طفلتي.. معلمتي!!؟
28-03-2016, 09:45 AM
طفلتي.. معلمتي!

وليد بن عبده الوصابي


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:


تبلبلَ فكري، وضاق صدري من كروب زارتني، وخطوب واتتني - وهذا حال الدنيا - والحمد لله رب العالمين.
نمتُ وابنتي ذات الثلاثة الأعوام بجواري نائمة، لا تدري عن حزني وألمي!!؟، لا تعلم بهمِّي وغمِّي!!؟.
لا تدرك - حفظها الله، وحفظ الله بنيكم - أن كل ما أصابَني هو: بسببها وأخيها!!؟.
فبينما أنا نائم بعد مصارعة ومعاركة مع الوسن، إذ سمعت صوتًا هو صوتها، يقول: " الحمد لله رب العالمين" بحروف متكسِّرة، ولسان ألثغ!!؟.
سمعت هذا وأنا أغطُّ في نومي، ولا أعلم من حولي، لكني استيقظت متعجبًا!!؟.

كيف نطقت، ولمَ نطقت!!؟.
لا أدري، إن كانت شربت حليبًا، فحمدت الله بعد ذلك!!؟.
أم أن الحمد: كان منها إنشاءً، مرسلًا إليَّ على لسانها الصغير!!؟.
أيًّا كان، فقد أيقظني، وحرَّك ساكني، وحمدت الله - أنا أيضًا - معها.
ثم إنها استيقظت بعد قليل، فقلت لها: قولي: "الحمد لله رب العالمين".
فقالتها، بذلك الصوت المتلعثم، المفعَم بالرضا واليقين، وحسن الظن بالله رب العالمين.
وعلمت أن هذه رسالة تعليم، من ربي الرحيم، على لسان ابنتي الصغيرة، التي لا تُحسن التكليم!!؟.
ولكنها علَّمتني ونبَّهتني وذكَّرتني: أنه مهما كانت الخطوب، وكيفما اشتدت الكروب، فوراءها مدبِّر حكيم، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، فاحمد الله، و:(سلِّم، لما لا تعلم).
احمد الله، في كل أحوالك، وسيأتيك الفرج، من حواليك، ولو في الحوالك!!؟.
تذكرتُ حينها، آيات التفريج، مثل:
﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾.
﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾.
﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾.
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾.
﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾.
ونحوها من الآيات.
وتذكرت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل:
" إن أحدكم يطلبه رزقه، كما يطلبه أجله؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب".
" ما يصيب المؤمن من همٍّ ولا نصب ولا وصبٍ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه".
" إن رُوح القدس، نفَث في رُوعي، ألا تموت نفس حتى تستوفيَ رزقها وأجلها" .
ونحوها من الأحاديث.

تذكرتُ قول الشاعر:
عسى فرج يكونُ عسى نعلِّل نفسَنا بعسى
فلا تجزع وإن لاقَيتَ همًّا يَقبض النفَسا
فأقرب ما يكون العبْدُ مِن فرج، إذا يئسا



وقول الآخر:

إذا ضاقت بك الدنيا ففكر في "ألم نشرَحْ"
فعسرٌ بين يُسرَينِ متى تَذكرْهُما تفرَحْ

وهكذا صبَّرتُ نفسي وعزيتها، وواسيتها وآسيتها، وأعلمتها أن:(القِلَّة ليست ذِلَّة)، وتلك طريق، لست فيها بأوحد.
كانت هذه شذراتُ تعليماتٍ مِن ابنتي الغالية، فهُرِعت من نومي، لأكتب تعليمها وتذكيرها، لعلَّ رجلًا أو امرأة، حاله كحالتي، فيجد فيها التسلية والتجلية والتحلية.

والله حسبنا، ونعم الوكيل.
التعديل الأخير تم بواسطة أمازيغي مسلم ; 28-03-2016 الساعة 09:50 AM