عطاء السليمي
10-02-2020, 01:12 PM


هو عطاء السليمي البصري، أدرك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم على يديه، وسمع منه ومن الحسن وجعفر بن زيد وعبد الله بن غالب، وروى وعنه بشر بن منصور وصالح المزي وعبد الواحد بن زياد وغيرهم، إلا أنه شغل بالعبادة عن الرواية، فكل مواقفه هي خوف من الله.

أثره في الآخرين
قال أبو عبيدة: قالت لي امرأة عطاء السليمى: عاتب عطاء في كثرة البكاء فعاتبته فقال لي يا سوار كيف تعاتبني في شيء ليس هو إلي إني إذا ذكرت أهل النار وما ينزل بهم من عذاب الله وعقابه تمثلت لي نفسي بهم فكيف لنفس تغل يدها إلى عنقها وتسحب في النار ألا تصيح فتبكى وكيف لنفس تعذب ألا تبكى ويحك يا سوار وما أقل غناء البكاء عن أهله إن لم يرحمهم الله.

أهم ملامح شخصيته
الخوف من الله

كان عطاء السليمي يبكي حتى لا يقدر أن يبكي، ويقول بشر بن منصور: كنت أوقد بين يدي عطاء السليمى فى غداة باردة فقلت له: يا عطاء، أيسرك الساعة لو أنك أمرت أن تلقى نفسك في هذه النار ولا تبعث إلى الحساب؟ فقال لي: إي ورب الكعبة، ثم قال: والله مع ذلك لو أمرت به لخشيت أن تخرج نفسي فرحًا فبل أن أصل إليها.

وكان عطاء السليمى إذا فرغ من وضوئه انتفض وارتعد وبكى بكاءًا شديدًا فقيل له في ذلك فقال: إني أريد أن أقدم على أمر عظيم إني أريد أن أقوم بين يدي الله تعالى.

وقال بشر بن منصور لعطاء السليمي: يا عطاء، لماذا الحزن قال: ويحك الموت في عنقي والقبر بيتي، وفى القيامة موقفي، وعلى جسر جنهم طريقي، وربي لا أدرى ما يصنع بي ثم تنفس؛ فغشى عليه فترك خمس صلوات فلما أفاق أخبرته فقال ويحك إذا ذهب عقلي تخاف على شيئا ثم تنفس فغشى عليه فترك صلاتين.

قال أبو يزيد الهدادي: انصرفت ذات يوم من الجمعة فإذا عطاء السليمى وعمر بن درهم يمشيان، وكان عطاء قد بكى حتى عمش، وكان عمر قد صلى حتى دبر، فقال عمر لعطاء: حتى متى نسهو ونلعب وملك الموت في طلبنا لا يكف؟ فصاح عطاء صيحة خر مغشيًا عليه فأنشج موضحة، واجتمع الناس وقعد عمر عند رأسه فلم يزل على حاله حتى المغرب ثم أفاق فحُمِل.

قال صالح المزي قلت لعطاء السليمى ما تشتهى فبكى وقال أشتهى والله يا أبا بشر أن أكون رمادا لا تجتمع منه سفه أبدا في الدنيا ولا في الآخرة قال صالح فأبكاني والله وعلمت أنه إنما أراد النجاة من عسر الحساب.

كثرة عبادته
أورد أبو نعيم في حلية الأولياء قال عبد الخالق بن عبد الله العبدي: "كان عطاء إذا جن عليه الليل خرج إلى المقابر فوقف على أهل القبور ثم قال يا أهل القبور متم فواموتاه ثم يبكي ويقول يا أهل القبور عاينتم ما عملتم فواعملاه فلا يزال كذلك حتى يصبح".

الإخلاص
جاء في حلية الأولياء لأبي نعيم "عن صالح المزي قال: كان عطاء السليمى لا يكاد يدعو إنما يدعو بعض أصحابه ويؤمن هو قال: فحبس بعض أصحابه فقيل له: ألك حاجة؟ قال: دعوة من عطاء أن يفرج الله عنى قال صالح: فأتيته فقلت: يا أبا محمد، أما تحب أن يفرج الله عنك؟ قال: بلى والله إني لأحب ذلك قلت: فإن جليسك فلانًا قد حبس فادع الله أن يفرج عنه، فرفع يديه وبكى وقال: إلهي قد تعلم حاجتنا قبل أن نسألها فاقضها لنا، قال صالح: والله ما برحنا من البيت حتى دخل الرجل".

الزهد
أورد أبو نعيم في الحلية "عن أبو جعفر بن الطباع قال سمعت مخلدًا يقول ما رأيت أحدًا كان أفضل من عطاء السليمى ولقد كانت الفاكهة تمر لا يعلم سعرها ولا يعرفها.

وعن صالح المزي قال: كان عطاء السليمي قد أضر بنفسه حتى ضعف قال قلت له إنك قد أضررت بنفسك وأنا متكلف لك شيئاً فلا ترد كرامتي قال: افعل قال: فاشتريت له سويقًا من أجود ما وجدت وسمنا فجعلت له شريبه ولينتها وحليتها وأرسلتها مع ابني وكوزًا من ماء وقلت له لا تبرح حتى يشربها فرجع فقال قد شربها فلما كان من الغد جعلت له نحوها ثم سرحت بها مع ابنى فرجع بها لم يشربها، قال: فأتيته فلمته فقلت: سبحان الله رددت على كرامتي إن هذا مما يعنيك ويقويك على الصلاة وعلى ذكر الله قال: فلما رآني قد وجدت من ذلك قال: يا أبا بشر، لا يسوءك الله قد شربتها أول ما بعثت بها، فلما كان الغد راودت نفسي على أن تسيغها فما قدرت على ذلك، إذا أردت أن أشربها ذكرت هذه الآية: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} فبكى صالح عند هذا وقال: قلت لنفسي ألا أراني فى واد وأنت فى آخر.

موقف الوفاة
قال شداد بن علي: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: دخلنا على عطاء السلمي وهو في الموت فرآني أتنفس فقال: مالك؟ قلت: من أجلك قال: وددت أن نفسي بقيت بين لهاتي وحنجرتي تتردد إلى يوم القيامة مخافة أن تخرج إلى النار.

المصادر
تهذيب سير أعلام النبلاء - إحياء علوم الدين - المدهش - صفة الصفوة - لسان الميزان.