الإشَاعَةُ الكَاذِبَةُ وَ ثَقَافَةُ ذَرُّ الرَّمَادِ فِي العُيُونِ
03-10-2017, 09:31 PM






المُشَوِّشُونَ في طبعهم لا يمكنهم العيش دون إثارة البلبلة و تسريبهم أخبار يتخذونها كلعبة سياسية أو ورقة ضغط على الآخر، في ظل الشرخ السياسي و النظامي الذي تعيشه الأحزاب السياسية في الجزائر ، مما يجعل الإشاعة تتطور و تنتشر بسرعة و تصبح حقيقة إن وجدت المناخ الملائم لزرع بذرتها ، بل تصبح فيروسا ينتشر في العقول المريضة ، وفي غياب الوعي العميق الشامل و المنهجي، سؤال لا مفر منه يطرح نفسه بإلحاح:هل القضاء على الإشاعة الكاذبة يتطلب انقلابا فكريا؟
----------------------
الإشاعة تعني نقل أخبار كاذبة عن الآخر و تزييف الحقيقة و هي أداة من أدوات الحروب النفسية ، تعتمد على المناورات، و تؤكد على وجود خلل في البنية الفكرية لأنها تغذي الرداءة ، و في هذا الصدديرى خبراء سياسيون أن موقع أية دولة أو أي شعب في العالم المتقدم، لا يحدده غير الخطاب الصريح، و اللغة النضالية الصادقة التي من خلالها تستطيع الأحزاب السياسية مجابهة كل التحديات، فحرية التعبير في هذا المجال كغيرها من الحريات الأخرى تحتاج أحيانا إلى ضوابط و قيود، بسبب ما تتعرض له من سوء استعمالها و سوء التصرف بها، فلا يمكنها أن تتحول إلى فوضى تتبادل فيها عبارات السَبِّ و الشّتْمِ و الكلمات الجارحة في حق أناس، لمجرد وجود بينهما اختلاف في الرؤى و المفاهيم و الإيديولوجيات ، أو اختلاف في طرق التسيير، فكثيرا ما تكون الإشاعة الكاذبة ضد مسؤول في حزب من الأحزاب السياسية أو في مؤسسة من المؤسسات الحريق الذي يأتي على الأخضر و اليابس، و ما تخلفه من مشاكل خطيرة ليست على الشخص وحده المراد ضرب مصداقيته أو تشويه صورته، و إنما على الجماعة كلها ، و قد تمرغ سمعتهما الاثنان في وحل الأرض، لأن المشوشين تجاوزوا الخطوط الحمراء بأخطائهم و ضرب خصومهم، فمروجي الإشاعات هدفهم الوحيد زرع البلبلة و الفتنة، و تعميق الصراع بين المتخاصمين.
ما هو معروف أنه غالبا ما تأتي الإشاعة من أشخاص لهم وزن سياسي و محصنين قانونيا، إذ تجدهم مرة يخلقون أسطوانة جديدة لتغليط المناضلين و الرأي العام و لكنهم يكلفون أناسا صغارا لهم أطماع سياسية إن صح القول لترويجها، لأنه كما يقال أطماع الصغار غالبا ما توقعهم في خندق حسابات الكبار ، و هذا ما يؤكد أن المجتمع يعيش أزمة فكرية و أخلاقية و ما زال يطبع عليه العجز الفكري و التخلف الحضاري ، لأنه يصدق كل ما يقال أو يسمعه، فالصراع داخل الأفلان مثلا تحركه أياد من داخل الحزب نفسه، و يريد أصحابه صب الزيت على النار و إشعال فتيل الفتنة، و هم يدركون أن هذه السلوكات ليست في صالح الحزب و لا في صالح الوطن، أمام التطور التكنولوجي الذي يحول في ثانية واحدة العنب زبيبا و الكروم خمرا كما يقال، و خير دليل ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تزداد حرارتها سخونة و التي عادة ما تكون محور انزلاقات و تصرفات سياسية غير مسؤولة، لتزرع بذور القطيعة .
المُشَوِّشُونَ في طبعهم لا يمكنهم العيش دون إثارة البلبلة و نشر الإشاعة الكاذبة و تسريبهم أخبار يتخذونها كلعبة سياسية أو ورقة ضغط على الآخر، في ظل الشرخ السياسي و النظامي الذي تعيشه الأحزاب السياسية في الجزائر و بخاصة الأفلان باعتباره الحزب العتيد و انقسام قادته الى كتل و أجنحة، و الذين ينامون على الإشاعة الكاذبة و يستيقظون عليها يظنون أنهم قاموا بعمل بطولي يثنون عليه أو قد يدخلهم التاريخ، و لربما تجدر الإشارة هنا أن الإشاعة الكاذبة قد تغير الكثير من المواقف و القرارات، لكنها لا تسير في نهج التغيير الإيجابي الذي يطمح له الشعب أو المناضلون في الأحزاب و التنظيمات و المجتمع المدني، في بناء مجتمع راق متحضر، و لهذا يمكن القول أن الذين يصدرون الإشاعات الكاذبة أغبياء بامتياز، لأنهم يحملون معها الكثير من المآسي الاجتماعية و السياسية ، و نتائجها لا تعود على الشخص فقط و إنما تلحق الضرر بالوطن و تلحق العار بتاريخه، و هم بذلك يعانون من "أنيميا" فكرية، بل فقر فكري، و هذا الفقر كما قال فيه الشيخ الغزالي أسوأ عقبى من الفقر المالي ، و الشعب الذي يعاني من الغباء و التخلف لا يصلح للمعالي و لا يستطيع حمل رسالة كبيرة ، فكم من إشاعة تحولت الى قضية أمام المحاكم و حوكم من ابتلع سمومها و مخترعوها يتفرجون، و إن كانت الإشاعة الكاذبة جريمة يعاقب عليها القانون، فهي تتطلب في بعض الأحيان جهدا فكريا، و إلى أشخاص يعرفون كيف يتعاطون مع المرحلة، و الواقع أن علاج الإشاعة لا يحتاج الى دراسات سوسيونفسية أو اجتماعية و إنما يحتاج الى انقلاب فكري، طالما مخترع الإشاعة الكاذبة يطبق مقولة: أنا و بعدي الطوفان.
علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..
التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسامة ; 03-10-2017 الساعة 09:52 PM