الجمعة 19.. الوحدة الوطنية خط أحمر
27-06-2019, 09:14 PM




صالح سعودي مراسل لجريدة الشروق، وصحافي مهتم بالقضايا الرياضية والمحلية والتاريخية




يتواصل الحراك الشعبي بنفس الوتيرة الرامية إلى التغيير وإحداث القطيعة مع النظام البوتفليقي البائد، حيث سيكون الجزائريون اليوم على موعد مع الجمعة الـ19 التي ينتظر أن تحمل الكثير من المستجدات، خاصة في ظل النتائج التي عرفتها ثمار مكافحة الفساد، من خلال حملات الاعتقالات والمحاكمات التي مست شريحة واسعة من المسؤولين والشخصيات الحكومية والسياسية والأمنية، وكذا عدد من رجال الأعمال بتهمة تبديد المال العام والفساد.
يعلق الجزائريون آمالا كبيرة على الجمعة 19، موازاة مع التطورات التي عرفها الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد منذ يوم 22 فيفري المنصرم، حيث ستكون جمعة اليوم فرصة لمواصلة وضع النقاط على الحروف والحرص على المطالب الرئيسية التي يراهن الشعب الجزائري على تجسيدها ميدانيا، وفي مقدمة ذلك محاربة ومحاسبة العصابة التي هي صنيعة النظام البوتفليقي، قبل أن يخرج الجزائريون عن صمتهم، من خلال إصرارهم على ضرورة إحداث تغيير وقطيعة مع عهد العشريتين السابقتين.
وعلى هذا الأساس ستكون الجمعة 19 مناسبة لمواصلة تفعيل الحراك في أجواء يريدها الجميع أن تكون دوما على وقع السلمية، وهو المبدأ الذي يجمع الكثير على أهميته، وعدم التسامح مع جميع الأطراف التي تسببت في إيصال البلاد والعباد إلى هذا الوضع المتأزم، بدليل الدخول في مرحلة انتقالية، في انتظار العودة إلى السكة وتكريس الشرعية، وهو الأمر الذي يبقى متوقفا على تنقية المحيط السياسي والاقتصادي، ومحاربة جميع المتسببين في الفساد، وهو الأمر الذي تجسد ميدانيا على مدار الأسابيع الماضية، ما جعل أغلب رموز الفساد يقفون أمام العدالة قبل أن يتم توجيههم إلى السجن العسكري وسجن الحراش.
تعزيز ثمار مكافحة الفساد

وحسب بعض المتتبعين، فإن الحراك الشعبي وصل مرحلة حساسة وحاسمة، وهو الأمر الذي يتطلب في نظر الكثير ضرورة التحلي بالهدوء والرزانة وبعد الأفق، خاصة في ظل التطورات الحاصلة من عديد الجوانب، وفي مقدمة ذلك ضرورة تثمين وتعزيز ثمار مكافحة الفساد التي مست شريحة واسعة من رموز العصابة الذين يتواجدون حاليا في السجون، في الوقت الذي تواصل العدالة مهامها لمحاسبة ومتابعة بقية الأطراف المتهمة بالضلوع وراء التزوير وسوء التسيير ونهب المال العام، يحدث هذا في الوقت الذي لم يتوان الكثير في التأكيد على ضرورة الحفاظ على هدوء وسلمية الحراك، حتى يبقى على السكة التي يريدها الشعب ان تكون مجالا للدفاع عن حقوقه ومطالبه وآفاقه المستقبلية، من منطلق أن الشعب هو السيد، مع الحرص في الوقت نفسه على محاربة جميع الأطراف التي تسعى بشتى الطرق إلى التشويش على أهداف الحراك، وهي الجهات التي فضحت نفسها بطريقة أو بأخرى، خاصة في ظل حالة الوعي التي يتسم بها الجزائريون في مختلف المسيرات الشعبية القائمة في مختلف المدن وولايات الوطن.
تحذيرات من النزعات العرقية والإيديولوجية

والواضح أن الشعب الجزائري يبقى مصرا على التمسك بالأهداف الحقيقية للحراك المبنية أساس على الهوية والأبعاد الوطنية، من منطلق أن الحراك هو مكسب لجميع الجزائريين، ويتطلب على الجميع التضحية والتثمين، مع التحلي باليقظة والحذر من الأطراف التي تستثمر في إثارة النزعات العرقية والأيديولوجية الضيقة، وهو الأمر الذي وقف عليه الكثير، بناء على التصريحات غير المسؤولة والاستفزازات المتعمدة، وغيرها من الخرجات التي تقف وراءها أطراف مؤدلجة تسعى جاهدة إلى إخراج الحراك من سياقه ومقاصده، وهو الأمر الذي يرفضه الجزائريون الذين يواصلون التعامل مع المسيرات بمنطق السلمية ورفع المطالب الرئيسية الرامية إلى محاربة رموز الفساد، والعمل على فتح صفحة جديدة وايجابية للعودة إلى الشرعية، وبالمرة طي صفحة المرحلة الانتقالية، خاصة وأن ذلك يتزامن مع إصرار الجيش على تجسيد وعوده الرامية إلى مرافقة الحراك بطريقة سلسة، نافيا وجود أي طموحات سياسية، بقدر ما يسعى إلى تفادي مختلف أشكال الاختراق التي كثيرا ما استعملها البعض لضرب الحراك، إلا أن ثنائية الشعب والجيش تصدت لها على مدار الجمعات الماضية، في انتظار المواصلة بنفس الرزانة والعزيمة، وبالشكل الذي يجعل الجزائري يرى مطالبه مجسدة بصفة فعلية وعلى وقع الشرعية التي يفرزها الصندوق قبل أي شيء آخر.