ولا مناص من الوقوع فيه.
تناول الكاتب محمود الشرقاوي في كتاب علاج النسيان اسباب النسيان وانواع النسيان وصور النسيان واساليب علاج النسيان
ومن الموضوعات التي سنعرضها من كتاب علاج النسيان هي كالتالي
1- تعريف النسيان

2- انواع النسيان

3- خطورة النسيان

4- آثار النسيان السيئة


إلا ان كتاب علاج النسيان تناول موضوعات أخرى عديدة ويمكنك تحميل كتاب علاج النسيان من هنا للتعرف عليها وزيادة الاستفادة

1- تعريف النسيان


أولا تعريف النسيان لغة:
جاء في جمهرة اللغة: نسىَ فلان شيئاً كان يذكُره وإنه لنسيٌّ : أي كثير النسيان : والنِّسْيُ :الشيئ المَنْسيُّ الذي لا يُذكَر.
ثانيا تعريف النسيان اصطلاحا:
النسيان ترك الإنسان ضبط ما استودع إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره.
2- انواع النسيان :
أولا النسيان الذي هو ضد التذكر : وهذا نوعان
أ- نسيان مذموم : وهو ضعف استرجاع المعلومات والأفكار المخزنة في الذاكرة سلفا وهذا النوع هو الذي سنتناوه بالبحث في هذا الكتاب بعون الله.
ب- نسيان محمود: ومنها نسيان إساءة الناس إلينا ومنها نسيان المصائب والنوائب التي ألمت بنا.
ومنها نسيان التفاهات التي تقابلنا في حياتنا ولا مناص لنا من تجنبها.

والنسيان الذي هو بمعنى الترك ثلاثة أنواع :
أ - منه ما هو مذموم .
كما قال تعالى : {فَذُقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} أي : يقال للمجرمين ، الذين ملكهم الذل ، وسألوا الرجعة الى الدنيا ، ليستدركوا ما فاتهم ، قد فات وقت الرجوع ولم يبق إلا العذاب، فذوقوا العذاب الأليم ، بما نسيتم لقاء يومكم هذا ، وهذا النسيان نسيان ترك ، أي : بما أعرضتم عنه ، وتركتم العمل له ، وكأنكم غير قادمين عليه ، ولا ملاقيه .
ب - ومنه ما هو محمود.
كنسيان المصائب والكوارث واحتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى وكذلك أيضا نسيان المعاصي التي أصابها العبد وتاب منها فلا يحق ذكر هذه المعاصي لا سيما إذا صاحبه الفخر بالمعصية فهذا خطر عظيم .

ج- ومنه ما عفي عنه .
وهذا ما كان سببه سهوا أصاب الإنسان أو غفلة ألمت به وهذا لا يؤاخذ الإنسان به .
العودة لأعلى
3- خطورة النسيان

النسيان آفة عظيمة من آفات العلم ومرض خطير فتاك إن لم يتم تداركه بالعلاج الناجع والنسيان بصورة عامة من طبائع البشر ويستحيل أن تجد إنسانا على وجه الأرض معصوم من النسيان .
فالنسيان الذي هو بمعنى الترك يدور مع الأحكام الخمسة فقد يكون حراما وقد يكون مكروها وقد يكون مباحا وقد يكون مستحبا وقد يكون واجبا والنسيان المحرم هو نسيان أوامر الله وترك العم بها كما قال تعالى {فنسوا حظا مما ذكروا به} وهذا النوع يتحمل الإنسان آثاره وتبعاته في الآخرة أما النسيان المكروه فهو ترك أمر مستحب من أوامر الله أما المباح فهو ترك أمر مباح من أوامر الله وأما المستحب فهو ترك ما أمر الشرع بتركه على وجه الكراهة والواجب هو نسيان وترك ما أمر الشارع بتركه على وجه الإلزام .
والنسيان على الصعيد الدنيوي يكون في عدة أشياء أهمها : ( الأسماء - الوجوه - المعلومات - الاتجاهات - مواضع الأشياء - التواريخ - المواعيد - الأفكار - الرسائل ) .
وغالبا ما يقع النسيان في الأشياء التي ذكرت وترجع خطورة النسيان إلى أهمية الشئ المراد تذكره وقد أسلفنا أن أخطر أنواع النسيان على الإطلاق ، نسيان العلم وقد كان السلف رضوان الله عليهم يعدون النسيان وقلة الحفظ طعنا في العالم بل ويحذرون منه فلا بد من وقفة جدية لتدارك هذا الأمر وحصر المشكلة - مشكلة النسيان وجعلها لا تخرج عن دائرة السهو الذي لا مفر منه .
تصنيف النسيان من الناحية الطبية



1- نسيان امعلومات السابقة لحدوث مرض النسيان ، المتسبب عن صدمة نفسية مؤثرة أو جرح في الدماغ .
2- نسيان الحاضر ، وهو عدم القدرة على خزن المعلومات واستذكارها ، وذلك بعد حدوث الصدمة أو الجرح.
3- النسيان الشامل : للمعلومات التي سجلت من قبل الحواس الخمس وخزنت في الدماغ .
4- نسيان الأحداث التي سجلتها إحدى الحواس الخمس كالبصر والسمع والشم واللمس والتذوق .
5- النسيان العابر ، يحدث بعد إصابة الدماغ مباشرة بالجروح والأورام والارتجاج ، ويمكن أن يؤدي إلى العته . ومن أشكال النسيان العابر الحميد الأخرى ، هو النسيان لفترة قصيرة للأحداث التي وقعت متزامنه في وقت واحد . وتحدث هذه الحالة ، بعد تناول كميات كبيرة من الكحوليات أو المهدئات أو المخدرات ، أو تناول بعض الادوية مثل Triazolam, Midazolam وهذا النوع من النسيان يختلف عن النسيان الشامل العابر ، في أنه انتقائي من أحداث الماضي ، أي أنه ينتقي الأحداث المتزامنه في وقت واحد ووقعت في الماضي ، وله علاقة بالمخدرات والأدوية .
6- النسيان الشامل العابرTransient Global Amnesia ويظهر هذا النوع من النسيان بصورة مفاجئة ، ويستمر فيما بين 3060 دقيقة إلى 12 ساعة فأكثر . حيث يفقد المصاب كل أحداث الماضي ، ثم يعود باستذكارها تدريجيا ، بعد زوال النوبة . يرافق هذا المرض حالة الصرع . ويعود سبب ذلك إلى احتباس الدم مؤقتا عن منتصف منطقة المهاد الخلفي أو الجانبي قرن أمون وقد ترتبط هذه الحالة بمرض الشقيقة عند الشباب أحيانا.
7- النسيان الثابت Stable Amnesia، الذي يحدث بعد اصابات خطيرة ، مثل التهاب الدماغ واحتباس الدم .
8- النسيان المتزايد Prograssive Amnesia ، الذي يحدث بسبب الإصابة بمرض الزهايمر.
9- النسيان المتسبب عن اعتلال وزرنك Wernicke، الناتج عن الامتصاص غير المناسب لفيتامين (B1) مع استمرار تناول الكربوهيدرات. حيث تؤدي هذه الحالة إلى النسيان . ويتطور هذا المرض ليصبح المريض مترنحا وناعسا ومذهولا وتتذبذب مقلتاه وقد تصا عيناه بالشلل الجزئي . وتتطور بعض الاضطرابات الوظيفية عند بعض المرضى إلى نشاط سمبثاوي مفرط ، متمثلا بالرعاش والهياج ، أو خمول واضح متمثلا بانخفاض حرارة الجسم وهبوط التوتر والإغماء.
10- النسيان الناتج عن ملازمة كورساكوف Korsakoffs Syndrome ، ويصيب 80% من مرضى ورنك . تتمثل أعراضه بفقدان الذاكرة بشكل خطير ، ولا سيما الأحداث القريبة جدا ، أما تذكر الأحداث البعيدة فلا يتأثر إلا بشكل محدود. ولذا فالذين يعملون في دوائرهم أو منشآتهم، اعتمادا على الخبرات القديمة ، تلاخظهم .
11- يستمرون في أعمالهم ، دون تأثر . ولكن بتطور المرض يصاب المريض بالخرف ونوبات من الخوف واللامبالاة .
12- النسيان المصطنع النفساني Factitions Amnesia وفي هذه الحالة ، لا يتمكن الفرد من تذكر الأحداث القريبة ، وذلك لشدة تأثره بأزمات انفعالية نفسانية المنشأ . لذا يتظاهر بعجزه عن تذكر الأحداث القريبة ، أي أنه يتناسى .
13- النسيان الانفصالي Amnesia issociative وهو نسيان أحداث مشينة أو مؤلمة حدثت للفرد نفسه ، في الماضي ، بين سلسلة متواصلة من الأحداث . ومعظم الأفراد يدركون أنهم فقدوا بعض الوقت من حياتهم في هذه الأحداث ، بينما ينساها أفراد آخرون انطلاقا من مبدأ نسيان النسيان Amnesia for Amnesia وهم بذلك يدركون أنهم ينسون الفترة الزمنية التي وقعت فيها تلك الأحداث المشينة ، وذلك لوجود دلائل تشير إليها . مثلا لذلك نسيان الاعتداءات الجنسية التي وقعت عليهم في فترة محددة من طفولتهم ، أو حجزه في فترة معينة أو القتال أو كارثة طبيعية أو الهجر أو موت احد الأعزاء أو مشكلة مالية أو الإجرام والإثم .. وغالبا ما يعاني بعض الشباب من هذه الحالة ، ولا سيما عندما يعيشون فترة من الكآبة أو الخزن . ومما تجدر الإشارة إليه ، أن أجزاء الدماغ المؤثرة على ظاهرة الذاكرة والنسيان ، تتمثل بالممرات السائدة على طول المنطقة نظيرة الحصينية الوسطى وقن أمون والفصوص الصدغية الوسطى السفلى والسطح الحجاجي للفص الأمامي والدماغ المتوسط او سرير المخ . وتلعب التلافيف الحصينية ، وتحت المهاد ، ونواة قاعدة الدماغ الأمامي ومنتف المهاد الظهري الوسطاني ، دورا معما في الذاكرة . كما تؤثر النواة اللوزية على مدى اتساع نطاق الذاكرة . ولما بين الصفائح المهادية دور مهم في توسيع نطاق وتنشيط الذاكرة . وتعمل نواة ما بين الصفائح المهادية والتكوين الشبكي في جذع الدماغ ، على تحفيز الانطباع السلوكي للذكريات . وتجدر الإشارة إلى أن تذكر الأمور الحديثة والقدرة على تشكيل ذكريات جديدة ، تتلف في حالة التعرض لإصابات على جانبي الدماغ . حيث أن تلك الإصابات تؤثر على المهاد الأوسط والخلفي والتكوين الشبكي لجذع الدماغ وجهاز الإثارة بواسطة الأدرنالين . كما أن هناك أسباب أخرى لذلك تتمثل بنقص فيتامين ( B1 ) والأورام تحت المهاد واحتباس الدم . كما تجدر الإشارة إلى أن إصابة جانبي الفص الصدغي ولأوسط ، ولا سيما قرن أمون ، قد تؤدي إلى نسيان شبه دائم .


علاج النسيان ( العوامل الاساسية لتقوية الذاكرة وعلاج النسيان )



1- تقوى الله جل وعلا ودورها في علاج النسيان .
2- ذكر الله تعالى ودوره ومدى اثره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
3- الحب والرغبة ومدى فاعليتها في تقوية الذاكرة و علاج النسيان.
4- وجود الدافع التي تساعد الشخص في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
5- الانتباه ودوره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
6- التركيز ودوره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
7- بذل الجهد واثره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
وهذه العوامل تلعب دورا هاما في تقوية الذاكرة وعلاج النسيان :

أولا : تقوى الله جل وعلا : كعامل في علاج النسيان وتقوية الذاكرة :
يقول الأصفهاني في مفردات غريب القرآن : التقوى لغة من مادة وقى والوقاية هي حفظ الشئ مما يؤذيه ويضره يقال وقيت الشئ واقية وقاية ووقاء قال تعالى {فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} وقال تعالى : { وَوَقَاهُمْ عَذّابَ الجَحِيمِ}.
والتقوى جعل النف في وقاية مما يخاف ، هذا تحقيقه ، وصار التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤثر وذلك بترك المحظور ويتم ذلك بترك بعض المباحات وذلك للحديث الصحيح "الحلال بين والحرام بين .." الحديث .
والتقوى بمفهوم شامل: هي فعل المأمور واجتناب المحظو .
وقد يسأل سائل ما العلاقة بين تقوى الله وقوة التذكر ؟
أقول: هناك علاقة وثيقة بين تقوى الله جل وعلا وقوة الذاكرة فكلما كان الإنسان أتقى لله كلما كان أقوى ذاكرة وأرشد فهما وأشد حفظا وأقل نسيانا والدليل على ذلك قول الله تعالى : { وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلِيمٌ} .

ويقول الشوكاني في تفسير هذه الآية :
واتقوا الله في فعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه ويعلمكم الله ما تحتاجون إليه من العلم وفيه الوعد لمن اتقاه أن يعلمه .

ثانياً: ذكر الله تعالى ودوره ومدى اثره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
والله تعالى يقول {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} ولعل كون ذكر الله تعالى من أعظم المسببات للحفظ من ثلاث جهات :
(الأولى ) من حيث صلة بالله تعالى، ومن زاد وصله بالله نال العون من الله تعالى والقوة، وكان الشيطان عنه أبعد، وهو من أعظم من يشاغب على ابن آدم بالنسيان كما صنع مع صاحب موسى عليه السلام فأنساه الحوت قال تعالى : {قَالَ أَرَأَيْتَ إَذْ أَوَيْنَا إلى الصَّخْرَةِ فَإِنَّي نَسَيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَّْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}، والشيطان هو الذي أنسى السجين ذكر يوسف عليه السلام لعزيز مصر وبهذا فلا يطرد الشيطان شيئ أقوى من ذكر الله تعالى.
(الثانية) وكذلك ذكر الله سبب لقوة الحفظ وقلة النسيان من جهة كونه سبب رئيسي لطمأنينة النفس ، قال تعالى: {الَّذِين آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ، والنفس المطمئنة متأهلة لرسوخ الحفظ ، وثبات العلم ، أما إذا كانت مشغولة الحال ، مذبذبة الأحوال ، فإن الحفظ عليها ثقيل ، ولهذا فإن عادة الحذاق إذا أرادوا الحفظ يقتنصون أهدأ الأوقات وأبعدها عن الضجيج ، وزحام الناس وأصواتهم ، وأفضل ما يكون ذلك ساعات السحر ، وبعد صلاة الفجر ، وكل وقت أو مكان يسود فيه الهدوء .

(الثالثة) أيضا الذكر يكون به القوة البدنية ، ونشاط القلوب وقوته ، وهذا ما يحتاجه طالب العلم، ومبتغي مداومة الحرص على الحفظ والطلب ، قال تعالى : { وَيَا قَوْم اسْتَغْفِروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} ، فالاستغفار يزيد من القوة ، وقصة علي بن أبي طالب وزوجه فاطمة رضي الله عنهما وطلبها للخادم وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بأن يسبحان الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمدانه ثلاثاً وثلاثين، ويكبرانه أربعاً وثلاثين وقال بأنه خير لهما من خادم ، وذلك لأن هذا الذكر يزيد من قوتهم .
الحب والرغبة ومدى فاعليتها في تقوية الذاكرة و علاج النسيان.
لتعلم أخي القارئ الكريم أن الحب والرغبة والشغف من العوامل المهمة التي تؤثر بالسلب والإيجاب في علاج النسيان وقوة التذكر فكلما كنت محبا لما تقرأ وتحفظ وكلما كنت به شغوفا كلما كنت له أذكر وأفهم والعكس صحيح فالشخص الذي يمل من شئ ويكرهه فما أسهل أن ينساه ولذلك هناك بعض المواد الجامعية قد لا تثير في الطالب الحب والرغبة فتكون هذه المادة من الصعوبة بحيث تجعل الطالب ينساها بسهولة وهذا مشاهد ملموس وقد يقول قائل لا سبيل لحفظ هذه المواد الصعبة التي لا نجد في أنفسنا شوقاً إليها وهنا يكون من الصعوبة أن نتذكرها ومن السهل نسيانها فما السبيل لعدم نسيان هذه المادة أقول : إذا كان عامل التذكر لهذه المادة غير متوفر في المادة نفسها فلماذا لا توجده أنت من نفسك نعم تجعل عامل الحب نابع منك أنت وفي هذا المعنى يقول أحد الكتاب (لا يستطيع أي شخص أن يصبح متعلماً حقييًا بدون أن يكون قد خاض بعض الدراسات التي لا تثير شغفه حيث يكون جزءًا ثم العملية التعليمية أن نتعلم كيف نعود أنفسنا على الاهتمام بالمواد التي لا توجد عندنا قابلية لدراستها .
ولذلك نقول ما الفرق بين طالب العلم والمثقف ؟
* المثقف يأخذ ما يحلو له من العلوم وما يستطيع أن يفهمه دون الرجوع إلى مراجع أخرى ويترك ما يصعب عليه فهمه من العلوم ويترك ما لا يحبه أيضًا وإذا أشكل عليه فهم أمر من الأمور فإنه يتركه ولا يجهد نفسه في تعلمه وفهمه .
أما طالب العلم على استعداد دائم أن يقابل ما لا يثير شغفه وعلى استعداد أن يتعلمه ويفهمه جيدًا لا حبًا في الشئ ذاته ولكن حبا للهدف الأسمى والأعظم الذي يسعى إلى تحقيقة .
رابعًا: وجود الدافع التي تساعد الشخص في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
والدافع هو الشعور الداخلي الذي يدفعك دائما لتحقيق أهدافك .
ولكي نتصور هذا المعنى جليا إليكم هذا الموقف : ذهب أحد الشباب لأحد الحكماء ليتعلم سر النجاح فقال الحكيم بهدوء : هو الدوافع ... فسأله ومن أين تأتي الدوافع فقال من رغباتك المشتغلة فسأله فكيف يكون عندي رغبات مشتغلة .. فأحضر الحكيم إناء به ماء وسأل الشاب هل أنت متأكد من أنك تريد أن تعرف مصدر الرغبات المشتعلة فأجابه الشاب بلهفة : طبعًا .. فطلب منه الحكيم أن يقترب من الماء وينظر فيه وفجأة ضغط الحكيم بكلتا يديه على رأس الشاب ووضعها في الإناء ومرت ثواني ولم يتحرك الشاب ثم بدأ ببطء يخرج رأسه من الماء ولما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه وأخرج نفسه من الماء ثم نظر إلى الحكيم بغضب وسأله ما هذا الذي فعله ؟ فرد عليه قائلاً : في الثواني الأولى أردت أن تخلص نفسك وكانت دوافعك ضعيفة فلم تنجح وبعد ذلك زاد دوافعك فاستطعت تخليص نفسك عندما امتلكمت رغبة مشتغلة لتخليص نفسك ثم أضاف الحيكم عندما يكون لديك الرغبة المشتغلة في النجاح فلن يستطيع أحد إيقافك ) .
الانتباه ودوره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
والانتباه يعتبر من أهم عوامل التذكر وهو من أنجح الأدوية في علاج النسيان ونحن لا نتصور أبدأ أن يوجد إنسان غافلا طوال الوقت ولكن الناس درجات فهناك المنتبه الواعي وهناك الغافل الذاهل والانتباه فن مهم جدا يجب تعلمه وعدم إغفاله ولذلك يقول أحد علماء النفس (فن الانتباه هو الفن الحقيقي الذي تمارسه الذاكرة ) .
والانتباه هو تخلية الفكر عن طل الشواغل حتى ولو كانت تافهة وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الأمر فقد روى مسلم وغيره عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غُفِرَ له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا ومن فوائد هذا الحديث أن الاستماع والإنصات شرط لحصول المغفرة وهل الاستماع والإنصات إلا صورتان من صور الانتباه كذلك يشير الحديث إلى أن مجرد مس الحصا يفسد الانتباه ومن ثم يحدث اللغو والحديث صريح في الحث على الانتباه ومنع كل الشواغل التي تفسده حتى لو كان شيئًا تافهًا مثل مس الحصى.
الانتباه ودوره في تقوية الذاكرة و علاج النسيان .
ومن الأمور التي يظهر فيها اهمية الانتباه :
1- العبادة: فلا شك أن الانتباه في العبادة أمر خطير ولا يمكن تجاهله والغافل في عبادته لا يحصل خيرا وقد جاء في أثر عن ابن عابس أنه قال ( ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل ) فالمصلي يكتب له أجر الصلاة على قدر انتباهه فيها بل وليس هذا في السلاة فحسب بل في كل صور العبادة سواء كان ذكرا أو دعاء أو غير ذلك ففي سنن الترمذي بإسناد حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ) . وهذا الحديث صريح في أن عمل الغافل غير مقبول بتركه الانتباه .
2- طلب العلم : ونقصد بطب العلم هنا ليس العلم الشرعي فحسب بل كل العلوم فالطالب في مدرسته لا بد أن يكون منتبها لكلام أستاذه والطالب في جامعته لا بد أن يكون منتبها لما يقوله أستاذه كذلك طالب العلم الشرعي لا بد أن يكون منتبها لما يقوله شيخه وعلى استعداد دائم أن يدون كل فائدة يسمعها .
3- الحياة اليومية والاجتماعية : لا شك أن الإنسان المنتبه يصنع لنفسه شخصية اجتماعية مرموقة فعلى سبيل المثال إذا لم تكن منتبها لمحدثك وهو يتحدث معك فسوف يشعر بانزعاج شديد لشعوره بعدم اهتمامك به ولذلك فإن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند الاستماع لمحدثه أن يقبل عليه بجسده كله ويركز في كلامه وينظر إلى وجهه ويظهر اهتمامه الكامل بالشخص الذي يتحدث معه ولا يقاطعه في كلامه وهذه الأفعال لها مفعول السحر في التأثير على الناس ويستطيع الإنسان من خلال الانتباه أ، يصنع رصيداً إيجابيا من حب الناس الأمر الذي يؤدي إلى التأثير فيهم ، ولا شك أن الشخصية المؤثرة شخصية ناجحة بكل المقاييس .
والآن هذا تمرين يكشف مدى قدرة الانتباه لدينا :
وهذا التمرين ذكرته صاحة كيف تقوي ذاكرتك وتنشطها تقول (من فضلك إقرأ السطور التالية باهتمام وانتباه (أنت قوم الآن بقيادة إحدى سيارات الأوتوبيس وتحمل معك خمسين راكبا وفي الطريق توقفت السيارة مرة ونزل عشرة من الركاب بينما ركب ثلاثة أفراد وفي المحطة الأولى نزل سبعة أفراد وصعد اثنان ثم توقفت السيارة مرتين في المرة الأولى نزل أربعة من الركاب وصعد ثلاثة أفراد من المحطة التالية وبسبب عطل فني في السيارة توقفت وكان بعض الركاب في عجلة من أمهم نزل ثمانية منهم بعد ما تم إصلاح العطل ووصلت السيارة إلى المحطة الأخيرة نزل باقي الركاب ) .
للمزيد من كتاب ( علاج النسيان ) يمكنك تحميلة من هنا
http://***.ly/116m0y