بعض الرجال يعتبرون الأمر انتقاصا من رجولتهم
09-12-2015, 08:18 AM
أماني أريس
المشاركة بين الزوجين أساس الاستقرار العائلي
اِستطاعت المرأة بعد تاريخ من النضال أن تحقق ذاتها، وتقتحم ميادين الشغل صانعة استقلالية يتحفظ عنها بعض الرجال، بينما يؤيدها البعض الآخر كحتمية عصرية لتحقيق الإكتفاء، بيد أنها لم تفلت من دفع ضريبة باهضة مقابل هذا المكسب، فقد كلفها ذلك تضحية براحتها النفسية والجسدية أمام تمسك الرجل بنظرته التقليدية إليها، حيث وجدت نفسها مضطرة لتلعب الدورين سيدة المجتمع الفاعلة والمنتجة في مكان عملها، و " السوبر مام " والشريكة المثالية في بيتها.
الزوجة غير ملزمة بالأعمال المنزلية وحدها
تعتبر العادات السائدة في مجتمعنا العربي أنّ التدبير المنزلي والطبخ والاهتمام بالأطفال من اختصاص المرأة وحدها، ولكن ذلك لا يشكّل قاعدة عامة. وقد تكون أبسط الأمثلة على ما يخالف هذه القاعدة أن معظم رؤساء الطهاة في العالم هم من الرجال، غير إنّ العديد من النساء يجدن أنفسهن ملزمات بتأدية الأعمال المنزلية كافة بإعتبار ان ذلك فرض عليهنّ، رغم عملهن خارج المنزل وإسهامهن في دفع المصاريف، وقد وصلت الكثير من الخلافات الزوجية حول هذا الشأن إلى أروقة المحاكم.
حيث صدر في إحدى المحاكم بالأردن حكما مفاده أن الزوجة غير ملزمة بالأعمال المنزلية، وذلك بعد شكوى رفعتها سيدة ضد زوجها الذي كان يجبرها على إعداد الطعام، والقيام بالأعمال المنزلية ورعاية الأبناء وتدريسهم وغيرها من الأعباء دون أن يشاركها فيها. وكان هذا الأخير يوجّه إليها عبارات الاتهام والعتاب، ويؤكّد لها أن عملها في المنزل كما في خارجه واجب شرعي، وهو الأمر الذي دفعها إلى اللجوء إلى القضاء الذي أنصفها واعتبر في حكمه أنها غير ملزمة بالقيام بالأعمال المنزلية.
نظرة عامة
ولا يقتصر الأمر على رجل المجتمع الشرقي فحسب، فالكثير من الرجال حتى في البلدان التي قطعت أشواطا متقدمة في المساواة بين الجنسين؛ يعتبرون أعمال المنزل تخصصا نسائيا فقط ويرفضون مساعدة زوجاتهم في أعمال المنزل ويرونه انتقاصا من رجولتهم.
فقبل فترة وبمجرد أن تناقلت المواقع الالكترونية دراسة بريطانية تنصح الرجال بغسل الصحون لتعزيز ثقتهم النفسية، انطلقت التغريدات الساخرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودشنوا للموضوع وسما خاصا عبر التويتر موجهين أصابع الإتهام للمرأة، وذهب فريق منهم إلى أن الدراسة لا يمكن أن تكون من ورائها إلا امرأة.
هل مساعدة الرجل لزوجته اِنتقاص من رجولته؟
في ذات السياق تداول مغردون مقطع فيديو لرجل يقوم بغسيل الصحون في مطبخ ينصح فيه الرجال بأهمية أن يحذو حذوه باعتبار أنه العمل الأساسي للرجل في المنزل وبهذا العمل سيعزز محبته لزوجته .
وظهر الرجل في مقطع الفيديو يقول: "المرأة غير مجبرة على غسيل المواعين حرام تضغطوا على نسائكم، يجب على كل رجل أن يحترم المرأة ويخفف عنها ضغط العمل بالدخول الى المطبخ ومساعدتها".
وظهر الرجل في مقطع الفيديو يقول: "المرأة غير مجبرة على غسيل المواعين حرام تضغطوا على نسائكم، يجب على كل رجل أن يحترم المرأة ويخفف عنها ضغط العمل بالدخول الى المطبخ ومساعدتها".
والجدير بالتوضيح أن صلف الرجال وتمسكهم بموقفهم اتجاه هذا الموضوع يعتبر أمرا اعتباطيا، وغير مؤسس على مبررات منطقية، فالكثير من الرجال يفضلون الارتباط بنساء عاملات تماشيا مع مقتضيات العصر، لكنهم في المقابل يرفضون التنازل ومساعدتهن في أشغال المنزل فضلا عن الأشغال الإضافية مثل مرافقة الأطفال إلى المدارس، وتسديد الفواتير، والتسوق. في حين يكتفون هم بشغل واحد، وهو ما ينعكس سلبا على صحة الزوجة ويسبب لها ضغوطات كبيرة تكهرب الجو العائلي.
وقد جاء في دراسة أمريكية نشرت مؤخرا، بأن مساهمة الرجال في الأعمال المنزلية عاملا أساسيا في تحسين جو الألفة. حيث أفاد عالم الاجتماع في جامعة ريفيرسايد في كاليفورنيا " سكوت كولتران " وهو أحد معدّي الدراسة أنّه كلما شارك الرجال في الأعمال المنزلية، جعلوا نساءهم أكثر سعادة؛ لأنهن يشعرن بالعدل والرضا، فتتوطد العلاقات العائلية.
في الإطار عينه يؤكد الدكتور بوب كيني وهو مستشار المؤسسة الأميركية للعلاقات الزوجية؛ أن من واجب الزوج مساعدة زوجته في الأعمال المنزلية ما دامت هي تساعده في العمل خارج المنزل وتساهم معه بالتالي في مصروف البيت. ويذكر أيضًا أنّ أفضل أسلوب للتعاون بين الشريكين هو في تقسيم الأعمال المنزلية من دون أن يشعر الرجل بأنّه مجبر على القيام بها، بل يفترض أن يلاقي تشجيعا من قبل زوجته وأن تظهر له هذه الأخيرة مدى امتنانها من جهوده وانجازاته المنزلية.
ولكم في رسول الله أسوة حسنة
ولعل المثل الأعلى لرجال مجتمعنا هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان لا يجد حرجا في مشاركة أهله أعباء المنزل، إذ كان يرتّق ثوبه ويغسله، وينظف بيته، ويعين أهله في كل شؤونهن على الرغم من أنه كان لديه زوجات كثيرات يتمنين خدمته وتلبية حاجاته، لكنه أراد من خلال ما فعله أن يعطي درسا للرجال في طريقة تعاملهم مع نسائهم.
وعلى الرغم من أن غالبية النساء يتمنين أن يساعدهن أزواجهن في المنزل، إلا أن البعض الآخر يرفضن ذلك رفضاً قاطعاً، إذ يعتبرن "أن البيت هو مملكة المرأة الخاصة "
وختاما، لكي تستمر العلاقة الزوجية وتحقق الاستقرار العائلي، يجب أن توائم بين دور كل من طرفيها داخل المنزل والتحرر من عبثية الصدامية إلى حتمية المشاركة والتواصل من أجل تحقيق التكامل العادل بين الزوجين.
[/CENTER][/QUOTE]