عيد الشجرة
28-03-2016, 08:11 AM



إن كنت تذكر فاذكر بصمة القدر
وآية في فسيح الكون للبشر
*
في كل خلق من الكون البديع ترى
ما دل عن سابق الأحداث في الأثر
*
كم أمة لفها الدهر الدهير فما
أبقى على ذكرها إلا صـدى الخبر
*
كل الحياة التي أدركتَ فانية
لكنها تستجد الظل في الصـور
*
حياة من عمّروا من قبل قد حفظوا
قِـوَام ما أمَّـلوا بالطين والحجر
*
فلم يدم ملكهم والأرض دائرة
بالشمس في سنة والشهر بالقمر
*
تبارك الله باق ملكه أَزَلاً
وإنما الخلق عبر الدهر في سفر
*
تفنى ويخلفها خلف على عجل
من البهائم أومن باسق الشجر
*
تزين الأرض في لطف وتحفظها
على التوازن في الأهوال والخطر
*
يا سحر غاباتها تمتد في أفق
حول السهول وفي الآكام والمدر
*
في ألف نوع من الأشجار سامقة
تجمِّل السوح والأحياء في الحضر
*
شجيرة في ربوع الأرض قد نشرت
بساطها خضرة غطت مدى البصر
*
رفيقة من قديم العهد طيِّـعة
لم تشك مما أتى الإنسان من ضرر
*
خدومة ساهمت في دعم ما صنعت
أيدي البناة فما أعطوا بمنحصر
*
من كل بارجة تلهو الرياح بها
ربانها من هياج البحر في حذر
*
بفضلها اكتشفت من قبل يابسة
في رحلة خلًّـدت أحداث منتصر
*
قاد الأساطيل في الحرب الضروس ولم
يكن -على هولها- يوما بمنكسر
*
منذ البداية في التنزيل قد وردت
" لا تقربا هذه .. " في الوعد كالنذر
*
هِيَ التى حملت نوحا ومن ركبوا
من كل زوج بذات اللوح والدسر
*
وهْي التي بايع الصحب الكرام رضى
نبينا تحتها بالنصر والظفر
*
زيتونة أنبتت بالدهن قد ذكرت
كم مرة في كتاب الله للعبر
*
وفي البتول إذا أصغيت معجزة
" ..هزي إليك بجذع النخلة " اليسـر
*
وأخرجت نبتة اليقطين تبسطها
حفظا ليونس بعد الهول والخور
*
والنار من عنصر الكون استجد لها
بعث من الأرض في إسترجاع مندثر
*
من أخضر الشجر المخزون من حقب
تحت الثرى مُحتوى في البحر والجزر
*
أعناب غصت بها الأسواق مغرية
مما يجفف من عرض ومعتصر
*
ألوانها اختلفت ، طابت محللة
وحرمت عندما صارت من السكر
*
والتين والنخل والرمَّـان فاكهة
من كل لون تجد صنفا من الثمر
*
وسخرت لعطاء وافر فغدت
بيتا يَقِـينَا من الإعصار والمطر
*
وزينة من كراسي البيت راقية
من مثلها مسند من أبهر السرر
*
بلوحها ثبتت أبهى المناظر من
ذكرى الأحبة والأنساب في الأطر
*
خزائن غاية في الصنع مذهلة
بكل بيت حوت ما اختص بالأسر
*
منابر في بيوت الله زخرفها
سحر الأنامل في المرقوم من جدر
*
ومكتبات حوت ما راق من كتب
للعلم فيها شذى من جوها العطر
*
وبعضها أزهرت منها حدائقها
كي تنتج الطـِّـيبَ من ورد ومن زهَـر
*
زهر السفرجل هل أودى بعاشقه
لما أثار الشجى من غصنه النضر
*
شجيرة من لطيف الصنع ما فتئت
تعطي وتغرق هذا الكون بالدرر
*
فهل يراد من الإنسان في زمن
تُـشَد فيه العرى من علم مبتكر
*
أن يستقي عوضا عن كل ما منحت
هيهات لن ينطلي وَهْم على فكر
*
هي الحياة ورمز الباقيات حَنَتْ
وكل عصر قضى منها مدى الوطر
*
تجاوزوا كل ما أهدت منافعُها
ودمروا بعضها بالزهو والبطر
*
حرقا وقطعا فما أبقوا سوى أثرٍ
يسعى به المرء بين الجمر والحفر
*
وأهملوا غرسها .. يا ليتهم جبروا
بالغرس في جدة أجزاء منكسر
*
لكن يُشاد بفعل الصحب إذ نشطوا
واستدركوا ما رأوا في النار من شرر
*
فنحن من زمن في أرضنا غُـرست
منها الملايين في سهل ومنحدر
*
حتى تكون ربوع الأرض آمنة
من زحف رمل طغى في يومها العَسِـر
*
وكي تدار حياة البدء في نسق
تصفو به مرحا من جوها العكر
*****
1- اليَسِر: من يَسِـر دلالة على اليُسْـر، وإشارة إلى عطاء النخلة مجازا