شهادات ربانية بوحدة آل البيت وصحابة خير البرية
22-09-2018, 10:37 AM
شهادات ربانية بوحدة آل البيت وصحابة خير البرية
الدكتور: نظمي خليل أبو العطا موسى


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:



المعلم العظيم هو: المعلم القادر على تحقيق الأهداف التربوية, ويؤثر تأثيرا قويا فيطلابه، ويعلمهم ويربيهم التربية الفعالة الناجحة، ويراعي فوارقهم الفردية، ويوحدبينهم في أهدافهم العامة في الحياة، ويؤهلهم لحمل رسالته عند تخرجهم من المدرسة.
وأعظم مدرسة في تاريخ البشرية هي: المدرسة النبوية, لأن معلمها مختار من رب البرية،ومنهاجها منهاج إلهي محفوظ بحفظ الله، وطلابها هم خير الناس وخير الطلاب بشهادةالمعلم الأول للبشرية، ويحملون شهادات قرآنية من رب العالمين، فمعهم شهادة خيرأمة أخرجت للناس، قال تعالى:[ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ](آل عمران/110)، و:" الأمةهم: الجماعة من الناس، وهذا تفضيل من الله لأمة الإسلام، وأنهم خير الناس: نصحا ومحبةللخير، ودعوة وتعليما وإرشادا، وأمرا بمعروف ونهيا عن منكر". (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن ناصر بن السعدي بتصرف).
وآل البيت الأطهاروالصحابة الكرام جميعا هم: المخاطبون بقول الله تعالى: كنتم خير امة ابتداء ومن تبعهمبإحسان إلى يوم الدين، وكلمة الأمة تبين أن هناك وحدة عضوية واحدة بين المخاطبينبالآية , فلم يقل (منكم خير أمة)، بل قال سبحانه:[ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ]، ولم يقل: منكم من يأمربالمعروف وينهى عن المنكر، ولكن قال:[ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ]. (آل عمران/110)، وكلها بصيغ الجمع، فالخيرية تشملهم جميعا وتوحدهم جميعا kوتأمرون بالمعروف تجمعهم جميعا، وتنهون عن المنكر تشملهم جميعا.
وقد شهد المصطفىصلى الله عليه وسلم للصحابة في بدر، فقال: "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد فيالأرض أبدا"، فهم: حملة لواء التوحيد للعالم، وهم: منارات التوحيد في الأرض، وهم: الذيننقلوا إلينا الدين، وعلمونا التوحيد رضي الله عنهم أجمعين.
ومعهم شهادة السبق إلىالإيمان، وشهادة الرضا من رب العباد، ودخولهم الجنة خالدين فيها، وشهادة الفوزالعظيم، قال تعالى:
[ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ].(التوبة/100).
" (وَالسَّابِقُونَ) هم: الذين سبقوا هذه الأمةوبدروها إلى الإيمان والهجرة، والجهاد وإقامة دين الله (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ): الذين أخرجوامن ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (و) من (الأَنصَارِ):[ الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجرإليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهمخصاصة]... (رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ) ورضاه تعالى أكبر من نعيم الجنة:[ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ] الجارية التي تساق إلى سقي الجنان والحدائق الزاهيةالزاهرة والرياض الناضرة، (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً): لا يبغون عنها حولا، ولا يطلبون عنهابدلا، لأنهم مهما تمنوه: أدركوه، ومهما أرادوه: وجدوه، (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذي حصل لهمفيه كل محبوب للنفوس ولذة للأرواح ونعيم للقلوب وشهوة للأبدان، واندفع عنهم كلمحذور".(المرجع السابق).
فهل بعد ذلك ننكر عليهم تلك الشهادات الربانية!!؟، ويحاولالبعض سلبها عنهم، وقد منحهم الله سبحانه وتعالى إياها، ووثق ذلك في قرآنه المعجزالذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومحفوظ بحفظ الله ورعايته.
ومعآل البيت والصحابة: شهادة الرجولة والصدق مع الله، والوفاء بعهدهم معه وعدالتهم وعدمتبديلهم،قال تعالى:[مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً] (الأحزاب/23)، فهم رجال بما تحمل كلمةالرجولة من معاني: الصدق والوفاء بالوعد والكرم والشهامة وغيرها، ومنهم من قتل فيسبيل الله، ومنهم من ينتظر دوره في الشهادة، وما بدلوا ما عاهدوا الله عليه.
ونساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أمهات المؤمنين جميعا، لهن عليهم مالأمهاتهم عليهم من التحريم والبر والاحترام والتوقير، ولهن الاحترام الزائد، لأنهننساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه وحدة واحدة تجمع آل البيت الكراموالصحابة الأعلام ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين.
ومعهم شهادة من الله بتوبةالله عليهم كما قال تعالى:
[ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ] (التوبة/117وقد جمع الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام معهم فيالتوبة:[لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ] في وحدة واحدة: جبرا لخاطرهم، وتوحيدا لهم في جماعة واحدة وأمةواحدة.
ومعهم من الله شهادة المؤمنين حقا كما قال تعالى:
[ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ]. (الأنفال/74).
ومعهم شهادة المغفرة من الله والرزق الكريم، قال تعالى في تكملةللآية السابقة:[ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ](الأنفال/74).
ووحدهم الله تعالى جميعا فيوحدة واحدة إيمانية، فقال تعالى:
[ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً].(الفتح/29).
فالرسول صلى الله عليه وسلم والذين معه جميعامن أهل البيت الأطهار والصحابة الكرام لهم الصفات التالية:
أشداء علىالكفار.
رحماء بينهم.
يقيمون الصلاة.
مخلصون لله.
لهم سماتخاصة في وجوههم من أثر العبادة لله.
وهم شطء الزرع، والزرع هو: رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم.
والشطء: هو الفسائل أو الأغصان أو الأوراق في التكاثر الخضري الذيلا يبدل الصفات كما فصلنا ذلك في مقالات سابقة.
وهم يعجبون المؤمنين.
ويغيظون الكافرين.
ووعدهم الله بالمغفرة.
ووعدهم بالأجر العظيم والرزقالكريم.
فمن له مثلهم، فليظهر لنا الدليل أنه يحبهم ولا يغتاظ منهم، ولا يسبهمولا يلعنهم.
والصحابة رضوان الله عليهم ليسوا بمعصومين، فهم يخطئون ويغضبونويفرحون ويتقاتلون، وهذا الاقتتال لا ينفي عنهم الإيمان بنص القرآن الكريم قالتعالى:[وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا](الحجرات/9)، فلم ينف عنهم الإيمان بسببالاقتتال.
وطالبنا بالإصلاح بينهم، فقال تعالى:[فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا]. (الحجرات/9).
وقال تعالى:[ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ].(الحجرات/10).
هذهوحدة المؤمنين من المهاجرين والأنصار، فمن فرق بينهم، فهو يصطدم مع آيات اللهالقرآنية.
ومن كفرهم وفسقهم، فهو أيضا يصطدم مع آيات الله القرآنية.
ومن حكمعليهم بالخلود في النار، فقد تأول على الله، وافترى على الآيات القرآنية وتصادممعها.
فعلينا الحذر من التفريق بينهم، أو سبهم ولعنهم، لأن ذلك يخرج من صفوفالمؤمنين، ويضع الساب في صفوف المغتاظين، والعياذ بالله.


إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير المعلمين،وآل بيته الأطهاروصحابته الصادقون المجاهدون هم: خير طلاب لخير معلم.
ومدرسة النبوة هي:خير مدرسة على الأرض تخرج منها خير الناس وخير الأصحاب وخير الرجال الذين تحملواالشدائد، وفتحوا البلدان، ونشروا الدين والتوحيد، وجاهدوا في سبيل الله، ونقلوا إليناالدين بعدل وصدق، ومن دون شذوذ أو علة كما أثبت علماء الحديث، كما تعلموه من نبيهمصلى الله عليه وآله وسلم.
وقد شهد الله لهم، وشهد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لهم، وشهد التاريخ لهم، وشهد العدو لهم، وأحبهم المؤمنون:[ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ]، واغتاظ منهم الكافرون:[ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ]، والعياذبالله.