الجزء الأخير من موضوع مراقبة أداء وسائل الإعلام
26-02-2007, 12:17 PM
في الجزائر هذا الدور تقوم به اللجنة السياسية الوطنية لمراقبة الإنتخابات التي يرأسها السيد السعيد بوشعير لكن دورها محصور في تحديد الإطار العام للحملة الإنتخابية ومدى نزاهة العملية من البداية إلى مابعد عملية الإقتراع السري وصدور النتائج ،وتبقى بعض الملاحظات التي يقدمها رئيس اللجنة خلال الندوات الصحفية مجرد اجتهادات تثيرها بعض الصحف الوطنية وبعض آراء السياسيين في بعض الأحيان .

المطلوب إذن في ظل هذه الظروف استحداث لجنة إعلامية وطنية لمراقبة الإنتخابات بالإمكان أن تكون فرعا من فروع اللجنة السياسية ،أو تكون لجنة مستقلة يشرف عليها أكادميون وإعلاميون مستقلون وبعض ممثلي المجتمع المدني ، وأعتقد أن المهمة ستكون سهلة بالنسبة لهذه اللجنة لأنها ليست أمام عدد كبير من القنوات التلفزيونية ولا عدد كبير من الإذاعات ولا نغالي إذا قلنا أنها ليست أمام عدد كبير من الصحف فبالإمكان وضع خطة أوإتباع منهجية لرصد وسائل الإعلام وهذا باستخدام ـ كما سبق وأن أشرنا ـ معايير منهجية دولية للتحليل الكمي والتحليل النوعي بهدف تقييم الإعلام في تغطيته خلال الفترة القانونية للحملة الإنتخابية مع تركيز خاص على قياس التغطية الإعلامية باستخدام المبادئ المعيارية بما فيها الحق في الوصول إلى المعلومات ،والحصص الإعلامية المخصصة لتغطية المترشحين ومدى تطبيق مبادئ العدالة والصدق والدقة في إعداد التقارير الإخبارية من طرف مختلف وسائل الإعلام ...

فعملية المراقبة الإعلامية تعني القيام بعملية تحليل كمي وكيفي للزمن والمساحات المخصصة للمرشحين في الإنتخابات مع رصد نوعي وكيفي لأهم التجاوزات والقيود التي قد تعرقل من التغطية الإعلامية لنشاط المرشحين،انطلاقا من بعض الواجبات التي يتعين على وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها أن تؤديها،ونشيرأن المقصود بالتحليل النوعي والكيفي هو التعرف على أهم الأنواع الخبرية التي تم بها نشر التغطيات مع الإستعانة بالإحصاء الخاص بعدد التجاوزات ونوعها وكيفية حصولها ….

كل هذا يجب بمقابله توفيرأكبر قدر ممكن من المعلومات للناخبين قبل انطلاق الحملة الإنتخابية ،كما يجب على وسائل الإعلام أن توفر معلومات حول مختلف التشكيلات السياسية الموجودة في ساحة الإنتخابات وكذا تقديم المرشحين وتقديم عروض لأهم القضايا المطروحة في الحملة الإنتخابية ،وتوفير معلومات أيضا حول إجراءات عملية الإقتراع ،ويقع على عاتق وسائل الإعلام خاصة الحكومية منها توعية الناخبين وذلك بتوفير معلومات محايدة حول إجراءات عملية الإقتراع ،وقد أشارت لجنة حماية الصحفيين إلى ضرورة الأخذ بعين الإعتبارعند التحليل التفرقة بين المواد الإعلانية مدفوعة الأجر وباقي المواد الإعلامية .

المطلوب في سياق كل هذا من الدولة أن توفر الحرية المطلقة لوسائل الإعلام وتشجعها على بث برامج ونشر مقالات متعلقة بالإنتخابات ،كما يحظر تسليط العقوبات على وسائل الإعلام إذا قامت بنشر تقارير تضم نقدا للحكومة أو سياسة السلطة الحاكمة خلال فترة التحضير للإنتخابات رغم أننا نتمنى أن يكون هذا الحظر على العقوبات على طول الوقت دون التقيد بالمناسبات،هذا وتصر اللجنة الدولية لحماية الصحفيين على أنه لايجب تتبع وسائل الإعلام قضائيا إذا نشرت تصريحات مستفزة لبعض المرشحين أو ممثلين لأحزاب مع ضمان حق الرد والتصحيح .



ويجب أن يتسم الإعلام الحكومي بالتوازن وعدم الإنحياز عند تغطية الحملة ،وأن لا يفرق بين الأحزاب أو المرشحين في توزيع حصص البث وأن لا ينحاز لحزب أو مرشح في نقل الأخبار،ويجب في هذا الإطار الفصل بصفة واضحة بين نشرات الأخبار والمؤتمرات الصحفية المتعلقة بنشاطات أو مهام أعضاء الحكومة خاصة عندما يكون هؤلاء مرشحين للإنتخابات.

بالإضافة إلى اللجنة المقترحة فإن الجمهور المستهدف من قراء ومستمعين ومشاهدين لهم أيضا القدرة على نقد أداء وسائل الإعلام المختلفة أثناء الحملة الإنتخابية فلهم سلطة الحكم على مدى التوازن والدقة في التقارير التي تنشرها الصحف والتي تذاع عبر محطات الإذاعة والتلفزيون...وهذه السلطة تظهر على الخصوص بمقاطعة المنتوج الإعلامي الذي تسوقه هذه الوسائل وبالتالي تفقد الصحف نسب كبيرة من المقروئية وتفقد الإذاعة جمهور الإستماع ويفقد التلفزيون بعض جمهور المشاهدين والنتيجة الحتمية لكل هذا فقدان إيرادات الإعلان وثقة المعلنين وبالتالي مواجهة الأزمات المالية في المؤسسات الإعلامية التي لاتحترم حق الجمهور في الإعلام....
وأعتقد أن هناك مبادرة قد ظهرت منذ فترة وجيزة بالجزائر وبالضبط بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة حيث شهد هذا اليوم ميلاد المركز الجزائري للدفاع وترقية حرية الصحافة الذي يشرف عليه جامعيون ومحامون وصحفيون لأداء ـ كما جاء في بيان التأسيس ـ مهمة الملاحظ للساحة الإعلامية الوطنية ، هذا المركز رغم أننا لم نسمع عنه بعد مرحلة الـتأسيس إلا أننا نأمل أن يلعب دورا كبيرا خلال مرحلة الإنتخابات التشريعية المقبلة ،لأنه من الصعب وجود وسائل إعلام مستقلة دون وجود مؤسسات تكميلية لمهمتها.
ويبقى أن نشير إلى ما أشار إليه الدكتور محمد قيراط إلى أن العلاقة بين الإعلام والمجتمع علاقة جدلية وعلاقة تأثير وتأثر ،فالإعلام القوي بحاجة إلى مجتمع مدني قوي وإلى فصل بين السلطات وإلى قضاء مستقل وحياة ديمقراطية شفافة وواضحة المعالم ،من جهة أخرى يجب على المنظومة الإعلامية في المجتمع أن تناضل من أجل كسب المزيد من الحرية والإستقلالية والحرفية والمهنية وبذلك المصداقية واحترام الجميع.


بن دريس أحمد
باحث و إعلامي
Tel :071 43 11 05
043 63 01 75
[email protected]
الصح - آفة